القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : بَديع الزَّمان الهَمَذاني الكل
المجموع : 14
عجبت لمفتون يخلف بعده
عجبت لمفتون يخلف بعده / لوارثه ما كان يجمع من كسبِ
حووا ما له ثم استهلوا لقبره / ببادي بكاء تحته ضحِكُ القلب
أيا دمع إن لم ينجد الصبر أنجد
أيا دمع إن لم ينجد الصبر أنجد / ويا شوق ألحق غائرين بمنجد
ويا حاديي أظعانها إن نويتما / نوى فقفا لي وقفة المتردد
فلي مهجة لم تنبتر وتكاد أن / ولي نَفَس لم ينقطع وكأن قدِ
وزوراء من كافي الكفاة على النوى / وضعت لها يمناي في فم أسود
وعيد كصنع النار في يابس الغضى / شددت على الأحشاء من خوفه يدي
وظلت بصبح اليوم منه مهابة / وبت له رعباً بليلة أنقَد
أرى كل ممدود عليّ حبالة / وكلَّ خيال قاعداً لي بمرصد
واحسب زِرّي قابضاً بمخنقي / ومحمل سيفي آخذاً بمقلدي
أحُول حذار الظل رعباً وأحتمي / من الماء إلا أن يرنّق مَوردي
وأتّهم الظلماء أن لا تُجنَّني / وأمقُت ضوء البدر خيفة مهتدٍ
وأشرَق بالماء القراح على الصدى / وذاك لِما خُبرتُ أنك مُوعدي
أحاذر كيداً منك طلاب أنجم / وأرقب رأياً منك طلاع أنجد
وكنت امرأً لا يأتلي الخير فاعلاً / ومهما تعد بالشر تحصد وتخضد
أكافي الكُفاة استبقِ مني ومن دمي / حُشاشة مجد في البلاد مشرَّدِ
أفي موجب الفضل الذي أنت أهله / توعّد مثلي أم قضية سودد
أبعد مقاماتي لديك وهجرتي / إليك وإنفاقي طريفي ومُتلَدي
وجوَّابةٍ للأفق فيك طردتها / غدت بين منثور وبين مقصَّد
وقفتُ بها استطلع الرأي منشداً / وقلت وأعلى اللّه قولَك جوِّدِ
فأين زماني بالخِوان حضرته / وأين إلى الباب الرفيع ترددي
ومالي وأبواب الرجا فيك جمة / وقفتُ بباب من رجائك مُوصَد
ولا باعُ آمالي إليك بقاصر / ولا وجه أعمالي لديك بأسود
فماذا عسى الواشون خاضوا على دمي / ومن أي وجه ثار لي أيُّ مؤْيِد
وأيّة نار شبَّها أيُّ مُوقد / وأي عظيم هاج مِن أيّما دَدِ
فإن كنت حقاً موعدي بكريهة / فرأيك في تعجيل يوميَ عن غدي
وإن تنو تحريكاً وتهذيب جانب / فقد صك ذرعي وقد فتَّ في يدي
حنانَيْكَ من ظن لمولاك جائر / ولبيك من رأى على العبد معتد
ولم تُمضها في مُخلص الودّ نية / يروج إليه الموت منها ويغتدي
ولا أنا إلا في ولائك محتَبٍ / ولا أنا إلا بالهوى لك مرتد
وعذري عند اللّه فيك ممهد / وإن كان عند الناس غير ممهد
وعقد ولائي في ذراك مؤكد / وإن لم يكن عقد المنى بمؤكد
ولست لأني واجد منك مهرباً / أحُث ركابي فَدْفَداً بعد فدفد
ولكن سأبلي العذر في كل حالة / بشكرك في يومَيْ مغيبي ومشهدي
فتبدي لك الأيام ما أنا عنده / ويأتيك بالأخبار من لم تزوّدِ
سقى اللّه نجداً كلما ذكروا نجداً
سقى اللّه نجداً كلما ذكروا نجداً / وقَلَّ لنجد أن أهيم به وَجْدا
طربتُ وهاجتني شمالٌ بَليلةٌ / وجَدت لمسراها على كبدي بَردا
ويا حبذا نجد وبَرد أصيله / وعيشاً تركناه بساحته رغْدا
لياليَ شملي بالأحبة جامعٌ / وإذ غصنيَ الريانُ لا يسع الجلدا
لَعمر ظباءٍ بالعقيق أوانسٍ / لقد صدن مني باللوى أسداً وَردا
ولو لم يُساقطن الحديث كأنما / يشعشعن بالخمر المعتقة الشهدا
