المجموع : 85
أَأَيّامَنا ما كُنتِ إِلّا مَواهِبا
أَأَيّامَنا ما كُنتِ إِلّا مَواهِبا / وَكُنتِ بِإِسعافِ الحَبيبِ حَبائِبا
سَنُغرِبُ تَجديداً لِعَهدِكِ في البُكا / فَما كُنتِ في الأَيّامِ إِلّا غَرائِبا
وَمُعتَرَكٍ لِلشَوقِ أَهدى بِهِ الهَوى / إِلى ذي الهَوى نُجلَ العُيونِ رَبائِبا
كَواعِبُ زارَت في لَيالٍ قَصيرَةٍ / يُخَيَّلنَ لي مِن حُسنِهِنَّ كَواعِبا
سَلَبنا غِطاءَ الحُسنِ عَن حُرِّ أَوجُهٍ / تَظَلُّ لِلُبِّ السالِبيها سَوالِبا
وُجوهٌ لَوَ اِنَّ الأَرضَ فيها كَواكِبٌ / تَوَقَّدُ لِلساري لَكُنَّ كَواكِبا
سَلي هَل عَمَرتُ القَفرَ وَهوَ سَباسِبٌ / وَغادَرتُ رَبعي مِن رِكابي سَباسِبا
وَغَرَّبتُ حَتّى لَم أَجِد ذِكرَ مَشرِقٍ / وَشَرَّقتُ حَتّى قَد نَسيتُ المَغارِبا
خُطوبٌ إِذا لاقَيتُهُنَّ رَدَدنَني / جَريحاً كَأَنّي قَد لَقيتُ الكَتائِبا
وَمَن لَم يُسَلِّم لِلنَوائِبِ أَصبَحَت / خَلائِقُهُ طُرّاً عَلَيهِ نَوائِبا
وَقَد يَكهَمُ السَيفُ المُسَمّى مَنِيَّةً / وَقَد يَرجِعُ المَرءُ المُظَفَّرُ خائِبا
فَآفَةُ ذا أَلّا يُصادِفَ مَضرِباً / وَآفَةُ ذا أَلّا يُصادِفَ ضارِبا
وَمَلآنَ مِن ضِغنٍ كَواهُ تَوَقُّلي / إِلى الهِمَّةِ العُليا سَناماً وَغارِبا
شَهِدتُ جَسيماتِ العُلى وَهوَ غائِبٌ / وَلَو كانَ أَيضاً شاهِداً كانَ غائِبا
إِلى الحَسَنِ اِقتَدنا رَكائِبَ صَيَّرَت / لَها الحَزنَ مِن أَرضِ الفَلاةِ رَكائِبا
نَبَذتُ إِلَيهِ هِمَّتي فَكَأَنَّما / كَدَرتُ بِهِ نَجماً عَلى الدَهرِ ثاقِبا
وَكُنتُ اِمرَءاً أَلقى الزَمانَ مُسالِماً / فَآلَيتُ لا أَلقاهُ إِلّا مُحارِبا
لَوِ اِقتُسِمَت أَخلاقُهُ الغُرُّ لَم تَجِد / مَعيباً وَلا خَلقاً مِنَ الناسِ عائِبا
إِذا شِئتَ أَن تُحصي فَواضِلَ كَفِّهِ / فَكُن كاتِباً أَو فَاِتَّخِذ لَكَ كاتِبا
عَطايا هِيَ الأَنواءُ إِلّا عَلامَةً / دَعَت تِلكَ أَنواءً وَتِلكَ مَواهِبا
هُوَ الغَيثُ لَو أَفرَطتُ في الوَصفِ عامِداً / لِأَكذِبَ في مَدحيهِ ما كُنتُ كاذِبا
ثَوى مالُهُ نَهبَ المَعالي فَأَوجَبَت / عَلَيهِ زَكاةُ الجودِ ما لَيسَ واجِبا
تُحَسَّنُ في عَينَيهِ إِن كُنتَ زائِراً / وَتَزدادُ حُسناً كُلَّما جِئتَ طالِبا
خَدينُ العُلى أَبقى لَهُ البَذلُ وَالتُقى / عَواقِبَ مِن عُرفٍ كَفَتهُ العَواقِبا
تَطولُ اِستِشاراتُ التَجارِبِ رَأيَهُ / إِذا ما ذَوو الرَأيِ اِستَشاروا التَجارِبا
بِرِئتُ مِنَ الآمالِ وَهيَ كَثيرَةٌ / لَدَيكَ وَإِن جاءَتكَ حُدباً لَواغِبا
وَهَل كُنتُ إِلّا مُذنِباً يَومَ أَنتَحي / سِواكَ بِآمالٍ فَأَقبَلتُ تائِبا
تَقي جَمَحاتي لَستُ طَوعَ مُؤَنِّبي
تَقي جَمَحاتي لَستُ طَوعَ مُؤَنِّبي / وَلَيسَ جَنيبي إِن عَذَلتِ بِمُصحِبي
فَلَم توفِدي سُخطاً إِلى مُتَنَصِّلٍ / وَلَم تُنزِلي عَتباً بِساحَةِ مُعتِبِ
رَضيتُ الهَوى وَالشَوقَ خِدناً وَصاحِباً / فَإِن أَنتِ لَم تَرضَي بِذَلِكَ فَاِغضَبي
تُصَرِّفُ حالاتُ الفِراقِ مُصَرَّفي / عَلى صَعبِ حالاتِ الأَسى وَمُقَلَّبي
وَلي بَدَنٌ يَأوي إِذا الحُبُّ ضافَهُ / إِلى كَبِدٍ حَرّى وَقَلبٍ مُعَذَّبِ
وَخوطِيَّةٍ شَمسِيَّةٍ رَشَئِيَّةٍ / مُهَفهَفَةِ الأَعلى رَداحِ المُحَقَّبِ
تُصَدِّعُ شَملَ القَلبِ مِن كُلِّ وِجهَةٍ / وَتَشعَبُهُ بِالبَثِّ مِن كُلِّ مَشعَبِ
بِمُختَبِلٍ ساجٍ مِنَ الطَرفِ أَحوَرٍ / وَمُقتَبِلٍ صافٍ مِنَ الثَغرِ أَشنَبِ
مِنَ المُعطَياتِ الحُسنَ وَالمُؤتَياتِهِ / مُجَلبَبَةً أَو فاضِلاً لَم تُجَلبَبِ
لَوَ اَنَّ اِمرَأَ القَيسِ بنَ حُجرٍ بَدَت لَهُ / لَما قالَ مُرّا بي عَلى أُمِّ جُندُبِ
فَتِلكَ شُقوري لا اِرتِيادُكِ بِالأَذى / مَحَلِّيَ إِلّا تَبكُري تَتَأَوَّبي
أَحاوَلتِ إِرشادي فَعَقلِيَ مُرشِدي / أَمِ اِستَمتِ تَأديبي فَدَهري مُؤَدِّبي
هُما أَظلَما حالَيَّ ثُمَّتَ أَجلَيا / ظَلامَيهِما عَن وَجهِ أَمرَدَ أَشيَبِ
شَجىً في حُلوقِ الحادِثاتِ مُشَرِّقٍ / بِهِ عَزمُهُ في التُرُّهاتِ مُغَرِّبِ
كَأَنَّ لَهُ دَيناً عَلى كُلِّ مَشرِقٍ / مِنَ الأَرضِ أَو ثَأراً لَدى كُلِّ مَغرِبِ
رَأَيتُ لِعَيّاشٍ خَلائِقَ لَم تَكُن / لِتَكمُلَ إِلّا في اللُبابِ المُهَذَّبِ
لَهُ كَرَمٌ لَو كانَ في الماءِ لَم يَغِض / وَفي البَرقِ ما شامَ اِمرُؤٌ بَرقَ خُلَّبِ
أَخو أَزَماتٍ بَذلُهُ بَذلُ مُحسِنٍ / إِلَينا وَلَكِن عُذرُهُ عُذرُ مُذنِبِ
إِذا أَمَّهُ العافونَ أَلفَوا حِياضَهُ / مِلاءً وَأَلفَوا رَوضَهُ غَيرَ مُجدِبِ
إِذا قالَ أَهلاً مَرحَباً نَبَعَت لَهُم / مِياهُ النَدى مِن تَحتِ أَهلٍ وَمَرحَبِ
يَهولُكَ أَن تَلقاهُ صَدراً لِمَحفِلٍ / وَنَحراً لِأَعداءٍ وَقَلباً لِمَوكِبِ
مَصادٌ تَلاقَت لُوَّذاً بِرُيودِهِ / قبائِلُ حَيَّي حَضرَمَوتَ وَيَعرُبِ
بِأَروَعِ مَضّاءٍ عَلى كُلِّ أَروَعٍ / وَأَغلَبِ مِقدامٍ عَلى كُلِّ أَغلَبِ
كَلَوذِهِمُ فيما مَضى مِن جُدودِهِ / بِذي العُرفِ وَالإِحمادِ قَيلٍ وَمَرحَبِ
ذَوونَ قُيولٌ لَم تَزَل كُلُّ حَلبَةٍ / تَمَزَّقُ مِنهُم عَن أَغَرَّ مُحَنَّبِ
هُمامٌ كَنَصلِ السَيفِ كَيفَ هَزَزتَهُ / وَجَدتَ المَنايا مِنهُ في كُلِّ مَضرِبِ
تَرَكتَ حُطاماً مَنكِبَ الدَهرِ إِذ نَوى / زِحامِيَ لَمّا أَن جَعَلتُكَ مَنكِبي
وَما ضيقُ أَقطارِ البِلادِ أَضافَني / إِلَيكَ وَلَكِن مَذهَبي فيكَ مَذهَبي
وَأَنتَ بِمِصرٍ غايَتي وَقَرابَتي / بِها وَبَنو الآباءِ فيها بَنو أَبي
وَلا غَروَ أَن وَطَّأتَ أَكنافَ مَرتَعي / لِمُهمِلِ أَخفاضي وَرَفَّهتَ مَشرَبي
فَقَوَّمتَ لي ما اِعوَجَّ مِن قَصدِ هِمَّتي / وَبَيَّضتَ لي ما اِسوَدَّ مِن وَجهِ مَطلَبي
وَهاتا ثِيابُ المَدحِ فَاِجرُر ذُيولَها / عَلَيكَ وَهَذا مَركَبُ الحَمدِ فَاِركَبِ
لَقَد أَخَذَت مِن دارِ ماوِيَّةَ الحُقبُ
لَقَد أَخَذَت مِن دارِ ماوِيَّةَ الحُقبُ / أَنُحلُ المَغاني لِلبِلى هِيَ أَم نَهبُ
وَعَهدي بِها إِذ ناقِضُ العَهدِ بَدرُها / مُراحُ الهَوى فيها وَمَسرَحُهُ الخِصبُ
مُؤَزَّرَةً مِن صَنعَةِ الوَبلِ وَالنَدى / بِوَشيٍ وَلا وَشيٌ وَعَصبٍ وَلا عَصبُ
تَحَيَّرَ في آرامِها الحُسنُ فَاِغتَدَت / قَرارَةَ مَن يُصبي وَنُجعَةَ مَن يَصبو
سَواكِنُ في بِرٍّ كَما سَكَنَ الدُمى / نَوافِرُ مِن سوءٍ كَما نَفَرَ السَربُ
كَواعِبُ أَترابٌ لِغَيداءَ أَصبَحَت / وَلَيسَ لَها في الحُسنِ شَكلٌ وَلا تِربُ
لَها مَنظَرٌ قَيدُ النَواظِرِ لَم يَزَل / يَروحُ وَيَغدو في خُفارَتِهِ الحُبُّ
يَظَلُّ سَراةُ القَومِ مَثنىً وَمَوحَداً / نَشاوى بِعَينَيها كَأَنَّهُمُ شَربُ
إِلى خالِدٍ راحَت بِنا أَرحَبِيَّةٌ / مَرافِقُها مِن عَن كَراكِرِها نُكبُ
جَرى النَجَدُ الأَحوى عَلَيها فَأَصبَحَت / مِنَ السَيرِ وُرقاً وَهيَ في نَجدِها صُهبُ
إِلى مَلِكٍ لَولا سِجالُ نَوالِهِ / لَما كانَ لِلمَعروفِ نِقيٌ وَلا شُخبُ
مِنَ البيضِ مَحجوبٌ عَنِ السوءِ وَالخَنا / وَلا تَحجُبُ الأَنواءَ مِن كَفِّهِ الحُجبُ
مَصونُ المَعالي لا يَزيدُ أَذالَهُ / وَلا مَزيَدٌ وَلا شَريكٌ وَلا الصُلبُ
