القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ خاتِمة الأندَلُسِي الكل
المجموع : 20
ترومُ رِضاهُمْ ثمَّ تأْتي المَناهِيا
ترومُ رِضاهُمْ ثمَّ تأْتي المَناهِيا / أحبٌّ وعِصيانٌ لقد ظَلْتَ لاهيا
تَكنَّيتَ عبداً ثمَّ أكنَنْتَ إمرةً / أعبدٌ وأمرٌ ما أخالك صاحيا
جمعتَ عيوبَ الرَّدّ كِبراً وكَبرةً / وماذا يُساوي مَن تحلّى المساوِيا
أما أبصرتْ عيناكَ للحقِّ مُرشداً / أمَا سمعتْ أذْناكَ للهِ داعِيا
أبعدَ مشيبٍ تَسْتَجدُّ شَبيبةً / وبعدَ هُدىً تبغي عَمىً أو تعامِيا
لقد صاحَ داعي الرُّشْدِ لوْ أنَّ سَامعاً / ولاحَ صَباحُ الحقِّ لو أنَّ رائيا
وأشرق سِرُّ الجُودِ لو أنَّ ذا حِجىً / يُشاهدُ نُوراً أو يُجيبُ مُنادِيا
تسامَتْ لكَ الأكوان تُجْلَى عَرائِساً / فلو كنتَ ذا عَيْنين كنتَ المُناجيا
ونادتْ ألا كُفءٌ يُكافي وما أرى / لها مِنْكَ كُفؤاً إنْ خَطبتَ مُكافيا
و إلّا فما بالُ البَهارِ مُحدِّقاً / وقد كَحَلَتْ منهُ الظِّلالُ مَآقيا
وما بالُ صُدغِ الآسِ أخضرَ ناصِعاً / وما بالُ خَدِّ الوردِ أحمرَ قانِيا
وما لِثغورِ الزَّهرِ تُلفَى بَواسماً / إذا ما عُيونُ القَطْرِ ظَلْنَ بَواكِيا
ولِمْ طرَّزَ البرقُ الغَمامَ وَوَشَّحتْ / سواجِمُه البَطْحاءَ بيضاً مَواضِيا
وما للآلي الشُّهبِ رُصِّعَ نَظمُها / فأمسَتْ صدورُ الأُفقِ عَنها حَواليا
وما لبطاحِ الأرضِ أُبدعَ رَقْمُها / فراقَتْ أساريراً ورقَّتْ حَواشِيا
وما لِحَمامِ الأيْكِ تَشدو تَرنُّماً / وما لِقُدودِ القُضْب تَهفو تَعاطِيا
ولِمْ قَبَضَ النَّيْلَوْفَرُ الكفَّ خائِفاً / ولِمْ بَسَطَ السُّوْسانُ يُمناهُ راجِيا
أتحسَبُ هاتي كُلَّها خُلِقت سُدىً / لغير اعتبارٍ لا وَرَبِّكَ ماهِيا
وأنَّ قُصاراها لِلَهْوٍ ولذَّةٍ / لقد أخطأ التَّقديرُ مِنْكَ المَرامِيا
فَما خُطباءُ العُرْبِ أفصحُ واعِظاً / مِنَ الطَّيرِ يَشْدو لَوْ فَهمتَ المَعانِيا
ولا صفَحاتُ الهِنْدِ أردعُ زاجِراً / مِنَ البَرْقِ يَبْدُو لَوْ علمتَ النَّواهِيا
ولا لطَفُ الإحْسانِ أحسن مَوقِعاً / مِنَ النَّورِ يَذْكو لو عرفْتَ الأيادِيا
أيا غَائِباً عن حَضرةِ القُدسِ قد نَبا / به الطَّبعُ أن يأْتي هُدىً أو يُواتِيا
أما تَتَّقي بأْساً أما تَرْتجي نَدىً / أما تَنْتَهي وَعظاً لقد ظَلتَ هازِيا
إذا ما دَعاكَ الخَطْبُ كي تَرْعوي لهُ / تَدارككَ اللُّطفُ الخفيُّ تَلافِيا
فلا شِدَّةٌ تُعديكَ إلّا لَجاجةً / ولا فَتْرَةٌ تُجديكَ إلّا تَمادِيا
إليكَ إشاراتٌ وعنكَ عِبارةٌ / وفيكَ أماراتٌ فلا تَكُ ساهيا
وسائِلةٍ ما بالُ جَفْنِكَ والبُكا / وما عَرَفَتْني عَنْ هوىً قَطُّ سالِيا
إليكِ فَما في خاطِري فَضْلُ وُسْعةٍ / لِسَمْعكِ فَضْلاً عن حَديثِ غرامِيا
ذَريني لِغَيْري وَلْتَرُوحي لِراحةٍ / فَرُبَّتَما أعْدى أسايَ الأواسِيا
