القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الشَّريف المُرتَضى الكل
المجموع : 182
سَلامٌ وَهَل يُغني السَّلام على الَّذِي
سَلامٌ وَهَل يُغني السَّلام على الَّذِي / مَضى هالكاً عنّى كَما اِقتَرح الرَّدى
سَددتُ بهِ بَطنَ الصَّعيد وَإِنّه / لَيُؤلم قَلبي أَنْ سَددتُ بهِ الثّرى
وَعَن غَيرِ إِيثارٍ عَمَرتُ بِهِ اللّوى / وَحَكّمتُ في أَوصالِهِ شِقّةَ الرِّدا
فَخُذْ سِرَّ قَلبي مِلءَ كفّيكَ من شجىً / وَخُذ جَفْنَ عَيني ملءَ كفّيكَ مِن قَذى
فَبنْ غَير مَملولٍ فَكم بانَ بائنٌ / مغافصةً لا عَن ملالٍ ولا قِلى
أَقولُ وَقَد عَزّ اِصطِباري هَكَذا / أَرادَ مَليكُ الأرضِ أَو هَكذا قَضى
أأُسقى نميرَ الماءِ ثمَّ يَلذُّ لي
أأُسقى نميرَ الماءِ ثمَّ يَلذُّ لي / ودورُكُمُ آلَ الرّسولِ خَلاءُ
وَأَنتم كَما شاءَ الشَّتاتُ وَلَستُمُ / كَما شِئْتُمُ في عيشَةٍ وَأَشاءُ
تُذاودن عَن ماءِ الفُراتِ وكارعٌ / بِهِ إِبلٌ لِلغادرين وشاءُ
تَنَشّر مِنكم في القواءِ معاشرٌ / كَأنّهُمُ لِلمُبصرينَ مُلاءُ
أَلا إِنَّ يَومَ الطفّ أَدمى مَحاجراً / وأَدوى قُلوباً ما لَهُنَّ دواءُ
وَإِنّ مُصيباتِ الزمانِ كَثيرةٌ / وَرُبّ مُصابٍ لَيسَ فيهِ عَزاءُ
أَرى طَخْيةً فينا فَأَينَ صَباحُها / وَداءً عَلى داءٍ فأين شفاءُ
وَبَينَ تَراقينا قُلوبٌ صَديئةٌ / يُرادُ لَها لَو أُعطيَتْهُ جلاءُ
فَيا لائِماً في دَمعَتي أَو مفنّداً / عَلى لَوعَتي وَاللوم منهُ عَناءُ
فَما لَكَ مِنّي اليومَ إلّا تَلهُّفٌ / وَما لكَ إلّا زَفرةٌ وبكاءُ
وَهَل ليَ سُلوانٌ وآلُ محمّدٍ / شَريدُهُمُ ما حان منه ثواءُ
تُصَدُّ عنِ الرّوحاتِ أَيدي مَطِيِّهمْ / وَيُزوى عَطاءٌ دَونَهم وحِباءُ
كأنّهُمُ نسلٌ لغير محمّدٍ / وَمِن شعبهِ أَو حزبهِ بُعداءُ
فَيا أَنجُماً يَهدي إِلى اللَّهِ نورُها / وَإِن حالَ عَنها بِالغبيّ غَباءُ
فَإِنْ يكُ قَومٌ وُصلةً لِجَهنّمٍ / فَأَنتمْ إِلى خُلدِ الجنانِ رِشاءُ
دَعوا قَلبِيَ المَحزونَ فيكم يهيجُهُ / صَباحٌ عَلى أُخراكمُ ومساءُ
فَلَيسَ دُموعي مِن جُفوني وَإِنّما / تَقاطَرْنَ مِن قَلبي فَهُنَّ دِماءُ
إِذا لَم تَكونوا فَالحياةُ مَنيّةٌ / وَلا خَيرَ فيها وَالبقاءُ فناءُ
وَإمّا شَقيتمْ في الزمانِ فإنّما / نَعيمي إِذا لَم تلبسوهُ شقاءُ
لَحَا اللَّهُ قَوماً لَم يُجازوا جَميلكم / لأنَّكُمُ أَحسنتُمُ وَأَساؤوا
وَلا اِنتاشهُم عندَ المكارِهِ مُنهضٌ / ولا مَسّهم يَومَ البلاءِ جزاءُ
