المجموع : 14
لِمَنْ شَجَرٌ قَدْ أثْقَلَتْها ثِمارُها
لِمَنْ شَجَرٌ قَدْ أثْقَلَتْها ثِمارُها / سَفائِنُ بَرٍّ وَالسَّرابُ بِحارُها
حُرُوفٌ إِذْا اسْتَقْرَأْتَها فِي انْفِرادِها / سُطُورٌ إِذْا اسْتَوْلى عَلَيْها قِطارُها
حَنايا إِذْا السَّاري السَّريُّ ارْتَمى بها / فَهُنَّ سِهامٌ يَسْتَطيرُ شَرارها
تَوالَتْ كَمَوْجِ الْبَحْر مُزْبِدَةَ البُرى / عَلَيْها قِبابٌ بِالدُّموعِ احْمِرارُها
وَفِي الْكِلَّةِ الْحَمْراءِ بَيْضاءُ طَفْلَةٌ / بِزُرْقِ عُيُونِ السُّمْرِ يُحْمى أحْوِرارُها
أَثارَ لَها نَقْعُ الجِيادِ سُرادِقاً / بِهِ دونَ سِتْرِ الخِدْرِ عَنَّا اسْتِتارُها
لَها طَلْعَةٌ مِنْ شَعْرِها وَجَبيِنها / تَعانَقَ فِيها لَيْلُها وَنَهارُها
لَها مِن مَهاةِ الرَّمْلِ جِيدٌ مُقْلَةٌ / وَلَيْسَ لَها اسْتِيحاشُها وَنِفارُها
ومَا سَكَنَتْ وادِي الْعَقِيقِ وَلا الْغَضَى / وَلكِنْ بِعَيْني أَوْ بِقَلْبيَ دارُها
إِذْا ما الثُّرَيَّا وَالهلالُ تَقارَنا / أُشَكِّكُ هَلْ ذا قُرْطُها وَسِوارُها
فَأَيُّ قَضِيبٍ جالَ فِيهِ وِشاحُها / وَأَيُّ كَثيبٍ ضاقَ عَنْهُ إزارُها
ومَا كُنْتُ أّدْري قَبْلَ لُؤْلؤِ ثَغْرِها / بِأَنَّ نَفيساتِ الَّلآِليْ صِغارُها
هِيَ الْبَدْرُ إِلاَّ أنَّ عِنْدي مَحاقَهُ / هِيَ الْخِمْرُ إلاّ أَنَّ حَظَّيْ خُمارُها
أَيا كَعْبَةً مِنْ خالِها حَجَرٌ لَها / بَعيدٌ عَلَيْنا حَجُّها وَاعْتِمارُها
فَإنْ بَلَغَتْها النَّفْسُ يَوْماً بِشِقِّها / فَقَلْبِي لَها هَدْيٌ وَدَمْعي جِمارُها
سَقَى اللَّهُ مَيَّافارِقينَ وَقَدْ سَقَى / سِجالَ سَحابٍ لا يَغِبُّ قِطارُها
ومَالِيَ أَسْتَسْقي لَها صَيِّبَ الحَيا / وَراحَةُ سَيْفِ الدّينِ تَطْفُو بِحارُها
فَفي بَحْرِ مالٍ قَدْ تَطَلَّعَ قَصْرُها / وَفِي بَحْرِ ماءٍ يَسْتِقِرُّ قَرارُها
هُوَ العادِلُ الظَّلاَّمُ لِلْمالِ وَالْعِدى / خَزائِنُهُ قَدْ أَقْفَرَتْ وَدِيارُها
كَريمٌ لَهُ نَفْسٌ تَجُودُ بِما حَوَتْ / وَأَعْجَبُ شيْءٍ بَعْدَ ذاكَ اعْتِذارُها
عَليمٌ بِنورِ اللَّهِ يَنْظُرُ قَلْبُهُ / فَلَمْ يُغْنِ أَسْرارَ الْقُلوبِ اسْتِتارُها
حُسامٌ لَهُ حَدٌّ يَرُوعُ مَضاؤُهُ / وَصَفْحَةُ صَفْحٍ لِلذُّنُوبِ اغْتِفارُها
لَهُ راحَةٌ فِي السَّلْمِ تُجْنى جِنانُها / وَيَوْمَ هِياجِ الحَرْبِ تُوقَدُ نارُها