وَلا مُرَّتا ذُهلٍ وَلا الحِصنُ غالَهُ / وَلا كَفَّ شَأوَيهِ عَلِيٌّ وَلا صَعبُ
وَأَشباهُ بَكرِ المَجدِ بَكرُ بنُ وائِلٍ / وَقاسِطُ عَدنانٍ وَأَنجَبَهُ هِنبُ
مَضَوا وَهُمُ أَوتادُ نَجدٍ وَأَرضِها / يُرَونَ عِظاماً كُلَّما عَظُمَ الخَطبُ
لَهُم نَسَبٌ كَالفَجرِ ما فيهِ مَسلَكٌ / خَفِيٌّ وَلا وادٍ عَنودٌ وَلا شِعبُ
هُوَ الإِضحَيانُ الطَلقُ رَفَّت فُروعُهُ / وَطابَ الثَرى مِن تَحتِهِ وَزَكا التُربُ
يَذُمُّ سَنيدُ القَومِ ضيقَ مَحَلِّهِ / عَلى العِلمِ مِنهُ أَنَّهُ الواسِعُ الرَحبُ
رَأى شَرَفاً مِمَّن يُريدُ اِختِلاسَهُ / بَعيدَ المَدى فيهِ عَلى أَهلِهِ قُربُ
فَيا وَشَلَ الدُنيا بِشَيبانَ لا تَغِض / وَيا كَوكَبَ الدُنيا بِشَيبانَ لا تَخبُ
فَما دَبَّ إِلّا في بُيوتِهِمُ النَدى / وَلَم تَربُ إِلّا في جُحورِهِمُ الحَربُ
أُولاكَ بَنو الأَحسابِ لَولا فَعالُهُم / دَرَجنَ فَلَم يوجَد لِمَكرُمَةٍ عَقبُ
لَهُم يَومُ ذي قارٍ مَضى وَهوَ مُفرَدٌ / وَحيدٌ مِنَ الأَشباهِ لَيسَ لَهُ صَحبُ
بِهِ عَلِمَت صُهبُ الأَعاجِمِ أَنَّهُ / بِهِ أَعرَبَت عَن ذاتِ أَنفُسِها العُربُ
هُوَ المَشهَدُ الفَصلُ الَّذي ما نَجا بِهِ / لِكِسرى بنِ كِسرى لا سَنامٌ وَلا صُلبُ
أَقولُ لِأَهلِ الثَغرِ قَد رُئِبَ الثَأى / وَأُسبِغَتِ النَعماءُ وَاِلتَأَمَ الشَعبُ
فَسيحوا بِأَطرافِ الفَضاءِ وَأَرتِعوا / قَنا خالِدٍ مِن غَيرِ دَربٍ لَكُم دَربُ
فَتىً عِندَهُ خَيرُ الثَوابِ وَشَرُّهُ / وَمِنهُ الإِباءُ المِلحُ وَالكَرَمُ العَذبُ
أَشَمُّ شَريكِيٌّ يَسيرُ أَمامَهُ / مَسيرَةَ شَهرٍ في كَتائِبِهِ الرُعبُ
وَلَمّا رَأى توفيلُ راياتِكَ الَّتي / إِذا ما اِتلَأَبَّت لا يُقاوِمُها الصُلبُ
تَوَلّى وَلَم يَألُ الرَدى في اِتِّباعِهِ / كَأَنَّ الرَدى في قَصدِهِ هائِمٌ صَبُّ
كَأَنَّ بِلادَ الرومِ عُمَّت بِصَيحَةٍ / فَضَمَّت حَشاها أَو رَغا وَسطَها السَقبُ
بِصاغِرَةِ القُصوى وَطِمَّينِ وَاِقتَرى / بِلادَ قَرَنطاووسَ وابِلُكَ السَكبُ
غَدا خائِفاً يَستَنجِدُ الكُتبَ مُذعِناً / عَلَيكَ فَلا رُسلٌ ثَنَتكَ وَلا كُتبُ
وَما الأَسَدُ الضِرغامُ يَوماً بِعاكِسٍ / صَريمَتَهُ إِن أَنَّ أَو بَصبَصَ الكَلبُ
وَمَرَّ وَنارُ الكَربِ تَلفَحُ قَلبَهُ / وَما الرَوحُ إِلّا أَن يُخامِرَهُ الكَربُ
مَضى مُدبِراً شَطرَ الدَبورِ وَنَفسُهُ / عَلى نَفسِهِ مِن سوءِ ظَنٍّ بِها إِلبُ
جَفا الشَرقَ حَتّى ظَنَّ مَن كانَ جاهِلاً / بِدينِ النَصارى أَنَّ قِبلَتَهُ الغَربُ
رَدَدتَ أَديمَ الدينِ أَملَسَ بَعدَما / غَدا وَلَياليهِ وَأَيّامُهُ جُربُ
بِكُلِّ فَتىً ضَربٍ يُعَرِّضُ لِلقَنا / مُحَيّاً مُحَلّىً حَليُهُ الطَعنُ وَالضَربُ
كُماةٌ إِذا تُدعى نَزالِ لَدى الوَغى / رَأَيتَهُمُ رَجلى كَأَنَّهُمُ رَكبُ
مِنَ المَطَرِيّينَ الأُلى لَيسَ يَنجَلي / بِغَيرِهِمُ لِلدَهرِ صَرفٌ وَلا لَزبُ
وَما اِجتُلِيَت بِكرٌ مِنَ الحَربِ ناهِدٌ / وَلا ثَيِّبٌ إِلّا وَمِنهُم لَها خِطبُ
جُعِلتَ نِظامَ المَكرُماتِ فَلَم تَدُر / رَحى سُؤدُدٍ إِلّا وَأَنتَ لَها قُطبُ
إِذا اِفتَخَرَت يَوماً رَبيعَةُ أَقبَلَت / مُجَنَّبَتَي مَجدٍ وَأَنتَ لَها قَلبُ
يَجِفُّ الثَرى مِنها وَتُربُكَ لَيِّنٌ / وَيَنبو بِها ماءُ الغَمامِ وَما تَنبو
بِجودِكَ تَبيَضُّ الخُطوبُ إِذا دَجَت / وَتَرجِعُ في أَلوانِها الحِجَجُ الشُهبُ
هُوَ المَركَبُ المُدني إِلى كُلِّ سُؤدُدٍ / وَعَلياءَ إِلّا أَنَّهُ المَركَبُ الصَعبُ
إِذا سَبَبٌ أَمسى كَهاماً لَدى اِمرِىءٍ / أَجابَ رَجائي عِندَكَ السَبَبُ العَضبُ
وَسَيّارَةٍ في الأَرضِ لَيسَ بِنازِحٍ / عَلى وَخدِها حَزنٌ سَحيقٌ وَلا سَهبُ
تَذُرُّ ذُرورَ الشَمسِ في كُلِّ بَلدَةٍ / وَتَمضي جَموحاً ما يُرَدُّ لَها غَربُ
عَذارى قَوافٍ كُنتَ غَيرَ مُدافِعٍ / أَبا عُذرِها لا ظُلمَ ذاكَ وَلا غَصبُ
إِذا أُنشِدَت في القَومِ ظَلَّت كَأَنَّها / مُسِرَّةُ كِبرٍ أَو تَداخَلَها عُجبُ
مُفَصَّلَةٌ بِاللُؤلُؤِ المُنتَقى لَها / مِنَ الشِعرِ إِلّا أَنَّهُ اللُؤلُؤُ الرَطبُ
عَلى مِثلِها مِن أَربُعٍ وَمَلاعِبِ
عَلى مِثلِها مِن أَربُعٍ وَمَلاعِبِ / أُذيلَت مَصوناتُ الدُموعِ السَواكِبِ
أَقولُ لِقُرحانٍ مِنَ البَينِ لَم يُضِف / رَسيسَ الهَوى تَحتَ الحَشا وَالتَرائِبِ
أَعِنّي أُفَرِّق شَملَ دَمعي فَإِنَّني / أَرى الشَملَ مِنهُم لَيسَ بِالمُتَقارِبِ
وَما صارَ في ذا اليَومِ عَذلُكَ كُلُّهُ / عَدُوِّيَ حَتّى صارَ جَهلُكَ صاحِبي
وَما بِكَ إِركابي مِنَ الرُشدِ مَركَباً / أَلا إِنَّما حاوَلتَ رُشدَ الرَكائِبِ
فَكِلني إِلى شَوقي وَسِر يَسِرِ الهَوى / إِلى حُرُقاتي بِالدُموعِ السَوارِبِ
أَمَيدانَ لَهوي مَن أَتاحَ لَكَ البِلى / فَأَصبَحتَ مَيدانَ الصَبا وَالجَنائِبِ
أَصابَتكَ أَبكارُ الخُطوبِ فَشَتَّتَت / هَوايَ بِأَبكارِ الظِباءِ الكَواعِبِ
وَرَكبٍ يُساقونَ الرِكابَ زُجاجَةً / مِنَ السَيرِ لَم تَقصِد لَها كَفُّ قاطِبِ
فَقَد أَكَلوا مِنها الغَوارِبَ بِالسُرى / فَصارَت لَها أَشباحُهُم كَالغَوارِبِ
يُصَرِّفُ مَسراها جُذَيلُ مَشارِقٍ / إِذا آبَهُ هَمٌّ عُذَيقُ مَغارِبِ
يَرى بِالكَعابِ الرَودِ طَلعَةَ ثائِرٍ / وَبِالعِرمِسِ الوَجناءِ غُرَّةَ آيِبِ
كَأَنَّ بِهِ ضِغناً عَلى كُلِّ جانِبٍ / مِنَ الأَرضِ أَو شَوقاً إِلى كُلِّ جانِبِ
إِذا العيسُ لاقَت بي أَبا دُلَفٍ فَقَد / تَقَطَّعَ ما بَيني وَبَينَ النَوائِبِ
هُنالِكَ تَلقى الجودَ حَيثُ تَقَطَّعَت / تَمائِمُهُ وَالمَجدَ مُرخى الذَوائِبِ
تَكادُ عَطاياهُ يُجَنُّ جُنونُها / إِذا لَم يُعَوِّذها بِنَغمَةِ طالِبِ
إِذا حَرَّكَتهُ هِزَّةُ المَجدِ غَيَّرَت / عَطاياهُ أَسماءَ الأَماني الكَواذِبِ
تَكادُ مَغانيهِ تَهِشُّ عِراصُها / فَتَركَبُ مِن شَوقٍ إِلى كُلِّ راكِبِ
إِذا ما غَدا أَغدى كَريمَةَ مالِهِ / هَدِيّاً وَلَو زُفَّت لِأَلأَمِ خاطِبِ
يَرى أَقبَحَ الأَشياءِ أَوبَةَ آيِبٍ / كَسَتهُ يَدُ المَأمولِ حُلَّةَ خائِبِ
وَأَحسَنُ مِن نَورٍ تُفَتِّحُهُ الصَبا / بَياضُ العَطايا في سَوادِ المَطالِبِ
إِذا أَلجَمَت يَوماً لُجَيمٌ وَحَولَها / بَنو الحِصنِ نَجلُ المُحصِناتِ النَجائِبِ
فَإِنَّ المَنايا وَالصَوارِمَ وَالقَنا / أَقارِبُهُم في الرَوعِ دونَ الأَقارِبِ
جَحافِلُ لا يَترُكنَ ذا جَبَرِيَّةٍ / سَليماً وَلا يَحرُبنَ مَن لَم يُحارِبِ
يَمُدّونَ مِن أَيدٍ عَواصٍ عَواصِمٍ / تَصولُ بِأَسيافٍ قَواضٍ قَواضِبِ
إِذا الخَيلُ جابَت قَسطَلَ الحَربِ صَدَّعوا / صُدورَ العَوالي في صُدورِ الكَتائِبِ
إِذا اِفتَخَرَت يَوماً تَميمٌ بِقَوسِها / وَزادَت عَلى ما وَطَّدَت مِن مَناقِبِ
فَأَنتُم بِذي قارٍ أَمالَت سُيوفُكُم / عُروشَ الَّذينَ اِستَرهَنوا قَوسَ حاجِبِ
مَحاسِنُ مِن مَجدٍ مَتى تَقرِنوا بِها / مَحاسِنَ أَقوامٍ تَكُن كَالمَعايِبِ
مَكارِمُ لَجَّت في عُلُوٍّ كَأَنَّها / تُحاوِلُ ثَأراً عِندَ بَعضِ الكَواكِبِ
