المجموع : 166
ألا هل لداعي الله في الأرض سامع
ألا هل لداعي الله في الأرض سامع / فاني بأمر الله يا قوم صادع
وهل من يرى لله حقا ومرجعا / اليه وأن الدين لا شك واقع
وهل من يرى أن الحقوق التي دعا / اليها رسول الله غفل ضوائع
وهل من يرى الشرع الشريف تدرأت / عليه حثالات مبير وخانع
وهل من يرى أن الحنيفة سامها / بما شاء من ضيم لعين مخادع
تمالأ ظلما خيله ورجاله / وليس لهم حد سوى الله مانع
يدوسونها دوس الحصيد كأنها / لقى وأخو الايمان في الأسر خاشع
أفيقوا بني القرآن إن هداكم / الى الجبت والطاغوت في الذل ضارع
أفيقوا بني القرآن إن كتابكم / يناقض في أحكامه وينازع
تعيث قرود الجبت في سنة الهدى / اذا عقدوا شنعاء جاءت شنائع
يعدون دين الله بهتا وهجنة / وان ليس من صوب الاله شرائع
وأن وقوع الدين في الأرض مفسد / وان قوانين السماء فظائع
وان الذي جاءت به الرسل كله / مضر لأسباب الرقي مصارع
وان هدى الاسلام في الأرض ظلمة / ولو زال بانت للرقي سواطع
وان بني الاسلام في همجية / وحوش تعادي في الفلا أو صفادع
وان بني الانسان في الأرض طائر / على شرك عز الجناحين واقع
ولولا عرى إشراكه لتوسعت / مداركهم حيث الحدود الموانع
هلم بنا نقطع حبالة ديننا / اذ الدين عن نور التمدن قاطع
ونرسل أطيار النفوس إلى الهوى / فان هواها للسعادة جامع
ونذروا وصايا الله في الريح تربة / فليس بها استغفر الله نافع
وفي دولة التعطيل مرعى ونضرة / وفي دولة الدين الديار البلاقع
ولا كون الا للطبيعة انها / لها الضر في أكوانها والمنافع
وأن ننتحل شبها لدين سياسة / ففي دولة التبشير فعل مضارع
حبالة صياد ودين ودولة / وتعطيل انسانية وخدائع
فيا لبني القرآن أين عقولكم / وقد عصفت هذي الرياح الزعازع
أمسلوبة هذي النهى من صدورنا / وهل فقدت أبصارنا والمسامع
أما كذبوا لا قبح الله غيرهم / ولا أفلحت تلك الوجوه للواكع
لقد ملأوا الآفاق افكا وخزية / وبغيا ولا مقصود الا المطامع
نفوا ملة الاسلام اذ منعتهم / محارم في حكم العقول فظائع
ولو قلدوا الاسلام ضاق عليهم / سبيل الى ما تشتهي النفس واسع
ولا أطلقتهم في الرذالة رتعا / نذالتهم مهما اقتضته الطبايع
ولا حرشتهم شرة وفظاظة / لهم كلب في نهبنا وتنازع
كأن بني الاسلام صيد رماحهم / وأملاكهم إرث لهم أو قطائع
فلا غرو أن يستنكفوا من ديانة / وقد اسلبت فيها عداها الزرايع
وليتهم اذ عطلوا الدين سايروا / طبيعة تكوين العمار وتابعوا
فأي عمار قام والظلم أسه / وتلكم ديار الظالمين بلاقع
وليت بني الاسلام قرت صفاتهم / فما زعزعتها للغرور الزعازع
وليتهم ساسوا بنور "محمد" / ممالكهم اذ باغتتها القواقع
وليتهم لم ينحروا بسلاحهم / نحورهم اذ جاش فيها التقاطع
لقد مكن الأعداء منا انخداعنا / وقد لاح آل في المهامه لامع
وسورة بعض فوق بعض وحملة / لزيد على عمرو وما ثم رادع
وتمزيق هذا الدين كل لمذهب / له شيع فيما ادعاه تشايع
وما الدين الا واحد والذي نرى / ضلالات أتباع الهوى تتقارع
وما ترك المختار الف ديانة / ولا جاء في القرآن هذا التنازع
فياليت أهل الدين لم يتفرقوا / وليت نظام الدين للكل جامع
لو التزموا من عزة الدين شرطها / لما اتضعت منها الرعان الفوارع
وما ذبح الاسلام الا سيوفنا / وقد جعلت في نفسها تتقارع
ولو سلت السيفين يمنى اخوة / لدكت جبال المعتدين المصارع
وما صدعة الاسلام من سيف خصمه / بأعظم مما بين أهليه واقع
فكم سيف باغ حز أوداج دينه / بأفظع مما سيف ذي الشرك باخع
هراشا على الدنيا وطيشا على الهوى / وذلك سم في الحقيقة ناقع
وما حرش الأضغان في قلب مسلم / على مسلم الا من النعي وازع
ولو نصع القلبان لم يتباغضا / ولا ضام متبوع ولا ضيم تابع
وما هذه الدنيا لها قدر قيمة / يضاع له ذخر من الله نافع
وما نال منها لهائلا غير اثمها / وأكدارها المستأثرون الأمانع
ولو بعدت في النفس منزعة التقى / لما نزعت نحو الشقاق المنازع
ولا ضبحت تعلو بأسباب وهمها / على غير ذي ثبت جداه القوارع
أما هذه الدنيا التي يقتنونها / ستقتضب الاعمار منها الفجائع
قراضة آجال ومطلب جاهل / ونحن لناعيها الينا ودائع
فما بيعنا الحسنى ومرضاة ربنا / بها بيعة ينمى بها الربح بائع
على أي شيء يقتل البعض بعضنا / وتذكي فظاظات النفوس المطامع
ولسنا برغم العقل نطلب وادعا / ولا أحد منا وان عاش وادع
ويكشف عن ساق لنا الحتف دائبا / ونعجله في باطل نتقارع
أليس الذي يأتي من العمر مقبلا / كمثل الذي ولى وفيه المصارع
ولو أشربت منا النفوس تبصرا / لما كان منها للشرارة ناقع
بلى أشربت داءا دخيلا اصارها / كما كمنت في حجرهن الاقارع
ولو بحثت عن دائها كان كبرها / فمنه بلا قيد تثور الشنائع
ولو فكرت في أصلها ومصيره / لدافع داء الكبر منها التواضع
رويدا بني الانسان ان شروركم / يعود عليكم ويلها المتتابع
فما أرسل الانسان سهما محرما / سوى أنه في نحر راميه راجع
ولست وان برأت نفسك خالصا / من الشر والدعوى اليه ذرائع
أنلزمها الاشرار والداء شامل / وننفي اشتراكا فيه والسم نافع
ولو سلمت من صبغة الشر نسمة / لما راع في أوكاره الفرخ رائع
وكل لجاج المرء في الشر نهمة / من النفس تغريها عليه الطبائع
أليس عجيبا زرع نفس شرورها / وعند حصاد الزرع يحصد زارع
ولولا نواميس السماء لما زكت / نفوس ولم يعرف مضر ونافع
ومن سنن الله التدافع بيننا / ليصلح مدفوع ويصلح دافع
ومن سنن الله اختبار عباده / وابلاؤهم وهو الحبى والصنائع
يصب على من شاء صبا بلاءه / وذاك بلاء للمواهب جامع
ومن سنن الله اختفاء اصطناعه / فكم شق أمر ضيق وهو واسع
ومن سنن الله التفاضل في العطا / فذو الجهل موفور وذو العقل جائع
ومن سنن الله التأني بمن طغى / وتعجيل عقبى هفوة اذ تواقع
ومنها انتقام من ظلوم بظالم / وهذا حسام للمظالم قاطع
ألم تر أن الله سلط مشركا / على مسلم والعدل للكل وازع
فما الشأن الا العدل في أي حادث / والاخفي اللطف للزيغ رادع
وفي الشأن أسرار تجلت لذي النهى / عليها جمال الله باللطف شايع
ترى سلطة لا تعرف الله أفظعت / بعارفه والعدل تلك الفظائع
فأنت اذا فكرت لم تلف ذرة / من الظلم في شيء له الله صانع
وما يوجب المقت الالهي عدوة / عدوت بها في خرق ما هو شارع
ولو ثبتت رجلاك دون حدوده / لما كان عن رضوانه لك قاطع
وما يوجب الجود الالهي رحمة / وفضل وتوب منه للتوب زارع
أيحظر أمرا ثم تهتك حظره / كأنك مدعو بما هو مانع
وأنت مع الايعاد للسخط تنتحي / ومن حيث اتيان المساخط طامع
فما من وعيد الله يمنع عاصم / اذا لم يزع من حرمة الله وازع
نضج ضجيج النيب مما ينوبنا / ونحن الى ما تقتضيه نسارع
نطاوع أسواء المغبة رغبة / ولسنا لمحمود الجزاء نطاوع
وما هذه الأوقار فوق رقابنا / يدافع عقابهن عنا مدافع
وبعض عقاب الاثم أخذ معجل / وبعض على الاملاء جانيه وادع
ولو أمحض التقدير عقل لأظهرت / شوارقها بالحكمتين مطالع
فما هو في تعجيله البطش عابث / ولا عارضته في التأني موانع
ولا هو بالاعجال يحذر فائتا / سواه تعالى قبل فوت يسارع
فجل في مجاري حكمه وشئونه / تبن لك فيها حكمة وبدايع
وفي عدله حسب اقتضاه شئونه / تدابير وحدانية لا تمانع
فلا تخبطن في فهم أحكام عدله / اذا اختلفت أشكالها والمواقع
ورب بلاء حل في شكل عدله / وما هو الا الفضل واللطف واقع
فمن ذاك للتوفير وهو أجله / ومنه لتمحيص لذنب يواقع
وتقديمه انذاره ووعيده / الى عبده حد عن العدل مانع
وفي عين هذا العدل فضل محقق / الى مستقر الفضل والجود نافع
وذلك في الجود الالهي لازم / ليذكر اللاهي وينزع نازع
وعاقبة الانذار انقاذ عبده / حذارك مما قيل خلف وشافع
فقم نحو ما يدعو اليه بفضله / فداعيك قيوم برحماه واسع
ولا تعجب ان خالفته كيف بطشه / فمالك الا صحة التوب نافع
ولا تعجبن مما تراه مسارعا / الينا فعدل الله هذا المسارع
الى ما أفضنا فيه من ترك أمره / واتيان منهياته العدل صادع
ففيم صراخ المسلمين وجأرهم / وأغلبهم للمقسطين منازع
لهم في أساليب الشقاق طرائق / وكل طريق في الضلالة شارع
وأغلبهم للاستقامة شانيء / بسيف التعدي في حمى الله شانع
ولو شملتنا الاستقامة لم نزل / لنا ألفة ترفض عنها المطامع
سقى الله أرضا تنبت القسط سوحها / وبين رباها العلم والحق راتع
ربوع بحمد الله نور "محمد" / عليها بنور الله أبلج ساطع
وحيت يمين الله بالروح والرضا / رجالا لهم تلك العراص مرابع
رجال سعوا لله سعيا مباركا / فما قطعتهم عن رضاه القواطع
أنابوا الى الله اتباع سبيله / فما صدعتهم في السبيل الصوادع
وقاموا بمفروض القيام عليهم / فما عز جبار ولا ذل ضارع
فما جمعوا ما فرق الله جمعه / ولا فرقوا في الدين ما الله جامع
ولا شرفوا الا بخالصة التقى / حظوظهم منها البحور الجوامع
بهم يقتدى في العلم والهدي والهدى / وعن خلقهم تروي النجوم السواطع
عليهم وقار الرسل أرست جباله / وهم لكمالات النفوس مطالع
تجلت لهم من باطن الشرع حكمة / ولو أظهروها ناقضتها الشرائع
ألحوا على الاخلاص حتى تفجرت / على لسنهم بالحمتين ينابع
ولو أظهروا من حكمة السر ذرة / لكانوا بحكم الظاهر الشرك واقعوا
فبورك علما طابع الشرع باطنا / وفي ظاهر الأحكام للعذر قاطع
أولئك أهل الله رحمة أرضه / بهم تمطر الارض السحاب الهوامع
أولئك أوتاد الوجود وغوثه / وأحوالهم في الاعتبار شوافع
أولئك أهل الحق ما ضل مقتف / هداهم ولا يغوي عليهم متابع
أولئك أهل الفهم ما جار فهمهم / عن الله ما يقضي وما هو شارع
أولئك أهل الخير أما حياتهم / فغنم وأما ذكرهم فذرايع
أولئك أهل الفضل حتى ولو فنوا / لهم بركات في الدنا ومنافع
أولئك أشياخي فجئني بمثلهم / اذا جمعتنا يا جرير المجامع
ولست بجاء في الوجود بمثلهم / وللقوم شأن في الولاية شاسع
وللقوم ارث صادق من "محمد" / لكل هدى للرسل لا شك جامع
وماذا عسى أن يبلغ الحمد فيهم / وهم لضياء المرسلين مطالع
نعم أن نور الرسل في قلب ختمهم / وفي القوم نور الختم أبلج ساطع
سرى علمهم بالله في سر سرهم / وهذا لصدق الاتباعين تابع
وما صدقوا في الاتباع لغاية / ولكن لحب الله فيهم نوازع
ومحترق الأركان من خوف ربه / له صعقات بينه ومصارع
له ما عدا العلم القديم صحيفة / يشاهد فيها صنعه ويطالع
ومهما يكن في الملك والملكوت من / بدائع لم تحجبه تلك البدايع
يرى كل شيء غير مرضاة ربه / رمادا به اشتدت رياح زعازع
ولو خالست منه العلائق لفتة / كفاها من التوفيق عنه ممانع
يطارد آفات الوجود بعزمه / فتنكص حسرى عنه والعزم ناصع
رمى عرض الدنيا وراء يقينه / بأن وراء الحد شأنا يسارع
يحرر نفسا من عبودة مطمع / سوى رغب فيه الى الله طامع
به أنف الأملاك في نضرة الغنى / وما نال منه ما تقل الأصابع
كفته لقيمات يقومن صلبه / وطمر من الانهاج بأياه راقع
يلذ فطام النفس عن كل لذة / ولذات هذا العيش بئس المراضع
يبيت اللأحزان جمرة قلبه / تشب اذا سالت عليها المدامع
اذا ذكر الأخرى تضاءل جازعا / كأن راعه من هادم العمر رائع
وان ذكر الدنيا تفانى وأصعقت / مشاعرة تلك الصعاب القوارع
على وحشة في السجن من بغتة الفنا / وما خلف يوم الموت كيف المفازع
وما زخرف الدنيا وان راق رونقا / على عينه الا العنا والفجائع
أحال على أنفاسه البر والتقى / فللبر والتقوى عليها طوابع
على الأرض منكور ويعرف في السما / له مخبر بين الملائك شايع
تراه متى ما الليل عمد بيته / عمودا على محرابه وهو راكع
يشعشع بالقرآن أنوار قلبه / فعنهن شقت للعيون المدارع
يرجع في الديجور رنة ثاكل / نحيبا كما ناح الحمام السواجع
يناوحه همان هم مخافة / وهم رجاء والبرايا هواجع
بأمثال هذا يرحم الله خلقه / وان عظمت أحداثهم والشنائع
بأمثال هذا تحفل الشاة ضرعها / ويسمن مهزول ويقطف يانع
بأمثال هذا يخصب الله أرضه / ويشرب عطشان ويشبع جائع
بأمثال هذا تنزل السحب رجعها / وينضر صدع الأرض وهي بلاقع
بأمثال هذا يدفع الله سخطه / وليس لسخط الله في الأرض دافع
لهم منزل في القرب للخلق نافع / وحدّث وأطلق كيف تلك الموانع
أولئك أبرار الأباضية الألى / على نهر حرقوص وزيد كوارع
هم القوم أحرار الوجود سمت بهم / الى الله من حظ سواه المنازع
محبتهم ديني بها أبتغي الرضا / الى الله والزلفى وهم لي ذرائع
ودعوتهم لي سنة وجماعة / أجهاد في احيائها وأقارع
واني وان يتركني السيف قعددا / فذلك للأمر الذي لا أدافع
قضى الله أن أحيا من العجز قابعا / وما أنا في همي الى الله قابع
اذ لمت نفسي أقنعتني قيودها / وما أنا دون النصر لله قانع
وما نصرتي بالقول والقول تشتفي / من الغيظ لولا دون عزمي موانع
الى الله أشكو حائلا صد همتي / فعشت كما عاش الجبان الموادع
أأحيا كسير النفس والسيف عانيا / وسيف الأباضيين في الخصم شارع
على أنني إن هدني الحزن هدة / ونهنهني مما قضى الله قادع
ليعلم قصدي عالم الجهر والخفا / وللعبد ما ينوي وان سد مانع
لعل ختام القصد نيل موفق / يهيئه حول من الله واسع
فأضحى بتهليل السيوف مهلالا / متى حيعلت نحو الجهاد الوقائع
