المجموع : 259
شَرِبتُ فأذكى الشُربُ نارَ عَنائي
شَرِبتُ فأذكى الشُربُ نارَ عَنائي / دُموعي وَتَغريدُ الحَمامِ عَنائي
رَدَدتُ عَلى العُذّالِ فيَّ اِجتِهادَهم / وَفي مَذهَبِ العُشّاقِ قُلتُ برائي
وَيَأمُرُني مَن لا أُطيقُ بِهَجرِها
وَيَأمُرُني مَن لا أُطيقُ بِهَجرِها / وَحَسبي بِهِ لَو كانَ يَنظُرُها حَسبي
يُشيرُ عَلى جِسمي بِفُرقَةِ قَلبِهِ / بَقيتَ كَذا هَل كانَ جِسمٌ بِلا قَلبِ
وَإِنّي عَلى الأَيّامِ فيها لَعاتِبٌ / وَحاشا لِذاكَ الوَجهِ مِن أَلَمِ العَتبِ
أَلا دارِسٌ إِلّا لَهُ مِنكَ ساكِبُ
أَلا دارِسٌ إِلّا لَهُ مِنكَ ساكِبُ / وَلا مانِعٌ إِلّا لَهُ مِنكَ طالِبُ
فَيا قَلبُ ما يَفنى عَلى ذاكَ مَطلَبٌ / وَيا عَينُ ما تَبقى عَلى ذا السَحائِبُ
وَلي فِكرَةٌ تَحتَ الدُجى في مُلِمَّةٍ / دَجَت فَتَوارَت في دُجاها الكَواكِبُ
وَإِنَّ جَناياتِ العِدا لَكَبيرَةٌ / وَأَكبَرُها ما قَد جَناهُ الحَبائِبُ
فَيا ساكِنَ القَلبِ الَّذي هُوَ طائِرٌ / وَيا حاضِرَ القَلبِ الَّذي هُوَ غائِبُ
تُكاثِرُني مَهما حَضَرتَ وَإِن تَغِب / عَلى مَقصِدي مِنكَ النَوى وَالنَوائِبُ
لِمَن فيكَ للُوّامِ لِلناسِ كُلِّهِم / لِأَعدايَ لِلواشينَ مِنهُم أُراقِبُ
وَكَم حاجِبٍ قَد خافَ عَيناً فَلَم يُشِر
وَكَم حاجِبٍ قَد خافَ عَيناً فَلَم يُشِر / وَعَينٍ عَلَيها دونَ عَبدِكَ حاجِبُ
أَضمَّكَ لَمّا بانَ غِربانُ بَينِهِ / فَتِلكَ النَواعي لِلفَسادِ النَواعِبُ
وَقَد ضامَني لا ضَمَّني فَسَأَلتُهُ / مَتى أَتَأَمَّلْ مِن مَسيرِكَ آيِبُ
وَإِنّي لِلأَخلاقِ مِنهُ لِشاكِرٌ / وَإِنّي عَلى الأَيّامِ مِنهُ لَعاتِبُ
لِكُلِّ حَبيبٍ يا حَبيبُ رَقيبُ
لِكُلِّ حَبيبٍ يا حَبيبُ رَقيبُ / وَمِن كُلِّ جِسمٍ لِلسَقامِ نَصيبُ
وَإِنّيَ في أَهلي وَداري لِما أَرى / عَلَيكَ مِنَ السُقمِ الغَريبِ غَريبُ
وَما كانَ يَدري ما الرَقيبُ فَذا الضَنى / رَقيبٌ عَلَيهِ وَالشِفاءُ حَبيبُ
وَإِن جَمُدَت فيهِ العُيونُ فَرُبَّما / تُلِحُّ عَلَيهِ في البُكاءِ قُلوبُ
فَلا اِنفَضَّ إِلّا بَعدَ برئِكَ عائِدٌ / وَلا غابَ إِلّا إِذ تَصِحُّ طَبيبُ
وَأَيُّ زَمانٍ لا يُسَبِّبُ طيبَهُ / يَلَذُّ عَلى إِنعامِهِ وَيَطيبُ
وَما عُدتُهُ بَل عُدتُ سُقمي بِقُربِهِ / وَمِمّا بِهِ ما لي عَلَيهِ رَقيبُ
أَغيبُ بِرَغمي ثُمَّ أُحضرُ عِندَهُ / فَأنظُرُ آثارَ الضَنى فَأَغيبُ
مُحِبُّكَ مَجنِيٌّ عَلَيهِ بِحُبِّهِ
مُحِبُّكَ مَجنِيٌّ عَلَيهِ بِحُبِّهِ / وَلَو ماتَ حُبّاً فيكَ ما كَرِهَ الحُبّا
