المجموع : 385
مزجتُ بتذكار العقيق بكائي
مزجتُ بتذكار العقيق بكائي / وطارحتُ معتلَّ النسيم بدائي
وإن حدَّثَ العذالُ عني بسلوةٍ / فإني وعذَّالي من الضعفاء
وليس دوائي غير تربة أحمدٍ / بطيبةَ عال فوقَ كلِّ سماء
تطوف بمسراهُ الملائكُ خشعاً / مساءَ صباحٍ أو صباحَ مساء
فهل لي إلى أبياتِ طيبةَ مطلعٌ / به مخلصٌ لي من إسار شقائي
أصوغ على الدُّرِّ اليتيم مدائحاً / أُعدُّ بها من صاغةِ الشعراء
ببيت زهير حيث كعب مبارك / وحسان مدحي ثابتٌ ورجائي
أكتمُ أخبارَ الهوى عن عواذِلي
أكتمُ أخبارَ الهوى عن عواذِلي / وللطرفِ منِّي بالمدامعِ أنباء
فيا عجباً منِّي لإنسان مقلني / يحدِّث أخباري وفي فمه ماء
أمولايَ فخرَ الدِّين شكراً لأنعمٍ
أمولايَ فخرَ الدِّين شكراً لأنعمٍ / لنا بشذاها غبطةٌ وهناء
سقيتَ بماءِ الوردِ غرسَ مكارمٍ / فلا عجبٌ إن فاحَ منه ثناء
لسائلِ دمعي من هواك جوابُ
لسائلِ دمعي من هواك جوابُ / فما ضرَّ أن لو كانَ منك ثواب
بعيني هلالٌ من جبينك مشرقٌ / وفي القلبِ من عذلِ العذولِ شهاب
لئن كانَ من جنسِ الخطا لك نسبةٌ / فإنَّ شفائِي في هواك صواب
وإن كانَ في تُفَّاح خدَّيك مجتنًى / ففي الرِّيقِ من تفَّاحهنَّ شراب
وإن كنت مجنوناً بعشقك هائِماً / فإنِّي بنبلِ المقلتين مصاب
تعبرُ عن وجدِي سطورُ مدامِعي / كأنَّك يا خدِّي لهنَّ كتاب
إذا كلنَ يعزَى لابن مقلةَ خطها / فما منهما للقارئينَ عجاب
على ضيِّق العينين تسفحُ مقلتي / ويطربني لا زينبٌ ورباب
فيا رشأ الأتراكِ لا سربَ عامرٍ / فؤاديَ من سكنَى السلوِّ خراب
بوجهك من ماءِ الملاحةِ موردٌ / لظامٍ وسرب العامريِّ سراب
إذا زُرتني فالروحُ والمالُ هينٌ / وكلُّ الذي فوقَ الترابِ تراب
سقى اللهُ عهدِي بالحبيب وبالصّبا / سحاباً كأنَّ الوَدقَ فيه حباب
فقدتُ الهوى لمَّا فقدتُ شبيبتي / وأوْجَعُ مفقودٍ هوًى وشباب
وكانَ يصيدُ الظبيَ فاحمُ لمَّتي / وأغربُ ما صادَ الظباءَ غراب
ولو كنتُ من أهلِ المداجاةِ في الهوَى / لكانَ بدمعِي للمشيبِ خضاب
وإنِّي لممَّن زادَ في الغيِّ سعيهُ / وطوَّلَ حتَّى آنَ منه متاب
إلهيَ في حسنِ الرَّجا ليَ مذهب / وقد آنَ للرَّاجي إليكَ ذِهاب
أغثني فإنَّ العفوَ لي منكَ جنَّةٌ / وغثني فإنَّ اللطفَ منك سحاب
وأيِّدْ أيادِي ابن الخليفة إنَّها / إذا زهدَت فينا الكِرام رغاب
أيادِي عليٍّ رحمةُ اللهِ في الورَى / فأن يبغِ باغيهِم فهنَّ عذاب
عليَّ الذرى والاسمِ والنسب الذي / يعنعن للخطابِ فيه خطاب