فُتِنتُ بِدُنيا جاذَبَتْني أعِنَّتي / فما ليَ لا أبكي لِذلكَ مالِيا
فَما وَجْدُ ثَكْلى أُمِّ فَرْدٍ أصابها / وَجِيُّ رَدىً فيهِ فأصبحَ ثاوِيا
تُردِّدُ فِكْراً لا تَرى عنهُ مَعْدِلاً / وتَرْجِعُ طَرفاً لا تَرى منه باقِيا
فَتستنجدُ الصَّبرَ الجميلَ لِخَطْبِها / فَلا تَلْتقي إلا خَذُولاً وناعِيا
فَتَهْتِكَ سِتْرَ الصَّبرِ عنْ بَرْح لوعةٍ / تُعيدُ بياض الصُّبح أسودَ ساجِيا
مُدَلَّهةٍ وَلهى يُطارحُها الأسى / أفانينُ شَجْوٍ مَوْحَداً ومَثانيا
بأعظَمَ من وَجدي على فَرطِ زَلَّتي / وأكبرَ منْ حُزني لقُبْحِ فَعاليا
شبابٌ مضى لم أحْلَ منهُ بطائلٍ / فياليتَ شِعري كيفَ بالشَّيبِ حالِيا
وما أسَفي أنْ مَرَّ ما مرَّ فانْقَضى / ولكنَّ هَمِّي ما بَقِيْ مِنْ زَمانِيا
فقد فَتح الرَّحمنُ أبوابَ عَفْوهِ / لِمَنْ راجَعَ الذِّكرى وأقبلَ خاشِيا
أخافُ قبيحَ العَوْد فالعُذْرُ ضَيِّقٌ / عَلَى أنَّ بابَ العَفو أوسَعُ نادِيا
إلهيَ والشَّكوى إليكَ اسْتراحةٌ / فأنتَ إلى الشَّاكي أشدُّ تَدانِيا
إلهيَ لا تَفْضَح عُواراً سَتَرْتَهُ / فماليَ مَأْمولٌ سِواكَ إلهِيا
هلكتُ ردىً إن لم أنلْ منك رحمةً / تبَعِّدُ رَوْعاتي وتدني أمانِيا
لَعَلَّ الَّذي قامَ الوجودُ بِجُودِهِ / يُعيدُ بِحُسْنِ اللُّطْفِ حاليَ حالِيا
وعاذلةٍ في الحُبِّ أزرى بها الجَهلُ
وعاذلةٍ في الحُبِّ أزرى بها الجَهلُ / تُسفِّهُ تَجْري حينَ لم تَدْر ما الفَضْلُ
إليكِ فَما عَقلٌ تخادِعْنَهُ عقلُ / شِرى وصلِهم بالرُّوحِ عِنْديَ لا يَغْلُو
فلا لَوْمَ يُسلي عَنْهُمُ لا ولا عَذْلُ /
وكيفَ بأنْ أُصغي لِلَوْمٍ عَليهمُ / وكلُّ نَعيمٍ أرتجي في يَدَيْهمُ
ولما رأيتُ العَيْشَ غَضّاً لَديهمُ / خَرجتُ عن الدُّنيا فقيراً إليهمُ
وفي حُبِّهم لا مالَ يَبْقى ولا أهْلُ /
بِحَسْبيَ أن أُمسي رَهيناً بِضَيْرِهمْ / ولا أرتجي خَيْراً سِوى نيلِ خَيْرِهِمْ
يقولون جارُوا قُلْتُ أرضى بِجَوْرهمْ / فلا تَحْسبوا مِنِّي فَراغاً لِغَيْرِهمْ
فَعَنْ كُلِّ شُغلٍ عندَ قلبي لَهُم شُغْلُ /
رَضِيْتُ بأن أقْضي هَواهُمْ تَعَلُّلا / ولا يَهْتِفَ العُذَّالُ أنِّيَ مَنْ سَلا
أمثليَ يَرضى أنْ يُنَكِّبَ عَن عُلا / دَعُوني على أبْوابِهم مُتَذلِّلا
فَمِنْ بعدِ عِزِّي لَذَّ لي فيهمُ الذُّلُّ /
هُم الدينُ والدُّنيا وحَسْبُك خُلَّةً / كُسيتُ بِهمْ للرِّقِّ أشرفَ حُلَّةً
بها قامَتِ الأكوانُ نحوي تجلَّةً / وأعجبُ منِّي كلما زدْتُ ذِلَّةً
إليْهم أرَى في النَّاسِ قَدري بِهمْ يَعْلو /
هُمُ سُؤْلُ قَلْبي لَسْتُ أبغي سِواهُمُ / وإن طمَّ بالعُشّاقِ بَحْرُ جَواهُمُ
رضيتُ بحالَيْ قُربِهمْ ونواهُمُ / فما شاءَ فَلْيحكُمْ عَليَّ هَواهُمُ
ففيهِ تَساوى الجَورُ عنديَ والعَدْلُ /
