المجموع : 63
أَراني وَقَومي فَرَّقَتنا مَذاهِبُ
أَراني وَقَومي فَرَّقَتنا مَذاهِبُ / وَإِن جَمَعَتنا في الأُصولِ المَناسِبُ
فَأَقصاهُمُ أَقصاهُمُ مِن مَساءَتي / وَأَقرَبُهُم مِمّا كَرِهتُ الأَقارِبُ
غَريبٌ وَأَهلي حَيثُ ماكانَ ناظِري / وَحيدٌ وَحَولي مِن رِجالي عَصائِبُ
نَسيبُكَ مَن ناسَبتَ بِالوُدِّ قَلبَهُ / وَجارُكَ مَن صافَيتَهُ لا المُصاقِبُ
وَأَعظَمُ أَعداءِ الرِجالِ ثِقاتُها / وَأَهوَنُ مَن عادَيتَهُ مَن تُحارِبِ
وَشَرِّ عَدُوّيكَ الَّذي لاتُحارِبُ / وَخَيرُ خَليلَيكَ الَّذي لا تُناسِبُ
لَقَد زِدتُ بِالأَيّامِ وَالناسِ خِبرَةً / وَجَرَّبتُ حَتّى هَذَّبَتني التَجارِبُ
وَما الذَنبُ إِلّا العَجزُ يَركَبُهُ الفَتى / وَما ذَنبُهُ إِن حارَبَتهُ المَطالِبُ
وَمَن كانَ غَيرَ السَيفِ كافِلُ رِزقِهِ / فَلِلذِلِّ مِنهُ لامَحالَةَ جانِبُ
وَما أُنسُ دارٍ لَيسَ فيها مُؤانِسٌ / وَما قُربُ دارٍ لَيسَ فيها مُقارِبُ
أَما لِجَميلٍ عِندَكُنَّ ثَوابُ
أَما لِجَميلٍ عِندَكُنَّ ثَوابُ / وَلا لِمُسيءٍ عِندَكُنَّ مَتابُ
لَقَد ضَلَّ مَن تَحوي هَواهُ خَريدَةٌ / وَقَد ذَلَّ مَن تَقضي عَلَيهِ كَعابُ
وَلَكِنَّني وَالحَمدُ لِلَّهِ حازِمٌ / أَعِزُّ إِذا ذَلَّت لَهُنَّ رِقابُ
وَلا تَملِكُ الحَسناءُ قَلبِيَ كُلَّهُ / وَإِن شَمِلَتها رِقَّةٌ وَشَبابُ
وَأَجري فَلا أُعطي الهَوى فَضلَ مِقوَدي / وَأَهفو وَلا يَخفى عَلَيَّ صَوابُ
إِذا الخِلُّ لَم يَهجُركَ إِلّا مَلالَةً / فَلَيسَ لَهُ إِلّا الفِراقَ عِتابُ
إِذا لَم أَجِد مِن خُلَّةٍ ما أُريدُهُ / فَعِندي لِأُخرى عَزمَةٌ ورِكابُ
وَلَيسَ فِراقٌ ما اِستَطَعتُ فَإِن يَكُن / فِراقٌ عَلى حالٍ فَلَيسَ إِيابُ
صَبورٌ وَلو لَم تَبقَ مِنّي بَقِيَّةٌ / قَؤولٌ وَلَو أَنَّ السُيوفَ جَوابُ
وَقورٌ وَأَحداثُ الزَمانِ تَنوشُني / وَلِلمَوتِ حَولي جيئَةٌ وَذَهابُ
وَأَلحَظُ أَحوالَ الزَمانِ بِمُقلَةٍ / بِها الصُدقُ صِدقٌ وَالكِذابُ كِذابُ
بِمَن يَثِقُ الإِنسانُ فيما يَنوبُهُ / وَمِن أَينَ لِلحُرِّ الكَريمِ صِحابُ
وَقَد صارَ هَذا الناسُ إِلّا أَقَلَّهُم / ذِئاباً عَلى أَجسادِهِنَّ ثِيابُ
تَغابَيتُ عَن قَومي فَظَنّوا غَباوَتي / بِمَفرِقِ أَغبانا حَصىً وَتُرابُ
وَلَو عَرَفوني حَقَّ مَعرِفَتي بِهِم / إِذاً عَلِموا أَنّي شَهِدتُ وَغابوا
وَما كُلُّ فَعّالٍ يُجازى بِفِعلِهِ / وَلا كُلُّ قَوّالٍ لَدَيَّ يُجابُ
وَرُبَّ كَلامٍ مَرَّ فَوقَ مَسامِعي / كَما طَنَّ في لَوحِ الهَجيرِ ذُبابُ
إِلى اللَهِ أَشكو أَنَّنا بِمَنازِلٍ / تَحَكَّمُ في آسادِهِنَّ كِلابُ
تَمُرُّ اللَيالي لَيسَ لِلنَفعِ مَوضِعٌ / لَدَيَّ وَلا لِلمُعتَفينَ جَنابُ
وَلا شُدَّ لي سَرجٌ عَلى ظَهرِ سابِحٍ / وَلا ضُرِبَت لي بِالعَراءِ قِبابُ
وَلا بَرَقَت لي في اللِقاءِ قَواطِعٌ / وَلا لَمَعَت لي في الحُروبِ حِرابُ
سَتَذكُرُ أَيّامي نُمَيرٌ وَعامِرٌ / وَكَعبٌ عَلى عِلّاتِها وَكِلابُ
أَنا الجارُ لازادي بَطيءٌ عَلَيهُمُ / وَلا دونَ مالي لِلحَوادِثِ بابُ
وَلا أَطلُبُ العَوراءَ مِنهُم أُصيبُها / وَلا عَورَتي لِلطالِبينَ تُصابُ
وَأَسطو وَحُبّي ثابِتٌ في صُدورِهِم / وَأَحلَمُ عَن جُهّالِهِم وَأُهابُ
بَني عَمِّنا ما يَصنَعُ السَيفُ في الوَغى / إِذا فُلَّ مِنهُ مَضرِبٌ وَذُبابُ
