القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الحُسَين بن مُطَيْر الأَسَدِي الكل
المجموع : 22
إليكَ أَمِيرَ المُؤْمِنينَ تَعسَّفَتْ
إليكَ أَمِيرَ المُؤْمِنينَ تَعسَّفَتْ / بِنَا البِيدُ هَوْجَاءُ النّجاءِ خَبُوبُ
وَلَوْ لَمْ يَكنْ قُدَّامَها ما تَقَاذفَتْ / جِبَالٌ بِهَا مُغْبَرَّةٌ وسُهُوبُ
فَتىً هُوَ مِنْ غَيْرِ التَّخَلُّقِ مَاجِدٌ / وَمِنْ غَيْرِ تَأدِيبِ الرِّجَالِ أَدِيبُ
عَلاَ خَلْقُه خَلْقَ الرِّجالِ وخُلْقُهُ / إذا ضَاقَ أخْلاَقُ الرِّجالِ رَحِيبُ
إذَا شَاهَدَ القوَّادَ سَارَ أَمَامَهُمْ / جَرِيءٌ عَلَى ما يَتَّقُونَ وَثُوبُ
وإنْ غَابَ عَنْهُمْ شَاهدَتْهُمْ مَهابَةٌ / بها يَقْهَرُ الأعْدَاءَ حِينَ يَغِيبُ
يَعِفُّ وَيسْتَحْيِي إذا كان خَالِياً / كما عَفَّ واسْتَحْيَا بِحَيْثُ رَقِيبُ
أَتَيْتُكَ إذْ لَمْ يَبْقَ غَيْرُكَ جَابِرٌ
أَتَيْتُكَ إذْ لَمْ يَبْقَ غَيْرُكَ جَابِرٌ / وَلاَ وَاهِبٌ يُعْطِي اللُّهَا والرَّغَائِبَا
خَلِيليَّ هذي زَفْرَةُ اليَوْمِ قَدْ مَضَتْ
خَلِيليَّ هذي زَفْرَةُ اليَوْمِ قَدْ مَضَتْ / فَمَا بَعْدَ مَيٍّ زَفْرَةٌ قَدْ أُطِلَّتِ
وَمِنْ زَفَرَاتٍ لَوْ قَصَدْنَ قَتَلْنني / تَقُضُّ التي تَأتي التي قَدْ تَوَلَّتِ
سَلامٌ عَلَى البَيْتِ الذي لاَ نَزُورُه
سَلامٌ عَلَى البَيْتِ الذي لاَ نَزُورُه / مِنَ الخَوْفِ إِلاَّ بالعُيونِ اللَّوَامِحِ
وَلَوْلاَ حِذَارُ الكَاشِحينَ لَقَادَنِي / إليْهِ الهَوَى قَوْدَ الجَنِيبِ المُسامِحِ
وَلِي كبدٌ مَقْرُوحَةٌ مَنْ يَبيعُني
وَلِي كبدٌ مَقْرُوحَةٌ مَنْ يَبيعُني / بِهَا كَبِداً لَيْسَتْ بِذاتِ قُروحِ
أَبَى النَّاسُ وَيْبَ النَّاسِ أَنْ يشْتَرُونَها / وَمَنْ يشْتَرِي ذا عِلَّة بِصَحيحِ
أئنُّ من الشوق الذي في جوانحي / أنينَ غصيصٍ بالشراب قريحِ
لقد كنتُ جَلْداً قبْلَ أَنْ تُوقِدَ النَّوَى
لقد كنتُ جَلْداً قبْلَ أَنْ تُوقِدَ النَّوَى / على كبدي ناراً بطيئاً خُمودُها
ولو تُرِكَتْ نارُ الهَوى لَتَضرَّمَتْ / ولكنَّ شَوْقاً كلَّ يومٍ يَزِيدُها
فقدْ جَعَلتْ في حَبَّةِ القَلْبِ والحَشا / عِهادُ الهَوى تُولَى بِشَوْقٍ يُعِيدُها
وقد كنتُ أَرْجُو أنْ تموتَ صَبابَتي / إذا قَدُمَتْ أيَّامُها وعُهودُها
