المجموع : 7
إِذا لم يكنْ مَعْنى حديثك لي يُدْرَى
إِذا لم يكنْ مَعْنى حديثك لي يُدْرَى / فلا مُهْجْتيِ تُشْفىَ ولا كَبدي تُروَى
نَظرتُ فلم أنْظر سِواكَ أحبُّهُ / ولَولاكَ ما طَاَب الهَوى لِلَّذي يَهوى
ولَّما اجْتلاَك الفكرُ في خَلوة الرّضا / وغيّبت قال الناس ضَلت بي الاهْوا
لَعمرُك ما ضَلَّ المحبُّ وَما غَوى / ولكَّنهمْ لمَّا عمُوا أخطئوا الفتوى
ولو شَهدوا معنى جمَالِكَ مثْلما / شهدْتُ بعينِ القلبِ ما أنكروا الدَّعوى
خلعت عِذاري في هَواك وَمنْ يكنْ / خليعَ عِذارِ في الهوى سَرَّهُ النجوى
وَمزقتُ أثواب الوقارِ تَهتكا / عليكَ وطابت في محَبتكَ الْبلوَى
فما في الهْوى شكوىَ ولو مُزِّق الحَشَا / وَعارٌ على العُشاق في حُبِّكَ الشَّكوى
سُلُوِّيَ مكروهٌ وحُبكَ واجبٌ
سُلُوِّيَ مكروهٌ وحُبكَ واجبٌ / وشوقِي مقيمٌ والتَّواصلُ غائبُ
وفي لوح قلبي من وِدَادكِ أسطرٌ / وَدمعي مِدادٌ مثل ما الحسن كاتبُ
وقارىء فكري لْلمحَاسِن تالياً / على دَرْس آيات الجمالِ يواظبُ
أُنَزِّهُ طَرفي في سماء جَمالكمْ / لِثاقب ذِهني نَجمُها هو ثاقبُ
حَديثُ سواكَ السمع عنهُ محَّرمٌ / فَكُلِّيَ مسلوبٌ وحسنكَ سالبُ
يقولونَ لي تبْ عن هوى من تُحبُّهُ / فقلتُ عن السلوان إِنِّيَ تائبُ
عَذابُ الهوى عذبٌ على كل عَاشِق / وإِن كان عندَ الغير صعبٌ وواصبُ
أيا سعد قل للقُسِّ من داخل الدير
أيا سعد قل للقُسِّ من داخل الدير / أذلك نبراس أم الكأس بالخمرِ
سَرَينا له خِلنَاه نَارا تَوقَّدت / عَلى عَلَم حتى بَدتْ غرة الفَجْرِ
أقول لصحبي عادت النار قد جرت / تلوحُ وَتخْفى مَا كذا هَذه تجْرِي
وَلو أنّه نَجْمٌ لما كان وَاقِفا / تحيرتُ في هذَا كما حِرتُ في أمْرِي
إِلى أن أتيت الدير ألفُيت فَوقه / زجاجا ولا أدرى الذي فيه لا أدري
بحق المسيح أصْدُقْ لنا ما الذي حوت / فَقَال لنا خمر الهوى فاكتموا سِري
وقد رفعت من قبل شَيْث لطارقٍ / أتى قَاصِدا لِلدير تحت الدجىَ يسرِي
فَقُلْنا لهُ مَنْ يبتغي سكرة بِما / تَبيعُونها مِنه فَقالَ لنَا يشْرِي
ولكن ببذل النفس والمال حَقُّها / مَع الذل لِلخمارِ والحَمد والشكرِ
فَقُلنا لهُ خُذْ إِلَيْكَ وأسْقِنَا / فَمَنْ لام أو يَلْحَى ففي جَانب الصَبرِ
فمَا زَالَ يسقِينَا بحسن لَطَافةٍ / ويَشفَع حتى جاء بالشفع والوتر
فَلماَ تجوْهَرنَا وطابت نُفُوسُنا / وَخِفْنا مِنْ العربيد في حالة السُكر
أحس بِنا الخمار قال لناَ اشْربوا / وطِيبُوا فما فِي الدير منْ أحَد غَيري
وَسيروا إِذا شِئتم ودَلُّو سِواكُمُوا / عَلينا وغَطُّوا الأمر عن غيرِ ذي حِجرِ
