القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابن الدَّهّان المَوصِلي الكل
المجموع : 16
أَبى جَلَدٌ أَن أَحمِلَ البَينَ وَالقلى
أَبى جَلَدٌ أَن أَحمِلَ البَينَ وَالقلى / فَكَيفَ جمعتَ الصَدَّ لي وَالتَرحلا
وَميَّلكَ الواشي إِلى الصَدِّ وَالنَوى / وَلا عَجَبٌ لِلغُصنِ أَن يَتَميَّلا
وَما كانَ لي ذَنبٌ يُقال وَإِنَّما / رآكَ سَميعاً قابِلاً فَتَقوّلا
فَحَمَّلتَني ما لا أَطيق وَانّما / يُكلّفني حُبيِّكَ أَن أَتَحَملا
رَعى اللَهُ مَن لَم يَرعَ عَهداً رَعيتُهُ / له وَكَلا طَرفاً بِقَتلي مُوكّلا
تَبَدَّل بي مِن غَير جُرمٍ مَلالةً / وَيمنعُي حُبيّهِ أَن أَتبدّلا
إِذا اِزددتُ وَجداً زادَ صداً وَكُلَّما / تَذلّلتُ مِن فَرط الغَرام تَدلّلا
وَيَقتُلُني عَمداً لأَنّي أُحِبُّهُ / أَلَيسَ عَجيباً أَنّ أُحِبَّ فأُقتَلا
إِذا صرّحت باليأس آياتُ هجره / دَعَتني مُنى الأَطماعِ أَن أَتأولا
وَقَد كنت أَشكو الهجر قَبلَ رَحيلهِ / فَأَصبحتُ أَبكي الهجرَ لَمّا تَرحّلا
اذا اِشتَقتُه عَلّلتُ بالبَدرِ ناظِري / وَقابَلتُ عُلوِيَّ الرياحِ مُقبِّلا
وَغايَةُ مَن يَشتاقُ ما لا يَنالَهُ / وَلَيسَ بِسالٍ عَنه أَن يَتَحلّلا
وَيا حَبَّذا عِندَ الصَباحِ سِواكُه / إِذا ما دَعى داعي الصَباحِ وَحَيهَلا
يقبّل مَكنوناً مِن الدُرِّ رائِقا / وَيرشُفُ مَعسولاً مِن الريقِ سَلسَلا
وَيا عاذِليَّ الآمِرِيَّ بِتَركِهِ / نَهاني هَواهُ أَن أُطيعَ وَأَقبَلا
أَقِلا وإِلّا فاِنظرا حُسنَ وَجههِ / فإِن أَنتُما اِستَحسَنْتُما العَذلَ فاِعذِلا
وَلا تُنكِرا منّيِ النُحولَ فإِنَّني / لألقى الَّذي أَدناه يُذبِلُ يَذْبُلا
دَعاه وَما يَهوى وإِن كانَ ظالِماً / فَلَست أَرى عنه وإِن جارَ مَعدِلا
وَلا تَعذلاه في دَمي أَن يُريقَهُ / فَما قَدرُ مِثلي أَن يُلامَ وَيُعذَلا
يمثِّلهُ ظَبيُ الكِناسِ مُشابِهاً / وَيُشبِهُهُ بَدرُ التَمامِ مُمَثّلا
وَيُخجِلُ مَيّاسَ القَضيبِ تَمايُلاً / وَيفضَحُ مُنهالَ الكَثيبِ تَهيُّلا
سَقى ربعَه نَوءٌ تهلَّل باكياً / فَقابَله نَورُ الرُبى مُتَهلِّلا
مُدَرْهِمُ ديباجِ الرِّياضِ مُدَنِّراً / مُتَوِّجُ أَعلى الأُقحوانِ مُكَلِّلا
كَأَنَّ نَدىً مِن كَفِّ يوسُفَ جادَهُ / فَأَصبَحَ مَوْشِيَّ الجَوانبِ أَخْضَلا
كَريمٌ عَلى العافين كالغَيثِ مُسبِلاً / شَديدٌ عَلى العادين كاللَيث مُشبِلا
وَسَيلٌ إِذا ما سالَ أَقْنى وأَجْزَلا / وَسَيفٌ إِذا ما سُلَّ أَفنى وَقَلّلا
فَما سُلَّ إِلّا أَهلكَ الشِركَ حَدُّهُ / وَلا سُئِلَ الإحسانَ الّا تَهلَّلا
حَياةٌ إِذا يَرضى حِمامٌ إِذا سَطا / قَديرٌ إِذا يَعفو عَفيفٌ إِذا خَلا
وَحُلوٌ إِذا والَيتَه لَذَّ أَرْيُهُ / لَدَيكَ وإِنْ عادَيْتَهُ عادَ حَنْظَلا
إِذا سَيفُهُ في الرَوعِ فارَقَ غِمدَهُ / يُفَرِّقُ ما بَينَ الجَماجِمِ وَالطُّلى
تَجَمَّعَ فيهِ البأسُ وَالحِلمُ وَالنَّدى / وَضَمَّ إِلى الفضلِ الغَزيرِ التَفَضُّلا
فَرَدَّ جَباناً بأسُه كُلَّ باسِلٍ / وَخلّى نَداهُ كُلَّ سَمْحٍ مُبخّلا
يَرى نائِلات العُرفِ فَرضاً مُعَيَناً / إِذا ما رأى النّاسُ الفُروضَ تَنَفُّلا
وَما عِيدَ إِلّا أَغزَرَ العَودُ جُودَهُ / وَأَسخى بَني الدُنيا إِذا عِيدَ أَوْشَلا
إِذا ما عَرِيْ الأَمْلاكُ مِن ثَوبِ مِدحَةٍ / تَردّى بِهِ مِن دونِهِم وَتَزَمَّلا
وإِن بَخِلوا واِستَغلَوْا الحَمْدَ مُرخَصاً / رأى أَرخَصَ الأَشياءِ حَمْداً وإِن غَلا
وَلو أَنَّ مَجْداً في السَّماءِ سَما لَهُ / وَلَو سُئِلَ الدُنيا نَوالًا لنَوَّلا
لَو انَّ الَّذي وَلّاهُ أَمَنَ عِبادِهِ / يُكَفِّلهُ أَرزاقَهمُ لَتَكفَّلا
إِذا هَمَّ بالأَعداءِ أَخلى بِلادَهم / بِجَيشٍ إِذا ما بأسُه مَلأَ المَلا
وَرأيٌ كَضَوءِ الشَمسِ نوراً إِذا اِنبَرى / لِخَطبٍ جَلا لَيلاً مِن الشَكِ أَلْيَلا