بَني عَمِّنا لا تُنكِروا الحَقَّ إِنَّنا / شِدادٌ عَلى غَيرِ الهَوانِ صِلابُ
بَني عَمِّنا نَحنُ السَواعِدُ وَالظُبى / وَيوشِكُ يَوماً أَن يَكونَ ضِرابُ
وَإِنَّ رِجالاً ما اِبنَكُم كَاِبنِ أُختِهِم / حَرِيّونَ أَن يُقضى لَهُم وَيُهابوا
فَعَن أَيِّ عُذرٍ إِن دُعوا وَدُعيتُم / أَبَيتُم بَني أَعمامِنا وَأَجابوا
وَما أَدَّعي مايَعلَمُ اللَهُ غَيرَهُ / رِحابُ عَلِيٍّ لِلعُفاةِ رِحابُ
وَأَفعالُهُ لِلراغِبينَ كَريمَةٌ / وَأَموالُهُ لِلطالِبينَ نِهابُ
وَلَكِن نَبا مِنهُ بِكَفَّيَّ صارِمٌ / وَأَظلَمَ في عَينَيَّ مِنهُ شِهابُ
وَأَبطَأَ عَنّي وَالمَنايا سَريعَةٌ / وَلِلمَوتِ ظُفرٌ قَد أَطَلَّ وَنابُ
فَإِن لَم يَكُن وُدٌّ قَديمٌ نَعُدُّهُ / وَلا نَسَبٌ بَينَ الرِجالِ قُرابُ
فَأَحوَطُ لِلإِسلامِ أَن لا يُضيعَني / وَلي عَنكَ فيهِ حَوطَةٌ وَمَنابُ
وَلَكِنَّني راضٍ عَلى كُلِّ حالَةٍ / لِيُعلَمَ أَيُّ الحالَتَينِ سَرابُ
وَما زِلتُ أَرضى بِالقَليلِ مَحَبَّةً / لَدَيكَ وَما دونَ الكَثيرِ حِجابُ
وَأَطلُبُ إِبقاءً عَلى الوُدِّ أَرضَهُ / وَذِكري مُنىً في غَيرِها وَطِلابُ
كَذاكَ الوِدادُ المَحضُ لايُرتَجى لَهُ / ثَوابٌ وَلا يُخشى عَلَيهِ عِقابُ
وَقَد كُنتُ أَخشى الهَجرَ وَالشَملُ جامِعٌ / وَفي كُلِّ يَومٍ لَفتَةٌ وَخِطابُ
فَكَيفَ وَفيما بَينَنا مُلكُ قَيصَرٍ / وَلِلبَحرِ حَولي زَخرَةٌ وَعُبابُ
أَمِن بَعدِ بَذلِ النَفسِ فيما تُريدُهُ / أُثابُ بِمُرِّ العَتبِ حينَ أُثابُ
فَلَيتَكَ تَحلو وَالحَياةُ مَريرَةٌ / وَلَيتَكَ تَرضى وَالأَنامُ غِضابُ
وَلَيتَ الَّذي بَيني وَبَينَكَ عامِرٌ / وَبَيني وَبَينَ العالَمينَ خَرابُ
فَلا تَصِفَنَّ الحَربَ عِندي فَإِنَّها
فَلا تَصِفَنَّ الحَربَ عِندي فَإِنَّها / طَعامِيَ مُذ بِعتُ الصِبا وَشَرابي
وَقَد عَرَفَت وَقعَ المَساميرِ مُهجَتي / وَشُقَّقَ عَن رُزقِ النُصولِ إِهابي
وَلَجَّجتُ في حُلوِ الزَمانِ وَمُرِّهِ / وَأَنفَقتُ مِن عُمري بِغَيرِ حِسابِ
أَبيتُ كَأَنّي لِلصَبابَةِ صاحِبُ
أَبيتُ كَأَنّي لِلصَبابَةِ صاحِبُ / وَلِلنَومِ مُذ بانَ الخَليطُ مُجانِبُ
وَما أَدَّعي أَنَّ الخُطوبَ تُخيفُني / لَقَد خَبَّرَتني بِالفِراقِ النَواعِبُ
وَلَكِنَّني مازِلتُ أَرجو وَأَتَّقي / وَجَدَّ وَشيكُ البَينِ وَالقَلبُ لاعِبُ
وَما هَذِهِ في الحُبِّ أَوَّلَ مَرَّةٍ / أَساءَت إِلى قَلبي الظُنونُ الكَواذِبُ
عَلَيَّ لِرَبعِ العامِرِيَّةِ وَقفَةٌ / تُمِلُّ عَلَيَّ الشَوقَ وَالدَمعُ كاتِبُ
فَلا وَأَبي العُشّاقِ ما أَنا عاشِقٌ / إِذا هِيَ لَم تَلعَب بِصَبري المَلاعِبُ
وَمِن مَذهَبي حُبُّ الدِيارِ لِأَهلِها / وَلِلناسِ فيما يَعشَقونَ مَذاهِبُ
عَتادي لِدَفعِ الهَمِّ نَفسٌ أَبِيَّةٌ / وَقَلبٌ عَلى ماشِئتُ مِنهُ مُصاحِبُ
وَجُردٌ كَأَمثالِ السَعالى سَلاهِبٌ / وَخَوصٌ كَأَمثالِ القَسِيِّ نَجائِبُ
تَكاثَرَ لُوّامي عَلى ما أَصابَني / كَأَن لَم تَكُن إِلّا لِأَسري النَوائِبُ
يَقولونَ لَم يَنظُر عَواقِبَ أَمرِهِ / وَمِثلِيَ مَن تَجري عَليهِ العَواقِبُ
أَلَم يَعلَمِ الذُلّانُ أَنَّ بَني الوَغى / كَذاكَ سَليبٌ بِالرِماحِ وَسالِبُ
وَإِنَّ وَراءَ الحَزمِ فيها وَدونَهُ / مَواقِفَ تُنسى دُنَهُنَّ التَجارِبُ
