المجموع : 14
عجبت لمفتون يخلف بعده
عجبت لمفتون يخلف بعده / لوارثه ما كان يجمع من كسبِ
حووا ما له ثم استهلوا لقبره / ببادي بكاء تحته ضحِكُ القلب
أيا دمع إن لم ينجد الصبر أنجد
أيا دمع إن لم ينجد الصبر أنجد / ويا شوق ألحق غائرين بمنجد
ويا حاديي أظعانها إن نويتما / نوى فقفا لي وقفة المتردد
فلي مهجة لم تنبتر وتكاد أن / ولي نَفَس لم ينقطع وكأن قدِ
وزوراء من كافي الكفاة على النوى / وضعت لها يمناي في فم أسود
وعيد كصنع النار في يابس الغضى / شددت على الأحشاء من خوفه يدي
وظلت بصبح اليوم منه مهابة / وبت له رعباً بليلة أنقَد
أرى كل ممدود عليّ حبالة / وكلَّ خيال قاعداً لي بمرصد
واحسب زِرّي قابضاً بمخنقي / ومحمل سيفي آخذاً بمقلدي
أحُول حذار الظل رعباً وأحتمي / من الماء إلا أن يرنّق مَوردي
وأتّهم الظلماء أن لا تُجنَّني / وأمقُت ضوء البدر خيفة مهتدٍ
وأشرَق بالماء القراح على الصدى / وذاك لِما خُبرتُ أنك مُوعدي
أحاذر كيداً منك طلاب أنجم / وأرقب رأياً منك طلاع أنجد
وكنت امرأً لا يأتلي الخير فاعلاً / ومهما تعد بالشر تحصد وتخضد
أكافي الكُفاة استبقِ مني ومن دمي / حُشاشة مجد في البلاد مشرَّدِ
أفي موجب الفضل الذي أنت أهله / توعّد مثلي أم قضية سودد
أبعد مقاماتي لديك وهجرتي / إليك وإنفاقي طريفي ومُتلَدي
وجوَّابةٍ للأفق فيك طردتها / غدت بين منثور وبين مقصَّد
وقفتُ بها استطلع الرأي منشداً / وقلت وأعلى اللّه قولَك جوِّدِ
فأين زماني بالخِوان حضرته / وأين إلى الباب الرفيع ترددي
ومالي وأبواب الرجا فيك جمة / وقفتُ بباب من رجائك مُوصَد
ولا باعُ آمالي إليك بقاصر / ولا وجه أعمالي لديك بأسود
فماذا عسى الواشون خاضوا على دمي / ومن أي وجه ثار لي أيُّ مؤْيِد
وأيّة نار شبَّها أيُّ مُوقد / وأي عظيم هاج مِن أيّما دَدِ
فإن كنت حقاً موعدي بكريهة / فرأيك في تعجيل يوميَ عن غدي
وإن تنو تحريكاً وتهذيب جانب / فقد صك ذرعي وقد فتَّ في يدي
حنانَيْكَ من ظن لمولاك جائر / ولبيك من رأى على العبد معتد
ولم تُمضها في مُخلص الودّ نية / يروج إليه الموت منها ويغتدي
ولا أنا إلا في ولائك محتَبٍ / ولا أنا إلا بالهوى لك مرتد
وعذري عند اللّه فيك ممهد / وإن كان عند الناس غير ممهد
وعقد ولائي في ذراك مؤكد / وإن لم يكن عقد المنى بمؤكد
ولست لأني واجد منك مهرباً / أحُث ركابي فَدْفَداً بعد فدفد
ولكن سأبلي العذر في كل حالة / بشكرك في يومَيْ مغيبي ومشهدي
فتبدي لك الأيام ما أنا عنده / ويأتيك بالأخبار من لم تزوّدِ
سقى اللّه نجداً كلما ذكروا نجداً
سقى اللّه نجداً كلما ذكروا نجداً / وقَلَّ لنجد أن أهيم به وَجْدا
طربتُ وهاجتني شمالٌ بَليلةٌ / وجَدت لمسراها على كبدي بَردا
ويا حبذا نجد وبَرد أصيله / وعيشاً تركناه بساحته رغْدا
لياليَ شملي بالأحبة جامعٌ / وإذ غصنيَ الريانُ لا يسع الجلدا
لَعمر ظباءٍ بالعقيق أوانسٍ / لقد صدن مني باللوى أسداً وَردا
ولو لم يُساقطن الحديث كأنما / يشعشعن بالخمر المعتقة الشهدا
منعت فؤادي أن يباح له حمى / وصنت دموعي أن أفض لها عقدا