ويرضى الهي في مواطن حربه / قيامي اليه والرماح كوارع
لعلمي ان لاقيت حتفي مجاهدا / فذلك فوز عشت فيه أنازع
وان وقوع الموت للمرء موضع / وليس لموت كالجهاد مواضع
وما مات من ألقى الى الله نفسه / وان حولت وسط اللحود المضاجع
وأي رجاء بعد ستين حجة / لعيش وهل ماض من العمر راجع
فهلا انقطاع العمر لله لحظة / أحق به والعمر يبليه قاطع
ولم يبق منه غير فضلة ساغب / سيخطفها من طائر الموت واقع
وأمنيتي في بيعها من إلهها / بسوق جهاد حيث تزكو البضائع
على الله احسان الخواتم انه / اذا شاء بين العبد والخير جامع
معاهد تذكاري سقتك الغمائم
معاهد تذكاري سقتك الغمائم / ملثا متى يقلع تلته سواجم
تعاهدك الانواء سح بعاقه / فسوحك خضر والوهاد خضارم
إذا أجفلت وطفاء حنت حنينها / على قنن الأوعار وطف روازم
ولا برحت تلك الرياض نواضرا / تضمخها طيب السلام النسائم
تصافحها بالزاكيات أكفها / فيحسب فيها والرياض تراجم
معاهد شط البعد بيني وبينها / وحل بقلبي برحمها المتقادم
تزاحم في روعي لها شوق واله / وصبر وآن الصبر أن لا يزاحم
اذا لاح برق سابقته مدامعي / وليت انطفاء البرق للغرب عاصم
لئن خانني دهري بشحط معاهدي / فقلبي برغم الشحط فيهن هائم
وان هيام القلب فيها وقد نأت / وسائل في شرع الهوى ولوازم
فيا لفؤادي ما التباريح والجوى / فعلن إذا ازدادت عليه اللوائم
على ان ذكر النفس عهدا ومعهدا / امض بها مما تمج الأراقم
خليلي في أعشار قلبي بقية / اضن بها ان ناوحتها الحمائم
خذا عللاني عن أحاديث جيرتي / فاني بحب القوم ولهان هائم
ولا تسلما عقلي الى هيمانه / فذكرهم عندي رقى وتمائم
نزحت وفي نفسي شجون نوازع / اليهم ونازعت الأسى وهو خائم
فكم جعلت نفسي تطالب صبرها / بنصر فيأبى الصبر الا التناوم
يقوم فيعروه التياع مبرح / فينكص وهناً فهو يقظان نائم
على غردان الايك مني تحية / كما هيمنت ريح الصبا والبشائم
أثارت رسيسا في الفؤاد بما شدت / ففاض به من ماء جفني راسم
خليلي ما تذكار ليلى لبانتي / أقامت بنجد أو حوتها التهائم
ولا ربعها العافي عليه تناوحت / صبا ودبور أو بكته الغمائم
تهادى به الآرام والعفو رتُعا / كما تتهادى البهكنات النواعم
ولا شفني حب لغيداء كاعب / كما ارتاع خشف في الخميلة باغم
ولكن شجاني معهد بان أهله / فبان الهدى في أثرهم والمكارم
توشح منهم بالنجوم فمذهوت / تعمت على أهل البلاد المعالم
تمادت به العلياء ترفع شأوه / بما أثلث فيه السراة الأكرام
لعمري لنعم المعهد المهتدى به / وقد ملأ الدنيا ظلام وظالم
هو المعهد الميمون أرضا وأمة / وان زمجرت للجور حينا زمازم
هو المعهد الممطور بالرحمة التي / سقت من امام المرسلين المراحم
سيكثر ورادا على الحوض أهله / اذا جاء يوم الحشر والكل هائم
لقد صدقوا المختار من غير رؤية / وتكذيب جل الشاهدين مقاوم
أولئك قومي باركتهم وأرضهم / بدعوة خير العالمين المكارم
ومن شعب الايمان حب يشفني / تجاذبه تلك الديار الكرائم
عقدت بها أنس الحياة وطيبها / وان شردت بي للبعاد هوازم
ولو صارفتني في محبتها الدنا / رضيت بها منها وما أنا نادم
واني ولبس الدهر جلدة أجرب / تجاهي وآمالي محال محارم
ومر الليالي كالحات عوابسا / علي كأني للكوارث جارم
تجشمني والصبر بيني وبينها / أفاعيلها فيمن عدته المآتم
وحنكي صروف الدهر حتى تبلدت / وأبصرت ما أخفين والجو قاتم
وأعجزني أن أستطيع مطالبي / من الله ما لم تمتلكه العزائم
لأعلم أن الخطب يصبح آزما / ويمسي قد انحلت عراه الأوازم
الى كم يلز الدهر نفسي بلية / ويقطعني عما تريد العظائم
وما جشأت حينها لهول ينوبها / ولكن من الأقدار مالا يقاوم
أحاول أمرا لونبا السيف دونه / لما عيب والأقدار عنه تصادم
أيغمدني كالسيف دهري عن العلى / وما حُمدت قبل الفعال الصوارم
وما همة المقدام الا مضاضة / اذا منعتها عن مناها الشكائم
أيكبت همي خامدا غير حامد / له العدل أمرا وهو في النفس جاحم
وأصبر نفسا مرة لاذمارها / حمته ولا انقضت عليه اللهاذم
ويقدح زند الروع من زاد همه / كهمي وأقوى ما لزندي ضارم
كفى حزنا أن أحسو الموت ليس في / جناحي خواف للعلى وقوادم
ويركب ظهر الروع حر غشمشم / ويقطعني عما امتطاه القوائم
ويأتدم العداء لحمي مهنئا / وما مرئت للصائدين الضراغم
ائن لفجت كفي بتشتيت طولها / الى حيث احساب الرجال تزاحم
يلم علي الدهر اعزاق سوقه / سفاها كما التفت علي السماسم
أيهزل هذا الدهر أم جد جده / وهل سروات المجد فيه مغانم
وهل عرقه وجه السري نقيبة / تزين وهل بخس الكرام مكارم
أينهض أهل الله والحق عندهم / ونصري محصور وهمي عاسم
وما ورق الدنيا مراعي عزيمتي / اذا أمرعت روض الدنايا العزائم
وفي النفس هم فضفض الصدر لاعج / تساور ادراكي مداه الصيالم
وأطول ما أقضي به أقصر المنى / خيال اصطبار بينها لو يلازم
فيالهفا اما قضيت وما قضت / حقوق معاليها الهموم العوارم
وما النازع المقصود فارق أرضه / يحن وفي شد الحبال القوائم
إذا لاح برق نازع الحبل سادما / فيكبو على اللبات والحبل لازم
بأوسع حزنا من بقية مهجتي / وان قلت اني الصابر المتحازم
أفارق في أفريقيا عمر عاجز / وبي كيس كالطود في النفس جائم
كأني كهيم الطبع أو قاصر الوفا / أو الخصم مظلوم أو الحق ظالم
وتسري سيوف الله في جنب خصمه / بايمان أمجاد وسيفي نائم
تجردها لله أسد أبية / توادد في ديانها وتصارم
وترمي بقايا الصالحين نجيعها / فتمسحها حور الجنان النواعم
ويغنم أهل (النهروان) شهادة / وما هي الا طعنة فالمغانم
يبيعون دنياهم بمرضاة ربهم / وان لامهم في مطلب الحق لائم
واقعد مخشوشا على مبرك الونى / ويحكمني عن غاية القوم حاكم
أليس احتساء الموت أحجى بحالتي / على أن بيني والمنايا تلازم
ينادي لاحدى الحسنيين مؤذن / واقعد عن تأذينه أتصامم
أدون فتوح النصر ترضى دنية / وهل في سوى الفردوس يخلد نائم
وهل حمدت في الأرض بعد (محمد) / وأصحابه الا الشراة الصماصم
وهل فاز بالعلياء الا مصمم / تهون لديه المزعجات الجسائم
اليكم أسود الله مني تحية / يمور بها فلك وتحدو رواسم
اليكم صناديد الغبيراء مدحة / لها في ذرى السبع الطباق دعائم
اليكم ليوث الاستقامة مدحة / لها في الكروبيين قدر مزاحم
أخذتم بأمر الله قلبا وقالبا / وشاهدكم نصر من الله قائم
وكافحتم عن عزة الدين خصمها / فعزت وأس العز تلك الملاحم
وقام لأبناء الحنيفة معقل / بنته لهم تلك القنا والصوارم
وقمتم بحكم القسط حتى تشعشعت / بأنواره بيد الفلا والعواصم
وصادرتم الأخطار في نصر ربكم / وهانت عليكم في الجهاد العظائم
ضمنتم قيام العدل لله حسبة / فقام بحمد الله والجور راغم
ذكرتم عهود الصالحين واحدقت / بوائق دهر نكرها متفاقم
فآثر تم ما آثرت سنة الهدى / وغيرتم بالسيف ما الله ناقم
على الأمر بالمعروف والنهي منكم / عن المنكر اشتدت لديكم شكائم
عرتكم لأخذ الحق لله غيرة / فآضت بفتح والثواب المغانم
وقفتم وسيل الظلم طام وطالما / بأزمائها باتت لنصر حوائم
فباء بحمد الله بالخزي خاسئا / لداهية تنقد منها الحيازم
وابتم وحد السيف بالعدل بارق / يبشر أن الحتف للظلم داهم
نعم ثبتت أقدامكم وقلوبكم / فولت أمام الحق تلك المظالم
وخابت أماني البغاة مهيضة / وقامت على قرن الشقاق المآتم
وأصبح سيف الله في كف دولة / لها مدد من ذي الجلال وعاصم
فما خام عنها غير نكس منافق / كما قام فيها أروع النفس حازم
وأصبح سلطان الشريعة ثابتا / له عمد في تخته ودعائم
على بيضة الاسلام قر أساسه / وطائره فوق السماكين حائم
وكانت ( عمان) الجور ملء أهابها / مجامل غفلا ليس فيها معالم
فأشرق نور الله في عرصاتها / الى أن أضاءت من سناها العوالم
وكانت حميات الرجال تحزبت / فأصبح كالعقد الشتيت العماعم
وصار جهاد المعتدين مشاعرا / يحج اليها المقسطون الأعاظم
منظمة ألبابهم وسيوفهم / ونياتهم والحق للكل ناظم
يؤلفهم ايمانهم واحتسابهم / كمؤتلف الأنصار والدخل عارم
فجمعهم فرد وفردهم به / غناء إذا كرَّ اللهام الخضارم
هنيئا للأهل الحق صدق انتصارهم / ويقظتهم في الله والدهر نائم
وفوا بوصايا الله في السخط والرضا / كراما وأفعال الكرام كرائم
فما حصروا في موقف الحق لمحة / ولا وسعوا ما ضيقته المحارم
ولا ختلبتهم زهرة العيش في الهوى / ولا زينتهم في المخاري العمائم
ولا حسدوا من نعمة الله ذرة / اذ الفضل مقسوم وذو الفضل قاسم
ولا احتقروا ذا القدر في منصب التقى / ولو زهدت للفقر فيه العوالم
ولا داهنوا في الدين من أجل مطمع / يسيل به أنف من الكبر وارم
تراموا على القرآن شربا بمائه / فأصدرهم والكل ريان هائم
مقدسة ألبابهم ونفوسهم / وأفعالهم والمنتحى والعزائم
لهم قدم في الاستقامة ثابت / وهمّ على الاخلاص لله قائم
وأيد عن الدنيا قصار قواصر / وفوق أعاديهم طوال قواصم
تمر بهم حالان للبؤس والرخا / وفيهم على الحالين وقر ملازم
ومن أذهلته طاعة الله أثرت / عليه فلم يحفل بحال تصادم
بأنفسهم شأن الى الله وجهه / شديد القوى تنبو عليه الصوارم
تجاذبهم وجهان وجه من الرجا / نضير ووجه بالمخافة ساهم
اذا خالفوا فالمسك طارت به الصبا / وان أفضلوا فهي اللجاج العيالم
وان حاربوا تستبشر الحرب منهم / لأن قراهم للحروب الملاحم
لهم في سبيل الله جد ونجدة / وثبت لكبات الوغى وصرائم
واقدام ضرغام اذا البهم أحجمت / وصخت بأذان النجوم الهماهم
وتشبيههم بالأسد تقريب ناعت / وشتان أقمار الهدى والبهائم
لقد وثبوا حياهم الله وثبة / رمى الكفر منها المخزيات القواصم
وشدوا بعزم الرسل لله غيرة / على قدر أهل العزم تأتي العزائم
فباءوا ونور القسط للجور باهر / عزيز وتيجان الضلال مناسم
وللحق أعناق البغاة خواضع / واذرعهم في بطشهن معاصم
وأبطال خيل الله تحكي أهلة / من الظفر الميمون منها المباسم
وألوية التحكيم تنشر عزها / وتدعو الى حكم به الله حاكم
وفتح (امام المسلمين) وقهره / وسلطانه لا ينتحي عنه عاصم
وخيل جنود الله تصبح شُزَّبا / بثارات "عزان بن قيس" تصادم
ومن همها ثأر"الخليلي" انها / اذا ذكرته طيرتها العزائم
أتذهب ادراج الرياح دماؤه / ولا كدم العصفور ما فيه قائم
وتعبث فعل الرافضي بوجهه / ولألاء ذاك الوجه في العرش ناجم
ويدفن حيا لا جريمة تقتضى / سوى أنه بالحق لله قائم
أليس من الغم المميت وقوعها / وطرف ولي الثأر في الأمن نائم
وتنسى قلوب المؤمنين مصابة / وللآن منه في السماء مآتم
ألا فاغضبي يا غارة الله ولتقم / نوادبه سمر القنا والصوارم
ولا تتركي ثأر المرزء حبرنا / " سعيد بن خلفان" لمن هو خائم
فان خام عنه وارتضى الضيم ملبا / وسالم فالأيمان ليس بسالم
ليحتكمن الله أخذا بثأره / ويعجز عند الاحتكام المقاوم
فلا تحسبوا أن الدماء مضاعة / اذا سفكتها في هواها المظالم
وان ضيعتها أهلها فحقوقها / يغار لها للعدل بالقسط قائم
خذي يا خيول الله في كل مرصد / بحملة غيظ تتقيها الصلادم
ولا تتناسي سيرة الحبر "صالح" / فسيرته للمهتدين معالم
قضى دهره لله محتسبا له / ومات شهيداً والقذائف ساجم
وما ساءني أن أكرم الله وجهه / بموت رجاه الطيبون الأكارم
تأسى بقوم بالشهادة أكرموا / لهم موطن في جنة الخلد دائم
وما قصرته همة عن مقامهم / الى أن تولى والتراث المكارم
فهل عند "عيسى" أن يقوم مقامه / وهل عنده أن القعود محارم
وهل عنده أن الجهاد فريضة / وقد وضح الامكان والخصم خائم
وهل عنده أن المقدر كائن / وان وقوع الحتف بالمرء لازم
وهل عنده أن المعالي صعبة ال / مراقي وأهلوها السراة اللهامم
وهل عنده أن الحدود تعطلت / وان حقوق المسلمين عنائم
وهل عنده أن المناهي أكرمت / وناب أعادي الله في العرف آزم
وهل عنده للاستقامة نصرة / وقد هجمت للقاسطين الهواجم
وهل عند "عيسى" أن للفرض عادة / قديمة ذكر جددتها المقادم
وفرض على ذي الفرض عادة فرضه / اذا لزمت حامي الذمار اللوازم
فدى لك نفسي يا ابن" صالح" قم بها / فانك للسيف الأباضي قائم
تجرد لها واذكر وقائع "صالح" / ودونك أسلاف كرام ضراغم
وخذ من قلوب المؤمنين بشعبة / فان قلوب المؤمنين صوارم
أناديك للجلى وأنت شهابها / وقمقامها ان أعوزتها القماقم
فخذ من "امام المسلمين" بضبعه / فمثلك من تدعو الأمور العظائم
ولا تلق للتنفيذ أذنا فانه / له بيعة صدق وقدر ملازم
وأنت بأحكام الامام وحقه / عليك وأحكام الولاية عالم
وقد أمكنتكم فرصة لقيامكم / وكم رامها من قبل ذا الوقت رائم
فلا تهملوها بعد أن جد جدها / وقام بها حسب الشريعة قائم
ألا فالزموها سنة وجماعة / وقد طالما حنت اليها العوالم
وعضوا عليها بالنواخذ جهدكم / ففيها بدايات الهدى والخواتم
يكن جهدكم فيها دليلا لنهضة / لأزكى صفات الصطفين تلائم
وان لكم فيمن هدى الله أسوة / وان هداكم للعباد معالم
وانكم للصالحات أدلة / وانكم للمرتقين سلالم
وان للأباضيين في الأرض حجة / على الناس ذي جهل ومن هو عالم
وان الذي وفى بشرعة دينكم / ومات عليهم فهو لا شك سالم
وان أمام المسلمين على هدى / مخالفة باغ على الحق ظالم
