المجموع : 53
أَما لَكَ يا داءَ المُحِبِّ دَواء
أَما لَكَ يا داءَ المُحِبِّ دَواء / بَلى عِندَ بَعضِ الناسِ مِنكَ شِفاءُ
أَسيرُ العِدا بِالمالِ يَفديهِ أَهلُهُ / وَما لِأَسيرِ الغانِياتِ فِداءُ
أُسودُ الشَرى في الحَربِ تَحمي نُفوسها / بِنَجدَتِها ما لَم تعنَّ ظباءُ
إِذا كُنتَ خِلواً فاعذر الصَبَّ في الهَوى / فَما المُبتَلى وَالمُستَريحُ سَواءُ
أَتَأمُرُني بِالصَبرِ عَمَّن أُحِبُّه / وَهَيهاتِ ما لي في هَواهُ عَزاءُ
أَموتُ اِشتِياقاً ثُمَّ أَحيا لِشقوَتي / كَذاكَ حَياةُ العاشِقينَ شَقاءُ
أَلا إِنَّ قَلبَ الصَبِّ في يَدِ حِبِّه / يُقَلِّبُهُ في الحُبِّ كَيفَ يَشاءُ
إلَيكَ فَلَو ذُقتَ الهَوى لَعَذَرتَني / جُفونكَ وَسنى وَالفُؤادُ هَباءُ
أَنا لُمتُ أَهلَ العِشقِ قَبلَكَ في الهَوى / فَها أَنا أزرى بَينَهُم وَأساءُ
أَصابَت فُؤادي أَسهُمُ اللَحظِ إِذ رمت / فَلِلَّهِ قَتلى الأَعيُنِ الشُهَداءُ
بَكَت رَحمَةً لِلصَّبِّ عَينُ عَدُوِّهِ
بَكَت رَحمَةً لِلصَّبِّ عَينُ عَدُوِّهِ / فَما لِحَبيبِ القَلبِ لا يَرحَمُ الصَبّا
بَخيلٌ بِأَن يَحيا القَتيلُ بِلَحظِهِ / وَأَن يَرِدَ الظَمآنُ بارِدَهُ العَذبا
بَعيدٌ عَلى أَنَّ الدِيار قَريبَةٌ / فَحَتّى مَتى بِالبُعدِ يمزجُ لي القُربا
بِنَفسي حَبيباً خانَني فَهَويتُهُ / فَزادَ قلىً فَاِزدادَ قَلبي لَهُ حُبّا
بَذَلتُ لَهُ الوُدَّ المَصونُ وَأَدمُعي / فَلَم يَقتَنِع حَتّى وَهَبتُ لَهُ القَلبا
بَدا لي فَقُلتُ اِردُدهُ قالَ مَلَكتُهُ / وَلَو لَم تَهَبهُ لي تَمَلَّكتُهُ غَصبا
بِعَينَينِ هاروتيَّتَينِ كأَنَّما / يُجَرِّدُ نَحوي مِنهُما صارِماً عَضبا
بَراني هَوى الظَبيِ الغَريرِ وَقادَني / ذَليلاً وَكَم راضَ الهَوى جامِحاً صَعبا
بَلَلتُ رِدائي بِالدُموعِ وَإِنَّما / يُزادُ بِها الباكي عَلى كَربِهِ كَربا
بَعَثتُ رَسولي والخَيال الَّذي سَرى / إِلَيكَ بِدَمعي وَالنَسيمُ الَّذي هَبّا
تُرى قَبَّلَتكَ الريحُ عَنّي وَبَلَّغَت
تُرى قَبَّلَتكَ الريحُ عَنّي وَبَلَّغَت / مِنَ السِرَّ ما اِستَودَعتها حينَ هَبَّتِ
تَحِيَّةَ مُشتاقٍ يَعضُّ بَنانَهُ / عَلى قَدَمٍ زلّت وَلم تَتَثَبَّتِ
تَرَكتَ الَّتي مِن أَجلِها جَدَّ بي السّرى / عَلى أَنَّني أَحبَبتُها وَأَحبَّتِ
تَعَجَّبتُ إِذ مَدَّ النَوى لِوَداعِنا / يَداً كَيفَ لَم تُشلَل هُناكَ وَتَبّتِ
