المجموع : 123
أَلاَ عاطِنِيها بِنْتَ كَرْمٍ تَزَوَّجَتْ
أَلاَ عاطِنِيها بِنْتَ كَرْمٍ تَزَوَّجَتْ / عَلَى نَغَماتِ الْعُودِ بِابْنِ سَمَاءِ
أَتَتْ حِقَبٌ مِنْ دُونِها فَتَهدَّمَتْ / سِوَى رَدْعِ لَوْنٍ أَوْ رَفِيفِ ذَمَاءِ
إِذا اتَّقَدَتْ في الْكَأْسِ خِلْتَ وَمِيضَهَا / عَلَى وَتَراتِ الْكَفِّ نَضْحَ دِمَاءِ
فَهَاتِ وَخُذْ وَاشْرَبْ وَدُرْ وَاسْقِ وَارْتَجِعْ / إِلَى الدَّوْرِ مِنْ بَدْءٍ عَلَى النُّدَمَاءِ
وَدَعْنِي مِنْ ذِكْرِ الْوَقَارِ فَإِنَّنِي / عَلَى سَرَفٍ مِنْ بِغْضَةِ الحُلَمَاءِ
فَمَا الْعَيْشُ إِلَّا ساعَةٌ سَوْفَ تَنْقَضِي / وَذَا الدَّهْرُ فينَا مُولَعٌ بِرِماءِ
وَلا تَحْسَبَنَّ المَرءَ يَبْقَى مُخَلَّداً / فَمَا النَّقْصُ إِلَّا بَعدَ كُلِّ نَماءِ
أَبِي آدَمٌ باعَ الْجِنَانَ بِحَبَّةٍ / وَبِعْتُ أَنَا الدُّنْيَا بِجَرْعَةِ ماءِ
أَلا بِأَبِي مَنْ كَانَ نُوراً مُجَسَّداً
أَلا بِأَبِي مَنْ كَانَ نُوراً مُجَسَّداً / يَفِيضُ عَلَينَا بِالنَّعِيمِ رَواؤُهُ
ثَوَى بُرْهَةً في الأَرْضِ حَتى إِذا قَضَى / لُبانَتَهُ مِنْهَا دَعَتْهُ سَمَاؤُهُ
وَما كانَ إِلَّا كَوْكَباً حَلَّ بِالثَّرَى / لِوَقْتٍ فَلَمَّا تَمَّ شالَ ضِيَاؤُهُ
نَضَا عَنْهُ أَثْوَابَ الْفَنَاءِ وَرَفْرَفَتْ / إِلَى الْفَلَكِ الأَعْلَى بِهِ مُضوَاؤُهُ
فَأَصْبَحَ في لُجٍّ مِنَ النُّورِ سَابِحاً / سَوَاحِلُهُ مَجْهُولَةٌ وَفَضاؤُهُ
تَجَرَّدَ مِنْ غِمْدِ الْحَوادِثِ ناصِعاً / وَمَا السَّيْفُ إِلاَّ أَثْرُهُ ومَضاؤُهُ
فإِنْ يَكُ وَلَّى فَهُوَ باقٍ بِأُفْقِهِ / كَنَجْمٍ يَشُوقُ النّاظِرِينَ بَهَاؤُهُ
وَلَوْلا اعْتِقَادِي أَنَّهُ في حَظِيرَةٍ / مِنَ الْقُدْسِ لاسْتَوْلَى على الْجَفْنِ ماؤُهُ
عَليكَ سَلامٌ مِنْ فُؤادٍ نَزَا بِهِ / إِلَيكَ نِزاعٌ أَعْجَزَ الطِّبَّ داؤُهُ
سِوَايَ بِتَحْنَانِ الأَغَارِيدِ يَطْرَبُ
سِوَايَ بِتَحْنَانِ الأَغَارِيدِ يَطْرَبُ / وَغَيْرِيَ بِاللَّذَّاتِ يَلْهُو وَيُعْجَبُ
وَما أَنَا مِمَّنْ تَأْسِرُ الْخَمْرُ لُبَّهُ / وَيَمْلِكُ سَمْعَيْهِ الْيَرَاعُ الْمُثَقَّبُ
وَلَكِنْ أَخُو هَمٍّ إِذا ما تَرَجَّحَتْ / بِهِ سَوْرَةٌ نحَوْ َالْعُلاَ رَاحَ يَدْأَبُ