بِمُرْتَجةِ الأرْدافِ هِيفٌ خُصورُها / عِذابٌ ثَناياها لِطافٌ قُيودُها
وَصُفْرٌ تَراقِيها وحُمْرٌ أكُفُّها / وسُودٌ نَواصِيها وبِيضٌ خُدودُها
يُمَنِّينَنَا حَتَّى تَرِفَّ قُلُوبُنَا / رَفِيفَ الخُرَامَى بَاتَ طَلٌّ يَجُودُها
وَفِيهِنَّ مِقْلاقُ الوِشَاحِ كَأنَّها / مَهاة بتُرْبَانٍ طَويلٌ عَمُودُها
مُخَصَّرةُ الأوْسَاطِ زَانتْ عُقُودَها / بِأحْسَنَ مِمَّا زَيَّنَتْهَا عُقُودُها
مِنَ البِيضِ لا تَخْزَى إذا الرِّيحُ أَلْصَقَتْ / بِها مِرْطَها أَوْ زَايلَ الحَلْيَ جِيدُها
ألاَ لَيْتَ شِعري هَلْ تَغيَّرَ بَعْدَنا / مَلاَحَةُ عَيْنيْ أُمِّ عَمْرو وجِيدُها
وهل بَلِيَتْ أثْوَابُها بعدَ جِدَّةٍ / ألا حَبَّذا أخْلاَقُها وجَدِيدُها
وكنتُ أذُودُ العَيْنَ أَنْ تَرِدَ البُكا / فقد وَرَدَتْ ما كنتُ عَنْهُ أذُودُها
خَلِيليَّ ما في العيش عَيْبٌ لو انَّنا / وجدنا لأيامِ الصِّبا من يُعِيدُها
إذَا جِئْتُها بَيْنَ النِّساءِ مَنَحْتُها / صُدُوداً كأنَّ النَفْسَ لَيْسَ تُرِيدُها
ولِي نَظْرَةٌ بعد الصُّدودِ منَ الجَوى / كنظرة ثَكْلَى قد أُصِيبَ وَلِيدُها
هَل اللّهُ عافٍ عَنْ ذُنوبٍ تَسَلَّفَتْ / أمِ اللّهُ إن لم يَعْفُ عنها مُعِيدُها
قَضَى اللّهُ يَا سَمْراءُ مِنِّي لَكِ الهَوَى
قَضَى اللّهُ يَا سَمْراءُ مِنِّي لَكِ الهَوَى / بِعَزْمٍ فَلَمْ أَمْنَعْ وَلَمْ أُعْطِهِ عَمْدَا
وَكُلُّ أًَسِيرٍ غَيْرَ مَنْ قَدْ مَلَكْتِهِ / مُرجَّى لِقَتْلٍ أَوْ لِنَعْماءَ أَوْ مُفْدَى
لَعَمْرُكَ لَلْبَيْتُ الذي لا نَطُورُهُ
لَعَمْرُكَ لَلْبَيْتُ الذي لا نَطُورُهُ / أَحَبُّ إلينا مِنْ بِلادٍ نَطُورُها
أَقُولُ لِصَحْبي يَوْمَ أَشْرَفْتُ وَاجِفاً / ونفْسِيَ قَدْ كَادَ الهَوَى يَسْتَطيرُهَا
أَلاَ حَبَّذَا دَارُ السَّلامِ وَحبَّذَا / أَجَارِعُ وَعْسَاءِ التُّقَيِّ فَدُورُها
وَمِنْ مَرْقَبِ الزّوْرَاءِ دَارٌ حَبيبَةٌ / إلينا مَحاني مَتْنِها وظُهُورُها
وَسَقْياً لأعْلَى الوادِيَيْن وللرَّجَا / إذا ما بَدَتْ يَوْماً لِعَيْنَيْكَ نُورُها
وبالبرقِ أَطْلاَلٌ كأنَّ رُسُومَها / قَراطِيسُ رُهْبَانٍ تَلُوحُ سُطُورُها