تَقولُ اِصطَبر كم ذا البُكاء فَقُلتُ ما / دُموعي جَرَت بَل أَبحُرُ الشَوقِ عَبَّتِ
تَميمِيَّة تَرقي الضَجيعَ بِريقِها / إِذا عَقرَب مِنها عَلى الصّدغِ دَبَّتِ
تَتيهُ عَلى شَمسِ الضُحى فَكَأَنَّها / مَعَ الحورِ في دارِ النَعيمِ تَرَبَّتِ
تَهُبُّ رِياحُ المِسكِ مِن نَفَحاتِها / فَما اِستَنشَقتها الشيبُ إِلّا وَشَبَّتِ
تَراءَت لِعَيني في المَنامِ فَأَطفَأَت / بِزَورَتِها نار الهَوى حينَ شَبَّتِ
تَمَثَّلتها حَتّى إِذا ما تَمَثَّلَت / طَرِبتُ كَأَنّي قَد دَعَوتُ وَلَبَّتِ
ثَمِلت بِذِكراها وَطبت كَشارِبٍ
ثَمِلت بِذِكراها وَطبت كَشارِبٍ / لَها بِالمَثاني تارَةً وَالمَثالِثِ
ثَلاثٌ سَلَبنَ القَلبَ حُسنَ عَزائِهِ / وَأَلبَسنَني ثَوبي خَليعٍ وَناكِثِ
ثِقالَةُ ردفَيها وَرِقَّةُ خَصرها / وَسِحرُ العُيونِ القاتِلاتِ البَواعِثِ
ثَقِفتُ بِعَينَيكَ الأُسود كَأَنَّما / هُما سَيفُ جبّارٍ بِقَتلاهُ عابِثِ
ثِقي بي عَلى ذا النَأيِ إِنّي لَمُقسِمٌ / بِعَينَيكِ لا أَشكو وَلَستُ بِحانِثِ
ثبوتاً عَلى العَهدِ الَّذي كانَ بَينَنا / إِذا غَيَّرَ الأَحبابَ صَرفُ الحَوادِثِ
ثَنَتني صُروفُ الدَهرِ عَنكِ وَما اِنثَنى / فُؤادي فَجِسمي راحِلٌ مِثل لابِثِ
ثِمارُ المُنى مَن يَجنِها دونَ إِلفِهِ / يَجِد طَيِّباتِ العَيشِ مِثلَ الخَبائِثِ
ثَلمتُ صَفا صَبري فأورَثَني الضَنى / فَوَيح غَريبٍ لِلضَّنى مِنك وارِثِ
ثَوى عَلى جَمرِ الغَضا من فراقكُم / فَهَل مِن خَيالٍ عَن غَرامي باحِثِ
جَوىً تَتَلَظّى نارُهُ في جَوانِحي
جَوىً تَتَلَظّى نارُهُ في جَوانِحي / فَكَيفَ يَنامُ اللَيلَ حَرّانُ مُنضجُ
جَفاهُ الكَرى وَالطَيفُ قَد واصَلَ البُكا / فَحَتّى مَتى يَبكي وَلا يَتَفَرَّجُ
جَرى القَدرُ الجاري عَلَيهِ بِفرقَةٍ / فَلَيسَ لَهَ مِن داخِلِ الهَمِّ مَخرَجُ
جَليد عَلى الكِتمانِ لَو لَم تَبُح بِهِ / دُموعٌ عَلى خَدَّيهِ بِالدَمِ تُمزَجُ
جَعَلتُ أَمحي ما كَتَبتُ بِعَبرَتي / وَكِدتُ لِسقمي في كِتابي أدرجُ
جَواباً لَعَلَّ الكُتب يُطفئُ لاعِجاً / عَلى كَبدٍ مِن ذِكرِكُم تَتَوَهَّجُ
جَزى اللَهُ من أَدّى رِسالَة عاشِقٍ / وَحَسَّنَ أعذاراً مِنَ البَينِ تَسمُجُ
جَميلاً فَما فِعلُ الجَميلِ بَضائِع / وَلا سيما في الصَبِّ وَالصَبّ أَحوَجُ
جَنَيتُ عَلى نَفسي الهَوى فَقَتَلتُها / وَحُبّي بَريءٌ مِن دمي مُتَحَرِّجُ