امامته حق وفرض اتباعه / على ساكني المصر العماني لازم
وان الذي وفى بطاعة أمره / ولي والا فالعدو المخاصم
وهذا اعتقاد فوق كل مكلف / له من أصول الدين قطعا دعائم
لقد شكر الله الذين تعاونوا / على البر والتقوى وفي الله قاوموا
وحسب الامام المهتدي من كرامة / بأن قام والدنيا جميعا تراغم
ومن يكن المنصور من عند ربه / وقاومه المخلوق ذل المقاوم
امام الهدى أن ينتضي الدين سيفه / فأنت له حد ونصل وقائم
أبرر فيك الحمد واللسن أخرس / وأبسط فيك المدح والعي واقم
واسترشد الأفكار فيك فأنثني / بأوضح أفهامي كأني واهم
وهيهات لم تبلغ بدائع مدحتي / لفضلك الا حيث تعي التراجم
وانى لما أرضى لمدحك كاره / لأنك للدنيا جميعا مصارم
ولكن حر القول ينحو مقره / كما أن للتيجان تنحو اليتائم
وما انتقي التمجيد فيك وانما / إليك اهتدى حر الكلام الملائم
يسابق فيك الحمد قبل انتقاده / وهذا لأن الحمد فيه مكارم
ولست بأقصى الحمد فيك مموها / الى العرض الفاني بشعري أزاحم
ولكن رأيت الله يمدح أهله / ومن فضله بدء العطا والخواتم
هداهم اليه ثم أثنى عليهم / وذلك في احسانه متلازم
وحمد ولي الله عين ولاية / وتوقيره فيض من الله ساجم
فكل رجائي بالثناء عليكم / ذخائر عند الله لي ومغانم
وأسنى حظوظي أن أوفق معية / وحب الى يوم القيامة دائم
فان محب القوم لا ريب منهم / قسيمهم ان مغنم أو مغارم
أحاول فوزا من حياتي بقربكم / يراعي وسيفي والنهى لك خادم
وانى لدهر صدني عنك شانئ / وحتى متى من صرفه أنا واجم
ادبر حزم الرأي في حل قيده / وهيهات أعيا منه عي وحازم
واني أشيم البرق من حيث نفعه / وانك أجدى بارق أنا شائم
وسرك بالتفريج أوحى مؤمل / وان سدت الأبواب دوني البوازم
فصل يا ولي الله وصلي بخطرة / على القلب لا تبقى عليها الأوازم
فان قلوب الأولياء فواعل / لا بحر نور الله فيها تلاطم
محل تجلي الحق مشكاة نوره / له وسعت اذ لم تسعه العوالم
فلا بدع من تأثيرها حيث أثرت / ولو حييت منها العظام الرمائم
واني بحمد الله فيك لمخلص / ولو خاصمتني في الولاء الخواصم
ومالي وللأعداء جاشت صدورهم / وغصت بما تحوي الصدور الحلاقم
على أنني واليت في الله أهله / وعاديت من نيطت عليه المآثم
ومن لهم أن أخذل الحق ظالما / ويظفر مني بالولاية ظالم
وهذا محال لا ينالون نيله / ولو ضغمت جسمي عليه الضياغم
"يديرونني عن سالم وأريغه" / وجلدة بين العين والأنف سالم
ولو نصبوا جسمي وجروا جيوشهم / لرفع حياتي لم ترعني الجوازم
وما آنس الأعداء مني هشاشة / أبى الله لا حيث تدعو المكارم
وكم عجموا عودي على الدين فانثنت / كلالا عن المر الصليب العواجم
ولولا المقادير التي عزت القوى / وما اكتسبت مني الخطوب الغواشم
نذرت حياتي تحت ظل لوائه / وأحرزت خصلي اذ تحز الغلاصم
ولم يك قسمي غير ضربة قاضب / اذا قسمت فوق الفروق الصوارم
أو الطعنة النجلاء ترمي نجيعها / تفوز بها مني الطلى واللهازم
وتلك لعمر الله أبخس قيمة / لرضوان ربي يوم تعطى المقاسم
بحب (أمير المؤمنين ابن راشد) / أدين وأنف الخصم خزيان راغم
محبة من باع الضلالة بالهدى / يبيع ويشري مؤمنا ويساوم
محبة من لا يتقي الموت مسلما / يحارب في دين الهدى ويسالم
إليكم عباد الله مني نصيحة / يبررها قول من الله جازم
أحقاً تقاعدتم بها وهي دينكم / وخارت عن العز المقيم العزائم
أحقا ًعباد الله بعض سيوفكم / لدعوة أهل الاستقامة حاسم
أحقا عباد الله بعض قواكم / لقوة عباد الصليب دعائم
أفي عزة الطاغوت يشهر مؤمن / حساما وتهوي في أخيه اللهاذم
أحقا عباد الله أن خياركم / تناصب قوام الهدى وتقاوم
سيوفكم يا قوم سيفان خاذل / لحق وسيف في المحقين خازم
أيهدم ألف ما بنى الفرد منكم / وكيف بناء الفرد والألف هادم
ويا أسفا أن تهشم العقر فتنة / زبون وتزجيها رجال معاصم
عرفناهم بالخير حينا فمذ بدت / سرائرهم لم تبد الا الأراقم
نصبتهم الدنيا فكانوا سباعها / وصيدهم منها الذميم المصارم
تمنيتم أن يظهر العدل لمحة / فلما بدا شدت عليه الضياغم
أفي العدل حيف أم من العدل ذلة / عليكم وكل العز للعدل لازم
وكيف يعادي العدل من همه التقى / ولكنه بغي بكم وتعاظم
هممتم بأمر والرزايا تنوشه / ويعقبها عدل من الله قاصم
فيا فتنة عظمى تحرشتم بها / تقضكم أنيابها والملاهم
فما تنتهي الا وللبغي صرعة / وحد حسام الله في البطل حاكم
وتنصر أهل الله غيرة ربهم / وأين اذا غار الاله المقاوم
ويعلو (امام المسلمين ) بعدله / عزيزا وميزان الحنيفة قائم
سميري وهل للمستهام سميرُ
سميري وهل للمستهام سميرُ / تنامُ وبرق الأبرقين سهيرُ
تمزقُ أحشاءَ الرباب نصاله / وقلبي بهاتيك النصال فطيرُ
تطايرَ مرفض الصحائف في المل / الهن انطواءٌ دائبٌ ونشورُ
يهلهل في الآفاق ريطا موردا / طوال الحواشي مكثهن قصيرُ
بمنتحبات مرزمات يحثها / حداءُ النعامى دمعهنُ غزيرُ
تنبه سميري نسأل البرق سقْيَهُ / لربع عفته شمأل ودَبورُ
ذكرت به عهداً حميداً قضيتهُ / وذو الحزن بالتذكار ويكَ أسيرُ
عهوداً على عين الرقيب اختلستها / ذوت روضة منها وجف غدير
متاعي رجع الطرف منها وكل ما / يسرك من عيش الزمان قصير
وبي من تباريح الجوى ما شجا الهوى / وذلك ما لا يدعيه ضمير
وفت لرسيس الحب بالصبر مهجتي / وما كل من شف الغرام صبور
إلا فما بالي وغور مدامع / ودمع التصابي لا يكاد يغور
أدهرى عميد الحب والعود ذابل / فهلا واملود الشباب نضير
عذير غوايات الغرام من الصبا / وما لغوايات المشيب عذير
وكل غرام قارن الشيب سوءة / وكل غرير في المشيب غرور
أبعد تباشير المشيب غواية / وللعقل منها زاجر ونذير
تناقلني عمران عمر قد انحنى / يشيب وعمر للشباب كسير
تناهت حياتي غير نزر على شفا / وذلك قدر لو نظرت يسير
صبابة عمر حشوها الغي والهوى / وهذا مقام بالتقاة جدير
تقضى ثمين العمر في نشوة الهوى / وحشو مزادي باطل وغرور
أألهو وقد نادى المنادي لمنتهى / إليه وإن طال المطال أصبر
وصبحان من عقل وشيب تنفسا / فذا مسفر هاد وذاك سفير
أأترك نفسي بعد ذا بيد الهوى / تسام كما جر الحمار جرير
وأوقرها شراً وفيها استطاعة / إلى الخير والناهي الرقيب غيور
وإني وإن سومت نفسي بمسرح / مراعيه سم ناقع وشرور
يطور لي الشيطان أطوار كيده / ونفسي له فيما يشاء نصير
فلست بمتروك سدى دون موقفي / على الغي عقبى أشرفت ومصير
سيوقفني من رقدة اللهو ناعب / يحط بمحتوم الردى ويطير
مقضي بي المحيا وجهلي مطيتي / وقائدها دنياي وهي غدور
أمان وأوهام وزخرف باطل / سراب بقيعان الفلاة يمور
محصلها بالكد والكدح راقب / لفوت وتفريق إليه تحور
فليس سديداً جمع هم لجمعها / ودائرة التفريق سوف تدور
سنتركها بالرغم وهي حبيبة / ورب حبيب للنفوس مبير
ومن عجيب ميل النفوس لعاجل / يحول على اكداره ويبور
وإسراعها في الغي إسراع آمن / وناقد أعمال العباد بصير
متى أقلعت عنا المنون وهل لنا / بغير طريق الغابرين عبور
أم الأمل الملهى براءة غافل / من الموت أم يوم المعاد يسير
أتمرح إن شاهدت نعشا لهالك / إليك أكف الحاملين تشير
ستركب ذاك المركب الوعر ساعة / إلى حيث سار الأولون تسير
نقى من غبار الأرض بيض ثيابنا / وتلك رفات الهالكين تطير
لي الويل هلا أرعوي عن مهالكي / أما في المنايا واعظ ونذير
أما في عويل النائحات مذكر / أم النوح حولي والبكاء صفير
أم الغارة الشعواء من أم قشعم / يشن أصيل هولها وبكور
على كل نفس غير نفسي رزؤها / ويمنعني منها حمى وستور
بلى سوف تغشاني متى حان حينها / فيعجز عنها ناصر وعشير
وتفجأني يوما وزادي خطيئة / واثم وحوب في الكتاب كبير
أرى الخطب صعبا والنفوس شحيحة / على زخرف فإن مداه قصير
وتلك ثمار الجهل والجهل مرتع / وخيم وداء للنفوس عقور
ولو حاولت نفس عن الشر نزعة / تنازعها طبع هناك خؤور
فزجت بها الآمال في غمراتها / إلى إن دهاها منكر ونكير
فثبطها تسويفها وهو قارض / لرمة اجال النفوس هصور
ودأب النفوس السوء من حيث طبعها / إذا لم يصنها للبصائر نور
بها ترتمي في الخسر آفات طبعها / خلائق توحيها الجبلة بور
تدارك وصايا الحق والصبر إنما / يفوز محق بالفلاح صبور
وخذ بكتاب الله حسبك إنه / دليل مبين للطريق خفير
فما ضل من كان القرآن دليله / ُوما خاب من سيرَ القرآن يسير
تمسك به في حالة السخط والرضا / وطهر به الآفات فهو طهور
وحارب به الشيطان والنفس تنتصر / فكافيك منه عاصم ونصير
دعيت لأمر ليس بالسهل فاجتهد / وسدد وقارب والطريق منير
وأسس على تقوى من الله توبة / نصوحا على قطب الكمال تدور
وزن صالح الأعمال بالخوف والرجا / هما جنة للصالحات وسور
وبالعدل والإحسان قم واستقم كما / أمرت وبادر فالمعاش قصير
وراقب وصايا الله سرا وجهرة / ففي كل نفس غفلة وفتور
وجرد على الاخلاص جدك في التقى / ففوقك بالشرك الخفي خبير
وثابر على المعروف كيف استطعته / ودع منكرات الأمر فهي ثبور
ومل حيث مال الحق والصدق واستبق / مليا إلى الخيرات حيث تصير
واخلص مع الجد اليقين فإنه / به تنضر الأعمال وهي بزور
وبالرتبة القصوى من الورع التبس / فللورع الدين الحنيف يحور
وكن في طريق الاستقامة حاذرا / كمين الاعادي فالشجاع حذور
يجوز طريق الاستقامة حازم / على حرب قطاع الطريق قدير
مراصدها شتى وفي كل مرصد / لخصمك حربٌ بالبوار تغور
فلا تخش ارهاقا وساور ليوثها / بعزم يفض الخطب وهو حسير
ورافق دليل العلم يهدك انه / طريق يحار العقل فيه وعير
وفعلك حد المستطاع من التقى / على غير علم ضيعة وغرور
فما زكت الطاعات إلا لمبصر / على نور علم في الطريق يسير
أتدخر الأعمال جهلا بوجهها / وأنت إلى علم هناك فقير
فيا طالب الله ائته من طريقه / وإلا فبالحرمان أنت جدير
فلست إذا لم تهتد الدرب واصلا / قبيلك في جهل السلوك دبير
وما العلم إلا ما أردت به التقى / وإلا فخطأ ما حملت كبير
فكم حامل علما في الجهل لو درى / سلامته مما إليه يصير
وما أنت بالعلم الغزير بمفلح / ومالك جد في التقاة غزير
وحسبك علما نافعا فرد حكمة / بها السر حي والجوارح نور
تعلم لوجه الله وأعمل لوجهه / وثق منه بالموعود فهو جدير
تعرض لتوفيق الإله بحبه / ودع ما سواه فالجميع قشور
هو الشأن بالتوفيق تزكو ثماره / ومتجره والله ليس يبور
كأي رأينا عالما ضل سعيه / وضل به جم هناك غفير
معارفه بحر ويصرف وجهه / إلى الباطل الخذلان وهو بصير
وأفلح بالتوفيق قوم نصيبهم / من العلم في رأي العيون حقير
وتلك حظوظ للإرادة فسمها / وحكمة من يختارنا ويخير
تحزبت الأحزاب بعد محمد / فكل إلى نهج رآه يصير
وقرت على الحق المبين عصابة / قليل وقل الأكرمين كثير
هم الوارثون المصطفى خير أمة / لمدحهم آي الكتاب تشير
أولئك قوم لا يزال ظهورهم / على الحق ما دام السماء تدور
على هضبات الاستقامة خيموا / إذا اعوج أقوام وضل نفير
تنافر عنهم رفض وخوارج / وحشوية حشو البلاد تمور
رأوا طرقا غير الهدى فتنافروا / إليها وبئست ضلة ونفور
لهم نصب من بدعة وزخارف / بها عكفوا ما للعقول شعور
تدعمهم أهواؤهم في هلاكهم / كما دع في ذل الأسار أسير
لأقوالهم صد وفيهم شقاشق / لهن ولا جدوى هناك هدير
دليلهم يهوي بهم في مضلة / وهم خلفه عمش العيون وعور
فيا أسفا للعلم يطمسه الهوى / ويا أسفا للقوم كيف أبيروا
أرى القوم ضلوا والدليل بحيرة / وللحق نور والصراط منير
سروا يخبطون الليل عميا تلفهم / شمائل من أهوائهم ودبور
يتيهون سكعا في المجاهل ما بهم / بمواطئ أخفاف المطي بصير
يقولون ما لا يعلمون وربما / على علمه بالشيء ضل خبير
ولو كان عين الحق منشود جهدهم / لما حال سد أو طوته ستور
نعم أبصروه حيث غرهم الهوى / فصدهم عنه هوى وغرور
أقاموا لهم من زخرف القول ظهرة / ذو للبطل فيما استظهروه ظهور
وفي زخرف القول إزدهاء لمن غوى / والهنة عن لب الصواب قشور
وفي البدع الخضر ابتهاج لأنفس / تدور بها الأهواء حيث تدور
نشاوى من الدعوى التي يعصرونها / وليس لبرهان هناك عصير
وما روقوه من رحيق مفوه / فذلك سم في الإناء خثير
يدرون أنواء الكلام وما بها / وراء ولا يطفي بهن هجير
وما كل طول في الكلام بطائل / ولا كل مقصور الكلام قصير
وما كل منطوق بليغ هداية / ولا كل زحار المياه نمير
وما كل موهوم الظنون حقائق / ولا كل مفهوم التعقل نور
وما كل مرئي البصائر حجة / ولا كل عقل بالصواب بصير
وما كل معلوم بحق ولا الذي / تقيل علما بالأحق جدير
ولكن نور الله وهب لحكمة / يصير مع التوفيق حيث يصير
وهدى الله حظ والحظوظ مقاسم / إلى مقتضى العلم القديم تحور
وليس اختيار الله في فيض نوره / بمكتسب أو تقتضيه أمور
وفي ظاهر الأقدار أسرار حكمة / طواهن من علم الغيوب ضمير
ارتنى هدى زيد وفي العلم قلة / وضلة عمرو والعلوم بحور
وذاك دليل ان لله أنفسا / عليها من اللطف الخفي ستور
ظواهراها بله وتحوي بواطنا / لدى علمها جنس الوجود حقير
عليها خدور من غبار غباوة / ولكنها تحت الخدور بدور
تجردن من لبس الخيالات وانطوى / عليهن ريش من هدى وشكير
سرين رياح الله تحدو ركابها / اليه وأنوار اليقين خفير