أَرى مِلءَ عَينَيَّ الرَدى فَأَخوضُهُ / إِذِ المَوتُ قُدّامي وَخَلفي المَعايِبُ
وَأَعلَمُ قَوماً لَو تَتَعتَعتُ دونَها / لَأَجهَضَني بِالذَمِّ مِنهُم عَصائِبُ
وَمُضطَغِنٍ لَم يَحمِلِ السِرَّ قَلبُهُ / تَلَفَّتَ ثُمَّ اِغتابَني وَهوَ هائِبُ
تَرَدّى رِداءَ الذُلِّ لَمّا لَقيتُهُ / كَما تَتَرَدّى بِالغُبارِ العَناكِبُ
وَمِن شَرَفي أَن لايَزالُ يُعيبُني / حَسودٌ عَلى الأَمرِ الَّذي هُوَ عائِبُ
رَمَتني عُيونُ الناسِ حَتّى أَظُنُّها / سَتَحسُدُني في الحاسِدينَ الكَواكِبُ
فَلَستُ أَرى إِلّا عَدُوّاً مُحارِباً / وَآخَرَ خَيرٌ مِنهُ عِندي المُحارِبُ
هُمُ يُطفِؤونَ المَجدَ وَاللَهُ موقِدٌ / وَكَم يَنقُصونَ الفَضلَ وَاللَهُ واهِبُ
وَيَرجونَ إِدراكَ العُلا بِنُفوسِهِم / وَلَم يَعلَموا أَنَّ المَعالي مَواهِبُ
وَهَل يَدفَعُ الإِنسانُ ماهُوَ واقِعٌ / وَهَل يَعلَمُ الإِنسانُ ماهُوَ كاسِبُ
وَهَل لِقَضاءِ اللَهِ في الناسِ غالِبٌ / وَهَل مِن قَضاءِ اللَهِ في الناسِ هارِبُ
عَلَيَّ طِلابُ المَجدِ مِن مُستَقِرِّهِ / وَلا ذَنبَ لي إِن حارَبَتني المَطالِبُ
وَهَل يُرتَجى لِلأَمرِ إِلّا رِجالُهُ / وَيَأتي بِصَوبِ المُزنِ إِلّا السَحائِبُ
وَعِندِيَ صِدقُ الضَربِ في كُلِّ مَعرَكٍ / وَلَيسَ عَلَيَّ إِن نَبَونَ المَضارِبُ
إِذا كانَ سَيفُ الدَولَةِ المَلكُ كافِلي / فَلا الحَزمُ مَغلوبٌ وَلا الخَصمُ غالِبُ
إِذا اللَهُ لَم يَحرُزكَ مِمّا تَخافُهُ / فَلا الدُرعُ مَنّاعٌ وَلا السَيفُ قاضِبُ
وَلا سابِقٌ مِمّا تَخَيَّلتَ سابِقٌ / وَلا صاحِبٌ مِمّا تَخَيَّرتَ صاحِبُ
عَلَيَّ لِسَيفِ الدَولَةِ القَرمِ أَنعُمٌ / أَوانِسُ لَم يَنفِرنَ عَنّي رَبائِبُ
أَأَجحَدُهُ إِحسانُهُ فِيَّ إِنَّني / لَكافِرُ نُعمى إِن فَعَلتُ مُوارِبُ
لَعَلَّ القَوافي عُقنَ عَمّا أَرَدتُهُ / فَلا القَولُ مَردودٌ وَلا العُذرُ ناضيبُ
وَلا شَكَّ قَلبي ساعَةً في اِعتِقادِهِ / وَلا شابَ ظَنّي قَطُّ فيهِ الشَوائِبُ
تُؤَرِّقُني ذِكرى لَهُ وَصَبابَةٌ / وَتَجذُبُني شَوقاً إِلَيهِ الجَواذِبُ
وَلي أَدمُعٌ طَوعى إِذا ما أَمَرتُها / وَهُنَّ عَواصٍ في هَواهُ غَوالِبُ
فَلا تَخشَ سَيفَ الدَولَةِ القَرمَ أَنَّني / سِواكَ إِلى خَلقٍ مِنَ الناسِ راغِبُ
فَلا تَلبَسُ النُعمى وَغَيرُكَ مُلبِسٌ / وَلا تُقبَلُ الدُنيا وَغَيرُكَ واهِبُ
وَلا أَنا مِن كُلِّ المَطاعِمِ طاعِمٌ / وَلا أَنا مِن كُلِّ المَشارِبِ شارِبُ
وَلا أَنا راضٍ إِن كَثُرنَ مَكاسِبي / إِذا لَم تَكُن بِالعِزِّ تِلكَ المَكاسِبُ
وَلا السَيِّدُ القَمقامُ عِندي بِسَيِّدٍ / إِذا اِستَنزَلَتهُ عَن عُلاهُ الرَغائِبُ
أَيَعلَمُ مانَلقى نَعَم يَعلَمونَهُ / عَلى النَأيِ أَحبابٌ لَنا وَحَبائِبُ
أَأَبقى أَخي دَمعاً أَذاقَ كَرىً أَخي / أَآبَ أَخي بَعدي مِنَ الصَبرِ آإِبُ
بِنَفسي وَإِن لَم أَرضَ نَفسي لَراكِبٌ / يُسائِلُ عَنّي كُلَّما لاحَ راكِبُ
قَريحُ مَجاري الدَمعِ مُستَلَبُ الكَرى / يُقَلقِلُهُ هَمٌّ مِنَ الشَوقِ ناصِبُ
أَخي لا يُذِقني اللَهُ فِقدانَ مِثلِهِ / وَأَينَ لَهُ مِثلٌ وَأَينَ المُقارِبُ
تَجاوَزَتِ القُربى المَوَدَّةُ بَينَنا / فَأَصبَحَ أَدنى مايُعَدُّ المُناسِبُ
أَلا لَيتَني حُمِّلتُ هَمّي وَهَمُّهُ / وَأَنَّ أَخي ناءٍ عَنِ الهَمِّ عازِبُ
