القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو العباس الجُراوي الكل
المجموع : 10
بسيفكَ صالَ الدينُ في الشرق والغربِ
بسيفكَ صالَ الدينُ في الشرق والغربِ / ودارت على الأعداءِ دائرَةُ الحربِ
وأذعنَ ناءٍ واستقامَ مُعانِدٌ / ولان قياداً كُلُّ مُمتَنِعٍ صَعبِ
لواؤكَ منصورٌ وسعدُكَ غالبُ
لواؤكَ منصورٌ وسعدُكَ غالبُ / وحزبكَ للأعداءِ عنكَ مُحارِبُ
لقد ثكلت أمُّ المناوي وغرَّرَت / مبادئُ من أحوالهِ وعواقِبُ
سما لاستراقِ السمعِ من وهداتِهِ / ودونَ سماءِ المُلكِ شُهبٌ ثواقِبُ
تلاقى عليه البرُّ والبحرُ تَرتَمي / سفينٌ إلى استئصالهِ وكتائِبُ
غريقٌ بِغَرقى مثلِهِ مُتمسِّكٌ / وموجُ المنايا مثلُهُم مُتَراكِبُ
هوت بِهُمُ الأطماعُ في هُوَّةِ الرَّدى / وغرتهُمُ جَهلاً بُروقٌ خَوالِبُ
أطاعُوا غوياً لم تُقَيِّدهُ شِرعَةٌ / وَلَم تُرِهِ وَجهَ الصَّوابِ التجارِبُ
مُغيبُ وجه الرأي والوَجهُ حائِرٌ / يُرى حاضِراً في أمرِهِ وهوَ غائِبُ
دعاهُم إلى آجالِهِم فتهافَتُوا / كما جمعَ الأعوادَ للنَّارِ حاطِبُ
تصامَمَ عن وَعظِ الزمانِ بِقَلبِهِ / وأعرضَ عن وَجهِ الهُدى وهو لاحِبُ
تخيلَ أن الناصِريَّةَ دارُهُ / يُطاعِنُ عَن ساحاتها وَيُضَاربُ
وفي الغيبِ من إنجادِ طائفةِ الهُدى / ونصر أميرِ المؤمنين غرائبُ
هو الامرُ أمرُ اللَهِ ليس يَفوتُهُ / مُناوٍ ولا ينأى عليه مناصب
وما هارِبٌ منهُ ولو بَلَغَ السُّها / بِناجٍ وهل ينجو من اللَه هارب
بناصرِها المنصورِ تاهت خِلافَةٌ / تُناسِبُهُ في حُسنِهِ ويناسِبُ
إمامٌ لَهُ فَضلٌ على الخلقِ باهِرٌ / ومَرتَبَةٌ تنحطُّ عنها المراتِبُ
مناقِبُهُ مثلُ الكواكِبِ كثرةً / ونُوراً ألا اللَهِ تلكَ المناقِبُ
هي الدوحةُ الشماءُ في الأرضِ أصلُها / وقد زاحَمَت مِنها السماءَ الذوائبُ
له نسبةٌ قيسيةٌ قدسيةٌ / تُقِرُّ لها بالمعلواتِ مُواهِبُ
بقيتم أميرَ المؤمنينَ وسعدُكُم / تُهَزُّ قناً منهُ وتنضى قواضِبُ
مشى اللومُ في الدُنيا طَريداً مُشرَّداً
مشى اللومُ في الدُنيا طَريداً مُشرَّداً / يَجوبُ بلادَ اللَهِ شَرقَاً ومَغرِبا
فلمَّا أتى فاساً تَلَقَّاهُ أهلُها / وقالوا لهُ أهلاً وسهلاً ومرحبا
أطاعَكَ صرفُ الدهرِ في مُهجِ العِدا
أطاعَكَ صرفُ الدهرِ في مُهجِ العِدا / وأصدرَ عمَّا شِئتَ فيهم وأورَدا
بعثتَ أمامَ الجيشِ جيشَ مهابةٍ / أقامَهُمُ في كُلِّ أرضٍ واقعدا
