القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ أبي حَصِينة الكل
المجموع : 28
لِأَيَّةِ حالٍ حُكِّموا فيكَ فَاشتَطُوا
لِأَيَّةِ حالٍ حُكِّموا فيكَ فَاشتَطُوا / وَما ذاكَ إِلّا حينَ عَمَّمَكَ الوَخطُ
فَهَلّا وَأَيّامُ الشَبيبَةِ ثابِتٌ / بِفَودَيكَ في رَيعانِها الحالِكُ السَبطُ
وَإِذ أَنتَ في ضافٍ مِنَ العَيشِ لَم يَرُع / فُؤادَكَ لا نَأيٌ مُشِتُّ وَلا شَحطُ
وَسَلمى كَشاةِ الرَيمِ تَرنُو بِطَرفِها / إِلَيكَ كَما تَرنُو وَتَعطُو كَما تَعطُو
قَلِيلَةُ تَجوالِ الدَماليج وَالبُرى / إِذا جالَ في مَيدانِ لَبَّتِها السِمطُ
مِنَ الآنِساتِ اللابِساتِ مَلابِساً / مِنَ الصَونِ لَم يُدنَس لَها بِالخَنا مرطُ
شَرَطتُ عَلَيهِنَّ الوَفاءَ فَمُذ بَدا / بَياضُ عِذاري لِلعَذارى مَضى الشَرطُ
وَكَيفَ وَقَد جُزتَ الثَلاثينَ حِجَّةً / يُرى لَكَ حَظٌّ في هَواهُنَّ أَو قِسطُ
كَأَنَّ الفَتى يَرقى مِنَ العُمرِ سُلَّماً / إِلى أَن يَجُوزُ الأَربَعينَ فَيَنحَطُّ
فَلا يُبعِدِ اللَهُ المَشيبَ فَإِنَّهُ / مَطيّةُ حُكمٍ في الخِطيئَةِ لا يَخطُو
فَدَع ذا وَلَكِن رُبَّ لَيلٍ عَسَفتَهُ / بِرَكبٍ كَأَنَّ العَيسَ مِن تَحتِهِم مُقطُ
وَجُبتَ بِهِم أَجوازَ كُلِّ تَنُوفَةٍ / لِكُدرِ القَطا حَولَ الثَمادِ بِها لَغطُ
كَأَنَّ عَزيفَ الجِنِّ في فَلَواتِها / دُفُوفٌ تَغَنَّت لِلنَدامى بِها الزُطُّ
يَحارُ دَليلُ القَومِ فيها إِذا طَفا / بِها الآلُ وَاُغبَرَّت دَيامِيمُها المُلطُ
وَطارَ سَفا البُهمى بشها فَكَأَنَّهُ / إِذا عَصَفَت ريحُ الجَنوبِ لِحىً سُنطُ
تَنائِفُ لِلظُلمانِ فيها مَعَ الضُحى / عَرارٌ وَلِلأَنضاءِ في جَوزِها خَبطُ
إِذا ما قَطَعنا حِقفَ رَملٍ بَدا لَنا / عَلى إِثرِهِ حِقفٌ مِنَ الرَملِ أَو سِقطُ
وَصَحبي نَشاوي مِن نُعاسٍ كَأَنَّما / تَميلُ بِهِم صِرفٌ مِنَ الراحِ إِسفِنطُ
عَلى كُلِّ مَوّارِ الوَضينِ كَأَنَّهُ / مَرِيرَةُ قِدٍّ لا يَبينُ لَهُ وَسطُ
بَراهُ البُرى حَتّى تَحَيَّرَ نِحضُهُ / وَسالَت نَجيعاً مِن تَأَكُّلِها الإِبطُ
أَقُولُ لَهُم وَاللَيلُ مُعتَكِرُ الدُجى / وَحُدبُ المَطايا تَحتَهُم حُدُبٌ تَمطُو
وَقَد لاحَ لِلرَكب الصَباح كَأَنَّما / بَدا مِن جَلابِيبِ الدُجى لِمَمٌ شُمطُ
وَنَجمُ الثُرَيّا في السَماءِ كَأَنَّهُ / صَنوبَرَةٌ مِن ناصِعِ الدُرِّ أَو قِرطُ
أَقيمُوا صُدُورَ العيسِ نَحوَ ابنِ صالِحِ / فَما بَعدَهُ لِلعَيسِ رَفعٌ وَلا حَطُّ
وَدُونَكُمُ البَحرُ الَّذي لا يُرى لَهُ / إِذا ما طَمى عَبرٌ قَريبٌ وَلا شَطُّ
تُمَزَّقُ بِالتَقبِيلِ وَاللَثمِ سَبطَةٌ / فَتَبلى وَما تَبلى مِنَ القِدَمِ السُبطِ
حَليمٌ عَلى الذَنبِ العَظيمِ وَإِنَّهُ / لَفَظٌّ عَلى أَعدائِهِ في الوَغى سَلطَ
أَبادَ سُيوفَ الهِندِ بِالضَربِ في الصِبا / وَأَفنى بِطُولِ الطَعنِ ما أَنبَتَ الخَطُّ
عَجِبنا لَهُ أَن تَقبِضَ السَيف كَفُّهُ / وَأَكثَرُ شَيءٍ عُوِّدَت كَفُّهُ البَسطُ
إِذا صُغتَ مَدحاً فيهِ لَم أَخشَ قائِلاً / يَقُولُ فُلانٌ في الَّذي قالَ يَشتَطُّ
فَتى كَرَمٍ مِن خَيرِ رَهطٍ وَمَعشَرٍ / مَرادِسَةٍ يا حَبَّذا ذَلِكَ الرَهطُ
إِذا سُئِلُوا أَنطَوا جَزيلاً مُوَسَّعاً / وَكَم مَعشَرٍ سِيلُوا نَوالاً فَلَم يُنطُوا
لَيُوثٌ وَما جارُ اللُيُوثِ بِآمِنٍ / وَهَذِي لُيُوثٌ لَم يُرَع جارُها قَطُّ
إِذا ما سَطا خَطبٌ سَطَونا بِبَأسِهِم / عَلى ذَلِكَ الخَطبِ المُلِمِّ الَّذي يَسطُو
بَنى لَهُمُ بَيتاً مِنَ العِزِّ باذِخاً / ثِمالٌ فَما انحَطَّ البِناءُ وَلا انحَطُّوا
فَتىً رَبَطتَني في ذُراهُ مَواهِبٌ / رَبَطت عَلَيها الحَمدَ فَاستَحكَمَ الرَبطُ
وَحَبَّرت فيهِ كُلَّ عَذراءَ زانَها / مَديحُ أَبي العُلوانِ لا الشَكلُ وَالنَقطُ
وَعَدَّدتُ لِلأَعداءِ فيها قَواتِلاً / إِذا نَفَثَت بِالسَمِّ أَصلالُها الرُقطُ
فَعِش عُمرَها لا عُمرَ خَطّي فَإِنَّها / سَتَبقى وَيَبلى كاتِبُ الخَطِّ وَالخَطُّ
رُبوعٌ لَكُم بِالأَجرِ عَينٌ وَأَطلالُ
رُبوعٌ لَكُم بِالأَجرِ عَينٌ وَأَطلالُ / سَقاهُنَّ مُنهَلُّ الشآبيبِ هَطّالُ
بِحَيثُ يَبيتُ الطَلحُ وَالضالُ مِنكُمُ / قَريباً بِنَفسي ذَلِكَ الطَلحُ وَالضالُ
مَنازِلُ آجالٍ مِنَ العيسِ لَم يَطُل / لَهُنَّ وَلا لِلعيسِ فيهِنَّ آجالُ
لَقَد أَنهَجَت بَعدي كَما أَنهَجَ الصِبا / فَهُنَّ وَأَيّامُ الشَبيبَةِ أَسمالُ
أَيا رَبعُ أَضناكَ البِلى وَلِيَ الهَوى / فَما لَكَ إِبلالٌ وَلا لِيَ إِبلالُ
وَقَفنا وَأَوقَفنا الدُموعُ حَبيسَةً / عَلَيكَ وَإِنّا بِالدُموعِ لَبُخّالُ
سَقَتكَ العِهادُ الغُرُّ هَل أَنتَ مُخبِرٌ / عَنِ الحَيِّ إِنّي عَنهُمُ لَكَ سَآلُ
أَمُزمِعَةٌ بِالبَينِ قَتلي تَرَفَّقي / فَفي الرِفقِ إِحسانٌ لَدَيكِ وَإِجمالُ
سَلَبتِ الدُجى ما فيهِ حَتّى نُجُومُهُ / لِنَحرِكِ عِقدٌ وَالأَهِلَّةُ أَحجالُ
تَفاءَلَتُ في وادي الأَراكِ لَعَلَّني / أَراكِ فَلَم يَصدُق بِرُؤيَتِكَ الفالُ
أَحِنُّ إِلى أَهلِ الحِجازِ وَدُونَهُم / مَفاوِزُ فيها لِلتَعامُلِ إِعمالُ
وَأَنظُرُ خَفقَ الآلِ مِن نَحوِ أَرضِكُم / فَيَخفِقُ قَلبي كُلَّما خَفَقَ الآلُ
وَإِنّي لَمُشتاقٌ وَعِندي صَنيعَةٌ / تَغُلُّ رِكابي وَالصَنائِعُ أَغلالُ
لَدى مَلِكٍ أَنسى الأَحِبَّةَ حُبُّهُ / فَأَصبَحَ لي عَنهُم بِنُعماهُ إِشغالُ
كَريمٌ أَقَلُّ الكَسبِ في أَرضِهِ الغِنى / وَأَيسَرُ شَيءٍ في مَواهِبِهِ المالُ
مَناقِبُهُ مِثلُ النُجومُ زَواهِرٌ / وَأَفعالُهُ عِندَ الأَماثِلِ أَمثالُ
إِذا نَزَلَ الأَضيافُ أَو نُوزِلَ القَنا / تَساوى نَزيلٌ في ذُراهُ وَنَزّالُ
لَهُ صارِمٌ دَلَّت فُلولٌ بِحَدِّهِ / عَلى أَنَّهُ لِلجَيشِ بِالجَيشِ فَلّالُ
إِذا سَلَّهُ في مَعرَكٍ مِن قِرابِهِ / تَشابَهَ مَسلولٌ هُناكَ وَسَلّالُ
وَما السَيفُ إِلّا دُونَهُ وَهُوَ بِالنَدى / لِراجِيهِ مُحيٍّ وَالمُهَنَّد قَتّالُ
أَبا صالِحٍ حُزتَ المَكارِمَ وَالتَقَت / إِلى الفَخرِ أَعمامٌ عَلَيكَ وَأَخوالُ
لِيَهنِكِ تَشريفُ الإِمامِ بِسُبَّقٍ / مِنَ الخَيلِ في قانٍ مِنَ التِبرِ تَختالُ
خَبَطنَ إِلَيكَ اللَيلَ حَتّى تَكَلَّلَت / لَهُنَّ هَوادٍ بِالنُجومِ وَأَكفالُ
كُسينَ أَجَلَّ العَبقَريّ أَجِلَّةً / تَدُلُّ وَتُنبي أَنَّ ذَلِكَ إِجلالُ
هِيَ القُبُّ بارَتها قِبابٌ كَأَنَّها / عَلى حُتُفِ الأَحمالِ في العَينِ أَجمالُ
وَأَعلامُ عِزٍّ أَعلَمَت كُلَّ حاسِدٍ / بِأَنَّكَ لا يَعدُوكَ سَعدٌ وَإِقبالُ
وَمِن خالِصِ العِقيانِ ثَوبٌ لَبِستَهُ / تُجَرُّ لَهُ فَوقَ المَجَرَّةِ أَذيالُ
كَأَنَّكَ لَم تَقنَع بِسِربالِ غازِلٍ / فَوافاكَ مِن نُورِ الغَزالَةِ سِربالُ
وَقُلِّدَت عَضباً مُذ حَمَلتَ نِجادَهُ / تُحَمِّلُ عَنكَ الدَهرُ ما أَنتَ حَمّالُ
لَقَد فازَ مَسعى صالِح بِنِ مُحَمَّدٍ / وَفازَت ظُنونٌ صادِقاتٌ وَآمالُ