وَقَد عَلِمَ الأَفشينُ وَهوَ الَّذي بِهِ / يُصانُ رِداءُ المُلكِ عَن كُلِّ جاذِبِ
بِأَنَّكَ لَمّا اِسحَنكَكَ الأَمرُ وَاِكتَسى / أَهابِيَّ تَسفي في وُجوهِ التَجارِبِ
تَجَلَّلتَهُ بِالرَأيِ حَتّى أَرَيتَهُ / بِهِ مِلءَ عَينَيهِ مَكانَ العَواقِبِ
بِأَرشَقَ إِذ سالَت عَلَيهِم غَمامَةٌ / جَرَت بِالعَوالي وَالعِتاقِ الشَوازِبِ
نَضَوتَ لَهُ رَأيَينَ سَيفاً وَمُنصَلاً / وَكُلٌّ كَنَجمٍ في الدُجُنَّةِ ثاقِبِ
وَكُنتَ مَتى تُهزَز لِخَطبٍ تُغَشِّهِ / ضَرائِبَ أَمضى مِن رِقاقِ المَضارِبِ
فَذِكرُكَ في قَلبِ الخَليفَةِ بَعدَها / خَليفَتُكَ المُقفى بِأَعلى المَراتِبِ
فَإِن تَنسَ يَذكُر أَو يَقُل فيكَ حاسِدٌ / يَفِل قَولُهُ أَو تَنأَ دارٌ تُصاقِبِ
فَأَنتَ لَدَيهِ حاضِرٌ غَيرُ حاضِرٍ / جَميعاً وَعَنهُ غائِبٌ غَيرُ غائِبِ
إِلَيكَ أَرَحنا عازِبَ الشِعرِ بَعدَما / تَمَهَّلَ في رَوضِ المَعاني العَجائِبِ
غَرائِبُ لاقَت في فِنائِكَ أُنسَها / مِنَ المَجدِ فَهيَ الآنَ غَيرُ غَرائِبِ
وَلَو كانَ يَفنى الشِعرُ أَفناهُ ما قَرَت / حِياضُكَ مِنهُ في العُصورِ الذَواهِبِ
وَلَكِنَّهُ صَوبُ العُقولِ إِذا اِنجَلَت / سَحائِبُ مِنهُ أُعقِبَت بِسَحائِبِ
أَقولُ لِأَصحابي هُوَ القاسِمُ الَّذي / بِهِ شَرَحَ الجودُ اِلتِباسَ المَذاهِبِ
وَإِنّي لَأَرجو أَن تَرُدَّ رَكائِبي / مَواهِبُهُ بَحراً تُرَجّى مَواهِبي
أَهُنَّ عَوادي يوسُفٍ وَصَواحِبُه
أَهُنَّ عَوادي يوسُفٍ وَصَواحِبُه / فَعَزماً فَقِدماً أَدرَكَ السُؤلَ طالِبُه
إِذا المَرءُ لَم يَستَخلِصِ الحَزمُ نَفسَهُ / فَذِروَتُهُ لِلحادِثاتِ وَغارِبُه
أَعاذِلَتي ما أَخشَنَ اللَيلَ مَركَباً / وَأَخشَنُ مِنهُ في المُلِمّاتِ راكِبُه
ذَريني وَأَهوالَ الزَمانِ أُفانِها / فَأَهوالُهُ العُظمى تَليها رَغائِبُه
أَلَم تَعلَمي أَنَّ الزِماعَ عَلى السُرى / أَخو النُجحِ عِندَ النائِباتِ وَصاحِبُه
دَعيني عَلى أَخلاقِيَ الصُمِّ لِلَّتي / هِيَ الوَفرُ أَو سِربٌ تُرِنُّ نَوادِبُه
فَإِنَّ الحُسامَ الهُندُوانِيَّ إِنَّما / خُشونَتُهُ ما لَم تُفَلَّل مَضارِبُه
وَقَلقَلَ نَأيٌ مِن خُراسانَ جَأشَها / فَقُلتُ اِطمَئِنّي أَنضَرُ الرَوضِ عازِبُه
وَرَكبٍ كَأَطرافِ الأَسِنَّةِ عَرَّسوا / عَلى مِثلِها وَاللَيلُ تَسطو غَياهِبُه
لِأَمرٍ عَلَيهِم أَن تَتِمَّ صُدورُهُ / وَلَيسَ عَلَيهِم أَن تَتِمَّ عَواقِبُه
عَلى كُلِّ رَوّادِ المَلاطِ تَهَدَّمَت / عَريكَتُهُ العَلياءُ وَاِنضَمَّ حالِبُه
رَعَتهُ الفَيافي بَعدَما كانَ حِقبَةً / رَعاها وَماءُ الرَوضِ يَنهَلُّ ساكِبُه
فَأَضحى الفَلا قَد جَدَّ في بَريِ نَحضِهِ / وَكانَ زَماناً قَبلَ ذاكَ يُلاعِبُه
فَكَم جِذعِ وادٍ جَبَّ ذِروَةَ غارِبٍ / وَبِالأَمسِ كانَت أَتمَكَتهُ مَذانِبُه
إِلَيكَ جَزَعنا مَغرِبَ الشَمسِ كُلَّما / هَبَطنا مَلاً صَلَّت عَلَيكَ سَباسِبُه
فَلَو أَنَّ سَيراً رُمنَهُ فَاِستَطَعنَهُ / لَصاحَبنَنا سَوقاً إِلَيكَ مَغارِبُه
إِلى مَلِكٍ لَم يُلقِ كَلكَلَ بَأسِهِ / عَلى مَلِكٍ إِلّا وَلِلذُلِّ جانِبُه
إِلى سالِبِ الجَبّارِ بَيضَةَ مُلكِهِ / وَآمِلُهُ غادٍ عَلَيهِ فَسالِبُه
وَأَيُّ مَرامٍ عَنهُ يَعدو نِياطُهُ / عَدا أَو تَفُلُّ الناعِجاتِ أَخاشِبُه
وَقَد قَرَّبَ المَرمى البَعيدَ رَجاؤُهُ / وَسَهَّلَتِ الأَرضَ العَزازَ كَتائِبُه
إِذا أَنتَ وَجَّهتَ الرِكابَ لِقَصدِهِ / تَبَيَّنتَ طَعمَ الماءِ ذو أَنتَ شارِبُه
جَديرٌ بِأَن يَستَحيِيَ اللَهَ بادِياً / بِهِ ثُمَّ يَستَحيي النَدى وَيُراقِبُه
سَما لِلعُلى مِن جانِبَيها كِلَيهِما / سُمُوَّ عُبابِ الماءِ جاشَت غَوارِبُه
فَنَوَّلَ حَتّى لَم يَجِد مَن يُنيلُه / وَحارَبَ حَتّى لَم يَجِد مَن يُحارِبُه
وَذو يَقَظاتٍ مُستَمِرٍّ مَريرُها / إِذا الخَطبُ لاقاها اِضمَحَلَّت نَوائِبُه
وَأَينَ بِوَجهِ الحَزمِ عَنهُ وَإِنَّما / مَرائي الأُمورِ المُشكِلاتِ تَجارِبُه
أَرى الناسَ مِنهاجَ النَدى بَعدَما عَفَت / مَهايِعُهُ المُثلى وَمَحَّت لَواحِبُه
فَفي كُلِّ نَجدٍ في البِلادِ وَغائِرٍ / مَواهِبُ لَيسَت مِنهُ وَهيَ مَواهِبُه
لِتُحدِث لَهُ الأَيّامُ شُكرَ خَناعَةٍ / تَطيبُ صَبا نَجدٍ بِهِ وَجَنائِبُه
فَوَاللَهِ لَو لَم يُلبِسِ الدَهرَ فِعلَهُ / لَأَفسَدَتِ الماءَ القَراحَ مَعايِبُه
فَيا أَيُّها الساري اِسرِ غَيرَ مُحاذِرٍ / جَنانَ ظَلامٍ أَو رَدىً أَنتَ هائِبُه
فَقَد بَثَّ عَبدُ اللَهِ خَوفَ اِنتِقامِهِ / عَلى اللَيلِ حَتّى ما تَدِبُّ عَقارِبُه
يَقولونَ إِنَّ اللَيثَ لَيثُ خَفِيَّةٍ / نَواجِذُهُ مَطرورَةٌ وَمَخالِبُه
وَما اللَيثُ كُلُّ اللَيثِ إِلّا اِبنُ عَثرَةٍ / يَعيشُ فُواقَ ناقَةٍ وَهوَ راهِبُه
وَيَومٍ أَمامَ المُلكِ دَحضٍ وَقَفتَهُ / وَلَو خَرَّ فيهِ الدينُ لَاِنهالَ كاثِبُه
جَلَوتَ بِهِ وَجهَ الخِلافَةِ وَالقَنا / قَدِ اِتَّسَعَت بَينَ الضُلوعِ مَذاهِبُه
شَفَيتَ صَداهُ وَالصَفيحَ مِنَ الطُلى / رُواءٌ نَواحيهِ عِذابٌ مَشارِبُه
لَيالِيَ لَم يَقعُدُ بِسَيفِكَ أَن يُرى / هُوَ المَوتُ إِلّا أَنَّ عَفوَكَ غالِبُه
فَلَو نَطَقَت حَربٌ لَقالَت مُحِقَّةً / أَلا هَكَذا فَليَكسِبِ المَجدَ كاسِبُه
لِيُعلَمَ أَنَّ الغُرَّ مِن آلِ مُصعَبٍ / غَداةَ الوَغى آلُ الوَغى وَأَقارِبُه
كَواكِبُ مَجدٍ يَعلَمُ اللَيلُ أَنَّهُ / إِذا نَجَمَت باءَت بِصُغرٍ كَواكِبُه
وَيا أَيُّها الساعي لِيُدرِكَ شَأوَهُ / تَزَحزَحَ قَصِيّاً أَسوَأُ الظَنِّ كاذِبُه
بِحَسبِكَ مِن نَيلِ المَناقِبِ أَن تُرى / عَليماً بِأَن لَيسَت تُنالُ مَناقِبُه
إِذا ما اِمرُؤٌ أَلقى بِرَبعِكَ رَحلَهُ / فَقَد طالَبَتهُ بِالنَجاحِ مَطالِبُه
دَنا سَفَرٌ وَالدارُ تُنئي وَتُصقِبُ
دَنا سَفَرٌ وَالدارُ تُنئي وَتُصقِبُ / وَيَنسى سُراهُ مَن يُعافى وَيُصحَبُ
وَأَيّامُنا خُزرُ العُيونِ عَوابِسٌ / إِذا لَم يَخُضها الحازِمُ المُتَلَبِّبُ
وَلا بُدَّ مِن فَروٍ إِذا اِجتابَهُ اِمرُؤٌ / كَفى وَهوَ سامٍ في الصَنابِرِ أَغلَبُ
أَمينُ القُوى لَم تَحصُصِ الحَربُ رَأسَهُ / وَلَم يَنضُ عُمراً وَهوَ أَشمَطُ أَشيَبُ
يَسُرُّكَ بَأساً وَهوَ غِرٌّ مُغَمَّرٌ / وَيُعتَدُّ لِلأَيّامِ حينَ يُجَرَّبُ
تَظَلُّ البِلادُ تَرتَمي بِضَريبِها / وَتُشمَلُ مِن أَقطارِها وَهوَ يُجنَبُ
إِذا البَدَنُ المَقرورُ أُلبِسَهُ غَدا / لَهُ راشِحٌ مِن تَحتِهِ يَتَصَبَّبُ
إِذا عَدَّ ذَنباً ثِقلَهُ مَنكِبُ اِمرِئٍ / يَقولُ الحَشا إِحسانُهُ حينَ يُذنِبُ
أَثيثٌ إِذا اِستَعتَبتَ مُعصِفَةً بِهِ / تَمَلَّأتَ عِلماً أَنَّها سَوفَ تُعتِبُ
يَراهُ الشَفيفُ المُرثَعِنُّ فَيَنثَني / حَسيراً وَتَغشاهُ الصَبا فَتَنَكَّبُ
إِذا ما أَساءَت بِالثِيابِ فَقَولُهُ / لَها كُلَّما لاقَتهُ أَهلٌ وَمَرحَبُ
إِذا اليَومُ أَمسى وَهوَ غَضبانُ لَم يَكُن / طَويلَ مُبالاةٍ بِهِ حينَ يَغضَبُ
كَأَنَّ حَواشيهِ العُلى وَخُصورَهُ / وَما اِنحَطَّ مِنهُ جَمرَةٌ تَتَلَهَّبُ
فَهَل أَنتَ مُهديهِ بِمِثلِ شَكيرِهِ / مِنَ الشُكرِ يَعلو مُصعِداً وَيُصَوِّبُ