تَحَمَّلَ منها الحَيُّ لمَّا تَلَهَّبَتْ / لهم وَغْرَةُ الشِّعْرَى وَهَبَّ حَرُورُها
وَفي الحَيِّ غَرَّاءُ الجَبينِ كأنَّها / غَمَامَةُ صَيْفٍ مُسْتَهلٌّ صَبِيرُها
وَلَمَّا رَأَيْنَا نِعْمَةَ اللَّهْوِ قَدْ مَضَتْ / بِطِيَّتِها أيَّامُها وشهُورُها
عَزَفْنا وَمَا كانَتْ بِأَوَّلِ نِعْمةٍ / مَحَتْهَا اللَّيالي كَرُّها ومُرُورُها
فكم قد رأينا من تكدر عيشة / وأخرى صغا بعد اكدرار غديرُها
وَقَدْ تَغْدِرُ الدُّنْيا فيُضْحى غَنِيُّها / فَقيراً وَيَغْنَى بَعْدَ بُؤْسٍ فَقيرُها
إذَا يَسَّرَ اللّهُ الأمُورَ تَيَسَّرَتْ / وَلانتْ قُواهَا واستَقَادَ عَسِيرُها
وَمَا الجُودُ مِنْ فَقْرِ الرِّجالِ وَلاَ الغِنَى / وَلكِنَّهُ خِيمُ الرِّجَالِ وَخِيرُها
فَكَمْ طَامِعٍ فِي حَاجَةٍ لا يَنالُها / وَكَمْ بَائِسٍ مِنْهَا أَتَاهُ بَشِيرُها
وَكَمْ خَائِفٍ صَارَ المَخُوفَ وَمُقْتِرٍ / تَمَوَّلَ والأحْدَاثُ يَحلُو مَرِيرُها
تَقَلَّبْتُ في الإخوانِ حَتَّى عَرَفْتُهُمْ / ولا يَعْرِفُ الإخوانَ إلاَّ خَبِيرُها
فَلاَ أَصْرِمُ الخِلاَّنَ حَتَّى يُصَارِمُوا / وحَتَّى يَسِيرُوا سِيرَةً لا أسِيرُها
فَإِنَّكَ بَعْدَ الشَّرِّ ما أَنْتَ وَاجِدٌ / خَلِيلاً مُدِيماً شِيمَةً لا يُديرُها
وإِنَّكَ في غَيْرِ الأخِلاَّءِ عَالِمٌ / بأَنَّ الذي يخْفَى عَلَيْكَ ضَمِيرُها
فَلا تَكُ مغْرُوراً بمَسْحةِ صَاحِبٍ / مِنَ الوُدِّ لاَ تَدْرِي عَلاَمَ مَصِيرُها
وَنَفْسَكَ أكْرِمْ عَنْ أُمُورٍ كَثِيرةٍ / فَما لَكَ نَفْسٌ بَعْدَها تَسْتَعِيرُها
وَكَمْ قَدْ رَأَيْنا مِنْ تَكدُّرِ عِيشَةٍ / وَحالٍ صَفَا بَعْدَ اكْدِرَارٍ غَدِيرُها
وَنَفْسَكَ فاحْفَظْهَا وَلاَ تُفْشِ للوَرَى / مِنَ السِّرِّ مَا يُطْوَى عَلَيْهِ ضَمِيرُها
فَمَنْ يَتَّبِعْ مَا يُعْجِبِ النَّفْسَ لاَ يَزَلْ / مُطِيعاً لها في فِعْلِ شَيْءٍ يضيرُها
وَلاَ تَقْرَبِ الأَمْرَ الحَرامَ فإنَّهُ / حَلاوَتُهُ تَفْنَى وَيَبْقَى مَرِيرُها
ولا تُلْهِكَ الدنيا عن الحق واعْتَمِلْ / لآخِرةٍ لابُدَّ أَنْ سَتَصِيرُها
فَمَا يَحْفَظُ المكْتُومَ مِنَ سِرّ أَهْلِهِ / إذا عُقَدُ الأسْرَارِ ضَاعَ كَثِيرُها
مِنَ القَوْمِ إلاَّ ذُو عَفافٍ يُعِينُهُ / عَلَى ذَاكَ مِنْهُ صِدْقُ نَفْسٍ وخِيرُها
