القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : سِبْط ابن التَّعاويذي الكل
المجموع : 38
أُبِثُّكَ مَجدَ الدَينِ حالاً سَماعُها
أُبِثُّكَ مَجدَ الدَينِ حالاً سَماعُها / يَشُقُّ عَلى الأَمجادِ وَالكُبَراءِ
رُزِئتُ بِعَينٍ طالَما سَهِرَت مَعي / لِنَظمِ مَديحٍ أَو لِرَصفِ ثَناءِ
خَدَمتُ بِها الآدابَ خَمسينَ حِجَّةً / وَأَجهَدتُها في خِدمَةِ الخُلَفاءِ
وَكَم سَيَّرَت مَدحَ المُلوكِ وَأَوجَبَت / حُقوقاً عَلى الأَجوادِ وَالكُرَماءِ
تَعَطَّلَ مِنها كُلُّ نادٍ وَمَجمَعٍ / وَأَوحَشَ مِنها مُلتَقى الأُدَباءِ
فَلَو ساعَدَتني بِالبُكاءِ شُؤونُها / بَكَيتُ عَلى أَيّامِها بِدِماءِ
رَمَتني يَدُ الأَيّامِ فيها بِعائِرٍ / فَبُدِّلتُ مِنها ظُلمَةً بِضِياءِ
وَرَنَّقَ عَيشي وَاِستَحالَت إِلى القَذى / مَشارِبُهُ عَن رِقَّةٍ وَصَفاءِ
جَفاءٌ مِنَ الأَيّامِ بَعدَ مَوَدَّةٍ / وَسَلبٌ مِنَ الأَيّامِ غِبَّ عَطاءِ
تَنَكَّرَتِ الدُنيا عَلَيَّ فَفَوَّقَت / إِلَيَّ سِهامَ الغَدرِ بَعدَ وَفاءِ
فَأَضحَت وَقَد كانَت إِلَيَّ حَبيبَةً / وَأَبغَضُ ما فيها إِلَيَّ بَقائي
وَأَعهَدُها سِلمي وَيا رُبَّ زَعزَعٍ / جَرَت مِن مَهَبّي سَحسَحٍ وَرُخاءِ
وَها أَنا كَالمَقبورِ في كِسرِ مَنزِلٍ / سَواءٌ صَباحي عِندَهُ وَمَسائي
يَرِقُّ وَيَبكي حاسِدي لِيَ رَحمَةً / وَبُعداً لَها مِن رِقَّةٍ وَبُكاءِ
فَيالَكَ رُزءاً عِزَّ عِندي مُصابُهُ / أَبيتُ عَليهِ مِن قُبولِ عَزاءِ
وَوَاهاً لِظَهرٍ مِن مَشيبٍ عَلَوتُهُ / وَخَلَّفتُ أَيّامَ الشَبابِ وَرائي
وَيا خَيرَ مَن يُدعى لِيَومِ كَريهَةٍ / وَأَكرَمَ مَن يُرجى لِيَومِ رَخاءِ
وَمَن عِندَهُ ما يَبتَغي كُلُّ آمَلٍ / وَلاجٍ طَريدٍ مِن غِنىً وَغِناءِ
وَيا مُلبِسَ الدُنيا بِأَيّامِ مُلكِهِ / رِداءَ جَمالٍ رائِعٍ وَبَهاءِ
وَمَن ساسَها حَتّى اِطمَأَنَّت وَزانَها / بِعَزمَةِ رَأيٍ ثاقِبٍ وَرُواءِ
فَضُلتَ بِآباءٍ كِرامٍ وَسودَدٍ / قَديمٍ وَنَفسٍ مُرَّةٍ وَإِباءِ
وَأَثَّلتَ مَجداً طارِفاً غَيرَ قانِعٍ / بِمِراثِ مَجدٍ سالِفٍ وَعَلاءِ
وَأَنشَرتَ عَدلاً ضَوَّعَ الأَرضَ ذِكرُهُ / تَضَوُّعَ نَشرِ الرَوضِ غَبَّ سَماءِ
إِذا قيسَتِ الأَنواءُ يَوماً إِلى نَدى / يَدَيكَ عَدَدناها مِنَ البُخَلاءِ
وَأَنتَ إِذ ما العامُ ضَنَّت سَماؤُهُ / رَبيعُ اليَتامى نَجعَةُ الفُقَراءِ
أُناديكَ مَرجُوّاً لِسَدِّ خَصاصَتي / وَمِثلُكَ مَن لَبّى نَداهُ نِدائي
وَما لِيَ لا أَدعوكَ في يَومِ شِدَّتي / وَأَنتَ مُجيبي في زَمانِ رَخائي
وَمِثلُكَ مَن أَولى الجَميلَ وَأَفضَلَت / مَواهِبُ كَفَّيهِ عَلى الفُضَلاءِ
وَأَنتَ جَديرٌ بِاِصطِناعي وَقادِرٌ / عَلى حَسمِ دائي عارِفٌ بِدَوائي
وَلا ضامَني دَهرٌ وَرَأيُكَ عُدَّتي / وَلا خابَ لي سَعيٌ وَأَنتَ رَجائي
أَتَقطَعُ فيكَ الأَرضَ غُرُّ مَدائِحي / وَيَقرَعُ أَبوابَ السَماءِ دُعائي
وَأَخشى وَرَبعي في جِوارِكَ ضَيعَةً / وَضيماً إِذاً يا ضَلَّتي وَشَقائي
فَلا عَرَفَت أَخلاقُكَ الغُرُّ جَفوَةً / وَحاشا لَها مِن قَسوَةٍ وَجَفاءِ
وَلا كَذَبَت آمالُ راجٍ أَمامَها / شَفيعانِ إِخلاصٌ وَصِدقُ وَلاءِ
وَيا اِبنَ الكِرامِ الأَوَّلينَ تَعَطُّفاً / عَليَّ فَإِنّي آخِرُ الشُعَراءِ
وَكُن لي إِلى جودِ الخَليفَةِ شافِعاً / أَنَل حاجَتي ما كُنتَ مِن شُفَعائي
وَقُل صالِحاً تُجزى بِهِ صالِحاً غَداً / فَما هَذِهِ الدُنيا بِدارِ جَزاءِ
أُبِثُّكُمُ أَنّي مَشوقٌ بِكُم صَبُّ
أُبِثُّكُمُ أَنّي مَشوقٌ بِكُم صَبُّ / وَأَنَّ فُؤادي لِلأَسى بَعدَكُم نَهبُ
تَناسَيتُمُ عَهدي كَأَنّي مُذنِبٌ / وَما كانَ لي لَولا مَلالُكُم ذَنبُ
وَقَد كُنتُ أَرجو أَن تَكونوا عَلى النَوى / كَما كُنتُمُ أَيّامَ يَجمَعُنا القُربُ
وَقَد كانَتِ الأَيّامُ سِلمي وَشَملُنا / جَميعٌ فَأَمسَت وَهيَ لي بَعدَها حَربُ
فيا مَن لِقلبٍ لا يُبَلُّ غَليلُهُ / وَأجفانِ عَينٍ لا يَجِفُّ لَها غَربُ
حَظَرتُ عَليها النَومَ بَعدَ فِراقِكُمُ / فَما يَلتَقي أَو يَلتَقي الهُدبُ وَالهُدبُ
وَبالقَصرِ مِن بَغداذَ خودٌ إِذا رَنَت / لَواحِظُها لَم يَنجُ مِن كَيدِها قَلبُ
كَعابٌ كَخوطِ البانِ لا أَرضُها الحِمى / وَلا دارُها سَلعٌ وَلا قَومُها كَعبُ
مُنَعَّمَةٌ غيرُ الهَبيدِ طَعامُها / وَمِن غيرِ أَلبانِ اللِقاحِ لَها شُربُ
وَلا دونَها بيدٌ يُخاضُ غِمارُها / قِفارٌ وَلا طَعنٌ يُخافُ وَلا ضَربُ
مَحَلَّتُها أَعلا الصَراةِ وَدارُها / عَلى الكَرخِ لا أَعلامُ سَلعٍ وَلا الهَضبُ
إِذا نُسِبَت آباؤُها التُركُ وَاِنتَمَت / إِلى قَومِها أَخفَت مَناسِبَها العُربُ
وإِن حُجِبَت بِالسُمرِ وَالبيضِ غادَةٌ / فَليسَ لَها إِلّا غَلائِلِها حُجبُ
وَلَم أَنسَها كالظَبي لَيلَةَ أَقبَلَت / تُهادي وَمِن أَترابِها حَولَها سِربُ
وَسَقَّت عَنِ الوَردِ المُضرَّجِ بِالحَيا / لَنا بَينُهُم تِلكَ المَعاجِرُ وَالنُقبُ
وَلَمّا تَلاقَت بِالصَراةِ رِكابُنا / وَرَقَّ لَنا مِن حَرِّ أَنفاسِنا الرَكبُ
عَلى الجانِبِ الغَربي والجَوُّ مَوهِناً / رَقيقُ الحَواشي وَالنَسيمُ بِها رَطبُ
وَغابَ رَقيبٌ نَتَّقيهِ وَكاشِحٌ / وَراقَت لَنا الشَكوى وَلَذَّ لَنا العَتبُ
وَباتَت بِكَفّيها مِنَ النَقشِ رَوضَةٌ / لَنا وَغَديرٌ مِن مُقَبَّلِها عَذبُ
وَهانَ عَليها أَن أَبيتَ مُسَهَّداً / أَخالَوعَةٍ لا يَألَفُ الأَرضَ لي جَنبُ