ألا ليت شِعري هل سبيلٌ لِقُربهمْ / تهافَتُّ حَسْبي أن أموتَ جوىً بِهمْ
فأعظمُ قَدري أنْ أُكَنَّى بِصبِّهمْ / تحيَّرتُ لما اخْتَرتُ مَذهبَ حُبِّهمْ
تَحيُّرَ صَبٍّ هَجْرهُم عندهُ وَصلُ /
حُرِمتُ وَفاءً في الهَوى إنْ أخُنْهُمُ / خَضَعْتُ لَهُمْ لَمّا بَدا العِزُّ مِنهمُ
خُضوعَ مُعَنّىً روحهُ من لَدُنْهُمُ / وقُلْتُ لِقَلبي أينَ تَذْهَبُ عَنْهمُ
وما دُونَهمْ ماءٌ يَطيبُ ولا ظِلُّ /
أيا سائقَ الوَجْناءِ يرمي مِنىً بِها / ثنَتْ عِطفَهُ ذِكرى معاطِفِ قُضْبِها
ألوكةَ صَبٍّ ضاقَ ذَرْعاً بِرَحْبِها / بِعَيْشِكَ إن وافَيْت نَجداً فقِفْ بها
فإنَّ بها مَن قد أحَلُّوا دَمي حَلُّوا /
وسَلِّمْ على ضالٍ هناك أظَلَّهُمْ / تَرِفُّ عليهِ السُّحبُ تَكْرمةً لَهُمْ
وعَرِّضْ لهمْ باسمي عَساهُم وعَلَّهُمْ / وحَدِّثْهُمُ عَنّي حَديثاً وقلْ لَهُمْ
بأنِّيَ عَنهُمْ ما سَلوتُ ولا أسْلُو /
أأحبابَ قَلبي هَلْ يُفَكُّ أسِيرُكمْ / أضَرَّتْ بيَ البلوى فكَمْ أستجيرُكمْ
لقد عِيْلَ صَبري واسْتَمرَّ مَريرُكمْ / مَتى يا عُرَيْبَ الشِّعبِ يأتي بَشيرُكمْ
فتسكنَ أشواقي ويَنْتَظِمَ الشَّمْلُ /
وعَيْشِكُم ما هكَذا حَقُّ عَدْلِكُمْ / أهِيمُ ومَجْرى النِّيل في فَيْءِ ظِلِّكُمْ
هَبُوا الحقَّ هَجْري أينَ سابغُ فضلِكُمْ / صِلُوني عَلى مابي فإنِّي لِوَصْلِكُمْ
إذا لمْ أكُنْ أهلاً فأنتُمْ لَهُ أهْلُ /
تَهُبُّ نُسَيماتُ الصَّبا من رُبا نَجدِ
تَهُبُّ نُسَيماتُ الصَّبا من رُبا نَجدِ / فَيَنْفَحنَ عن طِيبٍ ويَعْبقنَ عَنْ نَدِّ
وما ذاك إلّا أنَّهن يَجُلنَ في / مَعاهِدنا بين الأُثَيْلاتِ والرَّنْدِ
هُناكَ الثَّرى يُربي عَلى المسك طِيبُهُ / ودَوحاتُه تُزْري عَلى العَنْبر الوَردِ
معاهدُ نَهواها وتَهوى لِقاءَنا / بها قَدْ مَضى حُكْمُ العَفافِ على الودِّ
على حين لا واشٍ يَفوهُ بِريبةٍ / ولا عاذلٌ يَعْدو ولا كاشِحٌ يُعْدي
أخَذْنا مع الأيَّام فيها مَواثِقاً / فحالَتْ ومازِلْنا كِراماً عَلى العَهْدِ
كذاكَ سبيلُ الدَّهر نَقضٌ عُهودُه / فَنُعماهُ للبَلوى ولُقْياهُ لِلصَّدِّ
ألا ليتَ شعري والمُنى غايةُ الهَوى / أَأُبصِرُ نَجْداً أم أَحُلُّ رُبا نَجْدِ
وهَلْ أنْقَعَنْ من ماءٍ ظمْياءَ غُلَّةً / على كَبدٍ لم يَبْقَ مِنْها سِوى الوَجدِ
وهل أنْزِلَنْ من حَيِّها جادَهُ الحَيا / منازِلَ قد جَلَّتْ مَنازِلُها عِنْدي
بحيثُ القِبابُ البِيضُ والسُّمْرُ والظُّبا / سَماءٌ وأنوارٌ يُشَمْنَ على البُعْدِ
إذا ما شَياطينُ المُنى طُفْنَ حَولَها / رَمَتْها رُجومُ الخَطِّ عن ضُمَّرٍ جُردِ
فإن خفَّ خطوُ الوَهْمِ عن حَدِّ طَورِه / فَثَمَّ سِهامُ اللَّحظِ عن كَثبٍ تُرْدي
وفي القُبَّةِ البَيْضاءِ بيضاءُ لو بَدَتْ / لشَمْسِ الضُّحى يَوماً لحارَتْ عن القَصْدِ
