القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : خَليل مطران الكل
المجموع : 98
تدَانَى فَحَيَّى عَابِراً وَتَنَاءَى
تدَانَى فَحَيَّى عَابِراً وَتَنَاءَى / شَبِيهاً بِطَيْفٍ في الغَدَاةِ تَرَاءَى
برغْمِ أُولى الأَلبَابِ عَجَّلَ بَيْنَهُ / وَكَانَ لَهُمْ ذُخْراً وَكَانَ رَجَاءَ
أَتَاحَ زَمَانِي مَرَّةً أَنْ رَأَيْتُهُ / وَلَمْ يُولِنِي بَعْدَ اللِّقَاءِ لِقَاءَ
فَمَا رَاعَني إِلاَّ فَتىً في إِهَابِهِ / شَهِدْتُ مَعاً شَيْخُوخَةً وَفَتَاءَ
أُطِيلَتْ بِعُثْنُونِ أَسَالَةُ وَجْهِهِ / وَفِي مَحْجَرَيْهِ كَوْكَبَانِ أَضَاءَا
تَضَاءَلَ مَرْمَى ظِلِّهِ مِنْ نُحُولِهِ / وَطَبَّقَ آفَاقاً سَنَىً وَسَنَاءَ
وَفي صَدْرِهِ بَحْرٌ مِنَ العِلمِ لَمْ يَضِقْ / بِهِ ذَلِكَ الصَّدْرُ الصَّغِيرُ إِنَاءَ
يُحَدِّثُ في رِفْقٍ وَلَيْسَتْ أَنَاتُهُ / تُثَبِّطُ عَزْماً أَوْ تَعُوقُ مَضَاءَ
عَكُوفٌ عَلَى التَّحْصِيلِ مِنْ كُلِّ مَطْلَبٍ / يُلِمُّ بِهِ مَهْما يَسُمْهُ عَنَاءَ
جَنَى الرَّوْضِ مَا تَجْرِي يَرَاعَتَهُ بِهِ / فَيَحْلُو شَرَاباً أَوْ يَطِيبُ غِذَاءَ
وَمَا ثَقَّفَ الأَلْبَابَ مِثْلُ بَيَانِهِ / وَما شَرَّفَ الآدَابَ وَالأُدَبَاءَ
يَغُوصُ عَلَى الدُّرِّ البَعِيدِ مَكَانُهُ / فَيَجْلُوهُ لِلمُسْتَبْصِرِينَ جَلاَءَ
وَيَبْحَثُ عَمْا يُفْقِدُ الجَهْلُ أَهْلَهُ / فَيُهْدِي إِلَيْهِمْ زِينَةً وَثَرَاءَ
وَيَحْرِصُ أَلاَّ يُغْمَطَ الفَضْلُ حَقَّهُ / وَيُعْدَمَ بَيْنَ العَالَمِينَ جَزَاءَ
فَإِنْ يُذْكَرِ الفَضْلُ الَّذِي فِيهِ يَعْتَذِرُ / كَأّنَّ بِهِ مِنْ أَنْ يُذَاعَ حَيَاءَ
أََأَنْسَى لإِسْمَاعِيلَ مَا عِشْتُ مِنَّةً / أَفَدْتُ بِهَا أُحْدُوثَةً وَبَقَاءَ
حَبَانِي بَهَا قَبْلَ التَّعَارُفِ مُضْفِياً / عَلَيَّ بِمَا لاَ أَسْتَحِقُّ ثَنَاءَ
وَقَدْ عَاقَ شُكْرِي عَنْهُ فَرْطُ احْتِشَامِهِ / فَهَلْمُجْزِيءٌ شُكْرٌ يَجِيءُ رِثَاءَ
وهَيْهَاتَ أَنْ يُوفَى بِشِعْرٍ جَمِيلُهُ / وَلَوْ كَانَ دِيوَاناً لَقَلَّ وَفَاءَ
أَلاَ أَيهَا الغَادِي وَلَيْسَ بِآسِفٍ / وَلاَ مُتَقَاضٍ لَوْعَةً وَبُكَاءَ
تَرَفَّعْتَ عَنْ أَنْ تَقْبَلَ الضَّيْمَ صَابِراً / عَلَى زَمَنٍ أَحْسَنْت فِيهِ وَسَاءَ
وَجَنَّبَكَ العَيْشُ احْتِقَارٌ لِشَأْنِهِ / إِذَا مَا غَدَا فِيهِ العَفَافُ عَفَاءَ
مكَانُكَ في الدُّنْيَا خَلاَ غَيْرَ أَنَّهُ / مليءُ النَّوَاحِي عِزَّةً وَإِبَاءَ
بِبَيْنِكَ مُخْتَاراً صَدَمْتَ عَقِيدَةً / وَأوْقَعْتَ حُكْماً حَيَّرَ الحُكَمَاءَ
وكُنْتَ عَلَى يُسْرِ الأُمُورِ وَعُسْرِهَا / تُنِيرُ بِعَالِي رَأْيِكَ الحُصَفَاءَ
فَغَالَبَكَ الطَّبْعُ العُيُوفُ عَلَى الحِجَى / وَأَصْدَرَ مِنْ قَبْلِ القَضَاءِ قَضَاءَ
أَمِنْ خَطَلٍ طَرْحُ الإِنَاءِ وَمَا بِهِ / مِنَ السُّؤْرِ لَمْ يَطْهُرْ وَقَلَّ عَنَاءَ
وَهَلْ تَرْتَضِي نَفْسَ العَزيزِ إِقَامَةً / عَلَى ذِلَّةٍ وَالدَّاءُ عَزَّ دَوَاءَ
إِذَا هَانَ في حُبِّ الحَيَاةِ هَوَانُهَا / فَلَيْسَ لأَرْضٍ أَنْ تَكُونَ سَمَاءَ
قَرَارَكَ وَلْتُرْعَ الْخَلاَئِقُ سَمْعَهَا / مَصَاقِعَهَا الهَادِينَ وَالسُّفهَاءَ
سَتبْقَى لِنَفْعِ النَّاسِ صُحْفٌ ترَكْتَهَا / وَلن يَذْهَبَ الإِرْثُ النَّفِيسُ جُفاءَ
وَتذكُرُكَ الأَوْطَانُ يَوْمَ فخَارِهَا / إِذَا ذكَرَتْ أَفْذَاذَهَا النُّبَغاءَ
وَإني لَمَحْزُونٌ عَلَيْكَ وَجَارِعٌ / ثُمَالَةَ كَأْسِي حَسْرَةً وَشَقَاءَ
أَقُولُ عَزَاءَ لآلِ وَالصَّحْبِ وَالحِمَى / وَلِي وَلأَمْثَالِي أَقُولُ عَزَاءَ
فَرَابِطَةُ اسْمَيْنَا أَرَاهَا قَرَابَةً / وَأَعْتَدُّهَا فَوْقَ الإِخَاءِ إِخَاءَ
أَلاَ يَا بَنِي غَسَّانَ مِنْ وُلْدِ يَعْرُبٍ
أَلاَ يَا بَنِي غَسَّانَ مِنْ وُلْدِ يَعْرُبٍ / وَأَجْدَادُكُمْ أَجْدَادِيَ الْعُظَمَاءُ
أَخُوكُمْ وَقَدْ أَضْحَى غَرِيباً بِزَيِّهِ / أعَادَ لَهُ السَّمَتَ الأَصيلَ رِدَاءُ
قِفُوا وَانْظُروني في العِبَاءَةِ رَافِلاً / مَهِيباً وَبِي في مِشْيَتِي خَيَلاَءُ
ترَوْا كَيْفَ تَكْسُو رَبَّةُ الْفَضْلِ عَاطِلاً / وَكَيْفَ يَكُونُ الْمَجْدُ وَهْوَ كِسَاءُ
بِهَا قَصَبٌ تَخْشَى العُيونُ بَرِيقَهُ / وَصُوفٌ رَقِيقٌ حِيكَ مِنْهُ هَبَاءُ
جَزَى اللهُ كُلَّ الخَيْرِ مَنْ أَنْعَمَتْ بِهَا / وَهَلْ عِنْدَ مَسْؤُولٍ سِوَاهُ جَزَاءُ
إِذَا مَا رَمَى مِصْراً بِضَعْفٍ وَحِطًّةٍ / غُلاَةٌ مِنَ الأَعْدَاءِ أَوْ جُهَلاءُ
فَكُنْ يَا عَلِيَّ الخَيْرِ أَعْدَلَ شَاهِدٍ / لِفِتْيَةِ مِصْرَ أَنَّهُمْ نُبَلاَءُ
عَلاَ مَفْرِقِي بَعْدَ الشَّبَابِ مَشِيبُ
عَلاَ مَفْرِقِي بَعْدَ الشَّبَابِ مَشِيبُ / فَفَوْدِي ضَحُوكٌ وَالفُؤاد كَئِيبُ
إِذَا مَا مَشَى هَذَا الشَّرَارُ بِلِمَّةٍ / فَمَا هِيَ إِلاَّ فَحْمَةٌ سَتَذُوبُ
أَرَاعَكَ إِصبَاحٌ يُطَارِدُ ظُلْمَةً / بِهَا كَانَ أُنْسٌ مَا تَشَاءُ وَطِيبُ
فَمَا بَالُ ضَوْءٍ في دُجَى الرأْسِ مُؤْذِنٍ / بِأَنَّ زَمَاناً مَرَّ لَيسَ يَؤُوبُ
غَنِمْنَا بِهِ أَمْنَ الحَيَاةِ وَيُمْنَهَا / كَلَيْلٍ بِه يَلْقَى الحَبيبَ حَبِيبُ
شَبابٌ تَقَضَّى بَينَ لَهوٍ وَنَعْمَةٍ / إِذَا الدَّهْرُ مُصْغٍ وَالسُّرُورُ مُجيبُ
وَإِذْ لاَ تُعَدُّ المَعْصِيَاتُ عَلَى الفَتَى / خَطَا صَي عَلَيهِ ذُنُوبُ
وَإِذْ كُلُّ صَعبِ لاَ يُرامُ مُذلَّلٌ / لاَ يُجَازُ رَحِيبُ
وَإِذْ كُلُّ أَرْضِ رَوْضَةٌ عَبْقَرِيَّةٌ / جَدِيبٍ في الدِّيَارِ خَصِيبُ
وَإِذْ كُلُّ ذِي قَلْبٍ خَفُوقٍ بِصَبْوَةٍ / عَلَى الْجَهْلِ مِنْهُ شَاعِرٌ وَأَديبُ
وَإِذْ يَثِبُ الفِكْرُ الْبَطِيءُ فَيَرْتَقِي / إِلى الأَوْجِ لاَ يَثْنِيهِ عَنهُ لُغُوبُ
وَإِذْ نَسْتَلِذُّ الْقَرَّ وَهْوَ كَرِيهَةٌ / وَإِذْ نَسْتَطِيبُ الْحَرَّ وَهْوَ مُذِيبُ
وَإِذْ تَسْتَبِينَا كُلُّ ذَاتِ مَلاَحَةٍ / لَهَا فِتْنَةٌ بِاللاَّعِبينَ لَعُوبُ
