المجموع : 49
الحَمد لِلّه الَّذي مِن فَضله
الحَمد لِلّه الَّذي مِن فَضله / أَحيا جَميل مَآثر القُدَماء
قَد جُدّدت أثار مسَجد يُونس / بِأَجل تَأسيس وَخير بِناء
يا طالب الأَعمال قَد أَرّخته / أَعمل فَهَذا مَسجد الحَمراء
لم لا تسيل لَكَ العُيون دِماءها
لم لا تسيل لَكَ العُيون دِماءها / أَو لَيسَ وَجهك نُورها وَضياءها
وَعَلى م يا كَهف الأَرامل لَم تذب / مِنا القُلوب ألم تَكُن سوداءها
يا غادياً بِحفاظ ملة أَحمَد / مهلا فَلا تَشمت بِها أَعداءها
شَيخ العراقين الَّذي اِجتَمعت بِهِ / أَعداد فَضل لَم نطق احصاءها
نَفس لَهُ طابَت فودَّت أَنفس الد / دُنيا جَميعاً أَن تَكُون فِداءها
وَصَفت سَريرته فَلَو فَتشتها / أَنكرت مِن بِنت الكُروم صَفاءها
حَملت جَنازته رِقاب مَعاشر / مِن راحَتيهِ تَطوقت نَعماءها
نَعم كَأطواق الحَمام تلامعت / بطلا الكِرام فَلم تَطق إخفاءها
وَبِهِ مرَرَنا في جَداول قَد جَرَت / دَفعاً وَكانَ مسبّباً إجراءها
أَرض الغريّ وَقبل كانَت مَيتة / فَاِنصاع وَهُوَ مبادر إحياءها
أَلقى بِواديها الشَريف عَصاً لَهُ / كَعَصا الكَليم فَفجرّت صمّاءها
أَحيا بِهِ البيدا فَتلك طُيورَها / مَهما اِحتَسَت أَهدَت إِلَيهِ دُعاءَها
لَو أَن ناراً تَشتَكي عَطَشاً لَهُ / لَأَبلّ وَهِيَ صَحيحة أَحشاءها
لاقَت مَجاري الماء جثةَ ناسِكٍ / أَفنى بِطاعَة رَبّهِ أَعضاءَها
ما طَهَّرته بِمائها مِن ريبة / بل إنَّهُ وَاللَه طَهَّر ماءَها
ضَجّ الوَرى مُذ غَسَّلوه كَأَنَّما / أَيدي المغسل قَلَّبت أَحشاءَها
أَسَفاً لَقَد عقدوا الرِداءَ عَلى أَمري / عَقدت عَلَيهِ المكرمات رداءها
وَمَشَت مَلائِكة السَما زمراً إِلى / جَنبيهِ لَو كشف الإِلَه غَطاءَها
وَبَكَت بُكاء الثاكلات وَلَم أَخل / إِلّا عَلى الدين الحَنيف بكاءها
لا غروَ أَن مَطرت عَلَيهِ سَحائب / تَركت كلجة زاخر بِطحاءها
وَدّت مَلائكة السَماء لَو أَنَّها / قَد غَسَّلته فَأَسبلت أَنواءها
فَهُناك نادوا لِلصَلاة وَإِنَّهُ / مِمَن يُجيب إِلى الصَلاة نِداءها
وَعَلَيهِ كَبَّرت الأَكفّ وَقبل ذا / كَم أَكثروا في شُكره إِيماءها
وَأَروه وَالعَليا مَعاً بِقَرارة / يَستاف كُل موحد حَصباءها
هُوَ نعمة للعالمين فَإِن مَضى / كَرهت نُفوس العارِفين بقاءَها
تَتَناوح العلما بحافة قَبره / كُل تَراه بَصخرها حنساءها
ملك قَد اتخذ العَطاء فَريضة / فَبهمه أَن يَعجلن أَداءها
أَن تَبكه حُزناً شَريعة أَحمَد / فَلَقَد بَكَت رَجلاً يشيد بِناءها
وَيَحوط بيضتها وَيَحمي ثَغرَها / وَيَذود عَنها مرغما اعداءها
وَبعبئها قَد قامَ مضطلعاً وَقَد / عَجز الوَرى أَن يَحملوا أَعباءَها
صَفّى وَهَذب بِالرِياضة نَفسه / وَلِوَجه خالقه أَطالَ عَناءَها
وَلَعَلها ما اتعبته لِأَنَّها / قَدسية لَم تَتَبع أَهواءَها
ما رَأيه إِلا شبا صمصامةٍ / صَقلت فَهاب الكافِرون مضاءَها
وَتَراه يقدم في الخطوب مبادراً / إِذ لا يُبالي ما يَكُون وَراءَهخا
وَلربما دَهَت البِلاد ملمة قَد / أَذهَلت مِن أَهلِها آراءها
فحمى كَما يَحمي السموأل بَلدة / شَكَت العَدو لَهُ فَحاطَ فَناءَها
يا ديمة الوادي الَّذي يَغني الوَرى / إِن أَردفت شهب السِنين غلاءها
يا منهل الصادي الَّذي ما أَعطشت / مِن مُهجة الأَوكان رواءها
يا لَيثنا العادي عَلى القَوم الأَولى / قَد أَضمرت بَل أَظهرت بغضاءها
فَلأَبكينك ما شدت قَمرية / فَوق الأَراك وَجاوَبت وَرقاءها
وَعَليك إِسماعيل بِالصَبر الَّذي / قَد أَوصَت الحكما بِهِ أَبناءَها
فز بالعلى يا ابن العلى وَأَخا العلى / إِن العُلى عقدت عَليك لِواءها
وَحكيت بِالعَليا أَباك وَإِنَّما / شَرف البَنين إِذا حَكَت آباءها
يمناك قَد خَلقت لَنا مَبسوطة / كَيمين حاتم لا تمل عَطاءَها
مِن قاس فيكَ سِواكَ فَهُوَ مجادل / إِذ قاسَ بِالطُود الأَشم هباءها
فَسَقَت ضَريح أَبيك ديمة رَحمة / حلَّت عَلَيهِ يَد الإِلَه وَكاءها
وَتَوكلت فيهِ مَلائكة السَما / زُمراً تَطُوف صباحها وَمَساءَها
لَكَ طَأطَأت دُول الضلال رقابها
لَكَ طَأطَأت دُول الضلال رقابها / قَدها فسيفك قَد أَذَّل صعابها
فَاليَوم صار الدين فيك مؤيداً / وَلدولة الإِسلام كُلٌّ هابَها
فَمن المطاول دَولة نَبوية / وَقفت ملائكة السَما حجّابها
فَبكم بَني عثمان دَولة أَحمَد / سَحبت بِفرع الفرقدين ثيابها
بشراك يا شَمس الوُجود بِدَولة / بَيضاء قَد جلّى سَناك ضبابها
أَرسى قَواعدها النبي محمد / وَرفعت أَنت إِلى السَماء قبابها
وَاهنأ رئيس المسلمين بِصَولة / مِنها الأَباعد أَكثرت إعجابها
أَرسلت مِن جُند الآله عَساكِراً / يَستَعذِبون مِن المَنية صابَها
دَفَعت مَدافعها كَأَن صَواعِقاً / صَبَّت عَلى هام العَدوّ عَذابَها
قَلَبوا اليَمين عَلى الشمال وَجدَّلوا / أَبطال شرك لا نطيق حسابها
حَتّى جَرين مِن الدِماء جَداول / خاضَت خُيول المُسلِمين عبابها
فَتصبغت تِلكَ الخُيول مِن الدِما / وَالنقع غبَّر نَجبها وَعرابها
فَغَدَت سِواء حمرها وَورادها / وَالشقر مُذ صبغ النَجيع أَهابها
وَتَحصَّنوا في قلعة قَد أُحكمت / أسّاً وَأَعلاها يَفوق سَحابها
وَتَخيَّلوا فيها النجاة وَما دَروا / إِن المَنية أنشبت أَنيابها
حَتّى إِذا فَتح المظفر أَدهَم / وَرَأَت جُيوش الشرك ما قَد نابَها
حلف النَصارى بِالمَسيح وأقسمت / تِلكَ البَطاريق أَن تَغير دابها
طَلَبوا الأَمان مِن الإِمام وَإِنَّما / تِلكَ العَصايب تَستَحق عقابها
فَعَفى برأفته الَّتي مِن شَأنِها / تَعفو وَتَجزي المذنبين ثَوابها
وَالعَفو أَقرَب لِلتُقى مِن قادر / لَو شاءَ عَفى أَرضهم وَترابها
عَبد الحَميد وَلَو أَرادَ بخيله اس / تئصال شَأفتها وَطت أَعقابها
لَولا جَميل العَفو مِنهُ لَدَمروا / زمر الضَلالة شَيبها وَشَبابها
ما سلّموا لَكنَّ أمَّ قِلاعهم / بِالمعجز النَبوي فكَّت بابها
الدَولة العظمى بِسَيف آلهها / مَنصورة الاعلام يا أَربابها
لَم يَسطع المَخلوق ذلة دَولة / الحَقُّ خالقها أَعَزَّ جَنابها
وَلَو أَنَّ سُلطان الزَمان دَعَت بِهِ / خَلف البِحار مَروعة لأَجابها
ثُمَ الصَلاة عَلى النَبي وَآله / مارَفّعت شَمس النَهار حجابها
يا لَيث غابتها الَّذي أَقلامه
يا لَيث غابتها الَّذي أَقلامه / تَغني عَن الأظفار وَالأَنياب
ما خلت إِن المَوت رابط جاشه / يَدعوه أَن يردي أَسود الغاب
كانَت مجاجة عَيشنا بِكَ شهدة / فَاليَوم بدّل شهدها بِالصاب
لِمحمد يَوم كَيوم محمد / أحَزانه تَبقى مدى الأَحقاب
قَد قلت فيهِ أَبي وَربّ أُبوة / في الدين مثل أُبوّة الأَنساب
ما كُنت أحسب قبل حمل سَريره / أَن البُحور تحلُّ في الأَخشاب