فَأنْمُلُهُ طَوراً غُصُونٌ نَواضِرٌ / وَطَوْراً سُيُوفٌ دامِياتٌ شِفارُها
إِذْا خَطَبَتْ مِن كَفِّهِ فَوْقَ مِنْبَرٍ / فَسُودُ جَلابيبِ الشُّعورِ شِعارُها
بِهِ دَمَّرَ اللَّهُ الصَّليبَ وَأَهْلَهُ / بِهِ مِلَّةُ الإسْلامِ عَالٍ مَنارُها
فَلا زالَتِ الأفْلاكُ تَجْرِيِ بِنَصْرِهِ / وَلا زالَ عَنْهُ قُطبُها وَمَدارُها
رُضابُكَ راحي آسُ صُدْغَيْكَ رَيْحانِي
رُضابُكَ راحي آسُ صُدْغَيْكَ رَيْحانِي / شَقيقي جَنَى خَدَّيْكَ جِيدُكَ سُوسانِي
وَبَيْنَ النَّقا وَالْبَدْرِ تَهْتَزُّ بانَةٌ / لَها ثَمَرٌ مِنْ جُلَّنارِ وَرُمَّان
غَزالٌ رَخيمُ الدَّلِّ يُطْمِعُ أُنْسُهُ / ومَا صِيدَ إلاّ فِي حَبائِلِ أَجْفانِي
مِن التُّرْكِ فِي خَدَّيْهِ لْلحُسْنِ جَنَّةٌ / بِمالِكِها مَحْروسَةٌ لا بِرِضوانِ
تُظَنُّ رِياضُ الخَدِّ مِنْهُ مُباحَةً / ونَاظِرُهُ النَّاطورُ يَجْني عَلى الجَاني
تَعَمَّمَ بَيْنَ الشَّرْبِ بِالشَّرْبِ مُذْهَباً / فَلاحَ لَنا بَرْقٌ عَلى قَمَرِ ثَان
سَلَبْتَ كَرَى الأَجْفانِ يا سِحْرَ جَفْنِهِ / فَلَسْتَ تُرَى مِن بَعْدِها غَيْرَ وَسْنان
رَماني بِسَهْمِ اللَّحْظِ عَن قَوْسِ حاجِبٍ / فَهَلْ حاجِبٌ مِن بَيْنِ عَيْنَيْهِ أَصْماني
أَغارُ عَلى عَيْنَيْهِ لِلْغَيْرِ أَنْ تَرى / فَيَقْتُلُني إنْ صابَ أَوْ هُوَ أَخْطاني
بِحَقِّ الهَوى يا طَيْفُ إِلاَّ حَمَلْتَني / فَجِسْمي مِنَ الْبَلْوَى وَجِسْمُكَ سِيَّان
أُعانِقُ جِسْماً أَشْبَهَ المَاءَ رِقَّةً / وَأَطْفِي بِبَرْدِ الثَّغْرِ حُرْقَةَ أَشْجانِي
عَسَى قَلْبُهُ يُعْدِيهِ قَلْبي بِرِقَّةٍ / كَما جَفْنُهُ الْفتَّانُ بِالسُّقْمِ أَعْداني
لَئِنْ كَانَ يَنْسى عَقْدَ عَهْدِ مَوَدَّتي / فَلِي مَلِكٌ مِن فَضْلِهِ لَيْسَ يَنْساني
أَبو الْفَتْحِ موسى الأَشْرَفُ الْمَلِكُ الذي / يَلُوحُ كَبَدْرِ التَّمِّ بَيْنَ القَنا القَاني
فَتَخُضَرُّ طَوْراً مِن نَدى بَطْنِ كَفِّهِ / وَتَذْبِلُ طَوْراً مِن سُطاهُ بِنيرَان
يُلاعِبُ عِطْفَيْهِ مِنَ التَّيهِ طَرْفُهُ / وَيَمْشِيِ بِهِ مِن عُجْبِهِ مَشْيِ سَكْران
قَوائِمُهُ مِثْلُ الْقَوَادِمِ إِنْ جَرى / وَهَلْ راكِبٌ لِلرِّيحِ غَيْرَ سُلَيمان
وَمَنْ كانَ نَصْلُ السَّيْفِ خاتَمَ مُلْكِهِ / أَيَنْزِعُهُ مِنْ كَفَّهِ خَطْفُ شَيْطان