فِداكَ من الأَملاكِ مَن لَيسَ مُجْمِلاً / اذا سُئِلَ الحُسنى وَلا مُتَجَمِّلا
إِذا ناثِرٌ أَو ناظِمٌ رامَ مَدْحَه / تَنَحَّلَ أَوصافاً لَهُ وَتَمَحَّلا
وإِن وَعَدوا النَّزْرَ القَليلَ مُؤَجَّلاً / عَلى البُطءِ أَعطَيْتَ الكَثيرَ مُعَجَّلا
يَفيضُ إِليهِ المادِحونَ لأَنَّهُ / يَرى المَدحَ فيهِ باطِلاً وَتَقوُّلا
وَيُطرِبُكَ الشادي بِمدحكَ إِذ تَرى / فَعالَك فيهِ مُجمِلاً ومُفَصِّلا
وَما فاهَ إِلّا بِالَّذي قَد فَعلتَهُ / فَأَنتَ الَّذي أَطْرَيْتَ نفسَكَ أَوَّلا
فَتَقتَ لِسانَ الحَمدِ ثُمَّ بَسطتَه / إِذا قَبضَ النِّكْسُ اللِّسانَ وَأَقفَلا
وَكانَت حِمىً أَرضُ الفِرَنجِ فَأَصبَحَتْ / سَبيلاً لأَبناء السَبيلِ مُذَلَّلا
خَشَوْا أَن يُلاقوا جَحفَلاً كُلُّ فارِسٍ / يَعُدّونَه مِنهُ خَميساً وَجَحفَلا
وَلَو أَنَّهُم أَضعافُهُمْ حينَ جمَّعوا / جُموعَهُمُ ما كَدَّروا لَكَ مَنْهَلا
وَهابوكَ حَتّى الفارِسُ الشَّهمُ مَن رأى / بِجَيشِكَ ناراً أَو تأَمّل قَسطَلا
وَلَو أَنَّهُم كالرَملِ أَو عَددِ الحَصى / لَما بَيَّنوا إِذْ عايَنوكَ كَلا وَلا
وَفي يَومِ بَيسانٍ سَقيتَهُمُ الرَّدى / وَغادَرتَ أَخلافَ المَنِيَّةِ حُفَّلا
وَطَأتَهُمُ رَغماً فَلَم يُغنِ حَشدُهُمْ / وَمَن ذا يَرُدُّ السَيلَ مِن حَيثُ أَقبَلا
بَخيلٍ اذا أَوليتها النَّجمَ حَلَّقت / إِلَيهِ وإِن أَوطأتَها الحَزْنَ أَسْهَلا
وَضربٍ يَقدُّ البَيْضَ كالبَيضِ عِندَهُ / وَطَعنٍ يُريك الزَغفَ بُرداً مُهَلهَلا
وَكَم أَسمَرٍ أَوردت أَورِدَةَ العِدا / وَكَم أَجدَلٍ عافٍ قَريت مُجَدَّلا
فَقسَّمتَهم في المُلتَقى قِسمَ جائِرٍ / وإِنْ كُنتَ فيهم عادِلاً وَمعدِّلا
قَتيلاً صَريعاً أَو جَريحاً مُضرَّجاً / وَخِلّاً طَريداً أَو أَسيراً مُكَبَّلا
تَولَّوْا عَن النّارِ الَّتي أُوقِدَت لَهُمْ / مِن الحَربِ عِلماً أَنَّها لَيسَ تُصْطَلا
وَأَشجَعهُم مَن حاوَلَ العَيشَ مَدْبِراً / مِن الخُضر لما عايَنَ المَوتَ مُقبِلا
وَفاتوا القَنا مُستَعظِمين قِتالَهم / مِن الذُلِّ والإِرغامِ ما كانَ أَقبَلا
فإِنْ لَمْ يُجلِّلْهُم إِسارٌ ومَقتَلٌ / فَقَد رَكِبوا خِزيَ الفِرارِ المُجلَّلا
وَما كانَ ذاكَ الفَوتُ بَعد اقتِرابهم / مِنَ المَوتِ حَولاً بَل كِتاباً مُؤَجَّلا
وَلَمّا ادْلَهَمَّ الدَّهرُ يَوماً بَدا بِهِ / سَناكَ فَقَد أَضحى أَغَرَّ مُحَجَّلا
وَقَد كانَتِ الدُنيا كَشَوهاءَ عاطِلٍ / فَصِرتَ لَها حُسناً وَصُغتَ لَها حُلى
وَلَولاكَ ماتَ الفَضلُ هُزلا وَأَصبحت / رياضُ الأَماني ذاوياتٍ وَعُطَّلا
يَفيضِ لِمصرٍ نِيلُها ثُمَّ يَنثي / بَكِيّاً قَليلاً مِثلَما كانَ أَوَّلا
يَرى عِظَماً حَملاً بِنَيلكَ أَو يَرى / غَزارَةَ ما تُولي فَيَرجعُ جَدْوَلا
فَيا دائِمَ الإحسانِ سَحّاً وَديمَةً / وَهَطْلاً فَقَد صادَفتَ أَجرَدَ مُمْحِلا
فَقَد صَوَّحَتْ حَولي المرابِعُ كُلُّها / فَلَو أَنَّ لي حَولاً بأن أَتَحوّلا
وَأَيُّ مَقامٍ يَرتَضيهِ أَخو النُهى / وَلا فاضِلاً يَلقى وَلا مُتَفَضِّلا
لَعَلَّكَ راثٍ لِلفَضائل وَالنُهى / فَتُحْيِيَ مَيْتاً أَو تُميتَ مُعَطَّلا
بَقِيتَ عَلى الإِسلامِ حِصناً وَموئِلاً / وَليثاً وَغيثاً مُستَهّلاً وَمَعقِلا
أَفي كُلِّ يَومٍ فُرقَةٌ وَنُزوحُ
أَفي كُلِّ يَومٍ فُرقَةٌ وَنُزوحُ / وَوَجدٌ لِماءِ المُقلَتَينِ نَزوحُ
إِذا قُلت قَد أَضحت طَريحاً عَصى النَوى / تَصَدَّت نَوى تُنضي المَطيَ طُروحُ
فَيا عَجَباً جِسمي المُقيمُ معذَّب / وَقَلبي الَّذي في الظاعِنين قَريحُ
يقل اِصطِباري وَالدُموعُ غَزيرَة / وَيسقمُ جِسمي وَالوِدادَ صَحيحُ
وألتذُّكرَّ اللَحظِ وَالسَهمُ دونَهُ / وَما التذَّ رجعَ السَهمِ فيهِ جَريحُ
