المجموع : 32
لَعَمْري لَقَدْ حَكَّتْ رَحَى الحرب بَعْدَما
لَعَمْري لَقَدْ حَكَّتْ رَحَى الحرب بَعْدَما / أطارَتْ لُؤَيّاً قَبْلُ شَرْقاً وَمُغْرِبا
بَقِيَّةَ آلِ الكاهنينَ وعَزَّها / فَعادَ ذَليلاً بَعْدَ ما كان أَغْلَبا
فَطَاحَ سَلامٌ وابنُ سَعْيَةَ عَنْوةً / وقيدَ ذَليلاً للمنايا ابن أخطبا
وأجْلَبَ يَبْغي العِزَّ والذلَّ يَبْتضغي / خِلافَ يَدَيْه ما جَنَى حِينَ أَجْلبا
كتارِكِ سَهْلِ الأرْضِ والحَزْنُ هُمُّهُ / وَقَدْ كانَ ذا في الناسِ أَكْدَى وَأَغْلَبا
وَشَأْسٌ وَعَزّالُ وَقَدْ صُلِيَا بِها / وما غُيِّبا عَنْ ذاكَ فِيمْنَ تَغَيَّبا
وَعَوْفُ بنُ سَلْمى وابنُ عوفٍ كلاهما / وكَعْبٌ رئيسُ القَومِ حانَ وخُيِّبا
فبُعْداً وَسُحْقاً للنَّضِير ومِثْلُها / إِنِ أعْقَبَ فَتْحٌ أَو إنِ اللهُ أَعْقَبَا
أُقاتِلُ حَتِّى لا أَرَى لي مُقاتِلاً
أُقاتِلُ حَتِّى لا أَرَى لي مُقاتِلاً / وأَنْجُو إذا غُمَّ الجبانُ مِنَ الكَرْبِ
وأَغْضُوا عَنِ الفَحْشاءِ لا تَعْرِضُوا لها
وأَغْضُوا عَنِ الفَحْشاءِ لا تَعْرِضُوا لها / ولا تَطْلُبُوا حَرْبَ العَشِيرَةِ بالقَلْبِ
ولا تَقْضِبُوا أَعْراضَهَمُ في وُجُوهِهِمُ / ولا تَلْمسُوها في المجالسِ والرَّكْبِ
ولا تَأكُلُوا مالاً بإِثْمٍ ولا تَكُنْ / مُعانِدُهُ بالتُّرَّهاتِ وبِالغَضْبِ
إذا قَصُرَتْ أسيافُنا كانَ وَصْلُها
إذا قَصُرَتْ أسيافُنا كانَ وَصْلُها / خُطَانَا إلى أعْدَائِنَا فَنُضَارِبِ
وباكيةٍ حِراءَ تَحْزَنُ بالبُكا
وباكيةٍ حِراءَ تَحْزَنُ بالبُكا / وَتَلْطمُ مِنها خَدَّها والمُقلَّدا
على هالِكٍ بَعْدَ النَّبيّ مُحمَّدٍ / وَلَوَ عَلِمَتْ لَمْ تَبْكِ إِلاّ محمَّدا
فُجعْنا بخَيْرِ النّاسِ حَيّاً وَميِّتاً / وأدْناهُ مِنْ رَبِّ البَرِيَّة مِقْعَدا
وأفْظَعِهِمْ فَقْداً على كُلِّ مُسْلِمٍ / وأعْظَمِهمْ في النّاسِ كُلِّهمُ يَدا
إذا كان منْهُ القولُ كان مُوَفَّقاً / وإنْ كانَ حيّاً كان نوراً مجدَّدا
لقد وَرِثَتْ أخلاقُهُ المَجْدَ والتقى / فلم تتَلْقَهُ إلاّ رشيداً ومُرْشِدا
ونَحْنُ وَرَدْنَا خيبراً وَفُرُوضَهُ
ونَحْنُ وَرَدْنَا خيبراً وَفُرُوضَهُ / بكلِّ فَتىً عَارِي الأشَاجعِ مِذوَدِ
