المجموع : 10
بسيفكَ صالَ الدينُ في الشرق والغربِ
بسيفكَ صالَ الدينُ في الشرق والغربِ / ودارت على الأعداءِ دائرَةُ الحربِ
وأذعنَ ناءٍ واستقامَ مُعانِدٌ / ولان قياداً كُلُّ مُمتَنِعٍ صَعبِ
لواؤكَ منصورٌ وسعدُكَ غالبُ
لواؤكَ منصورٌ وسعدُكَ غالبُ / وحزبكَ للأعداءِ عنكَ مُحارِبُ
لقد ثكلت أمُّ المناوي وغرَّرَت / مبادئُ من أحوالهِ وعواقِبُ
سما لاستراقِ السمعِ من وهداتِهِ / ودونَ سماءِ المُلكِ شُهبٌ ثواقِبُ
تلاقى عليه البرُّ والبحرُ تَرتَمي / سفينٌ إلى استئصالهِ وكتائِبُ
غريقٌ بِغَرقى مثلِهِ مُتمسِّكٌ / وموجُ المنايا مثلُهُم مُتَراكِبُ
هوت بِهُمُ الأطماعُ في هُوَّةِ الرَّدى / وغرتهُمُ جَهلاً بُروقٌ خَوالِبُ
أطاعُوا غوياً لم تُقَيِّدهُ شِرعَةٌ / وَلَم تُرِهِ وَجهَ الصَّوابِ التجارِبُ
مُغيبُ وجه الرأي والوَجهُ حائِرٌ / يُرى حاضِراً في أمرِهِ وهوَ غائِبُ
دعاهُم إلى آجالِهِم فتهافَتُوا / كما جمعَ الأعوادَ للنَّارِ حاطِبُ
تصامَمَ عن وَعظِ الزمانِ بِقَلبِهِ / وأعرضَ عن وَجهِ الهُدى وهو لاحِبُ
تخيلَ أن الناصِريَّةَ دارُهُ / يُطاعِنُ عَن ساحاتها وَيُضَاربُ
وفي الغيبِ من إنجادِ طائفةِ الهُدى / ونصر أميرِ المؤمنين غرائبُ
هو الامرُ أمرُ اللَهِ ليس يَفوتُهُ / مُناوٍ ولا ينأى عليه مناصب
وما هارِبٌ منهُ ولو بَلَغَ السُّها / بِناجٍ وهل ينجو من اللَه هارب
بناصرِها المنصورِ تاهت خِلافَةٌ / تُناسِبُهُ في حُسنِهِ ويناسِبُ
إمامٌ لَهُ فَضلٌ على الخلقِ باهِرٌ / ومَرتَبَةٌ تنحطُّ عنها المراتِبُ
مناقِبُهُ مثلُ الكواكِبِ كثرةً / ونُوراً ألا اللَهِ تلكَ المناقِبُ
هي الدوحةُ الشماءُ في الأرضِ أصلُها / وقد زاحَمَت مِنها السماءَ الذوائبُ
له نسبةٌ قيسيةٌ قدسيةٌ / تُقِرُّ لها بالمعلواتِ مُواهِبُ
بقيتم أميرَ المؤمنينَ وسعدُكُم / تُهَزُّ قناً منهُ وتنضى قواضِبُ
مشى اللومُ في الدُنيا طَريداً مُشرَّداً
مشى اللومُ في الدُنيا طَريداً مُشرَّداً / يَجوبُ بلادَ اللَهِ شَرقَاً ومَغرِبا
فلمَّا أتى فاساً تَلَقَّاهُ أهلُها / وقالوا لهُ أهلاً وسهلاً ومرحبا
أطاعَكَ صرفُ الدهرِ في مُهجِ العِدا
أطاعَكَ صرفُ الدهرِ في مُهجِ العِدا / وأصدرَ عمَّا شِئتَ فيهم وأورَدا
بعثتَ أمامَ الجيشِ جيشَ مهابةٍ / أقامَهُمُ في كُلِّ أرضٍ واقعدا
سعودك نبلٌ لو قصدت بها السها / لكان على بعدِ المسافة مقصدا