تَطَّلعُ عن صُبحٍ من الوَجْهِ نَيِّرٍ / وتَغْربُ عن لَيْلٍ من الشَّعرْ مُسْوَدِّ
تَقولُ لفتيانِ التَّصابي إلَيْكُمُ / فإنَّا ظِباءَ الخِدْرِ نَبْطِشُ بالأُسْدِ
إذا ما الوَغَى جاشتْ شَهَرْنا عُيونَنا / صَوارمَ والقاماتُ كالأَسَلِ المُلْدِ
حُروبُ الهوى جدَّلْنَ كُلَّ مُجالِدٍ / وأظفرنَ ريمَ القَفْرِ بالأسدِ الوَرْدِ
نَواهِدُها أمْضَى طِعاناً من القَنا / وأَلْحاظُها أنْكى جِراحاً من الهِنْدِ
وأين ضِرابُ السَّيفِ من لَحْظِ ناظِرٍ / وأين طِعانُ الرُّمحِ مِنْ قائمِ النَّهدِ
طعِينُ القَنا يُوسَى فتَبرا كُلومُهُ / وليسَ لِمَطْعونِ النُّهودِ سِوى اللَّحدِ
ومَخْضُوبةِ الكفَّينِ مَعشوقةِ الحُلى / بَدَتْ مثْلَ بَدْرِ التِّمِّ في ليلةِ السَّعْدِ
نَهانيَ عَنها عُذَّلي فَعَصَيْتُهُمْ / فيا غَيَّهم فيما أتَوْهُ ويا رُشدي
حرامٌ على قَلْبي غَرامٌ بِغيرها / وإن جلَّ ما ألقاهُ فيها مِنَ الوَجْدِ
نظرتُ إلى حُسنٍ على خدِّها فَما / وجَدْتُ لِقَلْبي في الوَرَى عَنْهُ مِنْ بُدِّ
أشاقكَ سَلْعٌ أم هَفَتْ بك ذِكْراهُ
أشاقكَ سَلْعٌ أم هَفَتْ بك ذِكْراهُ / فَساعاتُ هذا اللَّيلِ عِنْدكَ أشْبَاهُ
وهل ذا البُريْقُ التاحَ من نَحْوِ رامةٍ / وإلّا فَلِمْ باتَتْ جفونُكَ تَرْعاهُ
وهل ما سَرَتْ من نَسَمةٍ ريحُ أرْضِها / وإلّا فَهذا الجَوُّ تَعْبَقُ رَيَّاهُ
نَعمْ شاقَني سَلعٌ وذكرى عُهودِه / فآهٌ لأيامٍ تَقَضَّتْ بهِ آهُ
وما القَصْدُ سَلْعٌ أنْ نظرتَ ورامَةٌ / ولكنْ لِجَرِّي من غَدا فيهِ مثواهُ
أُحِبُّ وَميضَ البرقِ قصْدَ جِهاتِه / وأهْوى نَسِيْمَ الرِّيحِ مِن أجل مَسراهُ
وما بيَ إلّا نَظْرَةٌ حاجِريَّةٌ / رَمى سَهْمَها عَمداً فُؤادي فَأصْماهُ
حَسِبتُ اغتِراراً أنَّ جُنَّةَ صَبْرِهِ / تَقيهِ فأغشاهُ الَّذي كنتُ أخْشاهُ
أحِبَّةَ قَلْبي أهْلَ نَجْدٍ بِعَيْشِكُمْ / تُرى يَبْلُغُ المُشْتاقُ ما يَتَمنَّاهُ
نَشدتُكُمُ العَهْدَ القَديمَ ترفَّقُوا / عَلى رَمَقٍ لم يَبْقَ مِنِّيَ إِلّاهُ
أعِندَكُم إن بِنْتُمُ أنَّ مُقْلَتي / تَنامُ وأن الَقْلبَ تَسكُنُ بَلواهُ
إذنْ قُرِّحَتْ عَيْني ولا قَرَّ خاطِري / وكانَ حَسيبي أو حَسِيبَكمُ اللهُ
قُضاةَ الهوى رِفْقاً بِشاكٍ بِكْم لَكُمْ / ولولا انبتاتُ الصبر لم تبدُ شكواهُ
ألا فارْحَمُوا ذا عِزَّةٍ ذَلَّ لِلْهَوى / وما كانَ يرْضَى قَطُّ بالذلِّ لَوْلاهُ
وعاذِلةٍ لم تَدْرِ قدرَ بَلِيَّتي / ألا بِدَمِ المُشتاقِ مَنْ ظلَّ يَلْحاهُ
أعاذِلَ لا عَيْنيكِ تَجْرحُ أدْمُعي / ولا أنتِ تَلقَيْنَ الَّذي أنا ألقاهُ
ذَريني لأَوْجالي فَرُوحي سَليمةٌ / فربَّتما أعْدَى الطَّبيبَ مُعَنَّاهُ
خَليلَيَّ مِن نَجدٍ بِوُدِّكُما انْشَقا / نَسيمَ الصَّبا هَل عَطَّر البانُ ريَّاهُ