منعت فؤادي أن يباح له حمى / وصنت دموعي أن أفض لها عقدا
وعزم إذا خيمت سافر وحده / شققت به لِليل عن منكبي بُردا
فطمت عليه العزم قبل رضاعه / إليه وأعملت المسوَّمة الجردا
ولا غَرَرٌ إلا شمِمْتُ له يداً / ولا خطر إلا قدحت له زندا
ولا قفرة إلا وأمسيت صِلَّها / ولا حَضَرٌ إلا وظلْتُ له وَفْدا
كحلت بهمّي عين كل كريهة / إليها تخطّيت الأساوِدَ والأُسدا
بهمة مستحْلٍ من المجد مُرة / وعزمة مستدنٍ من الشرف البُعدا
وطئت بها بُسْط الملوك مبجلاً / وما وصلَت لي منهم رَحمٌ عهدا
وأصبحت للباب المحجب والجاً / ويُوسَعُ غيري أن يمرَّ به طردا
ولست بهياب إذا لم تطل يد / تميمته ذم الزمانَ أو الْجَدا
أبى اللّه لي دار الهوان وهمة / موكَّلة والواخدات بنا وخدا
غدا الدهر مني حالياً بمفاخر / ورحت كنصل السيف يحملني فردا
وقد علم الأقوام أن شريعتي / من المجد لم تسهل على أحد وِردا
ولست فتى إن شمت برق سحابة / لغير كريم أو سمعت لها رعدا
متى أتتِ الشيخ الجليل مطيتي / فقدت يدي إن لم أقدَّ لها جلدا
تزر ملكاً يعطي الجزيل إذا صحا / ويضرب هاماتِ الملوك إذا شدَّا
يُحكّم إلا في محارمه الندا / ويُعمل إلا في مكارمه القصدا
ألم ترني قيدت في طوس عزمتي / ولولاه ما كانت على كبدي تندى
وكنت امرأ لا أرتضي المجد خادماً / ذهاباً بنفسي فاتسمت له عبدا
قصدناك لا إن الضلال أجارنا / ولكننا جرنا لنلقاكُم عمدا
فلا أملي أعيا ولا صارمي نبا / ولا منزعي أشوى ولا مطلبي أكدى
فلو كنت غيثاً لم يشم برق خلب / ولو كنت بحراً لم يزل أبداً مَدّا
أملء فمي فخراً ووسع يدي ندا / وحسب المنى منا وقدر الْجَدا جَدّا
أعرني يداً تهمي دنانير في الندا / كما تنثر الأغصان يوم الصبا وَرْدا
أُعرك ثناء لا تغُبّ وفوده / كما تنشر الأمطار فوق الربى بردا
وأُلبسك مدحاً لا يعاد فُريده / كما ينفح الند الذكي إذا ندا
تعيد المساعي غضة بعد يبسها / وشِيب المعاني بعد كبرتها مردا
هلمَّ العطايا فاللُّهى تفتح اللَّها / وسح الندا يستنجز الخاطرَ الوعدا
جلبت إليك المدح مغلىً بسومه / أرغبةَ مبتاع لمدحيَ أم زهدا
أشِم مِدَحي كفا بها تَبتني العلى / ولا تُعْدني رأياً به تَعمر المجدا
فما العمر إلا ما اقتنى لك ذكرة / وما المال إلا ما اشتريت به الحمدا
وما دولة أنت المدبر أمرها / بمَنْشَب ظفر ما بقيت لها سَدّا
شماسة قلب ليس يألف طائره
شماسة قلب ليس يألف طائره / وعازب لُب أول الحب آخرُهْ
ورئْم أبت ألحاظه أن تُغبَّني / وُفودَ الهوى أو يبرحَ الصدرَ خاطرهْ
بساحر ما ضمت عليه جفونه / وريانِ ما التفّت عليه مآزره
وأبيضِ ما تحت الصِّدار لَوَانه / تجرد لاحت للعيون سرائره
فيا قلب هذا العشق حقاً وهذه / موارده حتى تبين مصادره
فلا الانس مردود إليك شريده / ولا النوم معطوف عليك أواصره
ويا دمع أدركني إن الصبر خانني / بنصرك والمخذول من أنت ناصره
ويا برحاء الشوق رفقاً بمهجتي / هي المجد معقوداً عليه خناصره
ألا إن تحت الشوق مني لماجداً / يجاذب فيه منجد الشوق غائره
وما حال صب بالعراق فؤاده / أسير وثاو في خراسان سائره
على أن في قرب الأمير وبسطه / لنا عوضاً لا يخلف الظن ماطره