جوادٍ لَدَى الغَايَاتِ لا وَاهِنِ القُوى / جَريءٍ عَلَى الأَعْدَاءِ في كُلِّ مَشْهدِ
عَظِيمِ رَمَادِ القِدْرِ في كُلِّ شَتْوَةٍ / ضَرُوبٍ بِنَصْلِ المَشْرَفيِّ المهنَّدِ
يَرَى القَتْلَ مَدْحاً إِنْ أَصَاب شهادةً / من اللهِ يرجُوهَا وفوزاً بأحمدِ
يَذُودُ ويحمي عَنْ ذِمَارِ مُحَمَّدِ / وَيَدْفَعُ عَنْهُ باللّسانِ وَبِاليَدِ
وَيَنْصُرُهُ من كُلّ أمرٍ يَريبُهُ / يَجُودُ بِنَفْسٍ دُونَ نَفْسِ محمَّدِ
يُصدِّقُ بالأنْباءِ بالغَيْبِ مُخْلصاً / يُرِيدُ بِذَاكَ الفَوْزَ والعِزَّ في غَدِ
تَعَلَّمْ رسولَ اللهِ أَنَّكَ مُدْرِكي
تَعَلَّمْ رسولَ اللهِ أَنَّكَ مُدْرِكي / وأَنَّ وعيداً منكَ كالأَخذِ باليدِ
عجبتُ لأمرِ اللهِ واللهُ قَادِرُ
عجبتُ لأمرِ اللهِ واللهُ قَادِرُ / على ما أرادَ لَيْسَ للهِ قَاهرُ
قَضَى يَوْمَ بدرٍ أن نلاقيَ معشراً / بَغَوْا وسَبِيلُ البَغْيِ بالناسِ جائِرُ
وَقَدْ حَشَدُوا واستَنْفَروا من يَلِيهِمُ / منَ النّاسِ حتَّى جمعُهُمْ مُتَكَاثِرُ
وسَارَتْ إلينا لا تُحَاوِلُ غيرَنَا / بأَجْمَعِهَا كَعْبٌ جميعاً وَعَامرُ
وَفِينَا رَسُولُ اللهِ والأوسُ حَوْلَهُ / لَهُ معقلٌ منهُمْ غَزِيرٌ وَنَاصِرُ
وجمعُ بني النجّارِ تحتَ لوائِهِ / يُمشيُّنَ في الماذيّ والنّفْعُ ثائرُ
فَلمَّا لَقَيْناهُمْ وكلٌّ مُجَاهدٌ / لأصْحَابِهِ مُسْتَبْسِلُ النّفْسِ صَابِرُ
شَهِدْنا بأَنَّ الله لا رَبَّ كأَنَّها / وأنَّ رسولَ اللهِ بالحقِّ ظَاهِرُ
وقد عُرِّيَتْ بيضٌ خِفَافٌ كأَنَّها / مَقابيسُ يُزْهِيهَا لِعَيْنَيْكَ شَاهِرُ
بِهِنَّ أَبَدْنَا جَمْعَهُم فتبدّدوا / وكانَ يُلاقي الحَيْنَ مَنْ هُوَ فاجرُ
فكُبَّ أَبو جَهْلٍ صَريعاً لِوَجْهِهِ / وعتبةُ قَدْ غادَرْنَهُ وَهْوَ عَائرُ
وشَيبةَ والتيميَّ غادرْنَ في الوَغى / وما مِنْهُمُ إلاّ بذي العَرْشِ كافرُ
فأمْسُوا وَقُوةُ النّارَ في مستَقَرّهَا / وكلّ كفورٍ في جهنَّم صَائرُ
تَلَظَّى عليهِمْ وَهْيَ قَدْ شُبَّ حَمْيُهَا / بِزُبْرِ الحَدِيدِ والحجارةِ سَاجرُ
وكانَ رَسُولُ اللهِ قد قَالَ أَقبِلُوا / فولّوا إنّما أنتَ سَاحرُ
لأمرٍ أَرادَ اللهُ أَنْ يهلَكُوا بِهِ / وَلَيْسَ لأَمرٍ حَمَّةُ اللهُ زاجِرُ