عَسى أَن تريحوا مِن غَرامٍ فَتُطلقوا / أَسيرَكُمُ أَو تَقتُلوا فَتُريحوا
وانّي لمويّ الضُلوع عَلى أَسى / وَفي كَبِدي الحرى جَوى وَقُروح
يَهيجُ عَشاءً لَوعَتي مُتَرَنّمٌ / وَيَصدَعُ قَلبي في الصَباحِ صَدوح
يَنوح وَلَم يفقد أَليفاً يَشوقُه / وأَفقد الفاً شائِقاً فأنوح
وَلي مقلة لا يَملِكُ الصَبرَ دَمعَها / وَقَلبٌ لَجوجٌ في الغَرامِ جَموح
فُؤادٌ إِذا البَرقُ اِستَطارَ أَطارَهُ / وَعَينٌ اذا ما السَفح لاحَ سفوحُ
أُكاتِمُ صَحبي الوَجدَ اذا بَدا / يَلوحُ بدا وَجدي له فَيَلوحُ
يَقولون أَجروا ذِكرَ كُلِّ جَميلَةٍ / لَدَيهِ وَجاروه عَساهُ يَبوحُ
يَقولون لي شِعر مَليحٌ مَهذَّبٌ / فَقُلتُ لَو أَنَّ الحَظَّ منه مَليحُ
فَقَد حي المعَلّى في اجادةِ نَظمِه / وَلكنَّه في الحَظِّ مِنه مَنيح
فَما زَلَّتُ أَحمي النَفس وِرداً عَلى الظَما / وَأَشفقُ مِن أَن أَجتَدي وَأَليح
وَلَمّا رَأَيتُ الدَهرَ أَعذرَ اذ غَدا / يَجودُ صَلاحُ الدين فيهِ صَلوحُ
فَقلت لِنَفسي راجِعي الشِعرَ أَنَّهُ / سَيَرجع عَيشُ الضَنكِ وَهوَ فَسيحُ
فَما بعده مَلِكٌ به يُرتَجى الغِنى / وَلا مَن اذا ما يُستَماح يَميحُ
وَما يُبطىء الاثراء لي منه بَعدَما / تَسيرُ اِمتداحاتي لَهُ فَتَسيحُ
وَحُبِبَّ فيكَ المَدحُ أَنَّكَ ما جِدٌ / مَعانيك في لَفظِ المَدائحِ روح
وكل مَديحٍ لَم يَكُن فيكَ باطِلٌ / وَكُلُّ ثَناءٍ لَم يَكُن لَك ريحُ
فأهديتُ غُرّاً زانَها حُسنُ نَظمِها / وَقَولاً اذا اختَلَّ المَقالُ صَحيحُ
فَخذ باقياً مِنّي بِفانٍ فَما غَلا / بدنيا عَلى الحُرِّ الكَريمِ مَديح
سَيَبقى الَّذي حبَّرتُه مِنِ مَدائِحي / وَيَفنى الَّذي أَعطَيتَه وَيَروح
وَما كُلُّ مَن يَغدو الى الحَربِ فارِسٌ / وَلا كُلُّ مَن قالَ المَديحَ فَصيح
أَوَجدي كَذا أَم هَكَذا كُلُّ مَن يَهوى
أَوَجدي كَذا أَم هَكَذا كُلُّ مَن يَهوى / يَزيدُ غَراماً واِشتياقاً عَلى البَلوى
رَعا اللَهُ مَن أَمسَت وَسوءُ صَنيعِها / بِنا فَوقَ أَن يَخفى واحسانها دَعوى
رأت أَنَّ في الاعراضِ تَقوى فَحَمَّلَت / مِن الضُرِّ ما تأبى المُروءَة وَالتَقوى
وَكَم نَقَضت مِن مُوثَقٍ جَعلت بِهِ / شَهيداً عَلَيها عالِم السِرِّ وَالنَجوى
إِذا فَكَّ هَذا اليَوم أَسوأ هجرها / ثَنَنتهُ بِيَومٍ مِن تجنّبها أَسوا
وَما زالَتِ الشَكوى تَزيدكَ غِلظَةً / عَليَّ الى أَن صِرتُ أُومن بِالشَكوى
لَها مَربَعٌ في القَلبِ ما زالَ آهِلاً / اذا رَبعُها بِالحُزنِ أَقفَر أَو أَقوى
وانّي عَلى ما حَمَّلَتهُ لَصابِرٌ / وان كُنت لا أَبقى عليه وَلا أَقوى
أُسَرُّ بِما سُرَّت وأأبى الَّذي أَبَت / وَأَرضى الَّذي تَرضى وَأَهوى الَّذي تَهوى
يَسيرٌ لَها أَنَّ السَقام مُحرَّمٌ / بِجِسمي وَسهَلٌ أَنَّ قَلبي بِها يَدوي
وَنَشوان مِن خَمرِ الصَبابَةِ لَم يَزَل / يَميلُ الى سَكرى مِن الدُلِّ أَو نَشوى
فَما يَستَفيق القَلبُ مِن بَرح صَبوةٍ / الى ظَبيَةٍ أَدماءَ أَو رَشأٍ أَحوى
تتابعَ في لَيلٍ مِن الغيِّ مُظلمٍ / وَقَد لاحَ صُبحٌ في المَفارِقِ أَو أَضوا
وَعائبَةٍ منّي العَفافَ مَع الضَوى / وَأَحسَنُ شَيء أَن أعفّ وَأَن أَضوى
اذا كانَ في المَسعى الغنى وَمذَلَّتي / فَحَسبي بِفَقرٍ لا يذلُّ وَبالمَثوى
صبرتُ عَلى نَحت الخطوب وبَريها / وان كانَ ثقلاً لَيسَ يحملُه رَضوى
وَنادَيتُ مِن قَعر الحَمولِ وَقَد هَوى / بجديَ صَرفُ الدَهرِ في أَبعد المَهوى
أَما في بَني الدُنيا فَتىً مُتَدارِكٌ / حُشاشَةَ هَذا الفَضل مِن قبل أَن تَبلى
وَكَيفَ وَدَهري المُعتَدي المُتَعَمِدي / أُحاوِلُ مِن أَنيابِهِ النَصر وَالعَدوى
وَما كانَ أَدناها اِستِغاثَةُ موثَقٍ / إِلى مُطلَقٍ لَو يَسمَعُ الفاضِلُ الشَكوى
فَريدُ بَني الدُنيا الَّذي لا يُرى لَهُ / نَظيرٌ عَلى مَرّ الزَمانِ وَلا يُروى