وهل جَرَّ أرْدانا على أجْرعِ الحِمى / فأهْدَى تَحايا رَنْدِه وخُزاماهُ
ألا هَلْ إلىً نَجْدٍ سبيلٌ لِذي هَوىً / سَقَى مَدْمعُ العُشَّاقِ نَجداً وحَيَّاهُ
ولا بَرحت أنْفاسُهُمْ تفضَحُ الصَّبا / هُبوباً لَدى أسحارِهِ وعَشاياهُ
جَلَتْ عَنْ حِجابَيْ خَجلةٍ وتَنقُّبِ
جَلَتْ عَنْ حِجابَيْ خَجلةٍ وتَنقُّبِ / كما لاحَ بَدْرٌ عن سَحابٍ وغَيْهبِ
فتاةٌ غَدا دَهري يُماطِلُني بِها / فأُعْتِبُهُ حتَّى انْثَنى للتَّعَتُّبِ
مَهدْتُ لها من فَضْلِ وُدِّيَ جانِباً / إلى أنْ دَنَتْ مِنْ بَعْد طُول تَجَنُّبِ
نَضَتْ عن مُحَيَّا الصُّبح سِجْفَ غَمامَةٍ / ولاحَت بمرأىً في المَلاحَةِ مُغْرِبِ
فصدَّت لِحاظي عن سَناها مَهابةً / بها حَجْبُها عَنِّي إذا لم تَحجَّبِ
أتتْ تتَهادى بَيْنَ أتْرابِها صِباً / فقُل ظَبيةٌ قَدْ أقبلَتْ وسْطَ رَبْرَبِ
مَهاةٌ جَرَى ماءُ الحياةِ بِثَغرِها / رُضاباً أعاذَتْهُ المَنونُ بِعَقْرَبِ
خَصِيبةُ طَيِّ الأزْرِ جَدْبٌ وِشاحُها / فرِدْفٌ لِبَغذاذٍ وعِطفٌ لِيَثْربِ
تَزُرُّ على البَدْرِ المُنيرِ جُيوبَها / فلا حُسْنَ إلّا ضمنَ ذاكَ المُنَقَّبِ
مُنَعَّمَةُ الأطرافِ تَعبثُ بالنُّهى / كما عَبثتْ أيامُ هَجري بمأْرَبِي
إذا ما اعْتَزت في الحُسنِ بانَ اعتزازُها / بِشَمْسِ الضحى أُمٍّ وبَدْرِ الدُّجى أبِ
مِنَ الواضِحاتِ الغُرِّ لو أنَّها سَرَتْ / بأكْمَهَ لَيْلاً مازَها عَنْ تَنَقُّبِ
فَما الشَّمسُ قد لاحَتْ ضُحىً وسْطَ مَشرقٍ / بأملحَ منها قدْ تَجلَّتْ بِمغْرِبِ
جُويريةٌ تَجري دَماً في مَفاصِلي / فقد ذَهَبَتْ بي في الهَوى كُلَّ مَذْهَبِ
تُريكَ انْعِطافَ القُضْبِ والطَيرُ ساجعٌ / إذا ماانْثَنَتْ رَقْصاً بصَوْتٍ مُطَرِّبِ
أيا جَنَّةً مِن رِيقها كوْثرٌ لَها / تُرى مَشْرقي في الحُبِّ مِنْك مُقَرّبي
نَهضْتُ بفَرضِ الحبِّ أبغي تَنعُّماً / لَديكِ فَمَنْ نَعَّمْتِهِ لم يُعَذَّبِ
ثِقي بوِدادي حالَيِ السُّخطِ والرِّضى / فَليس لِقَلْبي في الهوى منْ تَقَلُّبِ
أأجنحُ من بَعْدِ الهُدى لِضَلالةٍ / وأطلب بعدَ الحقِّ أكْذبَ مَطْلَبِ
وَهَبْتُ دَمي عن طِيْبِ نَفسِيَ للهوى / وأهْدَيْتُ أجري للبَنانِ المُخضَّبِ
ذُنوبُ العُيونِ النُّجل مَغْفورةٌ لها / فما الذَّنْبُ إِلّا للفُؤادِ المَعذَّبِ
أيا رَحْمَةً إِلّا لِمَشْغوفِ حُبِّها / حَنانَيْك في صَبٍّ أُهَيل مغرّبِ
صَدوقٌ كأفَّاكٍ وفيٌّ كناكِثٍ / كَتْومٌ كَبوَّاحٍ بَرِيءٌ كَمُذْنِبِ
هَبيني ولَوْ إغفاءةً من كرىً عَسى / أرَى طَيْفَكِ السَّاري فَذلِكَ مُحْسِبي
خُذي بِيَدي تُنجي غَريقاً من الرَّدى / ولا تَكِلِيني للرَّجاءِ المُخَيَّبِ
أحِنُّ إلى نَجْدٍ إذا ذُكِرَتْ نَجْدُ
أحِنُّ إلى نَجْدٍ إذا ذُكِرَتْ نَجْدُ / ويَعْتادُ قَلبي مِنْ تَذكُّرِها وَجْدُ