فَمَن لَم يَجُد بِالنَفسِ دونَ حَبيبِهِ / فَما هُوَ إِلّا ماذِقُ الوُدِّ كاذِبُ
أَتاني مَعَ الرُكبانِ أَنَّكَ جازِعٌ / وَغَيرُكَ يَخفى عَنهُ لِلَّهِ واجِبُ
وَما أَنتَ مِمَّن يُسخِطُ اللَهَ فِعلُهُ / وَإِن أَخَذَت مِنهُ الخُطوبُ السَوالِبُ
وَإِنّي لَمِجزاعٌ خَلا أَنَّ عَزمَةً / تُدافِعُ عَنّي حَسرَةً وَتُغالِبُ
وَرِقبَةَ حُسّادٍ صَبَرتُ لِوَقعِها / لَها جانِبٌ مِنّي وَلِلحَربِ جانِبُ
وَكَم مِن حَزينٍ مِثلِ حُزني وَوالِهٍ / وَلَكِنَّني وَحدي الحَزينُ المُراقِبُ
وَلَستُ مَلوماً إِن بَكَيتُكَ مِن دَمي / إِذا قَعَدَت عَنّي الدُموعُ السَواكِبُ
أَلا لَيتَ شِعري هَل أَبيتَنَّ لَيلَةً / تَناقَلُ بي فيها إِلَيكَ الرَكائِبُ
نَدَبتَ لِحُسنِ الصَبرِ قَلبَ نَجيبِ
نَدَبتَ لِحُسنِ الصَبرِ قَلبَ نَجيبِ / وَنادَيتَ بِالتَسليمِ خَيرَ مُجيبِ
وَلَم يَبقَ مِنّي غَيرُ قَلبٍ مُشَيِّعٍ / وَعودٍ عَلى نابِ الزَمانِ صَليبِ
وَقَد عَلِمَت أُمّي بِأَنَّ مَنِيَّتي / بِحَدِّ سِنانٍ أَو بِحَدِّ قَضيبِ
كَما عَلِمَت مِن قَبلِ أَن يَغرَقَ اِبنُها / بِمَهلَكِهِ في الماءِ أُمُّ شَبيبِ
تَجَشَّمتُ خَوفَ العارِ أَعظَمَ خُطَّةٍ / وَأَمَّلتُ نَصراً كانَ غَيرَ قَريبِ
وَلِلعارِ خَلّى رَبُّ غَسّانَ مُلكَهُ / وَفارَقَ دينَ اللَهِ غَيرَ مُصيبِ
وَلَم يَرتَغِب في العَيشِ عيسى اِبنُ مُصعِبٍ / وَلا خَفَّ خَوفَ الحَربِ قَلبُ حَبيبِ
رَضيتُ لِنَفسي كانَ غَيرَ مُوَفَّقٍ / وَلَم تَرضَ نَفسي كانَ غَيرَ نَجيبِ
أَتَزعَمُ ياضَخمَ اللَغاديدِ أَنَّنا
أَتَزعَمُ ياضَخمَ اللَغاديدِ أَنَّنا / وَنَحنُ أُسودُ الحَربِ لانَعرِفُ الحَربا
فَوَيلَكَ مَن لِلحَربِ إِن لَم نَكُن لَها / وَمَن ذا الَّذي يُمسي وَيُضحي لَها تِربا
وَمَن ذا يَلُفُّ الجَيشَ مِن جَنَباتِهِ / وَمَن ذا يَقودُ الشُمَّ أَو يَصدُمُ القَلبا
وَوَيلَكَ مَن أَدى أَخاكَ بِمَرعَشٍ / وَجَلَّلَ ضَرباً وَجهَ والِدِكَ العَضبا
وَوَيلَكَ مَن خَلّى اِبنَ أُختِكَ موثِقاً / وَخَلّاكَ بِاللَقّانِ تَبتَدِرُ الشَعبا
أَتوعِدُنا بِالحَربِ حَتّى كَأَنَّنا / وَإِيّاكَ لَم يُعصَب بِها قَلبُنا عَصبا
لَقَد جَمَعَتنا الحَربُ مِن قَبلِ هَذِهِ / فَكُنّا بِها أُسداً وَكُنتَ بِها كَلبا
فَسَل بَردَساً عَنّا أَخاكَ وَصِهرَهُ / وَسَل آلَ بَرداليسَ أَعظَمُكُم خَطبا
وَسَل قُقُواساً وَالشَميشَقَ صِهرَهُ / وَسَل سِبطَهُ البَطريقَ أَثبَتُكُم قَلبا
وَسَل صيدَكُم آلَ المَلايِنِ إِنَّنا / نَهَبنا بِبيضِ الهِندِ عِزَّهُمُ نَهبا
وَسَل آلَ بَهرامٍ وَآلَ بَلَنطَسٍ / وَسَل آلَ مَنوالَ الجَحاجِحَةَ الغُلبا
وَسَل بِالبُرُطسيسِ العَساكِرَ كُلَّها / وَسَل بِالمُنَسطَرياطِسِ الرومَ وَالعُربا
أَلَم تُفنِهِم قَتلاً وَأَسراً سُيوفُنا / وَأُسدَ الشَرى المَلأى وَإِن جَمُدَت رُعبا
بِأَقلامِنا أُجحِرتَ أَم بِسُيوفِنا / وَأُسدَ الشَرى قُدنا إِلَيكَ أَمِ الكُتبا
تَرَكناكَ في بَطنِ الفَلاةِ تَجوبُها / كَما اِنتَفَقَ اليَربوعُ يَلتَثِمُ التُربا
تُفاخِرُنا بِالطَعنِ وَالضَربِ في الوَغى / لَقَد أَوسَعَتكَ النَفسُ يا اِبنُ اِستِها كِذبا
رَعى اللَهُ أَوفانا إِذا قالَ ذِمَّةً / وَأَنفَذَنا طَعناً وَأَثبَتَنا قَلبا
وَجَدتُ أَباكَ العِلجَ لَمّا خَبَرتُهُ / أَقَلُّكُمُ خَيراً وَأَكثَرَكُم عُجبا