ألم تر أن الملك قر قراره / إذا زينت باسم الأمير منابره
ودون حجاب الملك منذ تمكنت / أسرته من أرضه وستائره
سحاب ولكن الدنانير صوبه / وليث ولكن الملوك عقائره
وأبلج كالصبح الأغر جبينه / ضياء وكالليل البهيم عساكره
تذل له الأقدار وهي جنوده / وتخدمه الأيام وهي عشائره
يموج به في الحرب صاف أديمه / حفوز لِهامات الملوك حوافره
مقيم سرير الملك حاضر تاجه / وخاتمه غازي الغريم مسافره
تَزايل أركانُ العدى عند بأسه / وتعضَب أنياب الردى وأظافره
ألم تر غرشستان كيف تغورت / معاقلها لما انتحتها بصائره
طلبت بها ثار الإله ودينه / فما فات والشيخ الموفق بائره
ونبئت يا نهلان أن عصابة / يخالف فيهم باطن القلب ظاهره
أتوك وراموا أن يهزك بغيهم / على شرفي والبغي مر مصائره
حنانيك حسادي كثير كما ترى / ومن حسنت عيناه تكثر ضرائره
ومن حل من علياك حيث تُحِلني / تصدى له قاصي المحل وقاصره
أنا العبد لا يأبى عليك ولاؤه / خلوصاً ولا تخطو ذراك مفاخره
أليلتنا بين العتابين والعذرِ
أليلتنا بين العتابين والعذرِ / أليلة عذر كنت أم بيضة العقر
نعمنا وبتنا بين فاطمتي هوى / كتوأم لَوْز بين مِلحفتي قشر
نصعد أنفاساً نقطع أنفساً / إذا علت ارتدت إلى ثُغَر النحر
ولما انتظمنا بين ضم وخلوة / رأى اللّه شفعاً كان أوحد من وتر
خرقنا لها حجب البراقع والفرى / جميعاً وأسبلنا ستائر من صبر
ولما حبانا الصبح برد نسيمه / تحيز عن حجري ودمعته تجري
فقلت له يا قرة العين ما لنا / تباشير فجر ما بدا لك أم هجر
ومن يصحب الأيام يشرب سلافها / ويشرق بها إن الخمار من الخمر
وشاردةٍ إن أكثبت فجديرة / وإلا فقد أبليت في طلبي عذري
وكنت إذا ما الليل ماج ظلامه / جعلت على تياره حسرتي جسري
بمشرفة كالطود دائمة السرى / كأني على الشعرى بها أو على شعري
كأن الفلا صدري كأني وناقتي / خيال به تسري كأن الدجى فقري
كأني على قصر بها وكأنها / إذا وخدت تحتي على كنَفي صقر
وقد عجبت شم الهضاب فما درت / أبالعيس نسري أم بأجنحة النَّسر
هو السير دأباً أو تبلغنا النوى / حمى ذمة الشيخ الجليل أبي نصر
إذا بلغت باب الوزير ركابنا / فلا وطئت أرض الخصيب ولا مصر
أقيسُ أبا نصر بأيٍّ أقيسه / أبالبحر أم بالدهر أم بسنا الفجر
نعم يا وزير المشرقين ملكتني / فرأيك في أن لا تبيع بلا سعر
طويت للقياك الملوك وإنما / طويتهم منهم ومنك على خبر
ولولا اشتعال النار في يابس الغضا / لقلت وهبني لا أقول ولا أدري
أيا رب أندى فرعه المجد فارعه / ولا تخل ذاك الصدر من ذلك الصدر
ألم ترني فارقت قيسي وخِنْدِفي
ألم ترني فارقت قيسي وخِنْدِفي / وما المرء إلا حيث حلت عشائره
وقد علمت أم الفوارس أنني / أبوها إذا لم يرضني من أجاوره
وفارقت أرض الديلمي وإنها / لأرضي ولكن فاز بالشيء قامره
ووافيت دار الأعجمي وجزتها / وإن يك قد دارت علي دوائره
فكنت كأن اللّه يرصدني بها / فلما قطعت الباب قطع دابره
وما أنس لا أنس الرباط وليلة / وهمّاً من الآمال بت أسامره
وقوليَ للأصل الذي أنا فرعه / وقد بزه برد التجمل قاشره
لَعَا لا يرعك الهم يا عم إنه / وإن كان مر الحال حلو مصائره