سعودك نبلٌ لو قصدت بها السها / لكان على بعدِ المسافة مقصدا
تركت بقايا السيفِ لفَ حصارِهِ / رماداً تهادته العواصف رمددا
جرى بهم الإمهالُ شأواً مغرباً / وأعمتهم عن رشدهم فسحة المدى
هو الفتحُ أعيا من أطالَ مرجزاً / وفات مداه من أطال مقصداً
قضى اللَه أن يحظى به أسعدُ الورى / فكان أمير المؤمنين محمداً
أحاطَت بغاياتِ العُلا والمفاخِرِ
أحاطَت بغاياتِ العُلا والمفاخِرِ / على قدمِ الدنيا هِلالُ بنُ عامِرِ
وزانُوا سماءَ المجدِ بَدءاً وعودَةً / بِزُهرِ خِصالٍ كالنجومِ الزواهرِ
هُمُ المضريونَ الذينَ سُيُوفُهم / صَواعِقُ بأسٍ تنتحي كُلَّ كافِرِ
أوائِلُهُم في الجُودِ والبَأسِ غايَةً / وكَم تركُوا مِن غايةٍ للأواخِرِ
وكم فيهُمُ من مثلِ كعبٍ وهاشمٍ / وكم لَهُمُ من مثلِ عَمروٍ وعامِرِ
وكم قد أقامُوا من عُروشٍ موائلٍ / وكم قد أقالُوا من جُدُودٍ عَواثِرِ
وكم لَهُمُ من حكمَةٍ تبهرُ النُّهى / ومن مثلٍ في الشرقِ والغربِ سائِرِ
ومن خطبةٍ تستنزلُ العصمَ من علٍ / وتقضِي بتكبيلِ النفوسِ النوافر
هُم أطلعُوا في ليلٍ كُلِّ عجاجَةٍ / كواكبَ أطراف الرماحِ الخواطِرِ
هُمُ مزقوا بالبيضِ كُلَّ ممزقٍ / ممالِكَ شادتها مُلُوكُ الأكاسر
أجيبت بهم في آلِ ساسانَ دعوَةٌ / بخيرِ عبادِ اللَهِ بادٍ وحاضِرِ
مآثِرُ أسلافٍ تلاها بنوهُمُ / بأمثالها ألآكرم بها من مآثرِ
وآخرُ مجدٍ شفَّعُوه بأولٍ / وأولُ مجدٍ شفعوهُ بآخرِ
لهم كل جلدٍ في الجلادِ مشمر / سريعٍ إلى صوتِ الصريخِ مُبادِر
هِزبرٌ عليهِ لبدَةٌ من مفاضَةٍ / ونابٌ وظُفرٌ من سنانٍ وباتِرِ
إذا صالَ يومَ الروعِ أوردَ قرنَهُ / موارِدَ موتٍ مالَها من مصادِرِ
تُعاينُ منهُ مثلَ بازٍ مُصَرصِرٍ / على مثلِ فتخاءِ الجناحين كاسِرٍ
إذا شبَّتِ الهيجاءُ أولَ واردٍ / وإن خفَّتِ الأبطالُ آخِرَ صادِر
يُبادِرُ منهُ القرنُ أغلَبَ غالِبٍ / حديدَ شبا الأنيابِ دامي الأظافرِ
يَثورُ إليهِ حاسِرَاً غيرَ دارِعٍ / ويقضي عليه دارِعاً غيرَ حاسِرِ
بَني عامرٍ أنتُم صَميمٌ فَصَمِّمُوا / إلى الموتِ تصميمَ الليوثِ الخوادِرِ
ولا تتوانوا في حُظُوظِ نُفُوسِكثم / فإنكُم أهلُ النهى والبصائر
ومن شكرِ آلاء الخليفةِ صولةٌ / على الكفرِ تبقى غامِراً كلَّ عامِرِ
تميلُ الجبالُ الشمُّ منها مخافَةً / وتسكنُ أمواجُ البحارِ الزواخرِ
ولا بُدَّ من يَومٍ على الكُفرِ أيومٍ / تَعُمُّ بهِ الدنيا وفودُ البشائِرِ