أَساءَ فَزادَتهُ الإِساءَةُ حُظوَةً
أَساءَ فَزادَتهُ الإِساءَةُ حُظوَةً / حَبيبٌ عَلى ماكانَ مِنهُ حَبيبُ
يَعُدُّ عَليَّ العاذِلونَ ذُنوبَهُ / وَمِن أَينَ لِلوَجهِ المَليحِ ذُنوبُ
فَيا أَيُّها الجافي وَنَسأَلُهُ الرِضا / وَيا أَيُّها الجاني وَنَحنُ نَتوبُ
لَحى اللَهُ مَن يَرعاكَ في القُربِ وَحدَهُ / وَمَن لايَحوطُ الغَيبَ حينَ تَغيبُ
لَبِسنا رِداءَ اللَيلِ وَاللَيلُ راضِعٌ
لَبِسنا رِداءَ اللَيلِ وَاللَيلُ راضِعٌ / إِلى أَن تَرَدّى رَأسُهُ بِمَشيبِ
وَبِتنا كَغُصنَي بانَةٍ عابَثَتهُما / إِلى الصُبحِ ريحا شَمأَلٍ وَجَنوبِ
بِحالٍ تُرَدُّ الحاسِدينَ بِغَيظِهِم / وَتَطرِفُ عَنّا عَينَ كُلِّ رَقيبِ
إِلى أَن بَدا ضَوءُ الصَباحِ كَأَنَّهُ / مَبادي نُصولٍ في عِذارِ خَضيبِ
فَيا لَيلُ قَد فارَقتَ غَيرَ مُذَمِّمٍ / وَيا صُبحُ قَد أَقبَلتَ غَيرَ حَبيبِ
لَقَد عَلِمَت قَيسُ اِبنُ عَيلانَ أَنَّنا
لَقَد عَلِمَت قَيسُ اِبنُ عَيلانَ أَنَّنا / بِنا يُدرَكُ الثَأرُ الَّذي قَلَّ طالِبُه
وَأَنّا نَزَعنا المُلكَ مِن عُقرِ دارِهِ / وَنَنتَهِكُ القَرمَ المُمَنَّعَ جانِبُه
وَأَنّا فَتَكنا بِالأَغَرِّ اِبنِ رائِقٍ / عَشِيَّةَ دَبَّت بِالفَسادِ عَقارِبُه
أَخَذنا لَكُم بِالثَأرِ ثارَ عُمارَةٍ / وَقَد نامَ لَم يَنهَد إِلى الثَأرِ صاحِبُه
أُقِرُّ لَهُ بِالذَنبِ وَالذَنبُ ذَنبُهُ
أُقِرُّ لَهُ بِالذَنبِ وَالذَنبُ ذَنبُهُ / وَيَزعَمُ أَنّي ظالِمٌ فَأَتوبُ
وَيَقصِدُني بِالهَجرِ عِلماً بِأَنَّهُ / إِلَيَّ عَلى ماكانَ مِنهُ حَبيبُ
وَمِن كُلِّ دَمعٍ في جُفوني سَحابَةٌ / وَمِن كُلِّ وَجدٍ في حَشايَ لَهيبُ
قَناتي عَلى ما تَعهَدانِ صَليبَةٌ
قَناتي عَلى ما تَعهَدانِ صَليبَةٌ / وَعودي عَلى ماتَعلَمانِ صَليبُ
صَبورٌ عَلى طَيِّ الزَمانِ وَنَشرِهِ / وَإِن ظَهَرَت لِلدَهرِ فِيَّ نُدوبُ
وَإِنَّ فَتىً لَم يَكسِرِ الأَسرُ قَلبَهُ / وَخَوضُ المَنايا جِدَّهُ لَنَجيبُ
أَلا إِنَّما الدُنيا مَطِيَّةُ راكِبٍ
أَلا إِنَّما الدُنيا مَطِيَّةُ راكِبٍ / عَلا راكِبوها ظَهرَ أَعوَجَ أَحدَبا
شُموسٌ مَتى أَعطَتكَ طَوعاً زِمامَها / فَكُن لِلأَذى مِن عَقِّها مُتَرَقِّبا
أَلا لَيتَ قَومي وَالأَماني كَثيرَةٌ
أَلا لَيتَ قَومي وَالأَماني كَثيرَةٌ / شُهودِيَ وَالأَرواحُ غَيرُ لَوابِثِ
غَداةَ تُناديني الفَوارِسُ وَالقَنا / تَرُدُّ إِلى حَدِّ الظُبى كُلَّ ناكِثِ
أَحارِثُ إِن لَم تُصدِرِ الرَمحَ قانِياً / وَلَم تَدفَعِ الجُلى فَلَستَ بِحارِثِ
وَما هُوَ إِلّا أَن جَرَت بِفِراقِنا
وَما هُوَ إِلّا أَن جَرَت بِفِراقِنا / يَدُ الدَهرِ حَتّى قيلَ مَن هُوَ حارِثُ
يُذَكِّرُنا بُعدُ الفِراقِ عُهودَهُ / وَتِلكَ عُهودٌ قَد بَلينَ رَثائِثُ
وَداعٍ دَعاني وَالأَسِنَّةُ دونَهُ
وَداعٍ دَعاني وَالأَسِنَّةُ دونَهُ / صَبَبتُ عَلَيهِ بِالجَوابِ جَوادي
جَنَبتُ إِلى مَهري المَنيعِيِّ مُهرَهُ / وَجَلَّلتُ مِنهُ بِالنَجيعِ نِجادِ
لَقَد كُنتُ أَشكو البُعدَ مِنكَ وَبَينَنا
لَقَد كُنتُ أَشكو البُعدَ مِنكَ وَبَينَنا / بِلادٌ إِذا ما شِئتُ قَرَّبَها الوَخدُ
فَكَيفَ وَفيما بَينَنا مُلكُ قَيصَرٍ / وَلا أَمَلٌ يُحيّ النُفوسَ وَلا وَعدُ
إِلى اللَهِ أَشكو ما أَرى مِن عَشائِرٍ
