المجموع : 22
بروق الأماني دون لقياك خُلّبُ
بروق الأماني دون لقياك خُلّبُ / ومشرق أفق لم تلح فيه مغربُ
عدمت مرادي فيك لا الماء نافع / ولا الظل ممدود ولا الروض مخصب
ولا أنا في تلك الحديقة زهرة / ولا أنا في تلك المجرة كوكب
سقى اللَه عهدا كنت صيب عهده / بمثل الذي قد كنت تسقي وتشرب
زمان بماء المكرمات مفضض / لديك ومن نار الكؤوس مذهب
لئن فلت الأيام منك فانما / يفل من الاسياف ما كان يضرب
بعثت بها يا واحد الدهر قطعة / هي الماء الا أنها تتلهب
وجئت بها في الحسن ورقاء ايكة / ولكنها في الدهر عنقاء مغرب
بكت عند توديعي فما علم الركب
بكت عند توديعي فما علم الركب / أذاك سقيط الطل أم لؤلؤ رطب
وتابعها سرب واني لمخطيء / نجوم الدياجي لا يقال لها سرب
لئن وقفت شمس النهار ليوشع / لقد وقفت شمس الهوى لي والشهب
عقيلة بيت المجد لم ترها الدُجى / ولا لمحتها الشمس وهي لها ترب
ظُبى الهند مما ذبّ عنها وانما / تلطف لي فيها بخدعته الحب
سرت وبروج النيرات حبابها / وقدّامها من كل خاطفة قُبّ
وما دخلت الا المجرة وادياً / فليس لها الا باعطائها شرب
من البيض كافورية غير لمةٍ / أبيحت سواد المسك فهو لها نهب
وبحرٍ سوى بحر الهوى قد ركبته / لامر كلا البحرين مركبه صعب
له لجج خضر كما اخضرت الربى / الى أُخَرٍ بيضٍ كما ابيضت الكثب
غريب على جنبي غرابٌ نهوضهُ / بقادمتي ورقاء مطلبها شعب
هوى بين عصف الريح والموج مثلما / هوى بين اضلاع المعنى به قلب
كأني قذى في مقلة وهو ناظر / بها والمجاذيف التي حولها هدب
ولما رأت عيني جناب ميورق / أمنت وحسب المرء بغيته حسب
نزلت بكافورٍ وتبر وجوهر / يقال لها الحصباء والرمل والترب
وقلت المكان الرحب أين فقيل لي / ذَرى ناصر العلياء أجمعه رحب
براحته بحر محيط مسخر / يفاد الغنى فيه ولا يذعر الركب
حوى قصبات السبق عفوا ولو سَعى / لها البرق خطفا جاء من دونها يكبو
ويرتاح عند الحمد حتى كأنه / وحاشاه نشوان يلذ له الشرب
لو استمطر الناس الغمام بذكره / لقام على الصلد الصفا لهم الخصب
يجود ولا يكدى وينوى فلا يني / ويقضي فلا يفضي ويمضي فلا ينبو
سألت أخاه البحر عنه فقال لي / شقيقيَ الا أنه البار العذب
لنا ديمتا ماء ومال فديمتي / تماسك أحيانا وديمته سكب
اذا نشأت بريةٌ فله الندى / وان نشأت بحرية فلي السحب
أحاجيكم ما وحد يجمع الورى / ولا مريةٌ في أنه ذلك الندب
أقلو عليه من سماع صفاته / فاني لاخشى ان يداخله عجب
غفرت ذنوب الدهر لما لقيته / ودهر به القاه ليس له ذنب
مضيت حساماً لا يفل له غرب
مضيت حساماً لا يفل له غرب / وابت غماما لا يحد له سكب
وأصبحت من حاليك تقسم في الورى / هباتٍ وهباتٍ هي الأمن والرعب
وقد كان قطر الجوف كالجوف يشتكي / سقاماً فلما زرته زاره الطب
رغا فوقهم سقبُ العُقاب فأصبحوا / نشاوى من البلوى كأنهم شرب
ويالجيادٍ تحتهم مستقرة / من الدهم لا جُردٌ حكتها ولاقُبُّ
اذا أمسكوا منها الأعنة خلتهم / يكبون خوفاً انها بهم تكبو
لما عصوك بينهم / وماؤهمُ حلٌّ وأموالهم نهب
ملأت جذوع النخل منهم فأصبحت / بهم كرحال شد من فوقها قُتبُ