تركت بقايا السيفِ لفَ حصارِهِ / رماداً تهادته العواصف رمددا
جرى بهم الإمهالُ شأواً مغرباً / وأعمتهم عن رشدهم فسحة المدى
هو الفتحُ أعيا من أطالَ مرجزاً / وفات مداه من أطال مقصداً
قضى اللَه أن يحظى به أسعدُ الورى / فكان أمير المؤمنين محمداً
أحاطَت بغاياتِ العُلا والمفاخِرِ
أحاطَت بغاياتِ العُلا والمفاخِرِ / على قدمِ الدنيا هِلالُ بنُ عامِرِ
وزانُوا سماءَ المجدِ بَدءاً وعودَةً / بِزُهرِ خِصالٍ كالنجومِ الزواهرِ
هُمُ المضريونَ الذينَ سُيُوفُهم / صَواعِقُ بأسٍ تنتحي كُلَّ كافِرِ
أوائِلُهُم في الجُودِ والبَأسِ غايَةً / وكَم تركُوا مِن غايةٍ للأواخِرِ
وكم فيهُمُ من مثلِ كعبٍ وهاشمٍ / وكم لَهُمُ من مثلِ عَمروٍ وعامِرِ
وكم قد أقامُوا من عُروشٍ موائلٍ / وكم قد أقالُوا من جُدُودٍ عَواثِرِ
وكم لَهُمُ من حكمَةٍ تبهرُ النُّهى / ومن مثلٍ في الشرقِ والغربِ سائِرِ
ومن خطبةٍ تستنزلُ العصمَ من علٍ / وتقضِي بتكبيلِ النفوسِ النوافر
هُم أطلعُوا في ليلٍ كُلِّ عجاجَةٍ / كواكبَ أطراف الرماحِ الخواطِرِ
هُمُ مزقوا بالبيضِ كُلَّ ممزقٍ / ممالِكَ شادتها مُلُوكُ الأكاسر
أجيبت بهم في آلِ ساسانَ دعوَةٌ / بخيرِ عبادِ اللَهِ بادٍ وحاضِرِ
مآثِرُ أسلافٍ تلاها بنوهُمُ / بأمثالها ألآكرم بها من مآثرِ
وآخرُ مجدٍ شفَّعُوه بأولٍ / وأولُ مجدٍ شفعوهُ بآخرِ
لهم كل جلدٍ في الجلادِ مشمر / سريعٍ إلى صوتِ الصريخِ مُبادِر
هِزبرٌ عليهِ لبدَةٌ من مفاضَةٍ / ونابٌ وظُفرٌ من سنانٍ وباتِرِ
إذا صالَ يومَ الروعِ أوردَ قرنَهُ / موارِدَ موتٍ مالَها من مصادِرِ
تُعاينُ منهُ مثلَ بازٍ مُصَرصِرٍ / على مثلِ فتخاءِ الجناحين كاسِرٍ
إذا شبَّتِ الهيجاءُ أولَ واردٍ / وإن خفَّتِ الأبطالُ آخِرَ صادِر
يُبادِرُ منهُ القرنُ أغلَبَ غالِبٍ / حديدَ شبا الأنيابِ دامي الأظافرِ
يَثورُ إليهِ حاسِرَاً غيرَ دارِعٍ / ويقضي عليه دارِعاً غيرَ حاسِرِ
بَني عامرٍ أنتُم صَميمٌ فَصَمِّمُوا / إلى الموتِ تصميمَ الليوثِ الخوادِرِ
ولا تتوانوا في حُظُوظِ نُفُوسِكثم / فإنكُم أهلُ النهى والبصائر
ومن شكرِ آلاء الخليفةِ صولةٌ / على الكفرِ تبقى غامِراً كلَّ عامِرِ
تميلُ الجبالُ الشمُّ منها مخافَةً / وتسكنُ أمواجُ البحارِ الزواخرِ
ولا بُدَّ من يَومٍ على الكُفرِ أيومٍ / تَعُمُّ بهِ الدنيا وفودُ البشائِرِ
دعاكُم لما يُحييكُمُ وارِثُ الهُدى / وجامِعُ أشتاتِ العُلا والمفاخرِ