دعاكُم لما يُحييكُمُ وارِثُ الهُدى / وجامِعُ أشتاتِ العُلا والمفاخرِ
وأحزَمُ من ساسَ الديانَةَ والدُّنا / وأكرَمُ مأمولٍ وأحلمُ قادِرِ
إلى امرِهِ في كُلِّ أمرٍ ونهيهِ / يَرُوحُ ويغدُو كُلُّ ناهٍ وآخِرِ
إذا نامَتِ الأملاكُ عمَّا يهمُّها / رعى الدينَ والدنيا لهُ طَرف ساهِرِ
فلا بَرَحَ الإسلامُ منهُ مؤيَّداً / بمنصُورِ راياتٍ على الكُفرِ ناصِرِ
هو الفتحُ أعيا وصفُهُ النظمَ والنثرا
هو الفتحُ أعيا وصفُهُ النظمَ والنثرا / وعمَّت جميعَ المسلمينَ به البُشرى
وأنجدَ في الدنيا وغارَ حديثُهُ / فراقَت بهِ حُسناً وطابَت بهِ نَشرا
تميَّزَ بالأحجالِ والغُرَرِ التي / أقَلُّ سناها يَبهُرُ الشمسَ والبَدرا
لقد أوردَ الأذفنشُ شيعتَهُ الردى / وساقَهُم جهلاً إلى البطشة الكُبرى
حكى فِعلَ إبليسٍ بأصحابهِ الأُلى / تبرأ منهم حينَ أوردهُم بَدرا
أطارَتهُ شدَّاتٌ تولى أمامها / شريداً وأنسته التعاظُمَ والكِبرا
رأى الموتَ للأبطالِ حوليهِ ينتقي / فطارَ إلى أقصى مصارِعِه ذُعراً
وقد أوردته الموتَ طعنةُ ثائرٍ / وإن لم يفارِق من شقاوتِهِ العُمرا
ولم يبقَ من أفنى الزمانُ حُماتَهُ / وجرَّعَه من فقد أنصارِهِ صبرا
ألوفٌ غدت مأهولةً بهمِ الفَلا / وأمست خلاءً منهُمُ دُورُهُم قَفرا
ودارَت رحى الهيجا عليهم فأصبحوا / هشيماً طحيناً في مَهبِّ الصبا مُذرى
يطيرُ بأشلاءٍ لهُم كلُّ قشعمٍ / فما شِئتَ من نسرٍ غدا بطنُهُ قَبرا
فكيف رأى المُغترُّ عقبى اغترارِهِ / وكيف رأى الغدارُ في غيهِ الغدرا
وكان يرى أقطارَ أندلُسٍ لَهُ / متى يرمِ لم يخطئ بأسهمِهِ قُطرا
فَسلاه يومُ الأربعاءِ عن المُنى / فما يرتجي ممَّا تملكَهُ شبرا
إذا عزلتهُ الرومُ كانت نجاتَهُ / وقد أحرقت جمرُ المنايا بهِ غَدرا
فتعساً له ما دامَ حياً ولالعاً / وكسراً له ما دام حياً ولا جبرا
وسهلتِ المرقى إليه صوارِمٌ / كثيرٌ بها القتلى قليلٌ بها الأسرى
وأثمرَه الصبرُ الذي لم تزل بهِ / حُماةُ الهدى والدينِ تستنزلُ النصرا
وأسلمَ مما أثلثهُ جُدودهُ / نجومَ قِلاعٍ تزحَمُ الأنجمَ الزُّهرا
من النيراتِ الزهرِ ضوءاً ورفعَةً / وإن لم يسموها سماكاً ولا نسرا
تعوذَ بالركضِ الحثيثِ من الردى / فلو سابقَ الأرواحَ غادرها حسرى
وما صبرُ من أفنى الزمانُ حماتهُ / وجرعَهُ من فقدِ أنصارِهِ صبرا
حكت أخت صخرٍ في الرزايا نساؤُهُم / كما قد حكى أبطالهم في الردى صخرا
تضحضح في وقتٍ من الدهرِ بحرُهُ / وقد ضاقتِ الآفاقُ من فيضِهِ دهرا