وقدَ ضاقَ صدرُ الششتريِّ بكتمهِ / مع الصحوِ بعدَ المحو والوسع في الصدر
فدعنيِ أجرّ الذيلِ تيها علىَ الورى / وأصبو إِلىَ مثل الفقيهِ أبيِ بكرِ
قَد اتحدتْ هَاء الفقيهِ برِائنا / وَقد فتحتْ فكا لفكٍّ مِن القبرِ
فقوَّته العظميَ المحيطةُ بالقُوَى / سَفينة معنى قَد حوتْ كل ما يَدْري
وَتسبح فِي بحَر الوجودِ وطمِّهِ / بِريح رخاء هزَّهاَ أفقُ الفكرِ
وذاكَ لتخصيصٍ وللجذْبِ عندناَ / ومن ضل لم يلحق ولو جد في السير
مَطِيَّتُنا للمنزلِ الرحب صبرنا / على الضُّرِّ إِنَّ النفع في ذَلكَ الصبرِ
عوائدناَ الاهلُ الغليظُ حِجابهُ / وتمزيقه خرقُ العوائدِ بالقصرِ
وفِي الخلع للنعلين ما قد سمعتَهُ / مقامٌ ولكن نيطَ بالخلقِ والامرِ
وطِلِّسمُ كنز الكونِ حَلُّ عقالنا / منِ العقلِ وهوالمستفاد مدىَ الدهرِ
وفي كسرك الطِّلَّسمَ بالذل صبغةٌ / وذلك اكسيرٌ يلقَّبُ بالكسرِ
ومفتاحُ سرٍّ للحروف ورمزهاَ / وفكّ مُعَمَّى العسرِ ينحلُّ باليسرِ
وقطعُ ذوي الألبابِ عشق مراتب / من العالم الأدنى ويُسلبن كالسحرِ
وفي العالم العلويّ لَذَّتُنَا التي / ندور عليهاَ الآن والعيش في الدَّورِ
وأن يد التجريد ترفعُ سترها / وتبدو ذواتُ الحسن من داخلِ الستر
وتبدو لك الأسرار والملكُ والغنى / ويا رُبَّ حبر خاض في ذلك البحرِ
وكم دَاهشٍ قدَ حارَ في عظم موجهِ / ولم يدر ما معناهُ في المدّ والجزرِ
فان جَمَعَ التفريق كانَ مسافرَا / علَى مركبِ البِرّ المقرِّبِ للبَرِّ
وإِن فَهم الاسماءَ كان خليفةً / وعاملهُ فِي الرفع يعملُ في الجرّ
وما شِمْت من برق الأنانية التِي / شَعرتَ بها منظومةً وسطَ الشِّعرِ
فأنْتَ أنَا بل أنت أنتَ هوَ الذي / يقولُ أنا والوهم ماجرَّ للغيرِ
ومن لا يرىَ غيرا فكيف افتقارهُ / وقدْ حقَّ للتسليم والنظم والنثرِ
دُجَى غَيْهب التفرِيقِ قد زال واشمطَّا
دُجَى غَيْهب التفرِيقِ قد زال واشمطَّا / وَاقبْلَ صُبْحُ الجمع منْ بعد ما شَطَّا
وأدْحَضَ نور الأنْسِ سِدْف دُجُنَّتي / فأصبحتُ لاَ أشْكُو فراقاً ولا شَحْطا
وولّتْ جُيُوشُ الْشَفْع عِنْدَ لِقَائِه / كَفِعْلِ خميسِ الزَّنْجِ حِينَ يرى الْقِبطَا
شَرْبتُ بِكَأسِ مِلْؤُها سِرّ وِتْرِهِ / فَها أنَا نَشْوانٌ وما ذُقْتُ إِسْفَنْطَا
فسيان عندي البعد والقرب والنوى / وما هابني قبض ولا أبتغي بسطا
وهِمتُ بذَات كَانَ بَيْنِي وبَيْنها / مِنَ الوَهْمِ بَحْرُ قَدْ وجَدْتُ لَهُ شطَّا
فيالك من بحر إِذا رام قطعه / أخو الغَرْقِ يلفيه عليه قد اشتطا
فكَمْ مِنْ مُحِب قَدَ تَرَدّى بِمَوْجِهِ / شَهِيدَا وَكَمْ رَأسٍ هُنالكَ قد قُطَّا