وأحزَمُ من ساسَ الديانَةَ والدُّنا / وأكرَمُ مأمولٍ وأحلمُ قادِرِ
إلى امرِهِ في كُلِّ أمرٍ ونهيهِ / يَرُوحُ ويغدُو كُلُّ ناهٍ وآخِرِ
إذا نامَتِ الأملاكُ عمَّا يهمُّها / رعى الدينَ والدنيا لهُ طَرف ساهِرِ
فلا بَرَحَ الإسلامُ منهُ مؤيَّداً / بمنصُورِ راياتٍ على الكُفرِ ناصِرِ
هو الفتحُ أعيا وصفُهُ النظمَ والنثرا
هو الفتحُ أعيا وصفُهُ النظمَ والنثرا / وعمَّت جميعَ المسلمينَ به البُشرى
وأنجدَ في الدنيا وغارَ حديثُهُ / فراقَت بهِ حُسناً وطابَت بهِ نَشرا
تميَّزَ بالأحجالِ والغُرَرِ التي / أقَلُّ سناها يَبهُرُ الشمسَ والبَدرا
لقد أوردَ الأذفنشُ شيعتَهُ الردى / وساقَهُم جهلاً إلى البطشة الكُبرى
حكى فِعلَ إبليسٍ بأصحابهِ الأُلى / تبرأ منهم حينَ أوردهُم بَدرا
أطارَتهُ شدَّاتٌ تولى أمامها / شريداً وأنسته التعاظُمَ والكِبرا
رأى الموتَ للأبطالِ حوليهِ ينتقي / فطارَ إلى أقصى مصارِعِه ذُعراً
وقد أوردته الموتَ طعنةُ ثائرٍ / وإن لم يفارِق من شقاوتِهِ العُمرا
ولم يبقَ من أفنى الزمانُ حُماتَهُ / وجرَّعَه من فقد أنصارِهِ صبرا
ألوفٌ غدت مأهولةً بهمِ الفَلا / وأمست خلاءً منهُمُ دُورُهُم قَفرا
ودارَت رحى الهيجا عليهم فأصبحوا / هشيماً طحيناً في مَهبِّ الصبا مُذرى
يطيرُ بأشلاءٍ لهُم كلُّ قشعمٍ / فما شِئتَ من نسرٍ غدا بطنُهُ قَبرا
فكيف رأى المُغترُّ عقبى اغترارِهِ / وكيف رأى الغدارُ في غيهِ الغدرا
وكان يرى أقطارَ أندلُسٍ لَهُ / متى يرمِ لم يخطئ بأسهمِهِ قُطرا
فَسلاه يومُ الأربعاءِ عن المُنى / فما يرتجي ممَّا تملكَهُ شبرا
إذا عزلتهُ الرومُ كانت نجاتَهُ / وقد أحرقت جمرُ المنايا بهِ غَدرا
فتعساً له ما دامَ حياً ولالعاً / وكسراً له ما دام حياً ولا جبرا
وسهلتِ المرقى إليه صوارِمٌ / كثيرٌ بها القتلى قليلٌ بها الأسرى
وأثمرَه الصبرُ الذي لم تزل بهِ / حُماةُ الهدى والدينِ تستنزلُ النصرا
وأسلمَ مما أثلثهُ جُدودهُ / نجومَ قِلاعٍ تزحَمُ الأنجمَ الزُّهرا
من النيراتِ الزهرِ ضوءاً ورفعَةً / وإن لم يسموها سماكاً ولا نسرا
تعوذَ بالركضِ الحثيثِ من الردى / فلو سابقَ الأرواحَ غادرها حسرى
وما صبرُ من أفنى الزمانُ حماتهُ / وجرعَهُ من فقدِ أنصارِهِ صبرا
حكت أخت صخرٍ في الرزايا نساؤُهُم / كما قد حكى أبطالهم في الردى صخرا
تضحضح في وقتٍ من الدهرِ بحرُهُ / وقد ضاقتِ الآفاقُ من فيضِهِ دهرا