وفي خلف إن ألحقتنا يدالمني / لنا خلف لا يخلف الظن ماطره
فلما وردنا موسم الملك أقبلت / وفود الغنى واستقبلتنا بوادره
ولما انجلى بدر الدجى من جبينه / أعرنا الثرى حُر الوجوه تعافره
جلبنا إليه الفضل وهو أميره / وبعنا عليه بَزّه وهو تاجره
وبحت فقال الناس من ذا وقال من / أجابهم عبد الأمير وشاعره
ولاحت لنا منه عيوب كثيرة / ولا عيب فيه غير ما أنا ذاكره
ولادته في عالم دون قدره / وفي زمن مثل اسمه لا يقادره
وآخر أنا إن أردنا مديحه / تقضى القوافي وهو باق مفاخره
وآخر أن لا عيب فيه لناظر / تردّ به عين الكمال وناظره
وما ملك إلا يؤدي خراجه / إليه على رغم ونحن نصادره
مقابلنا عند اللقاء هو الذي / إذا لحَظَ الجبارَ شقت مرائره
ولي خادم فوق الخِوان هو الذي / تمر به الأقدار وهي تحاذره
يد اللّه في تلك المحاسن إنه / على كل حال طيب العرض طاهره
هناك عطاياه وثم انتقامه / وتلك خفاياه وهذي ظواهره
أيا جابر العظم المهيض لقاؤه / ولا يُجبر العظمُ الذي هو كاسره
أتأمر لي ببدرة كل نظرة / إلى الشغل باستيفاء ما أنت آمره
فإن يك بحر أغرق الناسَ ماؤه / فإنك بحر أغرقتني جواهره
ولي صاحب لما أتاني كتابه
ولي صاحب لما أتاني كتابه / نثرت على عنوانه قبلي نثرا
سرقت له شعراً ولو وصلت يدي / سرقت له الشعرى ولم أسرق الشعرا
أبا الفضل لا تشدد يديك على بطي
أبا الفضل لا تشدد يديك على بطي / ولا تك من لفظي وخطيَ في خطِّ
ولا تستزدني إن أتتك ملامتي / تنبّيك عن بطي وأنت على الشط
ليهنك عهد لا يضاع وإن نأت
ليهنك عهد لا يضاع وإن نأت / نواك وسر لا يذاع فيسمعُ
وأجفان عين لا ترى الشمس غيره / إذا هي من تلقاء أرضك تطلع
أؤمل أن ألقاك لو أجْدت المنى / وأزجر فيك الطير لو كان ينفع
يذكرنيك البدر ليلة تمه / وواللّه ما أنساك لو كان يرجع
سأسكت حتى يجمع اللّه بيننا / فإن نجتمع أفشيت ما أنا مودع
وإن تُدِل الأيام لي من يد النوى / بثثتك أمراً دونه أتقطعُ
لك الخير من طيف على النأي طارقِ
لك الخير من طيف على النأي طارقِ / ثَوَى ريْثَما ولّى ولا لمع بارِق
سبى ما جنى من وصله بصدوده / رجاء ووصلاً من تلافي مفارق
ألمّ بنا والليل في درع ثاكل / لِواحدِها والنجم في لون عاشق
فثرنا إلى الأكوار والعيس نوَم / تؤُمَ بنا أقصى بلاد المشارق
نهاجر دار العامرية والحمى / إلى أرض غزلان الظُّبى والمناطق
أبادية الأعراب أهلَكِ إنني / ببادية الأتراك نيطت علائقي
وأرضَك يا نجل العيون فإنني / فتنت بذاك الفاتر المتضايق
خليلَي واهاً لليالي وصرفها / لقسد ثقَّفَتْ إلا كعوب خلائقي
ألم ترني بعد النُّهى وبلوغها / رجعت لأوطار الشباب الغرانق
إذا سجع القُمريّ راسلت لحنه / بإيقاع دمع للغناء موافق
حياء لأحلامي لِصِيتي لهمتي / لعزمي لتحريدي لهدي المفارق
ألم يك في خمس وعشرين حجة / تسنَّمتها هاد لمُثلى الطرائق
وليل كذكراه كمعناه كاسمه / كدِين ابن عبَّاد كادبار فائق
شققنا بأيدي العيس برد فلاته / وبتنا على وعد من الصبح صادق
تزجّ بن الأسفار في كل شاهق / أنا كُرة في ظهره غير لائق
كأن مطايانا شفار كأنما / تمد إليهن الفلا كف سارق