نَفَى النَّوْمَ عَنْ عَيْنَيْه نَفْسٌ أَبِيَّةٌ / لَها بينَ أَطْرافِ الأَسِنَّة مَطْلَبُ
بَعِيدُ مَناطِ الْهَمِّ فَالغَرْبُ مَشْرِقٌ / إِذَا مَا رَمَى عَيْنَيْهِ والشَّرْقُ مَغْرِبُ
لَهُ غُدُواتٌ يَتْبَعُ الْوَحْشُ ظِلَّها / وَتَغْدُو عَلى آثارِها الطَّيْرُ تَنْعَبُ
هَمَامَةُ نَفْسٍ أَصْغَرَتْ كُلَّ مَأْرَبٍ / فَكَلَّفَتِ الأَيَّامَ ما لَيْسَ يُوهَبُ
وَمَنْ تَكُنِ العَلْياءُ هِمَّةَ نَفْسِهِ / فَكُلُّ الَّذِي يَلْقَاهُ فيها مُحَبَّبُ
إِذا أَنا لَم أُعْطِ الْمَكارِمَ حَقَّها / فَلا عَزَّنِي خالٌ وَلا ضَمَّنِي أَبُ
وَلا حَمَلَتْ دِرْعِي كُمَيْتٌ طِمِرَّةٌ / وَلا دارَ في كَفِّي سِنانٌ مُذَرَّبُ
خُلِقْتُ عَيُوفاً لا أَرَى لابْنِ حُرَّةٍ / لَدَيَّ يَداً أُغْضِي لَها حِينَ يَغْضَبُ
فَلَسْتُ لأَمْرٍ لَمْ يَكُنْ مُتَوَقّعَاً / وَلَسْتُ عَلى شَيءٍ مَضَى أَتَعَتَّبُ
أَسِيرُ عَلَى نَهْجٍ يَرَى النَّاسُ غَيْرَهُ / لِكُلِّ امْرِئٍ في ما يُحاوِلُ مَذْهَبُ
وَإِنِّي إِذا ما الشَكُّ أَظْلَمَ لَيْلُهُ / وَأَمْسَتْ بِهِ الأَحْلامُ حَيْرَى تَشَعَّبُ
صَدَعْتُ حِفافَيْ طُرَّتَيْهِ بِكَوكَبٍ / مِنَ الرَّأْي لا يَخْفَى عَلَيْهِ الْمُغيَّبُ
وَبَحْرٍ مِنَ الْهَيجَاءِ خُضْتُ عُبابَهُ / وَلا عاصِمٌ إِلَّا الصَّفِيحُ المُشَطَّبُ
تَظَلُّ بِهِ حُمْرُ المَنَايا وَسُودُها / حَواسِرَ في أَلْوَانِهَا تَتَقَلَّبُ
تَوَسَّطْتُهُ وَالْخَيْلُ بِالْخَيْلِ تَلْتَقِي / وَبِيضُ الظُّبَا في الْهَامِ تَبْدُو وَتَغْرُبُ
فَما زِلْتُ حتَّى بَيَّنَ الْكَرُّ مَوْقِفِي / لَدَى ساعَةٍ فيها الْعُقُولُ تَغَيَّبُ
لَدُنْ غُدْوَةٍ حَتَّى أَتَى الليلُ وَالْتَقَى / عَلَى غَيْهَبٍ مِنْ ساطِعِ النَّقْعِ غَيْهَبُ
كَذَلِكَ دَأْبِي في الْمِراسِ وَإِنَّنِي / لأَمْرَحُ في غَيِّ التَّصابِي وأَلْعَبُ
وفِتْيَان لَهْوٍ قَدْ دَعَوْتُ ولِلْكَرَى / خِباءٌ بِأَهْدَابِ الْجُفُونِ مُطَنَّبُ
إِلَى مَرْبَعٍ يَجْرِي النَّسِيمُ خِلالَهُ / بِنَشْرِ الْخُزَامَى والنَّدَى يَتَصَبَّبُ
فَلَمْ يَمْضِ أَنْ جاءُوا مُلَبِّينَ دَعْوَتِي / سِراعاً كَما وَافَى عَلَى الْماءِ رَبْرَبُ
بِخَيْلٍ كَآرَامِ الصَّرِيمِ وَرَاءَها / ضَوارِي سَلُوقٍ عاطِلٌ وَمُلَبَّبُ