معزُّ الهدى معلبه حامي ذماره / يُجيرُ على أعدائِهِ البرَّ والبحرا
معانٌ بأمدادِ الملائكِ منزلٌ / من المعقلِ الأسمى مناوِئه قسرا
رأى السبلَ شتى فاتقاها تورعاً / وسار على المثلى فيسرَ لليُسرى
ومن قامَ للإسلامِ مثلَ مقامِهِ / يَكُن شُكرُهُ فرضاً وأمداحهُ ذِكرا
تحلى بصدقِ السرِّ والجهرِ شيمَةً / حباهُ بها من يعلمُ السرَّ والجهرا
له عسكرُ مجرٌ من الصبرِ والتقى / يردُّ على أعقابِهِ العسكرَ المجرا
أغاث به اللَه البلادَ وأهلها / وصيَّرَ غايات الفتوحِ له ذخرا
يقصرُ فيهِ كُل مثنٍ وإن غلا / وأجرى إلى أقصى نهايته الفِكرا
بيُمنِ الإمامِ الصالحِ المُصلح الرِّضا / نضى سيفَهُ الإسلامُ فاستأصَلَ الكُفرا
فلا زالَ بالنصرِ الإلهيِّ يقتضي / بشائِرَ تحصي قبلِ إحصائها القطرا
خليلي دعوى برحتَ بخفاءِ
خليلي دعوى برحتَ بخفاءِ / ألا انزلا رحل الأسى بفنائي
وهدا من الصبرِ الجميلِ بنائي / قفا ساعداني لات حينَ عزائي
قفا نبك من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ /
أيتركُ ربعٌ للرسالةِ سبسبُ / تجيءُ به هوجُ الرياحِ وتذهبُ
ولا تنهمي فيه العيونُ وتسكبُ / وتظلعُ أعناقَ الذنوب وتنهب
بسقء اللوى بين الدخولِ فحومَلِ /
دِيارُ الهدى بالخيفِ والحجراتِ / إلى ملتقى جمعٍ إلى عرفاتِ
مجاري سيولِ الغيمِ والعبرات / معارفُ هدي أصبحت نكراتِ
لما نسجتها من جنوبٍ وشمألِ /
عذيري من رزءٍ بصبريَ يعبثُ / ومن شانيء في عقدةِ الصبرِ ينفثُ
وأي مصابٍ عهدُهُ ليسَ ينكثُ / كأني إذا ما القومُ عنهُ تحدثُوا
لدى سمُراتِ الحيِّ ناقفُ حَنظَلِ /
ألا يا رسولَ اللَهِ صدري توهَّجا / لمصرعِ سبطٍ في الدماءِ تضرجا
فعطلت جيدَ اليأسِ من حيلةِ الرَّجا / فتعساً لأقوامٍ يُريُدونَ لي نَجا
يقولونَ لا تهلك أسى وتجملِ /
على مثلِ ما أمسي من الحبِّ أصبحُ / زنادُ فؤادي باللواعجِ تقدحُ
ولو أن قلبي للتجلدِ يجنحُ / لفاضت جفوني بالسواكب تطفحُ
على النحرِ حتى بل دمعي محملي /
عهودُ مصابي امنت يد فاسخِ / ومحكمُهُ لا يتقي حكم ناسخِ
فلو أشتكيه للنجومِ البواذخِ / لعالت بنعي السبط صرخةُ صارِخِ
فقالت لك الويلاتُ إنكَ مُرجلي /
أقول لحزنٍ في الحسين تأكدا / تملك فُؤادي متهماً فيه منجدا
ولو غيرُ هذا الرزءِ راحَ أو اغتدى / لناديتهُ قبلَ الوُصولِ مُرَدِّدا
عَقَرت بعيري يامرأ القيسِ فانزلِ /
سهامُ الأسى هذا فؤادي فانفذي / في ألمي بعدَ الحُسينِ تلذذي