سَقَى اللَّهُ أَجداثاً طُوين عَليكُمُ / وَلا زالَ مُنْهلاً بهنَّ رِواءُ
يَسيرُ إِلَيهِنّ الغمامُ وَخَلفهُ / زَماجِرُ مِن قَعقاعِه وحُداءُ
كَأَنَّ بواديهِ العِشار تَروَّحتْ / لَهنَّ حنينٌ دائمٌ ورُغاءُ
وَمَن كانَ يُسقى في الجنانِ كَرامةً / فَلا مَسَّه مِن ذي السحائِبِ ماءُ
عَلى مثلهِ تُذرى العيونُ دماء
عَلى مثلهِ تُذرى العيونُ دماء / فَلا يَحتَشِم باكٍ عَليهِ بُكاءا
وَقُل لِلّذي سَحّت شؤونُ دُموعِهِ / دَعِ الدمعَ يَجري كَيفَ شِئتَ وشَاءا
وَلا تَمنعِ الأجفانَ سَحَّا فكلّما / هَرَقْنَ الّذي فيهنَّ عُدنَ ملاءا
فَما اليوم إِلّا يَومُ حُزنٍ وَلَوعَةٍ / فَخلِّ حِراناً في الأَسى وَإِباءا
وَإِن كُنتَ طَوْعاً لِلحَياءِ فَلا تُطِعْ / بِجَدّك في هَذا المُصابِ حَياءا
وَنادِ نَصيحاً لا أُحبُّ نصيحةً / وَقُل لِمعَزٍّ لا أريدُ عَزاءا
أَمِن بعدِ فجعِ الموتِ بِاِبن مُحمّدٍ / وَكانَ كَصدر المشرَفيِّ مَضاءا
أُرجّي بِأوطانِ العَدامة ثَروةً / وَآمل في دارِ الفناءِ بَقاءا
دَفَنتُ الإِخاءَ العذب لمّا دَفنتهُ / فَلَستُ بباغٍ ما حييتُ إخاءا
وَما كانَ إِلّا حامِلاً ثِقْلَ قومهِ / إِذا أَظلَموا يَوماً عليهِ أَضاءا
وَلَم يكُ خَوّاراً وَلا كانَ عُودُهُ / إِذا عَجموهُ بِالنيوبِ أَباءا
يَعِلُّونَه ما يُجتَوى ويَعِلُّهمْ / صَفاءً عَلى تَرنيقِهم وَوفاءا
وَيُسرع نَهّاضاً بما آدَ ثِقلُه / إِلَيهم وَإِن كانوا عَليه بِطاءا
وَمِمّا شَجا أنّي رُزِئتك بَغتةً / وَقَد كنتُ مَملوءَ الفُؤادِ رَجاءا
وَودَّ رِجالٌ لَو فَدَوْك وقلّما / تَقبّل وُرّادُ الحِمامِ فِداءا
أَلا إِنَّ قَومي بعدَ بَأسٍ وَكَثرةٍ / قَضَوا بِفُنونِ الحادِثاتِ قَضاءا
رَدوا بعدَ أَن كانوا سدادَ عظيمةٍ / وَكانوا لأوجاعِ الزّمانِ شِفاءا
وولَّوا كما انقضّت نجومُ دُجُنَّةٍ / وقد أترعوا صُحفَ الرّواة ثناءا
وَلَمّا مَضوا يَهوُون في سنَنِ الرّدى / أَحالوا صباحَ المَكرُمات مَساءا
أَماويُّ إِنْ كانَ الشبابُ الَّذي اِنقَضَت
أَماويُّ إِنْ كانَ الشبابُ الَّذي اِنقَضَت / لَياليهِ عَنّي شابَ مِنكَ صَفاءا
فَما الذّنبُ لي في فاحمٍ حالَ لَونهُ / بَياضاً وَقَد حالَ الظلامُ ضِياءا
وَما إِنْ عَهِدنا زائلاً حانَ فقدُهُ / وَإِنْ كانَ مَوقوفاً أَزال إِخاءا
وَلَو كانَ فيما يُحدثُ الدَّهرُ حيلةٌ / أَبَيْتُ عَلى هَذا المَشيبِ إِباءا
فَلا تُنكري لَوناً تَبَدّلتُ غَيرَه / كَمُستَبدِلٍ بَعدَ الرّداءِ رِداءا