يغادرن فيه منزلا بعد منزل / يكاد بها الشوق الملح يطير
تدثرن خيل الله حتى بلغنه / وواحدها في العالمين دثور
وردن مياه النهر غرثى صوادئا / وليس لها حتى اللقاء صدور
اوانس في مرج الرجاء رواتع / وللخوف في احشائهن زفير
غسلن به احكام سهم واشعر / ودرن مع القرآن حيث يدور
نحرن عقيب الدار بازل ناكث / وأمس بصفين لهن هرير
فلو قدرتها هاشم حق قدرها / هشمن ابن صخر للحروب صخور
ولكن وهى رأى وخامت عزيمة / فحكم خصم واستبيح نصير
بني هاشم عمدا ثللتم عروشكم / وفي عبد شمس نجدة وظهور
على غير ذنب غير إنكار قسطهم / وللجور من نفس المحق نكير
قتلتم جنودا حكموا الله لا سوى / وقالوا علي لا سواه أمير
فيها لدماء في حروراء غودرت / تمور وأطباق السماء تمور
وانفس صديقين أزهقها الردى / وشقت عن التقوى لهن نحور
مخردلة الأشلاء للطير في الفلا / وهن بجنات النعيم طيور
على جنبات النهروان عقائر / كما وقيت بالمشعرين نذور
أبيد خيار المسلمين بضحوة / كما نحرت للميسرين جزور
يعجون بالتحكيم لله وحده / وهامهم تحت العجاج تطير
فيا أمة المختار هل فيك غيرة / فان محب الله فيه غيور
ويا ظهرة الإيمان هل فيك منعة / وهيهات عزت منعة وظهير
ويا لرجال الله أين محمد / وناصره بالنهروان عقير
ولو وقعة كانت بعين محمد / لما قر عينا أو يزول ثبير
فمن لصدور الخيل فوق صدورهم / ولله في تلك الصدور بحور
تطل دماء المؤمنين على الهدى / وخيل ابن صخر في البلاد تغير
ويعصى ابن عباس إذا لم شعثها / ويسمع فيها أشعت وجرير
على أن علت فوق الرماح مصاحف / ونادوا إلى حكم الكتاب نصير
مكيدة عمرو حيث رثت حباله / وكادت بحور القاسطين تغور
أبا حسن ذرها حكومة فاسق / جراحات بدر في حشاه تفور
أبا حسن اقدم فأنت على هدى / وأنت بغايات الغوي بصير
أبا حسن لا تعطين دنية / وأنت بسلطان القدير قدير
أبا حسن لاتنس أحدا وخندقا / وماجر عير قبلها ونفير
أبا حسن أين السوابق غودرت / وأنت أخوه والغدير غدير
أبا حسن إن تعطها اليوم لم تزل / يحل عراها فاجر ومبير
أبا حسن طلقتها لطليقها / وأنت بقيد الأشعري أسير
أتحبس خيل الله عن خيل خصمه / وسبعون ألفا فوقهن هصور
أثرها رعالا تنسف الشام نسفة / بثارات عمار لهن زفير
وصك ثغور القاسطين بقيلق / له مدد من ربه وظهير
فلم يبق الا غلوة أو تحسهم / ويبكي ابن صخر قبة وسرير
فما لك والتحكيم والحكم ظاهر / وأنت علي والشآم تمور
أفي الدين شك أم هوادة عاجز / تجوزتها أم ذو الفقار كسير
يبيت قرير الجفن بالجفن لاصقا / وجفن حسام ابن اللعين سهير
فلا جبرت حداه ان ظل مغمدا / وهندي هند منجد ومغير
ولا جبرت حداه يوم سللته / له في رقاب المؤمنين صرير
أتغمده عن عبد شمس وحزبها / ويلفح حزب الله منه سعير
فمالك والأبرار تنثر هامهم / كأنك زراع وهن بذور
ذروتهم عصفا وتبكى عليهم / بلى فابك خطب بالبكاء جدير
فما هي إلا جدعة الأنف ما شفت / غليلا وجرح لا يزال يغور
ستحصد هذا الزرع مهما تقصدت / عراقك لا يلوى عليك ضمير
تنازعها سل السيوف فتلتوى / وتخطب فيها والقلوب صخور
قتلت نفير الله والريح فيهم / وأصبحت فذا والنفير نفور
نشدت دوي النحل لما فقدتهم / ويعسوب ذاك النحل عنه خبير
أرقت دماء المؤمنين بريئة / لهن بزيزاء الحرار خرير
عليا أمير المؤمنين بقية / كأن دماء المؤمنين خمور
سمعناك تنفى شركهم ونفاقهم / فأنت على أي الذنوب نكير
وما الناس إلا مؤمن أو منافق / ومنهم جحود بالإله كفور
وقد قلت ما فيهم نفاق ولا بهم / جحود وهذا الحكم منك شهير
فهل أوجب الإيمان سفك دمائهم / وأنت بإحكام الدماء بصير
تركتهم جزر السباع عليهم / لفائف من إيمانهم وستور
مصاحفهم مصبوغة بدمائهم / عليهن من كتب السهام سطور
وكنت حفيا يا ابن عم محمد / بحفظ دماء مالهن خطير
وكنت حفيا ان يكونوا بقية / لنصرك حيث الدائرات تدور
تناسيت يوم الدار إذ جد ملكها / فللعاص فيها دولة وظهور
ويوم جبال الناكثين تدكدكت / وطلحة والعود الطليح عقير
وحربا تؤز الشام ازا قراعها / له في جموع القاسطين سعير
تعوذ منها القاسطون بخدعة / بجدعة تلك الأنف فاز قصير
مواطن أهوال تبوأت فلجها / إلى أن دهتها فلتة وفتور
تفانت ضحايا النهر في غمراتها / وأنت شهيد والعدو وتير
تنادي أعيروني الجماجم كرة / فقد قدموها والوطيس سعير
أما والذي لا حكم من فوق حكمه / على خلقه ورد به وصدور
لقد ما أعاروك الجماجم خشعا / عليهن من قرع الصفاح فطور
فقصعتها إذ حكمت حكم ربها / فما بقيت عارية ومعير
فيا أسفا من سيف آل محمد / على المؤمنين الصالحين شهير
نباعن رؤوس الشام في الحق وانثنى / إلى ثفنات العابدين يجور
أحيدرة الكرار إن خياركم / وقراءكم تحت السيوف شطور
أحيدرة الكرار تابعت أشعثا / وأشعث شيطان ألد كفور
أعشرون ألفا قلبهم قلب مؤمن / بأوجههم نور اليقين ينور
بهاليل أفنوا في العبادة أنفسا / لهم أثر في الصالحات اثير
أسود لدى الهيجا رَهابين في الدجى / أناجيلهم وسط الصدور سطور
وفي القوم حرقوص وزيد وفيهم / أويس ومن بدر هناك بدور
ومن بيعة الرضوان فيهم بقية / بأيديهم منها ندى وعبير
اكلتهم في النهر فطرة صائم / فكيف أبا السبطين ساغ فطور
فيا فتنة في الدين ثار دخانها / وذاك إلى يوم النشور يثور
نجونا بحمد الله منها على هدى / فنحن على سير النبي نسير
بصائرنا من ربنا مستمدة / إذا اشتبهت للمارقين أمور
وثقنا بأن الدين عروة أمرنا / وماشذ عنه فتنة وغرور
وإن رجـالاً حـكموا اللّه حجة / على من بتحكيم الرجال يصور
ببينة مـن ربـهم وبـصيرة / تجاهل فـيــهــا عـسـكر وأمـير
وإنــهـــم حــجـــوا عـليــاً وأعـذروا / ومـا فـاتهم مـمن لديـه عـذير
عـلى أنـه مـن أبصـر الناس للهدى / وكــم بـقضـاء اللّه ضل بصير
تـنـورهـا الحبـر ابن عبـاس منـهـم / فــحـــج عـليــاً والحـجــيــج نـصــيــر
جـزى اللّه أهـل النـهــروان رضـاءه / ومـــا فــوق مــرضـــاة الإله أجور
كما جاهدوا في اللّه حق جهاده / وقامـوا بمـا يرضى وفيـه أبيروا
ومـاتــوا كـرامــاً قانـتـيـن وكلهم / عـلى المـوت صـبار هـناك شكور
شــراة ســراة لا يــخـــط غـبــارهــم / وإن أبــلحـــت فــوق الأمــور أمـور
إذا انتـهـكـت من دين الاسلام حرمة / فــليـــس لهـم عـيــش هـنــاك قـريــر
كــرام شــداد الغـار في ذات ربـهــم / عــلى كــل حــال والمــحـــب غــيــور
نـفـوسـهـم حيـث ابتـلوا وجه ربهـم / قــرابـــيــن مـنــهــم قـدمــت ونـذور
نـديــن لوجـه اللّه طـوعــاً بحـبـهـم / ومــا شــنــآن المـلحــديــن مـضــيــر
هـم القـوم بـلتــهـم مخـافـة ربهـم / ودارت عــليـــهـــم أبــطـــن وظــهــور
فـلا بـارح الروح الالهـي ربـعـهـم / ولا فــارقـــتـــهـــم رحـمــة وحـبــور
واخـوانــهـم أهل النخـيـلة بعـدهـم / واتـبــاعــهــم حـتــى يـقــوم نـشــور
ولا زال مـنــهــل السـلام عـليــهــم / تـــــرادف آصــــال بــــه وبكور
وأدخـــلهـــم دار الســلام إلهــهـــم / جـمــيــعــاً عـليــهــم نـضــرة وسـرور
سموط ثناء في سموط فريد
سموط ثناء في سموط فريد / بكل لسان قد بثثن وجيد
وحمد تغص الكائنات بنشره / اذا نشرت منه أجل برود
وذكر له تحيا النفوس بذكره / ويبعث قبل البعث من هو مودي
تعطرت الآفاق من طيب عرفه / فما مسك دارين يشاب بعود
ويزري بنور الشمس نور ابتسامه / اذا ما تجلى في صحائف سود
لمن هو أهل الحمد والمدح والثنا / لذى الفضل والألاء خير مفيد
لمن سبحته الكائنات شواهدا / بتوحيده والله خير شهيد
أعاد وأيدى من أياديه أنعما / فيا أنعم المولى بدأت فعودي
ويارب لطفا من لعبد مؤمل / بسيط لسان بالدعاء مديد
ويقصر منه القول ذكر ذنوبه / وقبح الخطايا فهو أي بليد
ويغضي حياء هيبة ومخافة / لعزك اجلالا بكل شهود
فجد بمتاب عن مقر مصرح / بذنب وتقصير وطول صدود
منيب يرجى عندك مول / بذكرك لا ذكر اللوا وزرود
فقير لما أسديت من كل نعمة / شكورلما أوليت غير جحود
دعاك ولا يرجو سواك لفقره / وأنت الذي تدعى لكل شديد
وما ظن يوما ان يخيب آمل / بباب كريم في غناه حميد
ولم يك يشقى في دعائك عمره / ومنك يرجى اليوم كل مزيد
الهي تداركني بلطف واغنني / بواسع رزق من نداك عتيد
فمهما ترد شيئا يكن بمقال كن / فهلا بكن تقضتي بأوسع جود
يجود به من جوده العمر شامل / على كل موجود بكل وجود
فما كان لي في غير جودك مطمع / وجودك منه طالارفي وتليدي
وجودك اذ عز الشفيع وسيلتي / وجودك اذ عز البريد بريدي
واني لوقاف ببابك سائل / لفضلك راج منك نجح وعودي
وقد دفعتني الكائنات بأسرها / اليك ولم تحفظ وثيق عهودي
واني ان زايلت بابك قاصدا / سواك فقد أبرمت نقض عقودي
وحاشاك عن ردي وقطع مطامعي / لشؤم جدودي واتضاح جمودي
وان كان سعي لا يفي بمطالبي / وان حظوظي عن مناي قيودي
فان بقصدي الله تغدو صعابها / وان عظمت قدرا أذل مقود
ومن يتمسك بالاله تكن له / اذا رامها العنقا أذل مصيد
ولما رأيت الحظ عني نائما / وكان قيامي فيه مثل قعودي
وان فعالي مثل مالي كلاهما / لدارس دين الله غير معيد
وان لساني مثل كفي كلاهما / لاظهار دين الله غير مفيد
وان حسامي كاليراع كلاهما / لأعداء دين الله غير مبيد
ودهري لم يأذن بغير اهانتي / واكرام خصم للاله عنيد
وغاية محصولي المواعيد والمنى / وان وعود الغدر أي وعود
ولم يبق عندي اليوم الا تمسكي / بعروة ركن للاله شديد
جمعت همومي وانتجعت بهمتي / الى باب وهاب الجدود مجيد
الى باب من يدعوه في الأرض والسما / ومن فيهما من سيد ومسود
الى باب من في كل يوم بحمده / له أي شأن في الأنام جديد
الى باب خير الناصرين وأكرم ال / فيدين خير الفاتحين ودود
الى باب وهاب الممالك قالب ال / كراسي قهار لكل عنيد
الى مالك الملك العظيم اقتداره / الى من له الأملاك خير عبيد
وقوفا على أبوابه منه راجيا / قيام حظوظي في العلى وجدودي
فتخرق لي فيه العوائد نفحة / سماوية من مبدئ ومعيد
حظوظا يقوم به الدهر فيها بخدمتي / ويسعى بما لا يشتهيه حسودي
تقوم بتدبير الاله وكيده / لأمر عليه لم أكن بجليد
وتسعى بما يرضي الاله لدينه / اذا ما أمات الحق كل مريد
بها قام من قلبي الأئمة بالهدى / وكانت لرسل الله قبل وجودي
يتم بها النعما على متمها / قديما على خير الخلائق صيد
ومن لي بهذا في زمان مضاعة / به سنن الاسلام بين قرود
ومن لي بأن يرضى الاله لدينه / بتعطيل أحكام ورفض حدود
ومن لي بأن يرضي لأمة أحمد / وقد سامها بالخسف كل كنود
ومن لي بأنصار الى الله وحده / اشداء بأس في الحروب أسود
تباري النعام الربد خليهم اذا / بحيء على نصر المهيمن نودى
يغاث بهم داع الى الله قد دعا / وخوصم في ذات الاله وعودي
ومن لي بسهم يقطع الهام والطلى / ويفري من الأعداء كل وريد
حسام لدين الله والله ضارب / بحدية والهيجاء ذات وقود
ولو عارض الشم الجبال بضربة / لناحت على طود أشم فقيد
فيا غارة الله اغضبى وخيوله / اركبي ومواضيه انعمي بورود
ومني على الأعداء منك بزورة / تريحهم من كفرهم بلحود
ويا رب مزق كل سور وخندق / عليهم وحصن شامخ ووصيد
وقد مكروا فامكر بهم وأذقهم / عواقب مكر في البلاد شديد
فطهر بقاع الأرض منهم بأنفس / من البغي تجريها بكل صعيد
وشرد بهم في كل أرض فلا سوى / قتيل ومأسور يرى وطريد
وصب عليهم سوط منتقم كما / لعاد وفرعون جرى وثمود
ولا تبق ديارا على الأرض منهم / فما قوم نوح منهم ببعيد
وعجل بنصر منك للدين مظهر / وعن كيد من عاداك غير مكيد
يقوم بأرباب الديانات والتقى / ويسطع نور الحق بعد خمود
وتنشر أعلام العلوم لواءها / بأسياف عدل لم تلق بغمود
يدبرها ماضي العزيمة حاذق / بانفاذ أمر الله غير مَؤُود
تذل له الآساد حتى النقاد لا / تذاد عن المرعى بأطلس جيد
أمين على دين الاله وشرعه / خليفته المأمون خير رشيد
به قرت الدنيا عيونا وأهلها / على العدل والاحسان منه شهودي
ومن على عبد دعاك بنظرة / تجلي على الآفاق شمس سعودي
فتشمل من في الأرض حتى أراهم / الى الله أنصاري وفيه جنودي
فاحشد في نصر الاله ودينه / ومن قام بالدين الحنيف حشودي
فأصبح منصورا مطاعا مؤيدا / بفتح وتمكين وجاه سعيد
عسى ولعل الله يظهر دينه / على كل دين لم يكن بسديد
فتخضر آمالي وتورق منيتي / ويثمر في دوح المكارم عودي
فانك فعال لما قد تريده / قدير على ما شئت خير مريد
الهي استجب دعوى اليك بعثتها / وقد طال ترجيعي بها ونشيدي
عقود ثناه قد أجدت نظامها / وان كنت للأشعار غير مجيد
قصدت بها باب المليك ولم تزل / على بابه الآمال خير وفود
وصل وسلم مثل معلوم ما يجري / به القلم الأعلى من الخلق والأمر
بلا أمد يأتي ولا منتهي حصر / على المصطفى الهادي محمد البر
اذا حرم الله المدام فانه
اذا حرم الله المدام فانه / أتى ذلك التحريم من حكمة الله
وقام شراب الشاهي عنها خليفة / على عالم الأرواح كالآمر الناهي
له الفضل في لون وريح ولذة / فقل فيه مما شئت من جانب الجاه
ذئاب من الياقوت في وسط كوكب / به فرج المهموم بل متعة اللاهي