فلا مقلة الا وأنت لها سنى / ولا كبد الا وأنت لها خُلب
ولِله يوم الأوب منك كأنه / وحيد من الأيام ليس له صحب
ولما رأوك استقبلوك بأوجه / عليها سمات من ودادي لا تَخبُو
ومالوا الى التسليم فوق جيادهم / كما مالت الأغصان من تحتها كُتب
فقفّوك ما قفّوا وهم للعلا رحى / وداروا كما دارت وأنت لهم قطب
كتايب نصرٍ لو رميت ببعضها / بلاد الأعادي لم يكن دونها درب
وما هي الا دولة مسلمية / بها انتظم المأمول والتأم الشعب
كرمت فلا بحر حكاك ولاحياً / وفتّ فلا عُجمٌ شأتك ولا عُرب
وأوليتني منك الجميل فَواله / عسى الشح من نعماك يتبعه السكب
نعمتُ به والليل مدة ناظر
نعمتُ به والليل مدة ناظر / فصار من السراء غمزةَ حاجب
كأني شربت الليل في كأس ذكره / فلم أبقِ فيه فضلة للكواكب
أحدث عن يوم الوغى ملء منطقي
أحدث عن يوم الوغى ملء منطقي / وأسال عن يوم النوال فاسكت
فؤادي معني بالحسان معنت
فؤادي معني بالحسان معنت / وكل موقي في التصابي موقت
ولي نَفسٌ يخفى ويخفت رقةً / ولكن جسمي منه أخفى وأخفت
وبي ميت الاعضاء حي دلاله / غرامي به حي وصبري ميت
جعلت فؤادي جفن صارم جفنه / فيا حر ما يصلى به حين يُصلت
أذلُ له في هجره وهو ينتمي / وأسكن بالشكوى له وهو يسكت
وما انبت حبل منه اذ كان في يدي / لريحان ريعان الشبيبة منبت
ترى الطلّ في أخلائها مثل لؤلؤ
ترى الطلّ في أخلائها مثل لؤلؤ / ولكن تبقى نظمه في القلائد
وتحسب في أطراف طرفائها الندى / بقية كحل في رؤوس المراود
كأنّ رياض الحزن بُسطٌ تدّبجت / بأنواع ألوانٍ حسانٍ فرائد
تخللت حتى غابة الأسد الورد
تخللت حتى غابة الأسد الورد / وأنزلت حتى ساكن الابلق الفرد
وجردت دون الدين سيفك فانثنى / من النصر في حلي من الدم في غمد
بصير بأطراف المؤثّلة الشبا / سميع بآذان المسومة الجرد
لقد ضمّ أمر الملك حتى كأنه / نطاق بخصر أو سوارٌ على زند
وحسّ طعم العيش حتى أعاده / ألذّ من الاغفاء في عقب السهد
وحسب الليالي أنها في زمانه / بمنزلة الخيلان في صفحة الخد
وجاءت به الأيام تاجر سؤدد / يبيع نفيسات المواهب بالحمد
يغيثك في مَحلٍ يعينك في ردى / يروعك في درع يروقك في برد
جمالٌ واجمال وسبق وصولة / كشمس الضحى كالمزن كالبرق كالرعد
بهمته شاد العُلا ثم زادها / بناءً بأبناء جحاجحةٍ لُدّ
بأربعة مثل الطباع تركبوا / لتعديل جسم المجد والكرمِ العِدّ
هو الشعر من درٍّ رطيبٍ نحته / وقد تنحت الاشعار من حجر صلد
ولا عجبٌ ان جئت فيه ببدعة / فما هي الا النار تقدح في زند
أيا معلناً لفظي ويا معلياً يدي / ويا حاملاً كَلي ويا حافظاً عهدي
خلعت عذارى في عذارٍ على خد
خلعت عذارى في عذارٍ على خد / حكى خضرة الريحان في حمرة الوردِ
صقيل كمثل السيف أخضر مثله / يبيت ولكن من فؤاديَ في غمد
ومما شجاني شكل شاربه الذي / تمثل قوساً مثل ميسمه البرد
كفاني أنا بالزبرجد أشتكي / فقد صار لي قفلا على الدّر والشهد
يقر بعيني أن أزور كناسه / ولو كان محفوفاً بضارية الأسد
ويقنعني شعري لدى ناظر العلى / وان كان لي في كل وادٍ بنو سعد