كَريمٌ أَما اسْتَحْيَى الحَيا مِن يَمِينهِ / يَضِنُّ بِماءٍ وَهْوَ يَسْخُو بِعِقْيان
وَلَيْسَ الْتِطامُ الْبَحْرِ إلاَّ فَضِيحةً / إِذْا مِلْحُهُ لَمْ يُرْوِ غُلَّةَ ظَمْآن
مَليكٌ مُلُوكُ الأرْضِ تَحْتَ لِوائِهِ / فَكُلُّهُمُ عانٍ وَكُلٌّ لَهُ عان
فَكِسْرى بِإيوانٍ تَعاظَمَ مُلْكُهُ / وَشاهَ ارْمَنٍ مِن بَعْضِ أَسْراهُ إِيواني
أَعانَ أخاهُ بِاْسمِهِ وَبِجَيْشِهِ / وَلا تَنْفُذُ الأقْدارُ إلا بِسُلْطان
وَلَيْسَ الَّذي يَبْني الْحِجارَ عَلى الثَّرى / كَبانِي رَواسي مَجْدِهِ فَوُقَ كِيوان
تَرَحَّلَ عَن مافارقيْنَ بِرَغُمِها / وَمالَ بِهِ فَرْطُ الحُنِّو عَلى حانِي
وَعاجَ بِذِي الْقَرْنَيْنِ مُنْخَرِطاً إلى / جَبَلْجُورَ حِصْنٍ ما بَنى مِثْلَهُ بان
قِلاعٌ عَلى النَّسْرِيْنِ خُطَّ أَساسُها / عُلُوّاً فَقَرْنُ الشَّمْسِ مِن دُونِها دان
مَنازِلُ لِلْبَدْرِ الْمُنيرِ يَحِلُّها / بِطالِعِ سَعْدٍ لا بِمَحْقٍ وَنُقْصان
سَيَمْلِكُ قُسْطَنْطِينَةَ الرُّومِ عَنْوَةً / وَيُخطَبُ عَن قُرْبٍ لَهُ فِي خُراسان
نَديميَ ماسَ الآسُ فِي سُنْدُسِيِّهِ
نَديميَ ماسَ الآسُ فِي سُنْدُسِيِّهِ / وَأظْهَرَ ما أَخفى لَنا مِن حُليِّهِ
وَلاَحَ بِجِيدِ الغُصْنِ والصُّبْحُ طالِعٌ / مِنَ الطَّلِّ عِقْدٌ ماسَ فِي جَوْهَرِيِّهِ
وَقَدْ ذاعَ سِرُّ الزَّهْرِ حينَ وَشى بِهِ / تَنَفُّسُ نَدِّيِّ النَّسيمِ نَدِيِّهِ
وَألقَى الضُّحى فِي فِضَّةِ النَّهْرِ تِبْرَهُ / فَأَثْرِى الثَّرَى بِالنَّورِ مِن عَسْجَدِيِّهِ
هُوَ السِّيفُ إِن أصداه ظل غصونه / تولى شعاع الشمس صقل صديه
وَساقٍ لَهُ وَجْهٌ وَكَأْسٌ تقارنَا / فَسقَّاكَ شَمْسِيَّاً عَلى قَمَرِّيهِ
وَأطْلَعَ شَمْسَ الطَّاسِ عِنْدَ ابْتِكارِها / وَشَعْشَعَ نَجْمَ الكَأْسِ عِندَ عَشِيّهِ
سَقَى الرَّاحِ مِثْلَ الرَّاحِ مِنْ رِيقِ ثَغْرِهِ / وَأَيْنَ حَبابُ الرَّاحَ مِن لُؤْلُؤِيِّهِ
حَدَدْتُ لَمى فِيهِ ثَمانينَ قُبْلَةً / لأِنّي شَمَمْتُ الْخَمْر مِنْ عَنْبَرِيَّهِ
وَلِلْحُسْنِ مَعْنىً واضِحٌ مِنْ جَبينِهِ / وَفِي خَصْرِهِ مَعْنىً دَقِيقُ خَفِيّهِ
إِذْا ما جَنتْ جَفْناهُ قاصَصْتُ خَدَّهُ / فَلا بُرْءَ لي إلاَّ بِلَثْمِ بَرِيِّه