راعي الشَريعة فَالشَريعة بَعده / كَالشاة خائفة مِن الأَذياب
أَجواد يَوم السَبق قَد جزت المَدى / لا أَنتَ بِألواني وَلا بِالكابي
صَبراً فَيا نَفسي فَدَتك وَإِن يَكُن / هَذا المصاب أَجلُّ كُل مصاب
بوركت مِن خَلف فشخصك مَأمل / في رَأي شيب وَسن شَباب
لَكَ فكرة في العلم إِن وَجهتها / خرقت كَواري الشهب كُل حجاب
سَتنال بِالجد المرام لِقولهم / سَبب الدُخول دَوام قرع الباب
أَتحببا للمكرمات تنالها / وَالمكرمات قَليلة الأَحباب
لَيديك منفعة السَحاب إِذا أَتَت / في الناس أَعوام بِغَير سَحاب
أمحمد سَببت تشييد الهُدى / وَمحمد هُوَ أَول الأَسباب
لَو تخبر العَلياء مِن أَولى بِها / قالَت رايت محمداً أَولى بي
لِلّه مِنطقه فكم أَبدى لَنا / حُكماً نَزت عَن فطنة الفارابي
يا طالب العَلياء خذ عَن فهمه / حَيث الزِحام وَمجمع الطُلاب
ستراه منطلقاً بكل عويصة / إِذ لا يحير لَها امرؤ بِجَواب
فَعلومه لبُّ العُلوم وَما أَرى / مِن غَيره قشر بِغَير لباب
ذا والج في الدار يعلم ما بها / وَسِواه يَنظر مِن شُقوق الباب
يا سَعد ما عرف الهداية غَيره / دَعني مِن الأَسما وَالأَلقاب
وَبآل جعفر لذ فَإن بُيوتهم / وَصلت إِلى الجِهات بالأَعتاب
كَشفوا الغِطاء لَنا فَزادَ يَقيننا / فيهم وَزالَ تَشكك المرتاب
وَشعاع أَنوار الفقاهة مِنهُم / جلّى عَن العَلياء كُلّ ضَباب
يا سَعد لذ فيهُم فَلَولا أَمنَهُم / بكرت عَليك مغيرة الأَعراب
ذكر المَنازل وَالأَحبَّه
ذكر المَنازل وَالأَحبَّه / صبٌّ أَذابَ الوَجد قَلبه
دنف متى هبّ النَسي / م مِن الحِمى لاقى مهبَّه
وَإِذا البُروق تَلامَحَت / ألوى إلى تيماء جَنبه
وَيَحن إِن نَظر القَطا / وَرَأى يَخف العَدو سربه
أَهوى الحِجاز وَإِن نَأى / عَن مسقطي وَأَحب عربه
يا ما أَعيذب ماءه / بِمرأشِفي وَالذ شر به
يا هل أَرى ذاكَ الحِمى / يَوماً وَهَل أستاف تربه
وَمَتى الرَكائب تَنتَحي / بي للّوى وَتُوءِم شعبه
وَمَتى نَرى عَين الظبا / وَمَتى المُحبُّ يَرى محبه
وَمَتى يساعفني الزَمان / بِمجلس في خَير صحبه
وَتدار فيما بَيننا / كَأس المَودة وَالمَحبه
لِلّه ذكرهم وَإِن / هَجروا مَعنّى القَلب صَبه
يا طائر البان الَّذي / أَضحى يُغرِّد فَوقَ عَذبه
أَنتَ الَّذي نَبهت قل / بي لِلجَوى حَتّى تَنبَّه
وَتَركتَني فَوقَ الفِرا / ش كَما عَلى المقلاة حبَّه
دكَّرَتني برزية / هِيَ لَم تَزَل لِلحَشر نَكبه
وَرد الحسين إِلى الطُفو / ف يَقود لِلعَلياء حزبه
شَمخت بِهم تِلكَ البِقا / ع وَقَد عَلَت شَرَفاً وَرتبه
أَمسَت مطاولة السَما / ء مُنيرة في خَير صحبه
فَلك بَنو الزَهرا لَهُ / شهب وَكان السبط قطبه
أَربَت عَلى الفلك المَدا / ر وشهبه أخفين شهبه
كُل ابن معركة يشق / دُجى الوَغى في خَير أَهبه
يَلقى العِدى متبسماً / فَكَأنَّما يَلقى الأَحبه
لا يَرهبنَّ وَسَيفه / يَلقي بِقَلب المَوت رَهبه
كُلٌّ تَراه بِحومة المي / دان بِالكرّار يَشبه
تَغشاه مِن نُور السِيا / دة في قِتام الحَرب هَيبه
وَيَذب عَن حرم النَبوة / مُخلصاً لِلّه ذبَّه
مُتنافِسون عَلى المُنون / بكربلا لِلّه حسبد
فَقَضوا هُناك بريّة / إِعراضهم مِن كُل سبَّه
مِن كُل أَبيض مُذ ثَوى / حرُّ الهَجير أَصابَ جَنبه
تَبكي الوُحوش عَلَيهُم / وَيجيب ضَبع القَفر ذئبه
قَد أَدرَكوا في قَتلِهم / ثار الوَليد وَيَوم عَتبه
يا صاحب الأمر الَّذي / أَلقى الزَمان عَلَيهِ حَجبه
أَفكل يَوم مِن عدا / ك لَنا إِلى عَلياك نَدبه
ماذا عَلى حامي الشَريعة / لَو يَسلُّ اليَوم عَضبه
وَتَبيد خَلقاً ما اِستَقا / م وَلا أَطاع اللَه رَبَّه
شَمِّر ثِيابك فَالحسي / ن أُميَّةٌ سَلبته ثَوبه
وَاشحذ حسامك فَال / حسين قَضى بِحَد السَيف نَحبه
لا يَسلُ قَلبك مَيتاً / وَطأت خُيول الشُرك قَلبه
ظامي الجَوانح وَالفرا / ت بِجَنبه ما ذاقَ شُربه
ماذا القُعود وَحقكم / أَخذته أَيدي الشرك غَلبه
يُدعى الطَريد مَع الطلي / ق بِهِ وَأَهل البَيت تُجبه
وَنِساؤُكُم ساروا بِها / وَلَها عَلى الأَكوار وَجبه
يَهتفن في آل الرَسو / ل إِذ المَطا شارَفنَ هَضبه
عَجباً أَمثل أُمية / لعلاكم تهدي المسبَّه
جَعَلوا الشِعار بِحكمهم / سَبَّ الوَصي بِكُل خطبه
كَمنت أَراقم عَزكم / فَمَتى تَثور بِهن وَثبه
أَفيقعد المقدام عَن / داء يَرى بِالسَيف طبَّه
صَلى الإِلَه عَلَيكُم / ما هَزَت النَسمات عَذبه
وَغَدَت مَصارعكم مَدى ال / أَيام للأَملاك كَعبه
إِني شَكَرت نحول جسمي بِالمَها
إِني شَكَرت نحول جسمي بِالمَها / إِذ صُرت لَم أَمنَع بِكُل حِجاب
إِن أَغلَقت باباً فقَلبي طائر / وَالجسم ينفذ مِن شُقوق الباب
فَأنا بعكس ذَوي الهَوى إِذ دأبهم / ذمُّ النحول وَشكره مِن دابي
خطب أَباحَ مِن الإِمامة غابَها
خطب أَباحَ مِن الإِمامة غابَها / وَرَمى شَريعة أَحمَد فَأَصابَها
شَرقت بِعبرة ثاكل فَكَأَنَّها / فَقَدت لَعمرك وَحيها وَكتابها
فَقَدَت أَخا العَزمات دبَّر أَمرَها / زَمَناً وَعرَّف لِلوَرى آدابها
عذبت مَناهلها بعصر وَليِّها / وَاليَوم حينَ قَضى أَطالَ عَذابَها
بكر النَعيُّ إِلى العِراق فَلَم يَقف / بِمفازة إِلّا وَدكَّ هِضابَها
حَتّى إِذا بَلغ الغَريَّ وَقابل ال / غروية البَيضا أَسرَّ خِطابها
فَمَشى بِبَهجتها وَغادر ثاكِلاً / صَبغت كَلابسة الحداد ثِيابَها
لَولا الحِجاب رَأَيت أَملاك السَما / في جَنب حَيدرة تَقيم مَصابَها
مَيت أَعزَّ المُؤمنين بِعَدله / وَاليَوم حينَ قَضى أَذَلَّ رَقابَها
أَردى البَصائر فَالعُيون إِذا لَها / دَمعاً وَحَبات القُلوب أَذابَها
وَتَجانَست صَفتاهما فَعُيوننا / صابَت دِماء وَالقُلوب أَصابَها
لَو تَسمَعن العَتب بَطحاءُ الحِمى / أَكثرت مِن حَرق الفُوائد عتابها
عَقدوا جَنادلها عَلى ذي غرة / كانَت تَشعشع في الدُجى محرابها
كانَ المشار لَهُ بِكُل ملمة
كانَ المشار لَهُ بِكُل ملمة / دَهَت الأَنام فَأدهَشَت ألبابها
يَدعى لَها وَهِيَ الشَجي بصدورها / فَيسيغ عَن عَذب الفُرات شَرابَها
كَم حلَّ عُقدة معضل في رَأيه / وَكَم الوَرى شَدت إِلَيهِ عرابها
تَأتي الرَكائب وَالعياب خَلية / وَتَعود مالئة يَداه عيابها
أَنعم بِهِ خَلفا يَبين رشده / حكم الشَريعة زيغها وَصَوابها
رَأس لكل فَضيلة عرفت فَكُن / بِالراس مُقتدياً وَدَع أَذنابَها
وَرث المَكارم كابراً عَن كابر / فَسَمى البَرية شَيخَها وَشَبابها
تَأتي وُفود العلم ساحة داره / فَتمس في جبهاتها أَعتابها
فَلطالما اِختلفت إِلَيهِ وَأَكثَرَت / لِلأَخذ عَنهُ ذَهابها وَإِيابَها
تَتناظر العلما فَحيث تَشاجَرَت / رَدت إِلَيهِ سؤالَها وَجَوابَها