إذا قُلتُ يالَمياءُ حُبُّكِ قاتِلي / تَقولُ وَكَم مِن عاشِقٍ قَتَلَ الحُبُّ
وَإِن قُلتُ قَلبي في يَدَيكِ ضَريبَةٌ / تَقولُ وَأَينَ المُستَطيبُ لَهُ الضَربُ
رُوَيدَكِ إِنَّ المالَ غادٍ وَرائِحٌ / وَمِن شِيَمِ الدَهرِ العَطِيَةُ وَالسَلبُ
لَئِن ضاقَتِ الزَوراءُ عَني مَنزِلاً / فَلي في بِلادِ اللَهِ مُرتَكَضٌ رَحبُ
سَأُرهِفُ حَدَّ العَزمِ في طَلَبِ الغِنى / وَأُسهِبُ حَتّى يَعجَبَ الحَزنُ وَالسَهبُ
فَما خابَ مَن كانَت وَسائِلَهُ الظُبا / إِلى الحَظِّ وَالقودُ المُطَهَّمَةُ القُبُّ
وَما أَنا مِن يَثني الهَوى مِن عِنانِهِ / وَيُملَكُ في حُبِّ الحِسانِ لَهُ لُبُّ
وَما أَدَّعي أَنّي عَلى الحُبِّ صَخرَةٌ / وَأَنَّ فُؤادي لايَحِنُّ وَلا يَصبو
وَلَكِنَّها الأَيّامُ تَعصِفُ بِالفَتى / إِلى غَيرِ ما يَهوى زَعازِعُها النُكبُ
وَقَد يُصحبُ القَلبُ الأَبيُّ عَلى النَوى / وَيَسلو عَلى طولِ المَدى الهائِمُ الصَبُّ
وَفي كُلِّ دارٍ حَلَّها المَرءُ جيرَةٌ / وَفي كُلِّ أَرضٍ لِلمُقيمِ بِها صَحبُ
وَإِنَ عادَ لي عَطفُ الوَزيرِ مُحَمَّدٍ / فَقَد أَكثَبَ النّائي وَلانَ لي الصَعبُ
وَزيرٌ إِذا اِعتَلَّ الزَمانُ فَرَأيُهُ / هِناءٌ بِهِ تُشفى خَلا إِقُهُ الجُربُ
لَهُ خُلُقا بأسِ وَجودٍ إِذا سَقى / بِسِجليهِما لَم يُخشَ جَورٌ وَلا جَدبُ
عَليهِ مِنَ الرَأيِ الحَصينِ مُفاضَةٌ / وَفي كَفِّهِ مِن عَزمِهِ باتِرٌ عَضبُ
يَفُلُّ العِدى بِالرُعبِ قَبلَ لِقائِهِ / فَلِلَّهِ مَلكٌ مِن طَلائِعِهِ الرُعبُ
نُهيبُ بِهِ في لَيلِ خَطبٍ فَيَنجَلي / وَنَدعوهُ في كَربٍ فَينفَرِجُ الكَربُ
وَتَلقاهُ يَومَ الرَوعِ جَذَلانَ باسِماً / وَقَد عَبَّسَت في وَجهِ أَبطالِها الحَربُ
فَطوراً سِنانُ السَمهَري بِكَفِهِ يَراعٌ / وَأَحياناً كَتائِبُهُ الكُتبُ
إِذا أَمَرَتهُ بِالعِقابِ حَفيظَةٌ / نَهاهُ المُحَيّا الطَلقُ وَالخُلقُ العَذبُ
إِلى عَضُدِ الدينِ الوَزيرِ سَمَت بِنا / رَكائِبُ آمالٍ طَواها السُرى نُجبُ
إِلى الضَيِّقِ الأَعذار في الجودِ بِاللُهى / ولا عُذرَ إِن ضَنَّت بِدَرَّتِها السُحبُ
أَأَظمى وَدوني مِن حِياضِ مُحَمَّدٍ / مَناهِلُ جودٍ ماوئها غَلَلٌ سَكبُ
وَأَخشى اللَيالي أَن تَجورَ خُطوبُها / وَما جارَ في عَصرِ الوَزيرِ لَها خَطبُ
وَقَد عِشتُ دَهراً رائِقاً في جَنابِهِ / فَما شُلَّ لي سَرحٌ وَلا ريعَ لي سَربُ
أَروحُ وَلي مِنهُ الضِيافَةُ وَالقِرى / وَأَغدو وَلي مِنهُ الكَرامَةُ وَالرُحبُ
وَمازِلتُ في آلِ الرَفيلِ بِمَعزِلٍ / عَنِ الضَيمِ مَبذولاً لي الأَمنُ وَالخِصبُ
إِذا أَنا غالَبتُ اللَيالي تَكَفَّلَت / بِنَصري عَليها مِنهُم أُسُدٌ غُلبُ
مَغاويرُ لَولا بَأسُهُم أَورَقَ القَنا / وَلَولا النَدى ذابَت بِأَيديهِم القُضبُ
إِذا سُئِلوا جادوا وَإِن وَعَدوا وَفوا / وَإِن قَدَروا عَفّوا وَإِن مَلَكوا ذَبوا
هُمُ عَلَّمُوا نَفسي الإِباءَ فَكَيفَ لي / بِتَركِ إِباءِ النَفسِ وَهوَ لَها تِربُ
صَحِبتُهُمُ وَالعودُ يَقطُرُ ماؤُهُ / رَطيبٌ وَأَثوابُ الصِبى جُدُدٌ قُشبُ
وَها أَنا قَد أودى المَشيبُ بِلِمَّتي / وَلاحَت بِفَودَيها طَوالِعُهُ الشُهبُ
وَكم مِنَنٍ عِندي لَهُ وَصَنائِعٍ / حَليتُ بِها وَهِيَ الخَلاخيلُ وَالقُلبُ
أَحِنُّ إِلى أَيّامِها وَعُهودِها / كَما حَنَّتِ الوَرقُ المُوَلَّهَةُ السُلبُ
وَلي إِن قَضى عَهدُ التَواصُلِ نَحبَهُ / مَدائِحُ لا يُقضى لَها أَبَداً نَحبُ
مَدَحَتهُمُ حُبّاً لَهُم وَإِخالُها سَتَروى / وَمِن فَوقي الجَنادِلُ وَالتُربُ
فَإِن أَقتَرِف ذَنباً بِمَدحِ سِواهُمُ / فَإِنَّ خِماصَ الطَيرِ يَقنِصُها الحَبُّ
أَعِد نَظَراً فيمَن صَفا لَكَ قَنبُهُ / وَخاطِرُهُ فالشِعرُ مَنبِتُهُ القَلبُ
أَيَطمَعُ في إِدراكِ شَأويَ مُفحَمٌ / وَأَينَ الدَنّيُ النِكسُ وَالفاضِلُ النَدبُ
يُطاوِلُني في نَظمِ كُلِّ غَريبَةٍ / لي الحَفلُ مِن أَخلافِها وَلَهُ العَصبُ
يُنازِعُني عِلمَ القَوافي وَإِنَّهُ / لَيَجهَلُ مِنها ما العَروضُ وَما الضَربُ
أَبيتُ وَهَمّي أَن تَسيرَ شَوارِدي / إِذا هَمَّهُ مِنها المَعيشَةُ وَالكَسبُ
فَسَوِّ عَلى قَدرِ القَرائِحِ بَينَنا / وَمِن عَجَبٍ أَن يَستَوي الرَأسُ وَالعَجبُ
فَثِب في خَلاصي مِن يَدِ الدَهرِ وازِعاً / حَوادِثَهُ عَنّي فَقاد أَمكَنَ الوَثبُ
وَسَقِّ غُروسَ المَكرُماتِ فَإِنَّني / أُعيذُكَ أَن تَذوى وَأَنتَ لَها رَبُّ
وَحاشى لِمَدحي أَن تَجِفَّ غُصونُهُ / وَمِن بَحرِ جَدواك المَعينِ لَها شُربُ
وَلا أَجدَبَت أَرضٌ وَأَنتَ لَها حَيّاً / وَلا مَرِضَت حالٌ وَأَنتَ لَها طَبُّ
وَلا عَدِمَت مِنكَ الوِزارَةُ هِمَّةً / تَبيتُ وَمِن تَدبيرِها الشَرقُ وَالغَربُ
وَدونَكَ مِن وَشي القَوافي حَبائِراً / لَأَذيالِها في مَدحِكُم أَبَداً سَحبُ
هِيَ الدُرُّ في أَصدافِها ما طَوَيتَها / وَإِن نُشِرَت فَهِيَ اليَمانِيَةُ القُضبُ
إِذا فُضَّ يَوماً في يَدَيَّ خِتامُها / تَضَوَّعَ مِن إِنشادِها فيكُم التُربُ
فَداكَ قَصيرُ الباعِ وَانٍ عَنِ العُلي / سَريعٌ إِلى أَعتافِهِ الذَمُّ وَالثَلَبُ
لَهُ مَنزِلٌ رَحبٌ وَلَكِن نَزيلُهُ / بِبَيداءَ لا ماءٌ لَديها وَلا عُشبُ
وَلازِلَت مَرهوبَ السُطا وَاكِفَ الحَيا / حُسامُكَ لا يَنبو وَنارُكَ لا تَخبو
إِذا اِجتَمَعَت في مَجلِسِ الشُربِ سَبعَةٌ