ومن عبرتي والثكلِ أروى وأغتذي / ويا مقلتي من أن تشحي تعوذي
ولا تبعديني من جناكِ المُعَلَّلِ /
وركب إذا جاراهم البرقُ يعثرُ / تذكرت فيهم كربلاء فأجأر
وغيداء لا تدي الأسى كيف يخطُرُ / بثتت لها ما كنت بالطفِّ أضمرُ
فألهيتها عن ذي تمائم محولِ /
مجلي الأسى في ملعب الصدرِ برزا / وماطِلُ ذاك الدمعِ وفي وأنجزا
وحل الأسى من قلبي الصبِّ مركزا / فغايةُ هذا الحزنِ أن يتحيزا
بشقٍّ وشقٍّ عندنا لم يحولِ /
عزائي في عشواء ثكلي خابطُ / وسهدي إلى وردِ المدامعِ فارِطُ
وللقلبِ في مهوى الوجيبِ مساقِطُ / تعدَّت شجونٌ في القضايا قواسِطُ
عليَّ وآلت حَلفَةً لم تحلَّلِ /
أما لعُهودِ الهاشميينَ حافِظُ / فبالطفِّ يومٌ للرسالةِ غائِظُ
على ثكلِهِ قلبُ الكريمِ مُحافِظُ / فيا مهجتي إني على السبطِ فائِظُ
فسلي ثيابي من ثيابك تنسلِ /
نجيعُ حفيدِ المصطفى كيفَ يُسفَكُ / ورِقُّ بنيهِ بعدَهُ كيفَ يُملَكُ
فيا كربلا والكَربُ لي ممتلك / ليكفيكِ مني أن ذكركِ مُهلِكُ
وأنكِ مهما تأمري القلبَ يَفعلِ /
أيا حسرتي يوم أنتأوا وتحملوا / إلى كربلا مأوى القُلُوبِ تنقلوا
ليسبوا على حكم الضلالِ ويقتلوا / فيا رزءهم صمم ومثلكَ يَفعَلُ
بسهميكَ في أعشارِ قلبٍ مُقتَّلِ /
أيا فاسِقاً قاد الغُرورُ شكائمه / فأورد في صدر الحسينِ صوارِمَه
تهيأ ليومِ الحشر تجرع علاقِمَه / فمالكَ منجىً من خصومةِ فاطِمَه
وما إن أرى عنكَ العماية تنجلي /
تبرأ من قلبٍ بلذتهِ اعتنى / وآلُ رسولِ اللَهِ في شرِّ مجتنى
إذا ما اقتضوا ورداً أحيلوا على القنا / وعترةُ حربٍ في جنى روضَةِ المنى
غذاها نميرُ الماءِ غيرِ المُحللِ /
عصوا في احتمال الرأس يا ويح من عصى / وخلوا حسيناً في الثرى متقصما
لكي يدركوا عند ابن حربٍ تخلصا / كأن سنا رأسِ الحُسينِ على العصا
منارةُ ممسى راهِبٍ متبتلِ /
فؤادي صرح بالجوى لا تعرِّض / ويا دمعُ ذهب وجتنتي لا تفضضِ
ويا سهري من طيبِ نومي تعوَّضِ / فما عُمرُ أحزاني عليهِ بِمُنقَصِ
وليسَ فؤادي عن هواها بِمُنسَلِ /
مُصابُ حسينٍ رأسُ مالِ الفجائع / فلاتكُ في سلوانِ قلبي بطامِعِ
وقَرطِس بسهمِ العتبِ غيرَ مسامعي / ثكلتكَ من ناهٍ عن الحزنِ وازعِ
نصيحٍ على تعذالِهِ غيرِ مُؤتلِ /
إلى اللَه من عبدٍ على سيّدٍ بغى / فغادره تحت العجاج ممرغا
يُنادي رسولَ اللَه في أزمة الوغى / أجرني من باغٍ بِعُدوانِهِ طَغَى
عليَّ بأنواعِ الهُمُومِ ليبتلي /