يَتسارَعُون لَهُ بِكُل عَويصة / فَيَحل مشكلها ويَفتَح بابَها
هُوَ لاسمه وَفق وَلا كَعِصابة / مُذ لَقبت ما وَافقت القابَها
قَد أَنزَل الدين الحَنيف بِخَيمة / قَصر السماك فَلَم يَصل أَطنابَها
يا رائِداً نَجع المَكارم فَاغترف / فَلَقَد وَردت مَع البُحور عبابها
وَإِذا اِنتَجَعَت سِواه عَدت بِخَيبة / أَو رُحت تَتَبع في البِقاع سَرابَها
نِظام كُل فَرائد جِماع كُل شَوارد / قَد أَعجَزَت طلابها
فلتركننَّ إِلَيهِ نَفس راقَبَت / يَوم القِيامة حَشرَها وَمآبها
تَاللَه إنَّ بحبه وَببغضه / قرن الإِلَه ثَوابَها وَعقابها
إِن المَكارم أَقسمت بِجماله / أَن لا تذيل عَلى سِواه ثِيابَها
رَضيته عَن خَلف الأَئمة نائِباً / أَبدا يَدل عَلى الهُدى نَوابها
نَظر الأَحاديث المحجب سرَها / فَأَماطَ عَنها سترَها وَحجابَها
جلى فَاحكمها وَجلى غَيره / فَأَعادَ مُحكم أَمرَها مُتشابها
يا باسِطاً لِلبَذل أَكرم راحة / بَيضاء تَخجل بِالسَماح سَحابَها
فَدَع الوَرى يَتشرفون بِلَثمِها / وَيَشم مِن يَستافها أَطيابها
لَو وازَنَتك الناس في علمائها / كانوا القشور وَكُنت أَنتَ لبابها
ما خابَ مِن منته هديك نَفسه / تطوي لحضرتك البقاع رحابها
يلقاك بَينَ الصالِحين مِن الوَرى / شَمساً تَحيد عَن القُلوب ضبابها
يَلقاك بَينَ أُولي النُهى صَمصامة / صَقلت تَجاريب الزَمان ذبابها
يَلقاك تَنثر مِن لِسانك بَينَهُم / دُرراً تمد لَها الكِرام رِقابها
يِلقاك تَدرُس بَينَهُم بِمَناقب / حَتّى المَلائك أَصبَحَت كِتابها
يا خاطب الأَبكار خُذ بدوية / جاءَتكَ سافِرة تَميط نِقابَها
كَم عَرَضوا فيها وَكَم خَطبت عَلى / شَرط الصداق فَلَم أَجب خِطابَها
ما إِن رَجَوت لَها ثَواباً إِنَّما / أَرجو بِأُخرى النشأتين ثَوابَها
بِمَن العَزا يا ناظِري فَصوبا
بِمَن العَزا يا ناظِري فَصوبا / وَلتقطرا كَبدي دَماً مَسكوبا
فلأحلبنك يا جُفون كَأَنَّني اِس / تدررت مِن ضرع الحَيا شؤبوبا
وَعَليك يا حرق الجَوى فَتصاعدي / وَلتملَئي صَدر الفَضاء لَهيبا
جفت قُلوب بَني الرَجا فَتساقطت / وَالكُل يَشبه بِالحَنين النِيبا
رّفت كَأَجنحة الطُيور لِأَنَّها / قَد ضَيَّعت تَحتَ التُراب حَبيبا
لِلّه بَدر الجعفريين الَّذي / أَبدى برغم المكرمات غُروبا
سُرعان ما سرَّ الشَريعة مَطلعا / حَتّى تَبوَّأ في التُراب مَغيبا
قَد كانَ وَجه العلم مُبتَسِماً بِهِ / وَمُذ اِستَقَلَّ ضُحى دجى تَقطيبا
أَودى فَأَبناء الشَريعة بَعده / شَقَّت لَهُ بَدل الجُيوب قُلوبا
أَدعوك يا غَوث الصَريخ فَلم تَجب / وَلَقد عَهدتك لِلصَريخ مُجيبا
إِن كُنت أَزمعت الرَحيل مقوضا / مِن بَيننا فَقُد القُلوب جَنيبا
ضَيقت نادي العلم لا في حشده / بَل بَعد صَدرك لا أَراه رَحيبا
أَطيبه أَخطأت كامن دائه / لا أَخطأتك النائِبات طَبيبا
داو السَقيم بِكُل ما يعتاده / لِتعدّ عِندَ الحاذقين مصيبا
وَاتل الكِتاب عَلى حَبيب يَنتَعش / بِسماعه التَرغيب وَالتَرهيبا
وَاذكُر لَديهِ عُلوم آل محمد / سَيَقوم فيها سائِلاً وَمُجيبا
وَاجهر بحيّ عَلى الصَلاة تَرح لَهُ / بَدَنا بِطاعة رَبه مَتعوبا
وَدَع العفاة تصل لَهُ فَنشاطه / أَن يَملك العافون مِنهُ نَصيبا
هذي عَوائده وَهنَّ دَواؤه / لَو كُنت تَدفَع يا طَبيب شُعوبا
بِمَن البَرية تَلتَجي إِن أَقبَلَت / متراكمات ينهمرن خُطوبا
وَبِوَجه مِن نَستدفع البَلوى إِذا / شاءَ الإِلَه بِخَلقه تَعذيبا
قَد كانَ وَجهك يا حَبيب ذَريعة / مَن باتَ يَدعو اللَه فيكَ أَجيبا
وَبِهِ نحلُّ عرى المحول فَإِن بَدا / لَم يَبقَ وَجه سَحابة مَحجوبا
أَبكي لِوَجهك وَالكِتاب كِلاهُما / يَتشاكَيان مِن الثَرى تَتريبا
وَلشخصك النائي وَعلمك بَيننا / كُلّ بِعالمه أَراه غَريبا
صَبراً أَبا الهادي وَإِن يَك رزؤكم / بِسهامه الدين الحَنيف أصيبا
صوّب وَصعّد مقلتيك مكرّرا / مِن عَينك التَصعيد وَالتَصويبا
أَفهل تَرى وَجه امرئ ما غادرت / لَطمات نائبة عَليه ندوبا
كَتب الفَناء عَلى الجِباه فَأَن تسل / مقل الفَتى لَن تَمحو المَكتوبا
أَن تخلق الأَيام جدة عالم / مِن بَيتكم فَقَد اِرتَدَيت قَشيبا
لَكَ فكرة في العلم إِن وَجهتها / أَبدَت بِمنة ذي الجَلال غُيوبا
هَل كَيف تَحجب عَنكُم وَأَبوكُم / كشف الغِطاء فَبَّين المَحجوبا
لَكَ طيب أَنفاس يَرق هُبوبها / كَنَسيم نَجد إِذ يَرق هُبوبا
لَو بَعض خلقك في الخَلائق كُلها / لَغَدت شِفاه الأسد تنفح طيبا
تَحكي فَتضرب مِن سَماع عَبائر / لَو كُنَّ قافية لَكنَّ نَسيبا
فَإِذا سَمعت بَديع لَفظك شاقَني / حَتّى كَأَنّي أَسمع التَشبيبا
لَو يَنظر السرحان مِنكَ مَهابة / ما راعَ خَشفا بِالفلاة رَبيبا
وَاستأسد الظَبي الأتيلع جيده / فَتَراه تذعر مُقلتاه الذيبا
تَزهو المَحارب إِذ تَقوم مَصليا / بِكَ وَالمَنابر إِذ تَقوم خَطيبا
وَتَعد نافلة العَطاء فَريضة / وَالعُذر في آثارِها تَعقيبا
بِكَ قَد تَشرفت العراق وفاخرت / مصراً لِأَنك ما بَرحت خَصيبا
أَسقى الإِلَه ثَرى أَخيك سَحائِباً / يَنهل عارضها عَلَيكَ سُكوبا
وَقفت كَوقفة كاعب عذرية / لَمحت بِأَكناف السجاف حَبيبا
سر حَيث شئت فأن حظك غالب
سر حَيث شئت فأن حظك غالب / وَالنَصر مِن رَب السَما لَك صاحب
وَاركَب عَلى اسم اللَه إِنكَ راجع / بعداك أَسرى وَالخُيول جَنائب
حاشاك مالك في الغَنائم رَغبة / بَل أَنتَ في عز العَشيرة راغب
هب إِن سَيفك أَلف ذود ناهب / فندا يَمينك ضعف ذَلِكَ واهب
وَجه بوجهك حَيث شئت فَما بَقى / مِن دُون وَجهك في القَبائل خاضب
وَبِكُل واد قَد صنعت وَليمة / لِلطَير يَحضرها العقاب الغائب
وَاليَوم حائمة الطُيور تَباشَرَت / بِالخَصب مُذ عَرفتك إِنكَ راكب
إِن قابلتك قبيلة وقع الرَدى / فيها وَداس عَلى القَتيل الهارب
لم لا تذلُّ لَكَ القَبائل كُلَها / وَتراع مِنكَ مَشارق وَمَغارب
وَاللَه عَونك وَالسُيوف قَواطع / وَالجُند شمَّر وَالخُيول نَجائب
خَيل إِذا تَنساب فَهِيَ أَراقم / أَو شالت الأَذناب فَهيَ عَقارب
مَهما جَرَت حجب السَماء عجاجها / فَكأنَّما هِيَ عارض متراكب
أَحلى لَديك مِن السَرير تحلُّه / لِلحَرب أَمّا صَهوة أَو غارب
وَألذُّ عِندك مِن سَماح وَمائه / هَيجاء مِنها كُل ريق ذائب
لَكَ مذهب حب الكفاح وَإِنَّما / لِلناس فيما يَعشَقون مَذاهب
إِن أَنتَ صبَّحت العَدو بِغارة / قامَت عَلَيهِ مَع العشيّ نَوادب
مَن قالَ إِنكَ خَير مَن نَزل الفَلا / عزاً وَمكرمة فَما هُو كاذب
وَاديك يسقي وَالوهاد عَواطش / وَحماك يَضحك وَالسُنون قَواطب