لَهُ زِئبِرٌ يُدفي مِنَ الذَمِّ كُلَّما / تَجَلبَبَهُ في مَحفِلٍ مُتَجَلبِبُ
فَأَنتَ العَليمُ الطَبُّ أَيُّ وَصِيَّةٍ / بِها كانَ أَوصى في الثِيابِ المُهَلَّبُ
أَبا جَعفَرٍ أَضحى بِكَ الظَنُّ مُمرِعاً
أَبا جَعفَرٍ أَضحى بِكَ الظَنُّ مُمرِعاً / فَمِل بِرَواعيهِ عَنِ الأَمَلِ الجَدبِ
فَوَاللَهِ ما شَيءٌ سِوى الحُبِّ وَحدَهُ / بِأَعلى مَحَلّاً مِن رَجائِكَ في قَلبي
نُسائِلُها أَيَّ المَواطِنِ حَلَّتِ
نُسائِلُها أَيَّ المَواطِنِ حَلَّتِ / وَأَيُّ دِيارٍ أَوطَنَتها وَأَيَّتِ
وَماذا عَلَيها لَو أَشارَت فَوَدَّعَت / إِلَينا بِأَطرافِ البَنانِ وَأَومَتِ
وَما كانَ إِلّا أَن تَوَلَّت بِها النَوى / فَوَلّى عَزاءُ القَلبِ لَمّا تَوَلَّتِ
فَأَمّا عُيونُ العاشِقينَ فَأُسخِنَت / وَأَمّا عُيونُ الشامِتينَ فَقَرَّتِ
وَلَمّا دَعاني البَينُ وَلَّيتُ إِذ دَعا / وَلَمّا دَعاها طاوَعَتهُ وَلَبَّتِ
فَلَم أَرَ مِثلي كانَ أَوفى بِذِمَّةٍ / وَلا مِثلَها لَم تَرعَ عَهدي وَذِمَّتي
مَشوقٌ رَمَتهُ أَسهُمُ البَينِ فَاِنثَنى / صَريعاً لَها لَمّا رَمَتهُ فَأَصمَتِ
وَلَو أَنَّها غَيرَ النَوى فَوَّقَت لَهُ / بِأَسهُمِها لَم تُصمِ فيهِ وَأَشوَتِ
كَأَنَّ عَلَيها الدَمعَ ضَربَةَ لازِبٍ / إِذا ما حَمامُ الأَيكِ في الأَيكِ غَنَّتِ
لَئِن ظَمِئَت أَجفانُ عَيني إِلى البُكا / لَقَد شَرِبَت عَيني دَماً فَتَرَوَّتِ
عَلَيها سَلامُ اللَهِ أَنَّى اِستَقَلَّتِ / وَأَنَّى اِستَقَرَّت دارُها وَاِطمَأَنَّتِ
وَمَجهولَةِ الأَعلامِ طامِسَةِ الصَوى / إِذا اِعتَسَفَتها العيسُ بِالرَكبِ ضَلَّتِ
إِذا ما تَنادى الرَكبُ في فَلَواتِها / أَجابَت نِداءَ الرَكبِ فيها فَأَصدَتِ
تَعَسَّفتُها وَاللَيلُ مُلقٍ جِرانَهُ / وَجَوزاؤُهُ في الأُفقِ حينَ اِستَقَلَّتِ
بِمُفعَمَةِ الأَنساعِ موجِدَةِ القَرا / أَمونِ السُرى تَنجو إِذا العيسُ كَلَّتِ
طَموحٌ بِأَثناءِ الزِمامِ كَأَنَّما / تَخالُ بِها مِن عَدوِها طَيفُ جِنَّةِ
إِلى حَيثُ يُلفى الجودُ سَهلاً مَنالُهُ / وَخَيرَ اِمرِئٍ شُدَّت إِلَيهِ وَحَطَّتِ
إِلى خَيرِ مَن ساسَ الرَعِيَّةَ عَدلُهُ / وَوَطَّدَ أَعلامَ الهُدى فَاِستَقَرَّتِ
حُبَيشٌ حُبَيشُ بنُ المُعافى الَّذي بِهِ / أُمِرَّت حِبالُ الدينِ حَتّى اِستَمَرَّتِ
وَلَولا أَبو اللَيثِ الهُمامُ لَأَخلَقَت / مِنَ الدينِ أَسبابُ الهُدى وَأَرَثَّتِ
أَقَرَّ عَمودَ الدينِ في مُستَقَرِّهِ / وَقَد نَهَلَت مِنهُ اللَيالي وَعَلَّتِ
وَنادى المَعالي فَاِستَجابَت نِداءَهُ / وَلَو غَيرُهُ نادى المَعالي لَصَمَّتِ
وَنيطَت بِحَقوَيهِ الأُمورُ فَأَصبَحَت / بِظِلِّ جَناحَيهِ الأُمورُ اِستَظَلَّتِ
وَأَحيا سَبيلَ العَدلِ بَعدَ دُثورِهِ / وَأَنهَجَ سُبلَ الجودِ حينَ تَعَفَّتِ
وَيُلوي بِأَحداثِ الزَمانِ اِنتِقامُهُ / إِذاما خُطوبُ الدَهرِ بِالناسِ أَلوَتِ
وَيَجزيكَ بِالحُسنى إِذا كُنتَ مُحسِناً / وَيَغتَفِرُ العُظمى إِذا النَعلُ زَلَّتِ
يَلُمُّ اِختِلالَ المُعتَفينَ بِجودِهِ / إِذا ما مُلِمّاتُ الأُمورِ أَلَمَّتِ
هُمامٌ وَرِيُّ الزَندِ مُستَحصِدُ القُوى / إِذا ما الأُمورُ المُشكِلاتُ أَظَلَّتِ
إِذا ظُلُماتُ الرَأيِ أُسدِلَ ثَوبُها / تَطَلَّعَ فيها فَجرُهُ فَتَجَلَّتِ
بِهِ اِنكَشَفَت عَنّا الغَيايَةُ وَاِنفَرَت / جَلابيبُ جَورٍ عَمَّنا فَاِضمَحَلَّتِ
أَغَرُّ رَبيطُ الجَأشِ ماضٍ جَنانُهُ / إِذا ما القُلوبُ الماضِياتُ اِرجَحَنَّتِ
نَهوضٌ بِثِقلِ العِبءِ مُضطَلِعٌ بِهِ / وَإِن عَظُمَت فيهِ الخُطوبُ وَجَلَّتِ
تَطوعُ لَهُ الأَيّامُ خَوفاً وَرَهبَةً / إِذا اِمتَنَعَت مِن غَيرِهِ وَتَأَبَّتِ
لَهُ كُلَّ يَومٍ شَملُ مَجدٍ مُؤَلَّفٍ / وَشَملُ نَدىً بَينَ العُفاةِ مُشَتَّتِ
أَبا اللَيثِ لَولا أَنتَ لَاِنصَرَمَ النَدى / وَأَدرَكَتِ الأَحداثُ ما قَد تَمَنَّتِ
أَخافَ فُؤادَ الدَهرِ بَطشُكَ فَاِنطَوَت / عَلى رُعُبٍ أَحشاؤُهُ وَأَجَنَّتِ
حَلَلتَ مِنَ العِزِّ المُنيفِ مَحَلَّةً / أَقامَت بِفَودَيها العُلى فَأَبَنَّتِ
لِيَهنِئ تَنوخاً أَنَّهُم خَيرُ أُسرَةٍ / إِذا أُحصِيَت أولى البُيوتِ وَعُدَّتِ
وَأَنَّكَ مِنها في اللُبابِ الَّذي لَهُ / تَطَأطَأَتِ الأَحياءُ صُغراً وَذَلَّتِ
بَنى لِتَنوخَ اللَهُ عِزّاً مُؤَبَّداً / تَزِلُّ عَلَيهِ وَطأَةُ المُتَثَبِّتِ
إِذا ما حُلومُ الناسِ حِلمَكَ وازَنَت / رَجَحتَ بِأَحلامِ الرِجالِ وَخَفَّتِ
إِذا ما يَدُ الأَيّامِ مَدَّت بَنانَها / إِلَيكَ بِخَطبٍ لَم تَنَلكَ وَشَلَّتِ
وَإِن أَزَماتُ الدَهرِ حَلَّت بِمَعشَرٍ / أَرَقتَ دِماءَ المَحلِ فيها فَطُلَّتِ
إِذا ما اِمتَطَينا العيسَ نَحوَكَ لَم نَخَف / عِثاراً وَلَم نَخشَ اللُتَيّا وَلا الَّتي
أَقولُ لِمُرتادِ النَدى عِندَ مالِكٍ
أَقولُ لِمُرتادِ النَدى عِندَ مالِكٍ / تَعَوَّذ بِجَدوى مالِكٍ وَصِلاتِهِ
فَتىً جَعَلَ المَعروفَ مِن دونِ عِرضِهِ / سَريعاً إِلى المُمتاحِ قَبلَ عِداتِهِ
وَلَو قَصَّرَت أَموالُهُ عَن سَماحِهِ / لَقاسَمَ مَن يَرجوهُ شَطرَ حَياتِهِ
وَإِن لَم يَجِد في قِسمَةِ العُمرِ حيلَةً / وَجازَ لَهُ الإِعطاءُ مِن حَسَناتِهِ
لَجادَ بِها مِن غَيرِ كُفرٍ بِرَبِّهِ / وَآساهُمُ مِن صَومِهِ وَصَلاتِهِ
أَأَحمَدَ إِنَّ الحاسِدينَ حُشودُ
أَأَحمَدَ إِنَّ الحاسِدينَ حُشودُ / وَإِنَّ مَصابَ المُزنِ حَيثُ تُريدُ
فَلا تَبعُدَنَ مِنّي قَريباً فَطالَما / طُلِبتَ فَلَم تَبعُد وَأَنتَ بَعيدُ
أَصِخ تَستَمِع حُرَّ القَوافي فَإِنَّها / كَواكِبُ إِلّا أَنَّهُنَّ سُعودُ
وَلا تُمكِنِ الإِخلاقَ مِنها فَإِنَّما / يَلَذُّ لِباسُ البُردِ وَهُوَ جَديدُ
يَقولُ أُناسٌ في حَبيناءَ عايَنوا
يَقولُ أُناسٌ في حَبيناءَ عايَنوا / عِمارَةَ رَحلي مِن طَريفٍ وَتالِدِ
أَصادَفتَ كَنزاً أَم صَبَحتَ بِغارَةٍ / ذَوي غِرَّةٍ حاميهُمُ غَيرُ شاهِدِ
فَقُلتُ لَهُم لا ذا وَلا ذاكَ دَيدَني / وَلَكِنَّني أَقبَلتُ مِن عِندِ خالِدِ
جَذَبتُ نَداهُ غُدوَةَ السَبتِ جَذبَةً / فَخَرَّ صَريعاً بَينَ أَيدي القَصائِدِ
فَأُبتُ بِنُعمى مِنهُ بَيضاءَ لَدنَةٍ / كَثيرَةِ قَرحٍ في قُلوبِ الحَواسِدِ
هِيَ الناهِدُ الرَيا إِذا نِعمَةُ اِمرِئٍ / سُواهُ غَدَت مَمسوحَةً غَيرَ ناهِدِ
فَزَعتُ عِقابَ الأَرضِ وَالشِعرِ مادِحاً / لَهُ فَاِرتَقى بي في عِقابِ المَحامِدِ
فَأَلبَسَني مِن أُمَّهاتِ تِلادِهِ / وَأَلبَستُهُ مِن أُمَّهاتِ قَلائِدي
سَرَت تَستَجيرُ الدَمعَ خَوفَ نَوى غَدِ
سَرَت تَستَجيرُ الدَمعَ خَوفَ نَوى غَدِ / وَعادَ قَتاداً عِندَها كُلُّ مَرقَدِ
وَأَنقَذَها مِن غَمرَةِ المَوتِ أَنَّهُ / صُدودُ فِراقٍ لا صُدودُ تَعَمُّدِ
فَأَجرى لَها الإِشفاقُ دَمعاً مُوَرَّداً / مِنَ الدَمِ يَجري فَوقَ خَدٍّ مُوَرَّدِ
هِيَ البَدرُ يُغنيها تَوَدُّدُ وَجهِها / إِلى كُلِّ مَن لاقَت وَإِن لَم تَوَدَّدِ
وَلَكِنَّني لَم أَحوِ وَفراً مُجَمَّعاً / فَفُزتُ بِهِ إِلّا بِشَملٍ مُبَدَّدِ