إِذا اِجتَمَعَت في مَجلِسِ الشُربِ سَبعَةٌ / فَما الرَأيُ في تَأخيرِ هِنَّ صَوابُ
شِواءٌ وَشَمّامٌ وَشُهدٌ وَشاهِدٌ / وَشَمعٌ وَشادٍ مُطرِبُ وَشَرابُ
عَسى الدَهرُ يَوماً بِالبَخيلَةِ يَسمَحُ
عَسى الدَهرُ يَوماً بِالبَخيلَةِ يَسمَحُ / فَتُصحِبُ آمالٌ حِرانٌ وَتُسمِحُ
وَعَلَّ النَوى يَدنو بِها بَعدَ غُربَةٍ / فَيَطفي غَليلاً بِالإِيابِ وَيَنضَحُ
تَناءَت بِلَيلى الدارُ وَهيَ قَريبَةٌ / وَما خِلتُها تَنأى بِلَيلى فَتَنزَحُ
وَكَم غادَرَت بِالجِزعِ قَلباً بِذِكرِها / جَزوعاً وَعَيناً في ذُرى السَفحِ تَسفَحُ
فَلا رَقَأَت غُزرُ الدُموعِ وَقَد نَأَت / وَلا بَرِحَ القَلبَ الغَرابُ المُبَرِّحُ
وَإِنّي لَيُصبيني بِها بَعدَ هَبَّةٍ / هُبوبُ صَبّاً مِن أَيمَنِ الغورِ
تُرَوِّحُني فيكَ الأَمانِيُّ ضَلَّةً / لِمَن ظَنَّ أَنَّ اليَأسَ لِلصَبِّ أَروَحُ
وَحَمَّلَتني بَرحاً مِنَ الشَوقِ مُثقَلاً / وَهَجرُكِ غِبَّ البَينِ بِالتَلِّ أَبرَحُ
وَجارِيَةٍ مِن وَحشِ وَجرَةَ مُغزِلٍ / تَراءَت وَقَد مَرَّت بِذي البانِ تَسنَحُ
فَقُلتُ وَقَد نَصَّت إِلَيَّ سَوالِفاً / إِلَيكِ فَلَيلى مِنكِ أَبهى وَأَملَهُ
وَباكِيَةٍ لَم تَشكُ فَقداً وَلا رَمى / بِجَمرَتِها الأَدنينَ نَأيٌ مُطَوِّحُ
رَمَتها يَدُ الأَيّامِ في لَيثِ غابِها / بِفادِحِ خَطبٍ وَالحَوادِثُ تَفدَحُ
رَأَت جَلَلاً لا الصَبرُ يَجمُلُ بِالفَتى / عَلى مِثلِهِ يَوماً وَلا الحُزنُ يَقبُحُ
وَلا غَروَ أَن تَبكي الدِماءُ لِكاسِبٍ / لَها كانَ يَسعى في البِلادِ وَيَكدَحُ
عَزيزٌ عَلَيها أَن تَراني جاثِماً / وَمالي في الأَرضِ البَسيطَةِ مَسرَحٌ
وَأَن لا أَقودَ العيسَ تَنفُخُ في البُرى / وَجُردَ المَذاكي في الأَعِنَّةَِ تَمرَحُ
أَظَلُّ حَبيسا في قَرارَةِ مَنزِلٍ / رَهينَ أَسىً أُمسي عَليهِ وَأُصبِحُ
مَقامي فيهِ مُظلِمُ الجَيِّ قائِمٌ / وَمَسعايَ ضَنكٌ وَهوَ فَيحانُ أَفيَحُ
أُقادُ بِهِ قَودَ الجَنيبَةِ مُسمِحاً / وَما كُنتُ لَولا غَدرَةُ الدَهرِ أُسمِحُ
كَأَنِّيَ مَيتٌ لا ضَريحَ لِجَنبِهِ / وَما كُلُّ مَيتٍ لا أَبا لَكَ يُضرَحُ
وَها أَنا لا قَلبي بِراعٍ لِفائِتٍ / فَآسى وَلا يُلهيهِ حَظٌّ فَأَفرَحُ
فَلِلَّهِ نَصلٌ فُلَّ مِنّي غِرارُهُ / وَعودُ شَبابٍ عادَ وَهوَ مُصَوِّحُ
وَسَقياً لِأَيّامٍ رَكِبتُ بِها الهَوى / جَموحاً مِثلي في هَوى الغيدٍ يَجمَحُ
وَماضي صِباً قَضَّيتُ مِنهُ لُبانَتي / خِلاساً وَعينُ الدَهرِ زَرقاءُ تَلمَحُ
لَيالِيَ لي عِندَ الغَواني مَكانَةٌ / فَأَلحاظُها تَرنو إِلَيَّ وَتَطمَحُ
وَلَيلى بِها أَضعافُ مابي مِنَ الهَوى / أُعرِضُ بِالشَكوى لَها فَتُصَرِّحُ
فَصارَت تَرى مَغناكَ يا أَربُعَ الصِبا / سَحائِبُ مِن نَوءِ السَماكينِ دُلَّحُ
وَجادَتكِ إِن ضَنَّت عَلَيكِ بِمائِها ال / غَوادي غَوادٍ مِن دُموعي وَرُوَّحُ
وَسَيبُ أَميرِ المُؤمِنينَ فَإِنَّهُ / مِنَ المُزنِ أَندى ما عَلِمتُ وَأَسمَحُ
إِمامٌ يُطيعُ اللَهَ في خَلَواتِهِ / بِطاعَتِهِ الأَعمالُ تَزكو وَتَصلُحُ
أَضاءَت لَنا لَيلَ المُنى مِنهُ غُرَّةٌ / هِيَ الصُبحُ لا بَل مِن سَنا الصُبحِ أَوضَحُ
بِدَعوَتِهِ صابَ الحَيصَ وَبِعَدلِهِ / وَرَأفَتِهِ رَفَّ الهَشيمُ المُصَوِّحُ
لَهُ المَورِدُ العِدُّ الغَزيرُ وَماؤُهُ / عَلى كَثرَةِ الوُرّادِ لا يَتَضَحضَحُ
وَصَدرٌ هُوَ الأَرضُ الفَضاءُ وَإِنَّهُ / يَميناً مِنَ الأَرضِ الفَضاءِ لَأَفصَحُ
إِلى الناصِرِ بنِ المُستَضيءِ رَمَت بِنا / رَكائِبُ آمالٍ مِنَ السَيرِ طُلَّحُ
أَناخَت بِوَضّاحِ الجَبينِ مُمَدَّحٍ / وَما كُلُّ وَضّاحِ الجَبينِ مُمَدَّحُ
وَلَمّا أَحَلَّتني الأَماني بِبابِهِ / تَدَفَّقَ رِزقٌ كانَ بِالأَمسِ يَرشَحُ
وَأَسفَرَ وَجهُ الحَظِّ جِذلانَ باسِماً / وَعَهدي بِهِ وَهوَ العَبوسُ المُكَلِّحُ
وَأَنجَحَ مَسعى طالِبي الحاجِ عِندَهُ / وَما كُلُّ مَسعى طالِبي الحاجِ يَنجَحُ
وَسالَمَنا رَيبُ الزَمانِ وَلَم يَكُن / إِلى السِلمِ لَولا غَضبَةٌ مِنهُ يَجنَحُ
فَقُل لِمُلوكِ الأَرضِ عوذوا بِعَفوِهِ / وَبِالصَفحِ مِنهُ فَهوَ يَعفو وَيَصفَحُ
وَخَلّو الحُسونَ المُشمَخِرّاتِ وَاِنزَعوا / عَنِ المُلكِ أَيديكُم لَهُ وَتَزَحزَحوا
دَعوها لِمَوعودٍ مِنَ اللَهِ أَنَّها / بِأَسيافِهِ عَمّا قَليلِ سَتُفتَحُ
حَلَفتُ بِأَعلامِ المُحَصَّبِ مِن مِنى / وَما ضَمَّ مِن نُسكٍ حَجونٌ وَأَبطَحُ
وَبِالجَمَراتِ السَبعِ تُلقي رُماتُها / بِإِلقائِها الأَوزارَ عَنها وَتَطرَحُ
وَبِالبُدنِ تُهدى كَالهِضابِ تَوامِكاً / تُقَلَّدُ مِن أَرسانِها وَتُوَشَّحُ
وَقَد أَخَذَت مِنها الجَنوبُ مَصارِعاً / وَأَذعَنَ لِلجَزّارِ نَحرٌ وَمَذبَحُ
وَبِالوَفدِ مَيلاً في الرِحالِ كَأَنَّما / سَقاهُم سُلافَ الراحِ ساقٍ مُصَبِّحُ
يَميلونَ مِن طولِ السَتى فَكَأَنَّما / عَلى كُلِّ كورٍ بانَةٌ تَتَرَنَّحُ
إِذا قَطَعوا في طاعَةِ اللَهِ صَحصَحاً / بَدا لَهُمُ فَاِستَأنَفوا السَيرَ صَحصَحُ
لَأَحيا أَبوالعَبّاسِ أَحمَدُ رِمَّةَ ال / نَدى بِيَدٍ مِنهُ تُثيبُ وَتَمنَحُ
يَدٌ ثَرَّةٌ يَحيى الوَلِيُّ بِصَوبِها / وَتُردي العَدُوَّ فَهيَ تَأسو وَتَجرَحُ
هُوَ القائِمُ الصَوّامُ وَاللَيلُ صائِفٌ / وَلِلقَيظِ زَندٌ في نَواحيهِ يَقدَحُ
مِنَ القَومِ فيهِم أَنزَلَ اللَهُ وَحيَهُ / مَثانِيَ فَالمُثني عَلَيهِم مُسَبِّحُ