فَإِنّي على العهدِ الّذي تَعهَدينهُ / حفاظاً لما اِستَحفَظتِنِي وَوفاءا
مَشيبٌ كَفَتقِ اللّيلِ في مُدلهمّةٍ / أَتاك يَقيناً أو أَزال مِراءا
كَأنَّ اللَيالي عنهُ لمّا رَمَينني / جَلَوْنَ صَداءً أو كشَفن غِطاءا
فَلا تَجعلي ما كانَ منكِ مِنَ الأَذى / عِقاباً لِما لَمْ آتِهِ وَجَزاءا
وَعُدّي بَياضَ الرّأسِ بعدَ سوادهِ / صَباحاً أَتى لَمْ أَجْنِهِ وَمَساءا
وَلا تَطلُبي شَيئاً يَكونُ طِلابهُ / وَقَد ضَلَّ عنهُ رائِدوهُ عناءا
فَإِنّكِ إِنْ نادَيتِ غِبَّ تلهّفٍ / شَباباً وَقَد وَلّى أَضَعْتِ نِداءا
وَلَمّا اِستَقلّتْ بِابنِ حَمْدٍ رِكابُهُ
وَلَمّا اِستَقلّتْ بِابنِ حَمْدٍ رِكابُهُ / وَأَشعرتُ نَفسي مِن نواهُ بِنَأيها
ذَهَلتُ فَما أَدري وَنَفسي دريّةٌ / أَفي أَرضِها وَدّعتُهُ أَم سَمائهَا
وَقُلتُ لِحادِيهِ هُبلتَ فإِنّما / رَميتَ صَحيحاتِ القُلوبِ بدائِهَا
كَأنّي وَقَد فارقته ابنُ رَكِيّةٍ / رَجاها فَزلّتْ كفُّه عن رِشائِهَا
حَرامٌ على عَيني الكرى بَعدَ بُعدِكم / وَحَلّ لِعَيني أَنْ تَجودَ بمائِهَا
وَكَمْ عَبرَةٍ كَفكَفتُ منهُ تجمّلاً / فلمّا أَبَتْ مرَّتْ على غُلوائِهَا
وَعاذلةٍ هبّتْ تهوّن بَينَكم / وَهَيهات مِن سَمعي قبولُ نِدائِها
وَلَمّا اِلتَقَينا وَالرّقيب بِنَجْوةٍ
وَلَمّا اِلتَقَينا وَالرّقيب بِنَجْوةٍ / وَقَد حانَ مِن شَمسِ النّهارِ مَغيبُ
أَبَحْنا الهَوى ما شاءَ مِنّا وَرُوِّيَتْ / عُيونٌ ظِماءٌ في الهَوى وَقُلوبُ
فَلَم تَكُ إِلّا ساعةً ثُمَّ زعزع ال / تَلاقي شمالٌ لِلنّوى وجنوبُ
ولولا النّوى ما كان للدهر زلّةٌ / ولا لِلَّيالي الماضياتِ عيوبُ
يَقولونَ لي لِمْ أَنتَ بِالذُّلِّ راكدٌ
يَقولونَ لي لِمْ أَنتَ بِالذُّلِّ راكدٌ / فَقُلتُ لِأَنّي في الحَياةِ رَغوبُ
نَضَا العزّ مِن أَكنافِهِ مَنْ تروقُهُ / حَياةٌ وَتحْلَولى لَهُ وتَطيبُ
وَعَيشِيَ بَينَ الأغبياءِ غضاضةٌ / وَلي مِن عيوبِ الأقربينَ عُيوبُ
وَبَينَ ضُلوعي غَيرَ أَنْ لَم أبُحْ بهِ / أُوارٌ عَلى فَوتِ المُنى وَلَهيبُ
وَلِلدّهرِ عِندي كُلَّ يَومٍ وَلَيلَةٍ / وَإِن لَم يَكُن مِنّي العتابُ ذنوبُ
وَلي كلُّ داءٍ قاتلٍ ثُمّ لَيس لي / مِنَ الداءِ في كُلِّ الرّجالِ طَبيبُ
إِذا كنتِ أَزمعتِ الرّحيل فإنّنا
إِذا كنتِ أَزمعتِ الرّحيل فإنّنا / سَتَرحلُ مِنّا أَنفسٌ وقلوبُ
وَإنْ تَبعدي عنّا فَللعَينِ أدمعٌ / تَصوب وَللقلبِ المَشوق وجيبُ