وَلَم تُعطِني الأَيّامُ نَوماً مُسَكَّناً / أَلَذُّ بِهِ إِلّا بِنَومٍ مُشَرَّدِ
وَطولُ مُقامِ المَرءِ في الحَيِّ مُخلِقٌ / لِديباجَتَيهِ فَاِغتَرِب تَتَجَدَّدِ
فَإِنّي رَأَيتُ الشَمسَ زيدَت مَحَبَّةً / إِلى الناسِ أَن لَيسَت عَلَيهِم بِسَرمَدِ
حَلَفتُ بِرَبِّ البيضِ تَدمى مُتونُها / وَرَبِّ القَنا المُنآدِ وَالمُتَقَصَّدِ
لَقَد كَفَّ سَيفُ الصامِتِّيِ مُحَمَّدٍ / تَباريحَ ثَأرِ الصامِتِيِّ مُحَمَّدِ
رَمى اللَهُ مِنهُ بابَكاً وَوُلاتَهُ / بِقاصِمَةِ الأَصلابِ في كُلِّ مَشهَدِ
بِأَسمَحَ مِن غُرِّ الغَمامِ سَماحَةً / وَأَشجَعَ مِن صَرفِ الزَمانِ وَأَنجَدِ
إِذا ما دَعَوناهُ بِأَجلَحَ أَيمَنٍ / دَعاهُ وَلَم يَظلِم بِأَصلَعَ أَنكَدِ
فَتىً يَومَ بَذِّ الخُرَّمِيَّةِ لَم يَكُن / بِهَيّابَةٍ نِكسٍ وَلا بِمُعَرِّدِ
قِفا سَندَبايا وَالرِماحُ مُشيحَةٌ / تُهَدّى إِلى الروحِ الخَفِيِّ فَتَهتَدي
عَدا اللَيلُ فيها عَن مُعاوِيَةَ الرَدى / وَما شَكَّ رَيبُ الدَهرِ في أَنَّهُ رَدي
لَعَمري لَقَد حَرَّرتَ يَومَ لَقيتَهُ / لَوَ اِنَّ القَضاءَ وَحدَهُ لَم يُبَرِّدِ
فَإِن يَكُنِ المِقدارُ فيهِ مُفَنِّدا / فَما هُوَ في أَشياعِهِ بِمُفَنِّدِ
وَفي أَرشَقِ الهَيجاءِ وَالخَيلُ تَرتَمي / بِأَبطالِها في جاحِمٍ مُتَوَقِّدِ
عَطَطتَ عَلى رَغمِ العِدا عَزمَ بابِكٍ / بِصَبرِكَ عَطَّ الأَتحَمِيِّ المُعَضَّدِ
فَإِلّا يَكُن وَلّى بِشِلوٍ مُقَدَّدٍ / هُناكَ فَقَد وَلّى بِعَزمٍ مُقَدَّدِ
وَقَد كانَتِ الأَرماحُ أَبصَرنَ قَلبَهُ / فَأَرمَدَها سِترُ القَضاءِ المُمَدَّدِ
وَموقانَ كانَت دارَ هِجرَتِهِ فَقَد / تَوَرَّدتَها بِالخَيلِ أَيَّ تَوَرُّدِ
حَطَطتَ بِها يَومَ العَروبَةِ عِزَّهُ / وَكانَ مُقيماً بَينَ نَسرٍ وَفَرقَدِ
رَآكَ سَديدَ الرَأيِ وَالرُمحِ في الوَغى / تَأَزَّرُ بِالإِقدامِ فيهِ وَتَرتَدي
وَلَيسَ يُجَلّي الكَربَ رَأيٌ مُسَدَّدٌ / إِذا هُوَ لَم يُؤنَس بِرُمحٍ مُسَدَّدِ
فَمَرَّ مُطيعاً لِلعَوالي مُعَوَّداً / مِنَ الخَوفِ وَالإِحجامِ ما لَم يُعَوَّدِ
وَكانَ هُوَ الجَلدَ القُوى فَسَلَبتَهُ / بِحُسنِ الجِلادِ المَحضِ حُسنَ التَجَلُّدِ
لَعَمري لَقَد غادَرتَ حِسيَ فُؤادِهِ / قَريبَ رِشاءٍ لِلقَنا سَهلَ مَورِدِ
وَكانَ بَعيدَ القَعرِ مِن كُلِّ ماتِحٍ / فَغادَرتَهُ يُسقى وَيُشرَبُ بِاليَدِ
وَلِلكَذَجِ العُليا سَمَت بِكَ هِمَّةٌ / طَموحٌ يَروحُ النَصرُ فيها وَيَغتَدي
وَقَد خَزَمَت بِالذُلِّ أَنفَ اِبنِ خازِمٍ / وَأَعيَت صَياصيها يَزيدَ بنَ مَزيَدِ
فَقَيَّدتَ بِالإِقدامِ مُطلَقَ بَأسِهِم / وَأَطلَقتَ فيهِم كُلَّ حَتفٍ مُقَيَّدِ
وَبِالهَضبِ مِن أَبرِشتَويمَ وَدَروَذٍ / عَلَت بِكَ أَطرافُ القَنا فَاِعلُ وَاِزدَدِ
أَفادَتكَ فيها المُرهَفاتُ مَآثِراً / تُعَمَّرُ عُمرَ الدَهرِ إِن لَم تُخَلَّدِ
وَلَيلَةَ أَبلَيتَ البَياتَ بَلاءَهُ / مِنَ الصَبرِ في وَقتٍ مِنَ الصَبرِ مُجحِدِ
فَيا جَولَةً لا تَجحَديهِ وَقارَهُ / وَيا سَيفُ لا تَكفُر وَيا ظُلمَةُ اِشهَدي
وَيا لَيلُ لَو أَنّي مَكانَكَ بَعدَها / لَما بِتُّ في الدُنيا بِنَومٍ مُسَهَّدِ
وَقائِعُ أَصلُ النَصرِ فيها وَفَرعُهُ / إِذا عُدِّدَ الإِحسانُ أَو لَم يُعَدَّدِ
فَمَهما تَكُن مِن وَقعَةٍ بَعدُ لا تَكُن / سِوى حَسَنٍ مِمّا فَعَلتَ مُرَدَّدِ
مَحاسِنُ أَصنافِ المُغَنّينَ جَمَّةٌ / وَما قَصَباتُ السَبقِ إِلّا لِمَعبَدِ
جَلَوتَ الدُجى عَن أَذرَبيجانَ بَعدَما / تَرَدَّت بِلَونٍ كَالغَمامَةِ أَربَدِ
وَكانَت وَلَيسَ الصُبحُ فيها بِأَبيَضٍ / فَأَمسَت وَلَيسَ اللَيلُ فيها بِأَسوَدِ
رَأى بابَكٌ مِنكَ الَّتي طَلَعَت لَهُ / بِنَحسٍ وَلِلدينِ الحَنيفِ بِأَسعُدِ
هَزَزتَ لَهُ سَيفاً مِنَ الكَيدِ إِنَّما / تُجَذُّ بِهِ الأَعناقُ ما لَم يُجَرَّدِ
يَسُرُّ الَّذي يَسطو بِهِ وَهُوَ مُغمَدٌ / وَيَفضَحُ مَن يَسطو بِهِ غَيرَ مُغمَدِ
وَإِنّي لَأَرجو أَن تُقَلِّدَ جيدَهُ / قِلادَةَ مَصقولِ الذُبابِ مُهَنَّدِ
مُنَظَّمَةً بِالمَوتِ يَحظى بِحَليِها / مُقَلِّدُها في الناسِ دونَ المُقَلَّدِ
إِلَيكَ هَتكَنا جُنحِ لَيلٍ كَأَنَّهُ / قَدِ اِكتَحَلَت مِنهُ البِلادُ بِإِثمِدِ
تَقَلقَلُ بي أُدمُ المَهارى وَشومُها / عَلى كُلِّ نَشزٍ مُتلَئِبٍّ وَفَدفَدِ
تُقَلِّبُ في الآفاقِ صِلاً كَأَنَّما / يُقَلِّبُ في فَكَّيهِ شِقَّةَ مِبرَدِ
تَلافى جَداكَ المُجتَدينَ فَأَصبَحوا / وَلَم يَبقَ مَذخورٌ عَلى كُلِّ مَوعِدِ
إِذا ما رَحىً دارَت أَدَرتَ سَماحَةً / رَحى كُلِّ إِنجازٍ عَلى كُلِّ مَوعِدِ
أَتَيتُكَ لَم أَفزَع إِلى غَيرِ مَفزَعٍ / وَلَم أَنشُدِ الحاجاتِ في غَيرِ مَنشَدِ
وَمَن يَرجُ مَعروفَ البَعيدِ فَإِنَّما / يَدي عَوَّلَت في النائِباتِ عَلى يَدي
أَأَطلالَ هِندٍ ساءَ ما اِعتَضتِ مِن هِندِ
أَأَطلالَ هِندٍ ساءَ ما اِعتَضتِ مِن هِندِ / أَقايَضتِ حورَ العينِ بِالعونِ وَالرُبدِ
إِذا شِئنَ بِالأَلوانِ كُنَّ عِصابَةً / مِنَ الهِندِ وَالآذانِ كُنَّ مِنَ الصُغدِ
لَعُجنا عَلَيكِ العيسَ بَعدَ مَعاجِها / عَلى البيضِ أَتراباً عَلى النُؤيِ وَالوَدِّ
فَلا دَمعَ ما لَم يَجرِ في إِثرِهِ دَمٌ / وَلا وَجدَ ما لَم تَعيَ عَن صِفَةِ الوَجدِ
وَمَقدودَةٍ رُؤدٍ تَكادُ تَقُدُّها / إِصابَتُها بِالعَينِ مِن حَسَنِ القَدِّ
تُعَصفِرُ خَدَّيها العُيونُ بِحُمرَةٍ / إِذا وَرَدَت كانَت وَبالاً عَلى الوَردِ
إِذا زَهَّدَتني في الهَوى خيفَةُ الرَدى / جَلَت لِيَ عَن وَجهٍ يُزَهِّدُ في الزُهدِ
وَقَفتُ بِها اللَذّاتِ في مُتَنَفَّسٍ / مِنَ الغَيثِ يَسقي رَوضَةً في ثَرىً جَعدِ
وَصَفراءَ أَحدَقنا بِها في حَدائِقٍ / تَجودُ مِنَ الأَثمارِ بِالثَعدِ وَالمَعدِ
بِقاعِيَّةٍ تَجري عَلَينا كُؤوسُها / فَنُبدي الَّذي تُخفي وَنُخفي الَّذي تُبدي
بِنَصرِ بنِ مَنصورِ بنِ بَسّامٍ اِنفَرى / لَنا شَظَفُ الأَيّامِ عَن عيشَةٍ رَغدِ
أَلا لا يَمُدَّ الدَهرُ كَفّاً بِسَيِّئٍ / إِلى مُجتَدي نَصرٍ فَتُقطَع مِنَ الزَندِ
بِسَيبِ أَبي العَبّاسِ بُدِّلَ أَزلُنا / بِخَفضٍ وَصِرنا بَعدَ جَزرٍ إِلى مَدِّ
غَنيتُ بِهِ عَمَّن سِواهُ وَحُوِّلَت / عِجافُ رِكابي عَن سُعَيدٍ إِلى سَعدِ
لَهُ خُلُقٌ سَهلٌ وَنَفسٌ طِباعُها / لَيانٌ وَلَكِن عِرضُهُ مِن صَفاً صَلدِ
رَأَيتُ اللَيالي قَد تَغَيَّرَ عَهدُها / فَلَمّا تَراءى لي رَجَعنَ إِلى العَهدِ
أَسائِلَ نَصرٍ لا تَسَلهُ فَإِنَّهُ / أَحَنُّ إِلى الإِرفادِ مِنكَ إِلى الرَفدِ
فَتىً لا يُبالي حينَ تَجتَمِعُ العُلى / لَهُ أَن يَكونَ المالُ في السُحقِ وَالبُعدِ
فَتىً جودُهُ طَبعٌ فَلَيسَ بِحافِلٍ / أَفي الجَورِ كانَ الجودُ مِنهُ أَمِ القَصدِ
إِذا طَرَقَتهُ الحادِثاتُ بِنَكبَةٍ / مَخَضنَ سِقاءً مِنهُ لَيسَ بِذي زُبدِ
وَنَبَّهنَ مِثلَ السَيفِ لَو لَم تَسُلَّهُ / يَدانِ لَسَلَّتهُ ظَباهُ مِنَ الغِمدِ
سَأَحمَدُ نَصراً ما حَيِيتُ وَإِنَّني / لَأَعلَمُ أَن قَد جَلَّ نَصرٌ عَنِ الحَمدِ