بالراسيات كَأَنَّهن أَجارع / وَالمشرقات كَأَنهن كَواكب
لا أَختشي زَمَني وَوَجهك سالم / وليّ الفَتى عَبد العَزيز مصاحب
قرَّت بِهِ عَين الأَمير فَأَنَّهُ / لِيمينه مثل المهند صائب
عشق العُلى قَبل البُلوغ وَماله / بِسوى العلى وَالمكرمات مآرب
يَصطاد بِالسَيف الأَسود وَإِنَّما / صَيد المُلوك أَرانب وَثَعالب
يا مَن يُحاول ثانياً لمحمد / إِن كُنت في سند فطيفك كاذب
ما البَدر في الأَفلاك إِلا واحد / إِن رُمت ثانية فَعقلك ذاهب
كُل امرء يَعني بِكسب مَعيشة / وَرجال شمَّر بِالرِماح كَواسب
اللَه صَيَّر رزقهم بِرماحهم / لَم يَسألوا مِن غَيرِها وَيطالبوا
مثل الأُسود مَتى تَجُوع تكفلت / بِالقُوت أظفار لَها وَمخالب
أَنا يا محمد بِالمديح مواظب / فاسلم وَأَنتَ عَلى الجَميل تَواظب
لازلت تَمنحني العَطاء وَإِنَّني / شُكر الجَميل عليَّ فَرض واجب
طابَ النَسيم فقم إليَّ وَهاتها
طابَ النَسيم فقم إليَّ وَهاتها / وَأَخذ نَصيبك مِن جَميل صفاتها
بكر وَلكن في أواسط عمرها / نَظرت إِلى حوّاء في فلواتها
قم يا نَديم إِلى المدامة وَانتهز / فُرَصَ الشَبيبة قَبل حين فَواتها
لَيسَ العَروس تُزفُّ في أَترابها / مثل المدام تُزفُّ في جاماتها
فاز الذين قَضوا بِها أَو ما تَرى / رَوض الجِنان يَحف في أَمواتها
ضَعها عَلى جهة الشمال وَعاطني / لِأَشمّ ريح الخُلد مِن نَفحاتها
هبني المدامةَ في يَديك وَإِنَّما / إِربي بحسن يَديك لا بهباتها
لَيسَ المَدام وَإِن حلت بِلَذيدة / إِن لم تناولها أَكفُّ سقاتها
فَكَأَنَّها في الكَأس نُور أقاحة / قذفت عَلَيها الشُهب مِن لَمعاتها
قَد أَغرَقَت كِسرى وَمِن في جَنبه / فَطفت قَلانسهم عَلى جَنباتها
هزّوا مَعاطفهم وَهُن رِماح
هزّوا مَعاطفهم وَهُن رِماح / وَنضوا لَواحظهم وَهُنَ صِفاح
شاكين ما حملوا السِلاح وَإِنَّما / مِنهُم عَلَيهُم أَهبة وَسِلاح
وَنُشرنَ أَلوية الشُعور عَلَيهُم / سوداً وَكُلٌّ طَرفه السفاح
وَتَعمَّدونا بِاللحاظ فَلا تَرى / مِن عاشق ما اتخنته جِراح
آرام وَجرة لا يدون قَتيلهم / وَأَسيرهم لَم يَرجُ فيهِ سراح
فَتح الجَمال لَهُم وَفي وَجناتهم / كتب ابن مقلتها هُوَ الفتاح
فَعلى الخُدود حُروبنا بَدرية / وَلنا بذي قار الجعود كِفاح
وَجبت قُلوب العاشقين لَديهم / وَبشرعهم دُمنا الحَرام مُباح
لَمّا رَأَيت أَكفهم محمرَّة / أَيقنت أَن دَمي بِهنَّ مطاح
بُشراك يا مَن ذاقَ بَرد ثغورهم / أَعرفت ما رُوح الهَوى وَالراح
ونعمت يا مَن شمَّ طيب خدودهم / أَرأَيت كَيفَ الوَرد وَالتُفاح
لي فيهم الرشأ المخادع في الهَوى / ضدّان فيهِ سلاسة وَجماح
يَرنو فيكسر ناظريه مِن الحَيا / وَبحالتيه تُعذب الأَرواح
لا تحسبن لئالئاً في خدّه / لَكنه عرق الحَيا الرشّاح
حسن الدَلال ممنع إحسانه / سمح الخدود وَما لَديهِ سَماح
وَوراء مبسمه لقلبي راحة / أَشفى بِها وَلثاته الأَقداح
يا أَيُّها الرَشأ الأ تيلع جيده / لَكَ في الحَشاشة مَرتَع وَمَراح
قَدحت خدودك في فُؤادي جذوة / وَالوَرد خَير صُنوفه القدّاح
وَاضيق ذرعاً مِن خلا خلك الَّتي / ضاقَت عَلى ساقيك وَهِيَ فساح
وَحشاي أخفق مِن جَناحي طائر / إن يخفقا لَكَ قرطق ووشاح
أَبكي وَتبسم ضاحِكاً فَيلحن مِن / عَيني وَفيك شَقائق وأقاح
ماذا يَعيب بِكَ النصوح ثكلته / حاشاك بل غشَّتني النصاح
الطرف ساج وَالسَوالف صلتة / وَالجيد أتلع وَالجُفون سِلاح
يا يُوسف الحسن البَديع جَماله / لي مثل يَعقوب عَليك نِياح
لا يُنكر الخالون فيك فضيحتي / إِن الغَرام لِأَهله فضّاح
أَفدي الَّذين غَدوا ولي بظعونهم / مَهضومة الكشحين وَهيَ رداح
أَعطافها كَسلى وَهنَّ نَواعم / وَعُيونَها مَرضى وَهُنَ صحاح
خرس خَلا خلها إِذا خطرت بِها / لَكن ألسنة الوِشاح فصاح
إن أخبرت بِالصد فهيَ جهينة / أَو واعدت بِالوَصل فَهِيَ سجاح
ظعنوا وَكَم غَمزت إِليَّ حَواجب / يَوم الوَداع وَكَم أَشارَت راح
وَعَرفت نيتهم بِقول حداتهم / هِيَ رامة وَنسيمها الفَيّاح
عرب دَنَوت إليهم فَتباعدوا / وَكَتمت سرَّهم المَصون فَباحوا
نَزَلوا بِحَيث السحب تَنثر درّها / وَالشيح يَأرج وَالكبا نفّاح
وَادٍ بِهِ مَرعى السَوائم مَندل / وَحَصاه درّ وَالمياه قراح
فَلأركبن لَهُ الفَلا بِسَفائن / ما مسَّ مِن أَمراسها الملاح
تُروى بِجدو الرَكب وَهِيَ عَواطش / وَتراح بِالأدلاج وَهِيَ طلاح
مثل القُصور وَمالهن صفايح / أَو كَالصُقور وَما لَهُن جَناح
لَم يعلم الوادي أَسرب نَعائم / عبرته أم هبَّت عَلَيهِ رِياح
أَنا لَم أَزل أَرمي بِهنَّ كَأَنَّما / لي ميسر بالبيد وَهِي قداح
إِن نابت انكرب الثقال هتفت بالن / نجب الخفاف فَتَنجلي وَتزاح
وَإِذا فَقَدت العزّ بَين مَعاشر / طلبته غارة سيري الملحاح
لابيضَّ وَجه أَخي العلا إِن لَم تَكُن / وَجناته بلظى السُمةم تلاح
كَم أتلعت فيَّ الجمال وَأَبطحت / فَحَلالي الأَتلاع وَالابطاح
وَإِذا تعبن اليعملات مِن السرى / أَحدو بِمَدح محمد فتراح
طال النَسيب لحيرتي في مدحه / إِذ لَيسَ تبلغ كنهه المدّاح
أمحمد أَنتَ العَميد وَجدُّنا / إِن لَم يَكُن بِثناك فَهُوَ مزاح
بُشراك بِالحسن الزَكي فَقَد زَهى / فيهِ الغريّ وَعَمَّت الأَفراح
حسن إِذا أبصرت غرَّة وَجهه / فَبجنبه الصور الحِسان قباح
تَنهلّ إن بخل الغمام يَمينه / فَكَأَنَّما هِيَ عارض دلّاح
يَرتاح في بَذل العَطاء وَكُل ذي / عشق إِلى مَعشوقه يَرتاح
زُفَّت إِلَيهِ عَقيلة مِن أَهله / كَالبَدر إِن زُفت إِلَيهِ براح
مِن مَعشر أمّا كَريمتهم لَهُم / أَو مَوت عانسة لَها يَجتاح
يا اِبن النبيّ وَيا سميّ محمَّد / بِهداك يَفلق لِلوَرى الاصباح
إن يدج في الإِسلام لَيل ملمة / فَلَنا بغرّة وَجهك استصباح
وَإِذا مَغاليق المسائل ارتجت / فَحديد فكرك لِلوَرى مفتاح
وَتعيدها بَيضاء واضحة السنا / فكأنما هِيَ وَجهك الوضّاح
وَلَقَد طُبعت عَلى السَماح الغمر في / زَمَن بِهِ حَتّى السَحاب شحاح
يَرجى نَوالُك وَانتقامك يُتَّقى / كَالنجم بَعض سُعودهن ذبّاح
وَالسَيل فيهِ فَوائد وَشَدائد / وَالبَحر فيهِ الدُرّ وَالتمساح
غرَّت بَشاشَتك الغبيَّ وَما دَرى / شانيك إِنَّك قاتل مزاح
كَم خضت لَيل عجاجة وَمذ انجلت / فعَلى قريعك لا عَليك نِياح
فَإِذا سطَوت ظَفرت فيمَن رمته / وَإِذا ظفرت فَشأنك الاسجاح
أَن تَروي عَن أَهليك أَخبار العُلى / يا جَوهريّ اللَفظ فَهِيَ صحاح
يا آل بَيت محمد لَولاكُم / ما أَعقب اللَيل البَهيم صَباح
مَن قالَ حيَّ عَلى الفَلاح فَما لَهُ / بِسوى وَلائكم القَديم فَلاح
لَكُم البطاح وَجدُّكُم هوَ شَيخها / وَلَكم جبال البَيت وَالصحصاح