ألاَ حَبَّذَا البَيْتُ الذي أنْتَ هَاجِرُهْ
ألاَ حَبَّذَا البَيْتُ الذي أنْتَ هَاجِرُهْ / وَأنْتَ بِتَلْماحٍ منَ الطَّرْفِ نَاظِرُهُ
لأنَّكَ مِنْ بَيْتٍ لِعَيْنيَّ مُعْجِبٍ / وأَمْلحُ في عَيْني منَ البَيْتِ عَامِرُهْ
أَصُدُّ حَياءً أنء يَلَجَّ بيَ الهَوَى / وفِيكَ المُنَى لَوْلاَ عَدوٌّ أُحَاذِرُهْ
وَفِيكَ حَبيبُ النَّفْسِ لَوْ تَسْتَطيعُهُ / لَمَاتَ الهَوى وَالشَّوْقُ حِينَ تُجاوِرُهْ
وَكانَ حَبيبُ النَّفْسِ للقَلْبِ وَاتراً / وكيْف يُحِبُّ القَلْبُ مَنْ هُوَ وَاتِرُهْ
فإنْ يكُنِ الأَعْداءُ أَحْمَوْا كَلامَهُ / عَلَيْنَا فَلَنْ تَحْمَى عَلَيْنَا مَنَاظِرُهْ
كأنَّ سُلَيْمَى حِينَ قَامَتْ فأَشْرَفَتْ / بِوجْمةٍ أَسِيلٍ زَيَّنَتْهُ غدَائِرُهْ
غَزَالٌ سِوى الأرْدافِ والفَرْعِ والشَّوَى / وَلكِنْ لِسلْمَى طَرْفهُ وَمَحاجِرُهْ
وثَغْرٍ إذا المِسْوَاكُ مَسَّ غُرُوبَهُ / تَعَسَّلَ واحْلَوْلَى فَطَابَتْ مَكَاسِرُهْ
أُحِبُّكِ يَا سَلمَى عَلَى غَيْرِ رِيبَةٍ / ولا بَأسَ في حُبٍّ تَعِفُّ سَرائِرُهْ
وَيَا عَاذِلي لَوْلاَ نَفَاسَةُ حُبِّها / عَلَيْكَ لَمَا بَالَيْتَ أنَّكَ خَابِرُهْ
بِنَفْسيَ مَنْ لاَبُدَّ أَنِّيَ هَاجِرُهْ / وَمَنْ أَنَا في المَيْسُورِ والعُسْرِ ذَاكِرُهْ
وَمَنْ قَدْ لَحاهُ النَّاسُ حَتَّى اتَّقَاهُمُ / ببْغِضيَ إِلاَّ ما تُجِنُّ ضَمائِرُهْ
وَمَنْ ضَنَّ بالتَسْلِيمِ يَوْمَ فِرَاقه / عَلَيَّ ودَمْعُ العَيْنِ تَجْري بَوادِرُهْ
وَمَنْ بَانَ مِنَّا يَوْمَ بَانَ وَمَا دَرَى / أَكُنْتُ أَنَا المَوْتُورَ أَمْ أَنَا وَاتِرُهْ
وَحَالَ بَنُو العمَّاتِ والعَمُّ دُونَهُ / وَنَذْرُ عَدُوٍّ مَا تُغِبُّ نَذَائِرُهْ
أَتَهجُرُ بَيْتاً بالحجازِ تَكَنَّفَتْ / جَوَانِبَهُ الأعْداءُ أَمْ أَنْتَ زَائِرهْ
فإنْ آتِهِ لَم أَنْجُ إِلاّ بِظنَّةٍ / وَإِنْ يَأتِهِ غَيْري تُنَطْ بي جَرَائِرُهْ
كَلاَمُكِ يَا سَلْمَى وإنْ قَلَّ نَافِعي / ولا تَحْسَبي أنِّي وَإنْ قَلَّ حَاقرُه
أُحِبُّكِ حُبَّاً لَنْ أُعنِّفَ بَعْدَهُ / مُحِبَّاً وَلكِنِّي إذا لِيمَ عَاذِرُهْ
وَقَدْ مَاتَ قَبْلِي أوَّلُ الحُبِّ فَانْقَضَى / وَلَو مِتُّ أضْحَى الحبُّ قَدْ مَاتَ آخِرُهْ