مَوازينُ أَعمالي غَداً بِوَلائِهِم / إِذا خَفَّ ميزانُ الخَلائِقِ رَرجَحُ
مَيامينُ مَن عاداهُمُ فَهوَ مُخسِرٌ / شَقِيٌّ وَمَن والاهُمُ فَهوَ مُربِحُ
خِفافٌ إِلى الأَعداءِ في كُلِّ مَأزِقٍ / ثِقالُ حَلومٍ في المَجالِسِ رُجَّحُ
إِذا قَدَروا أَغضَوا حَياءً وَعِفَّةً / وَإِن مَلَكوا رَبّوا الصَنيعَ وَأَسجَحوا
لَكُم يابَني العَبّاسِ هَضبَةُ سودَدٍ / تَزولُ الرَواسي وَهيَ لا تَتَزَحزَحُ
وَفيكُم مَواريثُ الخِلافَةِ فَاِفخَروا / عَلى الناسِ طُرّاً بِالخِلافَةِ وَاِبجَحوا
وَسَمعاً أَميرَ المُؤمِنينَ لِشاعِرٍ / لَهُ خاطِرٌ تَيّارُهُ فيكَ يَطفَحُ
تَزيدُ بِما يَمتاحُ مِنها غَزارَةً / قَريحَتُهُ حَيثُ القَرائِحُ تَنزَحُ
عَصِيٌّ عَلى جَذبِ الهَوانِ قِيادُهُ / وَلَكِنَّهُ عِندَ الكَرامَةِ مُسمِحُ
يَعِزُّ لَهُ وِردٌ وَفيهِ مَذَلَّةٌ / فَيُعرِضُ عَنهُ وَهوَ صادٍ مُلَوِّحُ
وَدونَكَ مِمّا صُغتُهُ وَاِنتَحَلتُهُ / قَريضاً لَكَ الحَولِيُّ مِنهُ المُنَقَّحُ
أُعيرَ لَهُ قَلبُ البَليدِ فَظانَةً / وَيَسمَعُهُ اللَحّانُ يَروي فَيُفصِحُ
فَتَحتُ فَمي مِنهُ بِكُلِّ غَريبَةٍ / هِيَ النورُ نورُ الأُقحُوانِ المُفَتَّحُ
وَلا غَروَ بِالوَرقاءِ في رَونَقِ الضُحى / يَرِفُّ لَها عَودُ الأَراكِ فَتَصدَحُ
بَقيتَ تَسُنُّ المَكرُماتِ فَتُقتَفى / وَلا زِلتَ تُسني الإِعطِياتِ وَتُمدَحُ
قَدِمتَ بَهاءَ الدينِ أُسعَدَ مَقدَمٍ
قَدِمتَ بَهاءَ الدينِ أُسعَدَ مَقدَمٍ / وَأَنتَ عَلى رَغمِ العِدى فائِزُ القِدحِ
وَليسَ عَجيباً ما أُتيحَ مُيَسَّراً / بِرَأيِ أَبي الفَتحِ المُوَفَّقِ مِن فَتحِ
وَلَكِن عَجيبٌ أَن يَبيتَ مُصَمِّماً / عَلى الفَتكِ مَطبوعُ السَجايا عَلى الصَفحِ
وَأَنَّكَ تُلقى عابِساً ذا شَراسَةٍ / وَمازِلتَ طَلقَ الوَجهِ ذا خُلُقٍ سَمحِ
نَهَضتَ بِما حُمِّلتَ غَيرَ مُضَجَّعٍ / وَلَم تَألُ جُهداً لِلخَليفَةِ في النُصحِ
رَآكَ الأَعاضي حينَ قُلِّتَ حَربَهُم / أَخا عَزَماتٍ فَاِستَكانوا إِلى الصُلحِ
فَلا زِلتَ مَيمونَ العَقيدَةِ آخِذاً / مِنَ اللَهِ عَهداً في مَساعيكَ بِالنُجحِ
وَدونَكَ مِن مَدحي عَقائِدَ لَم أَزَل / بِهِنَّ عَلى مَن لَيسَ كُفءً أَخا شُحِّ
رُواصِلُ مَن يُمسي بِها ذا بَشاشَةٍ / وَتُعرِضُ عَمَّن لا يَهَشُّ إِلى المَدحِ
رَمَتني اللَيالي مِن مُصابِكَ يا أَخي
رَمَتني اللَيالي مِن مُصابِكَ يا أَخي / بِقاصِمَةٍ مِن رَيبِهِنَّ المُدَوِّخِ
أَخي ضامَني فيكَ الزَمانُ وَرَيبُهُ / فَما لَكَ لا تَحمي حِماكَ وَتَنتَخي
أَخي لا تَدَعني لِلخُطوبِ ذَرِيَّةَ / وَكُنتُ إِذا اِستَصرَختَ وَأتيكَ مَصرَخي
أَخي غَيرُ جَفني بَعدَكَ الطاعِمُ الكَرى / أَخي غَيرُ عَيشي بَعدَكَ الناعِمُ الشَرخِ
ثَوَيتَ وَلا ذِرعي بِفَقدِكَ واسِعٌ / رَحيبٌ وَلا رَوعي عَليكَ بِمُفرَخِ
وَعَهدي بِحِلمي قَبلَ يَومِكَ ثابِتاً / مَتى هَفَّتِ الأَحلامُ بِالناسِ يَرسَخِ
فَإِن أُمسِ مَغلوباً فَغَيرُ مُؤَنِّبٍ / عَليكَ وَإِن أَجزَع فَغَيرُ مُؤَبِّخ
فَيا عَينُ إِمّا يُفنِ جَمَّتَكَ البُكا / فَسُحّي دَماً إِن أَعوَزَ الدَمعُ وَانضَخي
عَلى ذي يَدٍ كَالغَيثِ في المَحلِ ثَرَّةٍ / وَوَجهٍ كَضَوءِ الصُبحِ أَبلَحَ أَبلَخِ
طَوَت ظُلَمُ الأَجداثِ مِنهُ خَلائِقاً / إِذا نُشِرَت في الناسِ قالوا بَخٍ بَخِ
وَنَفساً عَلى عَجمِ الخُطوبِ مُضيأَةً / إِذا طامَنَت مِنها الحَوادِثُ تَشمَخِ
مَضى طاهِرَ الأَردانِ غَيرَ مُدَنَّسٍ / بِعابٍ مِنَ الدُنيا وَلا مُتَلَطِّخِ
تَضوعُ سَجاياهُ فَتُقسِمُ أَنَّهُ / تَضَمَّخَ مِسكاً وَهوَ غَيرُ مُضَمَّخِ
فَما اِختَلَسَتهُ مِن يَدي كَفُّ ضَيغَمٍ / وَلا اِختَطَفَتهُ كَفُّ أَقتَمَ أَفسَخِ
وَلَكِن هُوَ المَوتُ الَّذي حالَ بَينَنا / بِرَغمي فَأَضحى وَهوَ مِنهُ بِبَرزَخِ
أَبُثُّكِ وَجدي لَو أَصَختِ لِمَعمودِ
أَبُثُّكِ وَجدي لَو أَصَختِ لِمَعمودِ / وَكَيفَ يُرجى عَطفُ صَمّاءَ صَيخودِ
لَقَد سَئِمَ العُوّادُ فيكَ شِكايَتي / وَما سَإِمَت فيكِ العَواذِلُ تَفنيدي
فَإِن يَذوَ عودي في هَواكِ فَرُبَّما / عَلِقتُكِ فَينانَ الصِبى مورِقَ العودِ
لَيالِيَ لَم يُخلِق رِداءُ شَبيبَتي / وَلَم تُخلِفِ البيضُ الحِسانُ مَواعيدي
وَإِذ أَنا مِن وَصلِ الَّذي غَيرُ مُضمِرٍ / إِياساً وَعَن بابِ الهَوى غَيرُ مَطرودِ
فَيا قَلبُ إِن تَجزَع لِماضٍ مِنَ الصِبى / حَميدٍ وَعادٍ مِن هَوى الخُرَّدِ الغيدِ
فَلَيسَت لَياليكَ الأولى بِرَواجِعٍ / عَلَيكَ وَلا عَصرُ الشَبابِ بِمَردودِ
وَهَل نافِعٌ قَولي جَوىً وَصَبابَةً / لَيالي الهَوى إِن عادَ عَصرُ الصِبى عودي
وَأَرَّقَني في اللَيلِ تَرجيعُ وادِعٍ / مِنَ الوُرقِ في فَرعٍ مِنَ البانِ مَكدودِ
يَنوحُ وَلَم يُضمِر غَرامي ضُلوعُهُ / وَلا عادَهُ فيمَن كَلِفتُ بِهِ عيدي
وَلا حَكَمَت في شَملِ أُلفَتِهِ النَوى / وَلا قَضَتِ الأَيّامِ فيها بِتَبديدِ
أَقولُ وَليلي قَد أَظَلَّ صَباحُهُ / وَأَجفانُ عَيني قَد كُحِلنَ بِتَسهيدِ
أَمِن غَدرِ مَن أَهواهُ ياليلَ هَجرَةٍ / خُلِقتَ لَنا أَم مِن غَدائِرِهِ السودِ
وَلَيلٍ بِطيءِ النَجمِ قَصَّرتَ طولَهُ / بِوارِدَةِ الفِرعَينِ ناعِمَةٍ رودِ
لَهَوتُ بِها حَتّى تَجَلّى ظَلامُهُ / تَجولُ يَدي بَينَ القَلائِدِ وَالجيدِ
بِمُرتَشَفٍ كَالأُقحُوانَةِ بارِدٍ / وَمُعتَنَقٍ كَالخيزُرانَةِ أُملودِ