وَإِذا اِستَقى الحجّاج بَركة زمزم / فَالناس مِن بَركاتكم تَمتاح
جَرّبت أَبناء الوَرى وَعرفتهم / فَكَأنَّهُم صُور لَها أَشباح
لا يصلحون بدونكم فَكأنَّما ال / بَشر الجسوم وَأَنتُم الأَرواح
علم المَشارق وَالمَغارب عِندَكُم / إنّ المُقيم بِجنبكم سيّاح
وَلَقد سَبحتم في العُلوم جَميعكم / كَالنُون حَتّى فرخه سَبّاح
يا سائِقاً ابل الرَجاء مغذةً / بِزميل همّ لَيسَ مِنهُ بِراح
عج لِلحُسين فَإِن تجئه بحاجة / قبل السؤال أَتاكَ مِنهُ نَجاح
إِن أَعجبتك صَباحة في وَجهِهِ / فَوجوه أَبناء النَبي صَباح
وَإِذا شَمائله ازدهتك فَإِنَّما / ملؤ الشَمائل عفة وَصَلاح
حازَ الفَخار بِنَفسه لَم يَتَكل / فيهِ عَلى سلف لَه قَد راحوا
تخذ العُلوم بِضاعة لمعاده / وَالعلم فيهِ الغنم وَالأَرباح
لا تصغينَّ لِغَير صيحته إِذا / للعلم قامَت ضجة وَصياح
فَصياح مَن عرف الطَريق هداية / وَصِياح مِن جَهل الطَريق نباح
نُور الإمامة لائح بِجبينه / فَكَأن مَشكاة بِها مصباح
وَالسَيد الهادي الضُيوف بِناره / لَم يَخبُ قَطّ شعاعها اللمّاح
يَهدي لِمأدبة لَها سعة السَما / ركدت بِها عدد النُجوم قداح
صفَّت بِأَمثال الهضاب رَواسخ / بركت بِهن مطافل وَلقاح
أبني الجحا جحة الكِرام وَكلكم / بَين البَرية سَيد جَحجاح
مِن دَوحة الشَرف المقدسة الَّتي / يَعلو بِها حسب أغرُّ صراح
لِلّه داركم فَقَد بَزغَت بِها / مِنكُم شُموس القُدس وَهِيَ ضراح
إِن كانَ يبغضكم مِن الناس امرؤ / فبدوّ نطفته خناً وَسفاح
لَكُم مَناقب ما لَهُن معدَّد / وَمتون علم ما لَها شراح
مَن رامَ يحصي فَضلَكُم فَجَوابه / اللَه يَبعَث أَيُّها المداح
لازالت الأَفراح تَدخل بَيتَكُم / وَلَها إِلَيكُم غَدوة وَرَواح
جاءَتكَ باسمة تضاحك راحَها
جاءَتكَ باسمة تضاحك راحَها / فَاهنأ بِسَلمى وَاغتنم أَفراحها
بَيضاء برَّحها هَواك فاقبَلَت / علماً بِأَنك لا تُحب براحها
وَاستغفلت عَين الرَقيب بِلَيلة / طابَت لِساهرها فذمَّ صَباحها
نمَّت بِها وَجناتها لَو لَم يَكُن / حَوم الفِراش مستراً مصباحها
حَيتك باسمة فردَّ تَحية / مِن غادة بِكَ حارَبت نصاحها
وَجلت من الثَغر الشَهي سَلافة / بِهَواك سُلطان الغَرام أَباحَها
ما ذاقَها غَير السواك وَلَم يَكُن / يَستاف غَير لثاتها أَقداحها
وَحبتك مِن وَجناتها وَردية / تَركت وَكامن دائه ملتاحها
فارشف وشمَّ لَك الهَنا مِن ثَغرِها / كَأساً وَمِن وَجناتِها تفّاحَها
عرفتك تطرب للملاح فاسفرت / عَن رَوضة صقل الرَبيع أَقاحها
تَختال عن لدن يرنحه الصبا / إِن ماسَ حطمت الكماة رماحها
ما كانَ املا ردفها لَو لَم تَكُن / عَقدت عَلى صفر الوشاح وَشاحها
أَلديغ أفعى الحُب لَم يَرَ رقية / إِلّا مَريضات الجُفون صحاحها
دع ذكرك الدار الَّتي بكَ قَد نَبَت / فَذممت مربعها وعفت مَراحها
أتحن للفيحا كَأَنك لَم تَكُن / نادَمت في الزَمَن القَديم ملاحها
وَنَعير سمعك لِلحَمام أَلم تَكُن / بِغناك تَطرب خودَها وَرداحها
وَتَهب كَالمَلدوغ إِن هبت صبا / أَو ما اِنتَشَقَت عَلى المدام رِياحها
وَأَراك في ترح أليس محمد / فيهِ السِيادة أَدرَكت أَفراحَها
طارَت لَهُ شَرَفاً وَلَولا مَجده / تَرَكت وَقَد قَطع الزَمان جَناحَها
ملك يَزيد حمى الوَصيّ بِهِ عُلىً / وَعلاه زاحم قَبل ذاكَ ضراحها
بُشراك يا اِبن محمد قَد أَصبَحت / بِكَ هاشم طلقي الوجوه صَباحَها
وَتَرنحت أَعطاف وَلد محمد / مذ أَكثرت خَيلاءَها وَمَراحها
طُوبى لملك قَد أَنالك فَاِغتَدى / مستعبداً بِكَ لكنها وَفصاحها
أَهدى إِلى عَلياك خَير هَدية / جلبت تِجارة فَضلكم أَرباحها
هُوَ ناصر الدين الَّذي بِكَ كَفه / قَد أَشرَعت للقا العَدوّ سلاحها
قَد طالَ فيكَ عَلى المُلوك بِدَولة / شكر الإِله مساءَها وَصَباحها
فازَت بِمَجدك وَحدَها وَتشرفت / بِأَشم أَشرف مَن يَذوق قراحها
لَو تَعلم الدُول البعاد لآذنت / بِالحَرب أَو ضربت عَليك قداحها
أَنتَ الَّذي أَصبَحت أَكرم وارث / مِن آل حمد علمها وَصلاحَها
وَسخاءَها وَحَياءَها وَأباءها / وَذكاءها وقضاءَها وَسماحَها
كَم صاحَت العَلياء طالبة لَها / رَدأً فَلم تَرَ مِن يُجيب صياحها
قَعد الكِرام لعجزهم عَن عيشها / وَنَهضت أَبلج غرَّة وَصّاحَها
لَبَّيت دَعوتها وَقمت عن امرئ / جذلان أتعب نفسه وأراحها
وَرقيت غارب صعبة جفّالة / هابَ الكِرام مطالها وَجماحها
وَحلبت أشطرها وَفُزت بدرّها / وَملت بنائلك الكِرام ضياحها
وَنصبت للتعظيم تابع أسرة / خفضت لرفع المؤمنين جَناحها
فَلو أَنَّ منبرها رقتها أَرجل / لِسواك زعزع نفسه وأَطاحَها
وَطنته بِمتين رَأي حازم / وَمُتون فضل أَعجزت شرّاحها
فَلتأخذ العلماء عَنكَ علومَها / وَلتكثرنَّ بنورك استصباحها
ما أَنصفت مِن طاولتك سفاهة / إِذ وَازَنت بيلملم أَشباحَها
لَو يَجلسنَّ بقدره ابن جحاجح / لَو طأت مِن عليا السَماء ضراحها
من ذا يَغيضك في علاك وَكَفّك الط / طولى الَّتي أَمسى الحسين سلاحها
فَلتقعدن من العداة بِراحة / يَكفيك مؤتلق الجَبين كفاحها
فَكَأنّما فَمهُ حَوى نَضناضة / تلج العِدى مستلة أَرواحها
وَكَأن أخلاقه الزهر الَّتي / نَدّى الغمام بهارها وَأقاحها
مَولى تَأودّ مِن ثناي كَأَنَّما / نَغمات معبد صادفت مرتاحها
يا سَيداً ما ذات بَين أَفسَدت / إِلّا وَقَعت مبادراً إصلاحها
بَينَ ابن عمك والحَوادث معرك / فلتحجلزنَ زَمَناً عليَّ أَتاحها
جئناكَ وَالحاجات ناهِضَة بنا / ما كانَ ضرّك لَو رَأَيت نجاحها
خُذها كَما اقترح الوفاء لك الهَنا / بكرا تجيل عَلى علاك وشاحها
عذر المَدايح واضح إِن قصرت / فَصفاتكم قد أَفحمت مدّاحها
أَينَ الظِباء مِن الحسان الغيد
أَينَ الظِباء مِن الحسان الغيد / إِن غازَلتك بِفاتِرات سُود
مِن كُل مائِسة المَعاطف إِن مَشَت / خَطرت بِقامة أَسمَر أملود
حَجبت براقعها الورود فرنقت / تِلكَ الوُرود مِن الهِيام وَرودي
يَمشين في نزه الرِياض ووردها / في الجَو مُنبسط كوشي بُرود
هَزأت عَلى الأَوراد في وَجناتها / وَعَلى الغُصون زَهَت بِميس قُدود
وَإِذا المُوشَح رنّ جَرس حليه / أَنسى المطوق نَغمة التَغريد
وَوَراء هاتيك الشِفاه سلافة / جاماتها مِن لؤلؤ مَنضود
حمنا لَها حَوم العِطاش فذدننا / ذود الغَرائب عَن حياض وُرود
كَم فيكَ يا أُخت الغَزال مفند / تَرك الهجوع وَلج في تفنيدي
يُحصي ذُنوبك وَالشؤون بِشأنها / وَيعدها وَأَنا عَلى تَعديدي
أذويت عودي يا أميمة بِالجَفا / عُودي بِوَصلك لي لِيُورق عُودي
نَجدية مَلكت حشاشة معرق / من لي وَدُون الوَصل قطع البيد
فَلأفرجن الهمَّ في عيدية / وَالهمُّ يَفرج في بَناتِ العيد