جَلاء هُمومي طَيفكُم يوضحُ الدُّجى / وَإِلّا فَأنفاسُ الصبا تَتَأَرَّجُ
حَسبتُ النَوى تُسلي فَزِدتُ بِها هَوىً
حَسبتُ النَوى تُسلي فَزِدتُ بِها هَوىً / وَأَغلَقتُ بابَ الوَصلِ مِن حَيثُ يُفتَحُ
حُرِمتُ وِصالَ الحبِّ في طَلَبِ الغِنى / وَأَيُّ غِنىً في وَجهِهِ كُنتُ أَربَحُ
حَباني بِياقوتٍ مِنَ الخَدِّ أَحمَرٍ / وَدُرِّ فَمٍ مِنهُ سَنا البَرقِ يُلمَحُ
حَبيبٌ أحيّي مِنهُ بِالبَدرِ ناطِقاً / وَأَغبقُ خَمراً مَن لَماهُ وَأصبحُ
حسانُ الدمى تَصبو إِلى حُسنِ وَجهِهِ / وَصَلدُ الصَفا مِن لَمسِ كَفَّيهِ يَرشحُ
حُسِدتُ عَلَيهِ قاتَلَ اللَهُ حاسِدي / فَضَنَّ بِهِ الدَهرُ الَّذي كانَ يَسمَحُ
حمدتُ زَماني فيهِ ثُمَّ ذَمَمتُهُ / وَما زالَ هذا الدَهرُ يُهجى وَيُمدَحُ
حَديثٌ لَهُ في النَفسِ لَستُ أُذيعُهُ / فَتِذكارُهُ يوسي الفُؤادَ وَيَجرَحُ
حَضَرنا وَإِن غِبنا جسوماً خَواطِراً / فَنَحنُ قَريبٌ وَالمَنازِلُ نُزَّحُ
حَيا عبرَتي يُحيي الرُبى بَعدَ مَوتِها / وَأَنزَرُ مِنهُ الوابِلُ المُتَبَطِّحُ
خَلَعتُ عذاري في المِلاحِ وَلَم أبل
خَلَعتُ عذاري في المِلاحِ وَلَم أبل / بِما يَفتَريهِ حاسِدٌ لي لاطِخُ
خَليّونَ يَلحونَ الشَجِيَّ عَلى الهَوى / وَلَيسَ لِأَحكامِ المَحَبَّةِ ناسِخُ
خَدَعتهُمُ لمّا سَلَوتُ تَجاهُلاً / وَقَلبيَ في عِلمِ الصَبابَةِ راسِخُ
خَليلَيَّ إِنَّ النارَ في مَشرَفِيَّةٍ / لَها فَتَكاتُ المردِ وَهيَ مَشائِخُ
خَلا إِنّ هذا الحُبَّ طُلَّ بِهِ دمي / وَقَوميَ أَجبالُ المُلوكِ الشَوامِخُ
خَضَعتُ لِمَن أَصبَحت في الحُبِّ عَبدهُ / عَلى أَنَّ مَجدي في الأَعِزَّةِ باذِخُ
خُطوبُ الهَوى حَلَّت فَكَم هَدَمت عُلا / وَكَم شيّبَت مِن عاشِقٍ وَهوَ شارِخُ
خَبَت كُلُّ نارٍ غَير نارِ صَبابَتي / سَتَبقى وَإِسرافيلُ في الصورِ نافِخُ
خُذي أَدمُعي يا ريحُ هَدياً إِلى الحِمى / لِتَسقيهِم مِنها الغُروبُ النَواضِخُ
خَواطِرُ قَلبي أَخبَرتني بِأَنَّهُم / عَلى العَهدَ لَم يَفسَخ وداديَ فاسِخُ
دِيارهُمُ لا غَيّرتكِ يَدُ البِلى
دِيارهُمُ لا غَيّرتكِ يَدُ البِلى / وَلا زالَ يَسقيك الحَيا وَيَجودُ
دَنَوت مِنَ القَلبِ العَميدِ عَلى النَوى / وَكُلٌّ لَهُ قَلبٌ عَلَيكِ عَميدُ
دَعَوناكِ مَرضى لَو شَفيتِ مُجيبَةً / وَلَم تَسمَعي ما نَحنُ عَنكِ بَعيدُ
دُيونٌ عَلَينا يَقتَضيها غَريمُها / فَلا قضيت إِلّا وَأَنت شَهيدُ