فَيا سَاهيا دَعْ عَنكَ رَمْلة عَالِج / ونَجْد ولاَ تَنْدُبْ أرَاكاَ ولا خُمْطا
وكَنْ قَاصِداً لِلْحَقِّ تَحْظ بنيلِهِ / ومَنْ قَصَدَ الوَهّاب لا شَكَ أنْ يُعْطَى
هو الحقُّ ثُمَّ الأيس والأيْسُ كُلُّ مَا / سِواه أرَى لَيْسَا ولكِنَهُ غَطَّى
ولَسَتُ أرىَ غَيْرا إِذا مَا لحَظْتُهُ / وَمَنْ يَلْحَظِ الأوهَام لَمْ يشَهْد القْسْطا
تَأدبْ بِبَاب الدَّيْر واخْلَعْ بِهِ النَّعْلاَ
تَأدبْ بِبَاب الدَّيْر واخْلَعْ بِهِ النَّعْلاَ / وَسَلّمْ عَلَى الرُّهبَانِ واحْطُطْ بِهْمَ رَحْلا
وعَظَّمْ بِهِ القسيسَ إِنْ شئتَ خُطوةَ / وكَبِّر بِهِ الشَّمَاسَ إِنْ شِئتَ أَنْ تَعْلا
ودُونَكَ أصْوات الشَّمَامِيس فاسْتَمعْ / لأْلحَانِهمْ واحْذَرْك أنْ يَسلبوا العَقْلا
بَدَتْ فِيهِ أقْمارٌ شُموسٌّ طَوَالعٌ / يطُوفُونَ بالصلبان فاحْذَرك أنْ تُبْلى
فايَّاكَ أنْ تَسْمَعْ لَهُنَّ بِحكمَةِ / وايَّاكَ أْن تَجمَعْ لهنَّ بِك الشَّملا
فان كان هذا الشرط وفَّيتَ حَقَّهُ / بصدْقٍ ولم تُنْقِض عُهُوداً ولا قَوْلا
دَعُوكَ بِقِسّيسٍ وسَمُّوْك رَاهِبَا / وابدوا لك الاْسرَارَ واستحسَنوا الفعلا
وأعطوك مفتاح الكنيسة والتي / بها صورت عيسى رهابينهم شكلا
نعم كل ما قد قلت لي قد سَمِعتُهُ / ولا أبتغي في ذَاكَ ودّا ولا مَيلا
وَلمَّا أتيت الدير أمسَيتُ سيّدا / وأصبحتُ منْ زهوى أجر به الذيلا
سَألت عنْ الخمّارِ أين مَحلَّهُ / وهلْ لي سبيل لِلوصُوُل به أمْ لا
فَقَالَ لي القسيَّسُ ماذا تُريدُهُ / فقُلْتُ أريدُ الخمر منْ عنده أملا
فقَالَ ورأسي المسيحِ ومرْيمٍ / وديني ولو بالدر تبذلْ بِهِ بدْلا
فَقلتُ أزيدُ التَبرَ للدر قالَ لا / ولو كَانَ ذَاك التَبرُ تكتاله كَيلا
فقلت له أعطيك خُفى ومُصحفي / وأعطيك عُكازَا قطعتُ به السبلا
وهَاكَ حَرمدَاتي وهَاكَ شميلتي / وها دستماني والكُشيكل والنصلا
وها سِرّ مَفهوُمي وعُودَ أراكتي / وقنديلَ حضراتِي أنادمهُ ليلا
فقال شَرابي جلَ عما وصَفتهُ / وخمَرتنَا ممّا ذَكَرْتَ لنَا أغلى
فقلتُ لَهُ دَعْ عَنكَ تَعظِيمَ وصفها / فخمرتُكمْ أغلىَ وخرقتنا أعلى
على أننّا فيهَا رأينَا شُيُوخنَا / وفيها أخْذنا عن مشائخنا شُغلا
وفيها لنَا سِرّ ادرناه بَيْننا / وفيها لنَا سِرّ عَنْ السرّ قد جلا
وفيها لنَا العُذالُ لامُوا وأكثروا / وأذاننا في لبسها تَترك العذلا
فلما لبسناها وهمنا بحبها / تركنا لها الأوطان والمال والأهلا
فَقَالَ عَسَى تلك العَبَاءةُ هَاتها / فقد اثبتت نفسيِ لها الصدقَ والعدلا
فقلتُ لَهْ إنْ شئتَ لبسَ عباءتيَ / تَطَهر لَها بالطُّهر واضح لها أهلا