فَلَمَّا تَنَاهَى الحُبُّ في القَلْبِ وَارِداً / أَقامَ وَسُدَّتْ فيهِ عَنْهُ مَصَادِرُهْ
وَقَدْ كانَ قَلبي في حِجَابٍ يُكِنُّهُ / بِحُبِّكَ مِنْ دُونِ الحِجابِ مُبَاشِرُهْ
وأَيُّ طَبِيبٍ يُبْرِىءُ الدَّاءَ بَعْدَمَا / تَشَرَّبَهُ بَطْنُ الفُؤادِ وَظَاهِرُهْ
ألاَ لاَ أُبالي أَيَّ حيٍّ تَحَمَّلوا / إذَا ثَمَدُ البَرْقَاءِ لَمْ يَجْلُ حَاضِرُهْ
وبالبَرْقِ أَطْلاَلٌ كأنَّ رُسُومَها / قَراطِيسُ خَطّ الحِبْرَ فيهن سَاطِرُهْ
أَبَتْ سَرْحَةُ الأَثْمادِ إِلاَّ مَلاَحةً / وطِيباً إذا ما نَبْتُها اهْتَزَّ ناضِرُهْ
وكُنْتُ إذا اسْتُودِعْتُ سِرّاً طَوَيْتُهُ / بِحْفِظٍ إذا مَا ضَيَّعَ السِّرَّ نَاشِرُهْ
وإنِّي لأَرْعَى بالمَغِيبةِ صَاحبي / حَياءً كما أَرْعاهُ حِينَ أُحَاضِرُهْ
قَضَى اللّهُ يا أَسْماءُ أَنْ لسْتُ زَائِلاً
قَضَى اللّهُ يا أَسْماءُ أَنْ لسْتُ زَائِلاً / أُحِبُّكِ حَتّى يُغْمِضَ العَيْنَ مُغْمِضُ
فَحُبُّكِ بَلْوَى غَيْرَ أَنْ لاَ يسُوؤُنِي / وإنْ كَانَ بَلْوَى أَنَّنِي لَكِ مُبْغِضُ
فَيَا كَبِداً مِنْ لَوْعَةِ الحُبِّ كُلَّما / ذكرتُ وَمِنْ رَفْضِ الهَوَى حِينَ يَرْفُضُ
وَمِنْ عَبْرَةٍ تُذْرِي الدُّمُوعَ وَزَفْرَةٍ / تُقَضْقِضُ أَطْرَافَ الحَشَا حِينَ ننْهَضُ
فَمِنْ حُبِّها أَبْغَضْتُ مَنْ كُنْتُ وَامقاً / وِمْن حُبِّها أَحْبَبْتُ مَنْ كُنْتُ أُبْغِضُ
إذا أنا رضتُ النَفسَ في حُبِّ غَيْرِها / إذَا حُبُّها مِنْ دُونِهِ يَتَعَرَّضُ
فَيَا لَيْتَنِي أَقْرَضْتُ جَلْداً صَبَابَتِي / وأَقْرَضَنِي صَبْراً عَلى الشَّوْقِ مُقْرِضُ
ألِمَّا على مَعْنٍ وَقُولاَ لِقَبْرِهِ
ألِمَّا على مَعْنٍ وَقُولاَ لِقَبْرِهِ / سَقتْكَ الغَوادي مَرْبَعاً ثُمَّ مَرْبَعا
فيا قَبْرَ مَعَنٍ كنتَ أَوَّلَ حُفْرَةٍ / من الأرضِ خُطّتْ لِلسَّماحَةِ مَضْجَعا
ويا قَبْرَ مَعَنٍ كيفَ وَارَيْتَ جُودَهُ / وقد كان منه البَرُّ والبَحْرُ مُتْرَعا
بَلَى قَدْ وَسِعْتَ الجودَ والجُودُ مَيِّتٌ / ولو كان حَيَّا ضِقْتَ حَتَّى تَصَدَّعا
ولما مضَى مَعْنٌ مضى الجودُ وانْقَضَى / وأصبحَ عِرْنِينُ المَكارِمِ أَجْدَعَا
وما كان إلاَّ الجُودُ صُورَةَ خَلْقِهِ / فَعاشَ زَماناً ثُمَّ وَلَّى فَوَدَّعَا