قَريبٌ الى باغي نَداهُ مُبادِرٌ / وَلا طالِبٌ يُقصى وَلا مَوعِدٌ يُلوى
إِذا التوت الأَحداثُ بِالمَرءِ واشَجت / وَنادى بِها أَلوى بِها المَرس الأَلوى
وَأَبلَج مَعسولِ الشَمائِل ما جدٍ / خَلائِقُه تُسلي عَن المَنِّ وَالسَلوى
يَهشُّ إِلى العافي اِرتياحاً الى النَدى / فَلا عُنُقٌ يُلوى وَلا حاجِبٌ يُزوى
شَرى المَدحَ مِنّي وَالمَوَدَّة وَالهَوى / فَتىً مالَهُ في الناسِ مِثلٌ وَلا شروى
أَقَرَّ لَه بِالفَضل شانيه راغِماً / مَتّى يسبِقِ الاجماعُ تتحِد الفَتوى
اذا قِستَهُ بالأَولين رَأَيتَه / وَآراؤُهُ أَهدى وَأَقواله أَقوى
لَهُ قَلَمٌ دِرياقُه وَسِمامُه / يُداوي بِه نَفس المَمالك اذ تَدوى
يطبّقُ عَفواً رأيُه كُلّ مُعضِلٍ / اذا قالَ بَعد الجهد ذو الرأي أَو أَسوى
وسَبّاقِ غايات البَلاغَةِ وَالنُهى / وَذو الخَصل مِنها ان شده أَو أَزوى
بِنَفسي كِتابٌ قُلتُ لَمّا قَرأتُه / مَكانَكَ لا تَنصب فَقَد بلَغت حَلوى
وَعرّيتُ ظَهر السِرِّ عَجزاً فَلا يَرى / لَهُ أَبَداً رَحلٌ وَلا يُزوى
وَأَيأستُ نَفسي مِن مُباراةِ بارِعٍ / حَوى قَصَبَ السَبقِ الَّتي لَم تَكُن تُحوى
وَلَو فَضَّه عِبدُ الحَميد لردَّهُ / يَذُمُّ الَّذي قَد كانَ سَدَّد أَو سَوّى
نَفائِس نَظمٍ لا يقوَّم شَذره / لَو انقاس رَوضٌ لا يَجِفُّ وَلا يَذوى
وَلَم أَرَ عِندي ما يَرى لهديَّةٍ / لقلَّةِ ما عِندي فأهدَيتُ ما يُروى
وَأَصغرتُ ما يُطوى وَيُنشَرُ وَشيُه / فحبّرتُ منشوراً عَلى الدَهر ما يُطوى
وَلَولاكَ ما أَسرَيتُ لَيلاً بُحرَةٍ / مِن المَنزِلِ الأَدنى إِلى الغايَةِ القُصوى
وَفاءً لحقِّ الوُدِّ لا تابِعاً مُنىً / وَلا بائِعاً شِعراً وَلا طالِباً جَدوى
يُحَمِّلني مالا أُطيقُ فأَحملُ
يُحَمِّلني مالا أُطيقُ فأَحملُ / وَيأمُرَني أَن لا أُفيقَ فَأَقبَلُ
وَيَقتلني عَمداً لأَنّي أُحِبُّهُ / وَمن عَجَبٍ أَنّي أُحِبُّ فأقُتَلُ
وَيَمنَعُني من أَن أَمرّ بِبابِهِ / وَأَرمُقُه أَنّي أَمرُّ فَيَخجَلُ
أَذلّ إِذا ما عَزَّ في الحُبِّ أَوسَطا / وَهَل لي إِذا ما عَزَّ إِلّا التَذَلّلُ
وَأَشكو تَجنّيهِ فَيقضي لَهُ الهَوى / وَقاضي الهَوى في حُكمِه كَيفَ يَعدلُ
فَلَيتَ كَمالَ الحُسنِ يُؤتاهُ مُحسِنٌ / وَلَيتَ جَمالَ الوَجهِ يُؤتاه مُجمِلُ
وَعاذِلَةٍ هَبَّت بَليلٍ تَلومُني / تَقولُ أَلا تصغي الا تَتوسَّلُ
فَقُلتُ أَقَلّي العذَلَ لي وَتأَمَّلي / فَلَم يَبقَ مَن يُرجى وَلا من يُؤَمَّلُ
فَلَستُ عَلى مالٍ وان فاتَ مُعوِلاً / وانّي عَلى جود ابنِ شاديَ مُعوِلُ
وَلي ناصِرٌ مِن ناصِرِ الدين حاضِرٌ / كَفيٌّ وَلي مِن سُحبِ كَفيهِ منهلُ
جَوادٌ بِما يحوي وَفيٌّ بِوَعدِهِ / يَجودُ فَيُغني أَو يَقول فَيَفعل
وَبَحرُ نَدىً لِلمجتدين وَوابِلٌ / وَطودُ حِمىً للآجئينَ وَموئِلُ
يَعدُّ كَثير النَيلَ قلاً وَلا يَرى / نَوالاً نَوالاً لا يعمُّ وَيفضلُ
إِذا شَدَّ فُرسانُ الوَغى كانَ سابِقاً / وان عُدَّ فِتيانُ الوَرى فَهو أَوَّلُ
لَهُ يَومَ انعامِ وَبؤسٍ كِلاهُما / أَغَرُّ إِذا الأَيّام عُدَّت مُحَجَّلُ
ليهنِكَ يَومٌ لا يَرى الدَهرَ مِثلُه / أَجَلُّ وَأَوفى في سُرورٍ وَأَفضَلُ
ظُهورٌ أَعادَ الدَهر طُهرا وَفَرحَةٌ / أَعادَتِ بَكايا لَهوِهِ وَهيَ حُفَّل
فَيالَك قِطعاً فاصِلاً كُلّ لذَّةٍ / وَنَقصاً يَزيدُ المَجدَ فَخراً وَيُكمِلُ
وَإِنَّ دماً أَجراهُ داوودُ دونَهُ / سُيوفُ إِلى الهاماتِ أَوحى وَأَعجلُ
يعزُّ عَلى صيدِ المُلوكِ مَنالُه / وَيحكُمُ فيهِ سُوقَةٌ مُتَذَلِّلُ
يَمُدُّ يَداً نَحوَ الَّذي دونَ نَيلهِ / تَقطَّعُ أَيدٍ مِن رِجالٍ وَأَرجُلُ
وَلَولا التُقى ما مَدَّ للسَيل كَفّه / ليؤلمهُ وَاللَيثُ جَذلان يَرفُل
وَلا بَرحَ الاقبالُ وَالنًصرُ وَالهُدى / لرحلِك صَحباً اذ تحلُّ وَتَرحَلُ
فَلا وَصلُها يَبدو فَتَبلى بِلا بِلى