وَإِذْ تَتَلَقَّانَا الصُّرُوفُ بِرَحْمَةٍ / وَيَنْحَازُ عَنَّا السَّهْمُ وَهْوَ مُصِيبُ
تَقِينَا الْرَّزَايَا رَأْفَةُ اللهِ بِالصِّبَا / وَتَدْرَأُ عَنَّا الْحَادِثَاتِ غُيُوبُ
فَكُنَّا كَأَفْرَاخٍ تَعَرَّضَ وَكْرُهَا / وَلِلنَّوْءِ هَطْلٌ وَالرِّيَاحِ هُبُوبُ
فَلَمْ تُؤْذِهَا الأَمْطَارُ وَهْيَ مَهَالِكٌ / وَلَمْ يُرْدِهَا الإِعْصَارُ وَهُوَ شَعُوبُ
بَلِ اهْتَزَّ مَثْوَاهَا لِيَهْنِئَهَا الكَرَى / وَبُلَّتْ لإِمْرَاءِ الطَّعَامِ حُبُوبُ
وَكُنَّا كَمُوسَى يَوْمَ أَمْسَى وَفُلْكُهُ / عَلَى النِّيل عُشْبٌ يَابِسٌ وَرَطِيبُ
مَشَتْ فَوقَ تَيَّارِ البَوَارِ تَخَطُّراً / تَرَاءَى بِصَافِي الماءِ وَهْوَ مَرِيبُ
يَعَضُّ الرَّدَى أَطْرَافَهَا بِنَواجِذِ / مِنَ المَوجِ تَبْدُو تَارَةً وَتَغيبُ
وَيَبْسِمُ وَجْهُ الغُوْرِ مِنْ رِقَّةٍ لَهَا / وَمَا تَحتَهُ إِلاَّ دُجىً وَقُطُوبُ
فَجَازتْ بِهِ الأَخْطَارَ وَالطِّفلُ نَائِمٌ / تُرَاعِي سُرَاهَا شَمْأَلٌ وَجَنُوبُ
إلىَ حَيثُ يُنْجَى مِن مَخَالِبِ حَتْفِهِ / غَرِيقٌ وَيُوقَى الظَّالمِينَ غَرِيبُ
إلىَ مُلْتَقَى أُمٍّ وَمَنْجَاةِ أُمَّةٍ / إِلَى الطُّورِ يُدْعَى اللهُ وَهْوَ قَرِيبُ
رَعَى اللهُ ذَاكَ العَهدَ فَالعَيشُ بَعدَهُ / وُجُومٌ عَلَى أَيَّامِهِ وَوَجِيبُ
يَقُولُونَ لَيلٌ جَاءَنَا بَعدَهُ الهُدَى / صَدَقْتُمْ هُدىً لَكِنْ أَسىً وَكُرُوبُ
إِذَا مَا انجلى صُبْحٌ بِصَادِقِ نُورِهِ / وَبُدِّدَ مِن وَهْمِ الظَّلاَمِ كَذُوبُ
وَحَصْحَصَ حَقُّ الشَّيءِ رَاعَ جَمَالُهُ / وَلَم تَخْفَ عُوْراتٌ بِهِ وَعُيُوبُ
وَأَضْحَى ذَلِيلاً للنَّواظِرِ مَشْهَدٌ / رَأَتْهُ بِنُورِ الشُّهْبِ وهُوَ مَهِيبُ
فَهَلْ في الضُّحَى إِلاَّ ابْتِذَالٌ مُجَدَّدٌ / تَثُوبُ بِهِ الأَنْوَارُ حِينَ تَثُوبُ
وَهَلْ في الضُّحَى طَيْفٌ يَسُرُّ بِزَوْرَةٍ / إِذَا سَاءَنَا مِنَّنْ نُحِبُّ مَغِيبُ
وَهَلْ في الضُّحَى إلاَّ جُرُوحٌ وَغَارَةٌ / لَحُوحٌ وَإِلاَّ سَالِبٌ وَسَلِيبُ
وَهَلْ في الضُّحَى كَأْسٌ صَفُوحٌ عَنِ العِدَى / إِذَا رَابَتِ الكَاسَاتُ لَيْسَ تَرِيبُ
وَهَلْ في الضُّحَى رَاحٌ حَمُولٌ عَلَى النَّدَى / تُصَبُّ فَرَاحَاتُ الكِرَامِ تَصُوبُ
أبِالصَّخَبِ السَّاعِي بِهِ كُلُّ مُغْتَدٍ / إِلى الرِّزْقِ يُرْضِي مِسْمَعَيْهِ طَرُوبُ
أَتْمْكِنُنَا مِنْ بَارِحِ الأُنْسِ عُزْلَةٌ / وَجَارَا رِضَانَا نَاقِمٌ وَغَضُوبُ
أَيَهْنِئُنَا لِلشَّمْسِ وَجْهٌ وَدُونَهُ / دُخَانٌ مَثَارٌ لِلأَذَى وَحُرُوبُ
أَتَأْوِي إِلىَ ضَوْضَاءِ سُوقٍ صَبَابَةٌ / وَتِلْكَ نَفُورٌ كَالقَطَاةِ وَثُوبُ
إِلَيْكُمُ عَنِّي بِالحَقَائِقِ إِنَّني / عَلَى الكُرْهِ مِنِّي بِالحَيَاةِ طَبِيبُ
أَعِيدُوا إِلى قَلْبِي عَذِيرَ شَبَابِهِ / فَمَا الشَّيْبُ إِلاَّ عَاذِلٌ وَرَقِيبُ
وَلاَ غَرَّكُمْ مِنِّي ابتِسَامٌ بِلِمَّتِي / فَرُبَّ ابتِسَامٍ لاَحَ وَهْوَ شُبُوبُ
أَلَيسَتْ نُجُومُ اللَّيْلِ أَشْبَهَ بِالنَّدَى / عَلَى أَنَّهَا جَمْرٌ ذَكَا وَلَهِيبُ
مَكَانُ الْعُلَى مِنْ رَاغِبَ بنِ عَطِيَّةٍ
مَكَانُ الْعُلَى مِنْ رَاغِبَ بنِ عَطِيَّةٍ / قَدِيمٌ غَنِيٌّ عَنْ جَدِبدِ الْرَّغَائِبِ
بَنَاهُ فَأَعْلَى بِالْفَضَائِلِ وَالنَّدَى / وَزَانَفَأَغْلَى بِالنُّهَى وَالمَنَاقِبِ
تَلَقَّى وِسَامَ الْمَجْدِ وَالْخَلْقُ مُجْمَعٌ / عَلَى أَنَّهُ أَهْلٌ لأَسْمَى الْمَرَاتِبِ
أَرَقُّ امْرُيءٍ لِلْشَّاهِدِينَ رِعَايَةً / وَأَوْفَى امرِيءٍ حِفَظاً لِغَيْبَةِ غَائِبِ
مَتَى تَلْقَهُ تَلْقَ السَّمَاحَةَ وَالتُّقَى / بِبَرْدى نَقَيِّ الذِّيْلِ عفِّ الْمَآرِبِ
وَمَنْ فِي رِجَالِ الْيَوْمِ كَابْنِ عَطِيَّةٍ / قِيَاماً بِحَقٍّ أَوْ نُهُوضاً لِوَاجِبِ
هَنِيئاً لَهُ الإِقْبَالُ وَالسَّعْدُ وَالرِّضَى / وَكُلُّ نَوَالٍ سَابِغٍ مُتَعَاقَبِ
بِتَشْرِيفِهَ تَشْرِيفُ عَصْرٍ وَأُمَّةٍ / وَإِيفَاءُ مَفْرُوضٍ لأَكْرَمِ نَائِبِ
بِهِ أَحْرَزَتْ مِصْرُ عَتِيدَ فِخَارِهَا / وَتَارِيخُهَا بَاهَى بِعَلْيَاءِ رَاغِبِ
شَهِدْنَا زَمَاناً فِي الْكِنَانَةِ رَدَّنَا
شَهِدْنَا زَمَاناً فِي الْكِنَانَةِ رَدَّنَا / إِلَى خَيْرِ أَزْمَانِ الفَصَاحَةِ في العَرَبْ
كَأَنَّا بِذَاكَ العَهْدِ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ / وطُولِ التَّرَاخِي آبَ مُتَّصِلُ السَّبَبْ
توَلَّتْ عُصُورٌ شِيبَ فِيهَا صَفَاؤُهَا / وَخُولِطَ فِيهَا بَيْنَ حُرٍّ وَمُؤْتَشبْ
غَمَائِمٌ دُكْنٌ شَوَّهَتْ قَسَمَاتِهَا / وَغَيَّبَتِ الوَضَّاحَ مِنْ ذَلِكَ النَّسَبْ
فَيَا نُخَباً هَبَّتْ تُجَدِّدُ مَجْدَهَا / وَتَأْتِي بِمَا لَمْ تَسْتَطِعْ قَبْلَهَا النُّخَبْ
تَنَافَسَ أَهْلُ الفَضْلِ فيكِ فَأْتَمَرَتْ / قَرَائِحُهُمْ أَزْكَى البَواكِيرِ عَنْ كَثَبْ
إِذا اخْتلَفَتْ فِي بَعْثِهَا وُجُهَاتُكُمْ / فَمَا ضَارَ أَصْلاً أَنَّ أَفْنَانَهُ شُعَبْ
مَرَامُكُمْ فِي غَايَةِ الأَمْرِ وَاحِدٌ / وَمَا لِمَرَامِيكُمْ سِوَى ذَلِكَ الأَرَبْ
ثَنَاءٌ عَلَيْكُمْ بِالَّذِي تَبْتَغُونَهُ / وَتَدْرُونَ أَنَّ الْفَوْزَ بِالجِّدِ وَالدَّأَبْ
وَلَيْسَ الَّذِي تَأْتُوْنَ عُفْوَ مَبَرَّةٍ / لأُمٍّ رَؤُومٍ بَلْ قَضَاءٍ لِمَا وَجَبْ
عَلَى بَرَكَاتِ اللهِ سِيرُوا مَسِيرَكُمْ / وَصِيدْوا الْمُنَى مِنْ كُلِّ مَنْحَىً وَمُضْطَرَبْ
فَإِنَّ ضُرُوبَ العِلْمِ جَمٌّ عَدِيدُهَا / وَإِنَّ ضُرُوبَ الْفَنِّ تُعْجِزُ مَنْ حَسَبْ
وَلِلْفِكْرِ وَالإِفْصَاحِ عَنْهُ طَرَائِفٌ / دَوَانِي قُطُوفٌ لِلْمُجِدِّيَنَ فِي الطَّلَبْ
أَتَحْرِمُهَا الفُصْحَى وَقَدْ فَتَحَتْ لَكُمْ / مَغَالِقَ فِيَها كُلُّ مَدَّخَرٍ عَجَبْ
أَفِضُوا عَلَيْهَا مِنْ ابْتِكَارِكُمْ / بِمَا يَنْفَسُ الأَحْسَابَ مِنْ فَاخِرِ الحَسَبْ
أَنَابَكُمُ الْمَوْلَى الكَرِيمُ بِفَضْلِهِ / وَحَيِّ عَلَى الأَيَّامِ رَابِطَةَ الأَدَبْ
شَكَتْ عَارِضاً في الْجَفْنِ نَاءَ بِحَمْلِهِ