ألا أنه يومٌ على الطفِّ آزِفُ / بهِ نُكِّرَت لابنِ الرَسُولِ معارِفُ
وساعَدَه قلبٌ هنالكَ واجِفُ / فنادى ظلامَ الظلمِ والنحرُ راعِفُ
ألا أيُّها الليلُ الطويلُ ألا انجلِ /
أيا حاديَ المُختارِ جلدِي يُمَزَّقُ / بِعُدوانِ قومٍ غيُّهم يَتَفَرَّقُ
وكيفَ تحنُّ اليومَ أو كيفَ تُشفِقُ / قُلُوبُ عِداً عن مَوقِفِ الوَعظِ تُزهِقُ
كَجُلمُودِ صخرٍ حَطَّهُ السيلُ من عَلِ /
أيا أمَّةَ الطُغيانِ ما لَكُمُ حِسُّ / علامَ بناءُ الدارِ إن هُدِّمَ الأُسُّ
أترجونَ إصباحاً وقد غابتِ الشمسُ / وزَلَّ بكُم عن دينكم ذلكَ الرجسُ
كما زلتِ الصفواءُ بالمتنزلِ /
رويتم وضجَّ السبطُ فيكُم تعطشا / فسقيتموه ظالمينَ دم الحشا
ألا رُبَّ حقدٍ في صدورِكُم فشا / فأغريتمُ للصارِمِ العضبِ أرقشا
بجيدِ مُعَمٍّ في العشيرةِ مُخوَلِ /
قضى اللَه أن يقضي على القَمَرِ السُّها / فراشةُ سَوءٍ زَلزَلَت عُصبَةَ النُّهى
فشعرُ الحسينِ بالنجيعِ تموَّها / ترى الدمَ في تلكَ الذوائِبِ مُشبِها
عُصارةَ حَنَّاءٍ بِشَيبٍ مُرَجَّلِ /
بقايا ضُلُوعي فوقَ جمرِ الغَضى تُطوى / ودمعيَ يَسقي حرَّ صدري فلا يُروى
لرزءٍ أن يغلبَ الأضعفُ الأقوى / وينزلَ أهلُ الفِسقِ في أربُعِ التَّقوى
نُزولَ اليَماني ذي العِيابِ المُحَمَّلِ /
فَرُمتُ بهِ قلباً عن الصبرِ أجفلا / تحملَ من برحِ الجَوَى ما تحمَّلا
ولا ناصِرٌ يُعدي على جَور كَربلا / على أنَّ لي دمعاً إذا ما تسبَّلا
يَكُبُّ على الأذقانِ دَوحَ الكنهبلِ /
لمثلِكَ من رزءٍ عصيتُ عزائيا / وأعطيتُ أشجان قيادَ بُكائيا
فلو أنني ناجيتُ طوداً يمانيا / لأذرفَ دمعاً أفضح الغيمَ هاميا
فأنزلَ منهُ العُصمَ من كُلِّ مَنزِلِ /
لأنتحلنَّ الدهرَ حبَّ بني علي / وأتلُوا مراثيهم على كُلِّ محفلِ
عسى جدهُم يومَ الجزا أن يمدَّ لي / بغفرِ ذنوبي راحةَ المتفضلِ
فأظفَرَ بالرحمى من الملكِ العلي /
أياسا معي هذا الرثاء ترحموا / على مسرفٍ قد طال منه التجرمُ
مؤخرّ سعيٍ حُبُّهُ متقدِّمُ / عسى يتلقاهُ النبيُ المُكرَّمُ
بوجهٍ يُرَقيهِ لكلِّ مؤمّلِ /
لقد كنتَ تحكي في التجهمِ مالكاً
لقد كنتَ تحكي في التجهمِ مالكاً / وكانت بك الأحوالُ تحكي جهنما
فما أعظم البُشرى بعودك خامِلاً / وغيرُكَ قد أضحى النبيهَ المقدَّما
لك النصرُ حزبٌ والمقاديرُ أعوانُ
لك النصرُ حزبٌ والمقاديرُ أعوانُ / فحسبُ أعاديكَ انقيادٌ وإذعانُ