عَلَى حِينَ أَنْ قَالَتْ لأيمنَ أُمُّهُ
عَلَى حِينَ أَنْ قَالَتْ لأيمنَ أُمُّهُ / جَبُنْتَ وَلَمْ تَشْهَدْ فوارِسَ خيبرِ
وأيمنُ لم يجبُنْ ولكنَّ مُهرَهُ / أضرَّ بِهِ شُرْبُ المديدِ المخمَّرِ
ولَولا الذي قَدْ كَانَ مِنْ شَأْنِ مُهْرِهِ / لَقَاتَلَ فيهمْ فارساً غيرَ أَعسَرِ
ولكنَّهُ قد صدَّهُ شَأْنَ مُهْرِهِ / وَمَا كانَ لولا ذَاكُمُ بمُقَصِّرِ
فإِنْ أُمْسِي قَدْ أَنْكَرْتُ جِسْمِي وَقُوّتي
فإِنْ أُمْسِي قَدْ أَنْكَرْتُ جِسْمِي وَقُوّتي / وأدرَكَني ما يُدْرِكُ المَرْءَ في العُمْرِ
فلا ضَيْرَ إِنِ اللهَ أَعْطَى وَنَالَني / مواقِفَ تُرجَى غَيْرَ مَنٍّ ولا فخرِ
وإنّي مِنَ القَوْمِ الذينَ سَمِعْتُمُ / أَجَابُوا وَلَبُّوا دعوةَ اللهِ في الأمرِ
أنَابُوا وَلَمْ يَفْتِنْهُمُ مَا أَصَابَهُمْ / من النّكثِ فيها والبلاء بل الوَتْرِ
فَجَادُوا بحوبَاءِ النّفوسِ ولم يَرَوْا / لَهُمْ هذِهِ الدّنيا كَعَاقِبَةِ الدّهْرِ
وما جَعَلُوا من دُونِ رَسُولِهِمْ / لَدُنْ آزَرُوهُ مِنْ وُرُودٍ ولا صَدْرِ
وَيأْمُرُهُمْ أمثالُ سَعْدٍ ومُنْذِرٍ / وأمثالُ عبدِ الحارثِ الحَسَنِ الذّكْرِ
ونعمانَ وابنِ الجدِّ أَوْ ثَابِت بنِ / قَيْسٍ وأمثالُ ابنِ عَفْرَاءَ بالصّبْرِ
وأمثالُ عمرٍو وامرىء القيسِ مِنْهمُ / وأمثالُ محمودٍ وَمِثْلُ أبي عَمْرِو
وَمِثْلُ رِجَالٍ فيهِمُ لَمْ أُسَمِّهِمْ / وَكَمْ مِنْ نجيبٍ في طوائِفِهِمْ شِمْرِ
ورهطٌ مع الفَارُوقِ والمرءُ عَامِرٌ / وَزَيْدُ وزيدُ الأميرِ أبي بكرِ
مَعَ ابنِ كنودٍ وابنِ جحش ومصعبٍ / وذي العَاتِقِ المَضْرُوبِ يَوْمَ رَحى بَدْرِ
وطَلْحَةُ والحجّاجُ منهُمْ وَحَاطِبٌ / وليسَ ابنُ عوّامٍ بناسٍ ولا عمرِو
وعمرٌو وعثمانُ بنُ عفّانَ والفَتَى / أبو مَرْثَدٍ سُقْيَا لِذَلكَ في الأَجْرِ
تَضَاعَفَ ما أسْدُوا مِنَ الخَيْرِ كُلِّهِ / وَمَا أمرُ مَعْرُوفِ المشَاهدِ كالنّكْرِ
فلَوْ حِلْتُمُ مِنْ دُونِهِ لَمْ يَزَلْ لَكُمْ
فلَوْ حِلْتُمُ مِنْ دُونِهِ لَمْ يَزَلْ لَكُمْ / يَدَ الدَّهْرِ عِزٌّ لا يبوخُ ولا يسري
وَلَمْ تَقْعدُوا والدّارُ دُخَانُهَا / يحرَّقُ فيها بالسَّعِيرِ وبالجمرِ
