المجموع : 48
أُرِيقَتْ جِفانُ ابْنِ الخَلِيعِ فأَصْبَحَتْ
أُرِيقَتْ جِفانُ ابْنِ الخَلِيعِ فأَصْبَحَتْ / حِياضُ النَّدى زالَتْ بِهنَّ المراتبُ
فَعُفاتُهُ لَهْفى يَطُوفُونَ حَوْلَهُ / كما انْقَضَّ عَرْشُ البِئْرِ والورِدُ عاصِبُ
عَقَرْتُ عَلى أَنْصابِ تَوْبَةَ مُقْرَماً
عَقَرْتُ عَلى أَنْصابِ تَوْبَةَ مُقْرَماً / بِهَيْدةَ إذْ لَمْ تَخْتَفِرْهُ أَقارِبُهْ
طَرِبْتُ وما هذا بسَاعَةِ مَطْرَبِ
طَرِبْتُ وما هذا بسَاعَةِ مَطْرَبِ / إلى الحي حَلّوا بَيْنَ عاذٍ فجُبْجُبِ
قَدِيماً فأَمْسَتْ دارُهُمْ قَدْ تَلَعَّبَتْ / بِها خَرَقاتُ الريحِ من كُلِّ مَلْعَبِ
وكَمْ قَدْ رَأَى رائِيهِمُ وَرَأَيْتُهُ / بِها ليَ مِنْ عمٍّ كَرِيمٍ ومِنْ أَبِ
فَوارِسُ مِنْ آلِ النَّفاضَةِ سادَةٌ / ومِنْ آلِ كَعْبٍ سُؤْدَدٌ غَيْرُ مُعْقَبِ
وحيٍّ حرِيدٍ قد صَبَحْنا بِغارَةٍ / فَلَمْ يُمْسِ بَيْتٌ مِنْهُمُ تَحْتَ كَوْكَبِ
شَنَنَّا عليهم كلَّ جَرْداءَ شَطْبَةٍ / لَجُوجٍ تُبارِي كُلَّ أَجْرَدَ شَرْجَبِ
أَجَشَّ هَزِيمٍ في الخَبارِ إذا انْتَحى / هَوادِي عِطْفَيْهِ العِنان مُقرّبِ
لوَحْشِيِّها مِنْ جانبَيْ زَفَيانِها / حَفِيفٌ كَخُذْرُوفِ الوَلِيدِ المُثَقَّبِ
إذا جاشَ بالماءِ الحَمِيمِ سِجالُها / نَضَخْنَ بِهِ نَضْخَ المَزادِ المسَرَّبِ
فَذَرْ ذا ولكنّي تَمَنَّيْتُ رَاكِباً / إذا قالَ قَوْلاً صادِقاً لَمْ يُكَذَّبِ
لَهُ ناقَةٌ عِنْدِي وَساعٌ وكُورُها / كِلا مِرْفَقَيْها عَنْ رَحاها بمُجْنَبِ
إذا حَرَّكَتْها رحْلَةٌ جَنَحَتْ بِهِ / جُنُوحَ القطاةِ تَنْتَحِي كُلَّ سَبْسَبِ
جُنُوحَ قَطاةِ الوِرْدِ في عُصَبِ القَطا / قَرَبْنَ مِياهَ النِّهْيِ مِن كُلِّ مَقْرَبِ
فَغادَيْنَ بالأَجْزاعِ فَوْقَ صَوائِقٍ / وَمَدْفَعِ ذاتِ العَيْنِ أَعْذَبَ مَشْرَبِ
فَظَلْنَ نَشاوى بالعُيونِ كأَنَّها / شَرُوبٌ بَدَتْ عَنْ مَرْزُبانٍ مُحَجَّبِ
فَنالَتْ قلِيلاً شافِياً وَتَعجَّلتْ / لنادِلِها بَيْنَ الشِّباكِ وَتَنْضُبِ
تَبِيتُ بمَوْماةٍ وتُصْبِحُ ثاوياً / بِها في أَفاحِيصِ الغَوِيِّ المُعَصَّبِ