مِنَ اللاءِ لا يَأْكُلْنَ زاداً سِوَى الَّذِي / يُضَرِّسْنَهُ وَالصَّيْدُ أَشْهَى وَأَعْذَبُ
تَرَى كُلَّ مُحْمَرِّ الْحَمالِيقِ فاغِرٍ / إِلَى الْوَحْشِ لا يَأْلُو وَلا يَتَنَصَّبُ
يَكَادُ يَفُوتُ الْبَرقَ شَدَّاً إِذَا انْبَرَتْ / لَهُ بِنْتُ ماءٍ أَوْ تَعَرَّضَ ثَعْلَبُ
فَمِلْنا إِلَى وادٍ كَأَنَّ تِلاعَهُ / مِنَ الْعَصْبِ مَوْشِيُّ الْحَبائِكِ مُذْهَبُ
تُرَاحُ بِهِ الآمَالُ بَعْدَ كَلالِها / وَيَصْبُو إِلَيْهِ ذُو الْحِجَا وَهْوَ أَشْيَبُ
فَبَيْنَا نَرُودُ الأَرْضَ بِالْعَيْنِ إِذْ رَأَى / رَبِيئَتُنَا سِرْباً فَقَالَ أَلا ارْكَبُوا
فَقُمْنَا إِلَى خَيْلٍ كَأَنَّ مُتُونَها / مِنَ الضُّمْرِ خُوطُ الضَّيْمَرَانِ الْمُشَذَّبُ
فَلَمَّا انْتَهَيْنا حَيْثُ أَخْبَرَ أُطْلِقَتْ / بُزَاةٌ وَجَالَتْ في المَقَاوِدِ أَكْلُبُ
فَما كَانَ إِلَّا لَفْتَةُ ُالْجِيدِ أَنْ غَلَتْ / قُدُورٌ وَفارَ اللَّحْمُ وَانْفَضَّ مَأْرَبُ
وَقُلْنَا لِساقِينَا أَدِرْها فَإِنَّما / قُصَارَى بَنِي الأَيّامِ أَنْ يَتَشَعَّبُوا
فَقامَ إِلَى رَاقُودِ خَمْرٍ كَأَنَّهُ / إِذَا اسْتَقْبَلَتْهُ الْعَيْنُ أَسْوَدُ مُغْضَبُ
يَمُجُّ سُلافاً في إناءٍ كَأَنَّهُ / إِذَا ما اسْتَقَلَّتْهُ الأَنَامِلُ كَوْكَبُ
فَلَمْ نَأْلُ أَنْ دَارَتْ بِنَا الأَرْضُ دَوْرَةً / وَحَتَّى رَأَيْنَا الأُفْقَ يَنْأَى وَيَقْرُبُ
إِلَى أَنْ تَوَلَّى الْيَومُ إِلَّا أَقَلَّهُ / وَقَدْ كادَتِ الشَّمْسُ الْمُنِيرَةُ تَغْرُبُ
فَرُحْنَا نَجُرُّ الذَّيْلَ تِيهاً لِمنزلٍ / بِهِ لأَخِ اللَّذَّاتِ واللَّهْو مَلْعَبُ
مَسارِحُ سِكِّيرٍ وَمَرْبِضُ فاتِكٍ / وَمُخْدَعُ أَكْوابٍ بِهِ الخَمْرُ تُسْكَبُ
فَلَمَّا رآنا صاحبُ الدّارِ أَشْرَقَتْ / أَسارِيرُهُ زَهْواً وَجاءَ يُرَحِّبُ
وقَالَ انْزِلُوا يا بَارَكَ اللهُ فيكُمُ / فَعِنْدِي لَكُمْ ما تَشْتَهُونَ وَأَطْيَبُ
وَرَاحَ إِلَى دَنٍّ تَكَامَلَ سِنُّهُ / وَشَيَّبَ فَوْدَيْهِ مِنَ الدَّهْرِ أَحْقُبُ
فَما زالَ حتَّى اسْتَلَّ مِنْهُ سَبِيكَةً / مِنَ الخمرِ تَطْفُو في الإِنَاءِ وتَرْسُبُ
يَحُومُ علَيهَا الطَّيْرُ مِنْ كُلِّ جانِبٍ / وَيَسْرِي عَلَيْهَا الطّارِقُ الْمُتَأَوِّبُ