وَما لِحَياةٍ بَعدَ فَقدِكِ لذّةٌ / وَلَيسَ لِعَيشٍ بعد بينِكِ طيبُ
وَمَن قالَ إِنّ البينَ يُسلي عَنِ الهَوى / جَهول بِأَسبابِ الغَرامِ كَذوبُ
مَرَرنا عَلى سِربِ الظّباءِ عَشيّةً
مَرَرنا عَلى سِربِ الظّباءِ عَشيّةً / فَلَم يَعدُنا حَتّى تَقنّصنا السِّربُ
وَكُنّا نَظنُّ القربُ يَشفي سَقامنا / فَلم يَكُ إِلّا كلُّ أَدوائنا القُربُ
وَقالوا أَلَمّا تَنْهَ قلبك عَن هوىً / فَقلتُ وَهَل لي بَعدِ بَينِهِمُ قلبُ
نَصيبِيَ منكِ اليومَ هجرٌ وبغضَةٌ
نَصيبِيَ منكِ اليومَ هجرٌ وبغضَةٌ / وما لكِ إِلّا في الودادِ نَصيبُ
وَقَلبُكِ مِن حُبّي صَحيح مسلَّمٌ / وَقَلبيَ فيهِ مِن هواكِ ندوبُ
وَرابَكِ مِنّي قبل أَن تَتبيّني / بِأَنْ لَيسَ لي أَمرٌ عليهِ مَشيبُ
وَعاقَبني ظلماً وَكَم من مُعَاقَبٍ / وَلَيسَ لَهُ عندَ الحسان ذنوبُ
وَلَيسَ عَجيباً شيبُ رَأسي وَإِنّما / صدودُك عَن ذاكَ المشيب عجيبُ
هَبيهِ نَهاراً بَعد ليلٍ وروضةً / تضاحك فيها النّور وهيَ قَطوبُ
وَلا تَطلُبي شَرخَ الشّبابِ وَقَد مَضى / فذلكَ شَيءٌ ما أَراه يثوبُ
عَلى مثلِ هَذا اليومِ تُحنى الرّواجب
عَلى مثلِ هَذا اليومِ تُحنى الرّواجب / وَتُطوى بفضلٍ حِيز فيه الحقائبُ
حُبينا وأُمّرْنا بهِ فَبُيوتُنا / لدُنْ قيلَ ما قد قيلَ فيهِ الأهاضبُ
وَطارَت بِما نِلناهُ أَجنِحَةُ الوَرى / وَسارَت بهِ في الخافِقين الرّكائبُ
وَقالَ أُناسٌ هالَهم ما رَأوا لنا / أَلا هَكَذا تَأتي الرّجالَ المواهبُ
ظَفرتُمْ بِما لَم نَحظَ مِنهُ بنَهْلةٍ / وَلَذَّت لَكُم دونَ الأَنامِ المَشاربُ
وَبوّاكُمُ الشِّعبَ الّذي هو ساكنٌ / رسولٌ لهُ أمرٌ عَلى الخلق واجبُ
فَلمّا مَضى مَن كان أمَّرنا لَكمْ / أَتَتْنا كَما شاء العقوقُ العجائبُ
فَقُل لأُناسٍ فاخَرونا ضلالةً / وَهُم غُرباءٌ مِن فخارٍ أجانبُ
مَتى كُنتُمُ أَمثالَنا وَمَتى اِستَوتْ / بِنا وَبِكم في يَومِ فَخرٍ مَراتبُ
فَلا تَذكُروا قربى الرّسول لِتدفعوا / مُنازعكم يوماً فنحن الأقاربُ
وَمِن بعدِ يومِ الطفّ لا رحمٌ لَنا / تَئِطّ ولا شَعبٌ يرجّيه شاعبُ
وَكُنّا جَميعاً فَاِفتَرَقنا بِما جَرى / وَكَم مِن لَصيقٍ باعَدته المَذاهبُ
وَنَحنُ الرؤوسُ وَالشوى أَنتُمُ لَنا / وَمِن دونِنا أَتباعُنا وَالأصاحِبُ
لَنا دونَكم عَبّاسُنا وَعَليّنا / وَمَن هوَ نجمٌ في الدُجُنَّةِ ثاقبُ
وَلَو أَنّنا لَم نُنه عَنكم أتَتكُمُ / سِراعاً بنا مقانبٌ وكتائبُ