اذا صففت أكوابه وسط مجلس / رأيت نجوم الزهر تهوي لأفواه
أرى كل ما تحوي مجالس أنسنا / جنودا لدفع الهم سلطانها الشاهي
خذوا بجميل الصبر وارضوا وسلموا
خذوا بجميل الصبر وارضوا وسلموا / فان فناء العالمين محتم
رضا بقضاء الله ان حياتنا / على السخط منا وارضا تتصرم
وان حياة تقتضيها منية / ركون اليها غفلة وتوهم
ألهوا ومخبوء المنايا حبائل / وأواحنا فيها وقوع وحوم
تناهشنا الآجال لا نرعوي لها / وتخبطنا البأساء فيها وننعم
سكونا اليها والمقابر تمتلي / وتخلو بيوت الراحلين وتهدم
نمر على الأحداث والقوم في الثرى / همودا فيا أحبابنا كيف أنتمو
وهيهات ما عند القطين ابانة / سوى أنهم صاروا عظاما تهشم
ثووا لا يمل الدود طول ثوائهم / وملهم الأهلون ساعة أسلموا
تساوى ملوك الأرض في مضجع البلى / وغيرهم ما ثم أدنى وأعظم
سيرجع رب التاج في الرمس جيفة / وان عاش كبرا أنفه يتورم
تباذخ مغبوطا على عرش عزه / وعما قليل سوف يعلوه منسم
تطير السوافي الرائحات رفاته / على عرشه منه غبار مقتم
وما امتاز من أضحى رفاتا مفتتا / مليك يحيا أو حمار يكدم
أتختلب الأطماع عقبى كهذه / ويا رب سلم بعده الخطب أجسم
يمر بنا ركب ويتلوه غيره / ويسبقه ركب وفي الأرض أقحموا
تنعم في ميراثهم غير كاسب / وعما قليل يقعص المتنعم
أينسى بنو الدنيا مصارع أهلها / وفي كل قلب للمنية ميسم
بنون وآباء لدينا أعزة / ندسهم في الأرض لا نتخرم
كأنا لهذ الأرض دين ودأبها / غريم على كثر الوفا يتظلم
تضلعت الارماس من أكل لحمنا / وما برحت غرثى الى اللحم تقرم
وما هذه الأرواح الا ودائع / سيأخذها مستودع ليس يظلم
وقد أنذرتنا صرعة بعد صرعة / وفقد أخير قبله متقدم
تدافعنا الآمال فيها كأننا / هباء عليه عاصف الريح يحكم
الا نرعوي والناب يصرف فوقنا / فهذا على خوف وذلك يقصم
كأن المنايا حسبنا من تصرفت / بهم وكأن الظفر منها مقلم
وليست لعمر الله عند حدودها / بتاركه عيشا ولا يتصرم
ترى أي صفو لم يكدره صرفها / وأي شراب لم يمازجه علقم
أنلزمها البقيا وتلك قضية / على الرغم منها حكمها ليس يلزم
ونفلت منها والحياة سفينة / مخرقة الألواح بالموج تحطم
تمزقنا الغارات من أم قشعم / وما حدث تبقي عليه وقشعم
متى تفرغ الآذان من صوت نائح / وقعقة تحت التراقي تهمهم
وينشف دمع من سوافح دمعه / ويبرد قلب بالأسى يتضرم
متى تحسر الأكتاف من نعش هالك / رواحل من أثقالها ليس ترزم
قوافل تمتاز النفوس الى الفلا / الا هذه الابشار للأرض مطعم
أوني خيام الحي من حيث طنبت / أليس ضمير الأرض ذاك المخيم
ولسنا تأخرنا معافين بعدهم / ولكنه عمر مداه يتمم
توفتهم آجالهم وبأثرهم / نسير الى حيث استقروا سنقدم
اخو الحزم من لا يستقر الى الهوى / ومن نصب العقبى لعينيه أحزم
وما نضرة الدنيا تروق لكيس / ونحن نراها بالبلى تتخرم
يسالمها المغرور منها بزخرف / وهيهات لم تسلم ولا هو يسلم
ومن عجب برد الصدور وداعة / وقد أيقنت ان المنية تهجم
لكل ندي بالتفرق موعد / وللحتف رمح في الصدور مقوم
ولو أن نفسا وادعتها منونها / ولكنه لا زرع الا سيصرم
لقد أنذر الداعي رصيدا مشوكا / ونحن كأنا بالنذارة نحلم
حذار بيانا أيها الناس اننا / على شدة الايقان بالخوف نوم
ولو لم يكن غير النوادب مؤلما / على ميتمي أطفالها تتألم
ولا نفس الا تنطوي فوق حسرة / ولا قلب الا بانفطار مسمم
لا جفل ذولب الى جنب رشده / وتارك دار بالمعاول تهدم
ونعنى بها لا تعترينا سآمة / وعاملها من فتكها ليس يسأم
اعند رجال الاستقامة انهم / أصيبوا بقطب المسلمين وأيتموا
وان قصمت ظهر المكارم نكبة / سيمضي عليها الدهر تفري وتفصم
وما يومها الآتي بها رد مأتما / ولكن ما يأتي من الدهر مأتم
غداة نعى الناعي الى الناس راشدا / أحقا نعيت الفضل أم تتوهم
نعم راعني ندب السماء وأهلها / وأركان عرش المجد اذ تتحطم
وضجة بيت الفضل اذ خر سقفه / وهدة طود الجود اذ يتهدم
صباحك يا ناعي المرزء سيء / ويومك منحوس وطيرك اشأم
بعثت الى الألباب حزنا مؤبدا / وأوقدت نارا دأبها تتضرم
أحقا عميد الدين لاقى حمامه / فاني أرى نفس الهدى تتلدم
أحقا عماد الاستقامة أصبحت / به اعوجيات من البين ترسم
أحقا ملاك الفضل اودى فتلكم / يمين الجد اشلاء والكف أجذم
أحقا منار العلم أسقطه الردى / كأن سقوط العلم للحتف مغنم
أحقا إمام الزهد عارضه الفنا / فهل أنف دنيانا من الزهد يرغم
أحقا سحاب البر أقلع نوؤه / فهل يتأتى بعد للبر موسم
أحقا جميل الصنع كفت يمينه / وكانت هي الطولى تبر وتنعم
أحقا بهاتيك المعاهد غمة / من الحزن اذ واراه لحد مغمم
فواحربا والحزن يسفح عبرتي / قضى نحبه البر الكريم المعظم
تقضت به أيامه البيض كلها / أياديه أمطار وناديه معلم
تقضت به أيامه من جمالها / تنور منها نير متجسم
وما المرء الا راكب يطلب المدى / ولا بد يوما عمره يتجرم
رويدا لقد آنست في الأرض رجفة / ترى ان قلب الأرض كالناس يألم
عزاء رجال الاستقامة انها / مصيبة دين ما بقي الدهر تعظم
فكل سرور اذ ألمت مساءة / وكل حميد العيش عيش مذمم
فياثلمة للدين والفضل مالها / سداد ولا اذ يقدم الدهر تقدم
حنانيك للأبرار يا موت برهة / وهيهات ليست قسوة الموت ترحم
تسارع في الاخيار تمحو وجودهم / وياليت ما تمحموه بالمثل يرقم
وما معتب المفجوع منك بنافع / لأنت قضاء صبه الله مبرم
قضى الله ان الحي يجري لغاية / فما ثم تأخير ولا متقدم
متى يدرك الاعتاب مستعتب الردى / له عزمة صدق ورأى مصمم
مكر هموز الناب ما طاش سهمه / ولا هو في كراته متلعثم
تقادم عهد بالمنون وفعلها / وجاست خلال الدار تذرو وتهشم
اذا أرسلت سهما لتقصد مقتلا / تلته الى المرماة بالرغم أسهم
تخلف دعس الحي عنهم فأخلدوا / لغبراء يعلوهم صفيح مردم
وليس بنا في الموت صرخة ثاكل / وقلب يتيم بالأسى يتجرم
ولو كان يجدي هالكا ندب فاقد / لسال مكان الدمع من غرابه الدم
طحى حدثان الدهر للفضل هضبة / وكانت بها هضب المكارم تدعم
لك الله ريب الدهر يستنزف البقا / فلا نفس الا بالفناء سترجم
ولا غرو ان تستنزف الصبر نكبة / ويقصر من تطراقها المتعزم
غداة تداعى الطود في سمك مجده / وطارت به حدباء عوجاء صيم
تهادته أكتاف الرجال ولو دروا / لكان حقيقا ان تهاداه انجم
الى حفرة ضمت من الجود بحره / رويدا هو البحر المحيط يدمدم
فما عجب ان تحبس الشمس في الثرى / فتعتقب الأيام والجو مظلم
هناك اقشعر الروض واغبر جلده / وذلك روض النعمة المتسوم
مدى الدهر لا ينفك حزن مبرح / عليك وتسكاب من الدمع مسجم
مآل اليتامى في الملمات من ترى / تركت لهم اذ أزمة الدهر تأزم
فديناك بالأرواح ضاعت حفائظ / تحفى بها معروفك المتنسم
تردى بغاة الخير بعدك بالأسى / فواجدهم من بعد فقدك معدم
وما دفنوا نفس امرئ منك وحدها / ولكن نفوس في ضريحك تردم
وكنت الجناب المستراد لمسنت / وروضك مخضر وبحرك خضرم
فجف نضير الروض واربد جوه / وغاضت بحور طاميات غطمطم
وقد كنت درءا للحوادث مؤئلا / اذا جاش منها الكارث المتهجم
وكنت لحاجات المساكين ركنها / فمن لهمو والركن عنهم مهدم
وكنت مع الاكدار صفوا مهنئا / رواؤك ممدود وكأسك مفعم
وما ضاعت الآمال عندك والذي / نويت ولم يقدر من الخير أعظم
كأن الورى الارحام لست تضيعها / على أسوة في الوصل بر ومجرم
يعيش بك الهلاك بين فواضل / دقائقها من أكرم الفضل أكرم
غزير مجاري الماء لا من غزارة / من المال لكن بحر جود قليذم
يمر عليك الدهر والدهر عابس / وفضلك فيه ازهر الوجه مبسم
وكنت كفال الحق حصنا لأهله / همومك فيه والأهم المقدم
فدا لك نفسي اذ تجود بمهجة / الى يد خير الراحمين تسلم
حييت على الحسنى ثمانين حجة / رياضا نضيرات جناها التكرم
فما برح الايمان فيها ملازما / لقلبك والاحسان يربو ويعظم
ولما دعاك الله لبيت أمره / فأصبحت جار الله والجار يكرم
وعيشك في الدنيا حميدا مسددا / فلقيت عمرا بالسعادة يختم
مضيت وخلفت الكآبة والأسى / مجددة آثاره ليس تطسم
يظل جليد القلب منه مولها / به ظاهر التأساء والحزن مبهم
لئن هدمت محياك قاصمة الردى / فمجدك يبقى شامخا لا يهدم
على سورة في المجد قر أساسه / له شرف فوق السماكين ينجم
فنيت وأبقيت المحامد انجما / لسان ثنائي عن مداهن مفحم
تبدلت بالدنيا مقاما مقدسا / هنيئا لك الحظ الذي لا يصرم
تصاعدت بين الحلو والمر جاهدا / الى الله من آفاقها تتبرم
هنئت ولم نهنأ لفقدك لمحة / على كل كبد قرحة لا تمرهم
فيا ابن سليم ان تباعدت سالما / فلا قلب من برح عقبيك يسلم
تركت صدور الناس ترمي شرارها / الا كل نار بالشرارة ترجم
وليس الغيوث الصيد للحزن وحدهم / ولكن بهذا الكون للحزن منجم
فقد كنت غوثا تمطر الكون رحمة / بل الغوث في الابدال بل أنت أقدم
فياسيد الابدال من أنت تارك / يخلص من سوء ويجزي ويرحم
متى تطرق البلوى تصدى لكبحها / أو اعوج أمر الناس فهو المقوم
لقد أوحش الربع الأنيس وأصبحت / معالم أهل الحق لم يبق معلم
فواحربا قطب الكمال وردتها / شريعة حتف عندها العمر يحسم
وقفت عليها نير الصحف وافرا / من الزاد طهر العرض مما يذمم
فاقدمت وفدا في مقام كرامة / تروح وتغدو بالبشائر تنعم
متى نتعزى منك أو يقلع البكا / ورمسك في وسط القلوب مخيم
ابعدك شيخ المسلمين سلونا / بشيء وسلوان العزيز محرم
كأنا شواظا في الجوانح ساطعا / اذا قلت قد خف التوقد يحجم
فديتك وجه الدهر بالحزن كاسف / وفي الوجه عما في الضمير مترجم
لقد كنت مصباح الورى لرشادهم / فقد طفئ المصباح عنهم فاظلموا
فوا أسفاه الأمس قد كنت كعبة / يمينك كالركن المبارك تلثم
يطوف بك العافون جم رجاؤهم / زناديك مسعاهم وجودك زمزم
فاصبحت مرثيا رهينة حفرة / عليك سفي الريح تمحو وترسم
كفى حزنا لولا التأسي بمن مضى / وما هو آت بالفناء محكم
تفرق عزم النفس عن كرم العزا / وامثل أمريك التعزي وأكرم
اذا قلت اني أجمع الصبر مجملا / بدا لي جميع الصبر جمع سيهزم
عرانا من الدنيا خداع مماكر / فنبرح في أنقاض ما هي تهدم
وما عزبت عن فهمنا نكباتها / بلى غطت الأهواء ما نحن نفهم
وتوهمنا البقيا بصالح عيشها / وقد طحن الأجيال هذا التوهم
متى أظمأتنا أوردتنا سرابها / وان كان ماء فهو ورد مسمم
على مثل هذا الفتك قر قرارنا / والبابنا بالهتك والهلك تحكم
وفي مثل هذا القبح نعشق وجهها / فكل بما يهواه منها متيم
على انها ان احسنت قيد لمحة / ستأتي بأكدار لذا العيش تلهم
حرام عليها صحبة لا تخونها / وحتم عليها ان تطول فتهشم
تلاهي بني الانسان حتى تلمهم / الى حفر لا يتقيها التحزم
يظن غرير النفس حقا غرورها / وسوف يبين الحق ساعة يندم
وما أنتج استبصارنا غير تركها / كما يترك الاخباث من يتكرم
ترى حدثان الدهر تبلى صروفه / ولم يبل في الدنيا فصيح واعجم
ابا الفضل لا ينسى لك الفضل نعمة / خدمت له فاليوم بالحمد تخدم
على اسف ارثيك والدمع هامل / وقلبي محروق وذهني مكلم
تجسم ما تعطي من الفضل جوهراً / فكل رثائي الجوهر المتجسم
عسى جبر هذا الكسر في العقب الذي / تركت ففرع المجد يزكو ويكرم
وفي الخمسة الاقمار انجالك انتهت / ظنون حسان يقتضيها التوسم
سقتهم أفاويق النجابة فارتووا / وزانتهم أعراقهم حيث يمموا
رمى بهم القرآن في بحر نوره / فكل بآداب الكتاب مسوم
لهم درجات في الجميل رفيعة / وهذا بتوفيق من الله يقسم
لهم عنصر ما دنسته غميضة / فأخلاقهم من ذلك الأصل تنجم
اذا طاب أصل لازم الطيب فرعه / ألم تر أن الند بالطيب ينسم
هنيئا لكم يا آل راشد انكم / شربتم على محض التقى وأكلتمو
لكم أسوة في فضلكم بأبيكم / يحق عليكم حيث أقدم أقدموا
لهم سنن في الصالحين منيرة / زواك متينات العرى ليس تفصم
وما مات من أبقى من الذكر مثلها / فكونوا عليها بارك الله فيكم
لعلكم يا صفوة المجد بعده / له خلف بالاستقامة قيم
الى السلف الاخيار سيرته انتهت / وذلك أزكى ما من الأرث حزتم
فلا زال للاسلام فيكم بقية / لكم مدد التسديد يسدى ويلحم
عليكم جميل الصبر وهو عزيمة / على العبد أما الخطب يجسم يجسمُ
تنالوا عظيم الاجر منه وانما / بحسب مقام الصابر الاجر يعظم
لكل من الاعمار حد ومنتهى / ورجع الى الباقي الذي ليس يعدم
فلا أسف يغني اذا فات فائت / ولكن على التسليم والصبر نرحُم
اليس يقينا ما بقلب سلامة / لكل نصيبين مصاب ومقسم
فلا عين لم تسفح من الدمع عبرة ً / ولا صدر الا بالفجائع يحطم
اخا الحزم لا تندب سواك وانما / لحينك تجري ثم تكبو فتعدم
فكفكف دموع العين واجعل مياهها / طهوراً لذنب في الصحيفة يرقم
ووار حمى الاحزان مما جنيتته / فدونك الا ان تتوب جهنم
إذا لم تجد مما قضى الله واقيا / فلا بد ان ترضى بما الله يحكم
أعزيكم عني وعن كل مسلم / وانتم بحسن الصبر أولى واعلم
سقى الله رمسا حله صوب رحمة / واسكنه الفردوس فيمن ينعم
نصبت لهم من نير الذكر معلما
نصبت لهم من نير الذكر معلما / وبوأتهم من أنفع الذخر مغنما
وصيرت نفسي خادما ً لطريقة / بها هام أهل الله في الأرض والسما
فيا لرجال الحب والكأس مفعم / هلم اشربوا هذا المغنى ترنما