إِذا ما أَظَلَّتني عَناقيدُ فَرعِها / سَقَتني بِكَأسِ الثَغرِ ماءَ العَناقيدِ
وَباتَت تُعاطيني عُقاراً كَأَنَّها / خَلائِقُ مَجدِ الدينِ ذي البَأسِ وَالجودِ
فَتىً أَقسَمَت مِن حُبِّها الجودَ كَفُّه / لِسُؤآلِها أَن لا تَضَنَّ بِمَوجودِ
رَفيعُ عِمادِ البَيتِ يَأوي مِنَ العُلى / إِلى كَسرِ بَيتٍ بِالسَماحَةِ مَعمودِ
أَحَدُّ مِنَ البيضِ الرِقاقِ عَزائِماً / وَأَمضى جَناناً مِن أُسودِ الشَرى السودِ
يَضيقُ إِذا سارَ الفَضاءُ وَإِنَّهُ / لَأَرحَبُ صَدراً في سُراهُ مِنَ البيدِ
وَيَلقى الجِبالَ الشُمَّ مِن عَزَماتِهِ / بِأَثبَتَ مِن أَطوادِها الشُمَّخِ القودِ
مِنَ القَومِ لا سَعيُ الرَجاءِ بِمُخفِقٍ / لَدَيهِم وَلا بابُ العَطاءِ بِمَسدودِ
كِرامُ المَساعي يَستَهِلُّ نَوالُهُم / إِذا سُؤِلوا الجَدوى كِرامُ المَواليدِ
تَشيمُ إِذا اِستَجدَيتَهُم واكِفَ الحَيا / وَتَدعو إِذا اِستَنجَدتَهُم بِالمَناجيدِ
وَهوَ الصاحِبُ اِبنُ الصاحِبِ القَرمُ مُغمِدُ / الصَوارِمِ في هامِ الكُماةِ الصَناديدِ
رَأَتهُ لَها بَغداذُ أَمنَعَ ذائِدٍ / فَأَلقَت إِلى تَدبيرِهِ بِالمَقاليدِ
أَعادَ لَها بِالعَدلِ أَيّامَها الأولى / فَأَضحَت بِهِ غَنّاءَ مَورِقَةَ العودِ
فَعَبَّدَ لِلمُستَرفِدينَ طَريقَها / وَوَطَّدَ مِن أَكنافِها أَيَّ تَوطيدِ
وَرَدَّ لِحاظَ الدَهرِ عَنها كَليلَةً / وَكانَت لَها أَحداثُهُ بِالمَراصيدِ
عَلى أَنَّهُ لَم يَعلُ إِلّا بِنَفسِهِ / فَأَربى عَلى عَلياءِ آبائِهِ الصيدِ
وَلَم يَقتَنِع مِنهُ بِما شادَ قَومُهُ / وَما أَحكَموهُ مِن بِناءٍ وَتَشيِيدِ
أَبا الفَضلِ ما مَأثورُ فَضلٍ وَسُؤدَدِ / خُصِصتَ بِهِ بَينَ الأَنامِ بِمَجحودِ
عَتادُكَ لِلأَعداءِ كُلُّ مُهَنَّدٍ / وَمُطَّرِدٍ لَدنِ الأَنابيبِ أُملودِ
وَلا حِقَهُ الإِطلَينِ مِن نَسلِ أَعوَجٍ / وَمُحكَمَةُ السَردَينِ مِن نَسجِ داوُودِ
يِبيدُ العِدى في كُلِّ جَأواءَ فَيلَقٍ / وَيُجري النَدى في كُلِّ شَهباءَ جارودِ
فَيَومِ سَماحٍ بِالنَدى لَكَ شاهِدٍ / وَيَومِ كِفاحٍ في العِدى لَكَ مَشهودِ
فَنَدعوكَ يَومَ السِلمِ ياواهِبَ اللُهى / وَيَومَ الوَغى ياقائِدَ الضُمَّرِ القودِ
فَدونَكَ مِن رِقراقِ شِعري قَلائِداً / مِنَ الحَمدِ لَم يُنظَم لِغَيرِكَ في جيدِ
أَحاديثَ مَجدٍ عَن عُلاكَ رَوَيتُها / فَما ضَعُفَت فيهِنَّ طُرقُ أَسانيدي
كَرائِمُ لَم تُخلِق نَضارَةَ حُسنِها / ضَراعَةُ تِسآلٍ وَخَجلَةُ تَرديدِ
عَدَلتُ بِها عَمَّن سِواكَ وَلَم يَكُن / سِوى جودِكَ المَأمولِ كُفؤٌ لِتَجويدي
فَلا تُبقِ في الإِحسانِ جُهداً فَإِنَّني / بَذَلتُكَ في التَقريظِ غايَةَ مَجهودي
وَعِش مُخلِقاً ثَوبَ اللَيالي مُجَدِّداً / لِباسَ المَعالي في بَقاءٍ وَتَخليدِ
مُظاهِرَ عِزٍّ لا يَرِثُّ جَديدُهُ / وَمُلكٍ عَلى رَغمِ العِدى غَيرِ مَحدودِ
عَسى مَرُّ أَنفاسِ النَسيمِ المُرَدَّدِ
عَسى مَرُّ أَنفاسِ النَسيمِ المُرَدَّدِ / يُحِدِّثُ عَن بانِ الغَضا المُتَأَوِّدِ
وَعَلَّ الصَبا تُهدي إِلَيكَ تَحِيَةً / تَبُلُّ بِرَيّاها صَدى قَلبِكَ الصَدي
فَكَم دونَ ذاكَ الجِزعِ مِن مُغرَمِ الحَشا / إِذا عَنَّ ذِكرى موجَعِ القَلبِ مُكمَدِ
يُؤَرِّقُهُ بَرقُ الغَمامِ إِذا سَرى / وَيُقلِقُهُ نوحُ الحَمامِ المُغَرِّدِ
بِنَفسي مَن وَدَّعتُها وَدُموعِها عَلى / نَحرِها مِثلُ الجُمانِ المُبَدَّدِ
تُناشِدُني وَالبَينُ قَد جَدَّ جِدَّهُ / وَقَد أَعلَقَت خَوفَ النَوى يَدَها يَدي
تَراكَ عَلى شَحطِ المَزارِ وَبَعدِهِ / تَروحُ عَلى دينِ الوَفاءِ وَتَغتَدي
أَمِ الدَهرُ مُسلٍ لِلفَتى عَن خَليلَةٍ / تُجِدُّ هَوىً في كُلِّ يَومٍ مُجَدَّدِ
فَقُلتُ لَها لا تَستَريبي فَإِنَّهُ / سَواءٌ مَغيبي في هَواكِ وَمَشهَدي
فَما تَظفَرُ الأَيّامُ مِنّي بِغُدرَةٍ / وَلا يَجذُبُ السُلوانُ عَنكِ بِمَقوَدي
وَلا زِلتُ ذا قَلبٍ يَهيمُ صَبابَةً / إِلَيكِ وَطَرفٍ في الغَرامِ مُسَهَّدِ
عَزيزُ التَأَسّي وَالتَحَمُّلِ في الهَوى / كَما يَعهَدُ الواشي قَليلُ التَجَلُّدِ
وَفارَقتُها وَالدَمعُ يَمحو اِنحِدارُهُ / نَضارَةَ خَدٍّ بِالبُكاءِ مُخَدَّدِ
كَأَنَّ جُفوني في السَماحِ بِمائِها / بَوارِعُ مِن جَدوى الوَزيرِ مُحَمَّدِ
فَتى الجودِ لا مَرعى العَطاءِ مُصَوِّحٌ / لَدَيهِ وَلا وِردُ النَدى بِمُصَرَّدِ
غَنِيٌّ إِذا ما الحَربُ شَبَّ ضِرامُها / بِآرائِهِ عَن ذابِلٍ وَمُهَنَّدِ
يُضيءُ ظَلامُ الخَطبِ مِن نارِ عَزمِهِ / وَيَقطُرُ ماءُ البِشرِ مِن وَجهِهِ النَدي
إِذا العامُ أَكدى وَالمَطالِبُ أَظلَمَت / حَلَلتُ بِهِ بَحرَ النَدى قَمَرَ النَدي
أَلا قُل لِباغي الجودِ يُنضي رِكابَهُ / عَلى الرِزقِ خَبطاً لا يَرى وَجهَ مَقصَدِ
يَجوبُ الفَيافي ناشِداً غَيرَ واجِدٍ / نَشيدَتَهُ مُستَرشِداً غَيرَ مُرشَدِ
أَنِخ بِالوَزيرِ تَلقَ مِن دونِ بابِهِ / مَوارِدَ بَحرٍ مِن عَطاياهُ مُزبِدِ
أَزِرهُ القَوافي وَاِحتَكِم في عَطائِهِ / تَزُر طيِّبَ المَلقى كَثيرَ التَوَدُّدِ
إِذا أَنتَ أَذمَمتَ الرِجالَ خَلائِقاً / فَيَمِّمهُ وَاَخبُر مِن سَجاياهُ تَحمَدِ
وَإِن أَمحَلوا فَاِسرَح رِكابَكَ مُخصِباً / بِوادي نَداً مِن جودِهِ خَضِلٍ نَدي
فَلَولاكَ عَضدَ الدينِ ما اِبيَضَّ مَطلَبٌ / وَلا عَثَرَ المُستَرفِدونَ بِمُرفِدِ
وَلا كَفِلَت بِالنُجحِ مَسعاةُ طالِبٍ / وَلا صافَحَت كَفَّ الغِنى يَدُ مُجتَدِ
