القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو القاسم الشابي الكل
المجموع : 7
ألا إنَّ أحْلامَ الشَّبابِ ضَئيلَةٌ
ألا إنَّ أحْلامَ الشَّبابِ ضَئيلَةٌ / تُحَطِّمُها مثلَ الغُصونِ المَصائبُ
سألتُ الدَّياجي عنْ أماني شَبيبَتي / فقالتْ تَرامَتْها الرِّياحُ الجَوائِبُ
ولمَّا سألْتُ الرِّيحَ عنها أجابَني / تَلَقَّفَها سَيْلُ القَضا والنَّوائبُ
فَصارتْ عَفاءً واضْمَحَلَّتْ كَذَرَّةٍ / على الشَّاطئ المَحْمومِ والموجُ صاخِبُ
ضحِكْنا على الماضي البعيدِ وفي غدٍ
ضحِكْنا على الماضي البعيدِ وفي غدٍ / ستجعَلُنا الأَيَّامُ أُضْحُوكَةَ الآتي
وتلكَ هيَ الدُّنيا رِوايةُ ساحرٍ / عَظيمٍ غَريبِ الفَنِّ مُبْدِعِ آياتِ
يمثِّلها الأَحياءُ في مَسْرَحِ الأَسَى / ووسْط ضَبَابِ الهمِّ تَمْثيلَ أَمواتِ
ليشهدَ مَنْ خَلْفَ الضَّبابِ فصولَها / ويَضْحَكُ منها مَنْ يمثِّلُ مَا ياتي
وكلٌّ يُؤَدِّي دَوْرَهُ وهو ضَاحكٌ / على الغيرِ مضْحُوكٌ على دوره العاتي
يَوَدُّ الفتى لوْ خاضَ عاصِفَةَ الرَّدَى
يَوَدُّ الفتى لوْ خاضَ عاصِفَةَ الرَّدَى / وصَدَّ الخميسَ المَجْرَ والأَسَدَ الوَرْدا
ليُدْرِكَ أَمجادَ الحُروبِ ولوْ دَرَى / حقيقَتَها مَا رامَ مِنْ بيْنها مَجْدا
فما المجدُ في أنْ تُسْكِرَ الأَرضَ بالدِّما / وتَرْكَبَ في هَيْجَائها فرساً نهْدا
ولكنَّهُ في أَنْ تَصُدَّ بِهمَّةٍ / عَن العالمِ المرْزُوءِ فيْضَ الأَسى صَدَّا
تُسائلني مَا لي سَكَتُّ ولم أُهِبْ
تُسائلني مَا لي سَكَتُّ ولم أُهِبْ / بقومي وديجورُ المصائبِ مُظْلِمُ
وسَيْلُ الرَّزايا جارفٌ متدفّعٌ / غضوبٌ ووجهُ الدَّهرِ أربدُ أَقْتَمُ
سَكَتُّ وقد كانت قناتي غضَّةً / تُصيخُ إلى هَمْسِ النَّسيم وتحلُمُ
وقلتُ وقد أصغتْ إلى الرِّيحِ مرَّةً / فجاشَ بها إعصارُهُ المتهزِّمُ
وقلتُ وقد جاشَ القريضُ بخاطري / كما جاشَ صخَّابُ الأَواذي أَسْحَمُ
أرى المجدَ معصوبَ الجبين مجدَّلاً / على حَسَكِ الآلام يغمرهُ الدَّمُ
وقد كانَ وضَّاحَ الأَساريرِ باسماً / يهبُّ إلى الجلَّى ولا يَتَبَرّمُ
فيا أَيُّها الظُّلْمُ المصعِّرُ خَدَّهُ / رويدكَ إنَّ الدَّهْرَ يبني ويهدُمُ
سيثأرُ للعزِّ المحطّم تاجُهُ / رجالٌ إِذا جاشَ الرَّدى فهُمُ هُمُ
رجالٌ يَرَوْنَ الذُّلَّ عاراً وسُبَّةً / ولا يرْهبون الموتَ والموتُ مقدمُ
وهل تعتلي إلاَّ نُفُوسٌ أَبيَّةٌ / تصدِّع أَغلالَ الهوانِ وتحطِمُ
يقولونَ صَوْتُ المُسْتَذِلِّين خافِتٌ
يقولونَ صَوْتُ المُسْتَذِلِّين خافِتٌ / وسَمْعُ طُغاةِ الأَرضِ أَطْرَشُ أَصْخَمُ
وفي صيحَةِ الشَّعْبِ المُسَخَّر زَعْزَعٌ / تَخُرُّ لها شُمُّ العُرُوسِ وتُهْدَمُ
ولَعْلَعَةُ الحقّ الغَضوبِ لها صدًى / ودَمْدَمَةُ الحربِ الضَّروسِ لها فمُ