ويَعْتَلُّ جِسْمي أن يَهُبَّ نَسيمُها / عَليلاً له بالأثْلِ أثلِ الحِمَى عَهْدُ
وما مَقصدي نَجدٌ ولا ذِكْرُ عَهْدِها / ولكن لِجَرّي مَنْ غَدتْ دارَهُ نَجْدُ
رمَتْني النَّوى قَصْداً فأصْمَتْ مَقاتلي / وللبَيْنِ سَهْمٌ لَيْسَ يُخطي لَهُ قَصْدُ
ألا هَلْ لأيَّامٍ تَقَضَّيْنَ بالحِمَى / سَبيلٌ لِذي وَجْدٍ تَناهَى بهِ الجَهْدُ
إذِ الدَّهرُ سَعدٌ والزَّمانُ مُساعِدٌ / فلا الصَّبُّ مَصدودٌ ولا البابُ مُنسَدُّ
سَقى اللهُ أكنافَ الحِمى كُلَّ واكِفٍ / مِنَ الدَّمعِ يُرْوِيها إذا أخْلَفَ الرَّعدُ
وحَيّى وُجوهَ الحَيِّ من جانِبِ الغَضا / بِكلِّ حَياً يُعدي بخِصْبٍ ولا يَعْدُو
أأحبابَ قَلْبي والهَوانُ أخُو الهَوى / وإنَّ الَّذي أُخْفي لفَوقَ الَّذي يَبْدو
خُذوا بِيَدي قد ضِقْتُ ذَرعاً بِصَدِّكُمْ / وإِلّا فإجْهازاً ومِنْ بعدِ ذا صُدُّوا
إذا أنتُمُ لم تَرْحَمُوا ذلَّ مَوْقِفي / فَقولوا لِمنْ آتي فأرْجوهُ مِنْ بَعْدُ
صِلوا أو فَصُدُّوا أنْتُم الأمْنُ والمُنى / عَلى كلِّ حالٍ ليسَ لي عَنْكُمُ بُدُّ
أقول وعَبْراتي غَوادٍ رَوائحٌ / لِخلَّيْن أقْصاني وإيَّاهُما الصَّدُّ
بِعَيْشِكُما إنْ جِئتُما أجرَعَ الحِمى / قِفا فابْكِيا مَنْ ليسَ يُرجى لهُ رُشْدُ
فإنْ تُسْألا مَن ذا الَّذي تَنْدُبانِهِ / فَقُولا مَشوقٌ خانَهُ في الهَوى الجَدُّ
خَليليَّ والعُشَّاقُ في الحُبِّ أضْرُبٌ / ولكنَّنِي في لوْعَتي عَلَمٌ فَرْدُ
نَشدتُكُما اللهَ اصْدُقانِيَ هَلْ لِما / بَدا لَكُما مِن حالتي في الهَوى نِدُّ
تَألَّى عليَّ الدَّهرُ نَقْضَ عَزائِمي / فأصبحتُ لا حَلٌّ لَديَّ ولا عَقْدُ
أعاذِلتي إن كانَ لَومِيْ عَلى الهَوى / فَليسَ لقلبي فيهِ أخذٌ ولا رَدُّ
عَسى اللهُ أن يُحْيي سُروري بِقُربِهمْ / فَقدْ نالَ مِنِّي فوقَ ماشاءهُ البُعْدُ
فيصبحَ قَلبي وهو بَيْنَ جَوانِحي / وقدْ دانتِ الدُّنيا وقَدْ ساعَد السَّعْدُ
ألا هَلْ دَرى مَنْ باتَ غيرَ مُؤَرَّقِ
ألا هَلْ دَرى مَنْ باتَ غيرَ مُؤَرَّقِ / بأنَّ جُفوني مُذْ نَأى ليسَ تَلْتقي
وأنَّ غَرامي مُنْذُ سارَ مُلازِمي / وأنَّ اصْطِباري منذُ بانَ مُطَلِّقي
وماساقَ أشْواقي وهاجَ بَلابِلي / سِوى سائِقِ الأظْعانِ يَوْمَ التَّفَرُّقِ
تَعَشَّقتُ في قَومٍ غِرابٍ فَودَّعوا / فيا لَيْتَني مَيْتٌ ولَمْ أتعشَّقِ
ويا ليتَ عَيْني إذْ رأتهمْ تَعلَّقَتْ / سِواهُمْ ولَوْ بالبارِقِ المُتألّقِ
ووَرْدِيَّةِ الجلْبابِ أعْجَبَها الوَرْدُ
ووَرْدِيَّةِ الجلْبابِ أعْجَبَها الوَرْدُ / فغَنَّتْ وما بالغانِياتِ لَها عَهْدُ
تُرِيكَ اضْطِرابَ الرَّاقِصاتِ إذا انْثَنَت / وتُسمِعُ لَحْنَ المُسْمِعاتِ إذا تَشْدو
أتَتْ وبِطاحُ الأرضِ تُجْلى عَرائِساً / وفي كُلِّ غُصْنٍ مِنْ أزاهِرِهِ عِقْدُ
وقَد أبدتِ الدُّنيا مَحاسِنَ وجْهِها / فَمِنْ زَهْرَةٍ ثَغْرٌ ومن وَردَةٍ خَدُّ