وعزم إذا خيمت سافر وحده / شققت به لِليل عن منكبي بُردا
فطمت عليه العزم قبل رضاعه / إليه وأعملت المسوَّمة الجردا
ولا غَرَرٌ إلا شمِمْتُ له يداً / ولا خطر إلا قدحت له زندا
ولا قفرة إلا وأمسيت صِلَّها / ولا حَضَرٌ إلا وظلْتُ له وَفْدا
كحلت بهمّي عين كل كريهة / إليها تخطّيت الأساوِدَ والأُسدا
بهمة مستحْلٍ من المجد مُرة / وعزمة مستدنٍ من الشرف البُعدا
وطئت بها بُسْط الملوك مبجلاً / وما وصلَت لي منهم رَحمٌ عهدا
وأصبحت للباب المحجب والجاً / ويُوسَعُ غيري أن يمرَّ به طردا
ولست بهياب إذا لم تطل يد / تميمته ذم الزمانَ أو الْجَدا
أبى اللّه لي دار الهوان وهمة / موكَّلة والواخدات بنا وخدا
غدا الدهر مني حالياً بمفاخر / ورحت كنصل السيف يحملني فردا
وقد علم الأقوام أن شريعتي / من المجد لم تسهل على أحد وِردا
ولست فتى إن شمت برق سحابة / لغير كريم أو سمعت لها رعدا
متى أتتِ الشيخ الجليل مطيتي / فقدت يدي إن لم أقدَّ لها جلدا
تزر ملكاً يعطي الجزيل إذا صحا / ويضرب هاماتِ الملوك إذا شدَّا
يُحكّم إلا في محارمه الندا / ويُعمل إلا في مكارمه القصدا
ألم ترني قيدت في طوس عزمتي / ولولاه ما كانت على كبدي تندى
وكنت امرأ لا أرتضي المجد خادماً / ذهاباً بنفسي فاتسمت له عبدا
قصدناك لا إن الضلال أجارنا / ولكننا جرنا لنلقاكُم عمدا
فلا أملي أعيا ولا صارمي نبا / ولا منزعي أشوى ولا مطلبي أكدى
فلو كنت غيثاً لم يشم برق خلب / ولو كنت بحراً لم يزل أبداً مَدّا
أملء فمي فخراً ووسع يدي ندا / وحسب المنى منا وقدر الْجَدا جَدّا
أعرني يداً تهمي دنانير في الندا / كما تنثر الأغصان يوم الصبا وَرْدا
أُعرك ثناء لا تغُبّ وفوده / كما تنشر الأمطار فوق الربى بردا
وأُلبسك مدحاً لا يعاد فُريده / كما ينفح الند الذكي إذا ندا
تعيد المساعي غضة بعد يبسها / وشِيب المعاني بعد كبرتها مردا
هلمَّ العطايا فاللُّهى تفتح اللَّها / وسح الندا يستنجز الخاطرَ الوعدا
جلبت إليك المدح مغلىً بسومه / أرغبةَ مبتاع لمدحيَ أم زهدا
أشِم مِدَحي كفا بها تَبتني العلى / ولا تُعْدني رأياً به تَعمر المجدا
فما العمر إلا ما اقتنى لك ذكرة / وما المال إلا ما اشتريت به الحمدا
وما دولة أنت المدبر أمرها / بمَنْشَب ظفر ما بقيت لها سَدّا
شماسة قلب ليس يألف طائره
شماسة قلب ليس يألف طائره / وعازب لُب أول الحب آخرُهْ
ورئْم أبت ألحاظه أن تُغبَّني / وُفودَ الهوى أو يبرحَ الصدرَ خاطرهْ
بساحر ما ضمت عليه جفونه / وريانِ ما التفّت عليه مآزره
وأبيضِ ما تحت الصِّدار لَوَانه / تجرد لاحت للعيون سرائره
فيا قلب هذا العشق حقاً وهذه / موارده حتى تبين مصادره
فلا الانس مردود إليك شريده / ولا النوم معطوف عليك أواصره
ويا دمع أدركني إن الصبر خانني / بنصرك والمخذول من أنت ناصره
ويا برحاء الشوق رفقاً بمهجتي / هي المجد معقوداً عليه خناصره
ألا إن تحت الشوق مني لماجداً / يجاذب فيه منجد الشوق غائره
وما حال صب بالعراق فؤاده / أسير وثاو في خراسان سائره
على أن في قرب الأمير وبسطه / لنا عوضاً لا يخلف الظن ماطره