وَبِالقَصرِ مِن آلِ المُظَفَّرِ ماجِدٌ / كَريمُ المُحَيّا وَالشَمائِلِ وَاليَدِ
طَويلُ نِجادِ السَيفِ وَالباعِ وَالقَنا / فَسيحُ مَجالِ الهَمِّ رَحبُ المُقَلَّدِ
إِذا جِئتَهُ مُستَصرِخاً في مُلِمَّةٍ / دَعَوتَ مَجيداً وَاِستَعَنتَ بِمُنجِدِ
مِنَ القَومِ لا يوطونَ في كُلِّ غارَةٍ / جِيادَهُمُ غَيرَ الوَشيجِ المُنَضَّدِ
تَتيهُ الصُدورُ وَالمَواكِبُ مِنهُم / بِكُلِّ عَظيمٍ في الصُدورِ مُمَجَّدِ
عَلى نَسَقٍ مِثلِ الأَنابيبِ في القَنا / تَوالوا نِظاماً سَيِّداً بَعدَ سَيِّدِ
إِذا خَرِبَت طُرُقُ المَعالي وَجَدتَهُم / يَسيرونَ مِنها في طَريقٍ مُعَبَّدِ
فَداكَ جَبانٌ لا يُحَدِّثُ نَفسَهُ / بِفَتكٍ بَخيلٌ لا يَجودُ بِمَوعِدِ
فَداكَ جَبانٌ لا يَحَدَّثُ نَفسَهُ / بِفَتكٍ بَخيلٌ لا يَجودُ بِمَوعِدِ
نَوافِدُهُ مُبيَضَّةٌ وَلِثامُهُ / يُلاثُ عَلى عِرضٍ مِنَ العارِ أَسوَدِ
إِذا ما أَناخَ المُدلِجونَ بِبابِهِ / أَناخوا بِجَعجاعٍ مِنَ الأَرضِ فَدفَدِ
يَبيتُ نَزيلاً لِلمَذَلَّةِ جارُهُ / وَيَرحَلُ عَنهُ الضَيفُ غَيرَ مُزَوَّدِ
دَعَوتُكَ وَالأَحداثُ تَقرَعُ مَروَتي / فَكُنتَ مُجيري مِن أَذاها وَمُسعِدي
فَليتَ اللَيالي الجائِراتِ تَعَلَّمَت / قَضاءَكَ أَوكانَت بِهَديِكَ تَهتَدي
عَلِقتُ وَقَد أَصبَحتُ فيكَ مُوالِياً / بِحَبلِ ذِمامٍ مِن وَلائِكَ مُحصَدِ
بَسَطتَ لِساني بِالعَطاءِ وَخاطِري / وَلا عُذرَ لي إِن كُنتُ غَيرَ مُجَوِّدِ
وَأَلبَستَني النُعمى الَّتي جَلَّ قَدرُها / فَأَفنَيتَ آمالي وَكَثَّرتَ حُسَّدي
وَأَتعَبتَ شُكري وَهوَ عودٌ مُدَرَّبٌ / بِحَملِ بَوادٍ مِن نَداكَ وَعوَّدِ
وَأَحمَدتُ يَومي في ذَراكَ وَإِنَّني / لَأَرجوكَ ذُخراً لِلشَدائِدِ في غَدِ
أُعيذُكَ أَن أَضحى وَظِلُّكَ سابِغاً / مَقيلي وَأَن أَظما وَبَحرُكَ مَورِدي
وَأَن تَستَلينَ الحادِثاتُ عَريكَتي / وَتَعلَمُ أَني مِن نَذاكَ بِمَرصَدِ
فَكَم مِن مَديحٍ فيكَ لي بَينَ مُتهِمٍ / تَناقُلِهُ أَيدي الرِكابِ وَمُنجِدِ
تَنوبُ مَنابي في الثَناءِ رُواتُهُ / فَتَنشُرُهُ في كُلِّ نادٍ وَمَشهَدِ
يَزورُكَ أَيّامَ التَهاني مُبَشِراً / بِمُلكٍ عَلى مَرِّ الزَمانِ مُجَدَّدِ
نَطَقتُ بِعِلمٍ فيكَ لا بِفَراسَةٍ / فَلَم أُطرِ في وَصفي وَلَم أَتَزَيَّدِ
فَمَن كانَ في مَدحِ الرِجالِ مُقَلِّداً / فَإِنِّيَ في مَدحيكَ غَيرُ مُقَلِّدِ
كَذا كُلَّ يَومٍ دَولَةٌ تَتَجَدَّدُ
كَذا كُلَّ يَومٍ دَولَةٌ تَتَجَدَّدُ / وَمُلكٌ عَلى رَغمِ الأَعادي مُخَلَّدُ
وَجَدٌّ عَلى ظَهرِ المَجَرَّةِ صاعِدٌ / وَمَجدٌ عَلى هامِ النُجومِ مُوَطَّدُ
وَلا زالَ لِلعافينَ في كُلِّ مَوسِمِ / وَقوفٌ عَلى أَبوابِكُم وَتَرَدُّدُ
يَزورُكُمُ فيها التَهاني وَشَملُكُم / جَميعٌ وَشَملُ الحاسِدينِ مُبَدَّدُ
يَعودُ إِلَيكُم بِالبَقاءِ وَعَيشُكُم / رَقيقُ الحَواشي وارِفُ الظِلِّ أَغيَدُ
فَلا بَرِحَت تُهدي الثَناءَ إِلَيكُمُ / أَيادٍ لَكُم فينا بَوادٍ وَعُوَّدُ
أَيادٍ كَأَطواقِ الحَمامِ وَأَنعُمٌ / تَقَرُّ بِها الأَعناقُ طَوعاً وَتَشهَدُ
غَدَت بِكُمُ بَغداذُ دارَ كَرامَةٍ / طَريقُ النَدى لِلناسِ فيها مُعَبَّدُ
لَها طَودُ حِلمٍ في الحَوادِثِ مِنكُمُ / مَنيعٌ وَبَحرٌ بِالمَكارِمِ مُزبِدُ
وَأَنتُم مَلاذٌ لِلعُفاةِ وَمَوئِلٌ / بِها وَمُرادٌ لِلسَماحِ وَمَورِدُ
وَكَم لِلوَزيرِ اِبنِ المُظَفَّرِ مِن يَدٍ / إِلى أَهلِها بَيضاءَ وَالدَهرُ أَسوَدُ
وَلَولاهُ أَضحَت ما بِها مِن مُلِمَّةٍ / مُجيرٌ وَلا فيها عَلى الخَطبِ مُسعِدُ
وَزيرٌ أَتى الدُنيا بِعَينِ تَجَرُّبٍ / يَرى أَنَّ كَسبَ الحَمدِ أَجدى وَأَعوَدُ
فَإِنَّ جَميلَ الذِكرى يَبقى مُخَلَّداً / لِكاسِبِهِ وَالمالُ يَفنى وَيَنفَدُ
فَأَفنى ثَراءً يُخلِقُ الدَهرُ ثَوبَهُ / وَأَبقى ثَناءً ذِكرُهُ مُتَجَدِّدُ
فَيا عَضُدَ الدينِ الَّذي أَنشَرَ النَدى / وَآوى غَريبَ الفَضلِ وَهوَ مُشَرَّدُ
لَقَد أَصبَحَ الدَهرُ المُذَمَّمُ صَرفُهُ / بِكُلِّ لِسانٍ في زَمانِكَ يُحمَدُ
وَعَهدي بِأَحداثِ اللَيالي ضَوارِياً / تَقومُ بِأَهلِ الفَضلِ فيها وَتَقعُدُ
وَهَل لِلخُطوبِ الجائِراتِ مُخَلَّصٌ / إِلى بَلدَةٍ فيها الوَزيرِ مُحَمَّدُ
يَبيتُ مِنَ الإِحسانِ لِلناسِ كَعبَةً / يُحَجُّ إِلَيها بِالأَماني وَيَقصَدُ
تُصَلّي لَها الآمالُ مِن كُلِّ وَجهَةٍ / وَيَهدى لَها هَذا المَديحُ الُقَلَّدُ
حَلَفتُ بَبيتِ اللَهِ حَلفَةَ صادِقِ ال / أَلِيَّةِ لا يَغلو وَلا يَتَزَيَّدُ
لَأَنتَ أَبَرُّ الناسِ نَفساً وَراحَةً / وَأَكرَمُهُم بَيتاً جَديداً وَأَمجَدُ
وَعَمَّت يَداكَ الأَرضَ عَدلاً وَنائِلاً / فَلا الظُلم في الدُنيا وَلا العُدمُ يوجَدُ
سَعِدتَ بِعامٍ أَنتَ كَوكَبُ سَعدِهِ / وَلا زالَتِ الأَيّامُ تَشفي وَتُسعِدُ
صَديقٌ أَفادَتني الحَداثَةُ وُدَّهُ
صَديقٌ أَفادَتني الحَداثَةُ وُدَّهُ / فَأَصبَحتُ سَهلاً في يَدَيَّ قِيادُهُ
يَميلُ مَعي حَتّى كَأَنَّ فُوادَهُ / نَجِيُّ فُؤادي أَو مُرادي مُرادُهُ
فَلَمّا أَحالَ الدَهرُ صِبغَةَ رَأسِهِ / وَأَحنا عَلَيهِ حالِ في اِعتِقادُهُ
وَما كُنتُ قَبلَ اليَومِ أَحسِبُ أَنَّهُ / إِذا شابَ رَأسُ المَرءِ شابَ وِدادُهُ
لَحا اللَهُ لَيلاً في العِراقِ سَهِرتُهُ
لَحا اللَهُ لَيلاً في العِراقِ سَهِرتُهُ / أُنَقِّحُ في مَدحِ اللِئامِ القَصائِدا