فَلا وَصلُها يَبدو فَتَبلى بِلا بِلى / وَلا ليَ صَبرٌ مُنجِدٌ فأخونُها
نَحيلَةُ جَفنِ العينِ مِن غيرِ عِلَّة / كَذاكَ سُيوفُ الهندِ تَبلى جُفونُها
أَرى سودَها أَمضى وأفتك في الحَشا / فَما بالُ أَنقاها بَياضاً ثَمينُها
وَلَم أَنسها يَومَ النَوى إِذ تَحَجَّبَت / وَقَد غَفلَ الواشي وَغابَت عيونُها
فَفاضَت دُموعُ العَينِ حَتّى رأَيتَني / تَلفَّتُّ نحو الدارِ لا أَستَبينُها
فَما أَسبَلتِ إِذ أَعرضت من ستورها / بأَمنع مِمّا أَرسلَتها جُفونُها
لَو لَم تَخُن في يَمينها / وَمُدَّت لِتَوديع اليَّ يَمينُها
وَنَفسٌ إِذا هَبَّت جَنوب تَنَفَّسَت / تَحِنُّ اِشتِياقاً لَو شَفاها حَنينُها
فبالشرف الا عَلى هَواها وَشُكرِها / نَدى شَرفِ الدين بنِ عصرون دينُها
مَتى قَصَدت في طُرقها دونَ عزه / فَلا اِنفرجت عَن سَهلِ أَمرٍ حزونُها
وَإِن طَمعَت مِن غَيرِهِ في نَوالِهِ / فَلا صَدقَت فيما رَجَتهُ ظُنونُها
طَوى دارَها طيَّ الكِتابِ المُنَمنَمِ
طَوى دارَها طيَّ الكِتابِ المُنَمنَمِ / وَمَرَّ عَلى الأَطلالِ غَيرَ مُسَلِّمِ
يُخادِعُ امّا عَن جَوى مِن تَذَكَّر / بِها الرَكب أَو عَن عبرة مَن توسِّم
وَكَم وَقفَةٍ فيها أَقَلَّ مُساعِدي / عَلى الدَمعِ اسعادي وَأَكثَر لومّي
إِذا ما بَلَوتُ العَيشَ قالَت عِراصُها / لِدَمعيَ لَيسَ الفَضلُ لِلمُتَقَدِّم
وَسارٍ أَتاني العَرفُ عَنهُ مُبَشِّراً / فَقُمتُ إِلَيهِ أَهتَدي بِالتَنَسُّمِ
أَتى بعد وَهَنٍ عاطِلاً مُتَلَثِّماً / مَخافَةَ حَليٍ أَو مَخافَةَ مَيسَمِ
وَناوَلَني كأساً أَراكَ فِدامَها / وَرَدَّ فَمي عَن لَثمِ كأس مُفدَّمِ
فَلَيتَكَ إِذ حَلأتني عَن مُحَلّل / مِن الخَمرِ ما عَلّلتَني بِمُحَرَّمِ
أَيا لَذَّةَ الدُنيا ومنه بَلاؤُها / وَيا جَنَّةً فيها عَذابُ جَهَنَّمِ
وَكُنّا اِغتَنَمنا لَذَّةَ العَيشِ ليتَها / لَذّاتُها لَم تصرَّم
تُلامُ وَنُدعى الأَشقياءَ خَلاعَةً / وَمَن من يودي ابتِداء التَنَعُّمِ
فَقَد عادَ أَيقاظاً عَلَينا صُروفُهُ / فَما نَلتَقي أَحبابنا غَيرَ نُوَّمِ
أَيا مَلِكاً ما مَدَّ كَفّاً لِعِلَّتي / وَما زلَ مَخضوبَ الأَنامِل مِن دَمي
وَكانَ قَديماً طائِشاتٍ سِهامُهُ / فَأَصبح يَرمينا بأنفذ أَسهُم
وَأَرهفَ حَدّيهِ لحزّي كَأَنَّما / تَوَهَّم انعامَ ابنِ رزِّيكَ مُسلِمي
هُوَ المَلجأُ المأمولُ وَالوَزَرُ الَّذي / أَجازَ عَلى أَحداثِهِ كُلَّ مُعدَمِ
سَليمُ نَواحي العِرضِ لَم يُعطَ خَشيَةً / وَلَم يُخفِ عيباً تَحتَ ذَيل التَكَرُّمِ
تَوضَّح في الدَهرِ البَهيم كَأَنَّه / سَنا غُرَّةٍ سالَت عَلى وَجه أَدهَم
وَأَعطى وَلا مُعطٍ وَأَضحى مُمدَّحاً / وَما فَوقَ وَجهِ الأَرضِ غَيرُ مُذمَّم
إِذا لَقَحَ الراياتِ رأياً تَمَخَّضَت / بِنَصر عَلى الأَيامِ فَذّ وَتَوأمِ
لَهُ كُلَّ يَومٍ مغنَمٌ مِن عَدوِّهِ / يَرى بَذلَهُ لِلمجتدي نَيلَ مَغنَم
ثَقيلٌ عَلَيهِ حَملُ أَيسَر مِنَّة / خَفيفٌ عليهِ حَملُ أَعظَمِ مَغرم
أَعَدَّ لِنَصرِ الحَقِّ كُلَّ مطهَّرٍ / يَغُذُّ إِلى الأَعداءِ فَوقَ مُطَهَّم
لَهُ شَرَفٌ الاقدامِ في الحَربِ شِيمَةٌ / َما يَبتَغي غَيرَ الكميِّ المُقَدَّمِ
وَولهى من التَوديع لَم تَرَ مُنجِداً / مِن الدَمع يُعديها عَلى بَينِ مُشأمِ
فَقالَت وَقَد أَجرَت سَوابِقَ عَبرة / أَفي كُلِّ يَومٍ أَنتَ بِالبُعدِ مُؤلِمي
أَتَجمَعُ لي فَقراً وَبيناً وَكِبرَةً / لَكَ اللَهُ ما تُثنيكَ خيفَةُ مأثمِ
فَقُلتُ لَها هَذا فِراقٌ يَردُّنا / جَميعاً وَيُعدينا عَلى الدَهر فاِعلَمي
أَعدّي العيابَ وَالمَرابطَ واخطبي / كَريمةَ قَومٍ وارقبي نجح مقدمي
سَأجهدُ نَفسي في اِبتِكارِ قَصيدَةٍ / فَتونِ المَعاني لَذَّةِ المُتَرَنِّمِ
تَقول إِذا أَبصَرتِ حسنَ بَديعها / لَكَم تَرَكَ الماضونَ مِن مُتَرَدَّمِ