وبدلْ لهَا تِلكَ الملابسَ كُلَّها / ومزّقْ لها الزنار واهجرْ لها الشكلا
فقالَ نَعمْ إني شُغفتُ بِحُبها / سَأجعلُها بيني وبينكُمُ وصلا
فناولنيها قَدْ أبحتُكَ سِرّها / وناولنيها فِي أبَاريقها تجلى
فقُلتُ لَهُ ما هذه الراحٌ مقصدي / ولا أبتغي مِنْ راحَكم هذه نيلا
ولكنَّها رَاحٌ تقادمُ عَهدُها / فما وُصفتْ بَعدٌ ولا عرفت قبلا
اقر بأنّ اللهَ لا رَبَّ غَيرُهُ / وأنّ رسّول الله أفضلهم رُسلا
عليهِ سَلام اللهِ مَا لاح بَارِقٌ / وما دَامَ ذكر اللهِ بينَ الورى يتلى
سهِرْت غرَاماً والخلِيُّون نوَّم
سهِرْت غرَاماً والخلِيُّون نوَّم / وكيْفَ ينامُ المُسْتهامُ المتَيَّمُ
وتادَمَني بعدَ الحبيبِ ثلاثةٌ / غَرامي ووجْدي والسَّقامُ المخيَّمُ
أأحْبابَنا إن كانَ قَتْلي رِضَاكُم / فَها مُهْجَتي طَوْعا لكم فتحكَّموا
أقمتمْ غرامي في الهوى وقَعدْتم / وأسهَرْتموا جَفني القَريحَ ونمْتمُ
وألَّفتمُ بينَ السُّهادِ وناظِري / فلا القَلْب يسلاكمْ ولا العينُ تكتمُ
وعاهَدْتمونا أنكم تحسنو اللِّقا / فلمَّا تملَّكتمْ قيادي هجرْتمُ
وما لي ذنبٌ عندَكمُ غير أنَّني / وفيْتُ لمن أغْدرْتمُ فغدَرتمُ
أما تتَّقونَ الله في قتْل عاشِقٍ / أمنتم صُروفَ الحادِثاتِ أمنتمُ
تعَشَّقتكُم طِفلاً ولم أدْر ما الهوى / فَلا تقْتُلوني أنْتمُ فيُعلَم
جرحْتمُ فؤادي بالقَطيعَةِ والجفَا / فَيالَيْتكُم داوَيْتم ما قَطعتم
فيَا قاضي العُشَّاقِ كُنْ في قضيتي / وكُن منصفي من ظالِمٍ يتظلَّمُ
بلِيتُ بمن لا يعرفُ العطفُ قلبَهُ / يعذِّبُ قلبي وهو عنْدي مكرَّمُ
فمن قَلبُه مع غيرِه كَيف حالُه / ومن سرُّه في جفْنه كيف يكْتُم
إذا لم أجدْ لي في السَّلام مُراسلاً / أمُرَّ على أبوابكم فأسلّم
وما بعدَ الأحبابُ إِلا لِشِقوتي / ولكن علَيّا علمُوا فتعَلّموا
ركِبتُ بسرِّ الله في بحر عِشْقكم / فيا ربِّ سلّمْ أنتَ نِعْمَ المسلِّمُ
أرى طالباً مِنّا الزِّيادةَ لا الحسْنى
أرى طالباً مِنّا الزِّيادةَ لا الحسْنى / بفِكرٍ رَمى سهْماً فعَدَّى بهِ عدْنا
وطالِبَنا مطلوبُنا مِن وُجودِنا / نغيبُ به عَنَّا لدَى الصَّعْقِ إِذْ عَنَّا
ترَكْنا حُظُوظا من حضيض لحُوظِنا / مع المقصد الأقصى إِلى المطلب الأسنى
ولم نُلف كُنْه الكَوْن إِلا تَوهُّماً / وليْس بشيءٍ ثابِت هكذا الفيْنا
فرفْضُ السِّوى فرْضٌ علينا لأنَّنا / بِملَّةِ محوِ الشركِ والشَّكِّ قد دنَّا
ولكِنّه كيف السَّبيلُ لرَفضِهِ / ورافِضُه المرفوضُ نحن وما كُنَّا
فيَا قائِلاً بالوصْل والوقْفةِ التي / حجِبت بها اسمعْ وارعوى مثل ما أبْنا