وَضَمَّتْ إلى جَوْفٍ جَناحاً وجُؤْجُؤاً / وناطَتْ قليلاً في سِقاءٍ مُحَبَّبِ
إذا فَتَرَتْ ضَرْبَ الجَناحَيْنِ عاقَبَتْ / عَلى شُزُنَيْها مَنْكِباً بَعْدَ مَنْكَبِ
فَلَمَّا أَحَسَّا جَرْسَها وتضوَّرا / وَأَوْبَتها منْ ذلكَ المُتَأوِّبِ
تَدَلَّتْ إلى حُصِّ الرُّؤُّوسِ كأنَّها / كُراتُ غُلامٍ مِنْ كِساءٍ مُرَنَّبِ
فَلَمَّا انْجَلَتْ عَنْها الدُّجى وسَقَتْهُما / صَبِيبَ سِقاءٍ نِيطَ لمّا يخرّبِ
غَدَتْ كَنَواةِ القَسْبِ عنها وأَصْبَحَتْ / تُراطِنُها دَوّيّةٌ لَمْ تُعَرَّبِ
ولي في المُنى ألاّ يُعرّجَ راكبي / وَيحْبِسَ عنها كُلَّ شيءٍ مُتَرَّبِ
ويُفْرِجُ بَوَّابٌ لَها عَنْ مُناخِها / بإقْلِيدِه بابَ الرِّتَاجِ المُضبّبِ
إذا ما أُنيخَتْ بابنِ مَرْوانَ ناقَتي / فلَيسَ عَلَيْها لِلْهَبانِيقِ مَرْكَبي
أُذِلَّتْ بقُرْبي عِنْدَه وقَضى لها / قَضاءً فَلَمْ يُنْقَضْ ولم يُتَعَقَّبِ
فإنَّكَ بَعْدَ اللّهِ أَنْتَ أَميرُها / وقُنْعانُها مِنْ كُلِّ خَوْفٍ ومرغبِ
فَتَقضِي فَلَوْلا أَنَّه كُلُّ ريبَةٍ / وكُلُّ قلِيلٍ مِنْ وَعِيدِكِ مُرْهِبي
إذاً ما ابْتَغى العادِي الظَّلُومُ ظُلامةً / عَلَيَّ ومَا أَجْلَبْتُ للْمُتَجَلِّبِ
تُبادِرُ أبناءَ الوشاةِ وَتَبْتَغِي / لَها طَلَباتِ الحقِّ مِن كُلِّ مَطْلَبِ
إذا أَدْلَجَتْ حَتَّى تَرى الصُبحَ واصَلَتْ / أدِيمَ نَهارِ الشَّمْسِ ما لَمْ تَغَيَّبِ
فَلمَّا رَأَتْ دَارَ الأَميرِ تَحاوَصَتْ / وصَوْتُ المُنادي بالأذانِ المثوَّبِ
وتَرْجِيعُ أصْواتِ الخصومِ يردّها / سُقُوفُ بيوتٍ في طِمارِ مُبَوَّبِ
يَظَلُّ لأَعْلاها دَوِيٌّ كأنَّهُ / تَرَنُّمُ قارِي بَيْتِ نَحْلٍ مُجَوَّبِ
ولَمْ يَغْدُ قَبْلَ الصُّبْحِ طَيَّانَ بَطْنُه
ولَمْ يَغْدُ قَبْلَ الصُّبْحِ طَيَّانَ بَطْنُه / نَظِيفٌ كَطَيِّ البُرْدِ لَيْسَ بِحَوْشَبِ
دَعا قابِضاً والموتُ يخْفُقُ ظِلُّهُ
دَعا قابِضاً والموتُ يخْفُقُ ظِلُّهُ / وما قابضٌ إذْ لَمْ يُجِبْ بِنَجيبِ
وآسى عُبَيْدُ اللّهِ ثَمَّ ابنَ أُمِّهِ / وَلَوْ شاءَ نجَّى يَوْمَ ذاكَ حبيِيبي