فيا لكَ من بيتٍ عليٍّ قد اعتلت / به فوقَ أكتاف النجومِ قباب
من القومِ في بطحاءِ مكَّة منزل / لهم وفنىً حولَ الشِّعابِ شِعاب
حمت عقدةَ الإسلامِ بدءأً وعودةً / كتيبةُ ملكٍ منهمو وكتاب
فكم مرَّةٍ باتوا لحربٍ فجدَّلوا / وعادوا إلى نادي النَّدى فأثابوا
بألسنِ نيرانٍ لهم وقواضبٍ / إذا ما دَعوا نادي النداء أنابوا
وأقلام عدلٍ في بحورِ أناملٍ / لهم بينَ أمواجِ الدروعِ عباب
مضى عمرُ الفاروقُ وهي كما ترَى / غصونٌ بأوطانِ الملوكِ رِطاب
فأحسنْ بها في راحةٍ علويةٍ / كما افترَّ عن لمعِ البروقِ سحاب
توترَ لفظاً كالجمانِ سحابهُ / على جانب الملك العقيم سِحاب
ينقِّب عن رأيٍ بها وفواضلٍ / سفيرٌ عن المعنى الخفيِّ نقاب
مهيب الشظا يخشى صرير يراعهِ / ظبا البيضِ حتَّى لا يطنّ ذباب
فيا ليتَ يحيى الآنَ يحيا فيجتنِي / محاسنَ منها خيلهُ وشباب
وكاتب سرٍّ للملوكِ محجب / وما للندى عن زائِريهِ حجاب
عطارد دُهمِي المشتري غير خاسرٍ / إذا بيع حمدٌ في الورَى وثواب
وذُو القلم الماضي الثَّنا فكأنَّما / لهُ السيفُ من فرطِ المُضاءِ قراب
موردُهُ شهدٌ إذا شيمَ برّه / وإن شيمَ حربٌ فالمواردُ صاب
تُخافُ وتُرجى يا مسطرَ كتبهِ / فكأنَّكَ روضٌ أو كأنَّكَ غاب
كذا يا ابنَ فضلِ اللهِ تدعو لملكها / ملوكٌ إذا شاموا الظنونَ أصابوا
فريدَ العلى هل أنتَ مصغٍ لناظمٍ / فريد الثنا كالتِّبرِ ليس يعاب
لأعرض عن رجوايَ عطفك مرةً / فأعرض عنِي سادةٌ وصِحاب
وأوهمني حرمانِهم ليَ حاجةً / أهبُّ لأشكو حرِّها فأهاب
وكابدت في المثنَى من العربِ مشتكِي / كما قيلَ لم تلبس عليه ثياب
وإني وإن شيبتْ حياتي وأعرَضوا / وحقكَ ما ليَ غير بابك باب
فليتكَ تحلو والحياةُ مريرةٌ / وليتكَ ترضَى والأنامُ غضاب
وحقَّكَ ما حقِّي سوى الصبح نيرٌ / ولكنَّما حظِّي عليكَ ضباب
يغني بمدحِي فيكَ حادٍ وسامرٌ / فطابت عليهِ رحلةٌ وإياب
وأنتَ الذي أنطقْتني ببدائِع / بغيظِ أناس قد ظفرتُ وخابوا
فما النظمُ إلا ما أحرِّرُ فاتنٌ / وما البيت إلاَّ ما سكنت يباب
إليك النهى قولِي لمن قال ملجمٌ / وخفَّ له في الخافقين ركاب
فدونكَ منه كلّ سيَّارةٍ لها / مقرٌّ على أفقِ السها وجناب
علا فوق عرنين الغزالةِ كعبُها / وزاحمتْ الستين وهي كعاب
ودُمْ يا مديدَ الفضل منشرح الندَى / على الخلقِ لا يفنى لديك طلاب
تهنيكَ بالأعوام مذهبة الحلى / على اليمن منها جبَّة وإهاب
لها من هلال في العدَا حدُّ خنجرٍ / وفي الرَّفدِ من نوع الزكاةِ نصاب