دُجى اللَيل صُبحٌ فيك إِذ أَنت مطلعٌ / لِكُلِّ هِلالٍ أَطلَعتهُ سُعودُ
دَهَتنا اللَيالي بِالنَوى فَتَفَرَّقَت / جَآذِرُ كانَت تَلتَقي وَأُسودُ
دَوائِرُ ذي الدُّنيا تَدورُ بِأَهلِها / فَتنقصُ أَحوالُ الفَتى وَتَزيدُ
دَراريَ سَعدي لِلأُفولُ تَجانَحَت / فَبيضُ اللَيالي في عُيونيَ سودُ
دُموعي لَها مِن أَربع وَحشاشَتي / وَفيها لباناتي فَأَينَ أُريدُ
دَفَعتُ إِلَيها في الوَداعِ وَديعَةً / وَقُلتُ اِحفَظيها إِنَّني سَأَعودُ
ذَكَرتُ زَمانَ الوَصلِ فيها فَلَيسَ لي
ذَكَرتُ زَمانَ الوَصلِ فيها فَلَيسَ لي / عَزاءٌ وَلا صَبرٌ وَلا مُتَلَذَّذُ
ذَهَبتُ وَقَد سَدَّ الفُراقُ مَذاهِبي / وَقَلبي إِلى نَحوِ الأَحِبَّةِ يُجبَذُ
ذهلتُ فَما أَدري إِلى أَينَ قادَني / قَضاءٌ عَلى الإِنسانِ يَجري فَيَنفذُ
ذَمَمتُ حَياتي كَيفَ أَحمدُها وَقَد / تَرَكتُ مِنَ اللذّاتِ ما كُنتُ آخذُ
ذَلَلتُ فطاماً بَعدَ عزٍّ رَضعتُهُ / وَأَغرَقتُ نَفسي حَيثُ ما لي مُنقِذُ
ذُنوبي لَعَمري غَرَّقتني فَأَوبَقت / وَإِلّا فَإِنّي ثابِتُ القَلبِ جَهبَذُ
ذِمامُ الهَوى يُرعى فَهَلّا رَعيتهُ / وَكُنت بِقُربى مَن نَوى أَتَعَوَّذُ
ذَوَيتُ وَعودي بِالرضابِ اِخضِرارُهُ / صِدئتُ وَقَلبي بِالنَواصِلُ يُشحَذُ
ذُكاءٌ وَبَدرُ التمِّ يَحتَجِبانِ مِن / مَحاسِن من قَلبي عَلَيهِ مُجَذَّذُ
ذَوائِبُهُ مِسكٌ ثَناياهُ لُؤلُؤٌ / وَخَدّاهُ تِبرٌ وَالعِذارُ زُمُرُّدُ
رَشاً طامَ عُلواً فَاِدَّعَت يَثرِبُ الحَشا
رَشاً طامَ عُلواً فَاِدَّعَت يَثرِبُ الحَشا / فَأَفطَرَ سُفلاً فَاِدَّعَت ردفهُ مِصرُ
رَبيبُ مَقاصيرٍ أَبوهُ وَأُمُّهُ / وَإِن كانَ أَبهى مِنهُما الشَمسُ وَالبَدرُ
رَضيتُ بِهِ مَولىً عَلى جورِ حُكمِهِ / وَقُلتُ لقَلبي اِصبِر لَعَلَّ الهَوى أَجرُ
رَأى ذلَّتي في العِشقِ فَاِعتَزّ وَاِعتَدى / عَلى مُهجَةٍ فيها لَهُ النَهيُ وَالأَمرُ
رَفَعتُ إِلى قاضي هَواهُ ظُلامَتي / فَوَقّع لِلمَظلومِ مَوعِدُكَ الحَشرُ
رَحيمٌ لِغَيري ذا الرَخيمُ كَلامُهُ / فَما بالُهُ ماء وَلي قَلبهُ صَخرُ
رَعى اللَهُ مَن يَهوى هَوايَ وَإِنَّني / عَلى العَهدِ باقٍ لا سُلُوّ وَلا غَدرُ
رُبا الوَصلِ قَبلَ اليَومِ كُنَّ خَوالِيا / بِأَوجُه أَحبابي فَعَطَّلَها الدَهرُ
رِياضٌ سَقى ماءُ الغمامِ شَقيقَها / وَجادَت بِلا غبٍّ أَقاحيها الخَمرُ