ألم تر أن الملك قر قراره / إذا زينت باسم الأمير منابره
ودون حجاب الملك منذ تمكنت / أسرته من أرضه وستائره
سحاب ولكن الدنانير صوبه / وليث ولكن الملوك عقائره
وأبلج كالصبح الأغر جبينه / ضياء وكالليل البهيم عساكره
تذل له الأقدار وهي جنوده / وتخدمه الأيام وهي عشائره
يموج به في الحرب صاف أديمه / حفوز لِهامات الملوك حوافره
مقيم سرير الملك حاضر تاجه / وخاتمه غازي الغريم مسافره
تَزايل أركانُ العدى عند بأسه / وتعضَب أنياب الردى وأظافره
ألم تر غرشستان كيف تغورت / معاقلها لما انتحتها بصائره
طلبت بها ثار الإله ودينه / فما فات والشيخ الموفق بائره
ونبئت يا نهلان أن عصابة / يخالف فيهم باطن القلب ظاهره
أتوك وراموا أن يهزك بغيهم / على شرفي والبغي مر مصائره
حنانيك حسادي كثير كما ترى / ومن حسنت عيناه تكثر ضرائره
ومن حل من علياك حيث تُحِلني / تصدى له قاصي المحل وقاصره
أنا العبد لا يأبى عليك ولاؤه / خلوصاً ولا تخطو ذراك مفاخره
أليلتنا بين العتابين والعذرِ
أليلتنا بين العتابين والعذرِ / أليلة عذر كنت أم بيضة العقر
نعمنا وبتنا بين فاطمتي هوى / كتوأم لَوْز بين مِلحفتي قشر
نصعد أنفاساً نقطع أنفساً / إذا علت ارتدت إلى ثُغَر النحر
ولما انتظمنا بين ضم وخلوة / رأى اللّه شفعاً كان أوحد من وتر
خرقنا لها حجب البراقع والفرى / جميعاً وأسبلنا ستائر من صبر
ولما حبانا الصبح برد نسيمه / تحيز عن حجري ودمعته تجري
فقلت له يا قرة العين ما لنا / تباشير فجر ما بدا لك أم هجر
ومن يصحب الأيام يشرب سلافها / ويشرق بها إن الخمار من الخمر
وشاردةٍ إن أكثبت فجديرة / وإلا فقد أبليت في طلبي عذري
وكنت إذا ما الليل ماج ظلامه / جعلت على تياره حسرتي جسري
بمشرفة كالطود دائمة السرى / كأني على الشعرى بها أو على شعري
كأن الفلا صدري كأني وناقتي / خيال به تسري كأن الدجى فقري
كأني على قصر بها وكأنها / إذا وخدت تحتي على كنَفي صقر
وقد عجبت شم الهضاب فما درت / أبالعيس نسري أم بأجنحة النَّسر
هو السير دأباً أو تبلغنا النوى / حمى ذمة الشيخ الجليل أبي نصر
إذا بلغت باب الوزير ركابنا / فلا وطئت أرض الخصيب ولا مصر
أقيسُ أبا نصر بأيٍّ أقيسه / أبالبحر أم بالدهر أم بسنا الفجر
نعم يا وزير المشرقين ملكتني / فرأيك في أن لا تبيع بلا سعر
طويت للقياك الملوك وإنما / طويتهم منهم ومنك على خبر
ولولا اشتعال النار في يابس الغضا / لقلت وهبني لا أقول ولا أدري
أيا رب أندى فرعه المجد فارعه / ولا تخل ذاك الصدر من ذلك الصدر
ألم ترني فارقت قيسي وخِنْدِفي
ألم ترني فارقت قيسي وخِنْدِفي / وما المرء إلا حيث حلت عشائره
وقد علمت أم الفوارس أنني / أبوها إذا لم يرضني من أجاوره
وفارقت أرض الديلمي وإنها / لأرضي ولكن فاز بالشيء قامره
ووافيت دار الأعجمي وجزتها / وإن يك قد دارت علي دوائره
فكنت كأن اللّه يرصدني بها / فلما قطعت الباب قطع دابره
وما أنس لا أنس الرباط وليلة / وهمّاً من الآمال بت أسامره
وقوليَ للأصل الذي أنا فرعه / وقد بزه برد التجمل قاشره
لَعَا لا يرعك الهم يا عم إنه / وإن كان مر الحال حلو مصائره