تَجَلّى بِهِ رُشدي وَأَثرَت بِهِ يَدي / وَفاضَ بِهِ ثَمدي وَأَورى بِهِ زَندي
فَإِن يَكُ أَربى عَفوُ شُكري عَلى نَدى / أُناسٍ فَقَد أَربى نَداهُ عَلى جُهدي
وَمازالَ مَنشوراً عَلَيَّ نَوالُهُ / وَعِندي حَتّى قَد بَقيتُ بِلا عِندي
وَقَصَّرَ قَولي مِن بَعدِ ما أَرى / أَقولُ فَأُشجي أُمَّةً وَأَنا وَحدي
بَغَيتُ بِشِعري فَاِعتَلاهُ بِبَذلِهِ / فَلا يَبغِ في شِعرٍ لَهُ أَحَدٌ بَعدي
قِفوا جَدِّدوا مِن عَهدِكُم بِالمَعاهِدِ
قِفوا جَدِّدوا مِن عَهدِكُم بِالمَعاهِدِ / وَإِن هِيَ لَم تَسمَع لِنَشدانِ ناشِدِ
لَقَد أَطرَقَ الرَبعُ المُحيلُ لِفَقدِهِم / وَبَينِهِم إِطراقَ ثَكلانَ فاقِدِ
وَأَبقَوا لِضَيفِ الحُزنِ مِنِّيَ بَعدَهُم / قِرىً مِن جَوىً سارٍ وَطَيفِ مُعاوِدِ
سَقَتهُ ذُعافاً عادَةُ الدَهرِ فيهِمِ / وَسَمُّ اللَيالي فَوقَ سَمِّ الأَساوِدِ
بِهِ عِلَّةٌ لِلبَينِ صَمّاءُ لَم تُصِخ / لِبُرءٍ وَلَم توجِب عِيادَةَ عائِدِ
وَفي الكِلَّةِ الوَردِيَّةِ اللَونِ جُؤذُرٌ / مِنَ الإِنسِ يَمشي في رِقاقِ المَجاسِدِ
رَمَتهُ بِخُلفٍ بَعدَ أَن عاشَ حِقبَةً / لَهُ رَسَفانٌ في قُيودِ المَواعِدِ
غَدَت مُغتَدى الغَضبى وَأَوصَت خَيالَها / بِحَرّانَ نِضوِ العيسِ نِضوِ الخَرائِدِ
وَقالَت نِكاحُ الحُبِّ يُفسِدُ شَكلَهُ / وَكَم نَكَحوا حُبّاً وَلَيسَ بِفاسِدِ
سَآوي بِهَذا القَلبِ مِن لَوعَةِ الهَوى / إِلى ثَغَبٍ مِن نُطفَةِ اليَأسِ بارِدِ
وَأَروَعَ لا يُلقي المَقالِدَ لِاِمرِئٍ / فَكُلُّ اِمرِئٍ يُلقي لَهُ بِالمَقالِدِ
لَهُ كِبرِياءُ المُشتَري وَسُعودُهُ / وَسَورَةُ بَهرامٍ وَظَرفُ عُطارِدِ
أَغَرُّ يَداهُ فُرصَتا كُلِّ طالِبٍ / وَجَدواهُ وَقفٌ في سَبيلِ المَحامِدِ
فَتىً لَم يَقُم فَرداً بِيَومِ كَريهَةٍ / وَلا نائِلٍ إِلّا كَفى كُلَّ قاعِدِ
وَلا اِشتَدَّتِ الأَيّامُ إِلّا أَلانَها / أَشَمُّ شَديدُ الوَطءِ فَوقَ الشَدائِدِ
بَلَوناهُ فيها ماجِداً ذا حَفيظَةٍ / وَما كانَ رَيبُ الدَهرِ فيها بِماجِدِ
غَدا قاصِداً لِلحَمدِ حَتّى أَصابَهُ / وَكَم مِن مُصيبٍ قَصدَهُ غَيرُ قاصِدِ
هُمُ حَسَدوهُ لا مَلومينَ مَجدَهُ / وَما حاسِدٌ في المَكرُماتِ بِحاسِدِ
قَراني اللُهى وَالوُدَّ حَتّى كَأَنَّما / أَفادَ الغِنى مِن نائِلي وَفَوائِدي
فَأَصبَحَ يَلقاني الزَمانُ مِنَ اِجلِهِ / بِإِعظامِ مَولودٍ وَرَأفَةِ والِدِ
يَصُدُّ عَنِ الدُنيا إِذا عَنَّ سُؤدُدٌ / وَلَو بَرَزَت في زِيِّ عَذراءَ ناهِدِ
إِذا المَرءُ لَم يَزهَد وَقَد صُبِغَت لَهُ / بِعُصفُرِها الدُنيا فَلَيسَ بِزاهِدِ
فَواكَبِدي الحَرّى وَواكَبِدَ النَدى / لِأَيّامِهِ لَو كُنَّ غَيرَ بَوائِدِ
وَهَيهاتَ ما رَيبُ الزَمانِ بِمُخلِدٍ / غَريباً وَلا رَيبُ الزَمانِ بِخالِدِ
مُحَمَّدُ يا بنِ الهَيثَمِ بنِ شُبانَةٍ / أَبي كُلَّ دَفّاعٍ عَنِ المَجدِ ذائِدِ
هُمُ شَغَلوا يَومَيكَ بِالبَأسِ وَالنَدى / وَآتَوكَ زَنداً في العُلى غَيرَ خامِدِ
فَإِن كانَ عامٌ عارِمُ المَحلِ فَاِكفِهِ / وَإِن كانَ يَومٌ ذو جِلادٍ فَجالِدِ
إِذا السوقُ غَطَّت آنُفَ السوقِ وَاِغتَدَت / سَواعِدُ أَبناءِ الوَغى في السَواعِدِ
فَكَم لِلعَوالي فيكُمُ مِن مُنادِمٍ / وَلِلمَوتِ صِرفاً مِن حَليفٍ مُعاقِدِ
لِتُحلِفكُمُ النَعماءُ ريشَ جَناحِها / فَما الواحِدُ المَحمودُ مِنكُم بِواحِدِ
لَكُم ساحَةٌ خَضراءُ أَنّى اِنتَجَعتُها / غَدا فارِطي فيها صَدوقاً وَرائِدي
فَما قُلُبي فيها لِأَوَّلِ نازِحٍ / وَلا سَمُري فيها لِأَوَّلِ عاضِدِ
أَذابَت لِيَ الدُنيا يَمينُكَ بَعدَما / وَقَفتُ عَلى شُخبٍ مِنَ العَيشِ جامِدِ
وَنادَتنِيَ التَثويبَ لا أَنَّني اِمرُؤٌ / سَلاكَ وَلا اِستَثنى سِواكَ بِرافِدِ
وَلَكِنَّها مِنّي سَجايا قَديمَةٌ / إِذا لَم يُجَأجَأ بي فَلَستُ بِوارِدِ
وَكَم دِيَةٍ تِمٍّ غَدَوتَ تَسوقُها / لَها أَثَرٌ في تالِدي غَيرُ تالِدِ
وَلَيسَت دِياتٍ مِن دِماءٍ هَرَقتَها / حَراماً وَلَكِن مِن دِماءِ القَصائِدِ
وَلِلَّهِ أَنهارٌ مِنَ الناسِ شَقَّها / لِيَشرَعَ فيها كُلُّ مُقوٍ وَواجِدِ
مَوائِدُ رِزقٍ لِلعِبادِ خَصيبَةٌ / وَأَنتَ لَهُم مِن خَيرِ تِلكَ المَوائِدِ
أَفَضتَ عَلى أَهلِ الجَزيرَةِ نِعمَةً / إِذا شُهِدَت لَم تُخزِهِم في المَشاهِدِ
جَعَلتَ صَميمَ العَدلِ ظِلّاً مَدَدتَهُ / عَلى مَن بِها مِن مُسلِمٍ أَو مُعاهِدِ
فَقَد أَصبَحوا بِالعُرفِ مِنكَ إِلَيهِمُ / وَكُلٌّ مُقِرٌّ مِن مُقِرٍّ وَجاحِدِ
سَأَجهَدُ حَتّى أُبلِغَ الشِعرَ شَأوَهُ / وَإِن كانَ لي طَوعاً وَلَستُ بِجاهِدِ
فَإِن أَنا لَم يَحمَدكَ عَنِّيَ صاغِراً / عَدُوُّكَ فَاِعلَم أَنَّني غَيرُ حامِدِ
بِسَيّاحَةٍ تَنساقُ مِن غَيرِ سائِقٍ / وَتَنقادُ في الآفاقِ مِن غَيرِ قائِدِ
جَلامِدُ تَخطوها اللَيالي وَإِن بَدَت / لَها موضِحاتٌ في رُؤوسِ الجَلامِدِ
إِذا شَرَدَت سَلَّت سَخيمَةَ شانِئٍ / وَرَدَّت عُزوباً مِن قُلوبٍ شَوارِدِ
أَفادَت صَديقاً مِن عَدُوٍّ وَغادَرَت / أَقارِبَ دُنيا مِن رِجالٍ أَباعِدِ
مُحَبَّبَةً ما إِن تَزالُ تَرى لَها / إِلى كُلِّ أُفقٍ وافِداً غَيرَ وافِدِ
وَمُحلِفَةً لَمّا تَرِد أُذنَ سامِعٍ / فَتَصدُرَ إِلّا عَن يَمينٍ وَشاهِدِ
تَجَرَّع أَسىً قَد أَقفَرَ الجَرَعُ الفَردُ
تَجَرَّع أَسىً قَد أَقفَرَ الجَرَعُ الفَردُ / وَدَع حِسيَ عَينٍ يَحتَلِب ماءَها الوَجدُ
إِذا اِنصَرَفَ المَحزونُ قَد فَلَّ صَبرَهُ / سُؤالُ المَغاني فَالبُكاءُ لَهُ رِدُّ
بَدَت لِلنَوى أَشياءُ قَد خِلتُ أَنَّها / سَيَبدَأُني رَيبُ الزَمانِ إِذا تَبدو
نَوىً كَاِنقِضاضِ النَجمِ كانَت نَتيجَةً / مِنَ الهَزلِ يَوماً إِنَّ هَزلَ الهَوى جِدُّ
فَلا تَحسَبا هِنداً لَها الغَدرُ وَحدَها / سَجِيَّةَ نَفسٍ كُلُّ غانِيَةٍ هِندُ
وَقالوا أُسىً عَنها وَقَد خَصَمَ الأُسى / جَوانِحُ مُشتاقٍ إِذا خاصَمَت لُدُّ
وَعَينٌ إِذا هَيَّجتَها عادَتِ الكَرى / وَدَمعٌ إِذا اِستَنجَدتَ أَسرابَهُ نَجدُ
وَما خَلفَ أَجفاني شُؤونٌ بَخيلَةٌ / وَلا بَينَ أَضلاعي لَها حَجَرٌ صَلدُ
وَكَم تَحتَ أَرواقِ الصَبابَةِ مِن فَتىً / مِنَ القَومِ حُرٍّ دَمعُهُ لِلهَوى عَبدُ
وَما أَحَدٌ طارَ الفِراقُ بِقَلبِهِ / بِجَلدٍ وَلَكِنَّ الفِراقَ هُوَ الجَلدُ
وَمَن كانَ ذا بَثٍّ عَلى النَأيِ طارِفٍ / فَلي أَبَداً مِن صَرفِهِ حُرَقٌ تُلدُ
فَلا مَلِكٌ فَردُ المَواهِبِ وَاللُهى / يُجاوِزُ بي عَنهُ وَلا رَشَأٌ فَردُ
مُحَمَّدُ يا بنَ الهَيثَمِ اِنقَلَبَت بِنا / نَوىً خَطَأٌ في عَقبِها لَوعَةٌ عَمدُ
وَحِقدٌ مِنَ الأَيّامِ وَهيَ قَديرَةٌ / وَشَرُّ السَجايا قُدرَةٌ جارُها حِقدُ
إِساءَةَ دَهرٍ أَذكَرَت حُسنَ فِعلِهِ / إِلَيَّ وَلَولا الشَريُ لَم يُعرَفِ الشُهدُ
أَما وَأَبي أَحداثِهِ إِنَّ حادِثاً / حَدا بِيَ عَنكَ العيسَ لَلحادِثُ الوَغدُ
مِنَ النَكباتِ الناكِباتِ عَنِ الهَوى / فَمَحبوبُها يَحبو وَمَكروهُها يَعدو
لَيالِيَنا بِالرَقَّتَينِ وَأَهلِها / سَقى العَهدَ مِنكِ العَهدُ وَالعَهدُ وَالعَهدُ