فَعلى مَ لم أَنهض بِطاعة همَتي / وَلِمَ القُعود في إزايَ قُعودي
كوماء إِن وَجهتها بِتنوفة / تَركت بَعيد الدار غير بَعيد
مالي وَللطيف الكَذوب إِذاغَفت / عَيني رشفت لمى الفَتاة الرُود
هَيهات لي مِنها اللقاء وَحيُّنَا / أَقصى العِراق وَأَهلَها بِزرود
وَادٍ بِهِ الآرام وَهِيَ غَوازل / مَلكت لَواحظها قُلوب أسود
لِلّه أَيامي بِأَيمن ربعها / إِذ لا أَراعَ بِجَفوة وَصُدود
أَحَسو المدام عَلى الرِياض وَخدها / فَأَتيه بَينَ الوَرد وَالتَوريد
وَاضمها شَغفاً فَاهصر قامة / كَالغُصن يهصر لاقتطاف وُرود
وَبِساعديَّ تَوشحت وَتطوقت / فَيداي حلية خصرها وَالجيد
وَأعلُّ مِن رَشف اللَمى إِن لَم يفد / نَهلي بِرَشف لابنة العنقود
خود وَثقت بَعهدها فَتمنعت / ما كانَ أَسرَع نَقض عَهد الخود
قَد أَسلفتَني وَعدها لا عَن وَفاً / فَجعلت حَبات الفُؤاد نُقودي
مَن لي بمذكرها العُهود كَأَنَّها / نَسيت فَلم تذكر قَديم عُهودي
عقدوا عَليها لِلحِجاب سَرادِقا / وَالحَتف دُونَ حجابها المَعقود
يا طُول لَيلي بِالغريّ كَأَنَّهُ / قَتل الصَباح فَلم يَقُم بِعَمود
وَقفت سَواري النجم فيهِ فخلتها / بُدنا هوين بِمنهج مَسدود
أَو حملت هَمي فَأثقل خَطوَها / فَكأَنَّها مَصفودة بِقُيود
يا قَلب هَل لَك أَن تَعود عَن الجَوى / إِذ لَست مَنحوتاً مِن الجَلمود
لا تحسبنَّ النجم غَيَّر عادة / لَكنَّما هِيَ لَيلة التَسهيد
وأجب لِداعية الهَنا فَلَقَد زَهَت / أَرض الغريّ بأنسها المَشهود
أَو ما تَرى الأَشراف عِندَ نَقيبهم / حَفوا بِه مِن سَيد وَمَسود
يَتهللون مِن السُرور وَأَصبَحوا / يَتصافحون كَأَنَّهم في عيد
يا ابني عميد الطالبيين الَّذي / لَولاه ما اِنقادوا لِأَمر عَميد
أَخويّ لِلجلي إِذا مدَّت يَدا / كانا عَلَيها عدتي وَعَديدي
لاحَت عَلى وَجهيهما سمة العُلا / بَيضاء تَنبي عَن أَتمّ سُعود
يأَوي المخوف إِليهما وَكَأنه / يَأوي لِرُكن في الزَمان شَديد
لَكُم الهَنا آل النبي بِفَرحة / هِيَ مَأتم في بَيت كُل حَسود
دَرت المُلوك بِأَنكُم ساداتها / وَلأجل ذا خَضعوا خُضوع عَبيد
كَم مِنهُم صلد الفُؤاد غَدا لَكُم / مثل الحَديد بِراحَتي داود
فَعَلى مَ أَركن للأَنام بِبَلدة / فيها الجَواد أَبو الكِرام الصيد
وَهوَ الفرات فَإن رَكنت لِغَيره / فَكَأنَّني متيمم بَصيد
لَو أَن للأَيام راحة حاتم / بخلت فَلا تَأتي لَهُ بِنَديد
وَعددتها إذ لَيسَ يُوجد مِثله / وَالجُود قَد قالوا مِن المَوجود
ملك يَرد عَلى الخطوب سِهامها / وَيَفوه فيما لَيسَ بِالمَردود
فَالرزق قَدَّر أَن يَفه في وَعده / وَالمَوت عجِّل أَن يَفه بِوَعيد
أَقصى مِن أم الرَأس عَن عَين الفَتى / وَبقرب حاجبها إِذا ما نُودي
بِيديه مِن إِرث الإِمامة دُرة / كَالسَيف لَكن صوغها مِن عُود
صبت عَلى هام العَدوّ كَأَنَّها / سُوط العَذاب يُصب فَوق ثَمود
وَإِذا اِدّعى شَرَفاً تَكُن هِيَ شاهِداً / وَالعَجز يحوج أَهله لِشهود
بلغ النَقيب لِغاية لَم أَدرها / إِذ لا يُطاق لي السَماء صُعودي
مَولى لَهُ إِرث السِياسة يَنتَهي / مِن خَير آباء لَهُ وَجدُود
تَاللَه لا تَصل الحَوادث لامرئ / أَضحى يَقيل بِظله المَمدود
وَازَنْتُ مِدْحته وَجلُّ قَصائدي / فَوَجدت قَولي فيهِ بَيت قَصيدي
وَأَرى المَجيد بشعره إن يَمتَدح / غَير الجَواد بِهِ فَغير مَجيد
وَمحمد الحسن الفعال تخاله / إِن وَّجه العَزمات شبل أُسود
وَعدت تناط عَلَيهِ أَبنية العُلا / وَالبَيت لَم يَرفَع بِغَير عَمود
بَحر وَلَكن المَوارد عَذبة / وَسَحابة لَكن بِغَير رُعود
عَجَباً أَبا الهادي وَلم أك الكَنا / بِالنَظم لَكن ما وَفاك نَشيدي
لَكَ هَيبة في الصَدر يا اِبن محمد / تَكسو لبيد الشعر ثَوب بَليد
لَو كانَ فكري كَالحسام فعاذر / لَو عادَ مِن خَجل كَليل حُدود
دُمتُم لَنا مثل الكَواكب في السَما / لَم يَفنها قِدم وَكرُّ جَديد
هَتف النَعي فأرجف الأَطوادا
هَتف النَعي فأرجف الأَطوادا / وَأَحال واضحة النَهار سَوادا
نادى فَهدَّ مِن المَكارم رُكنَها / وَأَماطَ ضافي سترَها مُذ نادى
خفت لصرخته الحُلوم وَربما / كانَت بِكُل مُلمة أَطوادا
وَرنته خاسِئة العُيون كَأَنَّه / مُذ جاءَ جاءَ لِيَمحوَ الإيجادا
أَبدى النَعي لِكُل عَين فَقدَها / بَدر الدُجى وَالكَوكب الوقادا
هَل مَن يَقول لِذا النَعي ألاَ اِتئد / فَلَقَد أَذابَ بِنعيه الأَكبادا
أَسَفاً لَقد أَودى الأَمين وَقاده / شطن المَنايا جَهرة فَاِنقادا
مَيت بِهِ الأَيّام عدن مآتما / وَلربما كانَت بِهِ أَعيادا
ماذا عَلى دَهر أَراش سِهامه / نَحوَ الأَمين لَو اِستَحاه فَحادا
وَيَلاه قَد بَلغ الزَمان لِغاية / فَلَقَد طَغى وَاستأصل الأَمجادا
لا تَعجلوا يا حامليه فَإِنَّما / كانَ الأَمين إِذا مَشى يَتَهادى
أَجيادكم حملت سَرير مهذب / بِنداه طوَّق لِلوَرى أَجيادا
أَتولولون بِنَصب أَعواد لَهُ / وَهُوَ المهاب إِذا رقى الأَعوادا
وَمغسليه ردوا الحتوف لفقد من / يقري الضُيوف وَينعش الوفادا
بَيديكُم البَحر العباب فَطالَما / أَعطى الرغاب وَأنهل الورادا
أتقلبون عَلى السَرير مقلبا / بِيَمينه الأَيام كَيفَ أَرادا
وَمكفنيه لَقَد نَشَرتُم بَرد مَن / سحب الهُدى بِوجوده أَبرَدا
أَتقيدون أَخا الحفاظ وَطالَما / فَكَ الأَسير وَحلل الأَقيادا
وَمقدمين إِلى الصَلاة مهذبا / قَد أَثكل العلماء وَالعُبّادا
صلوا فَقَبلكم مَلائكة السَما / صلت عَلَيها جَماعة وَفرادى
وَممهدين لَهُ اللحود أَلا أَرفَقوا / في مؤمن لَم يَعرف الإِلحادا
أتمهدون لَهُ التراب وَقبل ذا / لِعلاه قَد كانَ الحَرير مِهادا
رفقاً بِعارض مَن تَرون فَإِنَّهُ / لَم يَتَخذ غَير الدمسق وَسادا
ميت يفرق بَين جفني مُقلتي / وَالنَوم حَتّى لا أَطيق رقادا
وأَهُبُّ إِن أَطبقتها فَكَأنَّما / هدب النَواظر قَد أَعيد قِتادا
أَبني الكِرام حسدتم لعلاكم / وَأَعيذكم أَن تشتموا الحسّادا
قَد كُنت أَعهد في الخُطوب قُلوبكم / زبر الحَديد تصبراً وَجلادا
لِلّه أُمٌّ أَنجبتكم إنَّها / وَحباتكم قَد أَنجبت مِيلادا
هِيَ لَبوة عظمت مَهابتها وَفي / غاب الرِياسة خلفت آسادا
تَاللَه لَم نرَ مثلَها أَما وَلَم / نَرَ يا أَطايب مِثلَكُم أَولادا
ما أَشرَقَت شَمس عَلى ذي نَجدة / إلا رَأَته لِبأسِكُم مُنقادا
عَقلت رزيتكم لِسان فَصاحَتي / فَأَقل حينَ رثاكُم الإِنشادا
إِن قيل منشئكم أَجادَ فَإِنَّني / لَم أَرثكُم حَتّى يقال أَجادا
لَكن قَلبي أَوقَدت نِيرانه / فَجرى اللِسان ليطفي الإِيقادا
لَو كلف المنطيق عدّ صِفاتكم / أَعيا فَلم يَسطع لَها تِعدادا
سَقَت السَحائب بقعة بَل غابة / ضَمت لآساد الشَرى أَجسادا