وَأَبعَثُها غَرّاءَ بِكراً عَقيلَةً / لِكفؤٍ بأَبكارِ المَعالي مُتَيَّمِ
مُعشَّقةً زَفَّ التميميُّ دونَها / إِلى دون مَولاكُم بأَلفِ
سَيَبلُغ بَغداداً فَيهجم قائِلٌ / أَقِم يا حُسامي في صَوائِل واهجم
أَيا بَحر إِنّي لَم أَسَل غيركَ النَدى / وَلَم أَرَ أَهلَ الأَرض أَهلاً لمكرمِ
هُم الحَمأُ المَسنون لا ماءَ عِندَهُم / وَلَيسوا صَعيداً طَيِّباً لِلتَيَمُمِ
عبرتُ أُلاقي خَيرَهُم خَيرَ مادِح / لَهُ وَأَراهُ دَهره غَيرَ مُنعَمِ
غَنيّاً بِما تُوليهِ غَيرَ مُكلَّفٍ / طَلاقَة بِشرِ الوَجهِ أَو مُتَجَهِّمِ
دَعَوتُكَ بعد الجود أُخرى وَلَم يَزَل / أَخو المحل يَدعو السُحب
وَصلتَ المَعالي فَوقَ وَصلِ مُتَيّم / أَخاهُ فَلا ذاقَت فِراقَ مُتَيَّمِ
وَأَهيَفَ زادَ الوَعكُ سكرةَ طَرفِه
وَأَهيَفَ زادَ الوَعكُ سكرةَ طَرفِه / فَيا رَبِّ أَمرِضني بِما شِئت واشفِهِ
غَزالٌ غَريرٌ غَرَّني فَرطُ حُسنِهِ / واطمعني في عَطفِهِ لينُ عِطفه
وَحَمَّلَني مِن حُبِّهِ لُطف خَصرِهِ / إِذا ما تثنّى مائِساً ثقلُ رَدفِهِ
وَأَعجَبُ مِن عِشقِ القُلوبِ لِطَرفِهِ / وَما زالَ يَرمي كُلَّ قَلبٍ بِحَتفِهِ
يُعَنِّفني في الحُزنِ عِندَ مَغيبِهِ / سَليمُ الحَشا ما ذاقَ فِرقةَ الفهِ
وَلَمّا بَدا بَدراً أَمِنتُ مَحاقَهُ / وَلَكِنَّ لي وَجداً عَلَيهِ لكسفِه
وَلَيلَةَ بِتنا نَرشُفُ الراح عَلَّها / تُعلِّلُ عَن فيهِ وَعَن طيب رَشفه
يَطوفُ بِها الساقي فَيرتاحُ نَحوَها / وَيَمنَعه مِن شُربِها فَرطُ ضَعفِهِ
يَخافُ حُميّاها وَلَم يُملِ كَأَسَها / وَيأمَن مِنها مِلء فيهِ وَطَرفِهِ
أُغالِطُ عَن وَردِ بخدَّيهِ ناضِر / وَأُكثِر مِن تَقبيل وَرد بكفّه
فَلَيتَ حِمامي كانَ عاجَلَ وردَه / وَلَم تَعجَلِ الحُمّى عليه بقطفِه
أَلَمَّت بأَوطان الجَمالِ فَأَصبَحَت / تُغَيِّرُ مَعنى الحُسنِ إِن لَم تُعَفّه
بَكا آمِناً أَن صارَ سِتراً عَلى الحُبِّ
بَكا آمِناً أَن صارَ سِتراً عَلى الحُبِّ / خَطا الناسُ في اِسترقاقهم دمعة الصَبِّ
ضَلالاً كَذم المَوتِ عِشقاً فانَّهُم / عَلى الدَهر ماذاقوه مِن أَسهَمِ النَصبِ
يَظنونَ دَمعي مِن قَذى العين دامياً / وَجَدِّكَ ما يُدميه إِلّا جَوى القَلبِ
فَلا يَعدُ داراً بانَ بالعيش أَهلُها / سوى واكف الأَجفان مِن وابِل السُحبِ
وَما ذاكَ مِن بُخل بِها غير أَنَّني / أَرى أَنَّ مَجرى سَيله دائم الجَدبِ
فَيا شُغلي عَن كُلِّ شيء بِفارغ / حَبيب عَلى بُخل مُعادٍ عَلى الحُبِّ
إِذا بلَّغتُهُ سَلوَتي ظلَّ ساخِطاً / وان بَلَّغتُهُ صَبوَتي عَدَّها ذَنبي
مَتى آنفِ الظُلمَ الَّذي سامَ حَمله / وَلا القَلبُ مِن صَحبي وَلا الصَبرُ مِن حِزبي
وَيا ظَمأي بينَ التَحجُّبِ وَالنَوى / إِلى زَمَني بَينَ التَجَنّب وَالعتبِ
وَشَوقي إِلى وعد وان لَم يُجد بِهِ / وان كانَ لا يَشتاق شيءٌ مِن الكذبِ
دَعو الغاديَ الشَرقيض يَحمِلُ عَرفكم / لِيُطفىء ما يَلقونَ في الجانِبِ الغَربي
أَزيروا الكَرى وَالطَيفَ عَنّيَ ساعَةً / وَذَلِكَ شيءٌ لا يَضُرُّ مِن القُربِ
وَباكٍ بأَرض الشام امّا صَبابَةً / إِلى الاَهلِ أَو غَيظاً لِمعجز عَن الكُتب
أَقامَ فَلا الأَقدارُ تقضي بِعَوده / اليهم وَلا تُدنيهِ مِن مَنزِل الخِصب
إِذا البينُ لَم يُوصِل إِلى ذي بَصيرة / وَهَيهاتَ تُجدي غُربة المندلِ الرطب
وَما نافِعي عِندَ الوجوه كَأَنَّها / فَسا الصَخرِ صَخراً أَنَّني صارِمُ العضبِ
وَبالجَرع رَسمٌ مِثلُ جِسميَ شاحِبُ
وَبالجَرع رَسمٌ مِثلُ جِسميَ شاحِبُ / يَدعو الصَبابَةَ صَمتُهُ فُتُجاوِبُ
أُزجي إِلَيهِ عبرةً هيَ في الجَوى / ظِلٌّ وَفي الطَلَلِ المَحيل سَحائِبُ
وَأَزورُهُ فَرداً مَخافَةَ لائِمٍ / أَو غيره مِن أَن يُساعِدَ صاحِبُ
دِمَنٌ رأَيتُ البين صاحَ غُرابُهُ / في بَينها فَعَلِمتُ مَن هُوَ سالِب