هو الدهر في تصريفه لصروفه / فمن جهة يحيى ومن جهة يُردي
خصيب نواحي الفضل يضحك كله / عن المكرمات السبط والحسب الجعد
فقل في أياديه رياضته الذرى / وقل في معاليه مصافحة المجد
اليه والا قيدوا قدم السرى / وفيه والا اخرسوا منطق الحمد
يطالع عن صبح وينهل عن حياً / ويخطف عن برق ويعصف عن رعد
وعنه أفيضوا أنه مُشعر العُلى / وحوليه طوفوا انه كعبة القصد
وألقوا حديث البحر عند حديثه / فكم يَبني في جُزر وكم يَبني في مدّ
تؤثر في الأفلاك من بعد غوره / كتأثير نور الشمس في الأعين الرمد
تخصصت أحياناً بلخم ويعرب / وظاهرت أحياناً بغسان والأزد
ولما حللت الناصرية أقبلت / اليك وفود الشعر وفداً على وفد
وثقت به ضيفاً على رغم حاسدي / كأني وقف ضاق منه على زند كذا
سكنت له حتى أرقت وانما / كمنت كمون النار في حجر الزند
تقيسني الأعداء في مهجاتها / كمَن قاس في أوداجه ظبة الهند
وتحسب في عودي ليانا وانه / لفي السر من نبع وفي الجَهر من رند
غمدت مع الفتح الكواسر طايرا / وها أنا مشاء مع النُعم الرقد
ويا عجباً من جهل كل فراشةٍ / تعارض مصباحي لتحرقها وقدي
وأيقظ من صلٍّ خلقت وها أنا / يسامرني من ظَلَّ أنوم من فهد
شكرتك عن ود وليس مركباً / من الشكر الا من بسيط من الود
وفيك جرعت الذل والعز عاد لي / فلي سيمة المولى ولي سيمة العبد
أما علم المعتد باللَه أنني
أما علم المعتد باللَه أنني / بحضرته في جنة شقها نهر
وما هو نهر أعشب النبت حوله / ولكنه سيف حمائله خضر
تذكرت عهداً للصبا لو سقيته
تذكرت عهداً للصبا لو سقيته / حيا المزن ما أروته تلك المواطر
زمانٌ لياليه تكنفها الصبا / ستاراً وهنَّ الواضحات الزواهر
ولي في التصابي والركون الى الهوى / عواذل الا أنهن عواذر
فيأبى هوى ملء العنان لهزةٍ / من العيش غض قاطر الماء ناضر
فأقبلن يلهين الفؤاد على الهوى / وهن بما مرضن مني اوامر
أذكّر مَن لم ينس عهداً ولا ينسى
أذكّر مَن لم ينس عهداً ولا ينسى / وأبسطُ في أكناف ساحته النفسا
وأُنشئُها خلقاً جديداً وأغتدى / بظل علاه أغتدى معه الأنسا
وألبس ريعان الشبان وطالما / لبست الخطوب السود ماذية ورسا
واني وايه لمزنٌ وروضةٌ / يباكرني سقياً وأزكة له غرسا
صفا بيننا من خالص الود جوهر / غلبنا به في نور جوهرها الشمسا
وما أنا الا من علاه مكون / غدوت له نوعاً وأصبح لي جنسا
مكارمه مرعى الى جنب معقل / أرود اذا أضحى وآوى اذا أمسى
وأورد خمسا كل يوم بمائِهِ / وكم لي دهر قد مضى لم ارد خمسا
أبا القاسم اشرب قهوة العز واتتقل / ثنائي ومن فضل الكؤوس اسقني كأسا
وخذ بيدي من عثرة قصّرت يدي / وكنت أخا بأس فلم تبق لي بأسا
رميت لها فضفاضتي ومهندي / وخطيتي والنبل والقوس والترسا
ثغور المعالي قابلتك ضواحكاً / فصل لثمها وامصص مراشفها اللعسا
وأجيادها مالت عليك نواعماً / كما مالت الاغصان فانعم بها لمسا
ولا ذكر في الأفواه حاشاك انما / صفاتك آياتٌ ولعنا بها درسا
اليك بها حّراً تلقب أحرفاً / وقطعة ديباج يسمونها طرسا
وفضلك في الاغضاء عما بعثته / فليس يجيد الشعرَ من عُدمَ الحسا