فَلَمْ أَرَ يوماً كانَ أكثرَ ضَيْعَةً / وَأَقْرَبَ منهُ للغِوَايَةِ والنُّكْرِ
فَلاَ وَأَبيكَ ما بينَ وَاسِطٍ
فَلاَ وَأَبيكَ ما بينَ وَاسِطٍ / إلى رُكْنِ سَلْعٍ من عَوانٍ ولا بِكرِ
أَحَبُّ إلى كعبٍ حَدِيثاً وَمَجْلِساً / مِنِ أخْتِ بَنِي النجّارِ لو أَنَّها تَدري
أَلا أَيُّها السّائِلي عَنْ عَشِرَتي
أَلا أَيُّها السّائِلي عَنْ عَشِرَتي / هَلُمَّ إلى أَهْلِ المكارمِ والفَخْرِ
أنا ابنُ مُبَاري الرّيحِ عمرو بنِ عامرٍ / نَمَوْتُ إلى قحطانَ في سَالِفِ الدّهْرِ
نَصَرْنَا رَسُولَ اللهِ إذْ حَلَّ وسْطَنَا / بِبيضِ اليَمَاني والمثقَّفَةِ السُّمرِ
تَمَنَّى كِتَابَ اللهِ أَوَّلَ ليلهِ
تَمَنَّى كِتَابَ اللهِ أَوَّلَ ليلهِ / وآخِرَهُ لاقَى حِمامَ المقادِرِ
أَتَحْسَبُ أولاَدُ اللّقِيطَةِ أنَّنَا
أَتَحْسَبُ أولاَدُ اللّقِيطَةِ أنَّنَا / على الخَيْلِ لَسْنَا مثلَهُمْ في الفوارِسِ
وَأَنَّا أناسٌ لا نَرَى القَتْلَ سُبّةً / ولا نَنْثَني عندَ الرّمَاحِ المدَاعسِ
وأَنَّا لَنُقْري الضّيفَ مِنْ قَمعِ الذُّرا / وَنَضْرِبُ رأْسَ الأبلَخِ المُتَشَاوسِ
نَرُدُّ كُمَاةَ المُعْلَمينَ إذا انتَخوا / بِضَرْبٍ يُسَلّي نخوةَ المُتَقَاعِسِ
بِكُلِّ فَتىً حَامِي الحقيقةِ مَاجِدٍ / كَرِيمٍ كسرْحَانِ الغَضَاةِ مُخالسِ
يَذُودُونَ عَنْ أحْسَابِهِمْ وَتِلاَدِهِمْ / ببيضٍ تَقُدُّ الهَامَ تحتَ القوانِسِ
فَسَائِلْ بَني بَدْرٍ إذا ما لَقِيتَهُمْ / بِمَا فَعَلَ الإخْوانُ يَوْمَ التّمارسِ
إذا مَا خَرَجْتُمْ فاكتُمُوا مَنْ لَقِتُمُ / ولا تكتُمُوا أخبارَكُمْ ي المَجَالِسِ
وقولوا زَلَلْنَا عَنْ مَخَالِبِ خَادِرٍ / بِهِ وَحَرٌ في الصّدْرِ مَا لَمْ يمارسِ
اَبْلِغْ أُبيّاً أنَّهُ فَالَ رَأْيُهُ
اَبْلِغْ أُبيّاً أنَّهُ فَالَ رَأْيُهُ / وَحَانَ غَدَاةَ الشّعْبِ والحَيْنُ واقعُ
أَبَى اللهُ مَا منَّتْكَ نفسُكَ إِنَّهُ / بمِرْصَادِ أَمْرِ النّاسِ رَاءٍ وَسَامِعُ
وأَبْلِغْ أبا سفيانَ أنْ قَدْ بَدا لنا / بأحمدَ نورٌ من هُدَى اللهِ سَاطِعُ
فَلاَ تَرْغَبَنْ في حَشْدِ أَمْرٍ تُرِيدُهُ / وأَلِّبْ وَجَمِّعْ كُلَّ ما أَنْتَ جَامِعُ
وَدُونَكَ فاعْلَمْ أَنَّ نَقْضَ عُهُودِنَا / أَبَاهُ عَلَيْكَ الرّهْطُ حِينَ تتابعوا