وَعلِمتُ مُذ طَلَعت شُموسُ حُمولِهُم / في سُحبِ دَمعي أَنَّهُنَّ غَوارِب
سِيّانَ نَومي في هَواكَ وَيَقظَتي / وَمعَ الخَواطىءِ سَهمُ حَتفٍ صائِب
سِيّانَ نَومي في هَواكَ وَيَقظَتي / لَولا يُعَلِّلُني الخَيالُ الكاذِبُ
في الحالَتَينِ أَراكَ إِلّا أَنَّني / في اليَوم أَنسى أَنَّ شَخصَكَ غائِب
وَبَخيلَةٍ بالوَصلِ لَو سَمَحَت بِهِ / لَعَدت صَوارِمُ دونَهُ وَقَواضِبُ
ما إِن تَخيب بِنَيل سُؤلٍ سائِلاً / حَتّى يَخيبَ لَدى طَلائِعَ طالِبُ
مُتَواضِعٌ وَالنَجمُ دونَ مَحَلِّهِ / صَعبٌ وَما لِمَدى عُلاه مُقارِب
كالشَمس في كَبِد السَماء مَحلُّها / مُتَباعِدٌ وَضياؤُها مُتَقارِبُ
جعل الجنوحَ إِلى التَسالِم سُلَّماً / لِلحَرب فَهوَ مُوادِعٌ وَمُحارِبُ
وَهَيهاتَ لَم يَعلَم بِسرِّكَ مُشفِقٌ
وَهَيهاتَ لَم يَعلَم بِسرِّكَ مُشفِقٌ / أَمينٌ وَلَم يَطلع عليه نَصوحُ
تَروحُ عَلَينا الريحُ في نَفَحاتِها / شَذاكُم وَرَيّا طيبِكُم فَتُريحُ
فَلا تَبعَثوها غيرَ لَيلٍ فانَّني / أَغارُ مِن الجُلاس حينَ تَفوحُ
وَيا خلّ خلِّ اللَوم عَنّيَ مُحسِناً / فَلَومُكَ في الوَجهِ المَليح قَبيحُ
وَقائِلَةٍ خَلِّ التَصابي فانَّهُ / مَع الشَيب شَينٌ فاحِشٌ وَفضوح
وَمل ما بَقي مِن لَذَّة العَيش في نَقاً / بَياضِ نَهارٍ بالظَلامِ يَصيحُ
وَزائِرَةً نَمَّت عَلَيها حُجولُها / وَعرفٌ إِذا ما كَتَّمَتهُ يَفوحُ
فَبِتنا جَميعاً مالَنا مِن دنيَّة / دَنوُّ وَلا نَحو الجُناحِ جُنوحِ
إِلى أَن بَدا ضَوءُ الصَباح كَأَنَّهُ / سَنا يُوسُفٍ في النَقع حينَ يَلوحُ
صَحيحٌ صَريحٌ مجدُهُ وَفَعالُهُ / تَصَدَّق فيهِ المَدحُ وَهوَ صَحيحُ
لَهُ هزَةٌ عِندَ المَدائِح لِلنَّدى / كَما اِهتَزَّ غُصنُ البان وَهوَ طَموحُ
حييٌّ غَضيضُ الطَرف عَن كُلِّ محرم / وَلَكِنَّهُ نَحوَ العَلاءِ طَموحُ
شُجاعٌ لَدى الهَيجاجَبانٌ عَن الخَنى / كَريمٌ عَلى العِرض المَصون شَحيحُ
بَعيد المَدى نائي العُلى شاحِطُ الأَذى / قَريبُ النَدى داني الرَبابِ
شَديدٌ إِذا يُعصى المُراد مُعاقِبٌ / وَلينٌ إِذا يُعطي القِيادَ صَفوحُ
وَلا جَزِعٌ عِندَ الشَدائِد خاضِعٌ / وَلا بَطِرٌ عِندَ الرَخاءِ مَروحُ
مَنوعٌ إِذا ما سيمَ لَهواً مُساعِدُ / قَريبٌ إِذا سُئِلَ اللُهى وَمَنوحُ
لَهُ هِمَّةٌ لا تَنثَني دونَ مُمكِنٍ / وَرأيٌ إِذا ما الرأيُ قالَ نَجيح
إِذا خَفيت طُرقُ المَعالي عَن العَدى / فَفيها ظُهورٌ عِندَهُ وَوضوحُ
عَطاءٌ إِذا شَفَّ العَطاءُ مَوفّرٌ / وَحِلم إِذا خَفَّ الحلومُ رَجيحُ
هَنيئاً لأَرضٍ حَلَّ فيها فانَّهُ / يَسحُّ النَدى منه بِها وَيَسيحُ
إِذا ما أَتى مَيتاً مِن الفَقرِ جودُهُ / فَما هُوَ إِلّا عازِرٌ وَمَسيح
وان حارَبَ الأَعداءَ أَمسى أَقلُّهُم / طَريداً وَإِمّا جُلُّهم فَطَريحُ
فَريقانِ شَتّى كُلُّهُم بجسومِهِم / جُروحٌ وَفي حَبِّ القُلوبِ جُروحُ
فللتَ العِدى جَمعاً وَأَذهبتَ ريحَهم / فَما بِعَدوّ من عِداتِكَ روحُ
فَيا جَبَلَ العَزِّ الَّذي هُوَ شاهِقٌ / مِن المَجدِ وُهدٌ دونَهُ وَسُفوحُ
أَزلت عُيوبَ الدَهرِ في كُلِّ بَلدَةٍ / وَفَقري عَيبٌ في الزَمان قَبيحُ
وَكُنتُ هجرتُ الشِعرَ كَي لا يُغيضُني / عُبوسُ شَحيحٍ يُرتَجى وَكُلوحُ
أَأَحيا وَهَذا الشِعرُ بَعضُ فَضائِلي / فَقيراً بحمصٍ أَغتَدي وَأَروحُ
مرض وودّ صَحيح / كانَ تَأويلُ ذا الصُدود الصَريحُ
يقولُ وَقَد عاتَبتُهُ حينَ زارَني
يقولُ وَقَد عاتَبتُهُ حينَ زارَني / عَلى الصَدِّ دَعني من ذُنوبي الأَوائلِ
وَفُضَّ بصيرَ اللَيلِ بالوَصلِ واتَّرِك / زَمانَ العتابِ يَنقَضي بالرَسائِلِ
سَرى عائِفاً مِن عُرفهِ وَحُليهِ
سَرى عائِفاً مِن عُرفهِ وَحُليهِ / فَأَمنهَ زيُّ السُرى عَن حُجولِهِ