كأَنَّ فَتى الفِتْيانِ تَوْبَةَ لَمْ يَرُضْ
كأَنَّ فَتى الفِتْيانِ تَوْبَةَ لَمْ يَرُضْ / قضيباً ولم يَمْسَحْ بنُقْبَةِ مُجربِ
كما انصَلَتَتْ كَدْراءُ تسقِي فِراخَها
كما انصَلَتَتْ كَدْراءُ تسقِي فِراخَها / بشَمظةَ رِفْهاً والمياهُ شُعُوبُ
غَدَتْ لَمْ تُباعدْ في السماءِ ودونَها / إذا ما عَلَتْ أُهْوِيَّةٌ وصَبُوبُ
قرينةُ سَبْعٍ إنْ تَواترنَ مَرَّةً / ضَرَبْنَ فصَفَّتْ أرءس وجُنوبُ
فجاءَتْ وما جاءَ القطا ثمَّ قَلَّصتْ / بمَفْحَصِها والوارداتُ تَنوبُ
وجاءت ومَسْقاها الذي وردتْ بِهِ / إلى الصَّدْرِ مشدودُ العِصامِ كَتِيبُ
تُبادر أطفالاً مساكينَ دونها / فَلاً لا تَخّطاهُ العيونُ رَغِيبُ
وصَفْنَ لَها مُزْناً بأرض تَنُوفةٍ / فما هي إلاّ نَهْلَةٌ وتؤوبُ
أذلكَ أم كُدْرِيَّةٌ هاج وِرْدَها
أذلكَ أم كُدْرِيَّةٌ هاج وِرْدَها / من القيظ يومٌ واقِدٌ وسَمُومُ
غدتْ كَنواة القَسْب لا مُضْمحِلَّةٌ / وناةٌ ولا عَجْلى الفُتور سؤومُ
تُواشِكُ رَجْعَ المَنْكبِين وترتمي / إلى كَلْكَل للهادياتِ قَدُومُ
فما انخفضتْ حتى رأتْ ما يسرُّها / وفَيْءُ الضُّحى قد مال فهو ذميمُ
أَباطِح وانتصَّتْ على حيث تستقى / بها شَرَكٌ للوارداتِ مُقِيمُ
سقتْها سيولُ المُدْجِناتِ فأصبحتْ / عَلاجِيمَ تَجْري مرَّةً وتدومُ
فلمّا استقتْ من بارد الماء وانجلى / عن النفس منها لَوْحةٌ وهمومُ
دعَتْ باسمها حين استقتْ فاستقلَّها / قَوادِمُ حجنٌ رِيشُهنّ ملِيمُ
بجَوْزٍ كحُقِّ الهاجريّة زانَه / بأطراف عودِ الفارسيِّ وُشُومُ
لتسقي زُغْباً بالتَّنوفةِ لَمْ يكن
لتسقي زُغْباً بالتَّنوفةِ لَمْ يكن / خِلافَ مُوَلاَّها لهنّ حميمُ
تَرائكَ بالأرضِ الفَلاة ومن يَدَعْ / بمنزلها الأولادَ فهو مُلِيمُ
إذا استقبلْتها الريحُ طَمَّتْ رفيقةً / وهنَّ بمهْوىً كالكُراتِ جُثُومُ
يُراطِنَّ وَقْصاءَ القَفا وَحْشَةَ الشَّوى / بدعوى القَطا لَحْنٌ لهنّ قديمُ
فبِتْنَ قريراتِ العيونِ وقد جرى / عليهنّ شِرْبٌ فاستَقيْنَ مُنِيمُ
صَبِيبُ سِقاءٍ نِيطَ قد بَرَكَتْ به / مُعاوِدةٌ سَقْيَ الفِراخِ رَؤومُ
