المجموع : 7
ألا إنَّ أحْلامَ الشَّبابِ ضَئيلَةٌ
ألا إنَّ أحْلامَ الشَّبابِ ضَئيلَةٌ / تُحَطِّمُها مثلَ الغُصونِ المَصائبُ
سألتُ الدَّياجي عنْ أماني شَبيبَتي / فقالتْ تَرامَتْها الرِّياحُ الجَوائِبُ
ولمَّا سألْتُ الرِّيحَ عنها أجابَني / تَلَقَّفَها سَيْلُ القَضا والنَّوائبُ
فَصارتْ عَفاءً واضْمَحَلَّتْ كَذَرَّةٍ / على الشَّاطئ المَحْمومِ والموجُ صاخِبُ
ضحِكْنا على الماضي البعيدِ وفي غدٍ
ضحِكْنا على الماضي البعيدِ وفي غدٍ / ستجعَلُنا الأَيَّامُ أُضْحُوكَةَ الآتي
وتلكَ هيَ الدُّنيا رِوايةُ ساحرٍ / عَظيمٍ غَريبِ الفَنِّ مُبْدِعِ آياتِ
يمثِّلها الأَحياءُ في مَسْرَحِ الأَسَى / ووسْط ضَبَابِ الهمِّ تَمْثيلَ أَمواتِ
ليشهدَ مَنْ خَلْفَ الضَّبابِ فصولَها / ويَضْحَكُ منها مَنْ يمثِّلُ مَا ياتي
وكلٌّ يُؤَدِّي دَوْرَهُ وهو ضَاحكٌ / على الغيرِ مضْحُوكٌ على دوره العاتي
يَوَدُّ الفتى لوْ خاضَ عاصِفَةَ الرَّدَى
يَوَدُّ الفتى لوْ خاضَ عاصِفَةَ الرَّدَى / وصَدَّ الخميسَ المَجْرَ والأَسَدَ الوَرْدا
ليُدْرِكَ أَمجادَ الحُروبِ ولوْ دَرَى / حقيقَتَها مَا رامَ مِنْ بيْنها مَجْدا
فما المجدُ في أنْ تُسْكِرَ الأَرضَ بالدِّما / وتَرْكَبَ في هَيْجَائها فرساً نهْدا
ولكنَّهُ في أَنْ تَصُدَّ بِهمَّةٍ / عَن العالمِ المرْزُوءِ فيْضَ الأَسى صَدَّا
تُسائلني مَا لي سَكَتُّ ولم أُهِبْ
تُسائلني مَا لي سَكَتُّ ولم أُهِبْ / بقومي وديجورُ المصائبِ مُظْلِمُ
وسَيْلُ الرَّزايا جارفٌ متدفّعٌ / غضوبٌ ووجهُ الدَّهرِ أربدُ أَقْتَمُ
سَكَتُّ وقد كانت قناتي غضَّةً / تُصيخُ إلى هَمْسِ النَّسيم وتحلُمُ
وقلتُ وقد أصغتْ إلى الرِّيحِ مرَّةً / فجاشَ بها إعصارُهُ المتهزِّمُ
وقلتُ وقد جاشَ القريضُ بخاطري / كما جاشَ صخَّابُ الأَواذي أَسْحَمُ
أرى المجدَ معصوبَ الجبين مجدَّلاً / على حَسَكِ الآلام يغمرهُ الدَّمُ
وقد كانَ وضَّاحَ الأَساريرِ باسماً / يهبُّ إلى الجلَّى ولا يَتَبَرّمُ
فيا أَيُّها الظُّلْمُ المصعِّرُ خَدَّهُ / رويدكَ إنَّ الدَّهْرَ يبني ويهدُمُ
سيثأرُ للعزِّ المحطّم تاجُهُ / رجالٌ إِذا جاشَ الرَّدى فهُمُ هُمُ
رجالٌ يَرَوْنَ الذُّلَّ عاراً وسُبَّةً / ولا يرْهبون الموتَ والموتُ مقدمُ
وهل تعتلي إلاَّ نُفُوسٌ أَبيَّةٌ / تصدِّع أَغلالَ الهوانِ وتحطِمُ
يقولونَ صَوْتُ المُسْتَذِلِّين خافِتٌ
يقولونَ صَوْتُ المُسْتَذِلِّين خافِتٌ / وسَمْعُ طُغاةِ الأَرضِ أَطْرَشُ أَصْخَمُ
وفي صيحَةِ الشَّعْبِ المُسَخَّر زَعْزَعٌ / تَخُرُّ لها شُمُّ العُرُوسِ وتُهْدَمُ
ولَعْلَعَةُ الحقّ الغَضوبِ لها صدًى / ودَمْدَمَةُ الحربِ الضَّروسِ لها فمُ