شَكَتْ عَارِضاً في الْجَفْنِ نَاءَ بِحَمْلِهِ / يُشَاكِلُ تَحْتَ الهُدْبِ عَالِقَةَ الحَبِّ
فَقَالَتْ لَحَاهُ اللهُ ضَيْفاً مُشَوِّهاً / يُسَمَّونَهُ الشَّحَاذُ فِي لُغَةِ الطِّبِّ
فَقُلْتُ لهَا عَطْفاً عَلَيْهِ وَإِنْ جَنَى / نَعم هُوَ شَحَّاذٌ وَلَكِنَّهُ قَلْبِي
فَقَالَتْ وَمَاذَا يَبْتَغِي فَأَجَبْتُهَا / سَمَا يَسْتَجِيرُ الطَّرْفَ مِنْ أَلَمِ الضَّرْبِ
إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي دَوُلَةِ العِلمِ حَاجِبُ
إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي دَوُلَةِ العِلمِ حَاجِبُ / أَمِيرَ النُّهَى إِذْناً فَإِنِّي مُخَاطِبُ
خِطَابَ فَتىً يَرْعَى مَقَامَيْ جَلاَلَةٍ / أَعَزَّهُمَا مَا لَمْ تُنِلكَ المَنَاسِبُ
أَحَلَّتْكَ مِنْهُ اللَّوْذَعِيَّةُ مَنْصِباً / عَلَى سَنَمٍ تَنْحَطُّ عَنْهُ المَنَاصِبُ
إِلَيْكَ كَتَاباً فِيهِ أَحْيَيْتَ سَاهِراً / لَيَالِيَ كَانَتْ مِنْ دُجَاهَا النَّوَائِبُ
وَقَفْتُ عَلَيْهِ سُهْدَ فِكْرِي وَدُونَهُ / مَصَائِبُ تَثْنِيني وَدَهْرٌ يُحَارِبُ
ثَبَاتِي مِنَ السُّقْمِ المُقِيمِ أَفَدْتُهُ / وَصَبْرِيَ مَمَّا أَكْسَبَتْنِي المَتَاعِبُ
لَوِ الكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ وَهْوَ مُسَاهِرِي / رَأَى مَا أُقَاسِي لاَغْتَدَى وَهْوَ شَاحِبُ
كِتَابٌ أُعَانِي جَمْعَهُ حَيْثُ خَاطِرِي / شَتِيتٌ وَبِي شُغْلٌ مِنَ الهَمِّ نَاصِبُ
دَعَانِي لَهُ اسْتِكْمَالُ عَهْدِكَ لِلْمُنَى / وَنُورُكَ لِي هَادٍ وَأَمْرُكَ غَالِبُ
فَجَاءَ قَلِيلاً مِنْ قَلِيلٍ وَإِنَّمَا / تَوَفَّرَ فِيهِ بَحْثُهُ وَالمَطَالِبُ
عَتِيقٌ مَعَانِيهِ جَدِيدٌ سِيَاقُهُ / يُعِيدُ شَبَابَ الدَّهْرِ وَالدَّهْرُ شَائِبُ
يَقُصُّ حَدِيثَ الكَوْنِ مُنْذُ ابْتِدَائِهِ / وَمَا َأخْلَفَتْ أَحْدَاثُهُ وَالتَّجَارِبُ
وَتَمْثُلُ أَجْيَالُ الوَرَى فِيهِ بَادِياً / خَفِيَّ طَوَايَاهَا لَدَى مَنْ يُرَاقِبُ
هُنَالِكَ أَقْوَامٌ تَجِيءُ وَتَنْقَضِي / وَتَتْبَعُهَا أَطْوَارُهَا وَالمَذَاهِبُ
مَمَالِكَ تُبْنَى بِالصَّوَارِمِ وَالقَنَا / وَتَهْدِمُهَا أَوْزَارُهَا وَالمَعَايِبُ
غَرَائِبُ أَدْيَانٍ وَجِنْسٍ وَمَشْرَبٍ / وَخَلقٍ وَأَخْلاقٍ تَلِيهَا غَرَائِبُ
تَمُرُّ وَنُورُ النَّقْدِ يُبْدِي خَفِيَّهَا / سِرَاعَاً كَمَا مَرَّتْ بِشَمْسٍ سَحَائِبُ
وَلَمْ أَرَ شَيْئاً كَالْفَضِيلَةِ ثَابِتاً / نَبَتْ عَنْهُ آفَاتُ البِلَى وَالمَعَاطِبُ
وَمَنْ يَصْطَحِبْهَا كَاصْطِحَابِكَ رَاشِداً / فَإِنَّ لَهُ المَجْدَ المُخَلَّدَ صَاحِبُ
سَيَدْرِي بَنُو الأَيَّامِ آخِرَ دَهْرِهِمْ / مَنَاقِبَ عَبَّاسٍ وَنِعْمَ المَنَاقِبُ
وُتُرْوَى لَهُمْ عَنْهُ فِعَالٌ جَمِيلَةٌ / تُضِيءُ سَمَاءَ الذِّكْرِ مِنْهَا كَوَاكِبُ
أَطَالَ لَكَ الرَّحْمَنُ عَهْداً مُبَارَكاً / فَوَاتِحُهُ غُنْمٌ لَنَا وَالعَوَاقِبُ
فَحُكْمُكَ شَمْسُ الحَقِّ فِينَا إِضَاءَةً / وَكُلُّ مُضِيءٍ مَا سِوَى الحَقِّ كَاذِبُ
وَفَضْلُكَ فِينَا لِلفَضَائِلِ مَنْبِتٌ / مَشَارِقُ مِصْرٍ رَوْضُهُ وَالمَغَارِبُ
فَمَنْ شَاعرٌ مِنَّا فَحَمْدُكَ نَاظِمٌ / وَمَنْ نَاثِرٌ مِنَّا فَمَجْدُكَ كَاتِبُ
مَتَى تَصْدَحِ الأَطْيَارُ فَالفَجْرُ صَادِحٌ / وَإِنْ تَسْكُبِ الأَمْطَارُ فَالبَحْرُ سَاكِبُ
دُمُوعَكَ صُنْهَا أُوْ فَغَالِ بِمِثْلهَا
دُمُوعَكَ صُنْهَا أُوْ فَغَالِ بِمِثْلهَا / مِنَ الدُّرِّ إِلاَّ عَنْ صِوَانٍ مِنَ الحُبِّ
فَإِنْ تَغْلِبِ الأَشْجَانُ قَلْبَكَ مَرَّةً / عَلَى أَمْرِهِ فَاذْرِفْ دُمُوعَكَ فِي قَلْبِي
إِذَا الرُّتْبَةُ الْعُليَا أَتَتْكَ إِثَابَةً
إِذَا الرُّتْبَةُ الْعُليَا أَتَتْكَ إِثَابَةً / وَفَارُوقُ عَالِي الرَّأْسِ حِينَ يَثِيبُ
فَفِي الْحَقِّ أَنْ تَزهو بِهَا مِثْلُ زَهْوِهَا / بِأَنَّكَ مَرْعِيُّ الْمَقَامِ حَبِيبُ
نَبَا بِكَ دَهْرٌ بِالأَفَاضِلِ نَابِي
نَبَا بِكَ دَهْرٌ بِالأَفَاضِلِ نَابِي / وَبُدِّلْتَ قَفْراً مِنْ خَصِيبِ جَنَابِ
بِرَغْمِ العُلَى أَنْ يُمْسِيَ الصَّفْوَةُ الأُلَى / بَنَوْا شُرُفَاتِ العِزِّ رَهْنَ يَبَابِ
تَوَلَّوْا فَأَقْوَتْ مِنْ أَنِيسٍ قُصُورُهُمُ / وَبَاتُوا سَرَاةَ الدَّهْرِ رَغْمَ تُرَابِ
أَتَمْضِي أَبَا شَادٍ وَفِي ظَنِّ مَنْ يَرَى / زُهُورَكَ أَنَّ النَّجْمَ قَبْلَكَ خَالِي
عَزِيزٌ عَلَى القَوْمِ للَّذِينَ وَدِدْتَهُمْ / وَوَدُّوكَ أَنْ تَنْأَى لِغَيْرِ مَآبِ
وَأَنْ يُبْكِمَ المَوْتُ الأَصَمُّ أَشدَّهُمْ / عَلَى مَنْ عَتَا فِي الأَرْضِ فَصْلَ خِطَابِ
فَتىً جَامِعُ الأَضْدَادِ شَتَّى صِفَاتُهُ / وَأَغْلَبُها الحُسْنى بِغَيْرِ غِلاَبِ
مُحَامٍ بِسِحْرِ القَوْلِ يُصْبِي قُضَاتَهُ / فَمَا فِعْلُهُ فِي سَامِعِينَ طِرَابِ
فَبَيْنَاهُ غِرِّيدٌ إذَا هُوَ ضَيْغَمٌ / زَمَاجِرُهُ لِلحَقِّ جِدُّ غِضَابِ
وَكَمْ خَلَبَ الأَلْبَابَ مِنْهُ بِمَوقِفٍ / بَلِيغُ حِوَارٍ أَوْ سَدِيدُ جَوَابِ
رَقيقُ حَديثٍ إِنْ يُشَبَّهْ حَدِيْثُهُ / فَمَا الخَمْرُ زَانَتْهَا عُقُودُ حَبَابِ
يَسِيلُ فَيُرْوِي النَّفْسَ مِنْ غَيْرِ نَشْوَةٍ / مَسِيلَ نطَافٍ في الغَدَاةِ عِذَابِ
بمَا يُخْصِبُ الأَذهَانَ مُخْضَلُّ دَرِّهِ / كَمَا يُخْصِبُ القِيعَانَ دَرُّ سَحَابِ
أَدِيبٌ إذَا مَا درَّ دَرُّ يَرَاعِهِ / تَبَيَّنْتَ أنَّ الفَيْضَ فَيْضُ عُبَابِ
فَفِي الذِّهْنِ تهْدَارُ الأَتِيِّ وَقَدْ جَرَى / عَلَى أنَّ مَا فِي العَيْنِ صُحْفُ كِتَابِ
وَفِي الشِّعْرِ كَمْ قَوْلٍ لَهُ رَاقَ سَبْكُهُ / أَتَى الوَحْيُ فِي تَنْزِيلِهِ بِعُجَابِ
بِهِ نَصَرَ الوَهْمُ الحَقِيقَةَ نُصْرَةً / تُضِيءٌ نُجُوماً مِنْ فُضُولِ ثِقَابِ
فَأَمَّا المَسَاعِي وَالمُرُوءَاتُ وَالنَّدَى / فَلَمْ يَدْعُهُ مِنْهُنَّ غَيْرُ مُجَابِ
كَأَنَّ جَنَى كَفَّيْهِ وَقْفٌ مُقَسَّمٌ / فَكُلُّ مُرَجٍ عَائِدٌ بِنِصَابِ