فَيا حُسْنَ ذاكَ اليومِ لَوْ كانَ باقياً / ويا طِيبَ هَذا الليلِ لَوْ دامَ طَيِّبُ
يَوَدُّ الْفَتَى ما لا يَكُونُ طَمَاعَةً / وَلَمْ يَدْرِ أَنَّ الدَّهْرَ بِالنَّاسِ قُلَّبُ
وَلَوْ عَلِمَ الإنْسَانُ ما فِيهِ نَفْعُهُ / لأَبْصَرَ ما يَأْتِي وَمَا يَتَجَنَّبُ
وَلَكِنَّها الأَقْدَارُ تَجْرِي بِحُكْمِها / عَلَيْنَا وَأَمْرُ الْغَيْبِ سِرٌّ مُحَجَّبُ
نَظُنُّ بِأَنَّا قادِرُونَ وَأَنَّنا / نُقادُ كَمَا قِيدَ الْجَنِيبُ وَنُصْحَبُ
فَرَحْمَةُ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَلَى امْرِئٍ / أَصَابَ هُداهُ أَو دَرَى كَيْفَ يَذْهَبُ
سَلُوا عَنْ فُوادِي قَبْلَ شَدِّ الرَّكائِبِ
سَلُوا عَنْ فُوادِي قَبْلَ شَدِّ الرَّكائِبِ / فَقَدْ ضَاعَ مِنِّي بَيْنَ تِلْكَ الْمَلاعِبِ
أَغارَتْ عَلَيْهِ فاحْتَوَتْهُ بِلَحْظِها / فَتاةٌ لَهَا في السِّلْمِ فَتْكُ الْمُحَارِبِ
فَلا تَبْرَحُوا أَوْ تَسْأَلُوهَا فَرُبَّمَا / أَعَادَتْهُ أَوْ جاءَتْ بِوَعْدٍ مُقَارِبِ
وَكَيْفَ تُواريهِ وَهَذا أَنِينُهُ / يَدُلُّ عَلَيهِ السَّمْعُ مِنْ كُلِّ جانِبِ
فَيَا سَرَوَاتِ الْحَيِّ هَلاَّ أَجَبْتُمُ / دُعاءَ فَتىً مِنْكُمْ قَرِيبِ الْمَنَاسِبِ
إِذا لَمْ تُعِينُوني وَأَنْتُمْ عَشِيرَتِي / فَسِيرُوا وخَلُّوني فَلَسْتُ بِذَاهِبِ
أَيَذْهَبُ قَلْبِي غيلَةً ثُمَّ لا أَرَى / لَهُ بَيْنَكُمْ مِنْ ثائِرٍ أَوْ مُطالِبِ
إِذا الْمَرءُ لَمْ يَنْصُرْ أَخَاهُ بِنَفْسِهِ / لَدَى كُلِّ مَكْرُوهٍ فَلَيْسَ بِصاحِبِ
فَلا تَعْذُلُونِي إِنْ تَخَلَّفْتُ بَعْدَكُمْ / فَما أَنَا عَنْ مَثْوَى الفُؤَادِ بِراغِبِ
فَثَمَّ جَنَابٌ لا يُراعُ نَزِيلُهُ / بِنَائِرَةٍ لَوْلا عُيُونُ الْكَوَاعِبِ
إِذَا سَارَ فِيهِ الطَّرْفُ قِيدَ بَنانَةٍ / تَعَثَّرَ مَا بَيْنَ الْقَنا وَالْقَوَاضِبِ
وَبَيْنَ الْعَوالِي فِي الْخُدُورِ نَوَاشِئٌ / مِنَ الْعَينِ حُمْرُ الْحَلْي بِيضُ التَّرائِبِ
إِذَا هُنَّ رَفَّعْنَ السُّجُوفَ أَرَيْنَنَا / مَحَاسِنَ تَدْعُو لِلصِّبا كُلَّ راهِبِ
جَلَوْنَ بِحُلْوانَ الْوُجُوهَ كَوَاكِباً / فَيا مَنْ رَأَى فِي الأَرْضِ سَيْرَ الْكَواكِبِ
وَفَوَّقْنَ أَلحَاظاً فَأَصْمَيْنَ أَنْفُساً / بِلا تِرَةٍ إِلَّا مَجَانَةَ لاعِبِ