وَقَومٌ يَخوضونَ الرّدى وأكفّهم / تُناط بِبِيضٍ لم تخنها المضاربُ
إِذا طُلِبوا لَم يرهبوا مِن بسالةٍ / وَمن طَلبوا ضاقَت عليهِ المَذاهبُ
فَما بَيننا سِلمٌ ومَن كانَ دَهره / يُكتّم ضِغناً في حَشاهُ محاربُ
وَقيلَ لَنا لِلحقّ وَقتٌ معيّنٌ / يَفوز بهِ باغٍ وينجحُ طالبُ
فَلا تَطلُبوا ما لَم يَحِنْ بَعدُ حينُهُ / فَطالبُ ما لم يَقضِهِ اللّهُ خائبُ
فَإِنْ دُوَلٌ مِنكم مَشينَ تَبختُراً / زَماناً فقد تمشى الطِّلاحُ اللواغِبُ
وَإِن تَركَبوا أَثباجَ كلِّ منيفةٍ / فَكَم حُطّ مِن فَوقِ العَليّةِ راكبُ
فَلا تَأمَنوا مَن نامَ عنكم ضرورةً / فمُقْعٍ إلى أن يُمكن الوثبَ واثبُ
كَأنّي بِهنّ كالدَّبا هبَّتْ الصَّبا / به في الفلا طوراً وأُخرى الجنائبُ
يَحكّونَ أَطرافَ القَنا بِنُحورِهم / كما حكّت الجِذلَ القِلاصُ الأجاربُ
أَبِيّون ما حلّوا الوهادَ عن الرُّبا / وَما لهمُ إلّا الذُّرا والغواربُ
وَكَم مِنهمُ في غَمرةِ الحرب سالبٌ / وكم فيهمُ في حومة الجدب واهبُ
وَإِنّي لأرجو أَن أعيش إلى الّتي / تحدّثنا عنها الظّنونُ الصّوائبُ
فَتُقضى دُيونٌ قَد مُطِلْنَ وتنجلِي / دياجِرُ عن أبصارنا وغياهبُ
وتجري مياهٌ كنّ بالأمس نُضَّباً / وَتَهمي كَما شِئنا علينا السحائبُ
وتُدرك ثارات وتُقضى لُبانةٌ / وَتُنجح آمالٌ وتُؤتى مآربُ
أَتَنسيْن يا لَمياءُ شملكِ جامعاً
أَتَنسيْن يا لَمياءُ شملكِ جامعاً / وَإِذْ أَنا في صبغ الدُّجى منك أقربُ
وَقد لفّنا ضيقُ العناقِ وَبيننا / عِتابٌ كعرفِ المسكِ أو هو أطيبُ
وَإِذ علّنِي مِن ريقهِ ثم علّنِي / عَلى ظمإٍ مُستعذَبُ الرّيق أشنبُ
كَأنّ عليهِ آخرَ اللّيلِ قهوةً / مُعتّقةً ناجودُها يَتصوّبُ
أُحبّكِ يا لَمياءُ مِن غَيرِ رِيبةٍ / وَلا خَيرَ فيما جاءَهُ المتريِّبُ
وَيُطرِبُني إِنْ عنَّ ذكرُك مرّةً / وَلَستُ لِشيءٍ غير ذكراك أطربُ
وَفي المَعشَرِ الغادينَ بَدرُ دُجُنّةٍ / عَلوقٌ بِأَلبابِ الرّجالِ مُحبّبُ
يَدِلُّ فَلا تَأبى القلوبُ دلاله / ويُلقِي بأسبابِ الرِّضا حين يغَضَبُ
حَرامٌ عَلى قَلبي السلوُّ وَقَد بَدا
حَرامٌ عَلى قَلبي السلوُّ وَقَد بَدا / لِعَينِيَ عندَ الرّقمتينِ قَضيبُ
قَضيبٌ قَضى اللَّه المقدّر أنَّهُ / إِلى كلِّ أَلبابِ الرّجال حبيبُ
وَما كانَ عِندي أَنّ قَلبي يقودهُ / إِلَيه ويُدعى نحوه فيجيبُ
وفي النّفرِ الغادين وجهٌ أُحبّه
وفي النّفرِ الغادين وجهٌ أُحبّه / وما كلّ وَجهٍ في الرِّفاق حبيبُ