وكنتَ لِدَارِ الجُودِ يا مَعْنُ عامِراً / فقد أصبحتْ قَفْراً مِنَ الجُودِ بَلْقَعا
فَتىً عِيشَ في مَعْرُوفِهِ بَعْدِ مَوْتِهِ / كما كانَ بَعْدَ السَّيْلِ مَجْراهُ مَرْتَعا
تَمَنَّى أُناسٌ شَأوَهُ من ضَلالِهِمْ / فأضْحَوْا على الأذْقَانِ صَرْعَى وظُلَّعا
تَعَزَّ أبا العباسِ عَنْهُ ولا يَكُنْ / جَزَاؤُكَ مِنْ مَعْنٍ بأَنْ تَتَضَعْضَعا
أَبَى ذِكْرُ مَعْنٍ أَنْ تَمُوتَ فِعَالُهُ / وإنْ كَان قَدْ لاقَى حِماماً ومَصْرَعَا
فما ماتَ مَنْ كُنْتَ ابنَهُ لا ولا الذي / له مثْلُ ما أَسْدَى أبوكَ ومَا سَعى
لِنَدْبِكَ أحْزَانٌ وسابقُ عَبْرَةِ / أَثَرْنَ دَماً مِنْ دَاخِلِ الجَوْفِ مُنْقَعا
تَجَرَّعْتُها مِنْ بَعْدِ مَعْنٍ بموته / لأَعْظَم منها ما احْتَسَى وتَجَرَّعَا
ومِنْ عَجَبٍ أَنْ بِتَّ بالرُّزْءِ ثَاوياً / وبِتُّ بما خَوَّلْتَني مُتَمَتِّعا
ولو أنَّني أَنْصَفْتُكَ الوُدَّ لم أَبِتْ / خِلاَفَكَ حَتَّى نَنْطَوِي في الرَّدَى معا
أَحِنُّ ويَثْنِيني الهَوَى نَحْوَ يَثْرِبٍ
أَحِنُّ ويَثْنِيني الهَوَى نَحْوَ يَثْرِبٍ / وَيَزْدَادُ شَوْقِي كُلَّ مُمْسىً وشَارِقِ
كَذاكَ الهَوَى يُزْرِي بِمَنْ كانَ عَاشِقاً / ونَوْلُ الهَوَى يَحْنو عَلَى كُلِّ عَاشِقِ
وَلَيْسَ فتَى الفِتْيانِ مَنْ راحَ واغْتَدَى
وَلَيْسَ فتَى الفِتْيانِ مَنْ راحَ واغْتَدَى / لِشُرْبِ صَبُوحٍ أَوْ لِشُرْبِ غَبوقِ
وَلَكنْ فَتَى الفِتْيانِ مَنْ رَاحَ واغْتَدَى / لضَرِّ عَدُوٍّ أَوْ لِنَفْعِ صَدِيقِ
أَيَا ظَبْيَةَ الوَعْساءِ أَنْتِ شَبِيهَةٌ
أَيَا ظَبْيَةَ الوَعْساءِ أَنْتِ شَبِيهَةٌ / بِذَلْفَاءَ إلاَّ أَنَّ ذَلْفَاءَ أجْدَلُ
فَعَيْناكِ عَيْنَاهَا وجِيدُكِ جِيدُها / وشَكْلُكِ إلاَّ أنَّها لا تَعَطَّلُ
إذا ارْتَحَلتْ مِنْ سَاحِلِ البَحْرِ رُفْقَةٌ
إذا ارْتَحَلتْ مِنْ سَاحِلِ البَحْرِ رُفْقَةٌ / مُشَرِّقَةٌ هَاجَ الفُؤادَ ارْتِحالُها
فإِنْ لاَ يُصَاحِبْهَا يُتْبِعْ بأَعْيُنٍ / سَرِيعٍ بِرَقْرَاقِ الدُّمُوعِ اكْتحَالُها
خَلِيلَيَّ مِنْ عَمْرٍو قِفَا وَتَعرَّفَا
خَلِيلَيَّ مِنْ عَمْرٍو قِفَا وَتَعرَّفَا / لِسَهْمَةَ دَاراً بَيْنَ لِينَةَ فَالحبْلِ