عصرت لكم من خمرة الله صفوها / فموتوا بها سكراً فما السكر مأثما
لقد هام أهل الاستقامة قبلنا / بها فانتشوا بين الخليقة هيما
تراهم سكارى ينشر الجمع فهمهم / ويطويه نور الفرق في أبحر العمى
ملأت لكم دني شرابا مروقا / وحركت أوتاري فأنطقت أعجما
وغنيت في شرب هم الرسل كلهم / تقدم إلى باب المليك مقدما"
من كمثلي وذا الشراب شرابي / والنبيون كلهم ندماني
هام قبلي به الخليل وموسى / ثم عيسى وصاحب القرآن
هذه حالتي وهذا مقامي / فاعرفوني وانكروا عرفاني
بنور وجهك يا نور السموات / أشعل مصابيح عرفاني بمشكاتي
واملأ بحبك قلبي واجتذب رمقي / من بين أبحر أوهامي وغفلاتي
هذا النار وذا الوادي المقدس / فاخلع النعيلين والذلة فالبس
واجد أنت هدى أو قبساً / لا تجاوز أن هذا الليل عسعس
طرق الله نصبَ عيني واسرا / رأساميه أبحري وسفيني
ما الذي صدني عن الله ال / ا سوء أمارتي وسوء يقيني
رب غوثاه جلها ظلمات / بؤت فيها بصفقة المغبون
أنت نور الأنوار نور يقيني / في حياتي الدنيا بنور مبين
تقدم إلى باب الكريم مقدماً
تقدم إلى باب الكريم مقدماً / له منك نفساً قبل أن تتقدما
وعرج على باب العليم فسله من / مواهب نور العلم بحراً قليذما
فمن لم يكن بالعلم في الناس مبصرا / فلا عاش إلا في الضلالة والعمى
ومن لا له من عزة العلم نسبة / فليس له إلا إلى الذلة انتما
ومن لا له من ثروة العلم ثروة / فمن ثروة الدارين قد صار معدما
نعم علماء الدين في الأرض نعمة / على الثقلين عمت الكل منهما
بهم شرف الدارين تم فهم به / ملائكة باهت ملائكة السما
ألم تر في القرآن أنْ أولياؤهم / ملائكة الرحمن فاللّه أعلما
أقرت جميع الكائنات بفضلهم / عليها فحوت البحر في البحر هينما
ولم لا ولولاهم تلاشت جميعها / ولم يبق منها في الوجود لها سما
هم خلفاء اللّه في أهل أرضه / بهديهم أمت البسيطة قوما
لحكمهم الدنيا تدين وقد عنت / سلاطين أهل الأرض أعظم أعظما
وآراؤهم تقضى بهن ملائك الس / موات فيما قد أحل وحرما
ولو لم يكن نص الكتاب أتى بها / صريحاً ولا الهادي بها قد تكلما
غدوا قدوة الأملاك لما هم اقتدوا / بما لهم رب الملائك الهما
وذلك من أدنى رفيع مناقب / لهم لم يعدوها فخاراً ومكرما
فما استحسنوا فاللّه يقضى بحسنه / وما استقبحوا إلا قبيحاً مذمما
وربك من والوه فهو وليه / ومن خاصموه كان للّه أخصما
هم أغنياء العصر والعصر أهله / قد افتقروا والمال بينهم نما
يروم كنوز الأرض غيرهم وهم / أصابوا كنوز العرش وفرا ومغنما
وهم في الثرى قاموا وأرواحهم إلى / سما العرش والكرسي أدونهما سما
وما قنعوا بالعرش والفرش كله / فجازوا إلى أعلى مقام وأعظما
ولو وقفوا بالعرش والفرش لحظة / لعدوه تقصيراً وجرماً ومأثما
تقدم في ذاك الخليل بقوله / لجبريل دعني منك اللّه مسلما
لملة إبراهيم شادوا فشاهدوا الت / لفت للشرك الخفي متمما
فقاموا بتجريد وداموا بوحدة / عن الانس روم الأنس فيها تنعما
بخلوة لي عبد وستري بينه / وبيني عن الأملاك والرسل كتما
وما بلغوا ذاك المقام بقوة / ولكن بنور العلم قد بلغوا الحمى
عشية أعطوه عهوداً مطاعة / على طاعة منهم غداة تحكما
وقد بايعوه أنفساً مطمئنة / ببيعته والعقد بالعهد أحكما
فجذبهم في السير للخير والجا / بهم أخطر الأهوال حين تقحما
فأبعدهم عن كل ألف وعادة / وعودهم شرب الشدائد علقما
فمن بعد عادى النوم والشبع والروى / غدوا حلف الف السهد والجوع والظما
فندمانهم عاد البكاء تندما / وأزمانهم بالنوح قد عدن مأتما
وأوردهم بالحزن لجة أدمع / وأورى بهم للخوف نار جهنما
شدائد عودها فوائد فاغتدت / عوائد أعياد السرور تنعما
ولو جانبوها روم غير جنابها / لعدوا بحكم العدل ذا العدل مأثما
هم صدقوه وهو أصدق واعد / وأوفى في ذمام حبله ليس أفصما
به نهجوا في كل منطمس الصوى / فكان لم في كل بهماء معلما
ويملى لهم في السير عن كل مامن / وجال إلى أسوى طريق وأقوما
وقاسمهم باللّه أنى ناصح / فأنهى إلى أبهى مقام وأكرما
وحل لهم رمزاً وكنزاً مكتما / من السر قد كان الرحيق المختما
وقال لهم هذا المقام وهذا ال / خيام وذا باب المليك وذا الحمى
فمالي فيما بعد ذلك مصعد / ولا موعد من بعد ذلك الزما
هنالك قد تطوى الصحاف وتنشر الس / جاف فلا يطوى بحدك فافهما
ولا تفتح الأبواب إلا عناية / لمن شاءه ذاك المليك تكرما
فسلم إليه الأمر واطرق المرا / ولا تك في شيء من الأمر مبرما
وقل بلسان الحال مالي وسيلة / ولا حيلة والهج بقولك ما وما
فإن تك لا شيئاً هناك فإنه / رناك لما أدناك إذ لك قد رمى
وإن ساعة أفناك أبقاك خالداً / بوصف له باق صفاتك أعدما
فإن هو جلى فيك بعض صفاته / فما كنت أنت الآن أنت المقدما
وفيها مقامات لأهل سلوكها / شموساً وأقماراً تنير وأنجما
فمن ذاق منها نغبة مات رغبة / ومن لم يذقها مات بالغم مسقما
معالم تستهدى الحلوم بهديها / العلوم بها كان العليم المعلما
فعرفهم اياه منه كرامة / وأشهدهم اياه منه تكرما
وخلقهم باسم العليم تفضلا / وكان لهم باسم المبين مسوما
وكان لهم عنه فكانوا له به / وقام بهم عنهم إليهم مكلما
فمذ عرفوه لم يروموا تعرفا / إلى غيره والغير ثم تعدما
وليس لهم جهل هناك وما عسى / لهم أن يروا من بعد ذلك مبهما
وما علموا شيئاً بعلمهم وقد / أحاطوا يعلم الكل واللّه أعلما
هم لوحه المحفوظ كانت قلوبهم / بهم قلم الأنوار للسر رقما
مواهب قد دقت عن الفهم وارتقت / عن الوهم رقت عن نسيم تنسما
بها انطوت الأكوان في طي علمهم / من العرش والكرسي والأرض والسما
فكانت جميع الكائنات مصاحفا / لهم تهب السر المصون المكتما
لطائف لم تودع صحائف كاتب / تطالعها الافهام واللّه الهما
وكم أدركوا بالعقل أمراً منزها / عن النقل في الألواح لن يترسما
يضيق فضا الأكوان عن شرح بعضه / وكل لسان كل بل ظل مفحما
به صحف الأرواح أشرق نورها / وصين عن الألواح إذ كن أظلما
لذلك فاطلب أن يكن لك مطلب / ترى كل مطلوب سوى ذاك مغرما
ففي قصده قصد السبيل ومن عدا / سبيل الهدى نحو الردى قد تيمما
فكن واقفاً بالباب في كل ساعة / ترى الذل فيه عزة وتكرما
وجانب رياش الجاه والعز والغنى / وكن باضطرار وافتقار مؤمما
وإن شئت عز العلم فالعلم عزة / لباس لبوس الذل للّه مسلما
وإن كنت تبغي العز والجاه في الدنا / فدع عنك داعي العلم وارحل مسلما
ودع عنك أدناس المطامع طامحا / لمولاك فيه طائعاً جل منعما
ففيه الغنى والفقر إذ رؤية الغنى / هناك الغنى بل منهما اقصده معدما
فلا راحة ترجى لمن رام راحة / ومهما بذلت الروح صادفت مغنما
ففي بذلها صون لها إن تقبلت / وإلا فقد سيقت إلى ذلك الحمى
هنيئاً لها فخراً بما قد تعرضت / لذاك الحمى لو كان مطلبها احتمى
وإن أم أبواب الملوك مؤمل / فيمم إلى أبوابه متقدما
وأبوابه فتح وماثم حاجب / وأفضاله شرح وماثم محتمى
لأبوابه ما عشت أغشى ولم أكن / لأخشى رقيباً أو عذولاً ملوما
فعندي فيه عاذلي مثل عاذري / ومن فيه عاداني كمن بي ترحما
سأرحل عنهم أجمعين إلى الذي / به لذَّ لي ذلي وعزي تهجما
عسى أنني أدعى دعياً ببابه / إذا لم أكن باسم الخديم موسما
وإلا فإن ادعى به متطفلاً / فقدري بهذا الاسم يخترق السما
وإن أدع لا شيئاً هناك فاتني / بذاك لقد أصبحت في الناس مغرما
سقى الله سوحا منبتي من جنابها
سقى الله سوحا منبتي من جنابها / وبارك في قطانها ورحابها
وسحت شآبيب الرضا ببشامها / ولافتئت مغبوطة بشبابها
فرغت لها من كل هم وإن نأت / وخلفت نفسي لا تريم ببابها
وان ارتباط النفس في عرصاتها / شهود يريح النفس بين إغترابها
وكيف سلوي وارتياحي بغيرها / وعنبرة الاكوان نفس ترابها
اهابت بشكواها إلينا افتقادنا / وفيها إلينا فوق اضعاف ما بها
اذا لاح برق اوقدت في جوانحي / لواعج تنسى النار لفح اهابها
ولم تقدم الشكوى شرارة مهجتي / ونيران شواق النفس ملء اهابها
ولكن شكوى الحب للحب بثه / مزيد تباريح الجوى في عذابها
بنفسي من تشكو إلى ذي صبابة / وليت النوى طارت مطار غرابها
بحكم بنات الدهر فارقت إلفها / وسلني عنها لم اضق عن جوابها
بهن تركت الالف رغما وانه / لترك حياة النفس بين شعابها
خليلي شان الدهر بين مشتت / فما الفة الاثنين الا اغتنا بها
ولولا ولوع الدهر بالبين لم تزل / يتيمة هذا البحر تحت عبابها
ولا رجعت فوق الفنون حنينها / هتوف شجتها مثلها بغيابها
ولا خليت دور الفضائل والتقى / وطارت اعاصير الفنا بصحابها
أما هكذا الاقدار تنفذ حكمها / بلى ان هذا خصلة من عجابها
تريد الاماني ان تقر قرارها / وتابى لها الاقدار غير انتيابها
على عجمات الصبر شجت قلوبنا / ليمتاز رخو الصبر بين صلابها
بعيشكما هل تعلمان وديعة / ولم تطرق الاكدار عتتبة بابها
وهل مقلة لم يملأ الدمع غربها / وهل كبد لم تحترق بمصابها
افيضا علي العذر إن تك اسوقي / لدى فعلات الدهر أهل صعابها
انلزم هذا الدهر خلة منصف / تزول جبال الأرض قبل انقلابها
وللكل منه طعنة فوق نحره / ولا تنثني للبرء الا ثنى بها
ومن لي وللأيام ان تعقب امرءا / وقد فرغت كل النهى من عتابها
لقد كاشفتنا بالذي في ضميرها / وعم الورى ما انفقت من جوابها
لأعمد ممن ينسب الغدر نحوها / وتصريفها فرع لأصل صوابها
الم تظهر التحقيق عن ذات طبعها / فما ثقة الاحرار منها بعابها
ومن ظن بالأيام ما ليس خلقها / اضاف لها مالم يكن من حسابها
افادت ذوي الأبصار كيف اقتضاؤها / بما اتقنوا من درسهم في كتابها
فاذسقت المخدوع شهدا بكاسها / فقد بصرته لودرى كأس صابها
شكا الناس من ايامهم بعد فوزها / لهم بين بحري مائها وسرابها
ولا اشتكي منها ولست الومها / على الحلو والمر الذي في شرابها
ومن كشف الأيام كشفي خصالها / وشاهد كنه الحال خلف حجابها
رماها بصبر لا تقيم ظهورها / عليه والقى حبله في رقابها
على انني والصبر بعد احبتي / كهيم فلاة اثكلت بذئابها
متى ادعي صبرا لماضي عهودهم / ولست بلاقيها عقيب ذهابها
عهود كامثال العرائس ودعت / وواحزنا حادي المنايا حدابها
اقمت لعهد الحزن بعد انصرافها / ظعائن تم السيراثر ركابها
ابعد بني السبطين في الأرض سلوة / وقد اضمرتهم في قلوب يبابها
ابعد النجوم المشرقات هداية / وقد افلت لا مرتجى لإيابها
ابعد انفرادي عن عرانين هاشم / هناء وفي عيني انهداد قبابها
فيالسراة القوم اين مقركم / معاهدكم قد عمرت بخرابها
وعهدي بكم والنور في الارض ساطع / باوجهكم فاليوم اين ثوى بها
وعهدي بكم أن الرسول بحارها / فماذا قضى وحيا بغور عبابها
وعهدي بكم أهل الكساء كساءها / فواحربا قد عرّيت من ثيابها
وعهدي بكم والعلم في كبد السما / سراجا فما بال الظلام سجى بها
وعهدي بكم والأرض أنتم غيوثها / فقد اجدبت من غيثها وسحابها
بنى العلم ما بالاختيار كسرتم / معاهده بالحزن بعد انتصابها
لقد كان هذا العلم نفسا وروحها / جباتكم ما الشان بعد اقتضابها
مدينته انتم مباني عروشها / وانتم بني الزهراء ابناء بابها
فمن لي بالانوار بعد انطفائها / وعضتكم أم اللهيم بنابها
افيقوا بني المختار بعد هجوعكم / تدع سنة المعروف بعد انتحابها
افيقوا تداعي الفضل وانقض اسه / وعز على العلياء ندب انتدابها
افيقوا فإن المكرمات تعطلت / معالمها واندك مرسى هضابها
زكت بكم الأكوان حينا وبوركت / فيا بركات افرغت من عيابها
وكنتم نصاب الفضل في الخلق حقبة / فمن للعلى بعد افتقاد انتصابها
فيا غرباء الأرض هل هي نجعة / تمن برجعاها عقيب اغترابها
فهيهات لا اقفال والرمس حائل / وأينق اظفار الردى في هبابها
ارى الأرض تدري انكم من سيوفها / فمن دابها اغمادكم في قرابها
فيا لسميط ما رضائي بعيشة / خلافكم إلا رضا بذهابها
اجدكم هذا الرحيل مجدد / وقد بنتم للنفس طول اكتئابها
اعيشا وقد القى الجران طليحكم / بزيزاء تذروها الرياح بما بها
نزعتم الى الارماس وحيا وتلكم / لعمركم لا منثنى عن مآبها
لقد انطقتني بالرثاء صفاتكم / وإذ أخرستني دهشتي بانسلابها
ولو ان تابين الرثاء مبرد / أسا النفس لكن مسعر لالتهابها
احباي برح الطاعنين مبرح / ولكن عزاء النفس فضل احتسابها
تذوب الليالي من أسى بين اضلعي / بمعترك بيني وبين حرابها
ولو حجزت بيني وبين صروفها / صروف لكان العزم لي في ضرابها
ولكنها تعنو لذل انتقابها / مقادير تفري جلدها باختلابها
واوشك مقدار يؤم حصادها / بلا دافع يأتي بحين انتكابها
كذا كل شيء ما خلا الله منته / لحد ومرمى نفسه لتبابها
فيا عرصة الابرار ما عنك رغبة / وان دام بالاشباح طول مغابها
واني لأرجو أن فيك بقية / من البيت تسعى في صلاح منابها
وتعمر رسما شد ما التمأت به / شعائر دين الله بعد انشعابها
وتجري مياه الفضل في مدح روضة / بكف امين الوحي فيض شرابها
هنا مطمح الامال في عثرة الهوى / لان كمال المصطفى من ذنابها
فلا توحشونا من معالي اصولكم / وطبع فروع الاصل صدق انجذابها
عليكم سلام الله ما السحب امطرت / وروى شباما رائنات انسكابها
وعلل هاتيك المشاهد روحه / وريحانه ما لاح برق جنابها
الهيَ يا رحمن ضاق بيَ الفضا