فَكَمْ مِنْ صَرِيعٍ فِي حَبائِلِ مُقْلَةٍ / وَكَمْ مِنْ أَسِيرٍ فِي قُيُودِ ذَوائِبِ
لَعَمْرُكَ ما فِي الأَرضِ وَهْيَ رَحِيبَةٌ / كَغِزْلانِ هَذَا الْحَيِّ عُذْرٌ لِنَاسِبِ
فَلا تَطْلُبَنَّ الْحُسْنَ في غَيْرِ أَهْلِهِ / فَأَبْدَعُ ما فِي الأَرْضِ حُسْنُ الأَعارِبِ
فَهُنَّ الأُلَى عَوَّدْنَ قَلْبِي عَلَى الْهَوَى / وَأَخْلَفْنَ ظَنِّي بِالْعِدَاتِ الْكَوَاذِبِ
وَتَيَّمْنَني حَتَّى إِذا ما تَرَكْنَنِي / أَخَا سَقَمٍ أَسْلَمْنَنِي لِلنَّوائِبِ
وَمَا كُنْتُ لَوْلاهُنَّ أَسْتَقْبِلُ الصَّبَا / وَأَسْأَلُ عَنْ أَهْلِ الْحِمَى كُلَّ راكِبِ
وَمَا زَاد ماءُ النِّيِلِ إِلَّا لأَنَّنِي / وَقَفْتُ بِهِ أَبْكِي فِرَاقَ الْحَبَائِبِ
فَيا صاحِبي هَلْ مِنْ فَكَاكٍ لِوَاقِعٍ / بِأَسْرِ الهَوَى أَوْ مِنْ نَجاةٍ لِهَائِبِ
خَضَعْتُ لأَحْكَامِ الهَوَى بَعْدَ عِزَّةٍ / وَمَا كُنْتُ لَوْلا الْحُبُّ طَوْعَ الْجَواذِبِ
وَإِنَّا أُنَاسٌ لا تَهَابُ نُفُوسُنَا / لِقَاءَ الأَعَادِي أَوْ قِرَاعَ الْكَتَائِبِ
نَرُدُّ عَلَى الأَعْقَابِ كُلَّ سَرِيَّةٍ / وَنَعْجَزُ عَنْ نبْلِ الْعُيُونِ الْصَّوَائِبِ
فَلَوْ كَانَ هَذا الْحُبُّ شَخْصَاً مُحارِباً / لأَوْجَرْتُهُ فَوْهَاءَ رَيَّا الْجَوانِبِ
وَلَكِنَّهُ الْخَصْمُ الَّذِي خَضَعَتْ لَهُ / رِقابُ أُنَاسٍ أَخْضَعُوا كُلَّ غَالِبِ
فَلا يَحْسَبَنَّ النَّاسُ قَوْلِي فُكَاهَةً / فَإِنَّ الهَوَى بَحْرٌ كَثِيرُ الْعَجَائِبِ
إِذا الْمَرْءُ لَمْ يَفْرِ الأُمُورَ بِعِلْمِهِ / تَحَيَّرَ ما بَيْنَ اخْتِلافِ الْمَذَاهِبِ
وَلَمَّا تَدَاعَى الْقَوْمُ واشْتَبَكَ الْقَنَا
وَلَمَّا تَدَاعَى الْقَوْمُ واشْتَبَكَ الْقَنَا / ودَارَتْ كَمَا تَهْوَى عَلَى قُطْبِها الْحَرْبُ
وَزُيِّنَ لِلنَّاسِ الْفِرارُ مِنَ الرَّدَى / وَمَاجَتْ صُدُورُ الْخَيْلِ والْتَهَبَ الضَّرْبُ
ودَارَتْ بِنَا الأَرْضُ الْفَضَاءُ كَأَنَّنا / سُقِينَا بِكَأْسٍ لا يُفِيقُ لَهَا شَرْبُ
صَبَرْتُ لَها حَتَّى تَجَلَّتْ سَماؤُها / وإِنِّي صَبُورٌ إِنْ أَلَمَّ بِيَ الْخَطْبُ
وَلَيْلَةِ أُنْسٍ قَصَّرَ اللَّهْوُ طُولَها