وَمَا صُدَّ عَنْ إسْعَادِهِ بَاسِطٌ يَداً / وَلاَ رُدَّ عَنْ جَدْوَاهُ طَارِقُ بَاب
وَلَمْ يَكُ أَوْفَى مِنْهُ فِي كُلِّ حَالَةٍ / لِمَنْ يَصْطَفِي فِي مَحْضَرٍ وَغِيَابِ
إذَا هَوَ وَالَى فَهْوَ أَوَّلُ مَنْ يُرَى / مُعِيناً أَخَاهُ حِينَ دَْعِ مُصَابِ
وَمَا كُلُّ مَنْ صَادَقْتَهُمْ بِأَصَادِقٍِ / وَمَا كُلُّ مَنْ صَاحَبْتَهُمْ بِصِحَابِ
يَعِفُّ فَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ مُؤَمِّلاً / لَهُ الْعَفْوُ مِنْ رَبٍ قَرِيب مَتَابٍ
وَمَا عَهْدُهُ إِنْ مَحَّصَتْهُ حَقِيقَةٌ / بِزَيْفٍ وَمَا مِيْثَاقُهُ بِكِذَابِ
وَفِي النَّاسِ مَنْ يُحْلِي لَكَ المُرَّ خِدْعَةً / وَتَرْجِعُ مِنْ جَنَّاتِهِ بِعَذَابِ
تَذَكَّرْتُ عَهْداً خَالِياً فَبَكَيْتُهُ / وَهَيْهَاتَ طِيبُ العَيشِ بَعْدَ شَبَابِ
كَأَنِّيَ بِاسْتِحْضَارِهِ نَاظِرٌ إلى / حُلاَهُ وَمُسْتَافٌ زَكِيَّ مَلاَبِ
بِرُوْحِيَ ذَاكَ الْعَهْدُ كَمْ خَطَرٍ بِهِ / رَكِبْنَا وَكَانَ الجِدُّ مَزْجَ لِعَابِ
وَهَلْ مَنْ أُمُورٍ فِي الحَيَاةِ عَظِيمَةٍ / بَغَيْرِ صِبا تَمَّتْ وغَيْرِ تَصَابِي
زَمَانٌ قَضَيْنَا المَجْدَ فِيهِ حُقُوقَهُ / وَلَمْ نَلْهُ عَنْ لَهْوٍ وَرَشْفِ رَُضَابِ
مَحَضْنَا بِهِ مِصْرَ الهَوَى لاَ تَشُوبُهُ / شَوَائِبُ مِنْ سُؤْلٍ لنا وطِلاَبِ
وَمَا مِصْرَ إلا جَنَّةُ الأَرْضِ سُيِّجَتْ / بِكُلِّ بَعِيدِ الهَمِّ غَضِّ إِهَابِ
فَدَاهَا وَلَمْ يَكْرُثْهُ أْن جَارَ حُكْمُهَا / فَذًَلَّ مُحَامِيهَا وَعَزَّ مُحَابي
فَكَمْ وَقْفَةٍ إذْ ذَاكَ وَ المَوْتُ دُونَهَا / وَقَفْنَا وَمَا نَلْوِي اتِّقَاءَ عِقَابِ
وَكَمْ كَرَّةٍ فِي الصُّحْفِ وَالسَّوْطُ مُرْهِقٌ / كَرَرْنَا وَمَا نَرْتَاضُ غَيْرَ صِعَابِ
وَكَمْ مَجْلِسٍ مَمَّ تَوَخَّتْ لَنا المُنَى / غَنِمْنَا بِهِ اللَّذَاتِ غُنْمَ نِهَابِ
لَنَا مَذْهَبٌ فِي العَيْشِ وَالمَوْتِ تَارِكٌ / قُشُورَ القَضَايَا آخِذٌ بِلُبَابِ
يَرَى فَوْقَ حُسْنِ النَّجْمِ وَهْوَ مُحَيِّرٌ / سَنَى الرَّجْمِ يَنْقَضُّ انْقِضَاضَ شِهَابِ
وَمَا هُلْكُ أَفْرَادٍ وَمِصرُ عَزِيزَةٌ / أَمَا أَجَُ الإِنْسَانِ مِنْهُ بِقَابِ
كَذا كَانَ إِلْفِي لِلفَقِيدِ وَلَم يَكُنْ / لِيَضْرِبَ خِلْفٌ بَيْنَنَا بِحِجَابِ
حَفِظْتُ لهُ عَهْدِي وَلَوْ بَانَ مَقْتَلِي / لِدَهْرٍ بِهِ جَدُّ المُرُوءَةِ كَابِي
وَمَا خِفْتُ فِي أنْ أُلْفى كَغَيْرِيَ مُولَعاً / بِخَلْعِ أَحِبَّائي كَخَلْعِ ثِيَابِي
فَمَا أَنَا مَنْ فِي كُلِّ يَوْمٍ لَهُ هَوىً / وَلاَ كُلَّ يَوْمٍ لِي جَدِيدُ صَوَابِ
يَرَانِي صَدِيقِي مِنْهُ حِينَ إيَابِهِ / بِحَيْثُ رَآنِي مِنْهُ حِينَ ذَهَابِ
وَمَا ضَاقَ صَدْرِي بِالذِينَ وَدِدْتُهُمْ / وَلاَ حَرِجَتْ بِالنَّازِلينَ رِحَابِي
وَآنَفُ سَعْياً فِي رِكَابٍ فَكَيْفَ بِي / وَِلي كُلَّ حَوْلٍ آَخْذَةٌ بِرِكَابِ
حَرَامٌ عَلَيْنَا الْفَخْرُ بالشِّعْرِ إنْ تَقَعْ / نُسُورُ مَعَالِيهِ وُقُوعَ ذُبَابِ
وَمَا كِبْرِيَاءُ القَوْلِ حِينَ نُفُوسُنَا / تَجَاوِيفُ أَرْضٍ فِي انْتِفَاخِ رَوَابي
وَمَا زَعْمُنَا رَعْيَ الذِّمَامِ وَشَدُّنَا / بِظُفْرٍ عَلَى مَنْ فِي الأَمَامِ وَنَابِ
زَكِيٍّ لَكَ الإِرْثُ العَظِيمُ مِن العُلَى / وَمَا ثَرْوَةٌ فِي جَنْبِهِ بِحِسَابِ
فَكُنْ لأَبِيكَ الْبَاذِخِ القَدْرِ مُخْلَفاً / بِأَكْرَمِ ذِكْرَى عَنْ مَظِنَّةِ عَابِ
وَعِشْ نَابِهاً بِالْعِلْمِ وَالْفَنِّ نَابِغاً / فَخَرُكَ مَوْفُورٌ وَفَضْلُكَ رَابِي
أَلاَ إِنَّنِي أَبْكي بُكَاءَكَ فَقْدَهُ / وَمَا بِكَ مِنْ حُزْنٍ عَلَيْهِ كَمَا بِي
قَضَى لِي بِهَذَا الْخَطْبِ فِيمَنْ أُحِبُّهُ / إلهٌ إلَيْهِ فِي الخُطُوبِ مَنَابِي
فَفِي رَحْمَةِ المَوْلَى أَبُوكَ أَبُو النَّدَى / وَفِي عَفْوِهِ أَحْرَى امْرئٍ بِثَوَابِ
أَسَىً أَنْ تَوَلَّى نِعْمَةَ اللهِ مُوحِشاً
أَسَىً أَنْ تَوَلَّى نِعْمَةَ اللهِ مُوحِشاً / مَعَاهِدَهُ فَلْتَبْكِهِ بَرَكَاتُ
وَلاَ تَقْبَلُ التَأْسَا فِيهِ مَدَارِسٌ / بَنُوْهَا عَلَيْهِ نُوَّحٌ وَبُكَاةُ
مَضَى تَارِكاً فِي قَلْبِ كُلِّ مُهَذَبٍ / مِنَ الْوَدِّ مَلاَ تُنْفِسُ التَّرَكَاتُ
فَتىً صَرْحٌ لاَ كَنهْهُ غَيْرُ مَا بَدَا / عَلَيْهِ وَلاَ الآرَاء مُرْتَبِكَاتُ
وَلَمْ تُوصَمِ الآدَابُ مِنْهُ بِريْبَةٍ / وَلَمْ تُذمِمْ الآرَابُ وَالْحَرَكَاتْ
حَكيمٌ بِدُنْيَاهُ عَلِيمٌ بِدِينِهِ / سَلِيمٌ بِهِ الأَخْلاَقُ وَالمَلِكَاتُ
عَقِيدَتُهُ فِي مِنْعَةٍ مُطْمَئِنَّةٍ / وَمِنْ حَوْلِهَا العِلاَّتُ مُعْتَرِكَاتُ
إِذَا جَاءَهُ خَيرٌ أَذَاعَ الرِّضَى بِهِ / أَوْ جَاءَهُ ضَيْرٌ لَمْ تَخُنْهُ شَكَاةُ
وَإِنْ يَقْنِ لاَ يَقْنِ الْحُطَامَ وَغَيْرُهُ / تَعُزُّ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ وَزَكَاةُ
بِهِ شَرِكَاتُ البِرِّ عَادَتْ قَوِيَّةً / وَقُوَّتُهَا أَنْ تَصْدُقَ الشَّرِكَاتُ
تَبَتَّلَ زُهْداً فِي اللَّيَالِي وَطِيبِهَا / فَفِي طِيبِهَا الآفَاتُ وَالهَلِكَاتُ
أَلَمْ يَتَبَيَّنْ سُوَْ مَا تُضْمِرُ الدُّجَى / وَاَسْتَارُهَا فِي الصُّبْحِ مُنْتَهِكَاتُ
فَيَا آلَهُ هَذِي مِنَ الْدَهْرِ فِتْكَةٌ / تَهُونُ إِذَا قِيسَتْ بِهَا الفَتَكَاتُ
أَتَغْنِ فَتِيلاً مِنْ عَزِيزٍ وَقَدْ ثَوَى / دُمُوعٌ بِهَا الأَرْوَاحُ مُنْسَفِكَاتُ
بِدَاوُدَ فَأَتَمُّوا فَإِنَّ حصَانَهُ / لَكالطَّوْدِ وَالأَحْدَاثُ مُؤْتَفِكَاتُ
هُوَ الكَوْكَبُ الهَادِي بِسَاطِعٍ نُورِهِ / إِذَا اشْتَدَّتِ الأَسْدَافُ وَالحَلكاتُ
لَهُ الْقَلَمُ الفَيَّاضُ عِلْمَاً وَحِكْمَةً / كَمَاءِ الغَوادِي لَمْ تَشِبْهُ نِكَاتُ
مَعَانِيَهُ كَالعِقْدِ الْفَرِيدِ نَظِيمَهُ / وَأَلفَاظُهُ كَالتِّبْرِ مُنْسَبِكَاتُ
وَيَا مَنْ عَلَيْهِ فِي المَدَائِنِ وَالقُرَى / مَآتِمُ أَهْلِ الْفَضْلِ مُحْتَبِكَاتُ
سَمَوْتَ عَنِ الدُّنْيَا وَأَنْتَ مُوَفَّقٌ / عَلَيْكَ سَلاَمُ اللهِ وَالبَرَكَاتُ