رياحينُ ما أَحيا الفُؤاد بِشَمِّها / قُبيل النَوى حَتّى أبيح لَهُ الهَجرُ
زَخارِفُ دُنيانا الأَنيقَةُ أَصبَحَت
زَخارِفُ دُنيانا الأَنيقَةُ أَصبَحَت / هَشيماً كَما رَثَّ الرِداءُ المُطَرَّزُ
زَمانُ الصِبا لِلَّهِ دَرُّكَ لَم تَزَل / مَواعيدُ مَن نَهوى لَنا فيكَ تُنجَزُ
زِيارَتُنا في كُلِّ يَومٍ وَسِرُّنا / جَهاراً بِلا واشٍ يَرانا فَيغمِزُ
زَنَت أَعيُنٌ مِنّا وَعَفَّت ضَمائِرٌ / فَبِتنا وَأَيدينا مِنَ اللَمسِ تُحجَزُ
زَرَرنا عَلى غَيرِ الفَواحِشِ قُمصَنا / وَلَم نَستَجِز إِلّا الَّذي هُوَ أَجوزُ
زَرى وَجهُ مَن نَهوى عَلى البَدرِ إِذ بَدا / وَأَعجَزَهُ حُسناً وَما كانَ يعجزُ
زِيادَةُ بَدرِ التمِّ كَالنَقصِ عِندَهُ / فَلِلبَدرِ مِنهُ خَجلة حينَ يبرزُ
زِمامُ قُلوبِ العاشِقينَ بِكَفِّهِ / تُقادُ كَمَغلولِ اليَدَينِ وَتُحفَزُ
زُبى الأُسدِ أَو أَشراكها لَحَظاتُها / وَسَيفُ الرَدى فيها فَكَيفَ التَحَرُّزُ
زَعَمتُم بِأَنَّ الحُبَّ فيهِ تَذَلُّلٌ / صَدَقتُم وَفيهِ لِلمِلاحُ تَعَزُّزُ
سَلامٌ عَلى الأَحبابِ تَفتقُهُ الصبا
سَلامٌ عَلى الأَحبابِ تَفتقُهُ الصبا / كَما فَتَقَ المِسك الزَكيّ التَنَفُّسِ
سقوا الغَيثَ حَتّى يورِقَ العَيشُ عِندَهُم / وَيَختال في حَليٍ وَأَثواب سُندُسِ
سَواء عَليّ اللَيل وَالصُبح بَعدَهُم / وَلَو بِتُّ فيهِم لَاِنجَلى كُلُّ حندسِ
سَناهُم سِراجي وَالخُدود شَقائِقي / وَتِلكَ العُيونُ البابِلِيّاتُ نَرجسي
سَأَلتُ وَميضَ البَرقِ حَملَ رِسالَتي / إِلى ذي دَلالٍ مُطمعٍ لي موئِسِ
سَرى موهناً يَحدو دُموعي إِلى الحِمى / وَيَحكي لِعَيني ثَغرَ أَشنَبَ أَلعسِ
سَمَوت بِطَرفي نَحوَ إِبريزِ خَدِّهِ / لأَغنى فَقالَ اِرجِع غَنيّاً كَمُفلِسِ
سَعيداً شَقِيّاً بَينَ نارٍ وَجَنَّةٍ / مِنَ الصَبرَ عرياناً مِنَ السُقمِ مُلبسُ
سَباني بِمَخطوطٍ مِنَ المِسكِ أسودٍ / عَلى صَحنِ مَسبوكٍ مِنَ التبرِ أَملَسِ
سُوَيداءُ قَلبي لِلأَحِبَّةِ مَنزِل / وَذِكرُهُم في ظُلم اللَيلِ مُؤنِسي
شِفارُ الهَوى قَصَّت جَناحي فَلَم أَطِر
شِفارُ الهَوى قَصَّت جَناحي فَلَم أَطِر / وَقَد يَطمَعُ المَقصوصُ أَن يَتَرَيَّشا
شَقَقتُ جُيوبَ الدَمعِ في الربعِ إِذ عفا / وَنادَيتُ ربعَ الأُنسِ ما لك موحِشا
شَهِدنا لَقَد أَرواكَ غَيثُ عُيونِنا / وَأَمّا الَّذي اِستَمطَرت مِنهُ فَأَعطَشا