أَبَاهُ البَرَاءُ وابنُ عمرٍو كِلاهُمَا / واسْعَدُ يأْبَاهُ عَلَيْكَ وَرَافعُ
وَسَعْدق أَبَاهُ السّاعِديُّ وَمُنْذِرٌ / لأنفِكَ إنْ حَاوَلْتَ ذلكَ جَادِعُ
وَمَا ابْنُ ربيعٍ إنْ تَنَاوَلْتَ عَهْدَهُ / بمُسْلِمِهِ لا يَطْمعَنْ ثَمَّ طَامِعُ
وأيضاً فلا يُعْطِيكَهُ ابنُ رواحَةٍ / وإخفَرُهُ من دونِهِ السُّمُّ ناقعُ
وفاءً به والقوقَليُّ بنُ صامتٍ / بمَنْدُوحَةٍ عَمَّا تُحَاولُ يَافعُ
أَبُو هَيْثَمٍ أيضاً وَفيٌّ بمثلِهَا / وفاءً بمَا أَعْطَى مِنَ العَهْدِ خَانِعُ
وما ابنُ حَضَيْرٍ إنْ أَرَدْتَ بمَطْمَعٍ / فَهَلْ أَنْتَ عَنْ أُحْمُوقَةِ الغَيّ نَازِعُ
وسعدٌ أَخو عمرِو بنُ عوفٍ فإنّهُ / ضَرُوحٌ لِمَا حَاوَلْتَ مِ الأَمْرِ مَانِعُ
أُولاكَ نُجُومٌ لا يغبُّكَ مِنْهُمُ / عليك بِنَجْسٍ في دُجَى اللّيلِ طَالِعُ
أَلا هَلْ أتى غَسّانَ عنّا ودونَهُمْ
أَلا هَلْ أتى غَسّانَ عنّا ودونَهُمْ / مِنَ الأَرضِ خَرْقٌ سَيْرُهُ مُتَنعْنِعُ
صَحَارٍ وأَعلامٌ كأنَّ قَتَامَهَا / مِنَ البُعدِ نَقْعٌ هَامِدٌ مُتَقطّعُ
تَظَلُّ بهِ البُزْلُ العَرَامِيسُ رُزَّحاً / ويَخْلُو بهِ غَيْثُ السّنينَ فَيُمْرِعُ
بِهِ جِيَفُ الحَسْري يَلُوحُ صَلِيبُهَا / كما لاَحَ كتّانُ التِّجَارِ الموَضَّعُ
بهِ العِينُ والآرَامُ يَمْشِينَ خِلْفةً / وَبَيْضُ نَعَامٍ قَيْضُه يَتَقَلَّعُ
مُجالدَنَا عَنْ دِينِنَا كُلُّ فَخْمَةٍ / مُذَرَّبةٍ فيها القَوَانِسُ تَلْمَعُ
وكلُّ صَمُوتٍ في الصّوانِ كأَنَّها / إذا لُبِسَتْ نَهيٌّ من الماءِ مُتْرَعُ
ولكنْ بِبَدْرٍ سَائِلوا مَنْ لَقِيتُمُ / مِنَ النّاسِ والأنبَاءُ بالغَيْبِ تَنْفَعُ
وإنّا بِأَرْضِ الخَوفِ لَو كَانَ أهْلُهَا / سِوَانَا لقد أَجْلُوا بِلَيْلٍ فأقشَعُوا
إذا جَاءَ منّا رَاكبٌ كانَ قولُهُ / أَعِدّوا لِما يُزْجي ابنُ حرْبٍ ويجمعُ
فَمَهْمَا يُهِمُّ النّاسَ ممّا يكيدُنَا / فَنَحْنُ لَهُ من سَائِرِ النّاس أوسعُ
فلو غيرُنَا كَانَتْ جيمعاً تَكِيدُهُ / البريّةُ قد أَعْطَوْا يداً وَتَوَرَّعُوا
نُجَالِدُ لا تبقى عَلَيْنَا قَبِيلَةٌ / من النّاسِ إلاّ أَنْ يَهابوا ويفظعوا