كأن الفلا في خندق من ظلامه / دجى والدجى من أُفقه في سرادق
كأن نجوم الليل نظارة لنا / تعجب من آمالنا والعوائق
كأن نسيم الصبح فرصة آيس / كأن سراب القيظ خجلة وامق
كأن هدير الرعد ضجة ناشز / شكت من وميض البرق ضربة فالق
كأن سماء الدّجن لولا انقشاعها / يَدَا خلَفٍ عند الندا والصواعق
لعمري لئن منّ الوزير فإنما / يمن على عبد بنعماه ناطق
إذا اقتضت منه خراسان لفظة / أماطت نساء العرب در المخانق
يلح على شوس القوافي وصيدها / فيلبسها ماء المعاني الدقائق
أبعد وزير المشرقين أزفها / على مِلك رُدّت إذنْ في حمالقي
سماء الدجى ما هذه الحدق النجل
سماء الدجى ما هذه الحدق النجل / أصدر الدجى حالٍ وجيد الضحى عُطل
لك اللّه من عزم أجوب جيوبه / كأني في أجفان عين الردى كحل
كأن الدجى نقع وفي الجو حرمة / كواكبها جند طوائرها رسل
كأن مطايانا سماء كأننا / نجوم على أقتابها برجها الرحل
كأن القُرى سكْرى ولا سكر بالقرى / كأن الربا ثكلى وما بالربا ثكل
كأن السرى ساقٍ كأن الكرى طلا / كأنا لها شرب كان المنى نقل
كأن الفلا نادٍ به الجن فتية / عليه الثرى فرش حشيته الرمل
كأن الربا كُوم كأن هزالها / لكثرة ما يغتالها الخف والنعل
كأن الذي تنفى الحوافر في الثرى / خطوطٌ مساميرُ النعال لها شكل
كأنا جياع والمطيّ لنا فم / كأن الفلا زاد كأن السرى أكل
كأن بصدر العيس حقداً على الثرى / فمن يدها خبط ومن رجلها نكل
كأن ينابيع الثرى ثدي مرضع / وفي حجرها مني ومن ناقتي طفل
كأنا على أُرجوحة من مسيرنا / لغورٍ بها نهوي ونجدٍ بها نعلو
كأنا على سير السواني مسافة / لمجهلة تمضي ومجهلة تتلو
كأن الدجى جفن كأن نجومه / على ظهره حليٌ كأنا له نصل
كأن بني غبراء حين لقيتهم / ذئاب كأني بين أنيابهم سخل
كأن أبانا أودع الملك الذي / قصدناه كنزاً لم يسَع ردَّه مطل
كأن يدي في الطرس غواص لجة / بها كلمي درّ به قيمتي تغلو
كأن فمي قوس لساني له يد / مديحي له نزع به أملي نبل
كأن دواتي مطفِل حبشية / بناني لها بعل ونفسي لها نسل
كان بنيها عكس أبناء عصرنا / فإن يُرضَعوا يبكوا وإن يفْطموا يسلو
وإن ضربت أعناقهم عاش ميتهم / فقتلهم أن لا يعمهم القتل
كأن ألهمت فضل الذي باسمه جرت / فسارت وما غير الرؤوس لها رجل
كأن الأمير اختصها فاعتلت به / معارجُ أسبابُ السماء لها سفل
وإلا فما بالُ الملوك نراهمُ / عبيد قناة لا تمر ولا تحلو
ألا عَتَبَتْ جُمْل وبيني وبينها / من البيد عذرٌ لو به علمت جمل
تعجب من شكواي دهري كأنني / شَكوت لما لم يشكه الناس من قبل
يذكرني قرب العراق وديعة / لدى اللّه لا يسليه مال ولا أهل
حنته النوى عني وأضنته غَيبتي / وعهدي به كالليث جؤجؤه عبل
إذا ورد الحجاج لاقى رفاقَهم / بفوَّارتي دمع هما السجل والنجل
يسائلهم أين ابنه كيف حاله / إلامَ انتهى لِمْ لَمْ يَعُد هل له شغل
أضاقت به حال أطالت له يد / أأخّره نقص أقَدَّمه فضل
أفيصوا عن الفرع الذي أنا أصله / وما بال فرع ليس يحضره الأصل
يقولون وافى حضرة الملك الذي / له الكنف المأمول والنائل الجزل
فَقِيدَ له طِرف وحُلّت له حبى / وخِير له قصر ودرَّ له نزْل