شَرِبناهُ فاِزدَدنا هُياماً وَغلَّةً / وَهَل يُطفئُ العينان ما شَبَّ في الحَشا
شَفى اللَهُ أَكبادَ المُحِبّينَ مِن جَوى / وَكَفَّ لِسانَ الدَمعِ عَنهُم فَكَم وَشى
شَقوا بِالهَوى العذرِيِّ لَو سَعِدوا بِهِ / وَماتوا وَلَو داواهُم الوَصل عَيَّشا
شُغِفتُ بِمَن يحكي الغَزالَ إِذا رَنا / وَيَحكي قَضيبَ الخَيزران إِذا مَشى
شُوَيدنُ أُنسٍ صادَ قَلبي بِلَحظِهِ / وَطاووسُ حُسنٍ في فُؤادي عَشَّشا
شَرَعتُ بِقَلبي الصَبرَ عَن حرِّ وَجهِهِ / فَما هُوَ إِلّا أَن أَراهُ فَأدهَشا
شَديد القُوى وَالصَبر كُنتُ فَهَدَّني / كَفى حزناً أَن يَصرَعَ الأَسد الرَشا
صَدَقتَ وَقَد أَودى الهَوى بِحشاشَتي
صَدَقتَ وَقَد أَودى الهَوى بِحشاشَتي / عَشيَّة زُمَّت لِلرَّحيلِ قِلاصُ
صَدَدتَ عَنِ الماءِ الَّذي كُنتُ وارِداً / وَأَقوت رُسوم لِلصّبا وَعراصُ
صممتُ عَنِ الحادي عُميتُ مِنَ البُكا / ذَملتُ لِبَينٍ لَيسَ عَنهُ مناصُ
صُروفُ اللَيالي فَوَّقت لي سِهامها / فَما لي مِنَ الصَبرِ الجَميلِ دلاصُ
صَرَفنا حِبالَ الوَصلِ عَن شَمسِ كُلَّة / عَلَيها مِنَ اللَيلِ البَهيمِ عِقاصُ
صَبَوتُ إِلَيها فَاِشتَرَتني بِلَحظِها / رَخيصاً كَذاكَ العاشِقونَ رِخاصُ
صَفا وُدَّها لَو لَم يَحُل دونَ وَصلها / وشاةٌ وَحُرّاسٌ عَليَّ حِراصُ
صَبَرتُ وَكِلتا مُقلَتَيَّ سَخينَةٌ / لِإِنسانِها بَحرُ الدُموعِ مَغاصُ
صَحا كُلُّ قَلبٍ فَاِستَراحَ مِنَ الهَوى / وَلَيسَ لِقَلبي مِن هَواكَ خَلاصُ
صِلُوا فى الهَوى يَقتَصُّ مِنكُم جَريحكُم / فَقَد قالَ رَبّي وَالجُروحُ قصاصُ
ضَنىً كانَ أَبداهُ الهَوى فَأَعادَهُ
ضَنىً كانَ أَبداهُ الهَوى فَأَعادَهُ / سَوادٌ بَدا في حمرَةٍ وَبَياضِ
ضَواحِكُ أَزهارٍ وَأَعيُنُ نَرجِسٍ / أَشارَت بِأَلحاظٍ إِلَيَّ مِراضِ
ضحى وَرد خَدَّيهِ يَعودُ بَنَفسجا / إِذا ما اِجتَناهُ عاشِقٌ بِعضاضِ
ضَعِ السَيفَ وَاِقتُل مُهجَتي بِمَحاجِرٍ / مراضٍ وَإِن تَختَر فَغَير مِراضِ
ضَرَبتَ بِها في كُلِّ قَلبٍ أَسَرتَهُ / فَكَم مِن قَتيلٍ وَهوَ لَيثُ غِياضِ
ضَلالَةُ قَلبي وَهوَ عِندي هِدايَةٌ / تَنَزّهُ طَرفي وَالمِلاحُ رِياضي
ضَمِنتُ بِأَنّي لَستُ أَسلو عَنِ الهَوى / وَحَكَّمتُهُ فَليَقضِ ما هُوَ قاضِ
ضننتُ بِسُلواني وَجُدتُ بِمُهجَتي / فَهَل أَنتَ عَن فِعلِ المُتَيَّمِ راضِ
ضُلوعي عَلى نارٍ مِنَ الوَجدِ تَنحَني / وَلكِنَّني جَلدُ القُوى مُتَغاضِ