ألا كلُّ ما قالَ الرُّواةُ وأَنْشدوا
ألا كلُّ ما قالَ الرُّواةُ وأَنْشدوا / بها غيرَ ما قالَ السَّلُوليُّ بَهْرَجُ
كأنَّكِ وَرْهاءُ العِنَانيْنِ بَغْلَة / رأَتْ حُصُناً فعارضَتْهنَّ تَشْحْجُ
فتىً لَمْ يَزَلْ يَزْدادُ خيراً لدنْ نَشا
فتىً لَمْ يَزَلْ يَزْدادُ خيراً لدنْ نَشا / إلى أَنْ علاهُ الشَّيْبُ فَوْقَ المسايحِ
تَراهُ إذا ما المَوْتُ حَلَّ بورْدهِ / ضَروباً على أقْرانِهِ بالصَّفائِحِ
شُجاعٌ لدى الهَيْجاءِ ثبْتٌ مشايحٌ / إذا انْحازَ عن أقْرانِهِ كُلُّ سابحِ
فعاشَ حَميداً لا ذَميماً فِعالُهُ / وَصُولاً لقُرباهُ يُرى غَيْرَ كالحِ
فَلِلَّهِ قومٌ غادَروا ابن حُمَيِّرٍ
فَلِلَّهِ قومٌ غادَروا ابن حُمَيِّرٍ / قتيلاً صريعاً للسُّيوفِ البَواترِ
لقد غادروا حزماً وعزوماً ونائلاً / وصبراً على اليومِ العبوسِ القماطرِ
إذا هابَ وِرْدَ ابلموتِ كلُّ غَضَنْفَرٍ / عَظيمِ الحَوايا لُبُّهُ غَيْرُ حاضرِ
مَضى قُدُماً حتى يُلاقيَ وِرْدَهُ / وجادَ بسَيْبٍ في السنينِ الكواشرِ
أَقْسَمْتُ أَرْثي بَعْدَ تَوْبَةَ هالكاً
أَقْسَمْتُ أَرْثي بَعْدَ تَوْبَةَ هالكاً / وأَحْفِلُ مَنْ دارَتْ عَلَيْهِ الدَّوائِرُ
لَعَمْرُكَ ما بالمَوْتِ عارٌ على الفَتى / إذا لَمْ تُصِبْهُ في الحياةِ المَعايرُ
ومَا أَحَدٌ حيٌّ وإنْ عاشَ سالِماً / بأخْلَدَ ممَّنْ غَيَّبتْهُ المقابِرُ
ومَنْ كان مِمّا يُحْدِثُ الدَّهْرُ جازِعاً / فلا بُدَّ يَوْماً أنْ يُرى وهو صابِرُ
ولَيْسَ لذِي عَيشٍ عنِ المَوْتِ مَقْصَرٌ / ولَيْسَ عَلى الأيّامِ والدهرُ غابِرُ
ولا الحيُّ ممّا يُحْدِثُ الدَّهْرُ مُعتَبٌ / ولا المَيْتُ إنْ لَمْ يَصْبِرِ الحيُّ ناشِرُ
وكلُّ شبابٍ أو جَدِيدٍ إلى بِلىً / وكُلُّ امرِىءٍ يَوْماً إلى اللّهِ صائِرُ
وكُلُّ قَرينَيْ إِلفَةٍ لِتَفَرُّقٍ / شَتاتاً وإنْ ضَنَّا وطالَ التَّعاشُرُ
فلا يُبْعِدَنْكَ اللّهُ حيّاً ومَيِّتاً / أَخا الحَربِ إِنْ دارَتْ عَلَيْكَ الدَّوائِرُ
فآليْتُ لا أَنْفَكُّ أَبْكِيكَ ما دَعَتْ / على فَنَنٍ وَرْقاءُ أَوْ طار طائِرُ
قَتِيلُ بَنِي عَوْفٍ فيا لَهْفَتا لَهُ / وما كُنْتُ إِيَّاهُمْ عَلَيْهِ أُحاذِرُ