أبثُّ صريحَ المدح أخرُج فيهِ من
أبثُّ صريحَ المدح أخرُج فيهِ من / قشوري فيأتي المدحُ فهو لباب
تجوبُ أماديحِي بذكركَ في العلا / وأدعيةٌ تحتَ الظلامِ تجاب
قدمت قدوم الغيث والحيُّ مجذبٌ
قدمت قدوم الغيث والحيُّ مجذبٌ / وعدت كعود البدر والأفق غيهب
وسرت بك الأوطان فالغصن شامخٌ / دلالاً على الأنهار والروض معجب
وطابتْ بكَ الأرضُ الذي أنتَ حلَّها / وكلُّ مكانٍ ينبتُ العزّ طيِّب
حلفتُ بأيامِ المشاعرِ من منى / وما ضمَّ فيهنَّ الصفا والمحصب
لقد طاف بالأركانِ ركنُ سماحةٍ / يُقام بها شرعُ السماح وينصب
فلله عينٌ من ثراك تكحَّلَتْ / بمجتمع الميلين والرَّفد يدأب
ولما قضيتَ النسكَ عاودت طيبة / وسعيك مبرورٌ وقصدُك منجبُ
فأقسم ما سرّ الحطيم ومكَّةٌ / بأكثرَ ما سرّ البقيعُ ويثرب
تيممتَ منها روضةً نبوية / جنيتَ بها زهرَ الرّضا وهو مخصب
وطابت نواحي العرب من بيت حمزة / وبات الندى من كف حمزة يسكب
وعجت لأوطان الشآم فأشرقت / كأنكَ ما بينَ المنازلِ كوكب
إذا زُرتَ أرضاً زالَ محلُ ديارِها / وأخرجَ منها خائفاً يترقب
فرؤياكَ رؤيا للسماح صحيحة / وبابك بابٌ للنجاحِ مجرَّب
لئن حذِرَ العافون في الدّهر مهلكا / لقد طاب من نعماك للقومِ مطلب
فكلّ بنانٍ من نداك مفضّضٌ / وكلّ زمانٍ من صفاك مذَهّب
وكلّ غمام غير جودك مقلعٌ / وكلّ وميض غير برقكَ خلّب
وقد يتجافى الغيثُ عن متطلّب / وغيثك قيد الكفّ أو هوَ أقرب
وما سميَ الغيثُ الهتونُ سحابة / سوَى أنهُ من خجلةٍ يتسحّب
نهضت بما لا تحسنُ السحبُ حملهُ / وسدت على ما أسسَ الجدّ والأب
وسدت إلى أن سرّا سعدُ في الثرى / بسؤدَدِكَ الوضاح بل سر يعرب
لك اللهُ ما أزكى وأشرفَ همةً / وأوفقَ ما تأتي وما تتجنب
صرفت إليك القصد عن كلّ باذل / وقلت امرؤ بالفضل أدرى وأدرب
فرقيتَ نظمي فوقَ ما كانَ ينبغي / وبلغتَ ظني فوقَ ما كان يحسب
وصححت أخبارَ الندى فرويتها / عوَاليَ تروى كلّ وقتٍ وتكتب
فإن علقت كفي بنعماك عروة / فقد هانَ من عيشي بيمنك مصعب
بقيت لهذا الدّهر تحملُ صنعهُ / وتغفرُ من زَلاّته حينَ يذنب
فلولاك ما فازت مدائح شاعر / ولا أصبحت أوزانها تتسبب
على اليمن والنعمى ليالٍ تبسمت
على اليمن والنعمى ليالٍ تبسمت / تبسمُ ثغر القطر عن لعس السحب
وأحيت لشرق الشامِ وقت مسرةٍ / يصدّ كرى الأجفان فيه عن الغرب
فلله أفراحٌ سعتْ لسرورها / ومحفلها أهل الكتائب والكتب
وطيب أغانٍ رنحتنا كأنها / تدور بجامات الدّفوف على شرب
وإيلام حسادٍ وفضل وليمة / كذلك فليولم أخو السعد والخصب