ضَغائِنُ في هذا الزَمانِ عَلى الفَتى / فَمُستَقبلٌ مِن خَطبِهِنَّ وَماضِ
طِباعي أَبَت إِلّا التَذَلُّلَ في الهَوى
طِباعي أَبَت إِلّا التَذَلُّلَ في الهَوى / وَلا زالَ خَدّي لِلحَبيبِ بِساطا
طَريفُ الهَوى بَينَ الحَشا وَتَليدُهُ / طَوَيتُهُما طَيَّ التِجارِ رِياطا
طَعِمتُ الهَوى في لَحظَةٍ وَشَرِبتُهُ / فَلَم أَستَطِع نَحوَ السُلُوِّ نَشاطا
طَلَبتُ فكاكاً مِن يَدَيك فَلَم أطِق / وَمَن يَهدِني إِلّا إِلَيكَ صِراطا
طَمِعتُ بِأَن أَسلو الهَوى فَغَلَبتني / وَقَد ضَرَبَتني مُقلَتاكَ سِياطا
طَوَيتُ بُطونَ العَينِ نَحوَكَ حُجَّةً / وَأَوجَفتُ خَيلي في هَواكَ رِباطا
طَعَنتُ فُؤادي مِن بَعيد وَهكَذا / قَنا اللَحظ يَبلُغنَ النُجومَ شِطاطا
طَرِبنا وَمِن أَلحاظِ عَينَيكَ سكرنا / فَأَيَّةُ خَمرٍ مِنهُما نَتَعاطى
طِوالَ اللَيالي فيكَ أَرعى نُجومها / إِذا غَشي النَومُ الجُفونَ فَخاطا
طَمى بحرُ شَوقي وَاِلتَظى جاحِمُ الهَوى / فَهذا بِقَلبي ثُمَّ ذاكَ أَحاطا
ظَفرتُ بِقُربٍ مِنك حَتّى إِذا صَفَت
ظَفرتُ بِقُربٍ مِنك حَتّى إِذا صَفَت / حَياتي وَأَدنَتني إِلَيك حُظوظُ
ظَعنتُ وَقَلبي في يَدَيك وَديعَة / فَهَل أَنت لِلمُستَودَعاتِ حَفوظُ
ظَلَمت فُؤادي كَيفَ أَصبَحتُ دونَهُ / وَأَنت فُؤادي إِنّ ذا لِيَغيظُ
ظَمِئتُ وَما يَشفي لي الماءُ غلَّةً / وأشوى كَأَنّي لِلزَّفيرِ أَقيظُ
ظِلالُ الهَوى عادَت حَروراً فَظَلتُ في / سُموم اِشتِياقٍ كِدتُ مِنهُ أَفيظُ
ظَنَنتُ بِأَنَّ الدَهرَ يَبقى مُسالِماً / وَهَيهاتَ حَربُ النائِباتِ كَظوظُ
ظُباتُ الهَوى وَالهَجر وَالعَذل وَالنَوى / وَواشٍ وَغَيران عَلَيَّ حَفيظُ
ظَلامٌ عَلى صُبح وَغُصنٌ عَلى نَقاً / هُنالِكَ يَختالُ الهَوى وَيَجوظُ
ظِرافٌ لَعَمري العاشِقونَ وَإِنَّما / يَلومُهُمُ قاسي الفُؤادِ غَليظُ
ظَهَرتُ عَلى الحُسّادِ في الفَضلِ إِنَّني / صَميمٌ وَكُلُّ الحاسِدينَ وَشيظُ
عَجِبتُ مِنَ الأَيّامِ كَيفَ تَقَلَّبَت
عَجِبتُ مِنَ الأَيّامِ كَيفَ تَقَلَّبَت / بِنا فَتَفَرَّقنا كَأَن لَم نُجَمَّعِ
عَباديدُ شَتّى مِثلَ ما نَثَرَ الأَسى / فَرائِد مِن دَمعِ الفُؤادِ المُفَجَّعِ
عِدوني فَإِن لَم تُنجِزوا رُبَّ مَوعِدٍ / شَفا غُلَّتي مِنكُم وَإِن خابَ مَطمَعي
عَلى الدَهرُ أَيمان بأن لا يُرى لَنا / شَتاتٌ وَأبعادٌ لِجَمع مُلَمَّعِ