يَرى ما يُرى في الغَيبِ حَتّى كَأَنَّهُ / عَلى كُلِّ شَيءٍ في ضَميرِكَ نَزّالُ
صَفا لَكُمُ صَفوَ الغَمامِ وَأَخلَصَت / سَرائِرُهُ إِنَّ السَرائِرَ أَعمالُ
لَقَد عَزَّ قَومٌ شايَعوكَ وَحُصِّنَت / ثُغورٌ عَلَيها مِن سُيُوفِكَ أَقفالُ
فَلا يَجزَعِ الإِرلامُ ما دُمتَ سالِماً / فَقَد عَزَّ غَيلٌ فيهِ مِثلُكَ رِئبالُ
وَمِن دُونِ هَذا الشامِ أَنتَ وَفِتيَةٌ / مَرادِسَةٌ شَمُّ العَرانينِ أَبطالُ
إِذا أَشرَعوا زُرقَ الأَسِنَّةِ حَرَّموا / مَوارِدَهُم وَالماءُ أَزرَقُ سَلسالُ
أَولوا الحِلمِ إِلّا في الكَريهَةِ إِنَّهُم / إِذا شَهِدوا يَومَ الكَريهَةِ جُهّالُ
أَنالُوا فَنالوا مُنتَهى الحَمدِ إِنَّني / رَأَيتُ رِجالاً قَد أَنالوا فَما نالوا
وَما الناسُ عِندَ الناسِ إِلّا مَعاشِرٌ / إِذا وُزِنُوا بِالناسِ كُلِّهِم مالُوا
بُحُورٌ بُدُورٌ وَالدُسُوتُ مَطالِعٌ / غُيُوثٌ لُيوثٌ وَالذَوابِلُ أَغيالُ
إِذا لَمَسوا شَطراً مِنَ الأَرضِ لَمسَةً / بِأَيمانِهِم لَم يُفسِدِ الأَرضَ إِمحالُ
لِسَيفكَ بَعدَ اللَهِ قَد وَجَبَ الحَمدُ
لِسَيفكَ بَعدَ اللَهِ قَد وَجَبَ الحَمدُ / فَيا لَيتَ جَفني ما حَييتُ لَهُ غِمدُ
تَقاضَيتَ دَيناً مِن عِداكَ بِحَدِّهِ / وَيا رُبَّ حَدٍّ في التَقاضي بِهِ حَدُّ
وَما زِلتَ وَرّاداً لِكُلِّ كَريهَةٍ / يَهابُ الرَدى مِن دُونِها الأَسَدُ الوردُ
إِلى أَن جَنَيتَ العِزَّ مِن كُلِّ مُجتَنى / يَعزُّ عَلى مَن لا يُساعِدُهُ السَعدُ
فَلا يُدرِكُ الساعونَ ما أَنتَ مُدرِكٌ / فَما كُلُّ سَيفٍ أَرهَفَت حَدَّهُ الهِندُ
وَلا كُلُّ مَن تاقَت إِلى المَجدِ نَفسُهُ / صَبورٌ عَلى أَشياءَ يُحوى بِها المَجدُ
مَلَكتَ طَريقَ الجَدِّ حَتّى عَلا بِهِ / لَكَ الجَدُّ إِنَّ الجِدَّ يَعلو بِهِ الجَدُّ
وَأَتعَبتَ نَفساً في المَعالي نَفيسَةً / فَلَمّا أَكَلتَ الصبرَ لَذَّ لَكَ الشَهدُ
رَدَدتَ بِحَدِّ السَيفِ ما لَو رَدَدتَهُ / عَلَينا بِغَيرِ السَيفِ ما حَسُنَ الرَدُّ
وَلَم أَرَ خَلقاً مِنكَ أَعظَمَ شِدَّةً / عَلى نُوَّبِ الأَيّامِ وَالخَطبُ مُشتَدُّ
كَأَنَّكَ لَولا فَيضُ كَفِّكَ هَضبَةٌ / إِذا حَلَّتِ اللأوآءُ أَو حَجَرٌ صَلدُ
سَدَدت بِهَذا الفَتحِ باباً مِنَ الأَذى / فَظاهِرُهُ فَتحٌ وَباطِنُهُ سَدُّ
وَأَيُّ مَرامٍ رُمتَهُ لَم تَقُم بِهِ / لَكَ المُرهَفاتُ البيضُ وَالذُبَّلُ المُلدُ
وَفَتيانُ صِدقٍ يَحمِلونَ مَعَ القَنا / قُلوباً ثِقالاً تَشتَكي حَملَها الجُرد
إِذا الطَفلُ مِنهُم فارَقَ المَهدَ أَصبَحَت / مِنَ الأَمنِ أَرضُ اللَهِ وَهِيَ لَهُ مَهدُ
مِنَ الصالِحيّينَ الَّذينَ تَمَرَّدوا / عَلى الخَطبِ مُذ كانوا كُهولاً وَهُم مُردُ
غُيُوثٌ إِذا جادوا لُيُوثٌ إِذا عَدَوا / كَثيرٌ إِذا عادَوا قَليلٌ إِذا عُدُّوا
يَشُكُّونَ في ظَهرِ العَدُوِّ أَسِنَّةً / إِذا خَرَجَت مِن صَدرِهِ خَرَجَ الحقدُ
مَساعيرُ إِلّا أَنَّهُم في سَماحِهِم / بُحُورٌ إِذا مَدّوا أَكفَّهُم مَدّوا
وَفِيّونَ إِن ذَمّوا جَرَيّونَ إِن سَطَوا / مُلَبُّونَ إِن قالوا وَفِيُّون إِن وَدّوا
إِذا ماتَ مِنهُم سَيِّدٌ لَم يَكُن لَهُ / مِنَ العِزِّ قَبرٌ في التُرابِ وَلا لَحدُ
أَلا أَيُّها الغادي تَحَمَّل إِلَيهِمُ / تَحِيَّةَ حُرٍّ باتَ وَهوَ لَهُم عَبدُ
وَقُل لَهُمُ طُولُوا فَقَد طابَ ذِكرُكُم / فَطالَ بِكُم طالَت حَياتُكُمُ الوَفدُ
وَفاحَ لَكُم ما بَينَ شَرقٍ وَمَغرِبٍ / مِنَ الذِكرِ نَشرٌ لا يَفُوحُ بِهِ النَدُّ
وَفَيتُمُ بِما لَم يُوفِ خَلقٌ بِمِثلِهِ / وَلا ذِمَّةٌ فيهِ عَلَيكُم وَلا عَهدُ
وَلَكِن رَغِبتُمُ في الإِمامِ وَفَضلِهِ / فَأَسعَدَكُم فيما ظَفِرتُم بِهِ الزُهدُ
وَأَرشَدَكُم فِعلُ الجَميلِ إِلى الهُدى / أَلا إِنَّما فِعلُ الجَميلِ هُوَ الرُشدُ
وَعُدتُم لِذاكَ الثَغِرِ سَدّاً مِنَ العِدى / وَأَيُّ سَديدٍ ما دَرى أَنَّكُم سَدُّ
وَما رَدَّ كَيدَ الرُومِ خَلقٌ سِواكُمُ / يُنيلُ إِذا لَم يَبقَ مِن دُونِهِم رَدُّ
أَتَوا يُثقِلُونَ الأَرضَ مِن فَوقِ شُزَّبٍ / إِذا أَسرَعَت في الخَطوِ أَثقَلَها السَردُ
يُواريهمُ نَسجُ الحَديدِ عَلَيهمُ / فَما فَيهِمُ مَن مِنهُ جارِحَةٌ تَبدُو
فَلَولاكُمُ لَم يَنهَهُم عَن حَريمِنا / وَعَن حُرمَةِ الإِسلامِ جَمعٌ وَلا حَشدُ
وَلَكِنَّكُم قَبَّلتُمُوُهم ذَوابِلاً / مِنَ الخَطِّ مُشرِعُوها هُمُ اللُدُّ
وَخُضتُم عَجاجاً يُرمِدُ الجَوَّ نَقعُهُ / وَلَكِنَّهُ تَحيي بِهِ الأَعيُنُ الرُمدُ
فَما انجابَ ذاكَ النَقعُ حَتّى طَرَحتَهُم / فَرائِسَ تَقتاتُ الوُحوشُ بِها بَعدُ
وَصارَت حِياضاً لِلمياهِ جَماجِمٌ / مُفلَّقَةٌ فَاستَجمَعَ الزادُ وَالوِردُ
فَلا تَطمَعِ الآمالُ فيما مَلَكتُمُ / فَما تَتَخَلّى عَن فَرائِسِها الأُسدُ
مَناقِبُ أَمثالُ النُجومِ ثَواقِبٌ / لَكُم لَيسَ يُحصيها حِسابٌ وَلا عَدُّ
تَفَرَّدَ بِالمَعروفِ مِن دونِ حاتِمٍ / وَكَعبٍ مُعِزُّ الدَولَةِ المَلِكُ الفَردُ
فَأَحسَنَ حَتّى لَم يَدَع ذِكرَ مُحسِنٍ / سِوى ذِكرِ مَن يَحدو بِهِ الرَكبُ أَو يَشدُو
نَظَمتُ لَهُ عِقداً مِنَ الحَمدِ فاخِراً / وَقُلتُ لِذاكَ الجِيدِ يَصلُح ذا العِقدُ
أَبا صالِحٍ إِن طالَ عَهدي بِخِدمَةٍ / فَما طالَ لي بِالشُكرِ في مَحفِلٍ عَهدُ
وَإِن كُنتُ لَم أُدرِك جَزاكَ فَإِنَّني / أَبيتُ بِما أَولَيتَني وَلِيَ الجُهدُ
وَلَم أَرَ مِثلَ الحَمدِ ثَوباً لِلابِسٍ / وَأَدوَمُ ثَوبٍ أَنتَ لابِسُهُ الحَمدُ
وَقَفنافَكَم هاجَ الوُقوفُ عَلى المَغنى
وَقَفنافَكَم هاجَ الوُقوفُ عَلى المَغنى / غَليلاً دَخيلاً مِن لُبَينى وَمِن لُبنى
وَعُجنا عَلَيهِ مُنذُ عِشرينَ حِجَّةً / تَقَضَّت فَما عُجنا عَلى الحِلمِ مُذ عُجنا
أَرَبعَ التَصابي قَد فَنِيتَ وَحُبُّنا / لِأَهلِكَ لا يَبلى فِناكَ وَلا يَفنى
كَأَنكَ تَلقى ما لَقِينا مِنَ الهَوى / وَتَضنى لِفَقدِ الظاعِنينَ كَما نَضنى
سَأَلناكَ لَو أَخبَرتَنا أَينَ يَمَّمُوا / أَوَعسَ الحِمى الأَقصى أَمِ الأَوعَسَ الأَدنى
أَمِ الحَيُّ لَمّا أَكدَتِ المُزنُ يَمَّمُوا / ثِمالاً فَشامُوا مِن أَنامِلِهِ المُزنا
لَقَد نَجَعُوا رَبعاً حَصيناً مِنَ النَدى / وَصارُوا إِلى مَن يَمنَحُ المُدنَ لا البُدنا
فَتى كَرَمٍ أَفنى الصَوارِمَ في الوَغى / ضِراباً وَأَفنى بِالطِعانِ القَنا اللُدنا
يَدُلَّكَ مِن كِلتا يَدَيهِ عَلى الغِنى / فَيُسركَ لِليُسرى وَيُمنُكَ لِليُمنى
هُوَ البَحرُ إِلّا أَنّنا لا نَرى لَهُ / سِوى مُوقَراتِ العِيسِ مِن مالِهِ سُفنا
نَظَمتُ لِأَسنى الخَلقِ مَدحاً وَجَدتُهُ / سَنِيّاً فَأَهدَيتُ السَنِيَّ إِلى الأَسنى
أَبا صالِحٍ إِن كُنتُ في القَولِ مُحسِناً / فَإِنَّكَ قَد جازَيتَني عَنهُ بِالحُسنى
وَأَعدَيتَني بِالجُودِ حَتّى تَرَكتَني / أَجُودُ فَأُفِني مَكسَبي قَبلَ أَن أَفنى