يسرّ فؤادي ما بلغت وإن يكن / سيسلو بأهل البيت عن رؤية الصحب
وحاشاك أن يسليك شيء عن العلى / وعن طالبي جدواك في البعد والقرب
ألست من القوم الذين أكفهم / وأحلامهم كالماءِ للأرض والهضب
نزلتُ على أفضالهم فكأنما / نزلت على آل المهلّب في الحدب
وقد كان لي عتبٌ على الدّهر والورى / فلما تلاقينا عتبتُ على العتب
فلا زال قطبُ الدّين واسطةً لهم / وبدرَ علىً بين الفراقد والشهب
يدورُ على علياهُ حسنُ رجائنا / ولا غروَ إن صحّ المدار على القطب
نظير أبٍ كنَّا فقدنا ومحبوب
نظير أبٍ كنَّا فقدنا ومحبوب / يميناً لقد جدَّدتَ لي حزنَ يعقوب
وهيَّجتَ أحزانِي على خيرِ صاحبٍ / لقيت الذي لاقاه يا خيرَ مصحوب
لئن كنت خالاً زانَ حجب أخوَّة / لقد كنت وجهاً للتُّقى غير محجوب
وإن كنت كم أقررت لي عين فارحٍ / لقد سخنت من بعدِها عين مكروب
أقلَّبُ قلباً بالأسى أيّ واجبٍ / وأندب شخصاً في الثرى أيُّ مندوب
بكيتك للحسنى وللبرِّ والتقى / وللبركاتِ الموفياتِ بمطلوبي
وللشملِ مجموعاً بيمنك وادِعاً / وللخيرِ كم سببته خير تسبيب
بكتكَ محارِيب التهجُّد في الدُّجى / بكاءَ شجٍ حاني الجوانح محروب
بكتكَ زوايا الزُّهد كانت خبيئةً / لسكانِها تدنِي لهم كلّ مرغوب
بكتكَ ذوو الحاجاتِ كنتَ إذا دَعوا / سفيراً لمضرورٍ مجيراً لمنكوب
بكتكَ دِيارٌ كنتَ أعطفَ والِداً / لمن حلَّ من شبانها ومن الشيب
وطائر يمنٍ قد أويتَ كوكرِها / إلى نسب القربى بها خيرَ منسوب
إذا ألسنُ الآثارِ عنكَ تذاكرتْ / شممنا على تِذكارِها نفحةَ الطيب
عليكَ سلامُ الله من مترحِّلٍ / ترحَّلَ ذي جودٍ من السحب مسحوب
وهنَّئتَ بالجناتِ يا تارِكي على / سعيرٍ من الأحزانِ بعدَك مشبوب
نُفارِقُ محبوباً بدمعٍ وحسرةٍ / فمن بين تصعيدٍ عليك وتصويب
وخفِّف ما نلقى من الحزنِ أننا / بمنْ غابَ عنَّا لاحقون بترتيب
وما هذهِ الأيَّامُ إلا ركائبٌ / إلى الموتِ في نهجٍ من العمرِ مركوب
إذا ظنَّ تبعيد الحمامِ وصلنه / بشدٍّ على رغم النفوس وتقريب
فكم هرِمٍ أو ناشئٍ عملت بهِ / عواملُ من مجرورِ خطبٍ ومنصوب
وكم هين الأخلاقِ أو متغلبٍ / نفاهُ بحتمٍ غالب غير مغلوب
وكم ذي كتابٍ في الورى وكتيبةٍ / غدَا داخِلاً من موته تحت مكتوب
وكم غافلٍ يلهو بساقٍ من المنى / يدِيرُ على أمثالهِ وعدَ عرقوب
وكم آملٍ في العمرِ يحسب حاصلاً / أتاه حِمامٌ عاجلٌ غير محسوب
ودُمْ يا إمامَ الوقت عمنْ فقدتهُ / وعشْ عيشَ مرجوٍّ مدى الدهر موهوب