وما تعصم الأعداءَ منكَ حصونها / ولا الأسدَ خفانٌ ولا العصم ثهلانُ
أنابت إلى أمرِ الإلهِ مَيُرقَةٌ / فليسَ عليها للشقاوةِ سُلطانُ
هنيئاً لك الإعلان بالحقِّ بعدما / تمادى لها بالزورِ والإفكِ إعلانُ
غرائب سنتها السعادة لم يكن / ليحسبها تجري على الفكر إنسانُ
فبعداً وسحقاً لابن إسحاقَ إنهُ / مطيعٌ لأحلامِ الكرى وهو يقظانُ
سواءٌ لديهِ من غباوةِ طبعه / هلاكٌ ومنجاةٌ وربحٌ وخسران
فمن حيث رام العزَّ جاءته ذلةٌ / ومن حيثُ رامَ الحظَّ لاقاه حرمانُ
يرى الأرض ذات الطول والعرض حلقةً / وكان له فيها مكانٌ وإمكان
ويهوى لقاءَ الموتِ لما أضافهُ / إلى نوبٍ تنتابُهُ وهي ألوانُ
به لا بظبيٍ بالصريمةِ أعفرٍ / فقد طاحَ منهُ مارِدُ الإنسِ شيطانُ
تصامَمَ عن وعظِ الزمانِ بقلبهِ / ومن دونهِ عندِ الألباءِ سحبانُ
وكان له فيمن تقدم زاجرٌ / ولكن ذوُو الأهواءِ صُمٌّ وعميانُ
وهل هوَ إلا من أناسٍ تهافتوا / فراشاً على أسيافكم وهي نيرانُ
عصوا دعوة المهدي وهي سفينةٌ / فأغرقهم طغيانهم وهو طوفانُ
رغا فوقهم سقب السماءِ فأصبحوا / كأنهمُ في عالم الأرضِ ما كانوا
وما الجنُّ ممن يرعوي عن تمردٍ / على حالةٍ لولا النبيُّ سليمانُ
ولما دهى من سحرِ فرعونَ ما دهى / أتيحت عصا موسى له وهي ثعبانُ
لقد ألبسَ اللَهُ الخلافةَ بهجةً / بملكٍ به يُزهى الوجودُ ويزدانُ
بأبلجَ أما شيمُ نورِ جبينهِ / فيمنٌ وأما حبهُ فهوَ إيمانُ
تعمُّ أياديهِ ولكن نجارُهُ / تُخَصُّ بهِ دُونَ البريةِ عدنانُ
مدائحُهُ في الحالِ عزٌّ ورفعةٌ / وفوزٌ عظيمٌ في المآلِ ورضوانُ
تهللَ وجهاً واستهلَّ أنامِلاً / فأرضى المعالي منهُ حسنٌ وإحسانُ
إذا ما تجلى أو جرى ذكرُ مجدِهِ / فللهِ ما تعطى عيونٌ وآذانُ
كأن جميعَ الحُسنِ خَطَّ بوجهِهِ / كتاباً له في صفحةِ البدرِ عُنوانُ
إذا ما تروى ناظرٌ من روائه / تمنى إليه عودةً وهو ظمآنُ
أنا السابقُ المربي على كل سابقٍ / وللشعرِ ميدانٌ رحيبٌ وفرسانُ
وإني مع الإحسانِ عنكم مقصرٌ / ولو كان في عوني زيادٌ وحسانُ
وما الشعر إلا السحر غير محرمٍ / وإلا فما تغني قوافٍ وأوزانُ
وما كل نجمٍ كالدراري شهرةً / ولا كلها في رفعة القدر كيوانٌ
سعودُكَ من يرتابُ فيها وللورى / عليها دليلٌ كل يومٍ وبرهانُ
إذا كان أملاكُ الزمانِ أراقِماً
إذا كان أملاكُ الزمانِ أراقِماً / فإنكَ فيهم دائم الدهرِ ثُعبانُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025