تَشاغَلتُ أَبني فيكَ مَدحاً وَأَبتَني / فَفيكَ الَّذي أَبني وَمِنكَ الَّذي يُبنى
إِذا نَحنُ جُدنا أَو نَفَحنا بِنِعمَةٍ / فَمِنكَ وَمِمّا جُدتَ ذاكَ الَّذي جُدنا
وَإِن شُكِرَ القَومُ الأُلى مِنكَ رِزقُهُم / فَإِنَّكَ بِالشُكرِ الَّذي شُكِروا تُعنى
إِذا المَرءُ أَولى الفَضلَ مِن فَضلِ غَيرِهِ / فَمُوليهِ أَولى بِالثَناء الَّذي يُثنى
إِذا العارِضُ الوَسمِيُّ جادَ فَأَسبَلا
إِذا العارِضُ الوَسمِيُّ جادَ فَأَسبَلا / فَقُل سَقِّ بِالحِزانِ رَبعاً وَمَنزِلا
وَمَهما تَبَخَّلتَ الرَبابَ فَزُر بِهِ / طُلُولاً بَصَحراءِ النُخَيلَةَ مُثَّلا
يُفَرِّقُ في الغَبراءِ ظَبياً وَمِكنَساً / وَيَرمي مِنَ الشَغواءِ وَكراً وَأَجدَلا
وَرَوّى شَماريخَ المَضيقِ بِصَيّبٍ / يُرى مِنهُ أَسرابُ الأَياييلِ جُفَّلا
إِذا وَأَلَت مِن رَيِّقِ الوَبلِ لَم تَجِدِ / لَها غَيرَ أَهدابِ الطَرافيِّ مَوئلا
تَشابَكنَ بِالأَفنانِ عُصلاً كَأَنَّما / تَحَمَّلنَ مِنهُنَّ النَخيلَ المُنَخَّلا
وَعُج عَوجَةً بِالرقَّتَينِ فَسَقِّها / حَياءً إِذا ما جَلجَلَ الرَعدُ أَسبَلا
يُغادِرُ مِن كُلِّ النَواحي بِأَرضِها / غَديراً كَذَيلِ السابِرِيِّ وَجَدوَلا
وَإِن كانَ يَغنيها المُعِزُّ بنُ صالِحٍ / عَن العارِضِ الوَسميِّ أَن يَتَهَلَّلا
فَتىً طالَ بِالإِحسانِ وَالطَولِ قَدرُهُ / وَما طالَ قَدرُ المَرءِ حَتّى تَطَوَّلا
لَهُ راحَةٌ في أَن يَرى كُلَّ راحَةٍ / بِلا رَاحَةٍ مِن أَن تَجودَ وَتُفضِلا
وَلَيلٍ نَضَينا العِيسَ فيهِ إِلى فَتىً / هُدى العِيسِ فيهِ بَعدَ أَن كُنَّ ضُلَّلا
وَجُبنا إِلَيهِ كُلَّ تَيهاءَ لا تَرى / بِها غَيرَ سِيدانِ الظَهيرَةِ عُسَّلا
إِذا جُعنَ أَدمَنَّ العُواءَ كَأَنَّما / ثَمِلنَ فَأَكثَرنَ الغناءَ المُرَتَّلا
خِماصٌ إِذا ما رُحنَ كُلَّ عَشِيَّةٍ / إِلى الوُجرِ أَشبَهنَ الدِمَقسَ المبقِّلا
وَغُبرُ النَعامِ الرُبدِ يَرقُصنَ كُلَّما / تَوَجَّسنَ في الظَلماءِ لِلرَكبِ أَزمَلا
كَأَنَّ قُسوساً بِالأَداحيِّ أَصبَحَت / مُكَوَّسَةً تَتلو الكِتابَ المُنزَّلا
وَحِقبٌ إِذا ما لاحَ إِيماضُ بارِقٍ / نَجَعنَ الحَيا مِن أَيِّ صَوبٍ تَخَيَّلا
وَرُحنَ يُرَجِّعنَ السَحيلَ تَوالياً / إِلى حَيثُ يَتلو ساطِعُ البَرقِ مِسحَلا
وَخَيلٍ يُحَفِّرنَ الصَفا بِحَوافِرٍ / يُلَقِّينَ مِنها جَندَلَ القاعِ جَندَلا
إِذا ما قَدَحنَ النارَ مِن كُلِّ جَروَلٍ / يُضِئنَ بِها في ظُلمَةِ اللَيلِ مِشعَلا
عَوايِدُ مَيمُونِ النَقيبَةِ لا يَرى / عَلى نَيلِهِ في الناسِ أَن يَتَنَيَّلا
فَلَمّا وَصَلنَ المُدرِكي ابنَ صالِحٍ / وَصَلنَ أَجَلَّ الناسِ قَدراً وَأَفضَلا
فَتى كَرَمٍ لا يُقفَلُ الرِزقُ دُونَهُ / إِذا باتَ بابُ الرِزقُ دُونَكَ مُقفلا
مَتى ما يُؤمَّل لَم يَزُل مِن جَنابِهِ / مُؤَمِّلُهُ حَتّى يَصيرُ مُؤَملا
فَزُرهُ تَزُر مَن لا يُخلّيهِ مُرمِلا / مِنَ المالِ إِلا سائِلٌ جاءَ مُرمِلا
بَنى لِبَني الشَدّادِ فَخراً مُوَطَداً / عَلى كُلِّ مَخلوقٍ وَمَجداً مُؤَثَّلا
بِعَزمٍ ثَنى صَدرَ القَناةِ مُحَطَّماً / وَرَدَّ غِرارَ المَشرَفيّ مُفَلَّلا
نَسِينا بِهِ مَن كانَ في الدَهرِ قَبلَه / وَكَم قَد رَأَينا آخِراً فاقَ أَوَّلا
وَقَد فَضَّلَ اللَهُ الرَسولَ مُحَمَّداً / عَلى كُلِّ مَن قَد كانَ مِن قَبلُ مُرسَلا
وَإِن طاعَنَ الأَقرانَ لَم يقبقِ حَلقَةً / عَلى دارِعٍ إِلّا وَيُوضِحُ مَقتَلا
يَخَوضُ بِهِ الطِرفُ الأَغَرُّ دَمَ العِدى / وَلا يَنثَني إِلّا أَغَرَّ مُحَجَّلا
وَنَظما رِماحُ الخَطِّ حَتّى يَمَسَّها / يَمينُ ثِمالٍ ثُمَّ تُشرَعَ مَنهَلا
أَبا صالِحٍ لا خَلقَ إِلّاكَ مُحسِناً / وَلا مَلِكٌ إِلّاكَ في الناسِ مُفضِلا
شَجُعتَ فَصَيَّرتَ الشُجاعَ مُرَوَّعاً / وَجُدتَ فَغادَرتَ الجَوادَ مُبَخَّلا
وَحَمَّلتَني ما لَو تَحَمَّلَ بَعضَهُ / ثَبيرٌ لَأَوهى رُكنَهُ ما تَحَمَّلا
فَلا زِلتُ أُثني فيكَ مَدحاً مُحَبّراً / وَأَنظِمُ عِقداً مِن ثَناكَ مُفَصَّلا
أَلا ما لِقَلبي كُلَّما ذُكِرَت هِندُ
أَلا ما لِقَلبي كُلَّما ذُكِرَت هِندُ / تَزايَدَ بي هَمٌّ وَبَرَّحَ بي وَجدُ
وَمالي كَأَنّي أَجرَعُ الصَبرَ كُلَّما / تَعَرَّض لي مِن دونِها الأَجرَعُ الفَردُ
إِذا نَزَلَت نَجداً تَنَفَّسَتُ لَوعَةً / وَقُلتُ أَلا واحَرَّ قَلباهُ يا نَجدُ
وَإِنّي لَأَستَنشي الصَبا فَأَظُنُّها / بِرَيّاكِ فاحَت كُلَّما نَفَحَ الرَندُ
وَبي لَوعَةٌ مِن حُبِّ دَعدٍ كَأَنَّما / تَشِبُّ جَحيماً في الضُلوعِ بِها دَعدُ
عَجِبتُ لِقَلبي كَيفَ يَبقى عَلى الجَوى / وَلَكِنَّ قَلبي وَيحَهُ حَجَرٌ صَلدُ
سَلي هَل أَذوقُ الغُمض لَيلاً كَأَنَّما / فَراقِدُهُ في جيدِ غانِيَةٍ عِقدُ
وَهَبتُ الكَرى فيهِ لَواهِبِ نِعمَةٍ / زَماني بِهِ نَضرٌ وَعَيشي بِهِ رَغدُ
إِذا صُغتُ فيهِ المَدحَ سارَت مُغِذَّةً / غَرائِبُهُ يَحدو بِها الرَكبُ أَو يَشدو
كَريمٌ لَهُ في بَذلِهِ المالَ جُهدُهُ / وَلِلمَدحِ وَالمُدّاحِ في وصفِهِ الجُهدُ
يَروحُ وَيَغدو وَالقَوافي شَوارِدٌ / تَروحُ عَلَيهِ بِالمَحامِدِ أَو تَغدو
يُسَرُّ بِبَذلِ الرِفدِ حَتّى كَأَنَّما / لَهُ في الَّذي يُعطيكَ مِن رِفدِهِ رِفدُ
وَيَدنُو إِذا ما فارَقَ السَيفُ غِمدَهُ / وَصارَ لَهُ مِن كُلِّ جُمجُمَةٍ غِمدُ
وَلا يَرتَضي السَردَ الدِلاصَ وَبَأسُهُ / يُحَصِّنُهُ مالا يُحَصِّنُهُ السَردُ
أَبا صالِحٍ ما ذَلَّ مَن أَنتَ عِزُّهُ / وَلا ضَلَّ مَن يَسري وَأَنتَ لَهُ قَصدُ
أَتَتكَ القَوافي مِن بِلادٍ بَعيدَةٍ / تُؤَمِّلُ مِن نُعماكَ ما أَمَّلَ الوَفدُ
وَأَهدى لَكَ الحَمدَ ابنُ حَمدٍ وَإِنَّما / لِمِثلِكَ يُهدى مِن مَواطِنِهِ الحَمدُ
شَكا أَهلُ بَغدادٍ أُواماً فَرَوِّهم / فَإِن بَعُدَ الظامي فَما بَعُدَ الوِردُ
وَمَن يَنجَعِ الغَيثَ الَّذي هُوَ مُمطِرٌ / عَلى البُعدِ لَم يَمنَعهُ مِن صَوبه البُعدُ
سَقى اللَه دارَ العِلمِ مِنكَ غَمامَةً / تَعاهَدُ مَغناها إِذا اِحتَبَسَ العَهدُ
وَتُنبِتُ رَوضاً مِن ثَنائِكَ كُلَّما / ذَوى الرَوضُ يُلفى رَوضَها خَضِلاً بَعدُ
فَأَنتَ الَّذي لَم يَمشِ يَومَ حَفيظَةٍ / بَأَثبَتَ مِن حَيزومِكَ الأَجرَدُ النَهدُ
وَلا امتَدَّ باعٌ مِثلَ باعِكَ في العُلا / وَلا في العَوالي وَهيَ مُشرَعَةٌ مُلدُ
وَلا وَلَدَت حَواءُ مِن نَسلِ آدَمٍ / كَأَنتَ فَتىً سَمحاً وَإِن كَثُرَ الوُلد
لَكَ المَجدُ وَالجَدُّ الكَريمُ وَقَلَّما / رَأَينا فَتىً يَرضى لَهُ المَجدُ وَالجَدُّ
فِدىً لَكَ عَبدٌ بِالجَميلِ مَلَكتَهُ / أَلا إِنَّما عَبدُ الجَميلِ هُوَ العَبدُ
فَعِش عُمرَ ما حبَّرت فيكَ فَإِنَّهُ / بِسَعدِكَ لَم يَحلُل بِقائِلِهِ سَعدُ
جَزِعتَ وَما بانُوا فَكَيفَ وَقَد بانُوا
جَزِعتَ وَما بانُوا فَكَيفَ وَقَد بانُوا / فَيالَيتَهُم كانُوا قَريباً كَما كانُوا