لَهُ وَجْنَةٌ بَلْ جَنَّةٌ دَبَّ فَوْقَها / عِذارٌ رَبيعُ العَيْنِ فِي سُنْدُسِيَّهِ
بِوَجْهٍ بَهِيِّ الْمُجْتَلَى قَمَرِيِّهِ / وَثَغْرٍ شَهّيِ الْمُجْتَنى سُكَّرِيِّهِ
أَيا يُوسُفِيَّ الْحُسْنِ لَوْلاَكَ لَمْ يَهُنْ / فَتىً مُوسَوِيُّ الْمُنْتَمَى أشْرَفِيُّهُ
مَليكٌ لِشَمْلِ الْحَمْدِ وَالْمُلْكِ جامِعٌ / بِتَدْبيرِ وَقَّادِ الذّكا أَرْوَعِيِّهِ
لَهُ خُلُقٌ يُرْضِي الإِله وَخَلْقَهُ / فَلا ساخِطٌ فِي أرْضِهِ عَنْ رِضِيِّهِ
لَهُ رَوْنَقُ السَّيْفِ الصَّقيلِ وَفِعْلُهُ / وَأَيْنَ ظُباهُ مِنْ مَضاءٍ مُضِيِّهِ
إِذْا ما سَرَتْ فِي لَيْلِ نَقْعٍ جيادُهُ / حَمِدْنا بِصُبْحِ النَّصْرِ مَسْرى سَرِيِّهِ
فَنَظْمُ الكُلَى بِالطَّعْنِ يُرْوي لِرُمْحِهِ / وَنَثْرُ الطُّلَى بِالضَّرْبِ عَنْ مَشْرَفِيَّهِ
فَكَمْ فَلَقَتْ حَمْلاتُهُ بَحْرَ جَحْفَلٍ / وَلَيْسَ عَصا موسى سِوى سَمْهَريِّهِ
كَريمٌ لَوَ أنَّ الْغَيْثَ طَلْقٌ كَوَجْهِهِ / لأَغْنى الْوَرى وَسْمِيُّه عَنْ وَلِيِّهِ
بِثَغْرِ خِلاَطٍ غُلَّةٌ بَعْدَ بُعْدِهِ / وَإنْ هُوَ يَوْماً عادَ عادَ بِرِيِّهِ
وَسُكَّانُهُ كالرَّوْضِ فِي خِلَعِ الرّضى / فَهُم فِي مَريِّ الْعَيْشِ أَو فِي هَنِيِّهِ
تَبَسَّمَ ثَغْرُ الزَّهْرِ عَن شَنَبِ الْقَطْرِ
تَبَسَّمَ ثَغْرُ الزَّهْرِ عَن شَنَبِ الْقَطْرِ / وَدَبَّ عِذارُ الظّلِّ فِي وَجْنَةِ الزَّهْرِ
فَإنْ رَقَّ وَاعْتَلَّ النَّسيمَ صبابَةً / إِذْا مَرَّ فِي تِلْكَ الرّياضِ فَعَنْ عًذْرِ
تَوَسْوَسَتِ الأغْصانُ عِنْدَ هُبوبِهِ / فَما بَرِئَتْ إِلاَّ عَلى رُقْيَةِ الْقُمْري
يُخادِعُني الْوَرْدُ الْجَنُّي وَإنَّني / بِوَجْنَةِ مَنْ أهْواهُ قَدْ حِرْتُ فِي أَمْري
وَيَبْسِمُ عَنْ زَهْرِ الأقاحِ بَنَفْسَجٌ / فَأَلْثُمُهُ شَوْقاً إِلى لَعَسِ الثّغْرِ
وَبِي عاطِرُ الأنْفاسِ يُنْسَبُ ظُلْمُهُ / وَناظِرُهُ الفَتَّانُ لِلشِّحْرِ وَالسِّحْرِ
تَرى قُنْدُسَ الشَّرْبوشِ فَوْقَ جِبينِهِ / كأَهْدابِ أَحْداقٍ بَهَتْنَ إِلى الْبَدْرِ
أُبَرِّدُ أَشْواقِي بِجَمْرَةِ خدِهِ / فَمِنْ عَجَبٍ أَنْ يَنْطَفِي الْجَمْرُ بِالْجَمْرِ
وَأَطْمَعُ أَنْ يُعْديِهِ قَلْبي بِرِقَّةٍ / فَأُلْصِقُهُ عِنْدَ العِناقِ إِلى صَدْري
سَقَى اللَّهُ أعلامِ مِنْ أَخْلاطَ قَلْعَةً / يَحُومُ بِها نَسرُ السَّماءِ عَلى وَكْرِ