وفي خلف إن ألحقتنا يدالمني / لنا خلف لا يخلف الظن ماطره
فلما وردنا موسم الملك أقبلت / وفود الغنى واستقبلتنا بوادره
ولما انجلى بدر الدجى من جبينه / أعرنا الثرى حُر الوجوه تعافره
جلبنا إليه الفضل وهو أميره / وبعنا عليه بَزّه وهو تاجره
وبحت فقال الناس من ذا وقال من / أجابهم عبد الأمير وشاعره
ولاحت لنا منه عيوب كثيرة / ولا عيب فيه غير ما أنا ذاكره
ولادته في عالم دون قدره / وفي زمن مثل اسمه لا يقادره
وآخر أنا إن أردنا مديحه / تقضى القوافي وهو باق مفاخره
وآخر أن لا عيب فيه لناظر / تردّ به عين الكمال وناظره
وما ملك إلا يؤدي خراجه / إليه على رغم ونحن نصادره
مقابلنا عند اللقاء هو الذي / إذا لحَظَ الجبارَ شقت مرائره
ولي خادم فوق الخِوان هو الذي / تمر به الأقدار وهي تحاذره
يد اللّه في تلك المحاسن إنه / على كل حال طيب العرض طاهره
هناك عطاياه وثم انتقامه / وتلك خفاياه وهذي ظواهره
أيا جابر العظم المهيض لقاؤه / ولا يُجبر العظمُ الذي هو كاسره
أتأمر لي ببدرة كل نظرة / إلى الشغل باستيفاء ما أنت آمره
فإن يك بحر أغرق الناسَ ماؤه / فإنك بحر أغرقتني جواهره
ولي صاحب لما أتاني كتابه
ولي صاحب لما أتاني كتابه / نثرت على عنوانه قبلي نثرا
سرقت له شعراً ولو وصلت يدي / سرقت له الشعرى ولم أسرق الشعرا
أبا الفضل لا تشدد يديك على بطي
أبا الفضل لا تشدد يديك على بطي / ولا تك من لفظي وخطيَ في خطِّ
ولا تستزدني إن أتتك ملامتي / تنبّيك عن بطي وأنت على الشط
ليهنك عهد لا يضاع وإن نأت
ليهنك عهد لا يضاع وإن نأت / نواك وسر لا يذاع فيسمعُ
وأجفان عين لا ترى الشمس غيره / إذا هي من تلقاء أرضك تطلع
أؤمل أن ألقاك لو أجْدت المنى / وأزجر فيك الطير لو كان ينفع
يذكرنيك البدر ليلة تمه / وواللّه ما أنساك لو كان يرجع
سأسكت حتى يجمع اللّه بيننا / فإن نجتمع أفشيت ما أنا مودع
وإن تُدِل الأيام لي من يد النوى / بثثتك أمراً دونه أتقطعُ
لك الخير من طيف على النأي طارقِ
لك الخير من طيف على النأي طارقِ / ثَوَى ريْثَما ولّى ولا لمع بارِق
سبى ما جنى من وصله بصدوده / رجاء ووصلاً من تلافي مفارق
ألمّ بنا والليل في درع ثاكل / لِواحدِها والنجم في لون عاشق
فثرنا إلى الأكوار والعيس نوَم / تؤُمَ بنا أقصى بلاد المشارق
نهاجر دار العامرية والحمى / إلى أرض غزلان الظُّبى والمناطق
أبادية الأعراب أهلَكِ إنني / ببادية الأتراك نيطت علائقي
وأرضَك يا نجل العيون فإنني / فتنت بذاك الفاتر المتضايق
خليلَي واهاً لليالي وصرفها / لقسد ثقَّفَتْ إلا كعوب خلائقي
ألم ترني بعد النُّهى وبلوغها / رجعت لأوطار الشباب الغرانق
إذا سجع القُمريّ راسلت لحنه / بإيقاع دمع للغناء موافق
حياء لأحلامي لِصِيتي لهمتي / لعزمي لتحريدي لهدي المفارق
ألم يك في خمس وعشرين حجة / تسنَّمتها هاد لمُثلى الطرائق
وليل كذكراه كمعناه كاسمه / كدِين ابن عبَّاد كادبار فائق
شققنا بأيدي العيس برد فلاته / وبتنا على وعد من الصبح صادق
تزجّ بن الأسفار في كل شاهق / أنا كُرة في ظهره غير لائق
كأن مطايانا شفار كأنما / تمد إليهن الفلا كف سارق