ولكِنَّما أَخْشى عَلَيْهِ قَبِيلَةً / لَها بدُرُوبِ الرُّومِ بَادٍ وحاضِرُ
هَراقَتْ بَنو عَوْفٍ دَماً غَيْرَ واحِدٍ
هَراقَتْ بَنو عَوْفٍ دَماً غَيْرَ واحِدٍ / لَهُ نَبأ نَجْدِيُّهُ سَيَغُورُ
تَداعَتْ لَهُ أفْناءُ عَوْفٍ ولَمْ يَكُنْ / لَهُ يومَ هَضْبِ الرَّدْهَتَيْنِ نَصِيرُ
فَقُلْ لِبَني عَوْفٍ ستَلْقَونَ غارَةً / إذا ما خَبَتْ قُمْنا لها فَتَثُورُ
لَعَمْرُكَ ما الهِجْرانُ أنْ تَشْحَطَ النّوى
لَعَمْرُكَ ما الهِجْرانُ أنْ تَشْحَطَ النّوى / ولكِنَّما الهِجْرانُ ما غيَّبَ القَبْرُ
أيا عَيْنُ بَكّي تَوْبَةَ بن حُمَيِّرِ
أيا عَيْنُ بَكّي تَوْبَةَ بن حُمَيِّرِ / بسَحٍّ كَفَيْضِ الجَدْوَلِ المُتَفَجّرِ
لِتَبْكِ عَلَيْهِ مِنْ خَفَاجَةٍ نِسْوَةٌ / بماءِ شُؤُونِ العَبْرَةِ المُتَحَدِّرِ
سَمِعْنَ بِهَيْجا أزهَقَتْ فَذَكَرْنَهُ / ولا يَبْعَثُ الأَحْزانَ مِثْلُ التّذَكُّرِ
كأنَّ فَتى الفِتْيانِ تَوْبَةَ لَمْ يَسِرْ / بِنَجْدٍ ولَمْ يَطْلُعْ مَعَ المُتَغَوِّرِ
ولَمْ يَرِدِ الماءَ السِّدامَ إذا بَدا / سَنا الصُّبْح في بادِي الجَواشي مُوَّرِ
ولَمْ يَغْلِبِ الخَصْمَ الضِّجاجَ ويَمْلأ / الجِفانَ سَدِيفاً يَوْمَ نَكْباءَ صَرْصَرِ
ولَمْ يَعْلُ بالجُرْدِ الجِيادِ يَقُودُها / بسُرَّةَ بَيْنَ الأَشْمَساتِ فأَيْصُرِ
وصَحْراءَ مَوْماةٍ يَحارُ بها القَطا / قَطَعْتَ عَلى هَوْلِ الجِنانِ بِمِنْسَرِ
يَقُودُونَ قُبّاً كالسَّراحِينِ لاحَها / سُراهُمْ وسَيْرُ الرّاكِبِ المُتَهَجِّرِ
فَلَمَّا بَدَتْ أَرْضُ العَدُوِّ سَقَيْتَها / مُجاجَ بَقِيّاتِ المَزادِ المُقَيَّرِ
ولَمّا أَهابُوا بالنِّهابِ حَوَيْتَها / بخاظِي البَضِيعِ كَرُّهُ غَيْرُ أَعْسَرِ
مُمَرٍّ كَكَرِّ الأنْدَرِيّ مُثابِرٍ / إذا ما وَنَيْنَ مُهَلِبِ الشَدِّ مُحْضِرِ
فألْوَتْ بأعْناقٍ طِوالٍ وَراعَها / صَلاصِلُ بِيضٍ سابغٍ وسَنَوَّرِ
أَلَمْ تَرَ أنَّ العَبْدَ يَقْتُلُ رَبَّهُ / فَيَظْهَرُ جَدُّ العبدِ مِنْ غَيْرِ مَظْهَرِ