ولمّا ابتَنَوا بالعِرْضِ قَالَ سَرَاتُنَا / عَلاَمَ إذا لَمْ نمنَعِ العِرْضَ نزرَعُ
وَفِينَا رسولُ اللهِ نَتْبَعُ أمْرَهُ / إذا قالَ فِينَا القولَ لا نَتَطَلَّعُ
تَدَلَّى عليهِ الرّوحُ مِنْ عند ربّهِ / يُنزَّلُ من جوِّ السماءِ ويُرفَعُ
وقالَ رَسُولُ اللهِ لَمّا بَدَوا لنا / إذا مَا اشْتَهَى أَنّا نُطِيعُ ونسْمعُ
وكُونُوا كَمَنْ يَشْرِي الحياةَ تَقرّباً / إلى ملِكٍ يُحيَا لَدَيْهِ ويُرجَعُ
ولكنْ خُذوا أَسْيَافَكُمْ وَتَوَكَّلُوا / على اللهِ إنَّ الأمْرَ للهِ أجمعُ
فَسِرْنَا إليهِمْ جَهْرَةً في رِحالِهِمْ / ضُحيّاً عَلَيْنَا البيضُ لا نتخشَّعُ
بمَلْمُومَةٍ فيها السَّنَوَّرُ والقَنَا / إذا ضَرَبُوا أَقْدَامَها لا تورّعُ
فجئنَا إلى هَوجٍ من البحرِ وَسْطَهُ / أحابيشُ منهمْ حَاسِرٌ ومقنّعُ
ثلاثةُ آلافٍ وَنَحْنُ نَصِيَّةٌ / ثَلاَثُ مِئينٍ إنْ كَثُرْنَا وأَرْبعُ
نُغَوِرُهُم تجري المنيّةُ بَيْنَنَا / نُشارِعُهُمْ حوضَ المَنَايا ونَشْرَعُ
تَهَادَى قِسِيُّ النبعِ فينا وفيهِمُ / وَمَا هو إلاَّ اليَثْرِبيُّ المُقَطَّعُ
ومَنْجُوفةٌ جِرْمِيَّةٌ صَاعِديَّةٌ / يُذَرُّ عليها السّمُّ سَاعةَ تَصْنَعُ
تَصُوبُ بأَبْدَانِ الرّجَالِ وَتَارَةً / تمرُّ بأَعراضِ البَصَارِ تَقَعْقَعُ
وَخَيْلٌ تَرَاها بالفَضَاءِ كأَنَّها / جَراُ صَباً في قَرَّةٍ يتريَّعُ
فلمّا تَلاَقَيْنَا وَدَارَتْ بنَا الرَّحى / وليسَ لأمرٍ حَمَّهُ اللهُ مَدفَعُ
ضَرَبْنَاهُمُ حتّى تَرَكْنَا سَراتَهُمْ / كأَنَّهُمُ بالقَاعِ خُشْبٌ مُصرّعُ
لَدُنْ غُدوةً حتّى استَفَقْنَا عشيّةً / كأنّ ذَكَانَا حَرُّ نَارٍ تلفَّعُ
وَرَاحُوا سِرَاعاً مُوجِفِينَ كأَنَّهُمْ / جَهامٌ هَرَاقتْ ماءَه الرّيحْ مُقْلعُ
وَرُحْنَا وأُخْرَانَا بِطَاءٌ كأنَّنَا / أُسُودٌ على لَحْمٍ بِبِيشةَ ظُلَّعُ
فَنِلْنا وَنَالَ القَوْمُ مِنَّا وربَّما / فَعَلْنَا ولكنْ ما لَدَى اللِ أوسعُ
ودارتْ رَحَانَا واستَدَارَتْ رَحَاهُمُ / وَقَدْ جَعَلُوا كُلٌّ مِنَ الشَّرِّ يَشْبَعُ
وَنَحْنُ أُناس لا نَرَى القَتْلَ سُبّةً / عَلَى كُلِّ من يحمي الذِّمارَ ويمنَعُ
ولكنَّنَا نَقْلِي الفَرارَ ولا نرى الْ / فَرارَ لِمَنْ يرجُو العَوَاقبَ يَنْفَعُ