وَداراً عَلى خِيْرِ الطَّوالِعِ أُسِّسَتْ / فَمَنْ حَلَّ فِيها فِي أَمانٍ مِنَ الدَّهْرِ
يُجَلِّي صَدا الأَبْصارِ لَمْعُ بَياضِها / فَتَحْسَبُها قَدْ أُلَبِسَتْ بَهْجَةَ الدُّرِّ
وَقَدْ أَنْبَتَتْ أَرْكانُها مِنْ نُقوشِها / تَماثِيلَ رَوْضٍ لَمْ يَزَلْ يانِعَ الزَّهْرِ
تَكادُ تَمَسُّ المِسْكَ مِنْ نَسَمَاتِها / وَيَقْطُرُ مِنْ أَرْجائِها وَرَقُ التِّبْرِ
تَسُرُّ وَتُلْهي ساكِنيها بِحُسْنِها / فَإنْ شِئْتَ أَغْنَتْ عَن غِناءٍ وَعَن خَمْرِ
إِذْا فُتِحَتْ أَبْوابُ مُشْتَرَفاتِها / جَلَتْ لَكَ نونَ البَحْرِ وَالْوَحْشَ فِي الْبَرِّ
فإنْ شِئْتَ لِلأُخْرَى فَمِحْرابُ ناسِكٍ / وَإنْ شَئْتَ لِلدُّنْيا فَرَيْحانَةُ الْعُمْرِ
وَإِنْ جُمِعا فَاللَّهُ ما زالَ جامِعاً / شَتيتَ الْعُلَى لِلأَشْرَفِ بنِ أَبي بَكْرِ
مَليكٌ يَخُوضُ الْجَيْشُ ضَرْباً بِسَيْفِهِ / ومَا زالَ موسى بِالعَصا فالِقَ الْبَحْرِ
عَليمٌ لَهُ سَهْمٌ مِنَ الْغَيْبِ صائِبٌ / ومَا كُلُّ موسى مُسْتَمِدٌّ مِنَ الخضْرِ
كَريمٌ يُحَيَّا بِشْرُهُ قَبْلَ جُودِهِ / وَلِلْبَرْقِ لَمْعُ بَعْدَهُ وابِلُ الْقَطْرِ
سَيَمْلِكُ أَقْصَى الأرْضِ بُشْرى ضَمانُها / عَلى الرَّأيِ وَالرَّاياتِ وَالنَّصْلِ وَالنَّصْرِ
وَسُمْرٍ أَجادَتْ صَنْعَةَ النَّظْمِ فِي الْكُلى / وَبيضٍ أَجادَتْ فِي الطُّلى صَنْعَةَ النَّثْرِ
وَجَيْشٍ لِعَيْنِ الشَّمْسِ كُحلٌ بِنَقْعِهِ / إِذْا رَمَدَتْ مِنْ لَمْعِ أَسْيافِهِ الْبُتْرِ
وَأُسْدِ عَلى جُرْدٍ لَهَا مِثْلُ صَبْرِهِمْ / إِذْا ما تَجَلَّى الْمَوْتُ فِي الْحُلَلِ الْحُمْرِ
دِماءٌ أعاديهِمْ شَرابُ رِماحِهِمْ / وَأجْسامُهُمْ هَدْيٌ إِلى الذِّئْبِ وَالنَّسْرِ
أَبا الْفَتْحِ لِلرَّحْمنِ فِيكَ سَريرَةٌ / سَيَنْقُلُها عَمَّا قَليلٍ إلَى الْجَهْرِ
فَلَيْسَ الَّذي أَعْطاكَ حَضَّكَ كُلَّهُ / وَلكِنَّهُ لا بُدَّ لِلصُّبْحِ مِن فَجْرِ
بَقِيْتَ لِدينِ اللَّهِ تُعْلِي مَنارَهُ / وَتَهْدِمُ بِالإِسْلاَمِ قاعِدَةَ الكُفْرِ
رَنا وَاْنَثنى كالسَّيفِ وَالصَّعْدَةِ السَّمْرا
رَنا وَاْنَثنى كالسَّيفِ وَالصَّعْدَةِ السَّمْرا / فَما أَكْثَرَ الْقَتْلَى وَما أَرْخَصَ الأسْرى
خُذُوا حِذْرَكُمْ مِنْ خارِجِيِّ عِذارِهِ / فَقَدْ جاءَ زَحْفاً فِي كَتِيبَتِهِ الْخَضْرا