وَأَنسُجُ مِن وَشي القَوافي حَبائِراً / وَأُخرِجُ مِن نَظمِ المَعالي فَرائِدا
فَلَمّا نَضى عَنّي الظَلامُ رِدائَهُ / تَيَمَّمتُ سوقاً لِلمَدائِحِ كاسِدا
وَقائِلَةٍ قُم وَاِسعَ في طَلَبِ الغِنى
وَقائِلَةٍ قُم وَاِسعَ في طَلَبِ الغِنى / فَكَيفَ يَقومُ المَرءُ وَالدَهرُ قاعِدُ
إِذا لَم يَكُن وَقتُ الرَخاءِ بِدائِمٍ / فَأَحرى بِها أَن لا تَدومَ الشَدائِدُ
لَئِن أَخَّرَتني الحادِثاتُ وَقَصَّرَت
لَئِن أَخَّرَتني الحادِثاتُ وَقَصَّرَت / خُطايَ اللَيالي وَاِستَلانَ تَجَلُّدي
فَما فاتَني شيءٌ يَطولُ تَأَسُّفي / عَليهِ سِوى لُقياكَ يا اِبنَ مُحَمَّدِ
تَرى الظاعِنَ الغادي مُقيماً عَلى العَهدِ
تَرى الظاعِنَ الغادي مُقيماً عَلى العَهدِ / وَفاءً أَمِ الأَيّامُ غَيَّرنَهُ بَعدي
وَهَل ماطِلٌ ديني مَعَ الوَجدِ عالِمٌ / بِما بِتُّ أَلقى في هَواهُ مِنَ الوَجدِ
إِذا مَطَلَت لَمياءُ وَهيَ قَريبَةٌ / فَأَجدَرُ أَن تُلوى الدُيونُ عَلى البُعدِ
أَلا لَيتَ شِعري هَل أَبيتَنَّ لَيلَةً / وَما أَنا مِن نَأيِ الحَبيبِ عَلى وَعدِ
وَهَل مِن سَبيلٍ وَالأَماني تَعِلَّةٌ / إِلى مَعهَدٍ بِالرَملِ طالَ بِهِ عَهدي
وَهَل لِلَيالٍ مِن شَبابٍ صَحِبتُها / أُجَرِّرُ أَذيالَ البَطالَةِ مِن رَدِّ
وَأَيّامُ وَصلٍ كُلُّهُنَّ أَصائِلٌ / وَماضي زَمانٍ كُلُّهُ زَمَنُ الوِردِ
سَمَحتُ بِدَمعي لِلدِيارِ مُسائِلاً / رُسومَ الهَوى لَو أَنَّ تَسآلَها يُجدي
وَكُنتُ ضَنيناً أَن يُحَلَّ عُقودُهُ / عَلى مَنزِلٍ لَولا هَوى رَبَّةِ العِقدِ
وَلَم أَبكِ أَطلالاً لِهِندٍ مَواثِلاً / بِذي الأَثلِ لَكِنّي بَكيتُ عَلى هِندِ
فَيا مَن لِعَينٍ يَستَهِلُّ غُروبُها / غُروباً عَلى خَدٍّ مِنَ الدَمعِ ذي خَدِّ
عَلى القَلبِ تَجني كُلُّ عَينٍ بِلَحظِها / وَعَيني عَلى قَلبي جَنَت وَعَلى خَدّي
فَرِفقاً بِعان في يَدِ الشَوقِ مُفرَدٍ / بِأَشجانِهِ يا ظَبيَةَ العَلَمِ الفَردِ
وَعودي لِمَسجورِ الجَوانِحِ يَلتَظي / غَراماً إِلى ما في ثَناياكِ مِن بَردِ
يُكَلِّفُ عُرّافَ العِراقِ دَواؤُهُ / وَيَعلَمُ أَنَّ البُرء في عَلَمي نَجدِ
وَطَيفِ خَيالٍ باتَ يُؤنِسُ مَضجَعي / بِوارِدَةِ الفَرعَينِ وَردِيَةَ الخَدِّ
أَلَمَّ فَداوى القَلبِ مِن أَلَمِ الجَوى / وَأَسرى فَسَرّى مِن غَرامي وَمِن وَجدي
وَطافَ بِرَحلي عائِداً لي وَزائِراً / فَأَعدى بِزورِ الوَصلِ مِنهُ عَلى الصَدِ
هَزَزتُ لَهُ عِطفَيَّ شَوقاً وَصَبوَةً / كَما هَزَّ عِطفَيهِ الخَليفَةُ لِلحَمدِ
فَكَم مِن يَدٍ لِلطَيفِ لا بَل لِأَحمَدَ ال / إِمامِ أَبي العَبّاسِ مَشكورَةٍ عِندي
أَخي العَدلِ أَمسى أُمَّةً فيهِ وَحدَهُ / وَإِنِّيَ في مَدحي لَهُ أُمَّةٌ وَحدي
لِيَ العَفوُ مِن مَعروفِهِ وَحَبائِهِ / وَلا غَروَ إِن أَفنَيتُ في حَمدِهِ جُهدي
إِمامٌ يَخافُ اللَهَ سِرّاً وَجَهرَةً / وَيَضمِرُ تَقوى اللَهِ في الحَلِ وَالعَقدِ
إِلى جَدِّهِ المَنصورِ يَنزَعُ جَدُّهُ / فَناهيكَ مِن جَدٍّ سَعيدٍ وَمِن جَدِّ
يُفَرِّقُ ما بَينَ الجَماجِمِ وَالطُلى / وَيَجمَعُ بَينَ الشاءِ وَالأَسَدِ الوَردِ
وَتَعرِفُ أَطرافُ العَوالي بَلائَهُ / مَشيجاً وَأَعرافُ المُطَهَّمَةِ الجُردِ
يُعِدُّ لِإِرهابِ العِدى كُلَّ لَيِّنِ ال / مَهَزَّةِ لَدنِ المَتنِ مُعتَدِلِ القَدِّ
وَذي شُطَبٍ كَالماءِ يَجري صِقالُهُ / وَسابِحَةٍ شَطباءَ كَالحَجَرِ الصَلدِ
فَيَفري بِها قَبلَ اللِقاءِ مَهابَةً / وَمِن عَجَبٍ أَن يَقطَعَ السَيفُ في الغَمدِ
لَهُ خاتَمُ المَبعوثِ أَحمَدَ خاتَمٍ / النُبُوَّةِ مَوروثاً مَعَ السَيفِ وَالبُردِ
وَما بَرِحَت طَيرُ الخِلافَةِ حَوَّماً / عَليهِ كَما حامَ الظِماءُ عَلى الوِردِ
فَآلَ إِلى تَدبيرِهِ الأَمرُ وادِعَ العَزيمَةِ / مِن غَيرِ اِعتِسافٍ وَلا كَدِّ
وَقامَ يَرُدُّ الخَطبَ عَنها بِساعِدٍ / قَوِيٍّ عَلى دَفعِ العَظائِمِ مُشتَدِّ
يُقيمُ حُدودَ اللَهِ غَيرَ مُراقِبٍ / بِقائِمٍ مَطرورِ الشِبا باتِرِ الحَدِّ
وَعارِضِ مَوتٍ أَحمَرٍ بَكَرَت بِهِ / سَراياهُ في يَومٍ مِنَ النَقعِ مُسوَدِّ
يُزَمجِرُ في أَرجائِهِ أُسُدُ الشَرى / وَيَلمَعُ في حافاتِهِ قُضُبُ الهِندِ
يُسَدُّ الفَضاءُ الرَحبُ مِنهُ بِجَحفَلٍ / كَأَنَّكَ قَد أَشرَفتَ مِنهُ عَلى السَدِّ
بِأَيديهِمُ مِثلُ الرِياضِ مِنَ الظُبى / وَعاليهِمُ مِثلُ النَهاءِ مِنَ السَردِ
مَرَتهُم رِياحٌ مِن سُطاهُ فَأَمطَرَ ال / عَدُوُّ رِهاماً مِن مُثَقَّفَةٍ مُلدِ
فَقُل لِمُلوكِ الأَرضِ دينوا لِأَمرِهِ / وَلا تَتَوَلَّوا حائِرينَ عَنِ القَصدِ
وَلا تُضمِروا عِصيانَ أَمرِ إِمامِكُم / مُخالَفَةً عَنهُ فَعِصيانُهُ يُردي
أَطيعوهُ مِن حُرٍّ وَعَبدٍ فَإِنَّهُ / خَليفَةُ مَبعوثٍ إِلى الحُرِّ وَالعَبدِ
وَلا تَأمَنوا مَع عَفوِهِ أَن يُصيبَكُم / بِقارِعَةٍ فَالماءُ وَالنارُ في الزَندِ
إِلى الناصِرِ اِبنَ المُستَضيءِ رَمَت بِنا / رَكائِبُ ما ريعَت بِنَصٍّ وَلا وَخدِ
وَلا سُرِحَت تَرتادُ مَرعىً دَنِيَّةً / وَلا زاحَمَت هيمَ المَطايا عَلى وِردِ
رَكائِبُ ما زُمَّت لِرِفدٍ وَلَم تَكُن / لِتَرغَبَ مِن غَيرِ الخَليفَةِ في رَفدِ
فَحَلَّت بِدارِ الأَمنِ وَالخِصبِ تَرتَعي / رِياضَ النَدى وَالجودِ مِن مَسرَحِ المَجدِ
وَما مُزنَةٌ وَطفاءُ دانٍ سَحابُها / مُبَشِّرَةٌ بِالخِصبِ صادِقَةُ الوَعدِ