أبنت الهدى جددت صنعا علا صنعا
أبنت الهدى جددت صنعا علا صنعا / مضى المرتضى أصلا وأتبعته فرعا
جرى الموت جرى الريح في منيتكما / فاذواك ريحاناً وكسّره نبعا
على نسق جاء المصاب وانما / تقدم وترا ثم أتبعته شفعا
قدمَت ربيعاً والربيع كأنما
قدمَت ربيعاً والربيع كأنما / تأخر وتراً اذ تقدمته شفعا
على نسق وافيتها ووفيتها / فكنت حياً سكباً وكان حياً معا
صباح الأماني أنت أطلعته ضحى / وأصل المعالي أنت أنبته فرعا
أيا ضيف لم تنزل فنائي وحده / بَلَى قد نزلت العين والقلب والسمعا
اليك ودادي ان تشهيته قرى / ودونك صدري ان رضيت به ربعا
ودونك خدي فانتعله ومهجتي / فشد على نعليك ناظرها شسعا
وهبني شفاء النفس منك فطالما / بكيت نجيع القلب بعدك لا الدما
ذكرتك والامال نحوك عُطّش / وقد منعوها الخُمسَ بعدك والربعا
وكم ذر لي من أفق بشرك شارق / والليل القطع من اونه قطعاً كذا
صغرتُ مكانا اذ كبرت دراية / كأني ممسيّ على خلقة الأفعى
وكنت أهز المجد في حال حيرة / كمريم اذ هزت وقد حازت الجذعا
ودونكها رقت وراقت محاسنا / فما الروضة الحسناء تشبهها طبعا
تُحيّك حتى الشهب عني وقلّ لك
تُحيّك حتى الشهب عني وقلّ لك / فانك نور الشمس تجلى لي الحلك
أكذب ظني أنني لك أرتقي / ومن ذا الذي يرقى من الفلك الفلك
وأعلم أني لست عندك عالماً / أفي تلك اجرى لحاظي أم ملك
لك اللَه حلاك الضحى من سمائه / وختمك الجوزاء والنجم أنعلك
وبوأك المجد الذي في جلاله / تبوأت من وادي المجرة منزلك
تراودك الدنيا الى ذات نفسها / فلا دولة الا تناديك هيت لك
قطعت اليك البحر استصحب الصبا / وأسلك حيث البرق في حفظه سلك
وآمل من ذاك الحجاب رفوعه / لعلي بعين الشوق أن اتأملت
أنا العبد أهلّني الى البشر والرضا / لمن للمعالي والمكارم أهّلك
اقاسمك النفس التي في جوانحي / مقاسمك المعطيك غاية ما ملك
فما اسود فيها من ظلام يكون لي / وما ابيضّ فيها من ضياء يكون لك
تكر وشتى الخيل والرجل دونها
تكر وشتى الخيل والرجل دونها / فصيرتها شتى المسالك والسبل
تخالهم رجل الجراد فعندما / دلفت لهم طاروا بأجحنة النمل
وحسبك عند الله حسبتك التي / دعت شدة التقوى الى الكرم الفعل
جلوت سني الاصباح في غسق الدجى / وأنشأت غُرَّ المزن في كلب المحل
فما كنت الا رحمة انزلت على / ثرى الارض فامتدت الى الوعر والسهل
تنشق رياحين السلام فانما
تنشق رياحين السلام فانما / أفض بها مسكاً عليك مختما
وقل لي مجازا ان عدمت حقيقة / لعلك في نعمى فكم كنت منعما
أفكر في عصر مضى لك مشرقاً / فيرجع ضوء الصبح عندي مظلما
وأعجب من أفق المجرة اذ رأى / كسوفك شمساً كيف أطلع أنجما
لئن عظمت فيك الرزية اننا / وجدناك منها في المزية أعظما
قناة سعت للطعن حتى تقصّدت / وسيف أطال الضرب حتى تثلما
وطود غريب في الشواهق أمره / بنى كلَّة من فوقها وتهدما
منأبته زادت على النبع بالجنى / فإذ عريت عادت مع النبع أسهما
بكى آل عباد ولا كمحمد / وأولاده صوب الغمامة اذ همى
حبيب الى قلبي حبيب لقوله / عسى وطن يدنو بهم ولعلما