وَلَيْلَةِ أُنْسٍ قَصَّرَ اللَّهْوُ طُولَها / بِعَذْرَاءَ شَابَتْ وَهْيَ دُونَ حِجَابِ
صَدَعْنَا بِهَا الظَّلْمَاءَ حَتَّى تَبَلَّجَتْ / ضَبَابَتُهَا مِنْ ضَوْئِهَا بِشِهَابِ
مُعَتَّقَةٍ كَانَتْ ذَخِيرَةَ مَعْشَرٍ / لأَبْنَائِهِمْ فِي جَوْفِ أَقْتَمَ كَابِي
أَتَتْ دُونَها الأَيَّامُ حَتَّى تَخَلَّصَتْ / فَلَمْ يَبْقَ مِنها الْيَومَ غَيْرُ لُبَابِ
إِذَا اتَّقَدَتْ في الْكَأْسِ خِلْتَ مُدِيرَها / تَخَضَّبَ مِنْهَا كَفُّهُ بِخِضَابِ
كَأَنَّ سَنَا الْكاساتِ والنَّدُّ سَاطِعٌ / نُجُومٌ تَراءَتْ مِنْ خِلالِ ضَبابِ
فَيَا حُسْنَها مِنْ لَيْلَةٍ غَيْرَ أَنَّها / تَوَلَّتْ ولَمْ نَشْعُرْ لَها بِذَهابِ
وَقَدْ لاحَ بِالظَّلْماءِ فَجْرٌ كَأَنَّهُ / بَياضُ مَشِيبٍ فِي سَوَادِ شَبابِ
أَفَتَّانَةَ الْعَينَيْنِ كُفِّي عَنِ الْقَلْبِ
أَفَتَّانَةَ الْعَينَيْنِ كُفِّي عَنِ الْقَلْبِ / وَصُونِي حِمَاهُ فَهُوَ مَنْزِلَةُ الْحُبِّ
ولا تُسْلِمِي عَيْنَيَّ للسُّهْدِ والْبُكَا / فَإِنَّهُمَا مَجْرَى هَواكِ إِلَى قَلْبِي
وَإِنِّي لَراضٍ مِنْ هَواكِ بِنَظْرَةٍ / وَحَسْبِي بِها إِنْ أَنْتِ لم تَبْخَلِي حَسْبي
إِذا كانَ ذَنْبِي أَنَّ قَلْبِي مُعَلَّقٌ / بِحُبِّكِ يا لَيْلَى فَلا تَغْفِرِي ذَنْبِي
أَلا يا لَقَوْمِي مِنْ غَزالٍ مُرَبَّبٍ
أَلا يا لَقَوْمِي مِنْ غَزالٍ مُرَبَّبٍ / يَجُولُ وِشاحاهُ عَلَى فَنَنٍ رَطْبِ
تَعَرَّضَ لِي يَوْماً فَصَوَّرْتُ حُسْنَهُ / بِبَلُّورَتَيْ عَيْنَيَّ في صَفْحَةِ القَلْبِ
سَعَيْتُ فَأَدْرَكْتُ الْمُنَى غَيْرَ أَنَّنِي
سَعَيْتُ فَأَدْرَكْتُ الْمُنَى غَيْرَ أَنَّنِي / أَضَعْتُ شَبَابِي في سَبِيلِ طِلابِي
فَمَا تَنْفَعُ الدُّنْيَا وَإِنْ نِلْتُ كُلَّ مَا / تَمَنَّيْتُ مِنْهَا بَعْدَ فَقْدِ شَبابِي
تَحَمَّلْ إِلَى نَادِي الْحَبِيبِ رِسَالَةً
تَحَمَّلْ إِلَى نَادِي الْحَبِيبِ رِسَالَةً / أَرَقَّ عَلَى الْمَخْمُورِ مِنْ نَفَسِ الصَّبا
وَخَبِّرْهُ عَنِّي أَنَّنِي مُنْذُ بَيْنِهِ / أُكابِدُ هَوْلاً يَتْرُكُ الطِّفْلَ أَشْيَبَا
فَإِنْ لانَ فَاشْكُرْهُ عَلَى فَضْل مَا أَتَى / مِنَ الْبِرِّ واعْذِرْهُ إِذَا صَدَّ أَوْ أَبَى
وَلا تُخْجِلَنْهُ بِالْعِتَابِ فَإِنَّنِي / أَخَافُ إِذَا مَا احْمَرَّ أَنْ يَتَلَهَّبَا