صَحباً ثُمَّ أَصبحتُ شاكِياً / وَشُكرُ جَميل الوَجهِ جَحد جَميلهِ
مِنكَ ذاكَ لِشَقوَتي
مِنكَ ذاكَ لِشَقوَتي / وَأَكثَرُ اِحساني اليك فَتَغضَبُ
أَيا نازِحاً وَجدي بِه غَيرُ نازِحٍ / يَجدُّ بِقَلبي حُبُّهُ وَهوَ يَلعَبُ
إِذا لاحَ بَرقٌ مِن جنابِكَ لامِعُ
إِذا لاحَ بَرقٌ مِن جنابِكَ لامِعُ / أَضاءَ لِواشٍ ما تجِنُّ الأَضالِعُ
تَتابَعَ لا يَحتَثُّ جَفني فإِنَّهُ / بَدا فَتلاهُ دَمعيَ المُتَتابعَ
فان يَكُنِ الخِصبُ اطَّباكُم إِلى النَوى / فَقَد أَخصَبَت مِن مُقلَتيَّ المَرابِعُ
مطالعُ بَدرٍ منذُ عامين عُطِّلَت / وَما فَقَدت بَدراً لِذاكَ المطالِعُ
وَسِرُّ هَوىً هَمَّت باظهاره النَوى / فَأَمسى وَقَد نادَت عليهِ المَدامِعُ
وَلَمّا بَرَزنا لِلوَداعِ وَأَيقَنَت / نُفوسٌ دَهاها البَينُ ما اللَهُ صانِعُ
وَقفنا وَرُسلُ الشَوقِ بَيني وَبَينَها / حَواجِبُ أَدّت بثَّنا وَأَصابِعُ
فَلا حُزننا غَطّى عليه تَجلُّدٌ / وَلا حُسنُها غَطَّت عَلَيهِ البَراقِعُ
أَتَنسين ما بَيني وَبينك وَالدُجى / غِطاءٌ عَلَينا وَالعُيونُ هَواجِعُ
وَهبكِ أَضعتِ القَلبَ حين مَلكتِه / تَقى في العُهودِ اللَهَ فَهيَ وَدائِعُ
تَمادى بِنا في جاهليّةِ بُخلها / وَقَد قامَ بِالمَعروف في الناس شارِعُ
وَتَحسَبُ لَيلَ الشُحِّ يَمتَدُّ بَعدَما / بَدا طالِعاً شَمسُ السَخاء طَلائِعُ
أَيَرجِعُ عَصرٌ بالجَزيرة رائِقُ
أَيَرجِعُ عَصرٌ بالجَزيرة رائِقُ / تَقَضّى وَأَبقى حسرةً ما تُفارِقُ
لَياليَ أَبكارُ السُرورِ وَعونُهُ / هَدايا وَأَمّاتُ الهُموم طَوالق
إِذ قُلتُ يَصحو القَلبُ مِن فَرطِ ذكره / دَعا هاتِفٌ في الأَيك أَو لاح بارِقُ
تَرَكنا التَشاكي ساعة البَينِ ضلَّه / وَلا غَروَ يَومَ البَين إِن ضَلَّ عاشِقُ
فَلا لذة الشَكوى قَضَينا وَلا الَّذي / سَتَرناهُ أَخفَته الدُموعُ السَوابقَ
فَمِن لؤلؤٍ شَقَّ الشَقيقَ مُبدَّداً / وَورسٍ جَرَت سَحّاً عليهِ الشَقائِقُ
إِذا نَحنُ حاوَلنا التَعانُقَ خُلسَةٌ / عَلاناً الزَفيرُ وَالقُلوبُ خَوافِقُ
وَزائِرَةٍ بعد الهُدوءِ وَبَينَنا / مَهامِهُ تُنضي رَكبَها وَسمالِقُ
تعجَّبُ مِن شَيبٍ رَأَت بمفارِقي / وَهَل عَجَبٌ مِن أَن تَشيب المفارِقُ
وَقالَت وَفرط الضَمِّ قَد هَدَّ مِرطَها / وَلُزَّت ثُديٌّ تَحتها وَمخانِقُ
أَتُسليك عَنّا كاذِباتٌ مِن المُنى / وَما خلتُ تُسليك الأَماني الصَوادق
مَتى نَلتَقي في غير نَومٍ وَيَشتَكي / مَشوقٌ وَيَشكي مِن جَوى البين شائِقُ
ثِقي بايابي عَن قَريبٍ فإِنَّني / بجود ابنِ رُزِّيكٍ عَلى القُربِ واثِقُ
هُوَ البَحر فيهِ دُرُّهُ وَعُبابه / وَصَوبُ الحَيا فيهِ النَدى وَالصَواعِقُ
أَخو الحرب ربُّ المكرماتِ أَبو النَدى / حَليفُ العُلى صَبُّ إِلى العُرف تائِقُ
يُنالُ الحَيا مِن بَحرِهِ وَهوَ نازِحٌ / وَيَدنو الجنى مِن فرعِهِ وَهوَ باسِقُ
وَلَمّا رأى عَبّاسُ لِلغَدر مَذهَباً / وَأَظهر ما قَد كانَ عنهُ يُنافِقُ
وَأَنفق مِن اِنعاهم في هلاكهم / جَزاءً بِهِ عَمري خَليقٌ وَلائِق
وَمَدَّ يَداً هم طَوَّلوها اليهمُ / وَحَلَّت بِأَهلِ القصر منه البَوائق
دَعَوكَ فَلبَّيت الدُعاءَ مُسارِعاً / وَفرَّجتَ عنهم كربَهم وَهوَ خانِقُ
وَجاوَبتهم عَن كُتبهم بِكَتائِبٍ / تَمُرُّ بِها مَرَّ السَحابِ السَوابِقُ
وَفَرَّ رَجاءً أَن يَفوت شَبا الظُبى / فَعاجَلَهُ حَينٌ اليهنَّ سائِقُ
وَقَدَّر أَن قَد خَلّفَ الحتفَ خَلفَهُ / وَقُدّامَه الحَتفُ المُوافي المُوافِقُ
سَقى رَبَّهُ كأسَ المَنايا وَما اِنقَضى / لَه الشَهرُ إِلّا وَهوَ لِلكأسِ ذائِقُ
وَفستقة شبهتُها إِذ رأَيتُها
وَفستقة شبهتُها إِذ رأَيتُها / وَقَد عايَنتَها مُقلَتي بِنَعيمِ
زبرجدة خَضراء وَسط حَريرة / بحقّة عاجٍ في غلاف أَديم

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025