جِلادٌ على رَيْبِ الحَوَادِثِ لا تَرَى / عَلَى هَالِكٍ عَيْناً لَنَا الدّهرَ تَدْمَعُ
بَنُو الحربِ لا نَعيَا بِشَيء نَقُولُهُ / ولا نَحْنُ مِمّا جَرَّتِ الحَرْبُ نجزَعُ
بَنُو الحَرْبِ إنْ نظفرْ فَلَسْنَا بفُحَّشِ / ولا نَحْنُ مِمّا جَرَّتِ الحَرْبُ نجزَعُ
بَنُو الحَرْبِ إنْ نظفرْ فَلَسْنَا بفُحَّشِ / ولا نَحْنُ مِنْ أَظْفَارِهَا نَتَوَجَّعُ
وكنّا شِهَاباً يتّقي النّاسُ حَرَّهُ / ويَفرُجُ عَنْهُ من يَليهِ يُسْفَعُ
فَخَرْتَ عليَّ ابنَ الزّبَعْري قد سَرَى / لَكُمْ طَلَبٌ من آخرِ اللّيلِ مُتْبعُ
فَسَلْ عَنْكَ في عُلْيَا مَعَدٍّ وغيرهَا / من النّاسِ مَنْ أخزى مُقَاماً وأشنعُ
وَمَنْ هُو لَمْ تَتْرُكْ لَهُ الحَرْبُ مَفْخَراً / وَمَنْ خدُّهُ يومَ الكَرِيهَةِ أضرعُ
شَدَدْنَا بِحَوْلِ اللهِ والنّصْرِ شَدَّةً / عَلَيْكُمْ وأطرافُ الأَسِنَّةِ شُرَّعُ
تَكُرُّ القَنَا فيكُمْ كأنَّ فُروغَهَا / عَزالْ مَزَادٍ ماؤُهَا يَتَهزَّعُ
عَمَدْنَا إلى أهْلِ اللّواءِ وَمَنْ يَطِرْ / بِذِكْرِ اللّواءِ فهوَ في الحَمْدِ أسْرَعُ
فَخَانُوا وَقَدْ أَعْطُوا يداً وَتَخَاذَلُوا / أبى اللهُ إلاّ أمرَهُ وَهْوَ أصْنعُ
لقد علمَ الأحْزَابُ حِينَ تألّبُوا
لقد علمَ الأحْزَابُ حِينَ تألّبُوا / عَلَيْنَا وَرَامُوا دِينَنَا ما نُوادِعُ
أَضَامِيمُ مِنْ قيسِ بنِ عيلانَ أَصْفَقَتْ / وخِندِفَ لم يَدْرُوا بما هُوَ وَاقِعُ
يَذُودُونَنَا عَنْ دِينِنَا وَنَذُودُهُمْ / عَنِ الكُفْرِ والرّحْمنُ رَاءٍ وسَامِعُ
إِذَا غَايَظُونَا في مُقَامٍ أَعَانَنَا / على غَيْظهِمْ نَصْرٌ من اللهِ واسِعُ
وذَلِكَ حِفظُ اللهِ فِينَا وفَضْلُهُ / عَلَيْنَا وَمَنْ لم يَحْفَظِ اللهُ ضَائِعُ
هَدَانا لِدِينِ الحقِّ واختَارَهُ لَنَا / وللهِ فوقَ الصّانِعينَ صَنَائعُ
إذا ما كَنَفْنا هَوْلَها جاءَ هَوْلُها
إذا ما كَنَفْنا هَوْلَها جاءَ هَوْلُها / وَبِاللهِ نَدْرِي كَيْدَهُمْ ونَدافِعُ
وَلمّا رأيتُ الوُدَّ ليسَ بنافِعي
وَلمّا رأيتُ الوُدَّ ليسَ بنافِعي / لَدَيْهِ ولا رَاثٍ لِحَالَةِ مُوجَعِ
زَجَرْتُ الهَوَى إنّي أمرؤٌ لا يقودُني / هَوَايَ ولا رأيٌ إلى غَيْرِ مَطمَعِ