جدث تَشرف بالأَمين تُرابه / فَسَقاه وَسمي الرَبيع عهادا
سَرج العُلى بِمحلكم لا تخمد
سَرج العُلى بِمحلكم لا تخمد / إن يطف مصباح فآخر يُوقد
متناوبين عَلى الإِمارة بَينَكُم / تَرمي يَد فيها وَتلقفها يَد
تَجري عَلى الميراث يتحف أَقرب / بِلباس حَبوتها وَيحذف أَبعَد
لَم يَخل صَدر الدست مِنكُم سَيد / إلا بمسنده تصدّر سَيد
ما زالَ مِنكُم صارم بِيد العُلى / سيف يُسلُّ لَكُم وَسَيف يُغمد
إِن غابَ عَن أَوج الإِمارة كَوكَب / فَقَد استنار الكَوكَب المتوقد
أَو تفسخ الأَقدار بَيعة واحد / جاءَت عَلى عجل لآخر تعقد
يا دَهر جئت بِفَرحة وَبقرحة / خبر نسر بِهِ وَآخر يكمد
بِطُلوع هذا الشَمس يَومك أَبيض / وَغروب ذاكَ البَدر لَيلك أَسود
بَينَ المَضرّة وَالمَسرّة حرت في / حالين أَندب تارة وَأغرّد
فلذكر من عل كاس صاب أَحتسي / وَلذكر خزعل لي تلذ الصرخد
فَكأنني ذو ناظرين منعم / هذا بِطيب كَرى وَذاكَ مسهد
يا خَزعل المحبوّ رُتبة جابر / وَبحقك المَوروث سَيفك يَشهَد
بُوركت بِالملك القَديم فَقد زَهى / تَخت العُلى بِكَ وَاستهل المسند
وَسَرير ملكك وَهُوَ غَير مزلزل / بِكَ يَستَقر وَفي سُعودك يَركد
اللَه وَرّثك الإِمارة فلتقم / في عبئها وَلَكَ الآله مؤيد
علم المظفر أن جبّار السَما / يَختار للإِسلام ما هُوَ أَعود
وَرآك أَهلا أَن تَقوم بحده / وَبِسَيفه المَشهور أَنتَ مقلّد
فَحَباك شاهنشاهُ بِالملك الَّذي / هُوَ مِن أَبيك وَمِن أَخيك ممهد
فَاليَوم ثَغر الشَرق مِنكَ دروعه / مَحبوكة عَنها يَزل المبرد
يَأبى الحفاظ بِأَن يرام طَريقه / وَعَلى الطَريق الأَرقم المترصد
مَن ذا يَمدُّ لملك إِيران يَدا / وَبحدها أسد العَرين الملبد
يَفري بِهِ الشاه الرِقاب كَأَنَّهُ / سَيف حَديد الشفرتين مهند
ذو فطنة بِالغَيب يَحرز وَهوَ بال / يوم الَّذي هُوَ فيهِ ما يُعطى غَد
إِن عَينه رَقدت بِلَيل فَهوَ في / سهر الحفاظ وَقلبه لا يرقد
مَن حاول العَلياء فليك مثله / إِنّي وَخَزعل مثله لا يُوجد
إن يَسطو فَهُوَ هَزبر غاب مشبل / أَو يعط فَهوَ خضم جود مزبد
لا قُلت غَيث فَالغيوث عَطاؤها / قطر النَدى وَنَدى يَديهِ العسجد
لا بَرق فيهِ سِوى لَوامع بشره / وَالسحب تبرق بالقطار وَتَرعد
مَأوى الوفود كَبيت مَكة بَيته / مِن كُل ناحية يزار وَيقصد
وَكحوض زَمزَم مترعات جفانه / زَمر تَقوم لَها وَأُخرى تَقعد
وَبحيه تلقي الوُفود عَصيها / فَتنال أَقصى ما تَروم وَتسعد
ولاهله يَنسى الغَريب لِأَنَّهُ / طابَ المَقام لَهُ وَلذ المَورد
لي يا أَمير عَليك حَق مَودة / هِيَ كَالأخاء وَإِن تَنائى المَولد
فَأبوك مَحمود المَآثر جابر ال / مَولى وَوالديَ النبي محمد
الحب للرجل البَعيد مقرب / وَالبغض للرحم القَريب مبعد
عَلياك مثل الشَمس يَنفَع مبصر / بشعاع طلعتها وَيحرم أَرمد
فاسمع سمعت الخَير أَطيب مدحة / مِنها يَفوح شذاك إِذ هِيَ تنشد
إِني لَأَشكر آل مَسعود فهم / أَهل الوَفاء وَفَضلهم لا يُجحد
عقدوا المآتم وَالتهاني في حمى / مِن دُون حصباه السها وَالفَرقد
وَبها تصدر صادق القَول الَّذي / هُوَ للعلوم الدارسات مشيّد
علمت عُلوم بَني النَبي بِأَنَّهُ / عَلامةٌ علمٌ إمام أَوحد
ذوا الهمة العَلياء يُمسي فكره ال / وقّاد يعرق في العُلوم وَينجد
وَالزاهد الوَرع الَّذي لَو قيس بال / قرني قال الناس صادق أَزهد
وَاللابس العَلياء ضافية الرَدا / وَعَن الدَنية قَلبه متجرد
وَمحمد الندب العلي بمجده ال / عادي يسعد بِالفخار وَيَصعد
أَبدى لِسُكان الحِمى لَكَ همة / هِيَ فيكَ مِن قبل الإِمارة تعهد
فَإِلى مَساعيهِ الأَكُف مُشيرة / وَعَلى مَكارمه الحناصر تعقد
مَن كانَ مَسعوداً أَباه فإنه / لا شَك مثل أَبيه عِندَك يَسعَد
هُم مَعشَر شَهدت مَحاريب التُقى / لَهُم بِأَنهم الرُكوع السجد
حَنفاء لِلباري فَما مِنهُم فَتى / إِلّا بِطاعَتهِ يَجد وَيَجهد
ما دُمت تَلحظهم بِعَين عِناية / فَهُم الأَولى ما فَوق أَيديهم يَد
وَلحمزة الحلي مِنكَ مَودة ال / عَهد القَديم وَلَم تَزَل تَتَجدد
ما كانَ للآباء مِن تَقديمه / قَد كانَ منكَ كَما يُراد وَأزيد
وَلَهُ بِهَذا الملك خَير سِياسة / وَبوفق همتكم يحل وَيعقد
القت وَزارتكم إِلَيهِ زِمامَها / وَلَهُ بِفضلكم العلى وَالسؤدد
تَجري بِلطفكم الأُمور بِرَأيه / مَن شاءَ يُطلق أَو يَشاء يقيد
وَمَغارس الفَيحاء تَجمَع بَينَنا / فَزَكى الأَروم وَطابَ ذاكَ المحتد
فَكَأَنَّما أَنا إِن أَعدَت مَديحه / لِمَديح نَفسي أَستعيد وَأَنشد
بَشرت نَفسي بِالنَجاح لِقُربه / مِن خزعل وَخشيت إِني أَحسد
المنشئ العربي در بَيانه / مثل العُقود عَلى الطُروس منضد
تَجلي العُيون بِلَمحة مِن خَطه / فَكَأَنَّما هُوَ لِلنَواظر أَثمَد
خذ يا أَمير مِن النضار قلائِداً / أَحكمتَها سبكاً لِأَنك نيقد
لازلت مَنصور اللِواء مؤيداً / وَلَكَ المهيمن في مهمك مسعد
وَسَقى سَحاب العَفو أَطيب رَوضة / فيها أَخ لَكَ بِالجِنان مخلد
مِيلاد سُلطان البَرية عيد
مِيلاد سُلطان البَرية عيد / وَبِهِ سُعود لِلهُدى وَصُعود
بُوركت يا دين النبي بِليلة / فيها خَليفة عَصرنا مَولود
الحارس الإِسلام في عَين لَهُ / يَقظى وَكُل المُسلمين رقود
ملك الزَمان وَمالك لِزمامه / يَجري بِطُوع يَديهِ كَيف يُريد
بِيديهِ مِن إرث الخِلافة صارم / خَضعت لِهَيبته المُلوك الصيد
فَليأمن الإِسلام كَيد عَدوه / إِن الكَفيل بِحفظه مَوجود
سُلطاننا الغازي الَّذي في عَدلهِ / رتعا مَعاً شاة الفَلا وَالسيد
هَيهات أن تَلد اللَيالي مِثله / فَكأنَّها بِالعُقم وَهِيَ ولود
لَمعت عَلى كُل الرِقاب هباته / فَكأنهن قَلائد وَعُقود
يَرعى رَعيته بِأَحسن رَأفة / وَالبَطش مِنهُ عَلى العداة شَديد
هذا رَئيس المسلمين وَسَيفه / نَصر المهيمن وَالسُيوف حَديد
تَهتزُّ أَرض اللَه مِنهُ مَهابة / وَتَسيخ مِه الراسيات الميد
وَلَهُ الفُتوح الباهِرات فَما غَزا / إِلا وَكانَ قَرينه التَأييد
مَن كانَ جبّار السَماء ظَهيره / لَم يَبقَ باب دُونه مَسدود
قلع الحُصون الشامِخات بِصولة / نَبوية مِنها العداة تَحيد
وَإِذا مَدافعه رَعدن حَسبتها / مزنا لَهُن بَوارق وَرعود
ما أَمطَرت إِلا الوبال عَلى العِدى / فَهُم جَميعا في الصَعيد هُمود
سوط العَذاب انصَب فَوق رؤوسهم / فَهووا كَما هَوَت العصاة ثَمود
أَثعالب الكفار وَيحكم احذروا / مِنا فَإن المُسلمين أُسود
راياتنا وَوجوهنا بدرّية / وُجوهُكُم قَبل القِيامة سُود
قَتلاكُم لجهنم مَأواهم / وَقتيلنا عِندَ الآله شَهيد
هَذا أَبو الإِسلام سُلطان الوَرى / بِالنَصر رف لواؤه المعقود