حَرِصنا عَلى أَن لا تَشِطَّ نَواهُمُ / فَشَطَّت وَبَعضُ الحِرصِ غَيٌّ وَحِرمانُ
وَقَد سَأَلوا عَن شانِنا بَعدَ نَأيِهِم / فَقُلنا لَهُم لَم يَرقَ بَعدَكُمُ شانُ
حُرمنا التَداني مِن مُحَرَّمِ عامِكُم / وَشَعَّبَكُم بَعدَ المُحَرَّمِ شَعبانُ
وَبُحنا بِأَسرارِ الهَوى بَعدَ نَأيِكُم / أَلا كُلُّ سِرٍّ يَومَ نَأيِكِ إِعلانُ
وَبِالغَورِ مِن جَنبي خُفافٍ جَآذِرٌ / مِنَ الإِنسِ يبكِرنَ الأَنيسَ وَغِزلانُ
إِذا ما سَحَبنَ الرَيطَ ضَوَّعنَ لِلصَبا / نَسيماً كَما ضاعَ الخُزامِيُّ وَالبانُ
نَكَرنَ مَشيبي وَالغَواني فَوارِكٌ / إِذا لَم يَكُن فِينا شَبابٌ وَإِمكانُ
زِيادةُ ضَعفٍ بِالمَشيبِ وَحَسرَةٌ / فَمَوتُكَ إِكمالٌ حَياتُكَ نُقصانُ
وَقَد أَغتَدي وَاللَيلُ مُرخٍ رِدائَهُ / وَنَجمُ الثُرَيّا في المَغارِبِ وَسنانُ
بِجائِلَةِ الأَنساعِ مالَت مِن السُرى / كَما مالَ مِن رَشفِ الزُجاجَةِ نَشوانُ
تَدُوسُ الحَصا أَخفافُها وَهُوَ لُؤلُؤٌ / وَتَرفَعُها مِن فَوقِهِ وَهوَ مَرجانُ
تُناهِبُني مَرتاً كَأَنّ نَعامَهُ / قُسُوسٌ أَكَبَّت في مُسُوحٍ وَرُهبانُ
إِذا قَطَعَت غِيطانَ أَرضٍ تَقابَلَت / عَلَيها سَبارِيتٌ سِواها وَغيطان
إِلى خَيرِ مَن يُستَمطَرُ الخَيرُ عِندَهُ / وَيَأتَمُّ مَغناهُ رِكابٌ وَرُكبانُ
فَتىً جَلّ عَمَّن جَلّ في الناسِ قَدرُهُ / وَباتَ لَهُ سَفٌّ عَليهِ وَرُجحانُ
فَصُغِّرَ بِهرامٌ وَبُخِّلَ حاتَمٌ / وَجُبِّنَ بِسطامٌ وَغُلِّطَ لُقمانُ
كَريمٌ غَرِقنا في نَداهُ كَأَنّنا / بِغَير أَذىً في لُجَّةِ البَحرِ حِيتانُ
هُوَ اللَيثُ أَردى اللَيثَ وَاللَيثُ مُخدِرٌ / هُوَ الغَيثُ فاقَ الغَيثَ وَالغَيثُ هتّانُ
هُوَ البَحرُ أَهدى السُحب شَرقاً وَمَغرِباً / فَرَوّى فِجاجَ الأَرضِ وَالبَحرُ مَلآنُ
حَليمٌ كَأَنّ العَضبَ يُلقي نِجادَهُ / عَلى يَذبُلٍ أَن يَلبَسُ البُردَ ثَهلانُ
عَلا قَدرُهُ حَتّى كَأَنّ نَديمَهُ / لِبَعض مَصابيحِ الدُجُنَّة نَدمانُ
إِذا قُلتُ شِعراً فيهِ خِفتُ اِنتِقادَهُ / عَليَّ كَأَنِّي باقِلٌ وَهوَ سَحبانُ
شَكَرتُ لَهُ النُعمى فلا أَنا جاحِدٌ / وَلا واهِبُ النُعمى بِنُعماه منّانُ
وَما زادَهُ فَخراً مَديحي لِأَنَّه / صَباحٌ لَهُ مِنهُ دَليلٌ وَبُرهانُ
أَدِينُ بِنُصحي للأَمينِ وَمَحضِه / أَلا إِنَّما بَذلُ النَصائِحِ أَديانُ
كَريمٌ مِنَ القَومِ الَّذين سَأَلتُهُم / فَأَعطوا وَما مَنَّوا وَقالوا وَما مانُوا
مَدَحتُهُمُ طِفلاً وَكَهلاً فَأَفضَلُوا / عَلَيَّ وَهُم وَشِيبٌ وَشُبّانُ
أَبا صالِحٍ طُلتَ المُلوكَ وَطَأطَأَت / لِأَخمَصِكَ الحَيّانِ قيسٌ وَقحطانُ
فَأُقسِمُ لَولا أَنتَ لَم يُخلَقِ النَدى / وَلَولاك لَم يَفخَر مَعَدُّ وَعَدنانُ
ذَخَرتَ اللُهى عِندَ العُفاة كَأَنَّما / عُفاتُك حُفّاظُ عَلَيك وَخُزّانُ
قَهَرتَ مُلوكَ الأَرضِ حَتّى كَأَنَّما / عَلى كُلّ سُلطانٍ لِسَيفِكَ سُلطانُ
وَأَهوَنتَ بِالأَعداءِ لَمّا تَأَلَّبوا / فَهانُوا وَلَولا عِظمُ شانِكَ ما هانُوا
فَإِن تَعفُ عَمَّن يَطلُبُ العَفوَ مِنهُمُ / فَعِندَكَ لِلجاني عِقابٌ وَغُفرانُ
وَأَنتَ الحُسامُ العَضبُ يَخشُنُ لِلعِدى / وَفيكَ مَعَ الإِحسانِ لينٌ إِذا لانُوا
فَعِش عُمرَ ما حَبَّرتُ فيكَ فَإِنَّه / سَيَبقى إِذا لَم يَبقَ إِنسٌ وَلا جانُ
وَكُلُّ غَمامٍ غَيرِ كَفِّكَ مُخلِفٌ / وَكُلُّ مَديحٍ غَيرِ مَدحِكَ بُهتانُ
جَميلُكَ لا يَجزيهِ شُكري وَلا حَمدي
جَميلُكَ لا يَجزيهِ شُكري وَلا حَمدي / وَرِفدُكَ أَغنى قَبلَ رِفدِ ذَوي الرِفدِ
وَتُسدي إِلَيَّ الفَضلَ مِن كُلِّ وجهَةٍ / وَجاهُكَ بَينَ الخافِقَينِ هُوَ المُسدي
كَرُمتَ فَأَكسَبتَ العَبيدَ كَرامَةً / فَمِن شَرَفِ المَولى أَتى شَرَفُ العَبدِ
وَلَولاكَ لَم يُعرَف مَكاني وَلَم يَطُل / لِساني وَلَمَ تُخصِب يَفاعي وَلا وُهدي
وَقَد كُنتُ مَقبوضَ اليَدَينِ عَنِ الغِنى / فَطَوَّلتَ باعي بِالجَميلِ الَّذي تُسدي
وَكَثَّرت حُسّادي وَثَمَّرتَ نِعمَتي / وَذَلَّلتِ لِي دَهرِي وَأَوضَحتَ لي رُشدي
وَأَغنَيتَني حَتّى كَأَنَّكَ ضامِنٌ / لِنَسليَ أَلّا يَعدَمُوا ثَروَةً بَعدي
وَقَد كُنتُ في ضَنكٍ مِنَ العَيشِ بُرهَةً / فَأَصبَحتُ مِن نُعماكَ في عِيشَةٍ رَغدٍ
وَرى بِكَ زندي بَعدَما كانَ مُصلِداً / وَأَورَقَ غُصني بَعدَما كادَ أَن يُكدي
وَقَد مَلَأَ الآفاقَ حَمدي وَكُلَّما / حَمَدتُكَ زادَت مكرُماتُكَ عَن حَمدي
سَأُجهِدُ نَفسي في الثَناءِ وَلَيتَني / جَزَيتُ يَسيراً مِن جَميلِكِ في جُهدي
أَبا صالِحٍ أَصبَحتَ فَرداً وَأَصبَحَت / مَعاليكَ أَفراداً مِنَ الصَمَدِ الفردِ
ضَميرُكَ لِلتَقوى وَسَعيُكَ لِلعُلى / وَمالُكَ لِلنُعمى وَعُمرُكَ لِلمَجدِ
إِذا ما زَحَمتَ الجَيشَ بِالجَيشِ مُيِّلَت / مُتُونُ الأَعادي عَن مُتُونِ القَنا المُلدِ
شَكَتكَ الوَغا مِما تَشِبُّ سَعِيرَها / وَمِمّا تَلُفُّ الضُمَّرَ الجُردَ بِالجُردِ
وَمِمّا تَسُدُّ الجَوَّ في كُلِّ مَعرَكٍ / وَتُردي العِدى وَالخَيلُ شازِبَةً تُردي
حَوَيتَ العُلى مُذ كُنتَ طِفلاً وَمُهِّدَت / بِكَ الأَرضُ مُذ لُفَّت ثِيابُكَ في المَهدِ
فِداكَ جَميعُ العالَمينَ مِنَ الرَدى / فَإِنَّ الَّذي يُفدى نَظيرُ الَّذي يَفدي
وَقَفتُ فَأَبدَيتُ الثَناءَ وَإِنَّني / أُسِرُّ مِنَ الإِخلاصِ أَضعافَ ما أُبدي
فَلا حُبَّ إِلّا دُونَ حُبِّي وَصُحبَتي / وَلا وُدَّ إِلّا دُونَ ما صَحَّ مِن وُدِّي
حَياتُكَ أَشهى في فُؤادي مِنَ التُقى / وَشُكرُكَ أَحلى في لِساني مِنَ الشَهدِ
فَعِش لا خَلا مِنكَ الزَمانُ وَلا خَلَت / قَصُورُكَ مِن عزٍّ مُقيمِ وَمِن سَعدِ
سَرَينا وَهَضبٌ مِن سَنِيرٍ أَمامَنا
سَرَينا وَهَضبٌ مِن سَنِيرٍ أَمامَنا / وَمِن خَلفِنا غُبرُ القِنانِ التَنائِمِ
فَلَمّا تَوسَّطنا اليَفاعَ وَأَشرَقَت / مَذانِبُ مِن لُبنانَ بيضُ العَمائِمِ
وَلاحَ لَنا مِيماسُ حِمصٍ وَأَعرَضَت / قُرونُ حَماة بِالحِرارِ الأَساحِمِ
وَجازَت كَفرَ طابَ بِلَيلٍ فَأَصبَحَت / بِسَرمينَ أَمثالَ الشِنانِ الهَزائِمِ
كَأَنّ تُرابَ الجَرزِ مِمّا تُثِيرُهُ / خَلوقٌ عَلى لَبّاتِها وَالقَوائِمِ
فلَمّا وَصَلنا المُدرِكيَّ ابنَ صالِحٍ / وَصَلنا إِلى باني عُروشِ المَكارِمِ
إِلى مَلِكٍ سَمحِ اليَمينَينِ سالِمٍ / مِنَ الذَمِّ لَكِن مالُهُ غَيرُ سالِمِ
لَهُ بَأسُ بِسطام وَنَخوَةُ حاجِبٍ / وَحِكمَةُ لُقمانٍ وَهباتُ حاتِمِ
مَناقِبُ شَتّى في كَريمٍ حَديثُهُ / عَلى الدَهرِ باقٍ بَعدَ ذِكرِ الأَكارِمِ
لَقَد أُيِّدَت كَفٌّ لَها مِنكَ ساعِدُ
لَقَد أُيِّدَت كَفٌّ لَها مِنكَ ساعِدُ / وَطالَ بِناءٌ شادَهُ مِنكَ شائِدُ
وَما دُمتَ لي حَيّاً فَلا الدَهرُ خاذِلٌ / وَلا العُمرُ مَنقوصٌ وَلا المالُ نافِدُ
أَرى الناسَ في الدُنيا كَثيراً عَديدُهم / وَأَكثرُ مِنهُم نُصبَ عَينيَ واحِدُ