سَحابٌ مَتى يَسحَب عَلى النَبتِ ذَيلَهُ / فَلا رَجِلٌ يَنبو عَلَيهِ وَلا جَعدُ
ضَرَبتُ لَها بَطنَ الزَمانِ وَظَهرَهُ / فَلَم أَلقَ مِن أَيّامِها عِوَضاً بَعدُ
لَدى مَلِكٍ مِن أَيكَةِ الجودِ لَم يَزَل / عَلى كَبِدِ المَعروفِ مِن فِعلِهِ بَردُ
رَقيقِ حَواشي الحِلمِ لَو أَنَّ حِلمَهُ / بِكَفَّيكَ ما مارَيتَ في أَنَّهُ بُردُ
وَذو سَورَةٍ تَفري الفَرِيَّ شَباتُها / وَلا يَقطَعُ الصَمّامُ لَيسَ لَهُ حَدُّ
وَداني الجَدا تَأتي عَطاياهُ مِن عَلٍ / وَمَنصِبُهُ وَعرٌ مَطالِعُهُ جُردُ
فَقَد نَزَلَ المُرتادُ مِنهُ بِماجِدٍ / مَواهِبُهُ غَورٌ وَسُؤدُدُهُ نَجدُ
غَدا بِالأَماني لَم يُرِق ماءَ وَجهِهِ / مِطالٌ وَلَم يَقعُد بِآمالِهِ الرَدُّ
بِأَوفاهُمُ بَرقاً إِذا أَخلَفَ السَنا / وَأَصدَقِهِم رَعداً إِذا كَذَبَ الرَعدُ
أَبَلِّهِم ريقاً وَكَفّاً لِسائِلٍ / وَأَنضَرِهِم وَعداً إِذا صَوَّحَ الوَعدُ
كَريمٌ إِذا أَلقى عَصاهُ مُخَيِّماً / بِأَرضٍ فَقَد أَلقى بِها رَحلَهُ المَجدُ
بِهِ أَسلَمَ المَعروفُ بِالشامِ بَعدَما / ثَوى مُنذُ أَودى خالِدٌ وَهوَ مُرتَدُّ
فَتىً لا يَرى بُدّاً مِنَ البَأسِ وَالنَدى / وَلا شَيءَ إِلّا مِنهُ غَيرَهُما بُدٌّ
حَبيبٌ بَغيضٌ عِندَ راميكَ عَن قِلىً / وَسَيفٌ عَلى شانيكَ لَيسَ لَهُ غِمدٌ
وَكَم أَمطَرَتهُ نَكبَةٌ ثُمَّ فُرِّجَت / وَلِلَّهِ في تَفريجِها وَلَكَ الحَمدُ
وَكَم كانَ دَهراً لِلحَوادِثِ مُضغَةً / فَأَضحَت جَميعاً وَهيَ عَن لَحمِهِ دُردُ
تُصارِعُهُ لَولاكَ كُلُّ مُلِمَّةٍ / وَيَعدو عَلَيهِ الدَهرُ مِن حَيثُ لا يَعدو
تَوَسَّطتَ مِن أَبناءِ ساسانَ هَضبَةً / لَها الكَنَفُ المَحلولُ وَالسَنَدُ النَهدُ
بِحَيثُ اِنتَمَت زُرقُ الأَجادِلِ مِنهُمُ / عُلُوّاً وَقامَت عَن فَرائِسِها الأُسدُ
أَلَم تَرَ أَنَّ الجَفرَ جَفرَكَ في العُلى / قَريبُ الرِشاءِ لا جَرورٌ وَلا ثَمدُ
إِذا صَدَرَت عَنهُ الأَعاجِمُ كُلُّها / فَأَوَّلُ مَن يُروى بِهِ بَعدَها الأَزدُ
لَهُم بِكَ فَخرٌ لا الرِبابُ تُرِبُّهُ / بِدَعوى وَلَم تَسعَد بِأَيّامِهِ سَعدُ
وَكَم لَكَ عِندي مِن يَدٍ مُستَهِلَّةٍ / عَلَيَّ وَلا كُفرانَ عِندي وَلا جَحدُ
يَدٌ يُستَذَلُّ الدَهرُ في نَفَحاتِها / وَيَخضَرُّ مِن مَعروفِها الأُفقُ الوَردُ
وَمِثلِكَ قَد خَوَّلتُهُ المَدحَ جازِياً / وَإِن كُنتَ لا مِثلٌ إِلَيكَ وَلا نِدُّ
نَظَمتُ لَهُ عِقداً مِنَ الشِعرِ تَنضُبُ ال / بِحارُ وَما داناهُ مِن حَليِها عِقدُ
تَسيرُ مَسيرَ الشَمسِ مُطَّرَفاتُها / وَما السَيرُ مِنها لا العَنيقُ وَلا الوَخدُ
تَروحُ وَتَغدو بَل يُراحُ وَيُغتَدى / بِها وَهيَ حَيرى لا تَروحُ وَلا تَغدو
تُقَطِّعُ آفاقَ البِلادِ سَوابِقاً / وَما اِبتَلَّ مِنها لا عِذارٌ وَلا خَدُّ
غَرائِبُ ما تَنفَكُّ فيها لُبانَةٌ / لِمُرتَجِزٍ يَحدو وَمُرتَجِلٍ يَشدو
إِذا حَضَرَت ساحَ المُلوكِ تُقُبِّلَت / عَقائِلُ مِنها غَيرُ مَلموسَةٍ مُلدُ
أُهينَ لَها ما في البُدورِ وَأُكرِمَت / لَدَيهِم قَوافيها كَما يُكرَمُ الوَفدُ
أَبا القاسِمِ المَحمودَ إِن ذُكِرَ الحَمدُ
أَبا القاسِمِ المَحمودَ إِن ذُكِرَ الحَمدُ / وُقيتَ رَزايا ما يَروحُ وَما يَغدو
وَطابَت بِلادٌ أَنتَ فيها فَأَصبَحَت / وَمَربَعُها غَورٌ وَمُصطافُها نَجدُ
فَإِن تَكُ قَد نالَتكَ أَطرافُ وَعكَةٍ / فَلا عَجَبٌ أَن يوعَكَ الأَسَدُ الوَردُ
سَلِمتَ وَإِن كانَت لَكَ الدَعوَةُ اِسمُها / وَكانَ الَّذي يَحظى بِإِنجاحِها السَعدُ
فَقَد أَصبَحَت مِن صُفرَةٍ في وُجوهِها / وَراياتِها سِيّانِ غَمّاً بِكَ الأَزدُ
بِنا لا بِكَ الشَكوى فَلَيسَ بِضائِرٍ / إِذا صَحَّ نَصلُ السَيفِ ما لَقِيَ الغِمدُ
شَهِدتُ لَقَد أَقوَت مَغانيكُمُ بَعدي
شَهِدتُ لَقَد أَقوَت مَغانيكُمُ بَعدي / وَمَحَّت كَما مَحَّت وَشائِعُ مِن بُردِ
وَأَنجَدتُمُ مِن بَعدِ إِتهامِ دارِكُم / فَيا دَمعُ أَنجِدني عَلى ساكِني نَجدِ
لَعَمري لَقَد أَخلَقتُمُ جَدَّةَ البُكا / بُكاءً وَجَدَّدتُم بِهِ خَلَقَ الوَجدِ
وَكَم أَحرَزَت مِنكُم عَلى قُبحِ قَدِّها / صُروفُ النَوى مِن مُرهَفٍ حَسَنِ القَدِّ
وَمِن زَفرَةٍ تُعطي الصَبابَةَ حَقَّها / وَتوري زِنادَ الشَوقِ تَحتَ الحَشا الصَلدِ
وَمِن جيدِ غَيداءِ التَثَنّي كَأَنَّما / أَتَتكَ بِلَيتَيها مِنَ الرَشَأِ الفَردِ
كَأَنَّ عَلَيها كُلَّ عِقدٍ مَلاحَةً / وَحُسناً وَإِن أَمسَت وَأَضحَت بِلا عِقدِ
وَمِن نَظرَةٍ بَينَ السُجوفِ عَليلَةٍ / وَمُحتَضَنٍ شَختٍ وَمُبتَسَمٍ بَردِ
وَمِن فاحِمٍ جَعدٍ وَمِن كَفَلٍ نَهدِ / وَمِن قَمَرٍ سَعدٍ وَمِن نائِلٍ ثَمدِ
مَحاسِنُ ما زالَت مَساوٍ مِنَ النَوى / تُغَطّي عَلَيها أَو مَساوٍ مِنَ الصَدِّ
سَأَجهَدُ عَزمي وَالمَطايا فَإِنَّني / أَرى العَفوَ لا يُمتاحُ إِلّا مِنَ الجَهدِ
إِذا الجِدُّ لَم يَجدِد بِنا أَو تَرى الغِنى / صُراحاً إِذا ما صُرِّحَ الجَدُّ بِالجِدِّ
وَكَم مَذهَبِ سَبطِ المَناديحِ قَد سَعَت / إِلَيكَ بِهِ الأَيّامُ مِن أَمَلٍ جَعدِ
سَرَينَ بِنا زَهواً يَخِدنَ وَإِنَّما / يَبيتُ وَيُمسي النُجحُ في كَنَفِ الوَخدِ
قَواصِدُ بِالسَيرِ الحَثيثِ إِلى أَبي ال / مُغيثِ فَما تَنفَكُّ تُرقِلُ أَو تَخدي
إِلى مُشرِقِ الأَخلاقِ لِلجودِ ما حَوى / وَيَحوي وَما يُخفي مِنَ الأَمرِ أَو يُبدي
فَتىً لَم تَزَل تُفضي بِهِ طاعَةُ النَدى / إِلى العيشَةِ العَسراءِ وَالسُؤدُدِ الرَغدِ
إِذا وَعَدَ اِنهَلَّت يَداهُ فَأَهدَتا / لَكَ النُجحَ مَحمولاً عَلى كاهِلِ الوَعدِ
دَلوحانِ تَفتَرُّ المَكارِمُ عَنهُما / كَما الغَيثُ مُفتَرٌّ عَنِ البَرقِ وَالرَعدِ
إِلَيكَ هَدَمنا ما بَنَت في ظُهورِها / ظُهورُ الثَرى الرِبعِيِّ مِن فَدَنٍ نَهدِ
سَرَت تَحمِلُ العُتبى إِلى العَتبِ وَالرِضا / إِلى السُخطِ وَالعُذرَ المُبينَ إِلى الحِقدِ
أَموسى بنَ إِبراهيمَ دَعوَةَ خامِسٍ / بِهِ ظَمَأُ التَثريبِ لا ظَمَأُ الوَردِ
جَليدٌ عَلى عَتبِ الخُطوبِ إِذا اِلتَوَت / وَلَيسَ عَلى عَتبِ الأَخلاءِ بِالجَلدِ
أَتاني مَعَ الرُكبانِ ظَنٌّ ظَنَنتَهُ / لَفَفتُ لَهُ رَأسي حَياءً مِنَ المَجدِ
لَقَد نَكَبَ الغَدرُ الوَفاءَ بِساحَتي / إِذاً وَسَرَحتُ الذَمَّ في مَسرَحِ الحَمدِ
وَهَتَّكتُ بِالقَولِ الخَنا حُرمَةَ العُلى / وَأَسلَكتُ حُرَّ الشِعرِ في مَسلَكِ العَبدِ
نَسيتُ إِذاً كَم مِن يَدٍ لَكَ شاكَلَت / يَدَ القُربِ أَعدَت مُستَهاماً عَلى البُعدِ
وَمِن زَمَنٍ أَلبَستَنيهِ كَأَنَّهُ / إِذا ذُكِرَت أَيّامُهُ زَمَنُ الوَردِ
وَأَنَّكَ أَحكَمتَ الَّذي بَينَ فِكرَتي / وَبَينَ القَوافي مِن ذِمامٍ وَمِن عَقدِ
وَأَصَّلتَ شِعري فَاِعتَلى رَونَقَ الضُحى / وَلَولاكَ لَم يَظهَر زَماناً مِنَ الغِمدِ
وَكَيفَ وَما أَخلَلتُ بَعدَكَ بِالحِجا / وَأَنتَ فَلَم تُخلِل بِمَكرُمَةٍ بَعدي
أَأُلبِسُ هُجرَ القَولِ مَن لَو هَجَوتُهُ / إِذاً لَهَجاني عَنهُ مَعروفُهُ عِندي