إِذا التفَّ حولَ الحقِّ قومٌ فإنَّهُ / يُصَرِّمُ أَحْداثَ الزَّمانِ ويُبْرِمُ
لكَ الوَيْلُ يا صَرْحَ المَظالمِ مِنْ غَدٍ / إِذا نَهَضَ المُسْتَضْعفُونَ وصَمَّموا
إِذا حطَّمَ المُسْتَعبدونَ قيودَهُمْ / وصبُّوا حَميمَ السُّخْطِ أَيَّانَ تَعْلَمُ
أَغرَّكَ أنَّ الشَّعْبَ مُغْضٍ على قَذًى / وأنَّ الفضاءَ الرَّحْبَ وَسْنانُ مُظْلِمُ
أَلا إنَّ أَحلامَ البلادِ دَفينةٌ / تُجَمْجِمُ في أعماقِها مَا تُجَمْجِمُ
ولكنْ سيأتي بعدَ لأيٍ نُشُورُها / ويَنْبَثِقُ اليومُ الَّذي يَتَرَنَّمُ
هوَ الحقُّ يَغْفى ثمَّ يَنْهَضُ ساخِطاً / فيَهْدُمُ مَا شادَ الظَّلامُ ويَحْطِمُ
غَدَا الرَّوْعُ إنْ هبَّ الضَّعيفُ ببأْسِهِ / سَتَعْلَمُ مَنْ مِنَّا سَيَجرُفُهُ الدَّمُ
إلى حيثُ تَجْني كفُّهُ بَذْرَ أَمْسِهِ / ومُزْدَرعُ الأَوجاعَ لا بدَّ يَنْدَمُ
سَتَجْرَعُ أَوصابَ الحَيَاةِ وتَنْتَشي / فتُصْغي إلى الحقِّ الَّذي يَتَكَلَّمُ
إِذا مَا سَقاكَ الدَّهرُ من كأْسِهِ التي / قُرَارَتُها صابٌ مَريرٌ وعَلْقَمُ
إِذا صُعِقَ الجبَّارُ تَحْتَ قُيُودِهِ / يُصيخُ لأوجاعِ الحَيَاةِ ويَفْهَمُ
لقدْ نامَ أَهلُ العِلْم نوماً مغنطَساً
لقدْ نامَ أَهلُ العِلْم نوماً مغنطَساً / فلمْ يسمعوا مَا رَدَّدَتْهُ العوالِمُ
ولكنَّ صوتاً صارخاً متصاعداً / من الرُّوحِ يَدري كُنْهَهُ المُتَصامِمُ
سيُوقِظُ منهمْ كلّ منْ هوَ نائمٌ / ويُنطِقُ منهمْ كلَّ من هو واجِمُ
سَكَتُّمْ حماةَ الدِّين سَكْتَةَ واجمٍ / ونمْتُمْ بمِلْءِ الجَفْنِ والسَّيلُ داهِمُ
سَكَتُّمْ وقد شِمتم ظلاماً غُضُونُهُ / علائمُ كفرٍ ثائرٍ ومعالِمُ
مواكبُ إلحادٍ وراءَ سكوتِكُم / تَضُجُّ وها إنَّ الفضاءَ مَآثِمُ
أَفيقوا فليلُ النَّومِ ولَّى شبابُهُ / ولاحتْ للألاءِ الصَّباحِ عَلائِمُ
فدونَ ضجيجِ الفاسقين سَكينةٌ / هيَ الموتُ ممَّا أَورَثَتْهُ التَّمائِمُ
عوائدُ تُحيي في البلادِ نوائباً / تقُدُّ قُوامَ الدِّين والدِّينُ قائِمُ
أَفيقوا وهُبُّوا هَبَّةً ضَيْغَمِيَّةً / ولا تحجُمُوا فالموتُ في الجبْنِ جاثِمُ
فدون نِقابِ الصَّمتِ تنمو ملامحٌ / تبرقعتِ الشّرَّ الَّذي لا يُقاوِمُ
فقدْ فَتَّ في زَنْدِ الدِّيانَةِ معشرٌ / أثاروا على الإسلامِ مَنْ قَدْ يُهاجِمُ
فواالحقِّ مَا هذي الزَّوايا وأَهلُها / سِوَى مصنعٍ فيهِ تُصاغُ السَّخائِمُ
لحى اللهُ مَنْ لمْ تَسْتَثِره حميَّةٌ / على دِينه إنْ داهمتهُ العَظائِمُ
لحى اللهُ قوماً لم يُبالوا بأَسْهُمٍ / يُصوِّبها نحو الدِّيانَةِ ظَالِمُ
إِذا صَغُرَتْ نفسُ الفتى كانَ شوقُهُ
إِذا صَغُرَتْ نفسُ الفتى كانَ شوقُهُ / صغيراً فلم يتعبْ ولم يتجشَّمِ
ومَنْ كانَ جبَّارَ المطامِعِ لم يَزَلْ / يلاقي من الدُّنيا ضَراوَةَ قَشْعَمِ