صباحهم كنا به نحمد السرى / فلما عدمناهم سرينا على عمى
وكنا رعينا العز حول حماهم / فقد اجدب المرعى وقد أقفر الحمى
وقد ألبست أيدي الليالي قلوبهم / مناسج سدى الغيث فيها وألحما
قصور خلت من ساكنيها فما بها / سوى الأدم تمشي حول واقفة الدمى
يُجيبُ بها الهامَ الصدى ولطالما / أجاب القيانُ الطائر المترنما
كأن لم يكن فيها أنيس ولا التقى / بها الوفد جمعاً والخميس عرمرما
ولا حلت الآمال فيك ثباثبا / فقامت اليها المكرمات لما لما
ولا اخضر وض في رباها فخلته / توشح منهم لا من النور أنعُما
ولا انعطفت فيه الغصون فعانقت / وشيجاً بأيدي الدارعين مقوما
ولا حسبت بيضُ الظبى من فرندها / سوالف بات الدرّ فيها منظما
ولم تخفق الرايات فيه فاشبهت / قوادم طير في ذرى الجو حُوَّما
ولا جرّ فيها صعدة الرمح خلفه / فتاها فقلت الصلّ أتبع ضيغما
ولم يصدع النقع المثار سنانه / كما صدع الظلماء برق تضرّ ما
ولا صورت في جسمه الدرع شكلها / فأشبه مما صوَّرت فيه أرقما
جرى القدر الجاري الى نقض أمره / فعاد سحيلا منه ما كان مبرما
مؤيد لخم هل تؤمل رجعة / فكم أمل أضحى الى النجم سلما
حكيت وقد فارقت ملكك مالكاً / ومن ولهي أحكى عليك مُتمما
مصاب هوى بالنيرات من العلى / ولم يبق في ارض المكارم معلما
تضيق عليَّ الارض حتى كأنما / خُلقت واياها سواراً ومعصما
ندبتك حتى لم يُخل لي الأسى / دموعاً بها أبكي عليك ولا دما
واني على رسمي مقيم فان أمُت / سأترك للباكين رسمي موسما
بكاك الحيا والريح شقت جيوبها / عليك وناح الرعد باسمك معلما
ومزق ثوب البرق واكتست الدجى / حداداً وقامت أنجم الليل مأتما
وحار ابنك الاصباح وجدا فما اهتدى / وغار اخوك البحر غيظاً فما طما
وما حلّ بدر التم بعدك داره / ولا أظهرت شمس الظهيرة مبسما
قضى اللَه أن حطوك عن ظهر أشقرٍ / أشمَّ وأن أمطوك أشام أدهما
قيودك ذابت فانطلقت لقد غدت / قيودك منهم بالمكارم ارحما
عَجِبتُ لأن لان الحديدُ وان قسوا / لقد كان منهم بالسريرة أعلما
سينجيك من نجّى من الجب يوسفا / ويأويك من آوى المسيح بن مريما
وداعٌ ولكني أقول سلام
وداعٌ ولكني أقول سلام / وللنفس في ذكر الوداع حِمام
أخادع نفساً ان تحققتِ النوى / فليس لها بين الضلوع مقام
قد ائتلفت أهواؤها بك جملة / كما ائتلفت في وكرهن حمامُ
وشقت على النصح المبين جيوبها / كما شققت عن زهركن كمام
أكرر لحظي في محياك انه / لنور الهدى فيه عليك قسام
وأحمد من تقبيل كفيك سؤدداً / على عاتق الجوزاء منه حسام
أملبسي النعمى قديما ومثلها / حديثاً وأحداث الزمان عظام
لأجلستني حتى اتكأت ولم تزل / تدل على المولى الكريم
عسى عند حمل العيس رحلي في غد / يهيأ عن زادي لديك طعام
وميلي الى الطاهي وطيب ارادةٍ / ليثبت لي في وصف ذاك كلام
وكيف أزيد المجد صحب محاسن / سهرت لها والعالمون نيام
وفي القيظ ما يدعو البياض للابس
وفي القيظ ما يدعو البياض للابس / يكون به بردٌ له وسلام
لبستُ سواداً والجميع مبيض / كأني غرابُ والانام حمام
الا يا بن معنٍ ما لمجدك غايةُ / ولا لمكان أنت فيه مرام