نَجَاتُكَ سَرَّتْ قَلْبَ كُلِّ مُعَظَّمٍ
نَجَاتُكَ سَرَّتْ قَلْبَ كُلِّ مُعَظَّمٍ / لِشَأْنِ الهُدى فِي الشَّمْسِ وَالجُوْدُ فِي الغَيْثِ
وَمَا كَانَ إِلاَّ الدَّهْرُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَرَى / لِيَحْدُثَ ذَاكَ الجِرْحُ فِي جَبْهَةِ اللَّيْثِ
عُيُونُ الْحُلَى تِلْكَ المَنَاقِبُ وَالعُلَى
عُيُونُ الْحُلَى تِلْكَ المَنَاقِبُ وَالعُلَى / فَمَا رُتْبَةٌ تَحْلَى بِهَا وَوِشَاحُ
وَلَكِنَّ آلاَءَ المُلُوكِ كَمَا تَرى / أَتَتْ مُسْتَفِيضَاتٍ وَفِيكَ سَمَاحُ
أَلاَ حُبَّتِ الزِّينَاتُ إِنْ كُسِيَتْ بِهَا / مَعَانٍ كَمَا تَهْوَى النُّفُوسُ مِلاَحُ
وَحُبَّ الفَتَى إِنْ لاَحَ فِي وَشْيِ فَخْرِهِ / كَمَا لاَحَ فِي وَشْيِ الغَمَامِ صَبَاحُ
أَتُبْطِيءُ مِصْرٌ عَنْ ثَوَابِ وَزِيرِهَا / وَمَا عَهْدُهُ إِلاَّ نَدىً وَفَلاَحُ
أَمَولاَيَ دُمْ لِلْمَجْدِ أَنْتَ لَهُ نُهىً / وَأَنْتَ لَهُ قَلْبٌ وَأَنْتَ جَنَاحُ
لَئِنْ لَمْ يُتَحْ لِي أَنْ أَرَاكَ مُهنِّئاً / لَقَدْ يُمْنَعُ المَأمُولُ ثُمَّ يُتَاحُ
مَضَى حَسَنٌ فِي ذِمَّةِ اللهِ أَنْسُهُ
مَضَى حَسَنٌ فِي ذِمَّةِ اللهِ أَنْسُهُ / وَذَاكَ الضَّمِيرُ الحُروَّ وَالخُلْقُ الضَّاحِي
بِرَغْمِ النَّدَى وَالمَحْمَدَاتِ بُلُوغُهِ / عَشِيَّتَهُ وَالعُمْرُ فِي وَقْتِ إِصْبَاحِ
وَرَغْمِ النَّدَامَى مِنْ أَدِيبٍ وَشَاعِرٍ / فِرَاقُ أَخٍ حُلْوِ الشَّمَائِلِ مِسْمَاحِ
أَخٌ كَانَ رَوْحَا لِلْقُلُوبِ فَإِذْ قَضَى / أٌقَمْنَا وَمَا قَلْبٌ لِشَيٍْ بِمُرْتَاحِ
أَخٌ عِنْدَ آمَالِ الْكِرَامِ وَفَاؤُهُ / وَأَيَامُهُ أَعْيَادُ صَفْوٍ وَأَفْرَاحِ
وَكَانَ كَمَا يَهْوَى الثِّقَاتُ وَدَادُهُ / وَلَيْسَ بِنَمَّامٍ وَلَيْسَ بِفَضَّاحِ
وَلَيْسَ يَشُوبُ السُّوءُ طِيبَ حَدِيثِهِ / كَمَا لاَ يَشُوبُ السوءُ تَغْرِيدَ صَدَّاحِ
فَتَى الرَّأْيِ وَالإِفْصَاحِ إِنْ تَكُ حَالَةٌ / دهَتْكَ فَحَالَتْ دُونَ رَأْيٍ وَإِفْصَاحِ
فَأَيُّ سَمِيرٍ بِعْدَ بَيْنِكَ آخِذٌ / مِنَا النَّفْسِ حَظَّاً دُونَهُ مَأْخَذُ الرَّاحِ
وَمِنْ لَسِنٌ تَجْرِي عُيُونُ كَلامِهِ / عَلَى شِبْهِ دُرٍّ مِنْ مَعَانِيهِ وَضَّاحِ
وَمِنْ فَطِنٌ تَذْكِي نَوَافِحُ فِكْرِهِ / فَتُتْحِفُ أَرْوَاحَ الرِّفَاق بِأَرْوَاحِ
وَمِنْ صَانِعٌ عُرْفَاً فَمُغْلِيهِ حِيطَةً / وَيَجْذَلُ أَنْ يُوفَى بِلَفْظَةِ تَمْدَاحِ
عَلَيْكَ سَلاَمُ اللهِ ذِكْرُكَ خَالِدٌ / وَنَجْلُكَ مَرْجُوُّ لِسَعْدٍ وإِفْلاحِ
هِيَ الْحُرَّةُ الزَّهْرَاءُ جَاءَتُ عَلَى وَعْدِ
هِيَ الْحُرَّةُ الزَّهْرَاءُ جَاءَتُ عَلَى وَعْدِ / جَلَتْهَا لَكَ الْعَلْيَاءُ مِنْ مَطْلَعِ السَّعْدِ
عَرُوس يَرَاهَا المُعْجَبُونَ كَأُمِّهَا / مِثَالَ كَمَالٍ فَوْقَ طَائِلَةِ النَّقْدِ
نَمَاهَا فُؤَادٌ وَهُوَ أَرْوَعُ فَاضِلٍ / صَفِيُّ وَفِيٌّ غَيْرُ مُؤْتَشَبِ الْوُدِّ
يَدِينُ لَهُ عَاصِي المَآرِبِ مِنْ عُلىً / وَيَدْنُو لَه قَاصِي الرَّغَائِبِ مِنْ بُعْدِ
يَسوس بِحَزْمٍ أَمْرَه كُلَّ أَمْرِهِ / وَلاَ يَنْثَنِي جَوْراً عَنِ الْخُطَّةِ الْقَصْدِ
فَيَا ابْنَ أَبِي الإِحْسَانِ أَشْرَفَ منْتَمىً / وَيَا أَسْبَقَ الْفِتْيَانِ فِي حَلْبَةِ الْكَدِّ
وَيَا كَوْكباً أَمْسَى بِآيَةِ وَجْدِهِ / قَرِينَ الثُّرَيَّا بورِكَتْ آيَةُ الْوَجْدِ
أَبوكَ بَنَى صَرحاً عَلاَ فَاقْتَفَيْتَهُ / وَأَعْلَيْتَ مَا تَبْنِي عَلَى الْعَلَمِ الْفَرْدِ
لِسَمْعَانَ فِي كُلِّ الْقُلُوبِ مَكَانَةٌ / بِهَا حَلَّ فِي أَوْجِ الْكَرَامَةِ وَالمَجْدِ
وَنَاهِيكَ بِالشَّهْمِ الَّذِي يَبْلُغُ السُّهَى / وَلَيْسَ بِذِي نِدٍّ وَلَيْسَ بِذِي ضِدِّ
خَبِيرٌ بِتَصْرِيفِ الْحَيَاةِ وَأَهلِهَا / بَصِيرٌ بِتَحْقِيقِ للْبَعِيدِ مِنَ الْقَصْدِ
كَبِيرٌ بِمَسْعَاه كَبِيرٌ بِحَظِّهِ / وَلاَ فَوْزَ إِلاَّ نَصْرُكَ الْجَدَّ بِالْجِدِّ
مُعَمِّرُ أَحْيَاءِ الْفَضَائِلِ وَالنُّهَى / بِنَسْلٍ مِنَ الآْلاءِ لِيْسَ بِذِي عَدِّ
بَنُوهُ فُروعٌ زَاكِيَاتٌ كَأَصلِهَا / وَهَلْ عَذَبَاتُ الرَّنْدِ إِلاَّ مِنَ الرَّنْدِ
بِهِمْ كُلُّ مَأْمولٍ بِهِمْ كُلُّ متَّقىً / فَلِلصَّحْبِ مَا يُرْضِي وَلِلْخَصْمِ مَا يُرْدي
رَعَى الله أُمّاً أَنْجَبْتْهمْ وَثَقَّفَتْ / خَلاَئِقَهمْ لَمْ تَأْلُ يَوْماً عَنِ الْجُهْدِ
هِيَ الزَّوْجُ أُوْفَى مَا تَكُونُ لِزَوْجِهَا / هِيَ الأُمُّ أَحْنَى مَا تَكُونُ عَلَى الْوُلْدِ
هِيَ الْقُدْوَةُ الْمثْلَى لِكُلِّ عَفِيفَةٍ / بِأُنْسٍ لَهُ حَدُّ وَتَقْوَى بِلاَ حَدِّ
بِقَلْبِيَ أَدْعْو أَنْ يَتِمَّ شِفَاؤُهَا / وَذلِكَ فَضْلٌ لِسْتٌ أَدْعو بِهِ وَحْدِي
فَتَكْمُلَ أَفْرَاحُ الْبَنِينَ بِعَهْدِهَا / وَتَبْقَى بِهَا الأَفْرَاح مَوْصولَةَ الْعَهْد
أَلاَ أَيُّهَا الصَّرْحُ الَّذِي ضَاقَ رَحْبُهُ / بِحَشْدٍ وَأَكْرِمْ بِالأَعِزَّاءِ مِنْ حَشْدِ
أَقَرَّتْ عُيُونَ الْجَاهِ فِيكَ لُيَيْلَة / مُطَرَّدَةُ الأَشْجَانِ مَوْمُوقَةُ السُّهْدِ
رَأَى الْعِلْيَةُ الرَّاقُونَ فَضْلَ نِظَامِهَا / فَرَاعَتْهُمُ رَوْعَ الْفَرِيدَةَ فِي العِقْدِ
إِذَا فَاتَتِ العَافِينَ آيَةُ حُسْنِهَا / فَمَا فَاتَهُمْ أَنْ يَقْرَأُوا سُورَةَ الْحَمْدِ
تَدَفَّقَتِ الأَنْوَارُ مِنْهَا عَلَى الدُّجَى / زَوَاهِرَ فِيهَا الْبُرْءُ لِلأَعْيُنِ الرُّمْدِ
وَفِي دَاخِلٍ رَوْضٌ يُغَازِلُ بِالحِلَى / وَفِي خَارِجٍ رَوْضٌ يُرَاسِلُ بِالنَّدِّ
وَقَدْ أَنْشَدَ الْوَرْدُ الْعَرُوسَيْنِ دَاعِياً / دُعَاءَ مُجَابِ الصَّمْتِ فِي مَسْمَعِ الخُلْدِ
بِأَنْ يَعْمُرَا عُمْراً مَدِيداً وَيَنْعَمَا / نَعِيماً جَدِيداً دَائم الْعَوْدِ كَالْوَرْدِ
إِلَى الْغَادَةِ الزَّهْرَاءِ مِنْ آلِ فَاضِلٍ
إِلَى الْغَادَةِ الزَّهْرَاءِ مِنْ آلِ فَاضِلٍ / إِلَى الْكَوْكَبِ الوَضَّاحِ مِنْ آلِ مَسْعَد