أَبا صالِحٍ لا يَطلُبُ الناسُ ماجِداً / كَأَنتَ فَما فيهم كَمِثلِكَ واحِدُ
خُلِقتَ كَريماً لَم يَخِب مِنكَ سائِلٌ / وَلا وَجَدَ الحِرمانَ عِندَكَ قاصِدُ
وَهَجَّنتَ كَعباً في السَماحِ وَحاتِماً / كَما هُجِّنَت في الراحَتين الزَوائدُ
إِذا ما اِستَفدنا مِنكَ مالاً أَفدتَنا / مِنَ العِلمِ ما تَحوي ذَراهُ الفَوائِدُ
لَقَد زُيِّنَت مِنكَ القُصورُ بِماجِدٍ / يَلوذُ بِعِطفَيهِ بَنوهُ الأَماجِدُ
كَأَنَّكَ بَدرٌ وَالبَنونَ فَراقِدٌ / فَدُمتَ وَدامَت في ذَراكَ الفَراقِدُ
بَنو خَيرِ مَن يُنمى إِلى خَيرِ والِدٍ / فَلِلّهِ مَولُودٌ وَلِلّهِ والِدُ
نُكَرِّمُ ما تَمشي عَلَيهِ مِنَ الثَرى / فَخَدّي لِتُربٍ تَحتَ نَعلَيكَ حاسِدُ
إِذا قُلتُ شِعراً فيكَ كادَت مَحَبَّةً / بِلا مُنشِدٍ تَسعى إِلَيكَ القَصائِدُ
مَلأتُ بِها الآفاقَ حَمداً لِماجِدٍ / زَماني لَهُ مِثلي عَلى الفَضلِ حامِدُ
يَذُبُّ الأَذى عَن عَبدِهِ وَهوَ غافِلُ / وَيَسهَرُ في مَنفوعِهِ وَهوَ راقِدُ
وَيَدفعُ صَرفَ الدَهرِ عَنهُ بمَنكِبٍ / شَديدٍ إِذا التَفَّت عَلَيهِ الشَدائِدُ
فِدىً لِأَبي العُلوانِ عَبدٌ ضَميرُهُ / لَهُ وَعَلَيهِ بِالمَحَبَّةِ شاهِدُ
شَكَرتُ لَهُ الفَضلَ الَّذي لَم يَبُح بِهِ / فَلا هُوَ مَنّانٌ وَلا أَنا جاحِدُ
أَقَمتَ عَمُودَ العِزِّ وَالعِزّ هابِطٌ / وَنَفَّقتَ سُوقَ الشِعرِ وَالشِعرُ كاسِدُ
وَصَيَّرتَ لِلدُنيا بِوَجهِكَ رَونَقاً / كَأَنَّك عِقدٌ وَهِيَ عَذراءُ ناهِدُ
أَهاجَتكَ أَطلالُ الكَثيبِ الدَوارِسُ
أَهاجَتكَ أَطلالُ الكَثيبِ الدَوارِسُ / فَهِجنَكَ أَم تِلكَ الظِباءُ الكَوانِس
وَما هاجَ هَذا الشَوقَ إِلّا مَنازِلٌ / لِسَلمى بِصَحراءِ العَقيقِ دَوارِسُ
عَفَت مُنذُ أَعوامٍ تَقَضَّت ثَلاثَةٍ / وَرابِعُها الماضي وَذا العامُ خامِسُ
وَلَم يَبقَ مِنها غَيرُ نُؤى كَأَنَّهُ / مَجالٌ أَدارَ الرَكضَ حَولَيهِ فارِسُ
وَشُعثٍ كَهاماتِ القسوسِ رَواكِدٍ / لَها مِن مَياجينِ الإِماءِ نَواقِسُ
كَأَنَّ الأَثافي السُفعَ في عَرَصاتِها / حَمائِمُ وُرقٌ يَومَ قرٍّ شَوامِسُ
أَواعِسُ يُوطيها الرِكابُ وَطالَما / تُقَبَّلُ بِالأَفواهِ تِلكَ الأَواعِسُ
فَيا حَبَّذا فيهِنَّ عَصرٌ لَهَوتُهُ / وَأَيّامُنا فيها الهِجانُ الأَوانِسُ
عَشِيَّةَ أَثوابُ الهَوى مُستَجِدَّةٌ / وَعَصرُ التَصابي مورِقُ العُودِ نابِسُ
وَما ذِكرُكَ الشَيءَ الَّذي لَيسَ راجِعاً / إِذا اِختَلَسَتهُ مِن يَدَيكَ الخَوالِسُ
وَعيِسٌ حَراجيجٌ عَسَفنا بِها الفَلا / وَجُنحُ الدُجى وَحفُ الجَناحَينِ دامِسُ
إِذا أَرقَلَت لَم يَدرِ مَن مَدَّ طَرفَهُ / أَعِقبانُ دُجنٍ تَحتَنا أَم عَرامِسُ
وَرَدنا بِها بَحرَ السَماحِ ابنَ صالِحٍ / وَهُنَّ مِنَ الإِيجافِ هِيمٌ خَوامِسُ
فَعُدنَ رِواءً تَرتَوي تَحتَ وَطئِنا / عِطاشُ الفَيافي وَالقِفارُ الأَمالِسُ
فَتىً أَعجَزَ المُدّاحَ نَظمُ صِفاتِهِ / فَقَد فَنِيَت أَقلامُنا وَالقَراطِسُ
نفِيسٌ حَوى العَلياءَ طِفلاً وَيافِعاً / فَلَيسَ لَهُ في العالَمينَ مُنافِسُ
تَفيضُ يَداهُ بِالعَطاءِ كَأَنَّما / أَنامِلُ كَفَّيهِ غُيوثٌ رَواجِسُ
وَتَندى مِنَ الإِحسانِ راحَةُ كَفِّهِ / فَيَخضَرُّ مِنها كُلُّ ما هُوَ لامِسُ
فَلَو لامَسَ الذَاوي مِنَ العُودِ كَفُّهُ / لَأَورَقَ مِنها وَهوَ أَغبَرُ يابِسُ
كَريمٌ يَفوحُ الطَيبُ مِن طيبِ ذِكرِهِ / فَتَعبَقُ عَنّي مِن ثَناهُ المَجالسُ
طَليقُ المُحَيّا بِالسَماحَةِ وَالنَدى / عَلَينا وَوَجهُ الدَهرِ بالبُخلِ عابِسُ
إِذا ما بَدا أَغضى مُعاديهِ طَرفَهُ / كَما غَضَّ مِن أَجفانِ عَينَيهِ ناعِسُ
وَإِنَّ مُعِزَّ الدَولَةِ القَيلَ عِصمَةٌ / لِمَن نَهَسَتهُ النائِباتُ النَواهِسُ
إِذا حَبَسَ الإِحسانَ في الناسِ مَعشَرٌ / فَلَيسَ لَهُ مِن آلِ مِرداسِ حابِسُ
كَأَنَّهُمُ فَوقَ الدُسوتِ أَهِلَّةٌ / وَفَوقَ سُروجُ الخَيلِ أُسدٌ عَوابِسُ
إِذا شَنَّتِ الفُرسانُ لِلحَربِ غارَةً / فَإِنَّهُمُ فيها لَنِعمَ الفَوارِسُ
وَجَرُّوا عَلى أَعدائِهِم بِائتِلافِهِم / مِنَ الحَربِ وَالإِتلافِ ما جَرَّ داحِسُ
حَمى بَعضُهُم بَعضاً وَلا شَكَّ فيهِمِ / إِذا الشَكُّ رَدَّتهُ الظُنونُ اللَوابِسُ
فَلا يَفقِدُ العَلياءَ فيما يَرومُهُ / وَلا يَعدَمُ التَوفيقَ فيما يُمارِسُ
فَما أَلبَسَ اللَهُ أَمرأً فَوقَ جِسمِهِ / مِنَ الفَخرِ إِلّا دونَ ما أَنتَ لابِسُ
أَوَجهُكِ أَم بَدرٌ مِنَ الغَربِ لائِحُ
أَوَجهُكِ أَم بَدرٌ مِنَ الغَربِ لائِحُ / وَرَيّاكِ أَم نَشرٌ مِنَ المِسكِ فائِحُ
وَما لِبُدورِ التِمِّ في الغَربِ مَطلَعٌ / وَلا لِذَكيِّ المِسكِ هَذي الرَوائِحُ
تَنَفَّستِ في ريحِ الصَبا فَتَضَوَّعَت / بِرَيّاكِ غِيطانُ الفَلا وَالصَحاصِحُ
وَلُحتِ لَنا وَاللَيلُ مُلقٍ جِرانَهُ / فَلَم يَنتَصِف حَتّى بَدا الصُبحُ لائِحُ
أَما وَالهَوى يا أُمَّ عمرو فَإِنَّهُ / لَيقدَحُ في قَلبي مِنَ النارِ قادِحُ
لَقَد خامَرتني مِن هَواكِ صَبابَةٌ / تَعُودُ بِها مِثلَ الجِراحِ الجَوارِحُ
فَلا تَحسَبي إِن باحَ ما بي مِنَ الهَوى / عَلى النَأَيِ أَنّ السرَ بَعدَكِ بائِحُ
وَلا حُلتُ مُذ حُلتُم عَن العَهدِ في الهَوى / وَلا مالَ بي عَنكُم عَذولٌ وَكاشِحُ
وَداويّةٍ يا سَلمَ قَفرٍ كَأَنَّها / بِرَأدِ الضُحى بَحرٌ مِنَ الآلِ طافِحُ
بِمَهلَكَةٍ لا السِيدُ فيها مُصَوِّتٌ / وَلا الطَيرُ مِنها في ذُرى الأَيكِ صادِحُ
قَطعتُ عَلى حَرفٍ مِنَ العِيسِ جَسرَةٍ / نَجاة بِرَحلي وَالمَطِيُّ طَلائِحُ
إِلى مَلِكِ الدُنيا ثمالِ بنِ صالِحٍ / فَتىً حَرُمَت إِلّا عَلَيهِ المَدائِحُ
هُوَ البَحرُ في بَأسٍ وَجُودٍ فَمالِحٌ / وَعَذبٌ كَذاكَ البَحرُ عَذبٌ وَمالِحُ
طَليقُ المُحَيّا لا يُرى وَهوَ ضارِعٌ / لِخَطبٍ وَلا مِن حادِثٍ وَهوَ كالِحُ
جَوادٌ لَهُ مَجدٌ طَريفٌ وَتالِدٌ / وَحَقٌّ سَنيحٌ في المَعالي وَبارِحُ
كَريمٌ تُباريهِ الكِرامُ وَجُودُهُ / عَلى كُلِّ جُودٍ في البَرِيَّةِ رائِحُ
وَما يَستَوي جَفرٌ وَبَحرٌ وَشارِعٌ / إِلى البَحرِ مِن بَعضِ النَواحي وَماتِحُ
لَقَد عَلِمَت قَيسٌ وَأَبناءُ عامِرٍ / جَميعاً وَدانٍ في البِلادِ وَنازِحُ
بِأَنَّكَ أَعطى مانِحٍ لِجَسيمَةٍ / فَما تَنتَمي إِلّا إِلَيكَ المَنائِحُ
فَأَنتَ لِظِلِّ العَدلِ في الناسِ باسِطٌ / وَأَنتَ لِبابِ الرِزقِ في الخَلقِ فاتِحُ
وَهَذا طُهُورٌ طَهَّرَ اللَهُ أَهلَهُ / فَأَعراضُهُم مِن كُلِّ عَيبٍ صَحائِحُ
هُمُ تَوَّجُوني العِزَّ في كُلِّ بَلدَةٍ / وَمِن فَضل ما قَد أَنعَمُوا أَنا فالِحُ
وَما فيهِمُ وَالحَمدُ لِلّهِ رِيبَةٌ / أُدافِعُ عَن أَعراضِهِم وَأُناضِحُ
ولَكِنَّهُم قَد خَلَّدوا لي صَنيعَةً / فَخَلَّدتُ فيهِم كُلَّ ما أَنا مادِحُ
لَقَد أَودَعُوهُ لَوعَةً حينَ وَدَّعا
لَقَد أَودَعُوهُ لَوعَةً حينَ وَدَّعا / تَكادُ بِها أَحشاؤُهُ أَن تَقَطّعا