وساعَدَها طِيْبُ الهَواءِ وفَضْلُهُ / وفَصْلُ الرَّبيعِ الغَضُّ والمَنزِلُ السَّعْدُ
فَغَنَّتْ غِناءَ الشَّربِ أنْشَتْهُمُ الطِّلا / وَحَنَّتْ حَنينَ الصَّبِّ باحَ بهِ الوَجْدُ
أكُلّاً يُثِيرُ الوَجْدُ كامِنَ حُزنِهِ / لَقَدْ جازَ في حُكْمِ الغَرامِ بِنا الحَدُّ
ودُونَكَهُ أذْكى نَدِيْمٍ مُساعِدٍ
ودُونَكَهُ أذْكى نَدِيْمٍ مُساعِدٍ / على الأُنْسِ في جَوْفِ الدُّجُونِ وأكْتما
يُناجِيْكَ ما امْتَدَّ الظلامُ بِسِرّهِ / فإنْ لاحَ واشي الصُّبحِ أبدى تَكتُّما
قَدِ احْمَرَّ ثُمَّ اصفرّ لا عَنْ ضَغِينةٍ / ولكنَّهُ هابَ العُلا إذْ تَقدَّما
فَمَهِّدْ لَهُ جَنْبَ السُّرورِ تَفُزْ بِهِ / على قِلَّةِ النَّدْمى نَديماً مُسَلِّما
ودونكَها يا رَوْضَةَ الجُودِ والنَّدى
ودونكَها يا رَوْضَةَ الجُودِ والنَّدى / بواكيرَ زهرِ مِثْلِ نَشْرِكَ مِعْطارِ
بَعثْتَ بها عَنْ خَجْلةٍ وتوَقُّفٍ / فَمِنْ سَفَهٍ إتحافُ رَوْضٍ بِنُوَّارِ
وخاطِرَةٍ كالظَّبيِ في خَطْوِها بُعْدُ
وخاطِرَةٍ كالظَّبيِ في خَطْوِها بُعْدُ / تَكادُ أعاليها مِنَ اللِّينِ تَنْقَدُّ
تَمَنَّيْتُها في حَضْرَةٍ وَسْطَ رَوْضَةٍ / يَنِمُّ عَلَينا مِنْ خَمائِلها النَّدُّ
فَصدَّتْ وقالَتْ ما لِطَبعِكَ قد جَفا / وأيَّ رِياضٍ تَبْتَغي بَعْدَما أبْدُو
وفِرْدَوسُها والقُضْبُ والعَرفُ والنَّدى / وأوْراقُها والوُرْقُ والكُثْبُ والرَّنْدُ
وحضْرَتُها والرَاحُ والنُّقْلُ والغِنا / ونَرْجِسُها والزَّهرُ والآسُ والوَرْدُ
ثِيابي وأعطافي ونَشْري ونِعْمَتي / وقُرْطي وحَلْيِي والرَّوادِفُ والقَدُّ
وَوَجْهي وَرِيقي والنُّهودُ ومَنْطِقي / ولَحْظي وثَغْري والغَدائِرُ والخَدُّ
إذا لُحْتُ لاحَ الحُسْنُ طُرّاً وإنْ أغِبْ / فلا شَجَنٌ يَخْفى ولا حَسَنٌ يَبْدُو
إذا ما دَعَتْكَ النَّفْسُ يوماً لِريبَةٍ
إذا ما دَعَتْكَ النَّفْسُ يوماً لِريبَةٍ / فحاذِرْ عِقابَ اللهِ فَهوَ شديدُهُ
فصَبْرُ الفَتى عَمَّا يُريدُ أخَفُّ مِنْ / تَصَبُّرهِ كرهاً لِما لا يُريدُهُ
هو الدَّهرُ لا يُبقِي عَلى لائذٍ بهِ
هو الدَّهرُ لا يُبقِي عَلى لائذٍ بهِ / فَمَنْ شاءَ عَيْشاً يَصطَبِرْ لِنَوائِبِهْ
فَمَنْ لم يُصَب في نَفسِهِ فَمُصابُهُ / بِفَوْتِ أمانِيهِ وفَقْدِ حَبائِبِهْ
ألا خَيْرُ ما لِلْمَرءِ عَقْلٌ يَزيْنُهُ
ألا خَيْرُ ما لِلْمَرءِ عَقْلٌ يَزيْنُهُ / فإنْ لم يَكُنْ عَقْلٌ فَجاهٌ ينفِّقُهْ
وإِلّا فمالٌ ساتِرٌ مِنْ عُوارِهِ / وما خيرُ سِتْرٍ قَدْ يُخافُ تَمَزُّقُهْ
فإنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذِي الثَّلاثَةِ واحِدٌ / فأوْلى لَهُ نارٌ مِنَ اللهِ تُحرِقُهْ
تَحَرَّ مِنَ الأثوابِ أرْفَعها تَنَلْ