كأن الفلا في خندق من ظلامه / دجى والدجى من أُفقه في سرادق
كأن نجوم الليل نظارة لنا / تعجب من آمالنا والعوائق
كأن نسيم الصبح فرصة آيس / كأن سراب القيظ خجلة وامق
كأن هدير الرعد ضجة ناشز / شكت من وميض البرق ضربة فالق
كأن سماء الدّجن لولا انقشاعها / يَدَا خلَفٍ عند الندا والصواعق
لعمري لئن منّ الوزير فإنما / يمن على عبد بنعماه ناطق
إذا اقتضت منه خراسان لفظة / أماطت نساء العرب در المخانق
يلح على شوس القوافي وصيدها / فيلبسها ماء المعاني الدقائق
أبعد وزير المشرقين أزفها / على مِلك رُدّت إذنْ في حمالقي
سماء الدجى ما هذه الحدق النجل
سماء الدجى ما هذه الحدق النجل / أصدر الدجى حالٍ وجيد الضحى عُطل
لك اللّه من عزم أجوب جيوبه / كأني في أجفان عين الردى كحل
كأن الدجى نقع وفي الجو حرمة / كواكبها جند طوائرها رسل
كأن مطايانا سماء كأننا / نجوم على أقتابها برجها الرحل
كأن القُرى سكْرى ولا سكر بالقرى / كأن الربا ثكلى وما بالربا ثكل
كأن السرى ساقٍ كأن الكرى طلا / كأنا لها شرب كان المنى نقل
كأن الفلا نادٍ به الجن فتية / عليه الثرى فرش حشيته الرمل
كأن الربا كُوم كأن هزالها / لكثرة ما يغتالها الخف والنعل
كأن الذي تنفى الحوافر في الثرى / خطوطٌ مساميرُ النعال لها شكل
كأنا جياع والمطيّ لنا فم / كأن الفلا زاد كأن السرى أكل
كأن بصدر العيس حقداً على الثرى / فمن يدها خبط ومن رجلها نكل
كأن ينابيع الثرى ثدي مرضع / وفي حجرها مني ومن ناقتي طفل
كأنا على أُرجوحة من مسيرنا / لغورٍ بها نهوي ونجدٍ بها نعلو
كأنا على سير السواني مسافة / لمجهلة تمضي ومجهلة تتلو
كأن الدجى جفن كأن نجومه / على ظهره حليٌ كأنا له نصل
كأن بني غبراء حين لقيتهم / ذئاب كأني بين أنيابهم سخل
كأن أبانا أودع الملك الذي / قصدناه كنزاً لم يسَع ردَّه مطل
كأن يدي في الطرس غواص لجة / بها كلمي درّ به قيمتي تغلو
كأن فمي قوس لساني له يد / مديحي له نزع به أملي نبل
كأن دواتي مطفِل حبشية / بناني لها بعل ونفسي لها نسل
كان بنيها عكس أبناء عصرنا / فإن يُرضَعوا يبكوا وإن يفْطموا يسلو
وإن ضربت أعناقهم عاش ميتهم / فقتلهم أن لا يعمهم القتل
كأن ألهمت فضل الذي باسمه جرت / فسارت وما غير الرؤوس لها رجل
كأن الأمير اختصها فاعتلت به / معارجُ أسبابُ السماء لها سفل
وإلا فما بالُ الملوك نراهمُ / عبيد قناة لا تمر ولا تحلو
ألا عَتَبَتْ جُمْل وبيني وبينها / من البيد عذرٌ لو به علمت جمل
تعجب من شكواي دهري كأنني / شَكوت لما لم يشكه الناس من قبل
يذكرني قرب العراق وديعة / لدى اللّه لا يسليه مال ولا أهل
حنته النوى عني وأضنته غَيبتي / وعهدي به كالليث جؤجؤه عبل
إذا ورد الحجاج لاقى رفاقَهم / بفوَّارتي دمع هما السجل والنجل
يسائلهم أين ابنه كيف حاله / إلامَ انتهى لِمْ لَمْ يَعُد هل له شغل
أضاقت به حال أطالت له يد / أأخّره نقص أقَدَّمه فضل
أفيصوا عن الفرع الذي أنا أصله / وما بال فرع ليس يحضره الأصل
يقولون وافى حضرة الملك الذي / له الكنف المأمول والنائل الجزل