وَمُذ نَزَلوا مِن أَجرَعِ الخَبتِ مَنزِلاً / تَجَرَّعَ سُمّاً مِن نَوى الحَيِّ مُنقَعا
وَأَبكاهُ شَحطُ البَينِ لَمّا تَحَمَّلُوا / دَماً حينَ لَم يَترُك لَهُ البَينُ أَدمُعا
خَلِيلَيَّ عُوجا نَبكِ رَبعاً وَمَنزِلا / لِهِندٍ خَلا مِنها مَصِيفاً وَمَربَعا
فَقَد طالَما قَرَّت بِهِ العَينُ مَنظَراً / وَلَذَّت بِنَجوى أَهلِهِ الأُذنُ مَسمَعا
زَمانٌ عَهِدنا مُظلِمَ العَيشِ نَيّراً / بِهِ وَقَضَينا اللَهوَ رَيّانَ مَونِعا
وَهِنداً تُرِينا البَدرَ في فاحِمِ الدُجى / إِذا ما استَتَمَّ البَدرُ عَشراً وَأَربَعا
وَقائِلَةٍ أَذهَبتَ مالَكَ ضائِعاً / فَقُلتُ وَقَد أَذهَبتِ لَومَكِ أَضيَعا
أَقِلّي فَما يَحظى بِحَمدٍ مُجَمَّعٍ / مِنَ الناسِ مَن لَم يَذرُ مالاً مُجَمَّعا
وَما ضِقتُ بِالإِقلالِ ذَرعاً لِأَنَّني / أَرى الشَيءَ مَهما اِزدادَ ضِيقاً تَوَسّعا
لَكِ الخَيرُ لا أَبقى مِنَ الخَيرِ مُعدِماً / إِذا أَنا لَم أَعدَم نَخِيّاً سَمَيدَعا
فَتىً مِن بَني الشَدّادِ لَو مَسَّ كَفُّه / صَفا الصَلدِ أَجرى في الصَفا مِنهُ يَنبُعا
فَتىً ما اللُيوثُ المُخدِراتُ عَلى الطَوى / خِماصاً كَما أَمرَرتَ قِدّاً مُرَصَّعا
تَضَوَّرنَ حَتّى كِدنَ يَسفَعنَ ماثِلاً / مِنَ التُربِ مِن إِفراطِ ما بِتنَ جُوَّعا
بِأَمنَعَ مِنهُ جانِباً حينَ يَغتَدي / إِلى الحَربِ إِمّا حاسِراً أَو مُدَرَّعا
وَلا مُرهَفُ الحَدّينِ ماضٍ كَأَنَّهُ / عَقيقَةُ بَرقٍ في طَخىً ما تَقَشَّعا
بِأَقطَعَ مِن عَزمِ المُعِزِّ بِنِ صالِحٍ / لِخَطبٍ إِذا ما كُلُّ قَلبٍ تَقَطَّعا
وَلا الرَوضَةُ الغَنّاءُ فاحَ أَريجُها / مَعَ اللَيلِ في دَيمُومَةٍ فَتَضَوَّعا
بِأَطيَبَ مِنهُ بَينَ شَرقٍ وَمَغرِبِ / حَديثاً بِأَفواهِ الرُواةِ مُشَيَّعا
أَخُو كَرَمٍ أَبدَعتُ في حُسنِ ذِكرِهِ / فَأَحسَنَ في الفِعلِ الجَميلِ وَأَبدَعا
يُذَكِّرُني إِحسانُهُ الجَمُّ جَعفَراً / وَيُذكِرُهُ إِحساني القَولَ أَشجَعا
تَرى كُلَّ فَضلٍ مِنهُ سَهلاً مُيَسّراً / وَتَلقاهُ صَعباً مِن سِواهُ مُمَنَّعا
وَأَليَقُ ما كانَ السَماحُ بِأَهلِهِ / إِذا كانَ طَبعاً فيهِمُ لا تَطَبُّعا
وَلَم أَرَ مِثلَ البُخلِ أَشنَعَ بِالفَتى / وَإِن كانَ بَعضُ المَنِّ بِالفَضلِ أَشنَعا
وَمَن يَجعَلِ الفِعلَ الجَميلَ قِناعَهُ / فَلَيسَ يُبالي بَعدَهُ ما تَقَنَّعا
أَيا دافِعَ البَأساءِ عَن كُلِّ مُرمِلٍ / مِنَ الناسِ لا يَسطِيعُ لِلبُؤسِ مَدفَعا
وَيا خَيرَ مَن نُصَّت إِلَيهِ رَكائِبٌ / وَجينَ إِلى أَن جِينَ حَسرى وَضُلَّعا
بِكُلِّ نَجيبٍ لَم يَدَع في نَجِيبَةٍ / دَوامُ السُرى إِلّا فِقاراً وَأَضلُعا
أَبا صالِحٍ لا زِلتَ لِلعيدِ بَهجَةً / وَنُوراً وِللعافِينَ رَبعاً وَمَنجَعا
لِغُرٍّ تَجُوبُ الأَرضَ فَوقَ مَطِيَّةٍ / مِنَ الطِرسِ لَم تَعرِف وَضِيناً وَأَنسُعا
إِذا أُنشِدَت في مَجمَعِ القَومِ صَيَّرَت / عَلى كُلِّ مَخلُوقٍ لَكَ الفَضلَ أَجمَعا
أَبى قَلبُهُ مِن لَوعَةِ الحُبِّ أَن يَخلُو
أَبى قَلبُهُ مِن لَوعَةِ الحُبِّ أَن يَخلُو / فَلا تَعذِلُوا مَن لَيسَ يَردَعُهُ العَذلُ
وَلا تَطلُبُوا مِنّي مَدى الدَهرِ سَلوَةً / فَما يَرعوِي عَنكُم فُؤادي وَلا يَسلُو
ضَنِيتُ فَلَو أَنّي عَلى رَأسِ شَعرَةٍ / حُمِلتُ وَمالَت لا يَنُوءُ بِها الحَملُ
كَأَنَّ اللَيالي طالَبَتني لِقُربِكُم / بِتَبلٍ فَلَمّا بِنتُمُ ذَهَبَ التَبلُ
خَلِيليَّ ما لِلرَّبعِ يَخلُو وَلَيسَ لي / فُؤادٌ مِنَ التَبريحِ يَخلُو كَما يَخلُو
وَمالي إِذا ما لاحَ إِيماضُ بارِقٍ / مِنَ العَلَمِ النَجدِيِّ داخَلَني الخَبلُ
لَئِن كانَ جَهلاً ما بِقَلبي مَنَ الجَوى / فَمَن لِي بِقَلبٍ لا يُفارِقُهُ الجَهلُ
وَمَن لي بِوَصلٍ مِن أُمامَةَ بَعدَما / تَقَطَّعَ مِنها اليَأسُ أَن مُنِعَ الوَصل
أَيا قَلبُ كَم لا تَستَفيقُ مِنَ الجَوى / وَكَم أَنتَ ما يَخلو غَرامُكَ ما يَخلو
تَحِنُّ إِلى نُعمٍ وَجُملٍ كِلَيهِما / وَما أَنعَمَت نُعمٌ وَلا أَجمَلَت جُملُ
فَأُقسِمُ لَولا أَنتِ لَم يُخلَقِ الجَوى / وَلَولا أَبُو العُلوانِ ما خُلِقَ الفَضلُ
فَتىً أَتعَبَ البِيضَ الصَوارِمَ في العُلى / وَجَرَّبَ فيها ما يَمُرُّ وَما يَحلُو
فَلا تَحسَبُوا أَنَّ المَعالي رَخيصَةٌ / وَلا أَنَّ إِدراكَ العُلى هَيِّنٌ سَهلُ
فَما كُلُّ مَن يَسعى إِلى المَجدِ مُدرِكاً / وَلا كُلُّ مَن يَهوى العُلى نَفسُهُ تَعلُو
وَفوقَ سَريرِ المُلكِ مِن آلِ صالِحٍ / فَتىً مالَهُ عَن شُغلِهِ بِالعُلى شُغلُ
حَليمٌ إِذا وازَنتَ بِالهَضبِ عَقلَهُ / هَفا الهَضبُ مِن ميزانِهِ وَرَسا العَقلُ
لَهُ نَصلُ سَيفٍ يَقطَعُ الهامَ حَدُّهُ / وَأَقطَعُ مِنهُ حامِلُ النَصلِ لا النَصلُ
إِذا سَلَّهُ سَلَّ العَزيمَةَ قَبلَهُ / فَلَم يُدرَ أَيُّ الضارِبَينِ لَهُ الفِعلُ
فَتىً خَلقُهُ خُلقُ الغَمامِ فَعِندَهُ / لِطالِبِهِ إِمّا الوَبالُ أَوِ الوَبلُ
أَبا صالِحٍ حَمَّلتَني كُلَّ مِنَّةٍ / فَرِفقاً بِما تُسدي فَقَد أُثقِلَ الحِملُ
نَظمتُ لَكَ الدُرَّ الَّذي لَيسَ مِثلُهُ / وَأَنتَ الَّذي ما في المُلوكِ لَهُ مِثلُ
بَلَوتَ القَوافي عِندَ مَن لَو بَلَوتَهُ / بِغَيرِ القَوافي لابتَهَجن بِما تَبلُو
وَلَمّا تَخَيَّرتُ المَديحَ أَوِ الكَرى / حَلا في فَمي مِثلَ الرُقادِ الَّذي يَحلُو
وَكادَت قَوافي الشِعرِ لَمّا دَعَوتُها / إِلَيكَ تُوافي قَبلَ أَن وافَتِ الرُسلُ
لَكَ الفَضلُ لا لِلغَيثِ أَنَّكَ دائِمٌ / وَلا دامَ سَحٌّ لِلغُيوثِ وَلا هَطلُ
وَهَبتَ لِغالي الحَمدِ مالَكَ كُلَّهُ / كَأَنَّكَ لا يَغلو عَلَيكَ الَّذي يَغلُو
وَأَنتَ الَّذي لَولاكَ لَم يُعرَفِ النَدى / وَأَنتَ الَّذي لَولاكَ لَم يَظهَرِ العَدلُ
سَلامٌ كَنَشرِ المِسكِ فُضَّ خِتامُهُ
سَلامٌ كَنَشرِ المِسكِ فُضَّ خِتامُهُ / عَلى مَلِكٍ بالرقَتَينِ خِيامُهُ
مُشَيَّعُ ما يُلقى عَلَيهِ نِجادُهُ / مُبارَكُ ما يَحوِي عَلَيهِ لِثامُهُ
كَأَنَّ الرَدى تَلقى بِهِ كُلَّما التَقَت / أَنامِلُهُ في مَعرَكٍ أَو حُسامُهُ
إِذا سُمتَهُ الغالي عَلَيهِ سَخا بِهِ / وَهانَ عَلَيهِ سامُهُ أَو سَوامُهُ
كَريمُ زَمانٍ قَد تَقَدَّمَ قَبلَهُ / زَمانٌ فَزادَت عَن نَداهُ كِرامُه
رَبيعٌ يَعُمُّ الناسَ لَيسَ بِمُجدِبٍ / إِذا الناجِعُ المُستافُ أَجدَبَ عامُهُ
إِذا حَلَّ أَرضاً حَلَّها الخَيرُ وَاِنجَلى / بِهِ البُؤسُ عَنها فَرَدُهُ وَتُوآمُهُ
دَنا مِن مَكانٍ فَاعتَراهُ سُرورُهُ / وَخَلى مَكاناً فَاعتَراهُ عُرامُهُ
فَأَظلَمَ في ذاكَ المَكانِ نَهارُهُ / وَأَشرَقَ في ذاكَ المَكانِ ظَلامُهُ
لَئِن باتَ مَهجورَ المَحَلِّ عِراقُهُ / فَقَد باتَ مَأنوسَ المَحَلِّ شآمُهُ
وَهَل هُوَ إِلّا الغَيثُ حَلَّت رِهامُهُ / مَكاناً وَمالَت عَن مَكانٍ رِهامُهُ