قَتَلْتُمْ فَتىً لا يُسْقِطُ الرَّوْعُ رُمْحَهُ / إذا الخَيْلُ جالَتْ في قناً مُتَكَسِّرِ
فَيا تَوْبَ للهَيْجا ويا تَوْبَ للنَّدى / ويا تَوْبَ لِلْمُسْتَنْبحِ المُتَنَوِّرِ
أَلا رُبَّ مَكْرُوبٍ أَجَبْتَ ونائِلٍ / بَذَلْتَ ومَعْرُوفٍ لَدَيْكَ ومُنْكَرِ
فأحْرَزْتَ مِنْهُ ما أَرَدْتَ بقُدْرَةٍ / وسَطْوَةِ جبّارٍ وإقدامِ قَسْوَرِ
نَظَرْتُ ورُكْنٌ مِنْ ذِقانَيْنِ دُونَهُ
نَظَرْتُ ورُكْنٌ مِنْ ذِقانَيْنِ دُونَهُ / مَفاوِزُ حَوْضَى أيّ نَظْرَةِ ناظِرِ
لأونَس إن لَمْ يَقصُرِ الطّرفُ عَنْهُمُ / فَلمْ تَقْصُرِ الأخْبارُ والطَّرفُ قاصرِي
فَوارِسُ أَجْلَى شَأْوُها عَنْ عَقِيرَةٍ / لِعاقرِها فيها عَقِيرَةُ عاقِرِ
فآنَسْتُ خَيْلاً بالرُّقَيِّ مُغِيرَةً / سَوابِقُها مِثْلُ القَطا المُتَواتِرِ
قَتِيلُ بَنِي عَوْفٍ وأَيْصُرُ دُونَهُ / قَتِيلُ بَني عَوْفٍ قَتِيلُ يُحاِيرِ
تَوارَدَهُ أسْيافُهُمْ فكَأَنَّما / تصادَرْنَ عَنْ أَقطاعِ أَبْيضَ باتِرِ
مِنَ الهِنْدُوانِيّاتِ في كلِّ قِطْعَةٍ / دَمٌ زَلَّ عَنْ أَثْرٍ مِنَ السَّيْفِ ظَاهِرِ
أَتَتْهُ المَنايا بَيْنَ زَعْفٍ حَصِينَةٍ / وأسْمَرَ خطّيٍّ وخَوْصاءَ ضَامِرِ
عَلى كلِّ جَرداءَ السَّراةِ وسابحٍ / دَرَأْنَ بِشُبَّاكِ الحديدِ زَوافِرِ
عَوابِسَ تَعْدُو الثّعْلَبِيَّةَ ضُمَّراً / وَهُنَّ شَواحٍ بالشّكِيمِ الشَّواجِرِ
فلا يُبْعِدَنْكَ اللّهُ يا تَوبُ إنّما / لِقاءُ المنايا دارِعاً مِثْلُ حاسِرِ
فإلاّ تَكُ القَتْلى بَواءً فإنَّكُمْ / ستَلْقَوْنَ يَوْماً وِرْدُهُ غَيْرُ صادِرِ
وإنَّ السَّلِيلَ إذْ يُباوِي قَتِيلَكُمْ / كَمَرْحُومَةٍ مِن عَرْكِها غَيْرِ طاهِرِ
فإنْ تَكُنِ القَتْلى بَواءً فإنَّكُمْ / فَتىً ما قَتَلْتُمْ آلَ عَوْفِ بنِ عامِرِ
فَتىً لا تَخَطَّاهُ الرِّفاقُ ولا يَرى / لِقدْرٍ عيالاً دُونَ جارٍ مُجاوِرِ
ولاَ تأخُذُ الكُومُ الجِلادُ رِماحَها / لِتَوْبَةَ في نَحْسِ الشّتاءِ الصَّنابِرِ
إذا ما رأَتْهُ قائِماً بِسِلاحِهِ / تَقَتْهُ الخِفافُ بالثِّقالِ البَهازِرِ
إذا لَمْ يَجُدْ منها برسْلٍ فَقَصْرُهُ / ذُرى المُرْهَفاتِ والقِلاصِ التَّواجِرِ