تقيَّدْت بالأوهام لمَّا تداخَلتْ / عليك ونورُ العَقْلِ أورثك السجْنا
وهِمْت بأنْوارِ فهِمْنا أصولَها / ومنْبعها منْ أينَ كان فما هِمنا
وقد تحْجُبُ الأنوار للعبْدِ مثْل ما / تقيَّد من إِظلامِ نفْس حوَتْ ضِغنا
وأيُّ وِصالٍ في القضيَّة يُدَّعى / وأكملُ مَنْ في النَّاس لم يدَّع الأمنْا
ولوْ كان سرُّ الله يُدركُ هكذا / لقالَ لنَا الجمهورُ ها نحن ما خِبْنا
فكم دونَه من فِتْنةٍ وبليَّةٍ / وكم مَهْمهٍ من قبْل ذلك قد جُبْنا
فلا تلْتفِتْ في السَّير غيراً وكلُّ ما / سِوى الله غيرُ فاتخِذْ ذِكرَه حِصْنا
وكلُّ مَقامِ لاتقُمْ فيهِ إِنَّه / حجابٌ فجِدَّ السَّير واستَنْجِدْ العوْنا
ومهْما ترى كلُّ المراتِبِ تجْتلي / عليْكَ فحلْ عنها فعَين مِثْلها حُلْنا
وقُلْ ليْس لي في غَير ذاتِكَ مَطْلٌ / فلا صورةٌ تُجْلى ولا طُرفة تُجْنى
وسِرْ نحْو أعْلام اليمين فإنها / سبيلٌ بها يُمْنٌ فلا تتركَ اليمُنا
أمامَك هَولٌ فاسْتمِعْ لوصيَّتي / عِقال من العَقْلِ الذي منه قد تُبْنا
أبادَ الوَرى بالمشْكلات وقَبْلهم / بأوهامِه قد أهْلَك الجِنَّ والبِنَّا
محجَّتُنا قطْع الحجا وهوَ حجُّنا / وحَجَّتُنا تتلوه باءٌ بِها تُهْنا
يُبطِّئنا عند الصُّعودِ لأنَّه / يودُّ لوَانَّا للصَّعيدِ قد أخْلَدْنا
تلوحُ لَنا الأطْوارُ منه ثلاثَةً / كَرَّاءٍ ومَرْئِيِّ ورؤيةِ ما قُلْنا
ويُبْصر عبْداً عنْد طورِ بقائِهِ / ويرجِع موْلى بالفَنا وهوَ لا يَفْنى
ولوْحاً إِذا لاحَت سُطورُ كَيانِنا / له فيه وهو اللَّوْح والقلم الأدنى
يكُدُّ خُطوط الدَّهْر عنْد التفاتِه / إِحاطَتَه القُصوى التي فيه أظْهرْنا
أقام دُوَين الدهْرِ سِدرَةَ ذاتِه / ونحو ووصْف الكلِّ في وصفه حِرنا
يقَيِّد بالأزمانِ للدَّهْرِ مثْل ما / يكيِّف للأجسام من ذاتِهِ الأبْنا
وعرشاً وكُرسيًّا وبرجاً وكوكبَا / وحشْواً لجِسْم الكلِّ في بحرِهُ عمْنا
وفتْقٌ لأفْلاكِ جواهِره الذي / يشَكلَه سِرُّ الحروف بحَرْفيْنا
يُفرِّق مجموع القضيَّة ظاهراً / وتجمع فَرقاً من تداخُله فُزنا
وعَدَّد شيئاً لم يكُن غير واحِدٍ / بألفاظِ أسماءِ بها شتَّت المعْنى
ويعْرجُ والمعْراجُ منه لذاتِهِ / لتطْوِيرِه العُلويِّ بالوهْم أسرَيْنا
ويجْعلُ سُفليها ويوهِمُ أنَّه / لِسُفْلِيِّه المجعول بالذَّاتِ أهبِطْنا
يقدِّر وصْلاً بعْد فصْل لِذاتِه / وفرض مسافات يجذلها الدهنا
يجَلى لنا طور المعِيَّةِ شكَّه / وإِن لمعَت منه فلتلحق الميْنا
ويُلْحقُها بالشِّرْك من مثْنوِيَّةٍ / يلوحُ بها وهو الملوَّح والمثْنى
فنحن كَدودِ القزِّ يحصرُنا الذي / صنعْنا بدَفْع الحصْرِ سجْناً لنا مِنَّا