غلامٌ أرادَ اللَّهُ إِطْفاءَ فِتْنَةٍ / بِعارِضِهِ فَاسْتَأنَفَتْ فِتْنَةً أُخْرى
فَزَرْفَنَ بِالأصْداغِ جَنَّةَ خَدِّهِ / وَأرْخَى عَلَيْها مِنْ عَوارِضِهِ سِتْرَا
أغَرُّ يُناجي شَعْرُهُ حَلْيَ خُصْرِهِ / كَما يُعْتِبُ الْمَعشوقُ عاشِقَهُ سِرَّا
وَصَلْتُ بِداجِي شَعْرِهِ لَيْلَ وَصْلِهِ / فَلَمْ أَخْشَ صُبْحاً غَيْرَ غُرَّتِهِ الْغَرَّا
أُخوضُ عُبابَ الْمَوْتِ مِنْ دونِ ثَغْرِهِ / كَذاكَ بَغوصُ الْبَحْرَ مَن طَلَبَ الدُّرَّا
غَزالٌ رَخيمُ الدَّلِّ فِي يَومِ سَلْمِهِ / وَلَيثٌ لَهُ فِي حَرْبِهِ البَطْشَةُ الكُبْرى
دَرِيُّ بَحَمْلِ الكأْسِ فِي يَوْمِ لَذَّةٍ / وَلكنْ بِحَمْلِ السَّيْفِ يَوْمَ الوَغى أَدْرى
أَهِيمُ بِهِ فِي عَقْدِهِ أَوْ نِجادِهِ / فَلا بُدَّ فِي السَّرَّاءِ مِنْهُ وَفِي الضَّرَّا
وصَامِتَةِ الخُلْخالِ أَنَّ وْشاحُها / فَهذا قَدِ اسْتَغْنَى وَذا يَشْتَكي الفَقْرا
تَلأَلأَ دُرُّ العِقْدِ تِيهاً بِجيدِها / وَساكِنُ ذاكَ النَّحْرِ لا يَذْكُرُ البَحْرا
لَها مِعْصَمٌ لَوْلاَ السِّوارُ يَصُدُّهُ / إِذْا حَسَرَتْ أَكْمامَها لَجَرَى نَهْرا
دَعَتْنِي إِلَى السُّلْوانِ عَنُه بِحُبِّها / وَما كُنتُ أَرضَى بَعْدَ إِيْمِانيَ الكُفْرا
بِأَيِّ اعْتِذارٍ أَلْتَقِي حُسْنَ وَجْهِهِ / إِذْا خَدَعَتْني عَنْهُ غانِيَةٌ عَذْرا
تَقولُ وَقَد أَزْرَى بِها حُسْنُ وَصْفِهِ / لَحَى اللَّهُ رَبَّ الشِّعْرِ لَوْ نَظَمَ الشِّعْرا
أَلَمْ تَرَنِي بَيْنَ السِّماطَيْنِ مُنْشِداً / كَأَنَّي عَلى شاهَ ارْمَنٍ أَنْثُرُ الدُّرَّا
مَليكٌ كَريمٌ باسِلٌ عَمَّ عَدْلُهُ / فَمَن حاتمٌ وَابْنُ الوَليدِ وَمَن كِسْرى
أَبِيٌّ سَخِيٌّ تَحْتَ سَطْوَتِهِ الغِنَى / فَخَفْ وَتَيَقَّنْ أَنَّ مَعْ عُسْرِهِ يُسْرا
هُوَ البَحْرُ بَلْ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِنَّ فِي / بَنانِ يَدَيْهِ لِلنَّدَى أَبْحُراً عَشْرا
إِذْا قامَ يُسْمِيهِ الخَطيبُ بِمنْبَرٍ / تَأَوَّدَ تيهاً وَاكْتَسِى وَرَقاً خُضْرا
لَحَى اللَّهُ حَرْبَاً لَم يَكُنْ قَلْبَ جَيْشِها / وَمَجْلِسَ عَدْلٍ لا يَكُونُ بِهِ صَدْرا
أَطَلَّ عَلى أَخْلاطَ يَوْمَ قُدومِهِ / بِلُجَّةِ جَيْشٍ تَمْلأَ السَّهْلَ وَالوَعْرا