قَرى سَيْفَه منها مُشاشاً وضَيْفَه / سَنامَ المَهارِيسِ السِّباطِ المشافِرِ
وتَوْبَةُ أحْيا مِنْ فَتاةٍ حَيِيَّةٍ / وأَجْرأُ مِنْ لَيْثٍ بخَفّانَ خادِرِ
فَتى لا تَراهُ النّابُ إلفاً لسَقْبِها / إذا اخْتَلَجتْ بالناسِ إحْدى الكَبائرِ
ونِعْمَ الفَتى إنْ كانَ تَوْبَةُ فاجِراً / وفوق الفتى إن كان ليس بفاجِرِ
فَتىً يَنْهَلُ الحاجاتِ ثُمَّ يَعُلُّها / فيُطلِعُها عَنْهُ ثَنايا المَصادِرِ
كأنَّ فَتى الفِتْيانِ تَوْبَةَ لَمْ يُنِخْ / قَلائصَ يَفْحَصْنَ الحصا بالكَراكِرِ
ولَمْ يَبْنِ أَبْراداً عِتاقاً لِفِتيةٍ / كِرامٍ وَيَرْحَلْ قَبْلَ فَيْءِ الهواجِرِ
وَلَمْ يَتَجَلَّ الصُّبْحُ عَنْهُ وَبَطْنُهُ / لَطِيفٌ كطَيِّ السِّبِّ لَيْسَ بِحادِرِ
فَتىً كان لِلْمَوْلى سَناءً ورِفْعَةً / وللطّارقِ السَّاري قِرىً غيْرَ باسِرِ
ولَمْ يُدْعَ يَوْماً لِلْحِفاظِ وللنَّدى / ولِلْحَرْبِ يَرْمي نارَها بالشرائِرِ
وللبازِلِ الكَوْماءِ يَرْغُو حُوارُها / وللخيلِ تَعْدُو بالكُماةِ المَساعِرِ
كأَنَّكَ لَمْ تَقْطَعْ فَلاةً ولَمْ تُنِخْ / قِلاصاً لَدى فَأْوٍ مِنَ الأَرضِ غائرِ
وتُصْبِحْ بمَوْماةٍ كأنَّ صَرِيفَهَا / صَريفُ خَطاطِيفِ الصَّرى في المَحاوِرِ
طَوَتْ نَفْعَها عنّا كِلابٌ وآسَدَتْ / بِنا أَجْهَلِيها بَيْنَ غاوٍ وشاعرِ
وَقَدْ كانَ حَقّاً أَنْ تَقُولَ سَراتُهم / لَعاً لأخِينا عالياً غَيْرَ عاثِرِ
ودَوِّيَّةٍ قَفْرٍ يَحارُ بِها القَطا / تَخَطَّيْتَها بالنّاعِجاتِ الضوامِرِ
فَتَاللّهِ تَبْنِي بَيْتَها أُمُّ عاصِمٍ / عَلى مِثْلِهِ أُخْرى اللّيالي الغوابِرِ
فليسَ شِهابُ الحَرْبِ تَوْبَةُ بَعْدَها / بِغازٍ وَلا غادٍ بِرَكْبِ مسافِرِ
وَقَدْ كانَ طَلاَّعَ النّجادِ وبَيِّنَ اللّ / سانِ ومِدْلاجَ السُّرى غَيْرَ فاتِرِ
وقَدْ كانَ قَبْلَ الحادِثاتِ إذا انْتَحَى / وَسائقَ أَو مَعْبُوطةً لَمْ يُغادِرِ
وكُنْتَ إذا مَوْلاكَ خافَ ظُلامَةً / دَعاكَ ولَمْ يَهْتِفْ سِواكَ بناصِرِ
دَعاكَ إلى مَكْرُوهَةٍ فَأجَبْتَهُ / عَلى الهَوْلِ منّا والحُتُوفِ الحَواضِرِ