قد اتفقت فيك المكارم كلّها / فلم يبق في شرع الكرام كلام
جزعتُ لهم بالجزع اذ نذروا دمي
جزعتُ لهم بالجزع اذ نذروا دمي / على نظرة كانت بغير توهم
حموا نظري ما في الخدود من الجنى / وقد أخذوا ما في الترائب من دمي
فردوا علي الأرض حلقة خاتم / باعراضهم ودارة درهم
وعهدي بهم الكثيب وخدرهم / يشير بعَناب اليَ وعندم
يا قطني درَّ الحديث وذوبه / عقيق مذاب في الدماء من الدم
وفود يقودون العراب وتحتهم / كرائم من رهطي جديل وشذقم
يغير على زرق المياه وقد رنت / اليها عيون الزرق من كل لهذم
وترعى ربيعا للصوارم حوله / رياض بما فيها من الدهر تحتمي
وفي سدرة الوادي من الحي شادن / ربيب ولكن في عرينة ضيغم
يدير علي الراح من لحظ ناضر / ويمنعنيها من ثنيّة مبسم
مشى في موشىً عبقريّ كأنه / طراز الصبا منه بخّدٍ منعّم
ومال على كافورة من بنانه / لها منبت بين الوشيج المقدم
حبيب لو انّ الحسن شِعرٌ لما غدا / مديح حبيب أو تغزل مسلم
فيه انتما من صبابتي / ومن رميه نحوى لمقلة مرتمي
رماني بعينيه وثنى بسهمه / فأثبت في قلبي ثلاثة أسهم
وما أنس لا أنس الخيال الذي سرى / سرى البرق في داج من الليل مظلم
أتى بهدياتٍ فما مدّ راحةً / وادى رسالاتٍ ولم يتكلم
لثمت الثرى حيث استقلت بي الخُطى / فلافحني عن ردع مسك مختم
وأملت تسليما عليه فقيل لي / على الشمس عن إذن الكواكب سلّم
ومَن لم يسلم في الديانة والدُّنا / الى ناصر الأنصار ليس بمسلم
همام تبيت المأثرات همومه / فيصبح منها بين مغنىً ومغنم
بعيد حدود الفضل لاصفةً له / سوى انه من جوهر متجسّم
صفا فلوان الشمس تُعطي شعاعه / لما احتجبت في ليل أريد أقتم
ورقّ فلولا ان فيه جزالة / من الباس لاستنشقته في التنسم
كأنّ سجاياه ربيع مفوّق / تفتح عن زهر نضير منعم
كأنّ تخاطيط الحياة بخدّه / حواشي رداء مذهب النسج معلم
كأنّ سنا مرآه في جود كفّه / سنا الشمس في حِبَا الغيث ينهمي
كأنّ الذي في نوره من تلألؤٌ / شقيق الذي في ناره من تضرم
كأنّ تواقيع الرضا بعد سخطه / مواقع مزنٍ في عواقب صيلم
كأنّ مذاقيه ليانا وشدة / حلاوة شهد في مرارة علقم
كأنّ لدى هيباته وهِباته / جنى جنةٍ محفوفةٍ بجهنم
كأنّ ثبوت الراسيات ثبوته / اذا خفّ من خوف الردى كل محجم
كأنّ أديم الأرض راحة كفّه / وفي بسطها قبض على كل مجرم
اذا ضلّ أملاك الزمان فانه / الى رشده اهدى من اليدِ للفمِ
يزف الى الأعداء من حومة الوغى / عروس خمار عطرها عطر منشم
ويركب في أوحالها ظهر شيظم / فيحملهم منهم على ظهر شيهم
فيرجوه حتى الطير مما تعودت / بلحم عداه مطعما بعد مطعم
نفى العدم حتى ردّ كل مكانةٍ / واغرب من عنقائها شخص معدم
لك المنشآت الجاريات كأنها / ضواري شواهين على الماء حوم
فظلّت بها بين النواظر والكرى / فمن محرم يسري الخيال لمحرم
حمدنا لها فضل التأخر انه / يقال يكون الفضل للمتقدم
أقامت عذاري بالعذارى حواملاً / ولم تر الا أن تجيء بتوأم
هي الغيد وافت منك في الصدِّ عيدها / فمن موسم في موسم طيّ موسم
محاسن اثار لو تمثلت / بمثل شجي كان عدة أرهم