عَلَيهِ مِنَ الواشينَ فيكَ نَواظِرٌ / تُحَدِّقُ حَتّى تَخلَعَ الجَفنَ وَالهُدبا
وَماذا عَلَيهِم أَن يَعودَ مَريضَهُ / وَهَل هُوَ إِلّا الجِسمُ عادَ بِهِ القَلبا
وَرِجلُ الفَتى في السَعى تَتبَعُ قَلبَهُ / فَلِم عَظَّمَ الحُسّادُ أَن زُرتُهُ الخَطبا
وَحاشا لِذاكَ الحُسنِ أَن يَلبِسَ الضَنى / وَحاشا لِذاكَ النورِ أَن يَرِدَ الغَربا
أَرى كُلَّ عُضوٍ مِنكَ كَالقَلبِ في غَضىً / وَكَالجَفنِ في إِرسالِهِ لُؤلُؤاً رَطبا
فَلا تَخشَ مِن حُمّى وَلا رُحَضائِها / تُحَبِّبُ إِن زارَت مَضاجِعَهُ غِبّا
ولَو أَنَّني عانَقتُهُ ثُمَّ أَقبَلَت / لَما سَلَكَت سَهلاً إِلَيهِ وَلا صَعبا
وَلَو أَنصَفَت بَدرَ السَماءِ سَماؤُهُ / لَقَد بَعَثَت عُوّادَهُ الأَنجُمَ الشُهبا
وَتَقدِرُ أَلّا يَخرُجَ اللَفظُ مِن فَمي
وَتَقدِرُ أَلّا يَخرُجَ اللَفظُ مِن فَمي / وَتَعجِزُ عَن أَن تُخرِجَ الحُبَّ مِن قَلبي
وَلِم تُنكِرُ الشَكوى وَأَمرُ مَريضها / إِلَيكَ فَلا تَبخَل وَحاشاكَ بِالطِبِّ
جَرى الدَمُ دَمعاً في حُروبِ بَني الهَوى / وَيَكفي الدَمُ الجاري دَليلاً عَلى الحُبِّ
وَقَد أَغرَقَ الدُنيا بَدَمعِ جُفونِهِ
وَقَد أَغرَقَ الدُنيا بَدَمعِ جُفونِهِ / وَلَم يَتَّفِق في ذاكَ أَن يَغرَقَ الحُبُّ
إِذا كانَ رَجعُ القُربِ مِن بَعدِهِ النَوى / فَلا تَلحَني إِن قُلتُ لا يَرجِعُ القُربُ
سَرَت فَكَأَنَّ اللَيلَ قَبَّلَ خَدِّها
سَرَت فَكَأَنَّ اللَيلَ قَبَّلَ خَدِّها / فَأَبقى به قِطعاً وَأَسبَلَ عَقرَبا
فَما اِستَغرَبَت في مَوطِنِ الحُبِّ غُربَتي / فَهَذا الدُجى في صُبحِها قَد تَغَرَّبا
ظَفِرتُ عَلى رُغمِ اللَيالي بِكَوكَبٍ
ظَفِرتُ عَلى رُغمِ اللَيالي بِكَوكَبٍ / يُقِرُّ لَهُ بَدرُ السَما وَالكَواكِبُ
وَوُسِّدَ خَدّي عَقرَباً فَوقَ خَدِّها / بِما بِتُّ دَهراً في فِراشي عَقارِبُ
وَخُضرَتُها قَد جاوَرَت خُضرَةَ اللَمى / وَلِلعَينِ فيها وَالقُلوبِ مَذاهِبُ
وَقَد كانَتِ الدُنيا الَّتي لَم تَكُن بِها / إِذا اِخضَرَّ مِنها جانِبٌ جَفَّ جانِبُ
بَدَت لي بِها دُنيايَ خَضراءَ كُلُّها / فَلا مَنظَرٌ إِلّا وَفيهِ مَآرِبُ
عَلى كُلِّ خَيرٍ مانِعٌ وَبِحُسنِهِ
عَلى كُلِّ خَيرٍ مانِعٌ وَبِحُسنِهِ / يَرِقُّ وَيَجفو رِقبَةً لِلمَراقِبِ
فَيَمنَعُ وَردَ الروضِ شَوكٌ مُلاصِقٌ / وَمِن دونِ رَوضِ الخَدِّ شَوكُ العَقارِبِ
إِذا قُطِّعَت بَعضُ القُلوبِ تَقَطَّعَت
إِذا قُطِّعَت بَعضُ القُلوبِ تَقَطَّعَت / عَلائِقُ سِرِّ الحُبِّ وَاِنفَضَحَ الحُبُّ