الهيَ يا رحمن ضاق بيَ الفضا / وعزني الملجا وذل مقاميا
وأنت وسعت الكل علماً ورحمة / وربيت بالرحمى الخليقة كافيا
برحمتك العظمى تمسكت ضارعاً / أغوث ملهوفاً وأهتف عانيا
وبي شدة يا أرحم الراحمين ما / يقوم لها صبري تصب الدواهيا
فصب على ضعفي شآبيب رحمة / فقد غادرت أقوى التجلد واهيا
الهي تداركني بحرمتك التي اس / تقامت بها الأكوان بدءاً وتاليا
أغثني بما نجيت ذا النون بعد إذ / تعمق في أحشائه البحر ثاويا
أغشني يا رحمن بالرحمة التي / رحمت بها أيوب في الضر باليا
حنانيك يا رحمن عطفاً ورحمة / فغير خفي عنك سوء مكانيا
بما ترحم الطفل الصغير وترحم ال / بهائم أدرك ذلتي وافتقاريا
بما ترحم الأملاك في رهبوتها / وتسبيحها ارحم لهفتي وابتهاليا
فيا غارة اللّه اغضبي وخيوله
فيا غارة اللّه اغضبي وخيوله / اركبي ومواضيه انعمي بورود
ومني على الأعداء منك بزورة / تريحهم من كل كفرهم بلحود
ويا رب مزق كل سور وخندق / عليهم وحصن شامخ ووصيد
وقد مكروا فامكر بهم وأذقهم / عواقب مكر في البلاد شديد
فطهر بقاع الأرض منهم بأنفس / من البغي تجريها بكل صعيد
وشرد بهم في كل أرض فلا سوى / قتيل ومأسور يرى وطريد
وصب عليهم سوط منتقم كما / لعاد وفرعون جرى وثمود
ولا تبق دياراً على الأرض منهم / فما قوم نوح منهم ببعيد
على المعرج الأسنى من الذِّكر عوّلا
على المعرج الأسنى من الذِّكر عوّلا / فاشراق شمس السر فيه تهللا
وما هو إلا ذكر أسماء ربنا / تعالى ولكن كن على الشرط أولا
فأوله التطهير للقلب من أذى المعا / صي وثانيه التفرد في الخلا
وثالثه الاخلاص للّه وحده / وهذا ملاك الأمر فالزمه مقبلا
ورابعه استقبالك البيت في الدعا / وخامسه كون الوضوء مكملا
وسادسه صوم الخميس محبب / وفي سحر الزهراء لذكر فاعملا
وفيها على حسب التصاريف أصلت / شروط وذا حسب التبرك أصلا
تنل سرها المخزون في بحر نورها / بتكميل مشروط وإن لم يكن فلا
فمن يفتح الفتاح من سرها له / يكن ملكاً في العالمين مبجلا
فعول عليها في المهمات داعيا / بياء الندا مستهديا متوكلا
هو اللّه بسم اللّه تسبيح فطرتي
هو اللّه بسم اللّه تسبيح فطرتي / هو اللّه إخلاصي وفي اللّه نزعتي
هو اللّه بسم اللّه ذاتي تجردت / وهامت بمجلى النور عين حقيقتي
هو اللّه بسم اللّه ضاءت فأشرقت / بأنوار نور اللّه نفس هويتي
هو اللّه بسم اللّه في كل لحظة / بأسرار سر الجمع جمع تشتتي
هو اللّه بسم اللّه ذرات عالمي / خواتمهما بدء كعالم ذرتي
هو اللّه بسم اللّه هبت فشاهدت / بروق جلال من أنا اللّه غيبتي
هو اللّه بسم الله شاهدت اسمه / فتاهت بافناء الفناء أنيتي
هو اللّه بسم اللّه فقري محقق / غذائي وذلي باسمه عين عزتي
هو اللّه بسم اللّه نور جلاله / به احترقت آفات نفسي ونشأتي
هو اللّه بسم اللّه أسرار اسمه / بها صعقت عني شياطين شهوتي
هو اللّه بسم اللّه تزكو خواطري / وتصدق إلا عن مراضيه لفتتي
هو اللّه بسم اللّه جردت وحدتي / لوحدته إذ منه لي فيه وحدتي
هو اللّه بسم اللّه أنسي شهوده / ولو غيبته العين مت بوحشتي
هو اللّه بسم اللّه أوقفت رؤيتي / عليه وديني مخلصاً نفسي رؤيتي
هو اللّه بسم اللّه حجي وعمرتي / إلى بيته المعمور إذ هو بضعتي
هو اللّه بسم اللّه نفسي مشاعري / ونسكي حياتي والمحبة وقفتي
هو اللّه بسم اللّه لولا صلاته / عليَّ لعزتني صلاتي وسجدتي
هو اللّه بسم اللّه ما صمت لحظة / على أنني لم تعهد الفطر فطرتي
هو اللّه بسم اللّه وتري شهادتي / وتلك صلاة الوتر في جنح ظلمتي
هو اللّه بسم اللّه جاهدت شوكتي / فكانت له فيه به منه نصرتي
هو اللّه بسم اللّه كون اضافتي / إليه زكاتي وهي أفخر نسبتي
هو اللّه بسم اللّه محق ارادتي / مرادي واثباتي لمحوي بغيتي
هو اللّه بسم اللّه نفذ مشيئتي / ومالي بشيء جزء حولي وقوتي
هو اللّه بسم اللّه لو عارض الفنا / حياتي لم تذهب حياتي بموتتي
هو اللّه بسم اللّه في كل وارد / له من يقيني فيه كل تثبت
هو اللّه بسم اللّه في كل خطوة / له ملك منى يطير بسبحتي
هو اللّه بسم اللّه أسنى معارجي / إليه نزولي في مدارك خشيتي
هو اللّه بسم اللّه ملك عوالمي / بتدبير سر الاسم في قهر قبضتي
هو اللّه بسم اللّه قهري مسخر / شياطين نفسي تحت كرسي عزتي
هو اللّه بسم اللّه والجد باسمه / بجد اسمه أربت على الجد خطوتي
هو اللّه بسم اللّه والفيض باسمه / تجلى لعقلي كنه كل حقيقة
هو اللّه بسم اللّه والفتح باسمه / فتوحات عرفاني وكشفي استهلت
هو اللّه بسم اللّه والوهب باسمه / أفاض على الوهب كل خفية
هو اللّه بسم اللّه والنور باسمه / تشعشع نور اللّه في بشريتي
هو اللّه بسم اللّه والقدس باسمه / تقدس توحيدي وايمان فطرتي
هو اللّه بسم اللّه والجمع باسمه / تجمع فرقاني وفرقت جمعتي
هو اللّه بسم اللّه والروح باسمه / تداركني من روحه كل منيتي
هو اللّه بسم اللّه واللطف باسمه / سرى لطفه في شقوتي فاضمحلت
هو اللّه بسم اللّه والعز باسمه / تعززت عزاً قاهراً كل عزة
هو اللّه بسم اللّه والقهر باسمه / قهرت عدائي تحت قهري وسطوتي
هو اللّه بسم اللّه هيبة اسمه / كستني نوراً من جلال وهيبة
هو اللّه بسم اللّه عزة اسمه / أقامت محالي في رضاه وسلطتي
هو اللّه بسم اللّه سلطان اسمه / غلبت به من فاق أيدي وقوتي
هو اللّه بسم اللّه سطوة اسمه / قصمت بهامن شاء وهني وذلتي
هو اللّه بسم اللّه ذي الملك أذعنت / وشاهت وجوه المعتدين وذلت
هو اللّه بسم اللّه ذي الجبروت كم / يدي جبروت حاولتني فشلت
هو اللّه بسم اللّه ذي الملكوت من / خزائنه وفري ويسري وغنيتي
هو اللّه بسم اللّه ذي المجد إن لي / بتمجيده مجداً على الملكية
هو اللّه بسم اللّه ذي الكبرياء لا / أذل وأشقى وبالذكر وصلتي
هو اللّه بسم اللّه ذي النور أهتدي / وأهدي وأمحو باسمه آي ظلمتي
هو اللّه بسم اللّه ذي الحمد والثنا / محامده مني اعترافي بحيرتي
هو اللّه بسم اللّه ذي العرش لم أضق / وامداده العرشي يوسع حيطتي
هو اللّه بسم اللّه ذي الطول والغنى / غنائي وطولي واتساعي وثروتي
هو اللّه بسم اللّه ذي المن كلما / منيت ببؤس وسع المن بسطتي
هو اللّه بسم اللّه ذي الرحمة انجلت / لوازب من سوء القضا بي حَلَّتِ
هو اللّه بسم اللّه يا رب لا تدع / لأمارتي بالسوء نقطة خيرة
هو اللّه بسم اللّه يا رب لا تُزغ / جناني ولقيني مع العرض حجتي
هو اللّه بسم اللّه سبل سخيمتي / وشبت على مرضاة وجهك خدمتي
هو اللّه بسم اللّه اذهب قواطعي / ولا تلقني مستحسرا قيد لمحة
هو اللّه بسم اللّه هب لي قوة / تصرف لي التصريف في كل نقطة
هو اللّه بسم اللّه يسر مقاصدي / وحل جمودي وانحساري وعقدتي
هو اللّه بسم اللّه أفرغ عليَّ في / بلائك صبراً وليك الشكر لهجتي
هو اللّه بسم اللّه حقق اراثتي / وصل نسبتي بالنسبة الرسلية
هو اللّه بسم اللّه ثبت عزيمتي / على الرشد إن الغي أصل طبيعتي
هو اللّه بسم اللّه هب لي جوامع ال / سعادة في الدنيا وعقبي منيتي
هو اللّه بسم اللّه جد لي بنظرة / تدارك جذبي من شقائي وأخذتي
دهتني الرزايا سيدي وألمَّ بِي
دهتني الرزايا سيدي وألمَّ بِي / بلاءٌ عفى رسمي وآد احتماليا
وما أنا في شكواي ما لا أطيقه / غضوب على الأقدار أو لست راضيا
رضيت بما تقضي وآمنت أنه / قضاؤك عدل أي ما كنت قاضبا
ولكن قصارى العبد شكوى يبثها / إليك ودمع يستهل الماقيا
وتمزيقه في ظلمة الليل قلبه / وترجيعه غوثاه غوثاه فانيا
فأسر خفي اللطف بي في خصائصي / وذرات أطواري وحالي وحاجيا
فلطفك بي في عالم الذر شاهد / للطفك في أطوار كوني وشانيا
ولطفك بالمضطر أوحى إغاثة / وأسرع إدراكاً خفياً وباديا
ولطفك بالمضطر من حيث ضره / إذا كان تمحيصاً كلطفك كافياً
وما سريان اللطف إلا لحكمة / بمهما اقتضت ايراده كان ساريا
فإن يك ما أبليت منك محبة / فطوبى وبشرى لي رضيت مقاميا
على أنني عن حمل مثقال ذرة / بلاءً بعجزي شاهد وافتقاريا
وإن يك ابلاساً فإني عائذ / بوجهك أن أشقى عليك الهيا
أعوذ بما عاذت به الرسل منك في / بلائك من أن لا ترد بلائيا
بظهر اسم الذات عذت وكونه / بفردية التخصيص للجمع حاويا
وباسمك رب العالمين ومن يعذ / معاذي يوق المرديات الهواديا
وما عاذ بالرحمن ابلس عائذ / فابلسه منه ولو عاش عاصيا
وما سبحت باسم الرحيم وعوذت / لسان باخلاص فلم تلف كافيا
ولا اعتصمت نفسي وعاذت حقيقة / بما لك يوم الدين إلا كفانيا
الهي بسر الحمد فاتحة الكتا / ب والخمسة الأسماء عجل خلاصيا
وهيىء لنا من أمرنا رشداً بها / ونج من الكرب العظيم حياتنا
وطهر بها قلبي وأودعه حكمة / ونوراً وعلماً نافعاً منك هاديا
ويسر بها الأرزاق من كل وجهة / ولا تبق عسراً في المعيشة كاليا
ورد بها الأعداء عني وفلهم / فلست جليداً أن أرد الأعاديا
وسلط عليهم غضبة منك لا تذر / على الدهر منهم في البسيطة باقيا
وعجل عليهم منك صمصام نقمة / تحزبه أكبادهم والتراقيا
ولا تلق بالمظلوم فيهم مذللاً / وقد مد بالشكوى إليك الأياديا
وتلك مساعيهم على الحق غصة / فيا قاصم اقصم من سعى والمساعيا
ولا تيؤسني من شئون علمتها / وإن سكتت عن ذكرهن لسانيا
وإني لراج بعد كون وسيلتي / إليك اسمك الأعلى تمام رجائيا
وصل وسلم حسب ما ترتضي على / محمد المبعوث للخلق هاديا
صلاة أنال الخير من بركاتها / تفتح أبواب السما لدعائيا
واطهار أهل البيت والصحب واج / عل السعادة ختماً لي وأسنى مراميا
الهي افتقاري لازم لحقيقتي
الهي افتقاري لازم لحقيقتي / إلى رحمة الرحمن في كل لحظة
إلى نظرة الرحمن تحت جماله / أبث اضطراراً طارقاتي وشقوتي
الهي يا رحمن استعطف الرضا / واستكشف البلوي وغمي وكربتي
الهي يا رحمن أستوهب الغنى / ففي سعة الرحمن الهي غنيتي
الهي يا رحمن أسأل رحمة / تلم بها صدعي وترحم غربتي
بجودك يا رحمن كل بلية / وإن عظمت قد آذنت بتشتت
الهي يا رحمن كم من مصيبة / برحمتك اللهم وحيا تجلت
الهي يا رحمن ما أستمده / برحماك ممدود كأقرب لمحة
الهي يا رحمن لاذ بك الرجا / فمن على ضعفي يأرحم نظرة
بعاطفة الرحمن عاذت حقائقي / وعمري وفقري وانقطاعي وذلتي
نصبت لهم من نير الذكر معلماً
نصبت لهم من نير الذكر معلماً / وبوأتهم من أنفع الذخر مغنما
وصيرت نفسي خادماً لطريقة / بها هام أهل اللّه في الأرض والسما
فيا لرجال الحب والكأس مفعم / هلم اشربوا هذا المغنى ترنما
عصرت لكم من خمرة اللّه صفوها / فموتوا بها سكراً فما السكر مأثما
لقد هام أهل الاستقامة قبلنا / بها فانتشوا بين الخليقة هيما
تراهم سكارى ينشر الجمع فهمهم / ويطويه نور الفرق في أبحر العمى
ملأت لكم دَني شراباً مروقاً / وحركت أوتاري فأنطقت أعجما
وغنيت في شرب هم الرسل كلهم / تقدم إلى باب المليك مقدما
من كمثلي وذا الشراب شرابي / والنبيون كلهم ندماني
هام قبلي به الخليل وموسى / ثم عيسى وصاحب القرآنِ
هذه حالتي وهذا مَقامي / فاعرفوني وانكروا عرفاني
بنور وجهك يا نور السموات / أشعل مصابيح عرفاني بمشكاتي
واملأ بحبك قلبي واجتذب رمقي / من بين أبحر أوهامي وغفلاتي
هذه النار وذا الوادي المقدس / فاخلع النعيلين والذلة فالبس
واجد أنت هدى أو قبساً / لا تجاوز أن هذا الليل عسعس
طرق اللّه نصبَ عيني واسرا / ر أساميه أبحري وسفيني
ما الذي صدني عن اللّه إلا / سوء أمارتي وسوء يقيني
رب غوثاه جلها ظلمات / بؤت فيها بصفقة المغبونِ
أنت نور الأنوار نور يقيني / في حياتي الدنيا بنور مبين
وصل وسلم عد أسرار كل ما
وصل وسلم عد أسرار كل ما / لذاتك من اسم بدا أو بخفية
وصل وسلم عد أسرار جاهها / ومقدارها في الشأن والعظمية
وصل وسلم عد أسرار نورها / وأضوإئها يا نور في كل رتبة
وصل وسلم عد ما في بحارها / من الجوهر المكنون عن أي فطرة
وصل وسلم مثل عد شؤونها / وأكوان تأثيراتها المطلقية
وصل وسلم مثل سيب فيوضها / وقوة إدراكاتها الأزلية
وصل وسلم مثل بحر مدادها / وتنزيل امداداتها كل قوة
وصل وسلم عدَّ ما دركها / من الأثر المغمور بالقادرية
وصل وسلم عد ما تحت مجدها / وسلطانها من متقن الموجدية
وصل وسلم حسب تصريف قهرها / وتدبيرها الأحكام في كل ذرة
وصل وسلم حسب أشكال ما اقتضت / من القدم الأعلى على الأبدية
وصل وسلم حسب سرعة لطفها / وتفريجها يا سيدي كل كربة
وصل وسلم حسب كنه جمالها / وحسب مقامات عليها تجلت
وصل وسلم حسب مجد جلالها / وما لتعاليها من القاهرية
وصل وسلم حسب قدس كمالها / وتكميلها الأسرار حيث تولت
وصل وسلم حسب رفعة عزها / وأعزازها في حصنها من أعزت
وصل وسلم حسب ما تقتضيه في / مظاهرها من واجبات الألوهة
وصل وسلم ما تجلى ظهورها / بمطلع قيومية الأحدية
وصل وسلم ما أفاضت غيوثها / على أنفس حتى زكت وتزكت
وصل وسلم ما استهل سحابها / بفتح وغفران ولطف ورحمة
وصل وسلم ما توصل واصل / إليك بها إذ هن أمتن وصلة
وصل وسلم ما تحقق مخلص / بها فانتشا من بحر عين الحقيقة
على المصطفى الهادي إليك محمد / رسولك ختم الرسل خير البرية
هو الجامع الأسماء جمع تحقق / ومشكاة مصباح الصفات الجليلة