فإنْ يكُ عبدُ اللّهِ آسَى ابْنَ أمِّهِ / وآبَ بأسلابِ الكميّ المُغاوِرِ
وكان كذاتِ البَوِّ تَضْرِبُ عِنْدَهُ / سِباعاً وقد أَلْقَيْنَهُ في الجراجِرِ
فإنّك قَدْ فارَقْتَهُ لَكَ عاذِراً / وأنّى لحيٍّ عُذْرُ من في المقابِرِ
فأقسمتُ أَبكي بَعْدَ توبَةَ هالكاً / وأحْفِلُ من نالَتْ صُرُوفُ المقادِرِ
على مِثْلِ همّامٍ ولابْنِ مُطَرِّفٍ / لِتَبْكِ البواكي أو لبِشْرِ بْنِ عامِرِ
غُلامانِ كانا اسْتَوْرَدا كُلَّ سَوْرَةٍ / مِنَ المَجْدِ ثُمَّ اسْتَوْثَقا في المصادِرِ
رِبيعَيْ حَياً كانا يَفيضُ نَداهُما / عَلى كُلِّ مغمورٍ نَداهُ وغامِرِ
كأَنَّ سَنا نارَيْهِما كُلَّ شَتْوَةٍ / سَنا البَرْقِ يَبْدُو للعُيُونِ النواظِرِ
فَتىً فيه فتيانيَّةٌ أريحيَّةٌ / بقيَّة أعرابيَّةٍ مِنْ مُهاجِرِ
أَتَتْكَ العَذارى مِنْ خَفاجَةَ نِسْوَةٌ / بِماءِ شُؤُونِ العَبْرَةِ المُتَحادِرِ
لِتَبْكِ العَذارى مِنْ خَفاجَةَ كُلِّها
لِتَبْكِ العَذارى مِنْ خَفاجَةَ كُلِّها / شِتاءً وصَيْفاً دائِباتٍ ومَرْبَعا
عَلى ناشِىءٍ نالَ المَكارِمَ كُلَّها / فَما انفَكَّ حتَّى أَحْرَزَ المَجْدَ أَجْمَعا
أُنِيخَتْ لَدى بابِ ابْنِ مَرْوانَ ناقَتِي
أُنِيخَتْ لَدى بابِ ابْنِ مَرْوانَ ناقَتِي / ثَلاثاً لَها عِنْدَ النِّتاجِ صَرِيفُ
يُطِيفُ بِها فِتْيانُهُ كُلَّ لَيْلَةٍ / بِنيرَيْنِ مِئْرانُ الجبالِ وَرِيفُ
غُلامٌ تَلَقَّى سُؤْدَداً وَهُوَ ناشِىءٌ / فآتَتْ بهِ رَحْبَ الذِّراعِ أَلِيفُ
بِقيلٍ كتَحْبِيرِ اليَماني ونَائِلٍ / إذا قُلِّبَتْ دُونَ العَطاءِ كُفُوفُ
ورُحْنا كأنّا نَمْتَطِي أخْدَرِيَّةً / أَضَرَّ بِها رَخْوُ اللِّبانِ عَنِيفُ
وحَلاَّها حتّى إذا لَمْ يَسَعْ لَها / حليٍّ بجَنْبَيْ ثادِقٍ وجَفيفُ
أَرَنَّ عليها قارِباً وانْتَحَتْ لَهُ / مُبَرَّةُ أرساغِ اليَدَيْنِ زَرُوفُ
تُهادي خجوجاً خَدَّدَ الجَرْيُ لَحْمَها / فَلا جَحْشُها بالصيفِ فَهْي خروفُ
دَعاكَ فلا مِنْ أَنْفَسِ القَوْمِ أَنْتُمُ
دَعاكَ فلا مِنْ أَنْفَسِ القَوْمِ أَنْتُمُ / ولا نَسَبٌ من قيسِ عيلانَ يُعْرَفُ