إِلى اللَهِ أَشكو ما أَرى مِن عَشائِرٍ / إِذا مادَنَونا زادَ جاهِلُهُم بُعدا
وَإِنّا لَتَثنينا عَواطِفُ حِلمِنا / عَلَيهِم وَإِن ساءَت طَرائِقُهُم جِدّا
وَيَمنَعُنا ظُلمُ العَشيرَةِ أَنَّنا / إِلى ضُرِّها لَو نَبتَغي ضُرِّها أَهدى
وَإِنّا إِذا شِئنا بِعادَ قَبيلَةٍ / جَعَلنا عِجالاً دونَ أَهلِهِمُ نَجدا
وَلَو عَرَفَت هَذي العَشائِرُ رُشدَها / إِذاً جَعَلَتنا دونَ أَعدائِها سَدّا
وَلكِن أَراها أَصلَحَ اللَهُ حالَها / وَأَخلَفَها بِالرُشدِ قَد عَدِمَت رُشدا
إِلى كَم نَرُدُّ البيضَ عَنهُم صَوادِيا / وَنَثني صُدورَ الخَيلِ قَد مُلِأَت حِقدا
وَنَغلِبُ بِالحِلمِ الحَمِيَّةَ مِنهُمُ / وَنَرعى رِجالاً لَيسَ نَرعى لَهُم عَهدا
أَخافُ عَلى نَفسي وَلِلحَربِ سَورَةٌ / بَوادِرَ أَمرٍ لانُطيقُ لَها رَدّا
وَجَولَةَ حَربٍ يَهلِكُ الحِلمُ دونَها / وَصَولَةُ بَأسٍ تَجمَعُ الحُرَّ وَالعَبدا
وَإِنّا لَنَرمي الجَهلَ بِالجَهلِ مَرَّةً / إِذا لَم نَجِد مِنهُ عَلى حالَةٍ بُدّا
دَعوتُكَ لِلجَفنِ القَريحِ المُسَهَّدِ
دَعوتُكَ لِلجَفنِ القَريحِ المُسَهَّدِ / لَدَيَّ وَلِلنَومِ القَليلِ المُشَرَّدِ
وَما ذاكَ بُخلاً بِالحَياةِ وَإِنَّها / لَأَوَّلُ مَبذولٍ لِأَوَّلِ مُجتَدِ
وَما الأَسرُ مِمّا ضِقتُ ذَرعاً بِحَملِهِ / وَما الخَطبُ مِمّا أَن أَقولَ لَهُ قَدي
وَما زَلَّ عَنّي أَنَّ شَخصاً مُعَرَّضاً / لِنَبلِ العِدى إِن لَم يُصَب فَكَأَن قَدِ
وَلَكِنَّني أَختارُ مَوتَ بَني أَبي / عَلى صَهَواتِ الخَيلِ غَيرِ مُوَسَّدِ
وَتَأبى وَآبى أَن أَموتَ مُوَسَّداً / بِأَيدي النَصارى مَوتَ أَكمُدَ أَكبَدِ
نَضَوتُ عَلى الأَيّامِ ثَوبَ جَلادَتي / وَلَكِنَّني لَم أَنضَ ثَوبَ التَجَلُّدِ
وَما أَنا إِلّا بَينَ أَمرٍ وَضِدَّهُ / يُجَدَّدُ لي في كُلِّ يَومٍ مَجَدَّدِ
فَمِن حُسنِ صَبرٍ بِالسَلامَةِ واعِدي / وَمِن رَيبِ دَهرٍ بِالرَدى مُتَوَعَّدي
أُقَلِّبُ طَرفي بَينَ خِلٍّ مُكَبَّلٍ / وَبَينَ صَفِيٍّ بِالحَديدِ مُصَفَّدِ
دَعَوتُكَ وَالأَبوابُ تُرتَجُ دونَنا / فَكُن خَيرَ مَدعُوٍّ وَأَكرَمَ مُنجِدِ
فَمِثلُكَ مَن يُدعى لِكُلِّ عَظيمَةٍ / وَمِثلِيَ مَن يُفدى بِكُلِّ مُسَوَّدِ
أُناديكَ لا أَنّي أَخافُ مِنَ الرَدى / وَلا أَرتَجي تَأخيرَ يَومٍ إِلى غَدِ
وَقَد حُطِّمَ الخَطِّيُّ وَاِختَرَمَ العِدى / وَفُلَّلَ حَدُّ المَشرَفيِّ المُهَنَّدِ
وَلَكِن أَنِفتُ المَوتَ في دارِ غُربَةٍ / بِأَيدي النَصارى الغُلفُ ميتَةَ أَكمَدِ
فَلا تَترُكِ الأَعداءَ حَولي لِيَفرَحوا / وَلا تَقطَعِ التَسآلَ عَنّي وَتَقعُدِ
وَلا تَقعُدَن عَنّي وَقَد سيمَ فِديَتي / فَلَستَ عَنِ الفِعلِ الكَريمِ بِمُقعَدِ
فَكَم لَكَ عِندي مِن إِيادٍ وَأَنعُمٍ / رَفَعتَ بِها قَدري وَأَكثَرتَ حُسَّدي
تَشَبَّث بِها أُكرومَةً قَبلَ فَوتِها / وَقُم في خَلاصي صادِقَ العَزمِ وَاِقعُدِ
فَإِن مُتَّ بَعدَ اليَومِ عابَكَ مَهلَكي / مَعابَ النِزارِيِّنَ مَهلَكَ مَعبَدِ
هُمُ عَضَلوا عَنهُ الفِداءَ فَأَصبَحوا / وَهُذّونَ أَطرافَ القَريضِ المُقَصَّدِ
وَلَم يَكُ بِدعاً هُلكُهُ غَيرَ أَنَّهُم / يُعابونَ إِذ سيمَ الفِداءُ وَما فُدي
فَلا كانَ كَلبُ الرومِ أَرأَفَ مِنكُمُ / وَأَرغَبَ في كَسبِ الثَناءِ المُخَلَّدِ