فكم واقِفٍ أرْدَى وكم سائرٍ هَدَّى / وكم حكمةٍ أبْدى وكم مملقٍ أغْنى
وتِّيم الباب الهرامِس كلِّهم / وحسْبُك من سقْراط أسكَنُه الدِّنَّا
وجرّد أمثَالَ العوالِم كلَّها / وأبدأ أفْلاطون في أمْثلِ الحسنى
وهامَ أرِسطو حتى مشى من هُيامِه / وبثَّ الذي ألقى إِليْه وما ضنَّا
وكان لِذِي القرْنينِ عوناً على الذي / تبدَّى له وهُو الذي طلَب العَيْنا
ويبحث عن أسباب ما قد سمعتم / وبالبحث غطى العين إذ رده غينا
وذوَّق للحلاَّج طعْم اتحادِه / فقال أنا مَن لا يُحيطُ به معْنى
فقيل له ارجَعْ عن مقالِك قال لا / شربْت مُداماً كلَّ من ذاقَها غنىَّ
وانطلّق للشِّبْلي بالوحْدة التي / أشار بها لمَّا مجا عنده الكوْنا
وكان لذات النَّفرِي مولِّهَا / يخاطبُ بالتَّوحيد صَيَّره خِدْنا
وكان خطيبَا بين ذاتين مَن يكُن / فقيراً يَرَ البحر الذي فيه قد غُصْنا
وأصْمت للجنَيِّ تجريدُ خلقِه / مع الأمر إِذْ صارت فصاحتُه لُكنْا
تثَنىَّ قضيب البان من شُرْب خمرهِ / فكان كمثْلِ الغير لكنَّه ثنَّا
وقد شَذَّ بالشُّوذىّ عن نوْعِهِ فلم / يملْ نحْو أخْدان ولا ساكِنْ مُدْنا
وأصبح فيه السُّهْر ورديِّ حائراً / يصيحُ فما يُلْقى الوجود له أذْنا
ولابن قسيِّ خلْع نَعْل وجودِه / وليْس إِحاطات من الحجر قد تُبْنا
أقام على ساقِ المسرَّة نجْلُها / لِما رمز الأسرَارَ واسْتمطر المزْنا
ولاحَ سَني برْقِ من الغَرْب للنُّهَى / لِنَجْل بنِ سيناء الذي ظنَّ ما ظنَّا
وقد خلَّد الطُّوسيُّ ما قد ذَكَرْتُه / ولكنَّه نحْو التَّصرِّف قد حَنَّا
ولابْن طُفيْل وابن رشْدٍ تيقُّظٌ / رسالةُ يقظان أقْضى فتْحَه الحيْنا
كَسا لشُعَيْب ثوْب جْمع لذاته / يجُرُّ على حُسَّاده الذَّيْل والرُّدنا
وعنْه طَوى الطّائيُّ بُسط كيانِه / به سكْرة الخَلاَّع إذْ أذهب الوهْنا
تسَمَّى بروح الروح جَهْراً فلم يُبَل / ولم ير ندَّا في المقام ولا خِدْنا
به عمر بن الفارِض النَّاظم الذي / تجرَّد للأسْفار قد سَهَّل الحزْنا
وباحَ بها نجْلُ الحرالي عنْدما / رأى كتْمه ضعْفاً وتلويحُه غيْنا
وللأموِيِّ النَّظْم والنَّثر في الذي / ذكَرْنا وإِعْراب كما نحن أعْرَبْنا
وأظهر منه الغافِقي لِمَا خفى / كشَّف عن أطوارِه الغَيمَ والدُّجنا
وبيَّن أسرارَ العُبوديَّة التي / عن أعرابها لمَ يرفعوا اللَّبْس واللَّجْنا
كشفْنا غِطاءً عَن تداخلِ سرِّها / فأصبح ظهْراً ما رأيْتم له بطْنا
هدانا لِدين الحقِّ ما قد تولَّهتْ / لِعزَّته ألْبابُنا وله هُدْنا
فمن كان يَبغى السَّير للجانب الذي / تقدَّس فلْيأتِ فلْيأخُذْه عنّا