تَحِيَّاتِ دَاعٍ لِلْعَرُوسَيْنِ مُخْلِصاً / بَأَنْ يَبْلُغَا أَوْجِيْ صَفَاءٍ وَسُؤْدَدِ
وَأَنْ يُعْمَرا عُمْراً طَوِيلاً وَيَلْبَثَا / بِنُعْماءِ تُفْضِي كُلَّ يَوْمٍ إِلى غَدِ
وَأَنْ يَمْكُثَا فِي أُلْفَةٍ وَمَحَبَّةٍ / يَظَلُّ غَيُوراً مِنْهُمَا كُلُّ فَرْقَدِ
أَمِينَيْنِ فِي جَاهِ الأَمِينِ وَظِلِّهِ / نِكَايَاتِ أَعْدَاءٍ وَأَعْيُنِ حُسَّدِ
أَمِينٌ بَنَى لِلْمَجْدِ بَيْتاً مُشَيَّداً / عَلَى الْجَدِّ أَعْظَم بِالْبِنَاءِ المُشَيَّدِ
حَذَا حَذْوَهُ مِيشِيلُ بَلْ زَادَ هِمَّةً / وَمَنْ لأَبِيهِ بِالشَّبَابِ المُجَدِّدِ
فَتىً قَبَلٌ سَمحُ الْمُحَيَّا كَأَنَّهُ / كَمِيتُ الحِمِيُا طَاهِرُ القَلْبِ وَاليَدِ
عَلَى النَّفْعِ مِقْدَامٌ عَنِ الضَرِّ مُحْجَمٌ / إِذَا مَا اسْتَبَانَ الرَّأْيَ لَمْ يَتَرَدَّدِ
وَلَوْ شِئْتُ تعْدَاداً لأَوْصَافِ آلِهِ / لأَطْرَبْتُكُمْ بِالْحَقَّ لاَ بِالتَوَدُّدِ
هُمُ الأَهْلُ وَالأَحْبَابُ وَالجِيرَةُ الأُولى / لِذِكْرَاهُمُ فِي الْقَلْبِ أَشْهَى تَرَدُّدِ
رَأَيْنَا كَمَالَ الأُمِّ وَالبَيْتَ عِنْدَهُمْ / وَحِكْمَةَ فِتْيَانٍ وَعِفَّةَ خَرَّدِ
وَأَيّاً تُعَاشِرْ شَاهِداً كَنْهَ أَمْرِهِ / تَجِدْ مَحْضَهُ لَيْسَ الْمَغِيبُ كَمَشْهَد
كَفَى الْوُدَّ عِنْدِي أَنَّهُمْ نَبْتُ زَحْلَةٍ / وَزَحْلَةُ لِي دَارٌ وَجَارَةُ مَوْلِدِ
قَضَيْتُ بِهَا عَهْداً فَمَا زِلْتُ رَاجِعاً / إِلَيْهِ بِقَلْبٍ شَيِّقٍ مُتَعَهِّدِ
إِلَّي حَبِيبٌ قُوْمُها وَهَوَاؤُهَا / وَمَا ثَمَّ مِنْ حَيٍّ وَمَاءٍ وجَلْمَد
تُنَاظِرُ طُوْدَيْهَا بِمِرْآةِ نَهْرِهَا / وَبَهْجَةَ مَا فِي لَيْلِهَا مِنْ تَوَقُّدِ
بِوَحْيِ هَوَاهَا رَاعَ شِعْرِي إِجَادَةً / فَأَنْشَدَهُ فِي قَوْمِهِ كُل مُنْشِدِ
فَإِنِّي لِمَا أَدْرِي وذَاكَ مَكَانَهُ / أَأَخْلَدْتُهُ فِي النَّاسِ أَمْ هُوَ مُخْلِدِي
أُهَنِّيءُ مِيشِيلَ الْعَزِيزَ وَآلَهُ / أُهَنِّيءُ أَزْكَى غَادَةٍ طِيبِ مُحْتَدِ
مِنَ الْعُنْصُرِ الأَنْقَى مِنَ الْمَعْدَنِ الَّذِي / فَرَائِدَهُ مَخْلُوقَةٌ لِلْتَفَرُّدِ
عَرُوسٌ بِهَا الْحُسْنَانِ خُلْقاً وَخِلْقَةً / يَقُولاَنِ سُبْحَانَ الْمَلِيكِ المُوَحَّدِ
أَلاَ فَاغْنَمَا صَفْوَ الْحَيَاةِ وَسَعْدَهَا / وَجِيئا بِنَسْلٍ صَالِحٍ مُتَعَدَّدِ
وَفَاءً كَهَذَا العَهْدِ فَلْيَكُنِ الْعَهْدُ / وَعَدْلاً كَهَذَا العِقْدِ فَلْيَكُنِ العِقْدُ
قَرَانُكُمَا مَا شَاءَهُ لَكُمَا الْهَوَى / وَبَيْتُكُمَا مَا شَادَهُ لَكُمَا السَّعْدُ
فَقُرَّا وَطِيبا فَالْمُنَى مَا رَضَيْتُمَا / وَدَهْرُكُمَا صَفْوٌ وَعَيْشُكُمَا رَغْدُ
وَمَا جَمَعَ اللهُ النَّظِيرَيْنِ مَرَّةً / كَجَمْعِكُمَا وَالنَّدُّ أَوْلَى بِهِ النَّدُّ
تَضَاهَيْتُمَا قَدْراً وَحُسْناً وَشِيْمَةً / كَمَا يَتَضَاهَى فِي تَقَابُلِهِ الْوَرْدُ
أَعَزُّ أَعِزَّاءِ الحِمَى أَبَواكُمَا / وَأَسْطَعُ جَدٍّ فِي العُلَى لَكُمَا جَد
كَفَى بِحَبِيبٍ فِي أَسَاطِينِ عَصْرِهِ / هُمَاماً عَلَى الأَقْرَانِ قَدَّمَهُ الجَدُّ
إِذَا مَا بَدَا دَلَّتْ جَلالَةُ شَخْصِهِ / عَلَى أَنَّهُ فِي قَوْمِهِ الْعَلَمُ الْفَرْدُ
قَضَى فِي جِهَادِ الدَّهْرِ أَطْوَلَ حُقْبَةٍ / فَمَا خَانَهُ فِيهَا الذَّكَاءُ ولاَ الجِهْدُ
وَمَا زَادَهُ زِيَغُ السِّنِينِ بِلَحْظَهِ / سِوَى نَظَرٍ فِي حَالِكِ الأَمْرِ يَسْتَدُّ
لَهُ الْبَيْتُ غَايَاتُ الْمَعَالِي حُدُودُهُ / وَلَكِنْ بِلُطْفِ اللهِ لَيْسَ لَهُ حَدُّ
مَشِيدٌ عَلَى التَّقْوَى مَنِيعٌ عَلَى العِدَى / قَرِيبٌ إِلى العافِينَ عَذْبٌ بِهِ الوَرْدُه
مَتِينٌ عَلَى الأَرْكَانِ وَهْيَ ثَلاَثَةٌ / بِأَمْثَالِهَا تَحْيِي أَبُوَّتَهَا الْوُلْدُ
ذَكَرْتُ شَبَاباً لَوْ سَرَدْتَ صِفَاتِهِمْ / وَآيَاتِهِمْ فِي الْفَضْلِ لَمْ يَحْصِهَا السَّرْدُ
أُولَئِكَ هُمْ يَوْمَ الفِخَارِ شُهُودُنَا / عَلَى أَنَّنَا أَكِفَّاءُ مَا يَبْتَغِي الْمَجْدُ
وَإِنَّا إِذَا اسْتَكْفَتْ بِلاَدٌ حِمَاتِهَا فَفِينا / الْحَكِيمْ الضَّرْبُ وَالأَسَدُ الوَرْدُ
وَمَنْ لَكَ فِي الْفِتْيَانِ بِالْفَاضِلِ الَّذِي لَ / هُ نُبْلُ مِيخَائِيل وَالْحُلْمُ وَالرِّفْدُ
يُؤَلِّفُ أَشْتَاتَ الْمَحَامِدِ جَاهِداً / بِإِخْفَاءِ بَادِيهَا فَيَظْهَرُهُ الْحَمْدُ
كَبِيرُ الْمُنَى جَمُّ الفَضَائِلِ جَامِعٌ / إِلى الأَدَبِ السِّلسَالِ طَبْعاً هَوَ الشَّهْدُ
يُصَغِّرُ لِلْعَافِي مِنَ النَّاسِ نَفْسَهُ / وَيُكْبِرَهَا عَنْ أَنْ يَلِمَّ بِهَا الْحِقْدُ
وَمَنْ كَحَبِيبٍ عَادِلِ الْخُلْقِ صَادِقٍ / لَهُ فِعْلُ مَا يُرْجَى وَلَيْسَ لَهُ وَعْدُ
أَخُو تَرَفٍ قَدْ تَعْرِفُ الخَيلُ بَأْسَهُ / وَيَحْفَظُ مِن آرَاءِهِ الطَّودُ وَالوَهدُ
وَمَنْ مِثْلُ جُرْجُ طَاهِرُ النَّفْسِ وَالْهَوَ / ىَ وَمَنْ مِثْلُهُ حُرٌّ وَمَنْ مِثْلُهُ نَجْدُ
وَثَوْبٌ إِلَى كَشْفِ الظَّلاَمَاتِ سَاكِنٌ / إِلَى بَأْسِهِ فِي حِينَ لاَ تَأْمَنُ الأُسْدُ
تَخَيَّرَ فِي الأَنْسَابِ أَصْدَقَهَا عُلىً / وَأَبْعَدَهَا مَرْمىً فَتَمَّ لَهُ الْقَصْدُ
وَأَي نَسيبٍ بَلِغٍ بِمُقَامِهِ / مُقَامَ نَجِيبٍ في الْكِرَامِ إِذَا عُدوْ
إِذَا فَاقَ سَادَاتِ الحِمَى آلَ سُرْسُقٍ / فَإِنَّ نَجِيباً فِيهِمُ السَّيِّدُ الْجَعْدُ
سَرِيٌّ يَرَى الإِقْدَامَ في كُلِّ خِطَّةٍ / وَخِطَّتُهُ فِي كُلِّ حَالٍ هِيَ الْقَصْدُ
تَرَاهُ بِلاَ ظِلٍّ نُحُولاً وَجَاهُه / عَرِيضٌ لَهُ ظلٌّ عَلَى الشَّرْق مُمْتدُ
مُحبُّوهُ في نُعْمَى وَقِرَّةِ أَعْيُنٍ / وَحُسَادُهُ مما بِانفُسِهِمْ رَمْدُ
وَمَا النَّاسُ إِلاَّ عَاثرٌ جَنْبَ نَاهضٍ / وَمَا الأَرْضُ إِلاَّ الغَوْرُ جَاوَرَهُ النَّجْدُ
أَلاَ أَيُّهَا الشَّهْمُ النَّبيلُ الَّذِي لَهُ / عَلَى صغَرٍ في سنِّهِ الْمَنْصِبُ النَّهدُ
لَوْ إِنَّكَ لَمْ تَمْنَعْ لَوَافَى مُهَنِّئاً / بعُرْسكَ وَفْدٌ حَافلٌ تَلْوُهُ وَفْدُ