فَلا يُبعِدِ اللَهُ الهُمامَ فَإِنَّهُ / يَغِيبُ وَلَكِن لا يَغِيبُ اِهتِمامُهُ
سَقى كُلَّ دارٍ حَلَّها كُلُّ مُدجِنِ / كَأَنَّ ابتِسامَ البَرقِ فيها اِبتِسامُهُ
يَسِحُّ شِمالِيَّ المُصَلّى فَيَستَوي / بِما سَحَّ مِنهُ خَلفُهُ وَأَمامُهُ
وَيُمرِعُ بابُ الشامِ أَو تَكتَسي الحَيا / رُباهُ اللَواتي حَولَهُ وَإِكامُهُ
وَيُصبِحُ مَيدانُ القُصورِ مُرَوَّضاً / يَضُوعُ نَسيماً رَندُهُ وَبَشامُهُ
وَيُكسى بِهِ سُورُ المَدينَةِ مِطرَفاً / مِنَ النَورِ لَم يَنسُجهُ إِلّا غَمامُهُ
إِذا اعتَمَّ بِالنَوّارِ بُرجٌ ظَنَتَهُ / مِنَ البُزلِ عَوداً شابَ مِنهُ سَنامُهُ
لَقَد حَلَّ تِلكَ الأَرضَ مَن لَو رَأَى بِها / مَكارِمَهُ المَنصورُ طالَ اِحتِشامُهُ
بَنى ذاكَ بُنياناً تَهَدَّمَ بَعدَهُ / وَهَذا بَنى ما لا يُخافُ اِنهِدامُهُ
وَلَو شاهَدَ المَأمُونُ بَعضَ زَمانِهِ / لَما كانَ مَأمُوناً عَلَيهِ حِمامُهُ
وَمُعتَصِمٌ بِاللَهِ لَو عاشَ لَم يَكُن / بِغَيرِ ثِمالٍ في الخُطوبِ اعتِصامُهُ
وَقد وُصِفَ الفَضلُ بنُ يَحيى بن خالِدِ / وَأَفضَلُ مِنهُ عَبدُهُ وَغُلامُهُ
مَلِيكٌ تَلاهُم وَهوَ أَفضَلُ مِنهُمُ / وَجَمرُ الغَضا يَتلُو الدُخانَ ضِرامُهُ
وَبِالرقَةِ البَيضاءِ مِن آلِ صالِحٍ / فَتىً مِثلُ حَدِّ المَشرَفِي اعتِزامُهُ
يُرَجىّ كَما تُرجى الغَمامَةُ عَفوُهُ / وَيُخشى كَما يَخشى الحِمامَ اِنتِقَمُهُ
حَوى الفَضلَ طِفلاً وَهوَ في المَهدِ وَالتَقى / عَلى غَيرِ طَيشٍ حِلمُهُ وَاحتِلامُهُ
بِصِحَّةِ عَزمٍ لا تُفَلُّ غُروبُهُ / وَثاقِبِ رَأيٍ لا تَطيشُ سِهامُهُ
إِذا داسَ وَجهَ الأَرضِ أَصبَحَ لُؤلُؤَاً / حَصاهُ وَمِسكاً تُبَّتِيّاً رُغامُهُ
هَنيئاً لَهُ الشَهرُ الَّذي بُرَّ سَعيُهُ / بِهِ وَزَكا عِندَ الإِله صِيامُهُ
إِذا قامَ فيهِ لِلصَلاةِ وَلِلنَدى / حَوى الأَجرَ وَالذِكرَ الجَميلَ قِيامُهُ
وَلَيلٍ وَهَبتُ النَومَ فيهِ لِماجِدٍ / قَليلٍ عَلى ضَيمِ العَدُوِّ مَنامُهُ
وَنظَّمتُ دُرّاً في عُلاهُ وَإِنَّهُ / لَأَسنى مِنَ الدُرِّ الثَمينِ نِظامُهُ
يَدُومُ عَلى مَرِّ اللَيالي وَإِنَّما / يُرادُ مِنَ الشَيءِ النَفِيسِ دَوامُهُ
دَليلٌ عَلى إِقبالِكَ السَلمُ وَالحَربُ
دَليلٌ عَلى إِقبالِكَ السَلمُ وَالحَربُ / فَسَيفُكَ لا يَنبُو وَنارُكَ لا تَخبُو
وِما هانَ إِلّا ما طَلَبتَ لِأَنَّهُ / يَهُونُ عَلى أَمثالِكَ المَطلَبُ الصَعب
مَلَكتَ عَلى الأَعداءِ شَرقاً وَمَغرِباً / فَلَيسَ لَهُم شَرقٌ يَجُنُّ وَلا غَربُ
وَغادَرتَهُم نَهبَ الرَدى بَعدَ نَهبِهِم / فَأَعمارُهُم نَهبٌ وَأَموالُهُم نَهبُ
وَأَمطَرتَهُم مِن جَندَلِ الحَزنِ دِيمَةً / إِذا كَثُرَت أَمطارُها كَثُرَ الجَدبُ
يَلُوذُونَ مِنها بِالهِضابِ وَما دَرَوا / بِأَنَّ المَنايا لَيسَ يَمنَعُها الهَضبُ
إِذا شَرَّفُوا فَوقَ الشَرارِيفِ قُتِّلُوا / عَلَيها فَصارَ القَتلُ يُجمَعُ وَالصَلبُ
سَلُوا عَن وُرُودِ الماءِ كُلَّ مُصَبَّحٍ / فَقَد يَئِسُوا مِنهُ كَما يَيأسُ الضَبُّ
وَأُقسِمُ لَو أَضمَرت لِلشُّهبِ إِحنَةً / لَما لَهِبَت في الجَوِّ مِن بَأسِكَ الشُهبُ
وَلَم أَرَ خَلقاً مِنكَ أَعظَمَ هِمَّةً / إِذا جَلَّتِ اللأواءُ أَو عَظُمَ الذَنبُ
مَلَكتَ عَزازاً فَاِبتَدى العِزُّ وَانجَلَت / بِها غُمَّة الإِسلامِ وَاِنكَشَفَ الكَربُ
تَرى القَلعَةَ البَيضاءَ وَلهى لِفَقدِها / كَما وَلِهَت وَرقاءُ ضَلَّ لَها سَقبُ
هُما جانِبا ثَغرٍ إِذا مالَ مِنهُما / إِلى السَلمِ جَنبٌ مالَ مِن بَعدِهِ جَنب
غَصَبتَ الأَعادي ما اِغتَصَبتَ وَإِنَّما / بِمثلِ أَبي العُلوانِ يُرتَجَعُ الغَصبُ
فَتىً مِثلُ نَصلِ السَيفِ يَهتَزُّ مَتنُهُ / وَلَكِنَّ نَصلَ السَيفِ يَنبُو وَما يَنبُو
حَبا مُذ حَبا ثُمَّ استَمَرَّ عَلى النَدى / وَحَسبُكَ مِمَّن قَد حَبا قَبلَ أَن يَحبُو
كَريمٌ إِذا ما فارقَ الرَكبُ دارَهُ / أَمِنّا عَلَيهِ أَن يُذَمِّمُه الرَكبُ
لَهُ عَزمَة في صَدرِهِ مِثلُ عَضبِهِ / فَفي يَدِهِ عَضبٌ وَفي صَدرِهِ عَضبُ
مِنَ الصالِحِيِّينَ الَّذينَ تَقَلَّدُوا / سُيُوفاً إِذا سَلُّوا أَذِبَّتَها ذَبّوا
بَنُو بَيتِ مَجدٍ طَوَّلَ اللَهُ سَمكَهُ / فَطالُوا وَشَبّوا جَمرَةَ الحَربِ مُذ شَبُّوا
إِذا قِيلَ مَن سَنَّ المَكارِمَ وَالنَدى / فَما سَنَّها إِلّا المَرادِسَةُ النُجبُ
يَسُبُّهُمُ القَومُ اللِئامُ وَإِنَّما / يَزيدُهُمُ في قَدرِهِم ذَلِكَ السَبُّ
وَما ضَرَّهُم شَتمُ العَدُوِّ لِأَنَّني / أَرى اللَيثَ لا يَعبا إِذا نَبَحَ الكَلبُ
وَلَم أَرَ مِثلَ الحِلمِ ثَوباً لِلابِسٍ / وَلا مِثلَ حُسنِ الصَفحِ إِن قُبحَ الذَنبُ
إِذا أَنتَ عاتَبتَ الدَنِيَّ فَإِنَّما / لَكَ اللَومُ في تِلكَ المَلامَةِ وَالعَتبُ
وَيا رُبَّ شَرٍّ ساسَ خَيراً وَرَيغةٍ / إِلى السَلمِ جَرَّتها الضَغِينَةُ وَالحَربُ
لَعَمرِي لَقَد عَزَّت كِلابٌ وَأَصبَحَت / تُنافِسُها طَيٌّ وَتَغبِطُها كَلبُ
فَجَمَّعتُمُ شَملَ العَشيرَةِ بَعدَما / تَفرَّقَ ذاكَ الشَملُ وَاِنصَدَعَ الشَعبُ
وَقَد جَرَّبُوا خَيرَ الزَمانِ وَشَرَّهُ / وَبانَ الأُجاجُ الطَرقُ وَالبارِدُ العَذبُ
رَعُوا حَقَّ فَضلٍ مِن أَبيكَ عَلَيهِمُ / فَصَحُّوا وَلَولا الغَيثُ ما نَبَتَ العُشبُ
فَلا عَدِمُوا مِنكُم جَميلاً فَإِنَّكُم / لَأَكرَمُ مَن يَرتافُهُ العُجمُ وَالعُربُ
مَحَلُّكُمُ رَحبُ الفِناءِ وَفَضلُكُم / لِوارِدِهِ جَمٌّ وَغُضنُكُمُ رَطبُ
رَأَيتُ مُلوكَ الأَرضِ في كُلِّ بَلدَةٍ
رَأَيتُ مُلوكَ الأَرضِ في كُلِّ بَلدَةٍ / وَأَبصَرتُ مالا يُبصِرُ الناسَ في الناسِ
وَطَوَّفتُ في شَرقٍ وَغَربٍ وَأُدمِيَت / مَناسِيمُ أَعياسِي وَآطالُ أَفراسي
فَلَم أَرَ مَخلُوقاً مِنَ الناسِ فَضلُهُ / يَزيدُ عَلى فَضلِ المُعِزِّ بنِ مِرداسِ
أَبى القَلبُ إِلّا أَن يَهِيمَ بِها وَجداً
أَبى القَلبُ إِلّا أَن يَهِيمَ بِها وَجداً / وَيُذكِرَنِيها وَهيَ ساكِنَةٌ نَجدا
رِياحِيَّةٌ أَهدى مَعَ الرِيحِ نَشرُها / إِلَيَّ مِنَ الأَنفاسِ أَطيَبَ ما يُهدى
وَأَرَّجَ غِيطانَ الفَلا فَكَأَنَّما / يَسُوفُ الَّذي يَسري بِأَرجائِها نَدّا
ولَمّا اِعتَنَقَنا لِلوَداعِ وَقَلبُها / وَقَلبِي يَفيِضانِ الصَبابَةَ وَالوَجدا
بَكَت لُؤلُؤاً رَطباً فَفاضَت مَدامِعِي / عَقيقاً فَصارَ الكُلُّ في نَحرِها عِقدا
أَنا كِثَةً عَهدِي لَكِ اللَهُ حِلفَةً / مَدى الدَهرِ إِنّي لانَكَثتُ لَكُم عَهدا
وَلا حُلتُ عَن حِفظِ المَوَدَّةِ في الهَوى / وَإن كُنتُمُ لا تَحفَظُونَ لَنا وُدّا
لَعَمرِي وَما عَمرِي عَلَيَّ بِهَيِّنٍ / وَإِن لَم أَجِد لِي مِن تَحِيَّتِكُم بُدّا
لَقَد كُنتُ جَلداً قَبلَ أَن تَشحَطَ النَوى / فَأَمّا وَقَد فارَقتُكُم لَم أَعُد جَلدا
إِذا هَبَّتِ النَكباءُ بَينِي وَبَينَكُم / وَجَدتُ لَها مِنكُم عَلى كَبِدِي بَردا