هو الجامع الأسرار في جيب سره / هو المشرق الأسرار في أي وجهة
هو الكاشف الأستار عن نير الهدى / هو الباعث المبعوث بالحنفية
هو الأول المكنون في أبحر الخفا / هو الآخر المقصود في كل رتبة
هو الظاهر المعلوم قبل ظهوره / هو الباطن الخافي بكل حقيقة
هو السابق المخصوص مجداً بسبق كن / هو اللاحق المرضي للأقربية
هو القاهر الغلاب سيفاً وحجةً / هو المجتبى المختار للأكرمية
هو الباهر البرهان نوراً وكلمة / هو البين الآيات روح الشريعة
هو القائم الساطي بعزم مؤيد / هو الفاتح المنصور في كل وجهة
هو الناصر الأمر الالهي حازماً / منيعاً علياً في مقام المعية
توليته واخترته وملأته / بنورك واستخلصته للمحبة
وبوأته من كل خير أتمه / وأزكاه والأكوان في العدمية
فكل مزايا الرسل والأنبياء في / بحار مزايا شأنه حكم نقطة
وما طمع الأملاك والرسل مطلقاً / بأن يبلغوا مقداره مع نسبة
ولا جنح الأبرار أن يتزلفوا / إليك سوى من بابه عند قربة
قسمت حظوظ القرب بين جميعهم / ولكنها من حظه في الحقيقة
وآثرته من بين خلقك كلهم / بأن كان أصل الكائنات البديعة
وآثرته من بين خلقك كلهم / بأن كان عند اللّه خير وسيلة
وآثرته من بين رسلك كلهم / بأن جاء مبعوثاً إلى خير أمة
وآثرته بالنعت من قبل بعثه / على الصحف الأولى بكل نبوة
وآثرته من كل زلفى ومفخر / بما قصرت عن فهمه كل نهية
فصل وسلم بالذي أنت أهله / عليه وبارك وارض في كل لحظة
صلاة وتسليماً يوازي مقامه / ويعدل معلوماتك الفطرية
وأكرمه بالزلفى التي ليس دونها / قريب ولا من فوقها من فضيلة
وضاعف له الفضل العظيم مشفعاً / باضعاف ما أحصاه علم الألوهة
وبوئه من أسنى المقامات والرضا / مبوء صدق دونه كل رفعة
وبلغه مما يرتجيه لنفسه / مضاعفة الاكرام من كل خيرة
وبلغه مما يرتجيه لغيره / جزيلاً به عيناه لذت وقرت
وشفعة يا ذا الجود فينا شفاعة / ننال بها الغفران عن كل زلة
وشفعه فينا وارض عنا بجاهة / رضا يتلقاني بفوز ورحمة
وصل وسلم ما دنا منك ذاكر / عليه وخصصه بأسنى مزية
صلاة وتسليماً عليه وآله / وأصحابه مع مخلصي التبعية
وصل على الرسل الكرام والهم / وسائر من أكرمتهم بالنبوة
وصل على الأملاك في ملكوتهم / وجبريل مخصوصاً بأزكى تحية
وأهل سبيل الاستقامة في الهدى / وصل علينا عندهم ذا العطية
الهي بجاه السيد الأكرم الذي / هو الرحمة العظمى لكل الخليقة
محمد البر الرحيم الذي أتى / حريصاً علينا بين بر ورأفة
توسلت ملتاذاً بسلطان قربه / إليك وحسبي أن يكون وسيلتي
ومن يتوسل بالرسول محمد / يلاق المنى من عين كل رغيبة
الهي قرعت الباب من حيث ينبغي / وناديت بالأسماء في صوت دعوتي
ووجهت وجهي نحو وجهك ضارعاً / واسمك ذكري والحبيب ذريعتي
الهي هب لي نظرة في مطالبي / فحسبي غنى أن نظرة منك حقت
وخذ بيدي في كل أمر سياسة / وحسن ختامي بالرضا اجعل مبرتي
ونور جناني يا عليم بومضة
ونور جناني يا عليم بومضة / من العلم تحييني بها متجملا
وزين فعالي يا حكيم بحكمة / فمن تؤتها فالخير قد حاز مجملا
بأرواح لطف يا لطيف رياحها / لدنية نفَّحْ جناني وعللا
ألا يا خبير اكشف لسري غوامض ال / غيوب وكن للسر سري مؤهلا
ويا محييَ الموتى فؤادي أحيه / بأرواح أسرار لأسمائك العلى
وبين لسري يا مبين معارفا / شوارقها من مطلع اللطف تجتلى
ويا نور نور باطني وظواهري / ضياء من النور المقدس مشعلا
ويا ظاهر اجعلني بنورك ظاهراً / على كل مخفي الظهور وما انجلى
ويا باطن الذات الحميد ثناؤه / امط حجب مجهولات عقلي وزيلا
ونفسي سلم من كدورات وصفها / وهبني طبعاً يا سلام مكملا
ويا باريء ابرء نور قلبي وزكه / يكن لفيوض السر منك مؤهلا
مصور نفسي اكشف لسري حقائق ال / معارف أحيا بالعلوم مسربلا
ويا مبديء الابداع للسر مظهرا / افض لي من بحر العوارف جدولا
أعد لي من أراح لطفك نفحة / معيد حياة الجسم من عالم البلى
ويا أحد ارزقني اتحاداً ونسبة / بمن علة التوحيد كأساً مسلسلا
بديع السما والأرض خص بصيرتي / بأبدع سر في خفا سرك انجلى
الهيَ هذا موقف الخوف والرجا
الهيَ هذا موقف الخوف والرجا / وهذا مقام العائذ المتثبت
الهي ما أوقفتني موقف الدعا / لطرد وإبلاس ويأس وخيبة
الهي لا يشقى دعاتك بالدعا / ولا باء بالحرمان اخبات مخبت
الهي لولا نظرة أزلية / إليَّ لما أنهضتني نحو دعوتي
الهي بشيري بالاجابة دعوة / أرتلها واللّه حاضر حضرتي
الهي دعائي ماله عنك حاجز / وعزم اراداتي وثبت عزيمتي
الهي أبواب الدعاء لمن دعا / مفتحة فاسمع دعائي وصرختي
وأنت ترى الأشياء رب ولا ترى / وبالمنظر الأعلى مقام الألوهة
وأنت إليك المنتهى وبك القوى / ومنك الرجا في دفع كل مهمة
الهي أسباب الرضاء تركتها / بتسويل شيطاني ونفسي الجريئة
ولم يبق لي غير التبتل والرجا / إلى سيدي من وصلة ووسيلة
وحسبي بالجود الالهي وصلة / وإن قبحت أعمال نفسي وسيرتي
ومالي إلى ما أبتغي منك حيلة / أنال بها سؤلي سوى عدم حيلتي
وأسنى مقاماتي وأزكى تصرفي / مع التوب تفويضي إليك بليتي
وحكمك إن فوضت يجري كما يشا / وإن لم أفوض فهو حسب المشيئة
ولكن تفويضي أموري ذريعة / إليك وتحقيق لقدر عبودتي
وهذا مقام للعبودة لازم / تقوم به للحق في كل حضرة
الهي إقدامي على ما كرهته / لدى جنب عفو اللّه كالعدمية
ومزدلفي للخير حول تسوقه / إليَّ وإلا اين حولي وقوتي
وما طاعتي من عليك وإنما / لذاتك ربي كل مجد ومنة
وما صاعد من طيب وصوالح / رفعت بفضل رب من لدنيتي
ولكن إذا وفقت عبداً هديته / إلى طيبات القول والعملية
تسبب فعل الصالحات تكرمَا / وتجزي عليها صالحات المثوية
تجليت بالاكرام في كل شاهد / ورشحت للتقريب في كل وجهة
وناديت للرضوان والكون مسمع / ونورت بالعرفان أهل الحقيقة
تعرفت بالاحسان فيما شرعته / فتكليفك اللهم أسباغ نعمة
مددت يدي والفقر حشو أهابها / إلى يد ذي المن العظيم العطية
وأوفدت آمالي صوارخ خشعاً / إلى بابه وهو البصير بوفدتي
الهي قد اشتدت إلى اللّه فاقتي / وشدت إلى معروف جودك نجعتي
الهي حاجاتي عليك يسيرة / وإن غلبت قدراً تمحل قدرتي
الهي من حاجات نفي توبة / عليَّ وغفران وعفو لزلتي
وأكبرها الرضوان عني بجنة / أجاور فيها خاتم الرسلية
ولا شيء مما أبتغي منك سيدي / يغاير ياغوثاه جود الألوهة
وما في نجاتي من عذابك ذرة / تغاير شأن الحكمة الأحدية
ولا في عذابي ذرة تنقص الغنى / الهي ولو عوقبت كل عقوبة
وما يفعل الرحمن والحلم شأنه / بتعذيب عبد بعد تحقيق توبة
الهي إن كانت ندامة من عصى / متاباً فإني نادم من خطيئتي
ندامة عبد يبتغي وجه ربه / بتوبة مستبصر بعد غفلة
ندامة مضطر ندامة متق / ندامة مغرور بدنيا دنية
ندامة من لا يتقي غير ربه / ولا يرتجي إلا نوال الربوبة
ندامة عبد فارق الكون كله / إليك ولم يعبأ بكثر وقلة
ندامة عبد طردته ذنوبه / كمالك واغوثاه كهف الطريدة
ندامة عبد أخجلته عيوبه / فيا حربي مما جنيت وخجلتي
ندامة عبد أحرق الخوف قلبه / بنفس لاحسان الرجاء مسوقة
حداني إليك الشوق والذوق سيدي / وأوقفت ذنبي عند عز المشيئة
وقدمت نفسي قدرتها ذنوبها / لتغسلها بالرحمة الأزلية
وقدمت نفسي والمصائب جمة / لتلطف بي في النازلات الوبيلة
وإني لراج بعد تقديمها غنى / بربي وتقديمها إلى خير زلفة
وإني لراج منك فوزة صابر / وإنقاذ مضرور واكمال نعمة
وإني لراج منك أن أدرك المنى / بصدق الرجا مني والحاح دعوتي
وإني لراج إذ جعلتك مقصدي / بأن تدفع الآفات عن بشريتي
الهي بجاه اللّه أسألك الرضا / وأسألك اللهم صدق المحبة
وفوزاً بدار الخلد مولاي والنجا / من النار في الناجين من خير أمة
ويمناً وإيماناً وإيقان مخلص / وعدلاً وإحساناً ونور سريرة
وخاتمة بالخير يا رب والهنا / ودفع الشقا عني وتسهيل موتتي
وأسألك اللهم وفراً من الغنى / وأسألك اللهم حسن معيشة
وأسألك اللهم كشف جهالتي / وتنوير عقلي واتباع الشريعة
وسألك اللهم نصراً وقوة / على خصمك الباغي على ضعف قوتي
واسألك اللهم شكراً مبلغاً / مزيدك في الدارين من كل نعمة
وأسألك اللهم صبراً على البلا / فإني جزوع النفس رخو العزيمة
فيسر لي اللهم ما قد سألته / وما قصرت عنه لساني ودعوتي
بأسمائك الحسنى تقربت سيدي / إليك مجداً في هتافي وقربتي
جعلت سمير الطبع ترتيل ذكرها / لوجهك ربي جلوة بعد خلوة
بحقك أمطرني سحائب سرها / بما خص كلاً من كمال وقوة
وهب لي بها من كل خير أتمه / الهي في الدنيا وفي الآخروية
الهي فتحت الفتح لي وأقمتني / بحبك فاختم لي بختم المحبة
ببابك يا اللّه عبدك مخبت
ببابك يا اللّه عبدك مخبت / تعلقه باللّه من كل وجهة
تعلقت باللّه الذي لا إله لي / سواه ولا ضاعت لديه عبودتي
تعلقت باللّه العليم بموقفي / وما أنا فيه من ضروب البلية
تعلقت باللّه العظيم الذي جرت / مقاديره دون اختيار البرية
تعلقت باللّه اللطيف بخلقه / وهذا هدى منه لنفعي وخيرتي
تعلقت باللّه الكريم ولم تخب / أمان على باب الكريم استقرت
تعلقت باللّه المبر عباده / بلا سبب منهم لدرك المبرة
تعلقت باللّه الحليم وإنني / لأعظم شيء في الخطايا خطيئتي
تعلقت باللّه المتين وإنه / لأمتن حبل بالمتين وثيقتي
تعلقت باللّه المجيد وما انثنى / مؤمل مجد اللّه صدقاً بخيبة
تعلقت باللّه الحميد بحمده / وسيلة قصدي حمده حسب قدرتي
تعلقت باللّه الجليل تعلقاً / نسخت به مني ظلال الخليقة
تعلقت باللّه الولي تعلقاً / أراني ولاء الحق من قبل نشأتي
تعلقت باللّه العلي تعلقاً / علوت به عن مركزي وطبيعتي
تعلقت باللّه الوكيل وقد عدت / على العوادي المهلكات وشدت
تعلقت باللّه الكفيل وفضله / عظيم وقد ضاقت علي معيشتي
تعلقت باللّه الحفي بأهله / واهليتي للّه فقري وذلتي
تعلقت باللّه الوهوب وإن لي / بفقري إلى الوهاب فوزاً بغنيتي
تعلقت باللّه الحفيظ وحفظه / من السوء في دين ودنيا مجنتي
تعلقت باللّه الحسيب وقد طغت / أعاديه بغياً فوق حولي وقوتي
تعلقت باللّه السميع استغاثتي / سميع دبيب النمل من فوق صخرة
تعلقت باللّه البصير بحالتي / بصير خفايا العالمين الدقيقة
تعلقت باللّه الخبير بوهلتي / إليه واخباتي ورهبي ورغبتي
تعلقت باللّه المقيت عباده / وسبحانه لم تخف عنه عنه ضرورتي
تعلقت باللّه العزيز وإن لي / بذي العزة القهار أمنع غيرة
تعلقت باللّه المحيط بعلمه / وقدرته سبحانه بالخليقة
تعلقت باللّه السلام وقد جرى / على القضاء منه ببؤسي وكربتي
تعلقت باللّه الذي أنا مؤمن / به وهو ربي مؤمن كل خيفة
تعلقت باللّه المهيمن سيدي / على كل شيء من صنوف البرية
تعلقت باللّه الذي جبر النهي / لعرفانه الجبار صدع الرزيَّة
تعلقت يا اللّه يا متكبراً / عن الكل باسم الذات اسم الحقيقة
تعلقت باللّه الكبير جلاله / بعز اسمك الذاتي في قيد شقوتي
تعلقت باللّه الحكيم بصنعه / بمجد اسمك العلى على كل حضرة
تعلقت باللّه الرؤف بخلقه / بما لاسمك الذاتي من لطف رأفة
تعلقت باللّه الرحيم بخلقه / بما وسع اسم الذات مع وسع رحمة
تعلقت باللّه المليك وحسب من / تعلق باسم اللّه أفخر نسبة
تعلقت يا اللّه يا حي ضارعاً / باسمك يا قيوم تضراع مخبت
تعلقت يا اللّه يا حق قانتاً / لوجهك فاقبلني على سوء رجعتي
تعلقت يا اللّه يا بر بائناً / وعندك يا فتاح فتحي ونعمتي
تعلقت يا اللّه يا واسع العطا / بجودك في فقري وضنك معيشتي
تعلقت يا اللّه من حيث أنني / عرفتك يا خلاق مبديء نشأتي
تعلقت يا اللّه من حيث أنني / رأيت لك الآيات في كل فطرة
تعلقت يا اللّه من حيث أنني / علمتك بالتكوين والمبدعية
تعلقت يا اللّه من حيث أنه / يحق لك التوحيد في كل ذرة
تعلقت يا اللّه من حيث أنه / بتدبيرك الأشياء من غير شركة
تعلقت يا اللّه من حيث أنه / وجودك لم يسبقه ذو قدمية
تعلقت يا اللّه من حيث أنه / بقاؤك لا يفنى إلى الأبدية
تعلقت يا اللّه من حيث أنه / جلالك والاكرام مجد الالوهة
تعلقت يا اللّه من حيث أنه / لاسمك اسم الذات سلطان وحدة
فيا اللّه يا اللّه هذا تعلقي / وأنت مرادي واسم ذاتك لهجتي
دعاني قل ادعوا اللّه والفقر مطلقاً / وأنك يا اللّه أهل لدعوتي
ونور جلال من أنا اللّه مشرق / سريت به حتى شهود الحقيقة
وعز كمال من أنا اللّه باهر / له استسلم الأشياء طوعاً وذلت
وحسن جمال من هو اللّه ظاهر / به نشوة الأرواح تحت الهوية
وقفت لك اللهم وقفة حائر / بدهشة عبد بين عز وهيبة
وقفت لك اللهم وقفة ذاكر / باخلاء أركاني وملء طويتي
وقفت لك اللهم وقفة خاشع / ملأت بك اللهم سر سريرتي
وقوفي لك اللهم كون أردته / فلاتك خلواً من مراضيك وقفتي
وقوفي باسم الذات يا اللّه خدمة / تحقق كوني خادماً كل حضرة
وما غشيتني حضرة لم يكن لها / إلى القطب يا اللّه وصلة نسبة
فما يستمد الكل إلا ببحره / له الحكم في الذاتي والصفتية
الهي امحق الأغيار عني بنوره / وخذني به من بين أبحر غفلتي
واشرق به يا اللّه نور هدايتي / إليك ووسع في المعارف بسطتي
ولا يك ذكر الحرف حظي ومنصبي / ولكن بذكر المخلصين تثبتي
فذكرك بالذكر الحقيقي منصب / ينال بفضل منك لا بفضيلتي