فَلتعطه أَيدي الأَعادي بَيعة / فيها المَدافع وَالسُيوف شُهود
أمحاربي الإِسلام شهن وُجوهُكُم / إِن الَّذي أملتموه بَعيد
تِلكَ السُيوف بِحالها مَشهورة / فَدَعوا قَبيح فَعالكم أَو عُودوا
خُذ يا نَسيم مِن العِراق رسالة / تَسري بِها عَجلا فأنت بَريد
أَبلغ إمام المسلمين تشكراً / مِنا كَثيراً ما عَلَيهِ مَزيد
لا زالَت الزوراء مِنهُ بِنعمة / عُظمى وَفيها ظله مَمدود
بلد عَطاء اللَه يَنظر أَهله / لا شَك إِن العَيش فيهِ رَغيد
وإلي العِراق وِمِن مَطالع سَعده / طلعت عَلى دار السَلام سُعود
هُوَ سَيد وَكَواكبيّ نسبة / وَعُلومه للعالمين تفيد
أَمنت بِهِ طرق العراق كَأَنَّها / مِنهُ بِدرع صاغَها داود
وَكفت عَلى كُل الجِهات أَكفه / فَجَرى السَماح خِلالَها وَالجُود
لا سِيما النَجف الشَريف فَأَهله / لِعُلاه تبدي بِالدعا وَتعيد
بِوُجوده صَحن ابن عم محمد / سَيَعود حسنا فيهِ وَهوَ جَديد
يا مَن لَهُ التَوحيد أَيد دَولة / فيها اِستَقام العَدل وَالتَوحيد
وَاحفظ رَئيس المُسلمين فَإِنَّما ال / إسَلام بَيت قامَ وَهُوَ عَمود
ثُمَ الصَلاة عَلى النَبي وَآله / وَالصَحب لَيسَ لعدها تَحديد
لَكُم القَبائل خيفة تَنقاد
لَكُم القَبائل خيفة تَنقاد / وَلَكُم تَعاف عَرينها الآساد
أَعطاكُم رَب البَرية بَسطة / في المُلك مِنها تَرجف الأَطواد
نَصر سَماويّ يَرفّ لِواؤه / وَمِن المَلائك تَحتَهُ أَجناد
وَيل لِأَرباب الفَساد أَما دَروا / أن الأَمير عدوّه الإفساد
هَيهات يَقطَع بِالحَجيج طَريقه / وَعَلى الطَريق الأَرقَم الرَصاد
اللَهُ قَيضه لِيحرس بَيته / وَتَحج آمنة لَه الوَفّاد
أَين المَفر مِن الأَمير وَعِندَه / إبل مَسخرة لَهُ وَجِياد
وَالجُند شمَّر وَالرِماح شَوارع / وَالأَرض نَجد وَالسُيوف حِداد
ضاقَ الفَضاء عَلى العَدو فَلم تَكُن / تُنجيه مِن سَيف الأَمير بِلاد
لَو يَصعَدون إِلى السَماء بِسلم / نَزَلوا لِحُكم محمد وَاِنقادوا
أَو يَذهَبون وَراء سَبعة أَبحُر / رُدوا إِلى حُكم الأَمير وَعادوا
فَلتُعطِهِ العرب العصاة زِمامها / ما لِلمَفر مِن الأَمير مفاد
شَيآن سَيف محمد وَالمَوت لا / هَرب يَفوتهما وَلا إبعاد
هذا هُو المَلك الكَريم وَخلقه ال / خلق العَظيم وَفكره النقّاد
سُلطاننا عَبد الحَميد أَحبَّه / وَعَلَيهِ مِن نَعمائه أَبراد
وَأَراده للمعضلات أَمامه / إِن الأَمير لمثلهن يراد
لَولاه ما حَج الحَجيج وَلا سرت / خوص الرِكاب وَلا قطعن وهاد
إِن الأَمير لبحر جُود لَم يَغض / مَهما عَلَيهِ تزاحم الوراد
كَفّاه وَالبَحر المُحيط ثَلاثة / هَيهات ما لعطائهن نفاد
لَو أَمحَلَت كُل البِلاد فَأَرضه / تَأوي لَها الورّاد وَالروّاد
وَكَأَنَّها مِن سَيبه مَمطورة / وَبِها الرَبيع الجُود وَالأَوراد
يا حَبَّذا نَجد وَمن سَكَنوا بِها / فَهُم لِقَلبي مَنية وَمراد
لا سِيما عَبد العَزيز فَإِنَّهُ / أَملي وَفيهِ مَوَدَتي تَزداد
وَرث المَكارم وَالمَكارم بَعض ما / تَرَكَت لَهُ الآباء وَالأَجداد
قمر إِذا حسر اللثام تَقيدت / فيهِ العُيون وَطارَت الأَكباد
فَهُوَ الجَواد نَدىً وَيَحمل شَخصه / مِن نَسل شدقم وَالجَديل جَواد
شَهد الموالف وَالمخالف باسمه / حَتّى لَقَد شَهدت بِهِ الحُساد
أَحيا مَآثر متعب بفعاله / وَالمَيت تُحيي ذكرَه الأَولاد
لازالَ ملك بَني رَشيد مخلداً / حَتّى يَقوم الحَشر وَالمِيعاد
اللَّهُ أَكبر ما جَرى
اللَّهُ أَكبر ما جَرى / أَم أَي خطب قَد عَرى
اللَه أَي ملمة / طرقت فأذعرت الوَرى
وَمِن الذعور كَأَنَّهُم / أخذتهم سنة الكَرى
هَل أَنَّهُ في السُور أَسرا / فيل أَعلن مجهرا
أَم هَل أَحاطَ بِها العَذا / ب وَكُل قَوم أذعرا
ما ذاكَ إِلا أَن بَد / رَبني النَبي تَكورا
وَالدَهر أَفقَد أَهله / كَهف الحِماية جَعفَرا
بِاللَه أَقسم أَن رب / ع المَجد أَصبَح مقفرا
وَالدينُ حُلَّت مِنهُ سا / عة بَينه وَثقى العَرى
أبت العلى إِلا ضَجي / عة جسمه أن تقبرا
وَالمكرمات تَوسدت / بِأزائه تَحتَ الثَرى
يا ناعياً في مَوت كَه / ف العز أَعلن مخبرا
هَيجت لي حُزناً عَلى / أَمثاله لَن يصبرا
لَم تَدر ما فاهَت بِهِ / شَفَتاك في فيك الثَرى
تاللَه قَد أَشجيت أَح / مد وَالبتول وَحيدرا
وَقَد اقشعرَّ لعظم ما / قُلت الصَفا وَتَفطَرا
يا طالب المَعروف لا / تَطوي المخيف المقفرا
وَأرخ قلوصك أَنَّهُ / قَد غابَ منتجع الوَرى
حمد القعود وَذم بَع / د وَفاته هول السرى
يا لَيت شِعري وَالَّذي / فَقَد الحِمى لَن يَشعرا
هَل يَهتدي بَعد المضل / ل إِذا مَشى متنورّا
كلا فَقَد كانَ الدُجى / بِمنار جعفر مبصرا
مِن للعفات إِذا اِشتكَت / ألم المَجاعة وَالعرى
وَلِمَن يؤم الرَكب بَع / د وَفاته يَبغي القرى
وَلرب قائِلة أَرى / يا صاح لَونك أَصفَرا
وَأَراك تَجبهني بِوجه / ك غَير ما كنا نَرى
وَأَراك صار تعاند / ما بَين عَينك وَالكَرى
ما بال جسمك أَيُّها ال / جلد الصَبور قَد اِنبَرى
فَأَجبتها وَالقَلب في / نار الهموم تسعرا
كفيّ فَقَد ذَهب الَّذي / عاشت بِنائله الوَرى
كُنا وَكان وَنَحن مِن / هُ بِطيب عَيش أَعصرا
فَلَهُ بِأَن يَهب النَدى / وَلَنا بِأَن نتبطر
يَهب الكَثير وَلَم يَكُن / لِجَزيله مُستكثِرا
كانَ الزَمان بِكَفه / خَصب المَرابع أَخضَرا
وَبِوجهِهِ كان الدُجى / كُالصُبح أَبلَج نَيرا
حَتّى مَضى فَغَدا الصَبا / ح بَكل عَين أَكدَرا
بِأَبي الَّذي ببكاه شا / ركَني العَذول وَأعذرا
وَيَقول مِن عَجب أتخ / لص دَمع عَينك أَحمَرا
هَلا مَزَجت دَم الفؤا / د بِدَمع عَينك إِذ جَرى
عَجَباً لِذاكَ الطود كَي / فَ عَلى العَواتق قَد سَرى
وَالبَدر تمّ كَأَن فيهِ ال / ليل صُبحاً مُسفِرا
كَيفَ اِنزَوى وَالعود مِن / هُ عَلى الأَنام تَعذرا
يا ثاوياً في مهبط ال / أملاك جاور حَيدَرا
إِن تُمسي مَغبوطاً نَزل / ت جِنانها وَالأَقصرا
فَالقَلب مني قَد غَدا / بِلظى الجَوى مُتسعرا
آها أبا الهادي فرز / ؤك ما أجل وَأَكبَرا
مِنهُ الجِبال تَكدكدت / وَالخافِقات تَضجرا
فَاصبر عَلى الجِلى فَأَن / ت أَحَق في أَن تصبرا
لا تَبكينَّ محجَّباً / نَزل الجناب المُزهرا
وَسَعى إِلى المختار كَي / يَرد السَبيل الكَوثَرا
كَذب الَّذي قال المَكا / رم أُقبرت مُذ أقبَرا
إِن المَكارم مِنهُ قَد / رَجعت إِلَيك القَهقَرى
فَسَقى الآله ثَرىً بِهِ / باتَ الصَلاح مدثرا
وَغدا المَطاف لَدى مَلا / ئِكَة السَما وَالمشعرا
للهمّ نيران بِأَحشائي فَقَد
للهمّ نيران بِأَحشائي فَقَد / تَخبو وَقَد تَزداد بِالإسعار
فَإِذا اِرتشفت مِن السَبيل دُخانه / دلَّ الدُخان عَلى وُجود النار