وفاضت عليه مطرة خلفية / بها للغوادي عن ولايتها عزل
يذكرهم باللّه ألاّ صدقتم / لديّ أجدُّ ما تقولون أم هزل
فدى لك ما أبناء دهرك من غدا / ولا قوله علم ولا فعله عدل
طوينا للقياك الملوك وإنما / بمثلك عن أمثالهم مثلنا يسلو
ولما بلوناكم تلونا مديحكم / فيا طيب ما نبلو ويا صدق ما نتلو
ويا ملكاً أدنى مناقبه العلى / وأيسر ما فيه السماحة والبذل
هو البدر إلا أنه البحر زاخراً / سوى أنه الضرغام لكنه وبل
محاسن يبديها العيان كما ترى / وإن نحن حدثنا بها دفع العقل
فقولا لِوَسّام المكارم باسمه / ليهنك إذ لم تبقِ مكرمة غفل
وجاراكَ أفراد الملوك إلى العلى / فحقاً لقد أعجزتهم ولك الخصل
سما بك من عمرو بن يعقوب محتد / كذا الأصل مفخوراً به وكذا النسل
لَعَمر المعالي إن مطلبها سهلُ
لَعَمر المعالي إن مطلبها سهلُ / سوى أنها دار وليس لها أهل
حنانيك من حر ألمَّ بمعشر / هم الشاء رِسل ما أدرّت ولا رسل
فحاول أن يستل بالشعر ما لهم / وذلك ما لم يفعل اليد والفعل
شكا الْجَدَّ والأيام إذ لم تُواته / فلم يشك إلا ما شكا الناس من قبل
عزاء ففي هذي الخطوب لنا يد / وصبراً ففي هذا القطيع لنا سخل
ألم تدر أن الجود والمجد والنهى / أمان متى تحلم بها وجب الغسل
ألا لا يغرنك الحسين وَجودُه / فترجوَ قوماً ليس في كأسهم فضل
فما كل وقت مثله أنت واجد / ولا كل أرض للحسين بها مثل
أعيذك أن تلقى الورى في لباسه / وفي شكله يا بعد ما يقع الشكل
فما كل جنس تحته النوع داخل / ولا كل ما أبصرت من شجر نخل
ولن تفعل الأقوام مثل فَعاله / ولا سائر الذبان ما تفعل النحل
وما جلّ هذا الناس إن تبلهم أبو / عليّ حسين أو أبو طيب سهل
أيا ناقةً بلّغتِنيه محرّم / عليك السرى لا بل على ظهركِ الرحل
ألا يهنىء الشيخ الموفق إنه / فتاه ولولا الفرع ما شرف الأصل
تشابهتما فضلاً ومجداً فلم يبن / أألأصل أزكى في القياس أم النسل
كذا الدهر يقضي في عداهم وفيهم / بنجم لهم يهوي ونجم لهم يعلو
وأحور ساجي الطرف أغرى بي الضنى
وأحور ساجي الطرف أغرى بي الضنى / وقصر نومي في ليال أطالها
دنا فسألناه أما لك من فم / فقال نعمْ قلنا فأينَ فقال ها
أقول لإحدى المعضلات العظائم
أقول لإحدى المعضلات العظائم / وبالود أني قاعد غير قائمِ
أُعزيك لا فعل اختيار ولا رضى / ولكن على رغمي ورغم المكارم
ألا بَكَّر الناعي بأن أجحف الردى / بأخضر مما أنبت المجدُ ناعم
ووافق يوم المهرجان نَعِيُّه / لنا فزجرنا فيه طير الأشائم
فلا جَرَم اعتضنا من الخز حزنه / وسرنا حفاة حُسّراً في المآتم
على هيّن من نفس من سار صاغرٍ / ومجتدع من أنف من ساد راغم
فإن ترعني سمع القبول فإنني / أُعزى فلا أهدا لصيحة خادم
وإن كنت فيما ناب من حادث الردى / أقلَّ مصاباً منك يا نقص ماتم
تأمل من الدنيا القليل متاعها / وما نحن فيه غير أحلام حالم
وفكِّر رويداً هل يعدون سالماً / إلى آدم أم هل يرون ابن سالم
فإن كنت مخصوصاً فحق لك الأسى / وإلا فلا ترفض جميل العزائم
فنحن لما أفضى إليه بموعد / وريش الذُّنابي تابع للقوادم

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025