خَلِيلَيَّ إِنَّ الحُبَّ أَوَّلَ مَرَّةٍ / مِزاحٌ وَيَغدُو بَعدَ ذَلِكُمُ جِدّا
وَإِنَّ هَوى البِيضِ الكَواعِبِ كَاسمِهِ / هَوانٌ يَرى فيهِ الفَتى غَيَّهُ رُشدا
أَلا أَيُّها الغادِي عَلى شَدَنِيَّةٍ / يَقُدُّ بِها أَجوازَ عَرضِ الفَلا قَدّا
أَلِكنِي إِلى عِيسى الفِزارِي رِسالَةً / جَعَلتُ بِها قَولِي عَلى قَولِهِ رَدّا
وَقُل أَيُّها الشَيخُ الَّذي ضَلَّ سَعيُهُ / فَأَصبَحَ لا مالاً يُفيدُ وَلا حَمدا
تُهَدِّدُنِي فِيما زَعَمتَ بِحَيَّةٍ / إِذا نَهَشَت لَم تُبقِ لَحماً وَلا جِلدا
وَحَيُّكَ ما يُخشى فَما بالُ حَيَّةٍ / نَحُطُّ عَلى يافُوخِها حَجَراً صَلدا
وَنَترُكُها مَعضُوضَةَ الوَجهِ بُرهَةً / مِنَ الدَهرِ لا سَمّاً بِفِيها وَلا شَهدا
وَلَو كُنتَ ذا لُبٍّ لَما كُنتَ طالِباً / لَكَ الوَيلُ عَفواً ثُمَّ أَتبَعتَهُ وَعدا
وَأَيُّ قَبِيحٍ في سُلالَةِ صالِحٍ / فَيَحذَرَ بَرقاً مِن وَعِيدِكَ أَو رَعدا
وَهُم في غِنىً عَن كُلِّ قَولٍ تَقُولُهُ / وَأَنتَ فَمُحتاجٌ إِلى فَضلِهِم جِدّا
وَإِنَّ لَنا سَيفاً مِنَ العِزِّ إِن نَشَأ / ضَرَبنا بِهِ صَفحاً كَما قُلتَ أَو حَدّا
وَإِن شِئتَ قُرباً مِن بِنانا فَإِنَّنا / لَعَمرُكَ غَرٌّ لا تَعافُ لَنا وِردا
وَإِن شِئتَ بُعداً مِن نَدانا وَفَضلِنا / فَزادَكَ رَبُّ العَرشِ مِن فَضلِنا بُعدا
فَنَحنُ ذَوُ الفَضلِ الَّذي لَم تُصِب لَنا / بَنُو آدَمٍ فِيهِ نَظيراً وَلا نِدّا
وَأَوصافُنا مِثلُ النُجومِ كَثِيرَةٌ / إِذا عُدِّدَت لَم يُحصِ خَلقٌ لَها عَدّا
نَجُودُ بِما نَحوي مِنَ المالِ وَاللُها / وَنُعطِي الأَغَرَّ الزَولَ وَالأَجرَدَ النَهدَا
وَنَقرِي الهُمومَ الطارِقاتِ عَزائِماً / تُهَدُّ الجِبالُ الراسِياتُ بِها هَدّا
وَإِن نابَنا خَطبٌ مِنَ الدَهرِ لَم تَجِد / بَني صالِحٍ إِلّا غَطارِفَةً لُدّا
يَشِيمُونَ قَبلَ المُرهَفاتِ صَوارِماً / مِنَ البَأسِ بِيضاً لا تَكِلُّ وَلا تَصدا
إِذا اِنتُجِعُوا كانُوا غُيُوثاً مِنَ النَدى / وَإشن غَضِبُوا كانُوا إِذا غَضِبوا أُسدا
يَحُلُّونَ في العَلياءِ كُلَّ ثَنِيَّةٍ / إِذا الناسُ حَلُّوا مِن مَعالِيهِمِ الوَهدا
أَما وَالقِلاصِ البُدنِ في كُلِّ فَدفَدٍ / تُكابِدُهُ حَثّاً وَتقطَعُهُ وَخدا
إِلى آلِ مِرداسٍ لِكُلِّ سَمَيدَعٍ / نَجِيبٍ تُرَجّي مِن مَكارِمِهِم رِفدا
لَقَد سَبَقُوا بِالفَخرِ قَيساً وَعامِراً / وَطَيّا وَسادُوا مِنهُمُ الشِيبَ وَالمُردا
سَلِ المَنزِلَ الغَورِيَّ أَينَ خَرائِدُه
سَلِ المَنزِلَ الغَورِيَّ أَينَ خَرائِدُه / وَأَينَ تَوَلّى بدرُه وَفَراقِدُه
وَإِن كانَ ذاكَ الرَبعُ مُذ بانَ أَهلُهُ / لِيَعتادُهُ الوَجدُ الَّذي أَنا واجِدُه
وَلَكِنَّهُ مُثنٍ عَلى ما يَنُوبُهُ / شَدِيدُ القُوى وَالدَهرُ جَمٌّ شَدائِدُه
وَبِي لَوعَةٌ مِن أَهلِهِ لَو شَكَوتُها / إِلَيهِ للانَت وَهيَ صُمٌّ جَلامِدُه
وَقَفنا بِهِ فَاستَمطَرَت كُلَّ مُقلَةٍ / عِهادَ البُكا آياتُهُ وَمَعاهِدُه
وَأَنبَتَ مِن سُحبِ الدُمُوعِ تُرابُهُ / حَياً بَشَّرَ النُجّاعَ بِالخِصبِ رائِدُه
فَهَل يَحمَدُ الحَيُّ الحِلالُ برَبعِهِ / حَيا عَبرَتِي أَم يَحمَدُ الغَيثَ حامِدُه
لَعَمرُ البِلى ما صابَ في الدارِ وابِلٌ / سِواهُ وَلَكِنَّ الزَفيرَ رَواعِدُه
وَلَيلٍ أَقضَّ الشَوقُ بِي فيهِ مَرقَدي / وَأَيُّ مَشُوقٍ لا تُقَضُّ مَراقِدُه
وَبِتُّ مَبِيتَ الظَبيِ أَحكَمَ شَدَّهُ / بِمَمرُورَةٍ مِن يابِسِ القِدِّ صائِدُه
خَلِيلَيَّ هَلى لِي مِنكُما اليَومَ مُسعِدٌ / وَإِن لَم يَجِد ذُو لَوعَةٍ مَن يُساعِدُه
عَلى زَمَنٍ قَد عَلَّمَ الغَدرَ أَهلَهُ / فَلا تَعتَمِد مِنهُم عَلى مَن تُعاقِدُه
فَكَم مِن صَدِيقٍ عادَ لِي بَعدَ بُرهَةٍ / عَدُوّاً وَدَبَّت تَحتَ جَنبِي أَساوِدُه
وَرَكبٍ طَوَوا عَرضَ الفَلا وَطَوَتهُمُ / وَأَنضاهُمُ غِيطانُهُ وَفَدافِدُه
إِذا جارَ مِنهُم قاصِدٌ عَن سَبِيلِهِ / هَداهُ سَنا وَجهِ الَّذي هُوَ قاصِدُه
أَقُولُ لَهُم وَالعِيسُ تَظما كُبُودُها / وَأَكبادُنا في البِيدِ مِمّا نُكابِدُه
أَقِيمُوا صُدورَ اليَعمَلاتِ فَإِنَّها / عَوامِدُ مَن لا يَرهَبُ الفَقرَ عامِدُه
فَبِالرَّقَةِ البَيضاءِ مَلكٌ كَأَنَّما / مَوارِدُ أَفواهِ القِرابِ مَوارِدُه
أَشَمٌّ حُمَيدِيُّ النِجارِ بَنى لَنا / فُخُوراً بَناها قَبلَهُ النَدبُ والِدُه
فلا سِنخَ إِلّا سِنخُهُ وَنِجارُهُ / وَلا فَرعَ إِلّا فَرعُهُ وَمَحاتِدُه
وَلا حَمدَ إِلّا لِلمُعِزِّ بنِ صالِحٍ / إِذا عُدِّدت آلاؤُهُ وَمَحامِدُه
أَحَدُّ مِنَ العَضبِ اليَمانِيِّ عَزمُهُ / وَأَقطَعُ مِن كَيدِ الزَمانِ مَكائِدُه
يَزِيدُ الرَجا وَالبُؤسُ مَهما تَبَيَّنَت / عُقُوبَتُهُ في وَجهِهِ وَفَوَائِدُه
وَقَد قِيلَ في الأَمثالِ كَعبٌ وَحاتِمٌ / وَلا حاتِمٌ إِلّا الَّذي أَنتَ واجِدُه
وَوَاعَجَبا نُثنِي عَلى فَضلِ غائِبٍ / وَنَترُكُ أَن نُثِني عَلى مَن نُشاهِدُه
إِذا شِئتَ طَردَ الفَقرِ فاحلُل بِرَبعِهِ / فَإِنَّ مُعِزَّ الدَولَةِ القَيلَ طارِدُه
أَخُو كَرَمٍ لَم يَدنَسِ اللَهُ عِرضَهُ / بِلُؤمٍ وَلَم تُخلَط بِخُلفٍ مَواعِدُه
شَرائِعُهُ شَتّى فَإِمّا يَمِينُهُ / وَإِمّا بَواطِيهِ وَإِمّا مَوائِدُه
إِذ قُلتَ شِعراً فَاحتَرِز مِنهُ إِنَّهُ / خَبِيرٌ إِذا لَم يَنقُدِ الشِعرَ ناقِدُه
فَما قُلتُ شِعراً قَطُّ إِلّا وَهِبتُهُ / وَإِنّي لِجَنِّيُّ القَريضِ وَمارِدُه
وَما هُوَ إِلّا واحِدٌ في زَمانِهِ / نَظَمتُ لَهُ الدُرَّ الَّذي أَنا واجِدُه
فَلا زالَ مُرتاعَ الفُؤادِ عَدُوُّهُ / وَمُلتَهِبَ الأَحشاءِ بِالغَيظِ حاسِدُه
أَقُولُ وَقَد أَشرَفتُ ذاتَ عَشِيَّةٍ
أَقُولُ وَقَد أَشرَفتُ ذاتَ عَشِيَّةٍ / عَلى النِيلِ مِن إِحدى الهِضابِ الشَواهِقِ
وَمِن دُونِها فُسطاطُ مِصرَ وَزاخِرٌ / كَأَنَّ بِشَطَّيهِ مُسُوكَ الخَرانِقِ
خَلِيليَّ شِيما بارِقَ الشامِ إِنَّنِي / نَظَرتُ إِلى إِيماضِ تِلكَ البَوارِقِ
فَهَل تَحمِلُ النَكباءُ مِنّي تَحِيَّةً / إِلى حامِلٍ ثِقلَ الخُطُوبِ الطَوارِقِ
إِلى ماجِدٍ سَمحِ اليَدَينِ ابنِ ماجِدٍ / إِلى وَامِقٍ لِلمَكرُماتِ ابنِ وامِقِ
إِلى رازِقٍ في سِلمِهِ غَيرِ حازِمِ / إِلى حازِمٍ في حَربِهِ غَيرِ رازِقِ
إِلى مُدرِكِيٍّ صالِحِيٍّ سُيُوفُهُ / مُقَصَّرَةٌ آجالُها في المَفارِقِ
إِلى السَيِّدِ الفَردِ الَّذي كُلُّ سَيِّدِ / عِيالٌ عَلَيهِ مِن جَميعِ الخَلائِقِ
إِذا نَحنُ يَمَّمنا ثِمالَ بنَ صالِحٍ / بِلَيلٍ هَدانا وَجهُهُ في السَمالِقِ
حَكَوا ما حَكَوا عَن حاتِمٍ وَفعالِهِ / فَدَع ما حَكَوا عَنهُ وَخُذ في الحَقائِقِ
تَجِد أَجوَدَ الأَجوادِ مَن باتَ هَمُّهُ / دَوامَ العَطايا وَاقتِحامَ الفَيالِقِ
فَواصِفُه فِي وَصفِهِ غَيرُ كاذِبٍ / وَعائِبُهُ في عَيبِهِ غَيرُ صادِقِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025