معزُّ الهدى معلبه حامي ذماره / يُجيرُ على أعدائِهِ البرَّ والبحرا
معانٌ بأمدادِ الملائكِ منزلٌ / من المعقلِ الأسمى مناوِئه قسرا
رأى السبلَ شتى فاتقاها تورعاً / وسار على المثلى فيسرَ لليُسرى
ومن قامَ للإسلامِ مثلَ مقامِهِ / يَكُن شُكرُهُ فرضاً وأمداحهُ ذِكرا
تحلى بصدقِ السرِّ والجهرِ شيمَةً / حباهُ بها من يعلمُ السرَّ والجهرا
له عسكرُ مجرٌ من الصبرِ والتقى / يردُّ على أعقابِهِ العسكرَ المجرا
أغاث به اللَه البلادَ وأهلها / وصيَّرَ غايات الفتوحِ له ذخرا
يقصرُ فيهِ كُل مثنٍ وإن غلا / وأجرى إلى أقصى نهايته الفِكرا
بيُمنِ الإمامِ الصالحِ المُصلح الرِّضا / نضى سيفَهُ الإسلامُ فاستأصَلَ الكُفرا
فلا زالَ بالنصرِ الإلهيِّ يقتضي / بشائِرَ تحصي قبلِ إحصائها القطرا
خليلي دعوى برحتَ بخفاءِ
خليلي دعوى برحتَ بخفاءِ / ألا انزلا رحل الأسى بفنائي
وهدا من الصبرِ الجميلِ بنائي / قفا ساعداني لات حينَ عزائي
قفا نبك من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ /
أيتركُ ربعٌ للرسالةِ سبسبُ / تجيءُ به هوجُ الرياحِ وتذهبُ
ولا تنهمي فيه العيونُ وتسكبُ / وتظلعُ أعناقَ الذنوب وتنهب
بسقء اللوى بين الدخولِ فحومَلِ /
دِيارُ الهدى بالخيفِ والحجراتِ / إلى ملتقى جمعٍ إلى عرفاتِ
مجاري سيولِ الغيمِ والعبرات / معارفُ هدي أصبحت نكراتِ
لما نسجتها من جنوبٍ وشمألِ /
عذيري من رزءٍ بصبريَ يعبثُ / ومن شانيء في عقدةِ الصبرِ ينفثُ
وأي مصابٍ عهدُهُ ليسَ ينكثُ / كأني إذا ما القومُ عنهُ تحدثُوا
لدى سمُراتِ الحيِّ ناقفُ حَنظَلِ /
ألا يا رسولَ اللَهِ صدري توهَّجا / لمصرعِ سبطٍ في الدماءِ تضرجا
فعطلت جيدَ اليأسِ من حيلةِ الرَّجا / فتعساً لأقوامٍ يُريُدونَ لي نَجا
يقولونَ لا تهلك أسى وتجملِ /
على مثلِ ما أمسي من الحبِّ أصبحُ / زنادُ فؤادي باللواعجِ تقدحُ
ولو أن قلبي للتجلدِ يجنحُ / لفاضت جفوني بالسواكب تطفحُ
على النحرِ حتى بل دمعي محملي /
عهودُ مصابي امنت يد فاسخِ / ومحكمُهُ لا يتقي حكم ناسخِ
فلو أشتكيه للنجومِ البواذخِ / لعالت بنعي السبط صرخةُ صارِخِ
فقالت لك الويلاتُ إنكَ مُرجلي /
أقول لحزنٍ في الحسين تأكدا / تملك فُؤادي متهماً فيه منجدا
ولو غيرُ هذا الرزءِ راحَ أو اغتدى / لناديتهُ قبلَ الوُصولِ مُرَدِّدا
عَقَرت بعيري يامرأ القيسِ فانزلِ /
سهامُ الأسى هذا فؤادي فانفذي / في ألمي بعدَ الحُسينِ تلذذي