مضى الخال حيث الوجه باقٍ لمادِحٍ / فما الدهر فيما قد أتاه بمعتوب
حجبت ولم أحسب سنا البدرِ يحجب
حجبت ولم أحسب سنا البدرِ يحجب / ولا خلتهُ في باطنِ الأرضِ يغرب
وأوْرَثتْ عيني جود كفِّكَ فانْبرت / تسحُّ بأنواءِ الغمام وتَسكُب
يذَكرْني بدرُ السماءِ سِميّه / فها أنا أرعى كلّ بدرٍ وأرقب
ومذ آثرَت فيكَ الكواكب حكمها / صددت فما يرعى بجفنيَّ كوكب
يقولون إن الشهب في كبدِ السما / لها أسدٌ يردِي الأنامَ وعقرب
دعِ الأسدَ الأفقيّ يفترِسُ الورى / وَدَعْ عقرب الأفلاكِ للخلق يسلب
عليكَ خشيتُ الخطب قبل أوانِهِ / وحاذرتُ صرفَ الدهرِ وهو مغيَّب
وما حسبتُ كفّي نوالك كثرة / ولكنْ المحذورِ الرَّدى كنتُ أحسب
لمن يستجدّ الفكر بعدَك مدحةً / يفضِّضُ في ألفاظها ويذَهب
لمن نترجَّى بعد بابك إنَّه / لِبذْلِ الندى بابٌ صحيحٌ مجرب
لمن تلتجي العافونَ بعد عوارِفٍ / عوارفَ ما تسعَى إليه وتطلب
على شرفِ الأخلاقِ بعدكَ والوفا / سلامٌ كوجه الروض والروضُ معجب
مضت صدقاتُ السرِّ بعدك وانْقضتْ / فيا أسفاً للسرِّ بالصدرِ يذهب
مضى رونقُ الآداب بعد وضوحه / وغيَّب ذاك المنظر المتأدب
ألا في سبيل الله ساكن مَلْحَدٍ / وأوصافه في الأرضِ تُملي وتكتب
فتىً كرُمت أنسابهُ وخلالهُ / فآلاؤه إرثٌ لديهِ ومكسب
سرى غير مسبوق ثناهُ وكيف لا / وعنبره في نفحة الذِّكر أشهب
فمن مبلغٍ شيبان يوم ترحلت / عُلاه بأن الأفق بالشهب أشيب
وأنَّ بني الآمال أعوز رعيهم / وضاعوا فلا أمٌّ هناكَ ولا أب
فقدناهُ فقدانَ الربيعِ فدهرنا / جمادى وزالَ المستماح المرجب
أخا أدبٍ بين المكارمِ والتقى / على شرف الدَّارَيْن يسعى ويدأب
فلوْ لمْ تجُدْنا غُرّ نعماه جادَنا / بفضل دُعاهُ وابلُ الغيثِ يسكب
مضى حيث تنأى عنه كلُّ ذميمةٍ / وأعماله بالصالحاتِ تقرّب
وأيامهُ بدريَّةٌ لا يُضيرُها / بوادِرُ ما تأتي وما تتجنب
تجاهدُ فيها النفس والعيش ممكنٌ / وزبرج هذا العيش شيءٌ محبَّب
لحى الله دنيا لا تكون مطيَّةً / إلى دَرَكِ الأخرى تزَمُّ وتركب
عجبتُ لمن يرجو الرِّضا وهو مهملٌ / وتسويفنا مع ذلك العلم أعجب
وما هذه الأيامُ إلاَّ مراحلٌ / وأجْدِرْ بها تقضي قريباً وتقضب
إن كانت الأنفاسُ للعمرِ كالخُطَا / فإنَّ المدى أدنَى منالاً وأقرب
أساكن جناتِ النعيمِ مهنأً / وتارِكنا في حسرةٍ نتلهَّب
سقى عهدكَ الصوبُ الملِثُّ فطالما / سقانَا ملثّ من نوالك صيِّب
ولا أغمدت أيدِي النوائِب غربها / فما في حياةٍ بعدَ موتكَ مرغب
على اليمنِ كانت عزمة فاضلية