وَلا بَلَغَ الأَعداءُ أَن يَتَناهَضوا / وَتَقعُدَ عَن هَذا العَلاءِ المُشَيَّدِ
أَأَضحَوا عَلى أَسراهُمُ بِيَ عُوَّداً / وَأَنتُم عَلى أَسراكُمُ غَيرُ عُوَّدِ
مَتى تُخلِفُ الأَيّامُ مِثلي لَكُم فَتىً / طَويلَ نِجادِ السَيفِ رَحبَ المُقَلَّدِ
مَتى تَلِدُ الأَيّامُ مِثلي لَكُم فَتىً / شَديداً عَلى البَأساءِ غَيرَ مُلَهَّدِ
فَإِن تَفتَدوني تَفتَدوا شَرَفَ العُلا / وَأَسرَعَ عَوّادٍ إِلَيها مُعَوَّدِ
وَإِن تَفتَدوني تَفتَدوا لِعُلاكُم / فَتىً غَيرَ مَردودِ اللِسانِ أَوِ اليَدِ
يُدافِعُ عَن أَعراضِكُم بِلِسانِهِ / وَيَضرِبُ عَنكُم بِالحُسامِ المُهَنَّدِ
فَما كُلُّ مَن شاءَ المَعالي يَنالُها / وَلا كُلُّ سَيّارٍ إِلى المَجدِ يَهتَدي
أَقِلني أَقِلني عَثرَةَ الدَهرِ إِنَّهُ / رَماني بِسَهمٍ صائِبِ النَصلِ مُقصِدِ
وَلَو لَم تَنَل نَفسي وَلاءَكَ لَم أَكُن / لِؤورِدَها في نَصرِهِ كُلَّ مَورِدِ
وَلا كُنتُ أَلقى الأَلفَ زُرقاً عُيونُها / بِسَبعينَ فيهِم كُلَّ أَشأَمَ أَنكَدِ
فَلا وَأَبي ما ساعِدانِ كَساعِدٍ / وَلا وَأَبي ما سَيِّدانِ كَسَيِّدِ
وَلا وَأَبي ما يَفتُقُ الدَهرُ جانِباً / فَيَرتُقُهُ إِلّا بِأَمرٍ مُسَدَّدِ
وَإِنَّكَ لِلمَولى الَّذي بِكَ أَقتَدي / وَإِنَّكَ لِلنَجمِ الَّذي بِكَ أَهتَدي
وَأَنتَ الَّذي عَرَّفتَني طُرُقَ العُلا / وَأَنتَ الَّذي أَهدَيتَني كُلَّ مَقصَدِ
وَأَنتَ الَّذي بَلَّغتَني كُلَّ رُتبَةٍ / مَشيتُ إِلَيها فَوقَ أَعناقِ حُسَّدي
فَيا مُلبِسي النُعمى الَّتي جَلَّ قَدرُها / لَقَد أَخلَقَت تِلكَ الثِيابُ فَجَدِّدِ
أَلَم تَرَ أَنّي فيكَ صافَحتُ حَدَّها / وَفيكَ شَرِبتُ المَوتُ غَيرَ مُصَرَّدِ
يَقولونُ جَنِّب عادَةً ما عَرَفتَها / شَديدٌ عَلى الإِنسانِ مالَم يُعَوَّدِ
فَقُلتُ أَما وَاللَهِ لاقالَ قائِلٌ / شَهِدتُ لَهُ في الحَربِ أَلأَمَ مَشهَدِ
وَلَكِن سَأَلقاها فَإِمّا مَنِيَّةٌ / هِيَ الظَنُّ أَو بُنيانُ عِزٍّ مُوَطَّدِ
وَلَم أَدرِ أَنَّ الدَهرَ في عَدَدِ العِدى / وَأَنَّ المَنايا السودَ يَرمَينَ عَن يَدِ
بَقيتَ اِبنَ عَبدِ اللَهِ تُحمى مِنَ الرَدى / وَيَفديكَ مِنّا سَيِّدٌ بَعدَ سَيِّدِ
بِعيشَةِ مَسعودٍ وَأَيّامِ سالِمٍ / وَنِعمَةِ مَغبوطٍ وَحالِ مُحَسَّدِ
وَلا يَحرَمَنّي اللَهُ قُربَكَ إِنَّهُ / مُرادي مِنَ الدُنيا وَحَظّي وَسُؤدَدي
لِمَن جاهَدَ الحُسّادُ أَجرُ المُجاهِدِ
لِمَن جاهَدَ الحُسّادُ أَجرُ المُجاهِدِ / وَأَعجَزُ ما حاوَلتُ إِرضاءُ حاسِدِ
وَلَم أَرَ مِثلي اليَومَ أَكثَرَ حاسِداً / كَأَنَّ قُلوبَ الناسِ لي قَلبُ واجِدِ
أَلَم يَرَ هَذا الناسُ غَيرِيَ فاضِلاً / وَلَم يَظفَرِ الحُسّادُ قَبلي بِماجِدِ
أَرى الغِلَّ مِن تَحتِ النِفاقِ وَأَجتَني / مِنَ العَسَلِ الماذِيَّ سُمَّ الأَساوِدِ
وَأَصبِرُ مالَم يُحسَبُ الصَبرُ ذِلَّةً / وَأَلبَسُ لِلمَذمومِ حُلَّةَ حامِدِ
قَليلُ اِعتِذارٍ مَن يَبيتُ ذُنوبُهُ / طِلابُ المَعالي وَاِكتِسابُ المَحامِدِ
وَأَعلَمُ إِن فارَقتُ خِلّاً عَرَفتُهُ / وَحاوَلتُ خِلّاً أَنَّني غَيرُ واجِدِ
وَهَل غَضَّ مِنّي الأَسرُ إِذ خَفَّ ناصِري / وَقَلَّ عَلى تِلكَ الأُمورِ مُساعِدي
أَلا لا يُسَرُّ الشامِتونَ فَإِنَّها / مَوارِدُ آبائي الأُلى وَمَوارِدي
وَكَم مِن خَليلٍ حينَ جانَبتُ زاهِداً / إِلى غَيرِهِ عاوَدتُهُ غَيرَ زاهِدِ