كَريمٌ مَتى أَمدَحهُ أَمدَحهُ وَالوَرى / مَعي وَمَتى ما لُمتُهُ لُمتُهُ وَحدي
وَلَو لَم يَزَعني عَنكَ غَيرَكَ وازِعٌ / لَأَعدَيتَني بِالحِلمِ إِنَّ العُلى تُعدي
أَبى ذاكَ أَنّي لَستُ أَعرِفُ دائِماً / عَلى سُؤدُدٍ حَتّى يَدومَ عَلى العَهدِ
وَأَنّي رَأَيتُ الوَسمَ في خُلُقِ الفَتى / هُوَ الوَسمُ لا ما كانَ في الشَعرِ وَالجِلدِ
أَرُدُّ يَدي عَن عِرضِ حُرٍّ وَمَنطِقي / وَأَملَأُها مِن لِبدَةِ الأَسَدِ الوَردِ
فَإِن يَكُ جُرمٌ عَنَّ أَو تَكُ هَفوَةٌ / عَلى خَطَإٍ مِنّي فَعُذري عَلى عَمدِ
عَفَت أَربُعُ الحِلّاتِ لِلأَربُعِ المُلدِ
عَفَت أَربُعُ الحِلّاتِ لِلأَربُعِ المُلدِ / لِكُلِّ هَضيمِ الكَشحِ مَجدولَةِ القَدِّ
لِسَلمى سَلامانٍ وَعَمرَةِ عامِرٍ / وَهِندِ بَني هِندٍ وَسُعدى بَني سَعدِ
دِيارٌ هَراقَت كُلَّ عَينٍ شَحيحَةٍ / وَأَوطَأَتِ الأَحزانَ كُلَّ حَشاً صَلدِ
فَعوجا صُدورَ الأَرحَبِيِّ وَأَسهِلا / بِذاكَ الكَثيبِ السَهلِ وَالعَلَمِ الفَردِ
وَلا تَسأَلاني عَن هَوىً قَد طَعِمتُما / جَواهُ فَلَيسَ الوَجدُ إِلّا مِنَ الوَجدِ
حَطَطتُ إِلى أَرضِ الجُدَيدِيِّ أَرحُلي / بِمَهرِيَّةٍ تَنباعُ في السَيرِ أَو تَخدي
تَؤُمُّ شِهابَ الحَربِ حَفصاً وَرَهطُهُ / بَنو الحَربِ لا يَنبو ثَراهُم وَلا يُكدي
وَمَن شَكَّ أَنَّ الجودَ وَالبَأسَ فيهِمُ / كَمَن شَكَّ في أَنَّ الفَصاحَةَ في نَجدِ
أَنَختُ إِلى ساحاتِهِم وَجَنابِهِم / رِكابي وَأَضحى في دِيارِهِم وَفدي
إِلى سَيفِهِم حَفصٍ وَمازالَ يُنتَضى / لَهُم مِثلُ ذاكَ السَيفِ مِن تِلكَ الغِمدِ
فَلَم أَغشَ باباً أَنكَرَتني كِلابُهُ / وَلَم أَتَشَبَّث بِالوَسيلَةِ مِن بُعدِ
فَأَصبَحتُ لا ذُلُّ السُؤالِ أَصابَني / وَلا قَدَحَت في خاطِري رَوعَةُ الرَدِّ
يَرى الوَعدَ أَخزى العارِ إِن هُوَ لَم تَكُن / مَواهِبُهُ تَأتي مُقَدَّمَةَ الوَعدِ
فَلَو كانَ ما يُعطيهِ غَيثاً لَأَمطَرَت / سَحائِبُهُ مِن غَيرِ بَرقٍ وَلا رَعدِ
دَرِيَّةُ خَيلٍ ما يَزالُ لَدى الوَغى / لَهُ مِخلَبٌ وَردٌ مِنَ الأَسَدِ الوَردِ
مِنَ القَومِ جَعدٌ أَبيَضُ الوَجهِ وَالنَدى / وَلَيسَ بَنانٌ يُجتَدى مِنهُ بِالجَعدِ
وَأَنتَ وَقَد مَجَّت خُراسانُ داءَها / وَقَد نَغِلَت أَطرافُها نَغَلَ الجِلدِ
وَأَوباشُها خُزرٌ إِلى العَرَبِ الأُلى / لِكَيما يَكونَ الحُرُّ مِن خَوَلِ العَبدِ
لَيالِيَ باتَ العِزُّ في غَيرِ بَيتِهِ / وَعُظِّمَ وَغدُ القَومِ في الزَمَنِ الوَغدِ
وَما قَصَدوا إِذ يَسحَبونَ عَلى المُنى / بُرودَهُمُ إِلّا إِلى وارِثِ البُردِ
وَراموا دَمَ الإِسلامِ لا مِن جَهالَةٍ / وَلا خَطَإٍ بَل حاوَلوهُ عَلى عَمدِ
فَمَجّوا بِهِ سَمّاً وَصاباً وَلَو نَأَت / سُيوفُكَ عَنهُم كانَ أَحلى مِنَ الشَهدِ
ضَمَمتَ إِلى قَحطانَ عَدنانَ كُلَّها / وَلَم يَجِدوا إِذ ذاكَ مِن ذاكَ مِن بُدِّ
فَأَضحَت بِكَ الأَحياءُ أَجمَعُ أُلفَةً / كَما أُحكِمَت في النَظمِ واسِطَةُ العِقدِ
وَكُنتَ هُناكَ الأَحنَفَ الطِبَّ في بَني / تَميمٍ جَميعاً وَالمُهَلَّبَ في الأَزدِ
وَكُنتَ أَبا غَسّانَ مالِكَ وائِلٍ / عَشِيَّةَ دانى حَلفَهُ الحِلفُ بِالعَقدِ
وَلَمّا أَماتَت أَنجُمُ العَرَبِ الدُجى / سَرَت وَهيَ أَتباعٌ لِكَوكَبِكَ السَعدِ
وَهَل أَسَدُ العِرّيسِ إِلّا الَّذي لَهُ / فَضيلَتُهُ في حَيثُ مُجتَمَعُ الأُسدِ
فَهُم مِنكَ في جَيشٍ قَريبٍ قُدومُهُ / عَلَيهِمُ وَهُم مِن يُمنِ رَأيِكَ في جُندِ
وَوَقَّرتَ يافوخَ الجَبانِ عَلى الرَدى / وَزِدتَ غَداةَ الرَوعِ في نَجدَةِ النَجدِ
رَأَيتَ حُروبَ الناسِ هَزلاً وَإِن عَلا / سَناها وَتِلكَ الحَربُ مُعتَمَدُ الجِدِّ
فَيا طيبَ مَجناها وَيا بَردَ وَقعِها / عَلى الكَبِدِ الحَرّى وَزادَ عَلى البَردِ
وَرَفَّعتَ طَرفاً كانَ لَولاكَ خاشِعاً / وَأَورَدتَ ذَودَ العِزِّ في أَوَّلِ الوِردِ
فَتىً بَرَّحَت هِمّاتُهُ وَفِعالُهُ / بِهِ فَهوَ في جُهدٍ وَما هُوَ في جَهدِ
مَتَتُّ إِلَيهِ بِالقَرابَةِ بَينَنا / وَبِالرَحِمِ الدُنيا فَأَغنَت عَنِ الوُدِّ
رَأى سالِفَ الدُنيا وَشابِكَ آلِهِ / أَحَقَّ بِأَن يَرعاهُ في سالِفِ العَهدِ
فَيا حُسنَ ذاكَ البِرِّ إِذ أَنا حاضِرٌ / وَيا طيبَ ذاكَ القَولِ وَالذِكرِ مِن بَعدي
وَما كُنتُ ذا فَقرٍ إِلى صُلبِ مالِهِ / وَما كانَ حَفصٌ بِالفَقيرِ إِلى حَمدي
وَلَكِن رَأى شُكري قِلادَةَ سُؤدُدٍ / فَصاغَ لَها سِلكاً بَهِيّاً مِنَ الرِفدِ
فَما فاتَني ما عِندَهُ مِن حِبائِهِ / وَلا فاتَهُ مِن فاخِرِ الشِعرِ ما عِندي
وَكَم مِن كَريمٍ قَد تَخَضَّرَ قَلبُهُ / بِذاكَ الثَناءِ الغَضِّ في طُرُقِ المَجدِ
مُحَمَّدُ إِنّي بَعدَها لِمُذَمَّمُ
مُحَمَّدُ إِنّي بَعدَها لِمُذَمَّمُ / إِذا ما لِساني خانَني فيكَ أَو شُكري
لَئِن بَقِيَت لي فيكَ آثارُ مَنطِقٍ / لَقَد بَقِيَت آثارُ كَفَّيكَ في دَهري
لَقيتَ صُروفَ الدَهرِ دونِيَ تابِعاً / لِأَمرِ العُلى فَاِختَرتَ شُكري عَلى عُذري
فَأَولَيتَني في النائِباتِ صَنائِعاً / كَأَنَّ أَياديها فُجِرنَ مِنَ البَحرِ
خَلائِقَ لَو كانَت مِنَ الشِعرِ سَمَّجَت / بَدائِعُها ما اِستَحسَنَ الناسُ مِن شِعري
فَعَلَّمتَني أَن أُلبِسَ الحَمدَ أَهَلَهُ / وَذَكَّرتَني ما قَد نَسيتُ مِنَ الشُكرِ
شَجاً في الحَشى تَردادُهُ لَيسَ يَفتُرُ
شَجاً في الحَشى تَردادُهُ لَيسَ يَفتُرُ / بِهِ صُمنَ آمالي وَإِنّي لَمُفطِرُ
حَلَفتُ بِمُستَنِّ المُنى تَستَرِشُّهُ / سَحابَةُ كَفٍّ بِالرَغائِبِ تُمطِرُ
إِذا دَرَجَت فيهِ الصَبا كَفكَفَت لَها / وَقامَ لُباريها أَبو الفَضلِ جَعفَرُ
بِسَيبٍ كَأَنَّ السَيفَ مِن ثَرِّ نُؤيِهِ / وَأَندِيَةٍ مِنها نَدى النَوءِ يُعصَرُ
لَقَد زينَتِ الدُنيا بِأَيّامِ ماجِدٍ / بِهِ المُلكُ يَبهى وَالمَفاخِرُ تَفخَرُ
فَتىً مِن يَدَيهِ البَأسُ يَضحَكُ وَالنَدى / وَفي سَرجِهِ بَدرٌ وَلَيثٌ غَضَنفَرُ
بِهِ اِئتَلَفَت آمالُ وافِدَةِ المُنى / وَقامَت لَدَيهِ جَمَّةً تَتَشَكَّرُ
أَبا الفَضلِ إِنّي يَومَ جِئتُكَ مادِحاً / رَأَيتُ وُجوهَ الجودِ وَالنُجحِ تَزهَرُ
وَأَيقَنتُ أَنّي فالِجٌ غَمرَ زاخِرِ / تَثوبُ إِلَيهِ بِالسَماحَةِ اَبحُرُ
فَلا شَيءَ أَمضى مِن رَجائِكَ في النَدى / وَلا شَيءَ أَبقى مِن ثَناءٍ يُحَبَّرُ
وَما تَنصُرُ الأَسيافُ نَصرَ مَديحَةٍ / لَها عِندَ أَبوابِ الخَلائِفِ مَحضَرُ
إِذا ما اِنطَوى عَنها اللَئيمُ بِسَمعِهِ / يَكونُ لَها عِندَ الأَكارِمِ مُنشَرُ
لَها بَينَ أَبوابِ المُلوكِ مَزامِرٌ / مِنَ الذِكرِ لَم تُنفَخ وَلا تُتَزَمَّرُ
حَوَت راحَتاهُ الباسَ وَالجودَ وَالنَدى / وَنالَ الحِجا فَالجَهلُ حَيرانُ أَزوَرُ
فَلا يَدَعُ الإِنجازَ يَملِكُ أَمرَهُ / وَيَقدُمُهُ في الجودِ مَطلٌ مُؤَخَّرُ
إِلَيكَ بِها عَذراءَ زُفَّت كَأَنَّها / عَروسٌ عَلَيها حَليُها يَتَكَسَّرُ
تُزَفُّ إِلَيكُم يا بنَ نَصرٍ كَأَنَّها / حَليلَةُ كِسرى يَومَ آواهُ قَيصَرُ
أَبا الفَضلِ إِنَّ الشِعرَ مِمّا يُميتُهُ / إِباءُ الفَتى وَالمَجدُ يَحيا وَيُقبَرُ