على اليمنِ كانت عزمة فاضلية / حمدنا قريباً عزمها وإيابها
إذا سامَ مولانا الممالكَ حافظاً / أعزَّ نواحِيها وأعلا جنابها
هداها حماها زانها جادها اعتلى / فكان على الخمس الجهاتِ شهابها
ألا حبَّذا منه العبور لبدئِه / أطالَ على الشعرى العبور قبابها
أخو اللفظِ دريُّ البدائع رائقٌ / فصفْ خمرةً محبوبةً وحبابها
وذو المأثراتِ الغُرِّ للفضلِ تنتمِي / إذا عددت أفعالها وانتسابها
أرى آلَ فضلِ الله موردَ أنعُمٍ / إذا ما رأينا آلَ قومٍ سَرَابها
وأحمدهم لا يقطعُ الله حمدَهم / فريد المعاني ينظمون سخابها
تفرَّدَ عن أن يشبهَ البحرَ فضلهُ / وقالت أعادي فضله بل تشابها
إلى كم يخوض الدمعُ فيكَ ويلعب
إلى كم يخوض الدمعُ فيكَ ويلعب / ويتعب فيه من يلوم ويعتب
رشاً ترفع الناسُ العيون لحسنهِ / ولكنّ عيناه على الناسِ تنصب
يلذّ لسمعي ذكرهُ لذةَ الثنا / كسمعِ ابن موسى كلما مرّ يعذَب
وكم من يدٍ بيضاءَ في كلّ سوودٍ / بدت لابن موسى فهي إرث ومكسب
لحمزة جماعِ المحامدِ أنعمٌ / تشرّق في طلابها وتغرب
تمذهبتِ العشاق والعلم والندى / لا خلاق عزّ الدين في الخلق مذهب
وطابت لعمري كلّ أرض يحلها / وكل مكان ينبت العزّ طيب
سقى عهد ليلى مدمعٌ وسحائب
سقى عهد ليلى مدمعٌ وسحائب / تجرُّ صباً من خلفها وجنائب
وحيّ زمان الوصل إذ أوجه الدمى / قناديل حسنٍ والشعور محارب
ليالي وفا ليلى صديقٌ ملازم / كما للتقى والبر في الشام صاحب
مرجيَة أقواله وفعاله / ولا غرو أن ترجى لديه الرغائب
تنبه في الأمر المهمّ يراعه / فأغنى ونامت في الجفون القواضب
وقال الورى من ذا الذي أنت مادح / براعته حيث التقى والمواهب
فقلت لهم موسى الزمان وهذه / عصاه التي للملك فيها مآرب
على اليمن والأقدام مقدم ما نأوا
على اليمن والأقدام مقدم ما نأوا / وآبوا وقد فازوا نوًى وإيابا
وطافوا على الأركان أركان سؤدد / وعلم وفاضوا بالحجاز سحابا
فإن ملأوا كمَّ المقيم مكارماً / فقد ملأوا حجر المقام ثوابا
ميامين حفوا الجانبين من العلا / وتاجاً علا فوقَ الرؤوس جنابا
فلا تركوا أعلام علم تراهمو / بأُفقِ عليٍّ للنجومِ صحابا
بروحِي خطيباً جاورَ الترب فاغْتدَى
بروحِي خطيباً جاورَ الترب فاغْتدَى / عليهِ حداداً لبس كل خطيب
ووَلى فأضْحت للمنابرِ وحشةً / وللورق نوح فوق كلِّ قضيب
يذكرني مغنى حماهُ جماله / فلله ذكرى منزل وحبيب
سقى قبر إسماعيل منبجس الحيا
سقى قبر إسماعيل منبجس الحيا / وأرسى هضابَ المزنِ حولَ هضابه
وعاشَ لنَا ملكٌ نلوذُ بظلِّه / ونغفرُ ذنبَ الدهرِ بعد احْتِقابه