ومن عبرتي والثكلِ أروى وأغتذي / ويا مقلتي من أن تشحي تعوذي
ولا تبعديني من جناكِ المُعَلَّلِ /
وركب إذا جاراهم البرقُ يعثرُ / تذكرت فيهم كربلاء فأجأر
وغيداء لا تدي الأسى كيف يخطُرُ / بثتت لها ما كنت بالطفِّ أضمرُ
فألهيتها عن ذي تمائم محولِ /
مجلي الأسى في ملعب الصدرِ برزا / وماطِلُ ذاك الدمعِ وفي وأنجزا
وحل الأسى من قلبي الصبِّ مركزا / فغايةُ هذا الحزنِ أن يتحيزا
بشقٍّ وشقٍّ عندنا لم يحولِ /
عزائي في عشواء ثكلي خابطُ / وسهدي إلى وردِ المدامعِ فارِطُ
وللقلبِ في مهوى الوجيبِ مساقِطُ / تعدَّت شجونٌ في القضايا قواسِطُ
عليَّ وآلت حَلفَةً لم تحلَّلِ /
أما لعُهودِ الهاشميينَ حافِظُ / فبالطفِّ يومٌ للرسالةِ غائِظُ
على ثكلِهِ قلبُ الكريمِ مُحافِظُ / فيا مهجتي إني على السبطِ فائِظُ
فسلي ثيابي من ثيابك تنسلِ /
نجيعُ حفيدِ المصطفى كيفَ يُسفَكُ / ورِقُّ بنيهِ بعدَهُ كيفَ يُملَكُ
فيا كربلا والكَربُ لي ممتلك / ليكفيكِ مني أن ذكركِ مُهلِكُ
وأنكِ مهما تأمري القلبَ يَفعلِ /
أيا حسرتي يوم أنتأوا وتحملوا / إلى كربلا مأوى القُلُوبِ تنقلوا
ليسبوا على حكم الضلالِ ويقتلوا / فيا رزءهم صمم ومثلكَ يَفعَلُ
بسهميكَ في أعشارِ قلبٍ مُقتَّلِ /
أيا فاسِقاً قاد الغُرورُ شكائمه / فأورد في صدر الحسينِ صوارِمَه
تهيأ ليومِ الحشر تجرع علاقِمَه / فمالكَ منجىً من خصومةِ فاطِمَه
وما إن أرى عنكَ العماية تنجلي /
تبرأ من قلبٍ بلذتهِ اعتنى / وآلُ رسولِ اللَهِ في شرِّ مجتنى
إذا ما اقتضوا ورداً أحيلوا على القنا / وعترةُ حربٍ في جنى روضَةِ المنى
غذاها نميرُ الماءِ غيرِ المُحللِ /
عصوا في احتمال الرأس يا ويح من عصى / وخلوا حسيناً في الثرى متقصما
لكي يدركوا عند ابن حربٍ تخلصا / كأن سنا رأسِ الحُسينِ على العصا
منارةُ ممسى راهِبٍ متبتلِ /
فؤادي صرح بالجوى لا تعرِّض / ويا دمعُ ذهب وجتنتي لا تفضضِ
ويا سهري من طيبِ نومي تعوَّضِ / فما عُمرُ أحزاني عليهِ بِمُنقَصِ
وليسَ فؤادي عن هواها بِمُنسَلِ /
مُصابُ حسينٍ رأسُ مالِ الفجائع / فلاتكُ في سلوانِ قلبي بطامِعِ
وقَرطِس بسهمِ العتبِ غيرَ مسامعي / ثكلتكَ من ناهٍ عن الحزنِ وازعِ
نصيحٍ على تعذالِهِ غيرِ مُؤتلِ /
إلى اللَه من عبدٍ على سيّدٍ بغى / فغادره تحت العجاج ممرغا
يُنادي رسولَ اللَه في أزمة الوغى / أجرني من باغٍ بِعُدوانِهِ طَغَى