يَنوبُ مَنابَ البدرِ ليلةَ تمّهِ / وَيُغني غناءَ الشّمسِ حين تغيبُ
وَلمّا دَعاني للغرامِ أَجبتُه / وَما كانَ قَلبي للغرامِ يجيبُ
وَما كنتُ إِلّا فيهِ للحُبِّ طائِعاً / وَما لِسواهُ في الفؤادِ نَصيبُ
وَلِي صاحِبٌ لا يَصحب الضّيمَ ربُّهُ
وَلِي صاحِبٌ لا يَصحب الضّيمَ ربُّهُ / لَهُ في دِماءِ الدّارعين قِرابُ
وَأَسمرُ عَسّالُ الكعوبِ سنانُهُ / رَسولُ المَنايا في يَديهِ كتابُ
إِذا ما وَجا أو داجَ قَرْن مُصمّمٍ / أعاد مشيبَ الوجهِ وهو شبابُ
ملانِيَ فخراً أنّكَ اليومَ والدي / وأنَّكَ طَوْدي والأنام شِعابُ
أَلَستَ منَ القومِ الذينَ إذا دنَوْا / لِحَربٍ تَدانتْ أرْؤُسٌ ورقابُ
سيوفُهُمُ أَلحاظُهم وقناتهُمْ / سواعدُهمْ مهما اِستَحرَّ ضِرابُ
عَجِبتُ منَ الأيّام كيفَ تَروعنِي
عَجِبتُ منَ الأيّام كيفَ تَروعنِي / وَمن عَزَماتِي تسمتدّ النوائبُ
وَكَيفَ اِرتَجتْ عِندي بلوغَ إرادةٍ / وَما مالَ منّي في الغِوايةِ جانبُ
لَقد هَوّنتْ صَرفُ اللّيالي بَصيرَتي / وَآنَسُ شَيءٍ بِالفؤادِ المَصائبُ
إِذا كُنتُ أَستعلي بِنَفسٍ عزيزةٍ / فَلا قامَ أَنصارٌ ولا هبَّ صاحبُ
وَربّ حَسودٍ يَزدَريني بِقَلبهِ / إِذا رامَ نُطقاً أَخرَسَتْهُ المَناقبُ
تَسَربَل سِربالَ اللّيالي وَما دَرى / بِأَنّ مَكاني ما مشى فيه عائبُ
وَفارَقتُ أَخلاقَ الزّمانِ وأهلهِ / فَقد عَجبتْ أنْ لم تَنَلْنِي المعايبُ
وَمارَستُ مِن أَحوالهمْ ما بطرِفهِ / أشاهد ما تُفضِي إليه العواقبُ
إِذا لَم يَكُن بِالسّيف سعيُك للعُلا / فَلا دانَ مَطلوبٌ ولا ثار طالبُ
وَكُنتُ إِذا حاولت قَوماً تسفّهتْ / حلومُهُمُ حتّى جَفَتْنِي السّحائبُ
كَأَنّ الرّدى ما حُمّ إلّا لِصَلْوتي / وَلا خُلقتْ إلّا لِأَجلي العجائبُ
عَشِقتُ العُلا لا أَبتغي بَدَلاً لها
عَشِقتُ العُلا لا أَبتغي بَدَلاً لها / ولا عوضاً والعاشقون ضروبُ
فَما لي بِغَيرِ المأثُرَات صَبابةٌ / وما لِيَ إلّا المَأثراتُ حبيبُ
وَأَخطأتُ لمّا أن جَعلتكَ صاحِبي / وَذو الحَزمِ يُخطِي مرّةً ويصيبُ
وَأَنتَ بَعيدٌ مِن مَكانِ مَودّتي / وَإِنَّ مَزاراً بَينَنا لَقَريبُ
وَما هيَ إلّا زَلّةٌ أنَا بَعدها / أَعوجُ عَلَيها نادِماً فَأَتوبُ
فَيا مَنْ لِعَينِي كلَّ يومٍ وليلةٍ / قَذاةٌ بِها أَو لِلفُؤادِ كروبُ
وَلَولاهُ ما كانَت لِدَهري جِنايَةٌ / عَليَّ وَلا منه إليّ ذنوبُ
وَلا مَزّقتْ جلدي الغداة أظافرٌ / وَلا خَرَقْتهُ للزّمان نيوبُ