فَإِنَّ مَكَاناً في الْقُلُوب حَلَلتُهُ / لَيَزْهَى عَلَى مُلْكِ تُؤَيِّدُهُ جُنْدُ
فَدَاكَ أُنَاسُ قَلَّ في الْخَيْرِ شَأْنُهُمْ / فَلاَ قُرْبُهُمْ قُرْبُ وَلاَ بُعْدُهُمْ بُعْدُ
يَرُومُونَ أَنْ يُثْنَى عَلَيْهمْ بوَفْرهمْ / وَأَفْضَلُهُ عَنْهُمْ إِلَى الْبرِّ لاَ يَعْدُو
إِذَا رَخُصَ الْغَالي منَ السِّلْعَةِ اشْتَرَوا / وَلاَ يَشْتَرُونَ الْحُرَّ إِنْ رَخُصَ الْعَبْد
أَعذْتُ برَبِّ الْعَرْش منْ عَيْن حَاسدِ / طَلاَقَةَ ذَاكَ النُّور فِي الْوَجْهِ إِذْ تَبْدُو
وَرقَّةَ ذَاكَ اللَّفْظ فِي كُلِّ مَوْقِفِ / يُصَانُ بهِ عِرْضٌ وَيَقْنَى بهِ وُدُّ
وَبَسْطَةَ كَفٍّ منْكَ في مَوْضِعِ النَّدَى / يُعَادُ بهَا غَمْضٌ وَيُنْفَي بهَاء سَهْدُ
شَكَا الدَّهْرُ مَا تَأَسُو جِرَاحُ كِرَامِهِ / وَأَنْكَرَ مِنْكَ الرِّفْقُ جَانبَهُ الصَّلْدُ
وَلَكنَّ هَذَا البرَّ طَبْعٌ مُغَلَبٌ / عَلَيْكَ وَهَلْ يَهْدِي سِوَى طيبِهِ النَّدُ
فمَهْمَا تَصِبْ خَيْراً فَقَدْ جَدَرَتْ بهِ / فَضَائلٌ لَمْ يَضْمَمْ عَلَى مثْلِهَا بُرْدُ
حَظَيْت بملءِ الْعَيْن حُسْناً وَرَوْعَةً / عَرُوسٌ كَبَعْض الْحَور جَادَ بهَا الْخُلْدُ
يَوَدُّ بَهَاءُ الصُّبْح لَوْ أَنَّهُ لَهَا / مُحَيّاً وَغُرُّ الزَّهْر لَوْ أَنَّهَا عقْدُ
فَإِنْ خَطَرَتْ فِي الرّائعَات منَ الْحُلَى / تَمَنَّتْ حُلاَهَا الرَّوْضُ وَالأَغْصُنُ الْمُلْدُ
كَفَاهَا تَجَاريبَ الْحَدَاثَةِ رُشْدُهَا / وَقَدْ جَازَ رَيْعَانُ الصَّبَا قَبْلَهَا الرِّشْدُ
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَهْراً لَهَا غَيْرُ عَقْلهَا / لَكَانَ الغِنَى لاَ الْمالُ يُقْنَى وَلاَ النَّقْدُ
غنىً لاَ يَحُلُّ الزُّهْدُ فيهِ لِفاضلٍ / حَصيفٌ إِذَا في غَيْره حَسُنَ الزَّهْدُ
لِيَهْنئكُمَا هَذَا القرانُ فَإِنَّهُ / سُرُورٌ بمَا نَلْقى وَبُشْرَى بمَا بَعْدُ
ففي يَوْمِهِ رَقَّتْ وَرَاقَتْ سَمَاؤُهُ / لِمَنْ يُجْتَلَى وَانْزَاحَت السُّحُبُ الرَّبْدُ
وَفي غَدِهِ سِلْمٌ تَقُرُّ بهِ النُّهَى / وَحِلْمٌ تَصَافى عنْدَهُ الأَنْفُسُ اللِّد
هُنَاكَ تَجِدُّ الأَرْضُ حلْيَ رياضِها / وَيُثْنَى إِلَى أَوْقَاتِهِ البَرْقُ وَالرَّعْدُ
فَلاَ حَشْدُ إِلاَّ مَا تَلاَقَى أَحبَّةٌ / وَلاَ شَجْوُ إِلاَّ مَا شَجَا طَائرٌ يَشْدُو
تَمَنَّيْتُ لَوْ لَمْ تَعْصِنِي قَطْرَةُ النَّدَى
تَمَنَّيْتُ لَوْ لَمْ تَعْصِنِي قَطْرَةُ النَّدَى / فَأُطْلِعَ مِنْهَا فِي دُجَى الذِّكْرِ فَرْقَدَا
وَلكِنَّ جُهْدِي دُونَ أَدْنَى رَغَائِبِي / فَكُنْ لِخَيَالِي أَيُّهَا الشِّعْرُ مُسْعِدَا
أَعِنِّي عَلَى قَوْلٍ حَكِيمٍ تَصُوغُ لِي / مَعَانِيَهُ دُرّاً وَمَبْنَاهُ عَسْجَدَا
أُغَنِّيهِ تَرْدِيداً بِإِيقَاعِ وَحْيِهِ / فَيُطْرِبُ إِطْرَابَ المثَانِي مُرَدَّدَا
عَلَيْكَ سَلاَمَ اللهِ يَا زَمَناً بَنَى / نَوَابِغُهُ لِلضَّادِ مَجْداً مُخَلَّدَا
أَيَرْجِعُ صَوْتٌ بَعْدَ أَلْفٍ وَنَيِّفٍ / إِلَيْكَ وَلاَ تَنْبُو بِهِ حُجُبُ الرَّدَى
تَقْرَأَ مُهْتَزّاً تحِيةَ عَصْرِنا / وَتَسْمَعَ مُعْتَزّاً صَدَاكَ المُرَددَا
لَئِنْ بِتَّ فِي الْغَيْبِ القَصِيِّ مُحَجَّباً / لَقَدْ عدْتَ فِي هَذَا الزمَانِ مُجَدَّدَا
كَأَنَّكَ وَالأَحْقَابُ أَمْوَاجُ زَاخِرٍ / تَبَسَّطْنَ فِيمَا امْتَدَّ بَعْدَكَ مِنْ مَدَى
وَقفتَ عَلَيْهَا مُوفِياً مِن يَفَاعِهَا / وَأَلْقَيْتَ طَيْفاً فِي نِهَايَتْهَا بَدَا
تَغَيَّرَتِ الأَسْمَاءُ وَالْعَصْرُ لِمْ يَزَلْ / كَمَا كُنْتَ فِي الأَعْصَارِ فَرْداً مُوِحَّدَا
فَكِدْنَا نَخَالُ الدْهْرَ قَابَلَ حَالَةً / وَدَابَرَهَا ثُمَّ اسْتَوَى مُتَرَدِّدَا
أَلَسْتَ إِذَا آنَسْتَ مِنْ عَهْدِنَا سَنىً / لِحِكْمِةِ شَوقِي قُلْتَ حِكْمةُ أَحْمَدَا
أَلَسْتَ إِذَا شَاقَتْكَ أَبْيَاتُ حَافِظٍ / حَسِبْتَ أَبَا تَمَّامِك اليَوْمَ مُنْشِدَا
أَلَسْتَ إِذَا غَنَّاكَ صَبْرِي مُسَائِلاً / أَلِلْبُحْتُرِيِّ الصَّوْتُ رَجَّعَهُ الصَّدَى
أَلَسْتَ إِذَا نَاجَتْكَ رُوحُ ضَرِيرِنَا / ذَكَرْتَ ضَرِيراً بِالمَعَرَّةِ وَسِّدَا
لَقَدْ بَعَثَ اللهُ الْقَرِيضَ وَأَنْشَرَتْ / لَهُ دَوْلَةُ العَبَّاسِ مُلْكاً مُؤَيَّدَا
وَمِنْ آيِهَا تَكْرِيمُنَا اليَوْمَ حَافِظاً / وَتَمْجِيدُنَا مِنْهُ سَرِيّاً مُمَجَّدَا
فَتَى الأَدَبِ الْجِدِّ الَّذِي لاَ يَشُوبُهُ / مِزَاحٌ وَلاَ يُلْفَى ابْتِسَامٌ بِهِ سُدَى
مُقَوِّمُ تَأْوِيدِ الْخَلاَئِقِ حَيْثُمَا / تَبَيَّنَ بَيْنَ النَّاسِ خُلْقاً مُأَوَّدَا
مُجَودُ صَوْغِ الْقَوْلِ لاَ يَنْثرُ الحِلَى / وَلاَ يَنْظِمُ الْعِقْيَانَ إِلاَّ مُجَوَّدَا
مُفَصِّلُ آيَاتِ الْبَلاَغَةِ إِنْ نَهَى / نَهَى عَنْ ضَلاَلٍ أَوْ دَعَا فإِلى هدَى
نجِيُّ المَعَالِي تَعْرِفُ الزُّهْرُ فِي الدجَى / لَهُ حَيْثُمَا سَارَتْ خَيَالا مُسَهَّدَا
أَمِيرُ مَعَانِيهِ وَلِلهِ دَرهُ / إِذَا مَا سَجَا أَوْ جَاشَ أَوْ نَاحَ أَوْ شَدَا
أَيَعْرُوهُ حُزْنٌ فَاقْرَإِ الْوَصْفَ تُلْفِهِ / سَحَاباً رَمَى ظَلاًّ عَلَى الْكَوْنِ أَرْبدَا
أَيَرْضَى لِنُعْمَى نَالَهَا قَمِنٌ بِهَا / فَلاَ قَوْلَ فِي الأَذْهَانِ أَعْذَبُ مَوْرِدَا
أَيَطْعُنُ فِي شَيْنٍ فَإنَّكَ وَاجِدٌ / دَماً وَصَرِيعاً وَالسِّنَانَ المُسَدَّدَا
أَيَرسُمُ مَوْصُوفاًفَتِلْكَ صِفَاتُهُ / حَقَائِقَ حَلاَّهَا الْخَيَالُ وَخَلَّدَا
صَدِيقيَ فَاهْنَأْ وَابْلُغِ الأَوْجَ رُتْيَةً / فَإِنْ تَرْقَهُ لاَ تَنْسَنا وَارْق سَرْمَدَا
لَعَبَّاسٌ خَيْرٌ لِلْمَعَالِي مُقَلِّداً / فَكُنْ بِالنُّهَى خَيْراً لَهَا مُتَقَلِّدَا
ضَمِنْتَ لِهَذَا العَهْدِ ذِكْراً مُخَلَّدَا
ضَمِنْتَ لِهَذَا العَهْدِ ذِكْراً مُخَلَّدَا / وَجَدَّدْتَ لِلإِسْلاَمْ مُعْجِزَ أَحْمَدَا
وَبِتَّ لِمِصْرٍ بِالمَفَاخِرِ مَحْتِداً / وَمِنْ قَبْلُ كَانتْ لِلمَفاخِرِ مَعتدا