عليَّ بأنواعِ الهُمُومِ ليبتلي /
ألا أنه يومٌ على الطفِّ آزِفُ / بهِ نُكِّرَت لابنِ الرَسُولِ معارِفُ
وساعَدَه قلبٌ هنالكَ واجِفُ / فنادى ظلامَ الظلمِ والنحرُ راعِفُ
ألا أيُّها الليلُ الطويلُ ألا انجلِ /
أيا حاديَ المُختارِ جلدِي يُمَزَّقُ / بِعُدوانِ قومٍ غيُّهم يَتَفَرَّقُ
وكيفَ تحنُّ اليومَ أو كيفَ تُشفِقُ / قُلُوبُ عِداً عن مَوقِفِ الوَعظِ تُزهِقُ
كَجُلمُودِ صخرٍ حَطَّهُ السيلُ من عَلِ /
أيا أمَّةَ الطُغيانِ ما لَكُمُ حِسُّ / علامَ بناءُ الدارِ إن هُدِّمَ الأُسُّ
أترجونَ إصباحاً وقد غابتِ الشمسُ / وزَلَّ بكُم عن دينكم ذلكَ الرجسُ
كما زلتِ الصفواءُ بالمتنزلِ /
رويتم وضجَّ السبطُ فيكُم تعطشا / فسقيتموه ظالمينَ دم الحشا
ألا رُبَّ حقدٍ في صدورِكُم فشا / فأغريتمُ للصارِمِ العضبِ أرقشا
بجيدِ مُعَمٍّ في العشيرةِ مُخوَلِ /
قضى اللَه أن يقضي على القَمَرِ السُّها / فراشةُ سَوءٍ زَلزَلَت عُصبَةَ النُّهى
فشعرُ الحسينِ بالنجيعِ تموَّها / ترى الدمَ في تلكَ الذوائِبِ مُشبِها
عُصارةَ حَنَّاءٍ بِشَيبٍ مُرَجَّلِ /
بقايا ضُلُوعي فوقَ جمرِ الغَضى تُطوى / ودمعيَ يَسقي حرَّ صدري فلا يُروى
لرزءٍ أن يغلبَ الأضعفُ الأقوى / وينزلَ أهلُ الفِسقِ في أربُعِ التَّقوى
نُزولَ اليَماني ذي العِيابِ المُحَمَّلِ /
فَرُمتُ بهِ قلباً عن الصبرِ أجفلا / تحملَ من برحِ الجَوَى ما تحمَّلا
ولا ناصِرٌ يُعدي على جَور كَربلا / على أنَّ لي دمعاً إذا ما تسبَّلا
يَكُبُّ على الأذقانِ دَوحَ الكنهبلِ /
لمثلِكَ من رزءٍ عصيتُ عزائيا / وأعطيتُ أشجان قيادَ بُكائيا
فلو أنني ناجيتُ طوداً يمانيا / لأذرفَ دمعاً أفضح الغيمَ هاميا
فأنزلَ منهُ العُصمَ من كُلِّ مَنزِلِ /
لأنتحلنَّ الدهرَ حبَّ بني علي / وأتلُوا مراثيهم على كُلِّ محفلِ
عسى جدهُم يومَ الجزا أن يمدَّ لي / بغفرِ ذنوبي راحةَ المتفضلِ
فأظفَرَ بالرحمى من الملكِ العلي /
أياسا معي هذا الرثاء ترحموا / على مسرفٍ قد طال منه التجرمُ
مؤخرّ سعيٍ حُبُّهُ متقدِّمُ / عسى يتلقاهُ النبيُ المُكرَّمُ
بوجهٍ يُرَقيهِ لكلِّ مؤمّلِ /
لقد كنتَ تحكي في التجهمِ مالكاً
لقد كنتَ تحكي في التجهمِ مالكاً / وكانت بك الأحوالُ تحكي جهنما
فما أعظم البُشرى بعودك خامِلاً / وغيرُكَ قد أضحى النبيهَ المقدَّما
لك النصرُ حزبٌ والمقاديرُ أعوانُ
لك النصرُ حزبٌ والمقاديرُ أعوانُ / فحسبُ أعاديكَ انقيادٌ وإذعانُ