فَقِيدَ له طِرف وحُلّت له حبى / وخِير له قصر ودرَّ له نزْل
وفاضت عليه مطرة خلفية / بها للغوادي عن ولايتها عزل
يذكرهم باللّه ألاّ صدقتم / لديّ أجدُّ ما تقولون أم هزل
فدى لك ما أبناء دهرك من غدا / ولا قوله علم ولا فعله عدل
طوينا للقياك الملوك وإنما / بمثلك عن أمثالهم مثلنا يسلو
ولما بلوناكم تلونا مديحكم / فيا طيب ما نبلو ويا صدق ما نتلو
ويا ملكاً أدنى مناقبه العلى / وأيسر ما فيه السماحة والبذل
هو البدر إلا أنه البحر زاخراً / سوى أنه الضرغام لكنه وبل
محاسن يبديها العيان كما ترى / وإن نحن حدثنا بها دفع العقل
فقولا لِوَسّام المكارم باسمه / ليهنك إذ لم تبقِ مكرمة غفل
وجاراكَ أفراد الملوك إلى العلى / فحقاً لقد أعجزتهم ولك الخصل
سما بك من عمرو بن يعقوب محتد / كذا الأصل مفخوراً به وكذا النسل
لَعَمر المعالي إن مطلبها سهلُ
لَعَمر المعالي إن مطلبها سهلُ / سوى أنها دار وليس لها أهل
حنانيك من حر ألمَّ بمعشر / هم الشاء رِسل ما أدرّت ولا رسل
فحاول أن يستل بالشعر ما لهم / وذلك ما لم يفعل اليد والفعل
شكا الْجَدَّ والأيام إذ لم تُواته / فلم يشك إلا ما شكا الناس من قبل
عزاء ففي هذي الخطوب لنا يد / وصبراً ففي هذا القطيع لنا سخل
ألم تدر أن الجود والمجد والنهى / أمان متى تحلم بها وجب الغسل
ألا لا يغرنك الحسين وَجودُه / فترجوَ قوماً ليس في كأسهم فضل
فما كل وقت مثله أنت واجد / ولا كل أرض للحسين بها مثل
أعيذك أن تلقى الورى في لباسه / وفي شكله يا بعد ما يقع الشكل
فما كل جنس تحته النوع داخل / ولا كل ما أبصرت من شجر نخل
ولن تفعل الأقوام مثل فَعاله / ولا سائر الذبان ما تفعل النحل
وما جلّ هذا الناس إن تبلهم أبو / عليّ حسين أو أبو طيب سهل
أيا ناقةً بلّغتِنيه محرّم / عليك السرى لا بل على ظهركِ الرحل
ألا يهنىء الشيخ الموفق إنه / فتاه ولولا الفرع ما شرف الأصل
تشابهتما فضلاً ومجداً فلم يبن / أألأصل أزكى في القياس أم النسل
كذا الدهر يقضي في عداهم وفيهم / بنجم لهم يهوي ونجم لهم يعلو
وأحور ساجي الطرف أغرى بي الضنى
وأحور ساجي الطرف أغرى بي الضنى / وقصر نومي في ليال أطالها
دنا فسألناه أما لك من فم / فقال نعمْ قلنا فأينَ فقال ها
أقول لإحدى المعضلات العظائم
أقول لإحدى المعضلات العظائم / وبالود أني قاعد غير قائمِ
أُعزيك لا فعل اختيار ولا رضى / ولكن على رغمي ورغم المكارم
ألا بَكَّر الناعي بأن أجحف الردى / بأخضر مما أنبت المجدُ ناعم
ووافق يوم المهرجان نَعِيُّه / لنا فزجرنا فيه طير الأشائم
فلا جَرَم اعتضنا من الخز حزنه / وسرنا حفاة حُسّراً في المآتم
على هيّن من نفس من سار صاغرٍ / ومجتدع من أنف من ساد راغم
فإن ترعني سمع القبول فإنني / أُعزى فلا أهدا لصيحة خادم
وإن كنت فيما ناب من حادث الردى / أقلَّ مصاباً منك يا نقص ماتم
تأمل من الدنيا القليل متاعها / وما نحن فيه غير أحلام حالم
وفكِّر رويداً هل يعدون سالماً / إلى آدم أم هل يرون ابن سالم
فإن كنت مخصوصاً فحق لك الأسى / وإلا فلا ترفض جميل العزائم
فنحن لما أفضى إليه بموعد / وريش الذُّنابي تابع للقوادم