وَقَدْ بَرَزَتْ فِي شَكَّةٍ مِن سِلاحِها / فَلَو أُمِرَتْ بِالزَّحْفِ ما خالَفَتْ أَمْرا
تَلَقَّاهُ مِن بُعْدِ المَسافِةِ أَهْلُها / فَذا رافِعٌ كَفّاً وَذا ساجِدٌ شُكْرا
فَشَكَكْتُ أَنَّ النَّاَس قَد حُشِروا ضُحىً / أَمِ النَّاسُ يَسْتَسْقونَ رَبَّهُمُ القَطْرا
تَسِيرُ مُلوكُ الأرضِ تَحْتَ رِكَابِهِ / وَأَعْناقُهُمْ مِن هَوْلِ هَيْبَتِهِ صُعْرا
إِذْا انْفَرَجَتْ عَنْهُ بُروقُ سُيوفِهِمْ / رَأَيْتَ النُّجومَ الزُّهْرَ قَد قارَنَتْ بَدْرا
فَلَلَّهِ يَوْمٌ عَمَّ تَفْلِيسَ حَرْبُهُ / وَسارَتْ إِلَى أَرْضِ العِراقِ بِهِ البُشْرى
تَهَنَّ أَميرَ المُؤْمِنينَ بِمِثْلِهِ / نَصيراً يَسُدُّ الثَّغْرَ أَوْ يَفْتَحُ الثَّغْرا
حُسامٌ إِذْا هَزَّتْهُ يُمْناكَ هَزَّةً / تَرَقْرَقَ ماءً وَالْتَظَى خَدُّهُ جَمْرا
طِرازٌ عَلى كُمِّ الخِلافَةِ مُذْهَبٌ / وَجَوْهَرَةٌ فِي تاجِهَا تَكْسِفُ الدُّرَّا
أَبا الفَتْحِ شُكراً لاِخْتِصاصِ صَنيعَةٍ / فَحَسْبُكَ فِي الدُّنْيا جَمالاً وَفِي الأُخْرى
وَلَمَّا رَأَيْتُ اللَّيْلَ أَسْوَدَ فاحِماً
وَلَمَّا رَأَيْتُ اللَّيْلَ أَسْوَدَ فاحِماً / وَلِلْبَحْرِ وَجْهٌ أَبْيَضٌ راقَ مَرْآهُ
تَذَكَّرْتُ مِن موسى خَصالاً كَريمَةً / سَوادَ سَطاهُ أَو بَياضَ عَطاياهُ
بِمُلْكِكَ أَيَّامُ الزَّمانِ تَطِيبُ
بِمُلْكِكَ أَيَّامُ الزَّمانِ تَطِيبُ / وجودُكَ لِلرَّاِجي نَداكَ قَرِيبُ
لَئِنْ هَرَّقَتْ آلاتُ خَمْرِكَ ما حَوَتْ / فَلِلأَرْضِ فِي زادِ الكِرامِ نَصيبُ
تَعَلَّمْتُ عِلْمَ الكِيمِيَاءِ بِحُبِّهِ
تَعَلَّمْتُ عِلْمَ الكِيمِيَاءِ بِحُبِّهِ / غَزَالٌ بِجِسْمِي ما بِجَفْنَيْهِ مِنْ سُقْمِ
فَصَعَّدْتُ أَنْفاسِي وَقَطَّرْتُ أَدْمُعي / فَصَحَّ بِذا التَّدْبِيْرِ تَصْفِيرَةُ الجِسْمِ
قُلْتُ لِلَّيْلِ إِذْ حَبانِي حَبِيَباً
قُلْتُ لِلَّيْلِ إِذْ حَبانِي حَبِيَباً / وَغِناءً يَسْبِي النُّهَى وَعُقارَا
أَنْتَ يا لَيْلُ حاجِبِي فَامْنَعِ الصُّبْ / حَ وَكُنْ أَنْتَ يا دُجَى بَرْدَ دَارَا
خَدَمْتُ بِديوَانِ المَحَبَّةِ ناظِرا
خَدَمْتُ بِديوَانِ المَحَبَّةِ ناظِرا / عَلى غرَّةٍ يا لَيْتَنِي فِيهِ عامِلُ
وَحاسَبَ فَرْطُ السُّقْمِ جِسْمِي فَلَمْ تَكُنْ / بَواقِيْهِ إِلاَّ أَعْظُمٌ وَمَفاصِلُ