وَحَمَّلتُهُ في قَلبِهِ ما تَقَطَّعَت / عَلائِقُهُ عَنهُ وَقَد قُطِّعَ القَلبُ
أَأُونِسُهُ بِشراً فَفي النَفسِ هَيبَةٌ / وَأُلقي لَهُ سَمعاً فَعِندَ الهَوى عَتبُ
وَيَستَعذِبُ النُوّامُ طولَ مَنامِهِم / وَسُهدُ الهَوى لَو يَعلَمونَ هُوَ العَذبُ
فَنادِهِمِ بِالشِعبِ مِن سِنَةِ الكَرى / أَلا أَيُّها النُوّامُ وَيحَكُمُ هُبُّوا
لِحُبِّيَ فيهِ أَيُّ جَمرٍ عَلى قَلبِ
لِحُبِّيَ فيهِ أَيُّ جَمرٍ عَلى قَلبِ / فَما لي طَريقٌ لِلمَلامَةِ وَالعَتبِ
وَثَمَّ غَليلٌ لَيسَ يُطفِئُ نارَهُ / سِوى خاتَمِ الثَغرِ المُمَلّا مِنَ العَذبِ
وَفي القَلبِ كَربٌ لا أَسُرُّ عَذولَهُ / بِقَولي إِذا ما ضِقتُ بِالكَربِ وا كَربي
إِذا كانَ لا يَكفيهِ شَيءٌ سِوى دَمي / فَيَكفي دُموعُ العَينِ مِنّي دَمَ القَلبِ
وَإِن كانَ لا بُدٌّ مِنَ الحَشدِ لِلعِدا / فَحَسبِيَ بِالعُذّالِ وَالرُقَبا حَسبي
وَهَيهاتَ فيما سَوَّلَتهُ طَماعَتي / سَمِعتُ بِخَصمٍ قَطُّ عَذَّبَ بِالعَذبِ
يُخَفِّفُ وَطئاً حينَ أَمشي وَراءَهُ
يُخَفِّفُ وَطئاً حينَ أَمشي وَراءَهُ / فَيَبخَلُ عَن عَيني بِمَسِّ تُرابِ
أَبى العَتبَ وَهوَ النارُ بَينَ جَوانِحي / وَأَبخَلُ خَلقٍ باخِلٌ بِعَذابِ
نَظَرتُ إِلَيهِ نَظرَةً فَتَحَيَّرَت
نَظَرتُ إِلَيهِ نَظرَةً فَتَحَيَّرَت / دَقائِقُ فِكري في بَديعِ صِفاتِهِ
فَأَوحى إِلَيهِ القَلبُ أَنّي أُحِبُّهُ / فَأَثَّرَ ذاكَ الوَهمُ في وَجَناتِهِ
بَكَت دارُهُم وَالصَبُّ يَبكي عَفاءَها
بَكَت دارُهُم وَالصَبُّ يَبكي عَفاءَها / وَعَزَّزَ إِرزامَ المُلِثِّ بِثالِثِ
وَلَم يَستَمِع فيها أَحاديثَ مُرسِلٍ / وَلَكِن رَأى فيها حَديثَ الحَوادِثِ
وَقَد كانَ مَبعوثاً إِلَيها مِنَ الصَبا / فَأَقعَدَهُ عَنها قُعودُ البَواعِثِ
أَجيرانَنا أَمّا أَحاديثُ ذِكرِكُم
أَجيرانَنا أَمّا أَحاديثُ ذِكرِكُم / فَما هِيَ إِلّا لِلعُيونِ مَفاتحُ
وَذِكرُكُمُ تَحتَ الدُجُنَّةِ غابِقٌ / كَما أَنَّهُ تَحتَ الصَبيحَةِ صابِحُ
وَمُستَعظِمٍ وَجدي الَّذي هُوَ ظاهِرٌ / وَأَعظَمُ مِنهُ ما تَضُمُّ الجَوانِحُ
رِياحُ زَفيرٍ لِلدُموعِ لَوافِحٌ / وَما هِيَ إِلّا لِلقُلوبِ لَوائِحُ
وَعِندي وَقَد فَارَقتُكُم كُلُّ زَفرَةٍ / تُمِلُّ بِها الأَشجانُ وَالسِرُّ شارِحُ
لَقَد مَنَحَ الحِصنُ الَّذي هُوَ مانِعٌ / كَما مَنَعَ الدَهرَ الَّذي هُوَ مانِحُ
سَلامٌ عَلَيكُم إِنَّ قَلبِيَ دارُكُم / أَقَرَّ بِها وَالدَمعُ ساقٍ وَسافِحُ
وَما هُوَ إِلّا أَنَّ قَلبِيَ طائِرٌ / وَما هُوَ إِلّا أنَّ لُبِّيَ طائِحُ