إِذا التفَّ حولَ الحقِّ قومٌ فإنَّهُ / يُصَرِّمُ أَحْداثَ الزَّمانِ ويُبْرِمُ
لكَ الوَيْلُ يا صَرْحَ المَظالمِ مِنْ غَدٍ / إِذا نَهَضَ المُسْتَضْعفُونَ وصَمَّموا
إِذا حطَّمَ المُسْتَعبدونَ قيودَهُمْ / وصبُّوا حَميمَ السُّخْطِ أَيَّانَ تَعْلَمُ
أَغرَّكَ أنَّ الشَّعْبَ مُغْضٍ على قَذًى / وأنَّ الفضاءَ الرَّحْبَ وَسْنانُ مُظْلِمُ
أَلا إنَّ أَحلامَ البلادِ دَفينةٌ / تُجَمْجِمُ في أعماقِها مَا تُجَمْجِمُ
ولكنْ سيأتي بعدَ لأيٍ نُشُورُها / ويَنْبَثِقُ اليومُ الَّذي يَتَرَنَّمُ
هوَ الحقُّ يَغْفى ثمَّ يَنْهَضُ ساخِطاً / فيَهْدُمُ مَا شادَ الظَّلامُ ويَحْطِمُ
غَدَا الرَّوْعُ إنْ هبَّ الضَّعيفُ ببأْسِهِ / سَتَعْلَمُ مَنْ مِنَّا سَيَجرُفُهُ الدَّمُ
إلى حيثُ تَجْني كفُّهُ بَذْرَ أَمْسِهِ / ومُزْدَرعُ الأَوجاعَ لا بدَّ يَنْدَمُ
سَتَجْرَعُ أَوصابَ الحَيَاةِ وتَنْتَشي / فتُصْغي إلى الحقِّ الَّذي يَتَكَلَّمُ
إِذا مَا سَقاكَ الدَّهرُ من كأْسِهِ التي / قُرَارَتُها صابٌ مَريرٌ وعَلْقَمُ
إِذا صُعِقَ الجبَّارُ تَحْتَ قُيُودِهِ / يُصيخُ لأوجاعِ الحَيَاةِ ويَفْهَمُ
لقدْ نامَ أَهلُ العِلْم نوماً مغنطَساً
لقدْ نامَ أَهلُ العِلْم نوماً مغنطَساً / فلمْ يسمعوا مَا رَدَّدَتْهُ العوالِمُ
ولكنَّ صوتاً صارخاً متصاعداً / من الرُّوحِ يَدري كُنْهَهُ المُتَصامِمُ
سيُوقِظُ منهمْ كلّ منْ هوَ نائمٌ / ويُنطِقُ منهمْ كلَّ من هو واجِمُ
سَكَتُّمْ حماةَ الدِّين سَكْتَةَ واجمٍ / ونمْتُمْ بمِلْءِ الجَفْنِ والسَّيلُ داهِمُ
سَكَتُّمْ وقد شِمتم ظلاماً غُضُونُهُ / علائمُ كفرٍ ثائرٍ ومعالِمُ
مواكبُ إلحادٍ وراءَ سكوتِكُم / تَضُجُّ وها إنَّ الفضاءَ مَآثِمُ
أَفيقوا فليلُ النَّومِ ولَّى شبابُهُ / ولاحتْ للألاءِ الصَّباحِ عَلائِمُ
فدونَ ضجيجِ الفاسقين سَكينةٌ / هيَ الموتُ ممَّا أَورَثَتْهُ التَّمائِمُ
عوائدُ تُحيي في البلادِ نوائباً / تقُدُّ قُوامَ الدِّين والدِّينُ قائِمُ
أَفيقوا وهُبُّوا هَبَّةً ضَيْغَمِيَّةً / ولا تحجُمُوا فالموتُ في الجبْنِ جاثِمُ
فدون نِقابِ الصَّمتِ تنمو ملامحٌ / تبرقعتِ الشّرَّ الَّذي لا يُقاوِمُ
فقدْ فَتَّ في زَنْدِ الدِّيانَةِ معشرٌ / أثاروا على الإسلامِ مَنْ قَدْ يُهاجِمُ
فواالحقِّ مَا هذي الزَّوايا وأَهلُها / سِوَى مصنعٍ فيهِ تُصاغُ السَّخائِمُ
لحى اللهُ مَنْ لمْ تَسْتَثِره حميَّةٌ / على دِينه إنْ داهمتهُ العَظائِمُ
لحى اللهُ قوماً لم يُبالوا بأَسْهُمٍ / يُصوِّبها نحو الدِّيانَةِ ظَالِمُ
إِذا صَغُرَتْ نفسُ الفتى كانَ شوقُهُ
إِذا صَغُرَتْ نفسُ الفتى كانَ شوقُهُ / صغيراً فلم يتعبْ ولم يتجشَّمِ
ومَنْ كانَ جبَّارَ المطامِعِ لم يَزَلْ / يلاقي من الدُّنيا ضَراوَةَ قَشْعَمِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025