عَسى الطَيف أَن يَزدارَني فَأَبثّهُ / سَرائِرَ شَوقٍ لِلحَبيبِ المُوَدّعِ
عَهِدتُ الهَوى حُلواً فَلَمّا شَرِبتُهُ / تَجَرَّعتُ مِنهُ غُصَّة المُتجَرِّعِ
عَشِيّات أَيّام الحِمى جادَكَ الحَيا / لَقَد كُنت ريحانَ المُحِبّينَ فَاِرجِعي
عَذارُك مِسكٌ أَذفرٌ في أُنوفنا / فَشَوقاً إِلى مَشمومك المُتَضَوِّعِ
عَميدُ الهَوى يُشفى بِهِ من سقامه / فَأهدِ إِلَينا نَشرهُ نَتَمَتَّعِ
عَفا اللَهُ عَن ذا الدَهر إِن رَدَّ شَملنا / وَشَعَّبَ مِنّا كُلَّ قَلبٍ مُصَدَّعِ
غَرِقتُ وَلا ماء سِوى فَيض أَدمُعي
غَرِقتُ وَلا ماء سِوى فَيض أَدمُعي / جَرَت وَالأَسى في باطِنِ الصَبرِ دامِغُ
غَداةَ أَجابَت عيسُنا داعي النَوى / وَوَدَّعَني بَدرٌ مِنَ السجفِ بازِغُ
غَضَضتُ جُفوني عَن سَناهُ مَهابَةً / وَفي القَلبِ شَيطانٌ مِنَ الحُبِّ نازِغُ
غَزالٌ تَحَلّى بِالبَهاءِ وَبِالسَّنا / وَناهيكَ مِن حليٍ لَهُ اللَهُ صائِغُ
غَريرٌ شَمَمتُ المِسكَ مِن فيهِ سحرَةً / فَقُلتُ لَهُ هَل أَنتَ لِلمِسكِ ماضِغُ
غَيورٌ أَبوهُ كَيفَ لي بِلِقائِهِ / وَمِن حَولِهِ سُمرُ القَنا وَالسَوابِغُ
غَوى القَلبُ فيهِ وَهوَ لَولاهُ راشِدٌ / وَمَلآن مِنهُ وَهوَ لَولاهُ فارِغُ
غَلَبتُ عَدُوّي حُجَّةً بِجُفونِهِ / وَهَل حُجَجُ العُشّاقُ إِلّا بَوالِغُ
غريتُ أَنا وَالعاشِقونَ بِحُبِّهِ / وَفي مِثلِهِ عُذرُ المُحِبّينَ سائِغُ
غَزَتني عُيونٌ أَيَّدَتها عَلى دَمي / عَقارِبُ مِسكٍ لِلقُلوبِ لَوادِغُ
فَنيتُ هَوىً إِلّا حُشاشَة مُهجَتي
فَنيتُ هَوىً إِلّا حُشاشَة مُهجَتي / أَجولُ بِها في مَربَعٍ وَمَصيفِ
فَريدٌ مِنَ الأَحبابِ أَبكي طُلولهم / وَأكثرُ فيها لَو شُفيتُ وُقوفي
فَوا أَسَفا ما لِلمَغاني كَأَنَّها / سُطورٌ مَحاها الدَهرُ غَيرُ حروفِ
فَقَدتُ شُموساً كُنتُ أَجلو بِها الدُجى / إِلى أَن أَصابَتها النَوى بِكُسوفِ
فِراقٌ نَعِمنا بِالتَواصُل قَبلَهُ / وَلكِنَّها الأَيّامُ ذاتُ صُروفِ
فتنتُ بِمَهضومِ الحَشا ناعِم الصَبا / لَهُ لَحظ سحّارٍ وَمَشي نَزيفِ
فُتورٌ بِعَينَيهِ عَلَيَّ أَعانَهُ / فَيا مَن رَأى مُستَنصراً بِضَعيفِ
فِداءٌ لَهُ نَفسي عَلى السخطِ وَالرِضا / وَطوبى لِنَفسي إِن بُليتُ وَعوفي
فُرات الحِمى من لي بِتَبريدِكَ الحَشا / وَدونَكَ سورٌ مِن قَنا وَسُيوفِ
فُؤاد الصَدى حَرّان حَتّى تَبُلَّهُ / بِوَصلِكَ وَالغيران غَير رَؤوفِ