وَما الغَيثُ إِلّا مِن دُموعيَ ساكِبٌ / وَلا الرَعدُ إِلّا مِن حَنينِيَ نائِحُ
وَلا العُمرُ إِلّا مِن أَسىً مُتَراكِمٍ / وَلا البَرقُ إِلّا مِن زَفيرِيَ لامِحُ
أَقولُ لَهُ صَفحاً وَإِن كانَ مُذنِباً / فَيا عَجَباً مِن مُذنِبٍ هُوَ صافِحُ
أَأَحبابَنا إِن كُنتُ لِلنَفسِ خاسِراً / عَلَيكُم فَإِنّي بَعدَ ذاكَ رابِحُ
تَمَدّونَ مِنّي الذَنبَ وَالذَنبُ كامِنٌ / وَتَعمَونَ دونَ العُذرِ وَالعُذرُ لائِحُ
وَإِن طَرَدَتني عَن ذُراكُمُ طَوارِدٌ / فَما أَنا مِن خَوفِ المَذَلَّةِ بارِحُ
وَإِن قَرَّبَتني الدارُ مِنكُم وَأَكثَبَت / فَإِنّي مَعَ الحِرمانِ مِنكُم لَنازِحُ
فَيا مَن يَغيبُ الحُبُّ بي وَهوَ حاضِرٌ / وَيا مَن يَجِدُّ الوَجدُ بي وَهوَ مازِحُ
إِلى اللَهِ تَشكو ما تُلاقيهِ مِنكُمُ / جَوانِحُ قَد صُحِّفنَ فَهيَ جَوائِحُ
إِلَيكَ فَما الأَفكارُ إِلّا مَعارِكٌ / وَما هَذِهِ الأَشجانُ إِلّا صَفائِحُ
وَإِلّا فَما بالي وَلَم أَحضُرِ الوَغى / تُضَمُّ عَلى هَذيِ الجُروحِ الجَوارِحُ
وَيا صاحِبِيَّ الصاحِبَينِ أَرى الهَوى / مُداماً وَمِنهُ غابِقٌ لِيَ صابِحُ
وَإِلّا فَما بالي وَلَم أُسقَ خَمرَةً / أَبَيتُ كَأَنّي مِنهُ سَكرانُ طافِحُ
وَما ذِكرُكُم لِلرَكبِ إِلّا تَعِلَّةٌ / يُراحُ بِها مِنهُنَّ غادٍ وَرائِحُ
وَإِلّا فَما بالُ المَطِيِّ وَلَم تُرَح / أَثابَ بِها مُعيِي المَطِيِّ وَرازِحُ
تَذكَّرَ من أَحبابِه كُلَّ نازِح
تَذكَّرَ من أَحبابِه كُلَّ نازِح / بِدَمعٍ من الأَجفانِ لَيسَ بِنازِح
كأَنّيَ مِن مَدحِ الأَجَلِّ اِقتَنَيتُهُ / وَذَلِكَ ما لَم يَقنَهُ كُلُّ مادِح
سَواءٌ أَسَرّوا القَولَ أَو جَهروا به / فناصِحُهُم عَبدَ الهَوى غَيرُ ناصِح
أعاذلَه وَالعَذلُ يَنزِفُ جُرحَهُ / لعمري لَقَد أَطفأتَ ناراً بِقادِح
عرضتُ عَلى صدري غَرائبَ شَرحِهِم / فَلَم يَنشَرِح صَدري إِلى قول شارِح
يُمَزِّقُني ذا الحُبُّ كُلَّ مُمَزَّقٍ
يُمَزِّقُني ذا الحُبُّ كُلَّ مُمَزَّقٍ / وَيُصبِحُ خَلقي فيهِ وَهوَ جديدُ
مُقيمٌ وَقَلبي في رِكابِكَ سائِرٌ / قَريبٌ وَلَكِن ما أُريدُ بَعيدُ
إِذا أَخلَفَ الراجي البخيلة جودُها
إِذا أَخلَفَ الراجي البخيلة جودُها / فَإِنَّ سَواءً فَقدُها وَوُجودُها
وَكَيفَ يَخافُ البَينَ إِن جَدَّ جِدُّهُ / وَما البَينُ كُلُّ البَينِ إِلّا صُدودُها
فَأَيُّ غَرامٍ لا يُقامُ لِنارِهِ / وَأَيُّ وُشاةٍ لا يُبارى وَعيدُها
تَعَلَّقَها قَلبي كَأَنْ لا يجوزُها / وَيَجتازُها طَرفي كَأَنْ لا أُريدُها