أَجبْتُك لَمّا أَن دَعوتَ اِغترارةً / وهيهات أُدعى بعدها فأُجيبُ
تُطالِبُنِي نَفسي بِما غَيرُهُ الرّضا
تُطالِبُنِي نَفسي بِما غَيرُهُ الرّضا / وَأَيُّ الرّجالِ نَفسُهُ لا تطالبُهْ
وَما زلتُ مغلوبَ الهوى وسفاهةٌ / على عاقلٍ أَنّ الهوى منه غالبُهْ
وَلم تكُ إِلّا في جَميلٍ مآربي / ومن ذا الذي لا تُستَزلُّ مآربُهْ
وَأَعلَم أَنّ المرءَ يَطويه لَحْدُهُ / ومنشورةٌ سقْطاتُه ومعايبُه
وَلَيسَ بِمَيْتٍ من مضى لسبيلهِ / ولمّا تَمُتْ آثاره ومناقبُه
وَمَن لَم تُهذّبْه تَجاريب دهرهِ / فَما ضرَّه أَلّا تَكون تجاربُهْ
وَأَقنعُ مِن خِلّي بِظاهرِ وُدّه / وَلَيسَ بِحْليٍ ما تضمّ ترائبُهْ
وَإنِّيَ مِمَّنْ إِنْ نَبا عَنهُ مَنزلٌ / نَبا وَنَجتْ عَنهُ عِجالاً ركائبُهْ
وَلَستُ بِمُستَبِق صديقاً تجهّمتْ / نواحي مُحيّاهُ أَوِ اِزوَرَّ جانبُهْ
وَلا عاتِبٌ يَوماً عليهِ فَإنّما / صَديقُك مَنْ صاحَبتَه لا تُعاتِبُهْ
وَلا خَيرَ في مولىً يُعاطيكَ بِشْرَه / وَفي صَدرهِ غِلٌّ تدبّ عقاربُهْ
وَلا صاحبٌ لي إنْ كشفتُ ضميرَه / ودِدْتُ وِداداً أنّنِي لا أُصاحبُهْ
وَفَضلُ الفَتى ما كان منه وفضلةٌ / عَلى مَجدهِ آباؤه ومناسبُهْ
خَلصتُ خلوصَ التِّبرِ ضوعفَ سبكُهُ / وَطاحَتْ بهِ أَقذاؤُه وشوائبُهْ
لِيَ الشاهِقاتُ الباسقاتُ من الذُّرا / وَفي مَحتِدِي هاماتُه وغواربُهْ
وَكَم طالِبٍ لِي فُتُّه وَسَبقتُهُ / وَلَم يَنجُ منّي هاربٌ أنَا طالِبُهْ
وَراقبني كُلُّ الرّجالِ بسالةً / وما فيهمُ مَنْ بتُّ يوماً أُراقبُهْ
وَقَد علم الأقوام لمّا عراهُمُ / مِنَ الدّهر خطبٌ لا تُرَدُّ مخالبُهْ
وَضَلّتْ وُجوه الرّأي عنه فلم تَبِنْ / لِراكبه بالرّغم أين مذاهبُهْ
بِأنّي فيهِ الرّمحُ بل كسنانِهِ / أو السّيفُ لا تنبو عليه مضاربُهْ
وكم مَوقفٍ في نَصرهم قمتُ وسْطَه / وما زال مسدوداً عليَّ مهاربُهْ
وَسَيلٍ منَ الموتِ الزُّؤامِ حميتُهمْ / شَذاه وَقَد سالَتْ عَليهم مذانبُهْ
أُحِبُّ ثَرى نجدٍ ونجدٌ بعيدةٌ
أُحِبُّ ثَرى نجدٍ ونجدٌ بعيدةٌ / أَلا حبّذا نجدٌ إن لم تُفِدْ قُربا
يَقولونَ نَجدٌ لستَ من شعبِ أَهلها / وَقد صَدقوا لكنّني منهُمُ حُبّا
كَأنّي وقَد فارَقت نجداً شقاوةً / فتىً ضلَّ عنهُ قلبُه يَبتغي قلبا
أَما آنَ لِلسّلوانِ أَن يَردَعَ الصَّبّا
أَما آنَ لِلسّلوانِ أَن يَردَعَ الصَّبّا / وَلا لِدنوّ الهَجرِ أن يُبعد الحبّا
لَقد أنكرَ الدّهر العَثور صَبابتي / وَقَد كانَ أَلقى مُهجَتي للهوى خربا