أَيا مَنْعِماً شُكْرِي لَهُ الواجِبُ الأَوْلَى
أَيا مَنْعِماً شُكْرِي لَهُ الواجِبُ الأَوْلَى / وَيا مُخْلِصاً لِلهِ فِي السِّرِّ وَالنَّجْوَى
خَرَجْتَ لِتَرتِيبِ البِناءِ فَلَو رَأَى / سُلَيمانُ ما شَيَّدْتَهُ قالَ لا أَقْوَى
فَكَمْ بُنِيَتْ مِن قَبْلِها مِنْ مَدارِسٍ / وَلَكِنَّهُمْ مَا أَسَّسوهَا عَلى التَّقْوَى
دَعِ العَيْنَ تَأْخُذْ مِنْكَ ما يَشْتَهِي الْقَلْبُ
دَعِ العَيْنَ تَأْخُذْ مِنْكَ ما يَشْتَهِي الْقَلْبُ / فَقَدْ حانَ يَوْمُ البَيْنِ وَاحْتَمَلَ الرَّكْبُ
وَقالُوا صَبا وَاسْتَحْسَنَ العِشْقَ جاهِلاً / وَمَنْ ذا رَأَى ما قَدْ رَأَيْتُ وَلاَ يَصْبُو
ومَا لِيَ ذَنْبٌ غَيْرَ أَنِّي أَحِبُّهُ / وَذلِكَ ذَنْبٌ تَرْكُهُ فِي الْهَوَى ذَنْبُ
وَدَارِيَ مِنْ دَارِ الحَبِيبِ قَرِيبَةٌ / ومَا بَيْنَنا رُسْلٌ تَمُرُّ وَلاَ كُتْبُ
أُنادِيهِ مِنْ دُونِ الحِجابِ مُخاطِباً / فَما ضَرَّ لَوْ قَدْ كُشِّفَتْ بَيْنَنَا الحُجْبُ
وَبِي هَنْدَسِيُّ الشَّكْلِ يَسْبِيكَ لَحْظُهُ
وَبِي هَنْدَسِيُّ الشَّكْلِ يَسْبِيكَ لَحْظُهُ / وَخالٌ وَخَدٌّ بِالعِذارِ مُطَرَّزُ
وَمُذَ خَطَّ بِيكَارُ الجَمالِ بِخَدِّهِ / عِذَاراً عَلِمْنا أَنَّما الخَالُ مَرْكَزُ
وَحَقٍّ الهَوَى عَنْ ذِكْرِكُمْ لَيْسَ لِي شُغْلُ
وَحَقٍّ الهَوَى عَنْ ذِكْرِكُمْ لَيْسَ لِي شُغْلُ / وَما أَنا مَن يَنْسَى المَوَدَّةَ أَوْ يَسْلُو
حَرامٌ عَلى عَيْنِي تَرَى غَيْرِ حُسْنِكُمْ / جَمالاً وَسَمْعِي عَدْلُ
تَعَشَّقْتُكُمْ طِفْلاً وَهِمْتُ بِكُمْ فَتًى / وَأَنْفَقْتُ عَمْرِي فِيْكُمُ وَأَنا كَهْلُ
ومَا كانَ أَهْنَى العَيْشِ لَوْلاَ تَقَلُّتِ ال / لَيالِي الصَّبْر عَن دارِكُمْ يَحْلُو
رَعَى اللَّه قَلْباً أَنْتُمُ فِي رُبوعِهِ / وَسَهَّدَ طَرْفِي
ومَا زالَتِ العُشَّاُق فِي مَذْهَبِ الهَوى / يُفَرِّقُها بَيْنٌ وَيَجْمَعُهَا شَمْلُ
وَصَبٍّ يُعانِي الغَانِياتِ وَقَلْبُهُ / تُكَلِّمُهُ الأَلْحَاظُ وَالحَدَقُ النُّجْلُ
وَمَنْ يَعْشَقِ البِيضَ الحِسانَ تَيَقَّنَتْ / ضَمائِرُهُ بِالقَطْعِ إِنْ حَصَلَ الوَصْلُ
ألا إنَّ قَلْبِي قَدْ أَصابَتْهُ أَسْهُمٌ / مِنَ البَيْنِ حَتَّى النَّصْل صَادَفهُ النَّصْلُ
كَأنَّ مَقادِيرَ الزَّمانِ قِسِيُّهُ / رَمانِي بِها وَالحَادِثاتِ لَها نَبْلُ