وما تعصم الأعداءَ منكَ حصونها / ولا الأسدَ خفانٌ ولا العصم ثهلانُ
أنابت إلى أمرِ الإلهِ مَيُرقَةٌ / فليسَ عليها للشقاوةِ سُلطانُ
هنيئاً لك الإعلان بالحقِّ بعدما / تمادى لها بالزورِ والإفكِ إعلانُ
غرائب سنتها السعادة لم يكن / ليحسبها تجري على الفكر إنسانُ
فبعداً وسحقاً لابن إسحاقَ إنهُ / مطيعٌ لأحلامِ الكرى وهو يقظانُ
سواءٌ لديهِ من غباوةِ طبعه / هلاكٌ ومنجاةٌ وربحٌ وخسران
فمن حيث رام العزَّ جاءته ذلةٌ / ومن حيثُ رامَ الحظَّ لاقاه حرمانُ
يرى الأرض ذات الطول والعرض حلقةً / وكان له فيها مكانٌ وإمكان
ويهوى لقاءَ الموتِ لما أضافهُ / إلى نوبٍ تنتابُهُ وهي ألوانُ
به لا بظبيٍ بالصريمةِ أعفرٍ / فقد طاحَ منهُ مارِدُ الإنسِ شيطانُ
تصامَمَ عن وعظِ الزمانِ بقلبهِ / ومن دونهِ عندِ الألباءِ سحبانُ
وكان له فيمن تقدم زاجرٌ / ولكن ذوُو الأهواءِ صُمٌّ وعميانُ
وهل هوَ إلا من أناسٍ تهافتوا / فراشاً على أسيافكم وهي نيرانُ
عصوا دعوة المهدي وهي سفينةٌ / فأغرقهم طغيانهم وهو طوفانُ
رغا فوقهم سقب السماءِ فأصبحوا / كأنهمُ في عالم الأرضِ ما كانوا
وما الجنُّ ممن يرعوي عن تمردٍ / على حالةٍ لولا النبيُّ سليمانُ
ولما دهى من سحرِ فرعونَ ما دهى / أتيحت عصا موسى له وهي ثعبانُ
لقد ألبسَ اللَهُ الخلافةَ بهجةً / بملكٍ به يُزهى الوجودُ ويزدانُ
بأبلجَ أما شيمُ نورِ جبينهِ / فيمنٌ وأما حبهُ فهوَ إيمانُ
تعمُّ أياديهِ ولكن نجارُهُ / تُخَصُّ بهِ دُونَ البريةِ عدنانُ
مدائحُهُ في الحالِ عزٌّ ورفعةٌ / وفوزٌ عظيمٌ في المآلِ ورضوانُ
تهللَ وجهاً واستهلَّ أنامِلاً / فأرضى المعالي منهُ حسنٌ وإحسانُ
إذا ما تجلى أو جرى ذكرُ مجدِهِ / فللهِ ما تعطى عيونٌ وآذانُ
كأن جميعَ الحُسنِ خَطَّ بوجهِهِ / كتاباً له في صفحةِ البدرِ عُنوانُ
إذا ما تروى ناظرٌ من روائه / تمنى إليه عودةً وهو ظمآنُ
أنا السابقُ المربي على كل سابقٍ / وللشعرِ ميدانٌ رحيبٌ وفرسانُ
وإني مع الإحسانِ عنكم مقصرٌ / ولو كان في عوني زيادٌ وحسانُ
وما الشعر إلا السحر غير محرمٍ / وإلا فما تغني قوافٍ وأوزانُ
وما كل نجمٍ كالدراري شهرةً / ولا كلها في رفعة القدر كيوانٌ
سعودُكَ من يرتابُ فيها وللورى / عليها دليلٌ كل يومٍ وبرهانُ
إذا كان أملاكُ الزمانِ أراقِماً
إذا كان أملاكُ الزمانِ أراقِماً / فإنكَ فيهم دائم الدهرِ ثُعبانُ