وَلَمّا وَقَفنا لِلوَداعِ اِنتَضَتْ لَنا / يَدُ البَينِ بَدراً مزّقت دونَهُ السُّحْبا
فَأَبصرتُ عرساً بَينَ بُردَيهِ مأْتمٌ / وَأَوليت بِرّاً عادَ عِندَ النّوى ذنبا
وَقُد كنتُ أَخشى وَثبَةَ الدّهرِ بَينَنا / وَنَحنُ مِنَ الإِشفاقِ نَستَوعرُ العَتْبا
فَكَيفَ وَقَد خاضَ الوشاةُ حَديثنا / وَأَضحَوْا لَنا مِن دونِ أَترابِنا صَحبا
سَقى اللَّه أَكنافَ اللّوى مُرْجَحِنَّةً / سَحاباً يَظلّ الهَضبُ مِن جودِهِ خَضْبا
وَأَطلقَ أَنفاسَ النّسيم بجوّهِ / فَكَم كَبِدٍ حَرّى تَهَشُّ إذا هبّا
فَعَهدي بهِ لا يهتدِي البين طُرْقَه / وَلا تَطرق الأحزانُ مِن أَهلهِ قلبا
حَمَتْهُ اللّيالي عَن مُطالَبةِ الرّدى / وَلَم أَدرِ أَنَّ الدّهرَ يَجعلهُ نَهبْا
وَمن ذا الّذي لا يَفتق الدّهر رَتْقَه / وَلا تُنزل الدنيا بِساحتهِ خَطبا
بِرَبِّك ما مَزجي المَطيّة هل رَعتْ / رِكابُك في سفح الحِمى ذلك الرّطْبا
وَهَل كَرِعتْ مِن ذلك الحيّ كرعةً / فَقَد طالما شرّدت عنّي به كَرْبا
وَهَل لَعِبت أَيدي السيول بِحَزْنه / وَهَل سَفَت الأَرواح مِن سهلهِ التُّربا
غَرامي بِأَهلِ الجِزْع منك بنجوةٍ / وَلَو جُزته أَعيا الرّكائب والرّكْبا
وَكَم لائِمٍ في المَجدِ لا نُصحَ عِندَهُ / جَعلتُ جَوابي عَن مَلامَتِه تبّا
يَلوم عَلى أنّي أحِنّ إلى النّدى / وَلَيسَ لِمَن عابَ النّدى عندِيَ العُتبى
وَما المالُ إلّا ما سَبقت به ردىً / فَأَعطيته أَو ما شفيت به صبّا
وَعِندي لِمَنْ رامَ اِبتِلائِيَ همَّةٌ / تُرى بعْدَ طُرْقِ المَكْرُماتِ هو القربا
مُهذِّمَةٌ لا يخطب الهزلَ جِدُّها / ولا تملأُ الرّوعاتُ ساحتها رُعبا
لَها شَفرة لا يَكْهَمُ الدّهرُ غربها / وَلَن تَترك الأيامُ في شفرةٍ غَرْبا
وَلَيلٍ كَأنَّ البدرَ في جنَبَاتهِ / أَخو خَفَرٍ يُدْنِي إِلى وَجهِهِ سِبّا
خَرقتُ حَواشيهِ بِخَرقاءَ جَسْرةٍ / تَرى الصّدقَ في عَينيك ما وجدتْ كِذْبا
مُسهّدَةٌ لا يطعمُ النومَ جَفنُها / وَلا تَبلغ الغايات مِن صَبرها العُقبى
إِذا ما اِستَمرّتْ في الشّكيم تَلوكه / كَسا مِشفراها عارِيات الرُّبا عُطْبا
أَقول إِذا أَفنى الدُّؤوب تجلّدي / أَلا ربّ تصديعٍ ملكت به الشّعبا
وَلا بدَّ لي مِن نَهضةٍ في لُبانةٍ / أُميتُ القنا فيها وأُحْيي به النّحْبا
فَإِن أَبلغِ القُصوى فشيمةُ ماجدٍ / وَإِن تَنبُ أَسيافِي فَلَن أَدع الضّربا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025