أَتَزْعُمُنِي خِلاًّ وَتَهْجُرُ ساحَتِي
أَتَزْعُمُنِي خِلاًّ وَتَهْجُرُ ساحَتِي / عَلَى غَيْرِ ذَنْبٍ إِنَّ ذَا لَعَجِيبُ
إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْمُحِبِّينَ وُصْلَةٌ / تُؤَكِّدُ عَهْداً فَالصُّدُودُ قَرِيبُ
وإِنَّ وِدادَ الْقَلْبِ ما لَمْ يَكُنْ لَهُ / دَلِيلٌ عَلَى إِخْلاصِهِ لَمُرِيبُ
تَرَفَّقْ فَإِنَّ الرِّفْقَ زَيْنٌ وَقَلَّمَا
تَرَفَّقْ فَإِنَّ الرِّفْقَ زَيْنٌ وَقَلَّمَا / يَنالُ الْفَتَى بِالْعُنْفِ ما كانَ طالِبَا
إِذَا لم يَكُنْ لِلْمَرْءِ عَقْلٌ يَرُدُّهُ / إِلَى الْحِلْمِ لَم يَبْرَحْ مَدَى الدَّهْرِ عاتِبَا
وَإِنْ هُوَ لَمْ يَصْفَحْ عَنِ الْخِلِّ إِنْ هَفَا / أَقَامَ وَحِيداً أَوْ قَضَى الْعُمْرَ غَاضِبَا
أَرَى كُلَّ حَيٍّ يَظْلِمُ الدَّهْرَ جُهْدَهُ
أَرَى كُلَّ حَيٍّ يَظْلِمُ الدَّهْرَ جُهْدَهُ / وَلَسْتُ أَرَى لِلدَّهْرِ فِي عَمَلٍ ذَنْبَا
إِذا سَاءَ صُنْعُ الْمَرْءِ سَاءَتْ حَيَاتُهُ / فَمَا لِصُرُوفِ الدَّهْرِ يُوسِعُها سَبَّا
وَذِي جَبَرُوتٍ لا يَرَى غَيْرَ نَفْسِهِ
وَذِي جَبَرُوتٍ لا يَرَى غَيْرَ نَفْسِهِ / عَظِيماً وَلا يُصْغِي إِلى قَوْل مُصْحِبِ
نَظَرْتُ إِلَيْهِ نَظْرَةً فَتَطامَنَتْ / غَوارِبُهُ وانْقادَ بَعْدَ التَّجَنُّبِ
وَمَا كُنْتُ لَوْلا أَنْ رَأَى كِبْرَ شَأْنِهِ / لأُصْدِرَهُ إِلَّا بِأَهْلٍ وَمَرْحَبِ
وَلَكِنَّنِي سَهْلٌ لِمَنْ رَامَ خُلَّتِي / وَصَعْبٌ عَلَى ذِي الْكِبْرِياءِ الْمُغَلَّبِ
وَلَوْ أَنَّهُ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ شَقَاؤُهُ / لَطَارَتْ بِهِ في الناسِ عَنْقَاءُ مُغْرِبِ
وَلَكِنَّهُ أَلْقَى إِلَيَّ زِمَامَهُ / فَسِرْتُ بِهِ سَيْرَ الذَّلُولِ الْمُهَذَّبِ
وَلَيْسَ يَسُودُ المَرْءُ إِلَّا بِحِلْمِهِ / عَلَى قَوْمِهِ وَالصَّفْحِ عَنْ كُلِّ مُذْنِبِ
كَيْفَ أَهْجُوكَ والدَّنَاءَةُ سُورٌ
كَيْفَ أَهْجُوكَ والدَّنَاءَةُ سُورٌ / مِنْ حَدِيدٍ يَقِيكَ طَعْنِي وَضَرْبِي
لَكَ عِرْضٌ أَرَقُّ نَسْجَاً مِنَ الرِّي / حِ وَأَوْهَى مِنْ طَيْلَسانِ ابْنِ حَرْبِ
أُعَزِّيكَ لا أَنِّي أَظُنُّكَ جَازِعاً