وَما كُلُّ أَنصاري مِنَ الناسِ ناصِري / وَلا كُلُّ أَعضادِ مِنَ الناسِ عاضِدي
وَهَل نافِعي إِن عَضَّني الدَهرُ مُفرَداً / إِذا كانَ لي قَومٌ طِوالُ السَواعِدِ
وَهَل أَنا مَسرورٌ بِقُربِ أَقارِبي / إِذا كانَ لي مِنهُم قُلوبُ الأَباعِدِ
أَيا جاهِداً في نَيلِ مانِلتُ مِن عُلاً / رُوَيدَكَ إِنّي نِلتُها غَيرَ جاهِدِ
لَعَمرُكَ ما طُرقُ المَعالي خَفِيَّةٌ / وَلَكِنَّ بَعضَ السَيرِ لَيسَ بِقاصِدِ
وَيا ساهِدَ العَينَينِ فيما يُريبُني / أَلا أَنَّ طَرفي في الأَذى غَيرُ ساهِدِ
غَفَلتُ عَنِ الحُسّادِ مِن غَيرِ غَفلَةٍ / وَبِتُّ طَويلَ النَومِ عَن غَيرِ راقِدِ
خَليلَيَّ ما أَعدَدتُما لِمُتَيَّمٍ / أَسيرٍ لَدى الأَعداءِ جافي المَراقِدِ
فَريدٍ عَنِ الأَحبابِ صَبٍّ دُموعُهُ / مَثانٍ عَلى الخَدَّينِ غَيرُ فَرائِدِ
إِذا شِئتَ جاهَرتُ العَدُوَّ وَلَم أَبِت / أُقَلِّبُ فِكري في وُجوهِ المَكائِدِ
صَبَرتُ عَلى اللَأواءِ صَبرَ اِبنِ حُرَّةٍ / كَثيرِ العِدى فيها قَليلِ المُساعِدِ
فَطارَدتُ حَتّى أَبهَرَ الجَريُ أَشقَري / وَضارَبتُ حَتّى أَوهَنَ الضَربُ ساعِدي
وَكُنّا نَرى أَن لَم يُصِب مَن تَصَرَّمَت / مَواقِفُهُ عَن مِثلِ هَذي الشَدائِدِ
جَمَعتُ سُيوفَ الهِندِ مِن كُلِّ بَلدَةٍ / وَأَعدَدتُ لِلهَيجاءِ كُلَّ مُجالِدِ
وَأَكثَرتُ لِلغاراتِ بَيني وَبَينَهُم / بَناتِ البُكَيرِيّاتِ حَولَ المَزاوِدِ
إِذا كانَ غَيرُ اللَهِ لِلمَرءِ عُدَّةً / أَتَتهُ الرَزايا مِن وُجوهِ الفَوائِدِ
فَقَد جَرَّتِ الحَنفاءُ حَتفَ حُذَيفَةٍ / وَكانَ يَراها حُدَّةً لِلشَدائِدِ
وَجَرَّت مَنايا مالِكِ اِبنِ نُوَيرَةٍ / عَقيلَتُهُ الحَسناءُ أَيّامَ خالِدِ
وَأَردى ذُؤاباً في بُيوتِ عُتَيبَةٍ / بَنوهُ وَأَهلوهُ بِشَدوِ القَصائِدِ
عَسى اللَهُ أَن يَأتي بِخَيرٍ فَإِنَّ لي / عَوائِدَ مِن نُعماهُ غَيرُ بَوائِدِ
فَكَم شالَني مِن قَعرِ ظَلماءَ لَم يَكُن / لِيُنقِذَني مِن قَعرِها حَشدُ حاشِدِ
فَإِن عُدتُ يَوماً عادَ لِلحَربِ وَالعُلا / وَبَذلِ النَدى وَالجودِ أَكرَمُ عائِدِ
مَريرٌ عَلى الأَعداءِ لَكِنَّ جارَهُ / إِلى خَصِبِ الأَكنافِ عَذبِ المَوارِدِ
مُشَهّىً بِأَطرافِ النَهارِ وَبَينَها / لَهُ ما تَشَهّى مِن طَريفٍ وَتالِدِ
مَنَعتُ حِمى قَومي وَسُدتُ عَشيرَتي / وَقَلَّدتُ أَهلي غُرَّ هَذي القَلائِدِ
خَلائِقُ لا يوجَدنَ في كُلِّ ماجِدِ / وَلكِنَّها في الماجِدِ اِبنِ الأَماجِدِ
تَمَنَّيتُمُ أَن تَفقِدوني وَإِنَّما
تَمَنَّيتُمُ أَن تَفقِدوني وَإِنَّما / تَمَنَّيتُمُ أَن تَفقِدوا العِزَّ أَصيَدا
أَما أَنا أَعلى مَن تَعُدّونَ هِمَّةً / وَإِن كُنتُ أَدنى مَن تَعُدّونَ مَولِدا
إِلى اللَهِ أَشكو عُصبَةً مِن عَشيرَتي / يُسيؤونَ لي في القَولِ غَيباً وَمَشهَدا
وَإِن حارَبوا كُنتُ المِجَنَّ أَمامُهُم / وَإِن ضارَبوا كُنتُ المُهَنَّدَ وَاليَدا
وَإِن نابَ خَطبٌ أَو أَلَمَّت مُلِمَّةٌ / جَعَلتُ لَهُم نَفسي وَما مَلَكَت فِدا
يَوَدّونَ أَن لُيُبصِروني سَفاهَةً / وَلَو غِبتُ عَن أَمرٍ تَرَكتُهُمُ سُدى
مَعالٍ لَهُم لَو أَنصَفوا في جَمالِها / وَحَظٌّ لِنَفسي اليَومَ وَهوَ لَهُم غَدا
فَلا تَعِدوني نِعمَةً فَمَتى غَدَت / فَأَهلي بِها أَولى وَإِن أَصبَحوا عِدا