تَحَرَّ مِنَ الأثوابِ أرْفَعها تَنَلْ / أعزَّ مَحلٍّ تَرتقي لالتماسِهِ
ولا تَبْغِ في أمرِ اللِّباسِ تَواضُعاً / فَعُنوانُ نُبْلِ المَرءِ حُسْنُ لِباسِهِ
وعاذِلَةٍ فِي تَرْكِي العِشْقَ والصِّبا
وعاذِلَةٍ فِي تَرْكِي العِشْقَ والصِّبا / وقَدْ عَلِمَتْ أنَّ الوفاءَ قَلِيْلُ
إلَيْكِ فَما فِي حُبِّهم مِنْ حُشاشَتي / إذا ما تقاضاها الغَرامَ بَدِيْلُ
لَقد أنفَتْ نَفْسِي لِحُبِّيَ غِرَّةً / وغَدْراً وقَلبِيْ في يَدَيْهِ دَلِيلُ
إذا ما أجَلْتَ الفِكْرَ في مَطلبٍ فَلَمْ
إذا ما أجَلْتَ الفِكْرَ في مَطلبٍ فَلَمْ / تجدْ حِيْلَةً فِيْهِ فَذَرْهُ بحالِهِ
فَلِلْيأْسِ عن إدراكِ ما عَزَّ نَيْلُهُ / عَلى القلبِ بَرْدٌ مثلُ بَرْدِ مَنالِهِ
ألا نَبِّهِ السَّاقِي فَذا اللَّيْلُ قَدْ أغْفى
ألا نَبِّهِ السَّاقِي فَذا اللَّيْلُ قَدْ أغْفى / وبَرْقُ الدُّجى يُذْكي لِعَنْبَرِهِ عَرْفا
وهاتِ اسْقِني واشربْ مُعتّقةً صِرفا /
فما لَذَّةُ الدُّنيا سِوى وَجْهِ مَحْبُوبِ / ومَشْروبِ
بِنَفْسي رَشاً مالي على عِشقهِ صَبْرُ / إذا غابَ عَنْ عَيْني فَمَكْنِسُهُ الصَّدْرُ
مُحَيَّاهُ لي رَوْضٌ ورِيْقَتُهُ خَمْرُ /
وما ذُقْتُها لكِنْ هُوَ الشَّوق يَهْذِي بِي / لِتَعْذيبي
لِما بيَ فليُشفِقْ عَذُولي مِنَ الوَجْدِ / غَرامٌ بلا بُقيا وهَجْرٌ بلا حَدِّ
رَضِيْتُ لِمن يَهْوى بَخِيلاً ويَسْتَجدي /
فيا مُهْجَتي ذُوبِي ويا أدْمُعي صُوبي / لِمَوصُوبِ
أيا مَنْ لأَشجانٍ تَسُومُ الحَشا سُقما / بُلِيْتُ بِتَيَّاهٍ يُقطِّعُني رَغْما
وَهَبْتُ لَهُ رُوحي فناهَبَني الجِسْما /
فَقَدْ صِرْتُ مَمْلوكاً لهُ بَيْنَ مَوهوبِ / ومنهوبِ
رَشا في مُحيَّاهُ لِمُبصِرِهِ شُغْلُ / مُؤَدِّبُهُ يَهواهُ والصِّبْيَةُ الكُلُّ
شَكَوْتُ له وَجْدي فقالَ ولم يَغْلُ /
لمن نَشْتَكُو بالحَقّ قَدْ أفْسَدْ لي تَوْدِيبي / وتَرْتيبي
أقولُ وعَيْنُ الدَّمع نصْبُ عُيونِنا
أقولُ وعَيْنُ الدَّمع نصْبُ عُيونِنا / ولاحَ لِبُستانِ الوزارِة جانِبُ
أهذي سَماءٌ أمْ بِناءٌ سَما بهِ / كواكبُ غضَّتْ عن سَناها الكواكبُ
تناظرتِ الأشكالُ منهُ تَقابلاً / على السَّعد وُسْطى عِقْدِه والحبائبُ
وقد جَرَتِ الأمواهُ فيهِ مَجرَّةً / مذانِبُها شُهْبٌ لَهُنَّ ذوائبُ
وأشْرَفَ من علياه بَهْوٌ تَحفُّه / شماسِيْ زُجاجٍ وشْيُها مُتَناسبُ
يُطلُّ على ماءٍ به الآسُ دائراً / كما افْتَرَّ ثَغرٌ أو كما اخضرَّ شاربُ
هنالكَ ما شاءَ العُلا مِنْ جَلالةٍ / بها يَزْدَهي بُستانُها والمَراتبُ
هو الدَّهْرُ لا يُبقي على عائِذٍ به
هو الدَّهْرُ لا يُبقي على عائِذٍ به / فَمن شاءَ عيْشاً يَصْطَبِرْ لنوائبِهْ
فَمَنْ لم يُصَبْ في نفسهِ فُمصابُه / لِفَوْتِ أمانيهِ وفَقْدِ حَبائبِهْ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025