تَحَمَّلَ مِنْها أَهْلُها حِينَ أَجْدَبتْ / وَكَانُوا بِهَا فِي غَيْرِ جَدْبٍ وَلاَ مَحْلِ
وَقَدْ كَانَ فِي الدَّارِ التي هَاجَت الهَوَى / شِفَاءَ الجَوى لَوْ كَانَ مُجْتَمِعَ الشَّمْلِ
وَفِيهِنَّ مَقْلاقُ الوِشاحَيْنِ طَفْلةً / مُبَتَّلَةُ الأرْدَافِ ذَاتُ شَوىً خُدْلِ
حَصَانٌ لها لَوْنَانِ جَوْنٌ وَوَاضِحٌ / وَخلْقَانِ شَيْءٌ مِنْ لَطِيفٍ وَمِنْ عَسْلِ
وَسُنَّتُها بَيْضاءُ وَاضِحَةُ السَّنَا / وَذُرْوَتُها مُسْوَدّةُ الفَرْعِ والأصْلِ
فَيا عَجَباً لِلنَّاسِ يِسْتَشْرِفُونَني / كأَنْ لَمْ يَروْا بَعْدي مُحِبّاً ولا قَبْلي
يَقُولونَ لِي اصْرِمْ يَرْجِعِ العَقْلُ كُلُّهُ / وَصُرْمُ حَبيبِ النَّفْس أَذْهَبُ بِالعَقْلِ
وَيَا عَجَباً مِنْ حُبِّ مَنْ هُو قَاتِلي / كأنِّيَ أَجْزِيهِ المَوَدَّةَ مِنْ قَتْلي
وَمِنْ بَيِّناتِ الحُبِّ أَنْ كَانَ أَهْلُها / أَحبَّ إِلى قَلْبي وَعَيْنِيَ مِنْ أَهْلي
يُضَعِّفُني حِلمي وكَثْرَةُ جَهْلِهمْ
يُضَعِّفُني حِلمي وكَثْرَةُ جَهْلِهمْ / عَلَيَّ وأنِّي لاَ أَصُولُ بِجَاهِلِ
دَفَعْتُكُمُ عَنِّي وَمَا دَفْعُ رَاحَةٍ / بِشَيْءٍ إِذا لَمْ تَسْتَعِنْ بالأنَامِلِ
وَلَمَّا أَبى إلاَّ جِماحاً فُؤادُهُ
وَلَمَّا أَبى إلاَّ جِماحاً فُؤادُهُ / وَلَمْ يَسْلُ عَنْ لَيْلَى بِمَالٍ ولا أَهْلِ
تَسَلَّى بأُخرى غَيْرِها فإذا التي / تَسَلَّى بها تُغْرى بليلَى ولا تُسْلي
لَهُ يَوْمُ بُؤْسٍ فِيهِ للنَّاسِ أَبْؤُسٌ
لَهُ يَوْمُ بُؤْسٍ فِيهِ للنَّاسِ أَبْؤُسٌ / ويَوْمُ نَعِيمٍ فيهِ للنّاسِ أَنْعُمُ
فَيَمْطُرُ يَوْمَ الجُودِ مِنْ كَفِّهِ النَّدَى / وَيَمْطُرُ يَوْمَ البَأْسِ مِنْ كَفهِ الدَّمُ
فَلَوْ أَنَّ يَوْمَ البُؤْسِ خَلَّى عِقَابَهُ / عَلَى النَّاسِ لَمْ يُصْبِحْ عَلَى الأَرْضِ مُجْرِمُ
وَلَو أَنَّ يَوْمَ الجُودِ خَلَّى نَوَالَهُ / عَلى الأَرْضِ لَمْ يُصبِحْ عَلَى الأَرْضِ مُعْدِمُ
وَفَارَقْتُ حَتَّى مَا أُبالي مِنَ النَّوَى
وَفَارَقْتُ حَتَّى مَا أُبالي مِنَ النَّوَى / وإنْ بَانَ جِيرانٌ عَلَيَّ كِرامُ
فَقَدْ جَعَلتْ نَفْسِيَ عَلَى النَّأْيِ تَنْطَوِي / وَعَيْني عَلَى فَقْدِ الصَّدِيقِ تَنَامُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025