أَطَافَ بِهَا لَيْل مِنَ الْجَهْلِ حَالِك / وَصمَّتْ بِهَا الأَسْمَاعُ عَنْ دَعْوَة الهُدى
فَإِنْ قَلبَ المَحْزُون فِي الأُفْقِ طَرْفَهُ / فَلَيْسَ يَرَى إِلاَّ ذَكَاءَكَ فَرْقَدَا
وَمَنْ تَدْعُهُ يِرْدُدْ نِدَاءَكَ لاَ يُجِبْ / كَمَا رَجَّعَالصَّخْرُ الأَصَم لَكَ الصَّدَى
لَكَ اللهُ مِنْ شَاكٍ عَنِ النَّاسِ دَهْرَهُمْ / عَلَى حِينَ لَمْ يَشْكوا وَقَدْ جَارَ وَاعْتَدَى
وَمِنْ سَاهِرٍ يُفْنِي مَنَارَ حَيَاتِهِ / ضِيَاءً لِيَهْدِي غَافِلِينَ وَرُقَّدَا
وَمِنْ نَاظِمٍ لِلمُلْكِ تاَجَ فَرَائِدٍ / مِنَ المَدْحِ تِيجَانُ المُلوكِ لَهُ فِدَى
وَمِنْ مُنشِدٍ يُحْيِي فَخَارَ جُدُودِهِ / فَيُكْسِبُهُمْ مَجْداً بِذَاكَ مجَدَّدَا
إِذَا النَّسْلُ لمْ يَحْفِلْ بِذِكْرِ جُدُودِهِ / فَإِنَّ لَهُمْ مَوْتاً بِهِ مُتَعَدَّدَا
قَوَافٍ يَزِينُ الشِّعْرَ حُسْنُ نِظَامِهَا / كَمَا ازْدَانَ كَأْسٌ بِالْحَبَابِ مُنَضَّدَا
وَسَبْكٌ يُعِيدُ اللَّفْظَ لحْناً مُوَقَّعاً / وَيُبْدِي لنَا المَعْنَى الْخَفِيَّ مجَسدَا
أَسِحْراً تُرِينَا أَمْ صَحَائِفَ كُلَّمَا / نقَلِّبُهَا وَجْهاً نَرَى عَجَباً بَدَا
فبَيْنَا هِيَ الروْضُ الَّذِي تَشْتَهِي المُنَى / تَعَاشَقَ فِيهِ النورَ وَالطِّيبُ وَالنَّدَى
إِذَا هِيَ أَنْهَارٌ تُقِر عُيُونَنَا / إَذَا هِيَ نِيرَانٌ تَثُورُ تَوَقَدَا
إِذَا هِيَ أَفْلاَكٌ بُسِطْنَ وَأَبْحُرٌ / أَغَارَ بِهَا الْفُلكُ الصَّغِيرُ وَأَنْجَدَا
إِذَا هِيَ آجَامٌ تَمُوجُ بِأُسْدِهَا / وَأَوْدِيَة يَرعَى بِهَا الظَّبْيُ أَرْبَدا
إِذَا هِيَ عِيسٌ فِي الْبَوَادِي مُجِدةٌ / تَسِيرُ وَلاَ سَيْر وَتَحْدِي وَلاَ حِدَا
إِذَا هِيَ أَجْيَالُ الزَّمَانِ مُعَاهِداً / بِهَا آدمٌ مَوسَى وَعيسى مُحَمَّدَا
إِذَا هِيَ حَرْبٌ يَخلَعُ البِيدَ جَيْشُها / نِعالا مَتَى هَبوا وَثوباً عَلَى الْعِدَى
بَيَانُكَ سَيْف لِلْحَقِيقَةِ سَاطِع / ذَلِيل بِهِ الْبَاغِي قَتِيلٌ بِهِ الرَّدَى
بِشِعْرِكَ فَلْيَحْيَى الذِي جَل فَضْلهُ / وَمَاتَ جَدِيراً بِالْفَخَارِ مُؤَبَّدَا
وَذُو العِلْمِ فَلْيَخْتَرْ كِتَابَكَ مُؤْنِساً / كَرِيماً وَأُسْتَاذاً حَكِيماً وَمُرْشِدَا
أَنرْتجِلُ الأَشْعَارَ فِي فَرْعِ هَاشِمٍ
أَنرْتجِلُ الأَشْعَارَ فِي فَرْعِ هَاشِمٍ / وَهَل لِيَ فِي بَيْتَيْنِ أَنْ أَجْمَعَ الْمَجْدَ
وَفِي وَصْفِ عَبْدِ اللهِ أَوْ بَعْضِ وَصْفِهِ / يُقصِّرُ مَنْ يَفْنِي قَرِيحَتهُ جُهْدَا
وَلَيْتَ أَمِيرَ الْعُرْبِ بِالْيُمْنِ دَوْلَةً / كَبَا جَدُّهَا دَهْراً فَأَعْلَيْتَهَا جِدَّا
بِعَزْمٍ وَحَزْمٍ أَحْيَيَا مِنْ مَوَاتِهَا / وَرَدَّا مِنَ الْعِزِّ الَّذِي دَالَ مَارِدَا
فمِصْرُ وَقَدْ حَيَّتْكَ يَا فَخْرَ يَعْرُبٍ / تحَيِّي النَّدَى وَالنُّبْلَ والْبَأْسَ وَالجَدَّا
فَضَائِل مِلءُ الْعَيْنِ مِنْ حَيْثُ طُولِعَتْ / جِهَاتُ الْعُلَى فِيهَا أَرَتْ عَلَماً فَرْدا
أَمَوْلاَيَ هَلْ تَدْرِي مَكَاناً تَزُورُهُ / فَلاَ يَزْدَهِي عَجْباً وَلاَ يَنْتَشِي سَعْدَا
فَلاَ غَرْوَ أَنْ أَلْقَيْتَ مِصْرَ حَفِيَّةً / تُعِيدُ عَلَى بَدْءٍ لِسُدَّتِكَ الوُدَّا
وَيُسْتَقْبَلُ الْبَدْرُ الَّذِي بِكَ يُجْتَلَى / وَتَلْبَسُ فِي اسْتِقْبَالهِ الزَّمَنَ الوَرْدَا
وَتهْدِي إِلى الأُرْدُنِّ أَلْطافَ نِيلِهَا / ثَنَاءً عَلَيْهِ وَاحْتِفَاءً بَمَنْ أَهْدَى
طَلَعْتِ طُلُوعَ الشَّمْسِ بِالنُّورِ وَالنَّدَى
طَلَعْتِ طُلُوعَ الشَّمْسِ بِالنُّورِ وَالنَّدَى / فَلاَ زِلْتِ شَمْسَ البِرِّ يَا رَبَّةَ النَّدَى
وَقَدْ تَحْرِمُ الشَّمْسُ العُفَاةَ شُعَاعَهَا / وَلَمْ تَحْرِميهِمْ مِنْكِ فِي حَالَة يَدا
لِمَقْدَمِكِ الْمَيْمُونِ مِصْرُ تَهَلَّلَتْ / وَجَنَّاتُهَا افْتَرَّتْ وَبُلْبُلُهَا شَدَا
أَرَى بَسَمَاتٍ لِلِّقاءِ تَأْلَّقَتْ / عَلَى كُلِّ وَجْهٍ كَانَ إِذْ غِبْتِ مُكْمَدا
وَأَسْمَعُ فِي الأفَاقِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ / أَنَاشِيدَ بُشْرَى فِي النُّفوسِ لَهَا صَدَى
جَمَاهِيرُ فِي طُولِ الْبِلاَد وَعَرْضِهَا / مِنَ الحَافِظِينَ العَهْد غَيباً وَمَشْهَدَا
يُهَنِيءُ كُلُّ مِنْهُمُ النَّفْسَ أَنْ يرَى / إِلى الْوَطَنِ الْمُشْتَاقِ عَوْدَكِ أَحْمَدَا
تَنَادَتْ بَنَاتُ الشِّعْرِ يَضْفَرْنَ لِلَّتِي / تُخَلِّدُهَا الالاءُ تَاجاً مُخَلَّدا
وَذَاكَ إِذَا بَاهَى بِتَاجَيه قَيْصَرٌ / لَهُ رَوْنَقٌ أَزْهَى وَأَبْقَى عَلَى الْمَدَى
أَيُعدَلُ بَاقٍ صِيْغَ مِنْ جَوْهَرِ النُّهَى / بِبَعْضِ الثَّرَى الْفَانِي وَإِنْ كَانَ عَسْجَدَا
حَقِيقٌ بِوَادِي النِّيلِ إِبْدَاءُ سَعْده / عَلَى أَنَّ مَا فِي النَّفْسِ أَضْعَافُ مَا بَدا
فَإِنَّ الَّتِي يُعْلَى بِحَقٍّ مَقَامُهَا / لاَهْلٌ بِإِجْمَاعِ المُوالِينَ وَالعِدَى
أَمَا هِيَ أَرْقَى نِسْوَة الشَّرْقِ شِيْمَةً / وَنُبْلاً وَأَسْمَاهُنَّ جَاهاً ومَحتِدا
إِلَى أَوْجِهَا الأعْلَى رَفَعْتُ تَحِيَّتي / وَفِي كُلِّ قَلْبٍ رَجْعُهَا قَد تَرَدَّدَا
وَأَحْسَبُنِي عَنْ مِصْرَ نُبْتُ وَأَهْلِهَا / وَعَنْ مَجْدِ مِصْرٍ دَارِساً وَمُجَدَّدَا
وَعَنْ كُلِّ مَحْزُونٍ وَعَنْ كُلِّ بَائِسٍ / بِهَا عَادَ عَنْ بَابِ الأمِيرَة بِالْجَدَا
وَعَنْ كُلِّ مَلْهُوفٍ أَغَاثتْ وَحُرَّةٍ / مِنْ الْعاثِرَاتِ الجَدِّ مَدَّتْ لَهَا يَدا
وَعَنْ كُلِّ خِرِّيجٍ بِعِلْمٍ وَصَنْعَةٍ / أَقَامَتْ لَهُ فِي سَاحَة الْفَضْلِ مَعْهَدَا
وَعَمَّا أَعَدَّتْ لِلْيَتِيمِ فَثَقَّفَتْ / فَرُبَّ يَتِيمٍ عَادَ لِلْخَلْقِ سَيِّدَا
أَيَا آيَةَ الشَّرْقِ الَّتِي ضَنَّتِ العُلَى / بِاشْرَفَ مِنْهَا فِي العُصُورِ وَأَمجَدَا
دَعَوكِ بِأُمِّ الْمُحْسِنِينَ وَأَنَّهَا / لَدَعْوَةُ صِدْقٍ فِي فَمِ المَجْد سرْمَدا
فَأَنْتِ لَهُمُ أُمُّ وَأَنْتِ أَمِيرَةٌ / أَجَلْ وَلَكِ الدُّنْيَا وَأَجْوَادِهَا فِدَى

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025