أُعَزِّيكَ لا أَنِّي أَظُنُّكَ جَازِعاً / لِخَطْبٍ وَلَكِنِّي عَمَدْتُ لِوَاجِبِ
وَكَيْفَ أُعَزِّي مَنْ فَرَى الدَّهْرَ خِبْرَةً / وَأَدْرَكَ مَا فِي طَيِّهِ مِنْ عَجَائِبِ
فَيَا صَاحِبِي مَهْلاً فَلَسْتَ بِوَاجِدٍ / سِوَى حَاضِرٍ يَبْكِي فَجِيعَةَ غَائِبِ
وَصَبْرَاً فَإِنَّ الصَّبْرَ أَكْرَمُ صاحِبٍ / لِمَنْ بَانَ عَنْ مَثْوَاهُ أَكْرَمَ صَاحِبِ
وَلا تَأْسَ مِنْ وَقْعِ الْخُطُوبِ وَإِنْ جَفَتْ / عَلَيْكَ فَإِنَّ النَّاسَ مَرْعَى النَّوائِبِ
إِذَا مَا الرَّدَى أَوْدَى بِآدَمَ قَبْلَنَا / فَهَلْ أَحَدٌ مِنْ نَسْلِهِ غَيْرُ ذَاهِبِ
فَإِنْ تَكُ قَدْ فَارَقْتَ شَهْمَاً مُهَذَّباً / فَكُلُّ ابْنِ أُنْثَى عُرْضَةٌ لِلْمَصَائِبِ
وَمَا مَاتَ مَنْ أَبْقَاكَ تَهْتِفُ بِاسْمِهِ / وَتُذْكَرُ عَنْهُ صَالِحَاتُ الْمَنَاقِبِ
لا تُعَاشِرْ ما عِشْتَ أَحْمَقَ واعْلَمْ
لا تُعَاشِرْ ما عِشْتَ أَحْمَقَ واعْلَمْ / أَنَّهُ فِي الوُجُودِ حَيُّ كَمَيْتِ
لَيْسَ بَيْنَ الْجُنونِ وَالْحُمْقِ إِلَّا / مِثْلُ مَا بَيْنَ أَدْهَمٍ وَكُمَيْتِ
رَأَيْتُ بِصَحْراءِ الْقَرافَةِ نِسْوَةً
رَأَيْتُ بِصَحْراءِ الْقَرافَةِ نِسْوَةً / نَوَازِعَ لا يَأْوِينَ حُزْنَاً إِلَى بَيْتِ
يَنُحْنَ عَلى مَيْتٍ سَيَتْبَعْنَ إِثْرَهُ / وَمِنْ عَجَبٍ مَيْتٌ يَنُوحُ عَلَى مَيْتِ
إِلَى اللهِ أَشْكُو أَنَّنِي بَيْنَ مَعْشَرٍ
إِلَى اللهِ أَشْكُو أَنَّنِي بَيْنَ مَعْشَرٍ / سَواءٌ لَدَيْهِمْ طَيِّبٌ وَخَبِيثُ
لَهُمْ أَلْسُنٌ إِنْ رُمْنَ أَمْراً بَلَغْنَهُ / مِنَ النَّفْسِ مَصْنُوعٌ لَهُنَّ حَدِيثُ
تَرِثُّ عَلَى قُرْبِ الوِدادِ عُهُودُهُمْ / وَكَيْفَ يَدُومُ الشَّيءُ وَهْوَ رَثِيثُ
فَلَيْسَ لَهُمْ فِي سالِفِ الدَّهْرِ مَحْتدٌ / قَدِيمٌ وَلا فِي الْمَكْرُمَاتِ حَدِيثُ
بَرِمْتُ بِهِمْ حَتَّى سَئِمْتُ مَكَانَتِي / وَأَنْكَرْتُ طِيبَ الْعَيْشِ وَهْوَ دَمِيثُ
إِذا لم يُغِثْنِي اللهُ مِنْهُمْ بِفَضْلِهِ / فَمَا لِيَ بَيْنَ الْعَالَمِينَ مُغِيثُ
أَلا قُلْ لِقَوْمٍ شَامِتِينَ تَرَبَّصوا
أَلا قُلْ لِقَوْمٍ شَامِتِينَ تَرَبَّصوا / تَهَزُّمَ شَرٍّ بِالْمَنِيَّة كارِثِ
أَرَى سِتْرَ خَطْبٍ قَدْ تَرَفَّعَ وانْبَرَتْ / تَلُوحُ لَهُمْ مِنْهُ وُجُوهُ الْحَوادِثِ