فما السعد إلاَّ لمحةٌ في جبينه / وما العزُّ إلاَّ وقفةٌ عند بابِه
سلامٌ على عهدِ الصَّبابة والصِّبا
سلامٌ على عهدِ الصَّبابة والصِّبا / سلامُ بعيد الدار لا غَرْوَ إن صَبا
مفارق أوطان له وشبيبة / إذا شرَّقت أهل التواصل غرَّبا
يعَاوِدُ أحشاهُ من الشوقِ فاطِرٌ / ويتلو عليهِ آخرَ الآيِ مِنْ سَبا
وما زال صبًّا بالأحبةِ والهاً / إلى أن حكَاه دمعهُ فتصبَّبا
حمائم وادِي السفحِ إنَّ بلابلاً
حمائم وادِي السفحِ إنَّ بلابلاً / تثيرُ أسى المضنى وإن قيل تَطرب
أحنُّ إلى أهلي وأهوى لقاءهم / وأينَ من المشتاقِ عنقاء مغرب
وإنِّي لطلاَّب الغنى غير باب من / يقول الرجا هذا الصحيحُ المجرَّب
فتى الفضل يحيى خالدٌ بك ذكرهُ / فيا حبَّذا من فضله الابن والأب
لك النفح من مسكِ الثنا فابقَ لي رجاً / وأهلي وأولادي الذين تغيبوا
وإن لم يكن إلاَّ أبو المسكِ أوهموا / فإنكَ أشهى في الفؤادِ وأعذب
خدمتكَ مدَّاحاً فلمْ لا أرى الغنى / وبرُّك موصولٌ فلمْ لا أشبّب
تخيلتُ في إنشاءِ لفظيَ نجعة
تخيلتُ في إنشاءِ لفظيَ نجعة / فما نشأَت لي لمعةٌ بسحاب
وكم خلتُ في فنِّ الحساب إفادة / فكانَ حسابُ الدهرِ غيرَ حسابي
إلى أن دعَا باب التقى رائد الرجا / فكانَ النوالُ الغمرُ رَجْع جوابي
فيا لوزيرٍ عن تقاهُ وبرِّهِ / رويتُ حديثَ المكرمات صَحابي
ويا لكريمٍ لستُ أحتاجُ عندَهُ / إلى دفترٍ آتي به وكتاب
فتحت به بابَ المدائحِ والرَّجا / وأغلقت عن قصدِ المكارِم بابي
فإن قصرَتْ منه صحيفةُ مدْحتي / فما قصرَتْ والله صحفُ ثوابي
حمى ملَّةَ الإسلامِ خير سيوفها
حمى ملَّةَ الإسلامِ خير سيوفها / وزادَ على فضلِ السيوفِ فأخصبا
هو البحرُ من أيّ المعاني قصدتهُ / رأيت اتِّفاق الاسم والفعل معجبا
يغيبُ فيا واهاً علينا وحسرةً / ويأتي فيا أهلاً وسهلاً ومرحبا
ويسفرُ وجه العيشِ عندَ قدومِه / ويفترُّ حتَّى مبسم الزَّهر في الرُّبا
وما الشامُ إلاَّ شامةٌ تحت ظلِّهِ / فلله ما أشهى وأزهى وأطيبا
بأبوابِه عُذْ حيث حاذرت مهلكاً / وبين يديه قفْ إذا رُمت مطلبا
فلا زالَ ذا بابٍ إذا رامه الورى / رأَوْا للهنا باباً صحيحاً مجرَّبا
بروحيَ هيفاء المعاطفِ حلوة
بروحيَ هيفاء المعاطفِ حلوة / تكاد بألحاظ المحِّبين تشرب
لقد عذُبت ألفاظها وصفاتها / على أنَّ قلبي في هواها معذَّب
تجاسرَ عودُ اللَّهوِ يُشبه صوتَها / فمن أجل هذا اصبح العود يضرب
وأجرت دموع العاشقين بلعبها / فقال الأسى دَعها تخوض وتلعب