يُساقُ الثَرى مِنها فَيُسفِرُ وَجهُها / إِلى مُكفَهِرٍّ عابِسِ الوَجهِ مُربَدِّ
إِذا ما أَمالَتها الصَبى مُرجَحِنَّةً / أَرَتكَ اِبتِسامَ البَرقِ في صَخَبِ الرَعدِ
تَسِحُّ عَلى هامِ الأَهاضيبِ هامِياً / مِنَ الوَدقِ حَتّى يَلحَقُ القورُ بِالوَهدِ
بِأَغزَرَ مِن كَفِّ الخَليفَةِ نائِلاً / وَرِفداً إِذا اِغتَصَّت مَغانيهِ بِالوَفدِ
فَسَمعاً أَميرَ المُؤمِنينَ لِحُرَّةٍ / إِذا اِنتَسَبَت فاءَت إِلى حَسَبٍ عِدِّي
تَخيَّرَها عَبدٌ لِمَدحِكَ مُسمِحُ ال / بَديهَةِ مَطبوعٌ عَلى الهَزلِ وَالجِدِّ
يَروحُ وَيَغدوا مِن وَكيدِ وَلائِهِ / وَليسَ لَهُ غَيرَ اِمتِداحِكَ مِن وَكدِ
يُجَرِّعُ مِن عاداكَ صاباً يُذيقُهُ / بِأَلفاظِ مَدحٍ فيكَ أَحلى مِنَ الشُهدِ
تَراها شَجاً بَينَ التَرائِبِ مِنهُمُ / إِذا سَمِعوها فَهيَ تَحنُقُ بِالزُبدِ
فَحُطها بِلَحظٍ مِنكَ تَبدوا لَوائِحاً / عَليها إِماراتُ السَعادَةِ وَالجَدِّ
فَما فاتَ سَهمُ الحَظِّ مَن كُنتَ ناظِراً / إِلَيهِ قَريباً مِنهُ بِالكَوكَبِ السَعدِ
فَلا زِلتَ ذا ظِلٍّ عَلى الأَرضِ وارِفٍ / مَديدٍ وَذا عُمرٍ مَعَ الدَهرِ مُمتَدِّ
خِتانٌ جَرى بِالنُجحِ وَاليُمنِ طائِرُه
خِتانٌ جَرى بِالنُجحِ وَاليُمنِ طائِرُه / مَوارِدُهُ مَحمودَةٌ وَمَصادِرُه
قَضَت بِتَباشيرِ الصُدورِ صُدورُهُ / وَنيلِ المُنى أَعجازُهُ وَأَواخِرُه
بِطالِعِ سَعدٍ لا يَغيبُ نُجومُهُ / وَزائِدِ حَظٍّ لا تَغِبُّ بَشائِرُه
فَيالَكَ مِن يَومٍ تَكامَلَ حُسنُهُ / فَرَقَّت حَواشيهِ وَراقَت مَناظِرُه
حَوى شَرَفاً يَبقى عَلى الأَرضِ ذِكرُهُ / إِذا فَنِيَت أَدوارُهُ وَأَعاصِرُه
يَتيهُ عَلى الأَيّامِ فَضلاً وَسودَداً / فَلَو فاخَرَتهُ أَفحَمَتها مَفاخِرُه
أُفيضَ عَلى الدُنيا بِهِ ثَوبُ بَهجَةٍ / وَأَمسَت عَليها ضافِياتٍ حَبائِرُه
فَفي كُلِّ قَلبٍ غِبطَةٌ تَستَفِزُّهُ / وَنَشوَةُ سُكرٍ مِن سُرورٍ تُخامِرُه
لَقَد سَفَكَ الإِسلامُ مِنهُ وَحُكمُهُ / دَماً جَلَّ أَن يُلقى عَلى الأَرضِ قاطِرُه
وَلَولا أَميرُ المُؤمِنينَ وَأَنَّهُ / بِإيثارِهِ في طاعَةِ اللَهِ هادِرُه
لَخَرَّت عَلى الأَرضِ السَماءُ وَزُلزِلَت / رَواسيهِ إِجلالاً وَغَيضَت زَواخِرُه
أَيُعصى عَلى وِترٍ سَليلُ خَليفَةٍ / كَتائِبُهُ مِن حَولِهِ وَعَساكِرُه
وَتَجني عَليهِ في يَدِ العِلجِ مُديَةٌ / وَخِرصانُهُ مِن دونِها وَبَواتِرُه
وَما فارَقَت بيضُ السُيوفِ غُمودَها / وَلا حَمَلَت أُسدَ العَرينِ ضَوامِرُه
وَلَكِنَّهُ الإِسلامُ يَنقادُ طائِعاً / لَهُ كُلُّ جَبّارٍ تُطاعُ أَوامِرُه
لِيَهنَ أَبا العَبّاسِ لِلَّهِ نِعمَةٌ / تُراوِحُهُ مَوصولَةً وَتُباكِرُه
سَيَبلوا وَشيكاً مِنهُما لَيثُ غابَةٍ / تُمَزِّقُ أَشلاءَ الأَعادي أَظافِرُه
وَغَيثُ سَماءٍ يَملَأُ الأُفُقَ وَدَقُهُ / وَيَروي صَدى الهيمِ العِطاشِ مَواطِرُه
هُمُ أُمَراءُ المُسلِمينَ عَليهِمُ / إِذا ريعَ سِربُ المُلكِ تُثنى خَناصِرُه
وَهُم عُدَدُ الإِسلامِ إِن عَنَّ حادِثٌ / كَفوهُ وَهُم أَعضادُهُ وَذَخائِرُه
بَهاليلُ مِن آلِ النَبِّيِ تَأَشَّبَت / عَناصِرُهُم في خِندِفٍ وَعَناصِرُه
نِجارُهُم يَومَ الفِخارِ نِجارُهُ / وَأَحسابُهُم أَحسابُهُ وَمَآثِرُه
يُطيعُهُمُ الدَهرُ المُطاعُ قَضاؤُهُ / وَتَرهَبُهُم أَحداثُهُ وَدَوائِرُه
لَقَد سارَ فينا سيرَةً عُمَرِيَّةَ ال / سِياسَةِ فَالتَأيِيدُ فيها يُسايرُه
إِمامٌ لِتَقوى اللَهِ وَالعَدلِ كُلُّهُ / وَلِلبَذلِ وَالمَعروفِ في الناسِ سائِرُه
كَريمُ المُحَيّا وَالشَمائِلِ يَلتَقي / بِأَبوابِهِ بادي الثَناءِ وَحاضِرُه
أَضاءَت لَنا بَشراً أَسِرَّةُ وَجهِهِ / وَشَفَّت عَنِ الخُلقِ الكَريمِ سَرائِرُه
وَأَوسَعَ جاني الذَنبِ عَفواً وَإِن غَدَت / تَضيقُ عَلَيهِ في السَماحِ مَعاذِرُه
هُوَ الناصِرُ الدينَ الحَنيفَ بِسَيفِهِ / وَآرائِهِ وَاللَهُ بِالغَيبِ ناصِرُه
فَخَرتُ عَلى أَبناءِ دَهري بِمَدحِهِ / وَعَظَّمَ قَدري أَنَّني اليَومَ شاعِرُه
أَصوغُ لَهُ حَليَ المَديحِ وَلَم تَكُن / لِتَحسُنَ إِلّا في عُلاهُ جَواهِرُه
فَلا زالَتِ الأَقدارُ تَجري بِأَمرِهِ / وَتَدفَعُ عَن حَوبائِهِ ما يُحاذِرُه
وَلا بَرِحَت في الخافِقينِ أَواهِلاً / بِدَعوَتِهِ أَعوادُهُ وَمَنابِرُه
لَكَ النَهيُ بَعدَ اللَهِ في الخَلقِ وَالأَمرُ
لَكَ النَهيُ بَعدَ اللَهِ في الخَلقِ وَالأَمرُ / وَفي يَدِكَ المَبسوطَةِ النَفعُ وَالضُرُّ
وَطاعَتُكَ الإيمانُ بِاللَهِ وَالهُدى / وَعِصيانُكَ الإِلحادِ في الدينِ وَالكُفرُ
وَلَولاكَ ما صَحَّت عَقيدَةُ مُؤمِنٍ / تَقِيٍّ وَلَم يُقبَل دُعاءٌ وَلا نَذرُ
مُرِ الدَهرَ يَفعَل ما تَشاءُ فَإِنَّهُ / بِأَمرِكَ يَجري في تَصَرُّفِهِ الدَهرُ
عِتادُكَ لِلأَعداءِ بيضٌ صَوارِمٌ / وَمُقرَبَةٌ جُردٌ وَخَطِيَّةٌ سُمرُ
وَأَنتَ أَمينُ اللَهِ فينا وَوارِثُ ال / نَبِيِّ وَمِن أَمسى يَحُقُّ لَهُ الأَمرُ
إِمامُ هُدىً عَمَّت سِياسَةُ عَدلِهِ / فَأَوَّلُ مَقتولٍ بِأَسيافِهِ الفَقرُ
يُقَصِّرُ باعُ المَدحِ دونَ صِفاتِهِ / وَتَصغُرُ أَن يَهدي الثَناءَ لَهُ الشِعرُ
وَمَن نَطَقَت آيُ الكِتابِ بِفَضلِهِ / فَما حَدُّهُ أَن يَبلُغَ النَظمُ وَالنَثرُ
وَكَيفَ يُقاسُ البَحرُ جوداً بِكَفِّهِ / وَمِن بَعضِ ما تَحويهِ قَبضَتُهُ البَحرُ
وَما لِضِياءِ البَدرِ إِشراقُ وَجهِهِ / وَأَنّى وَمِن إِشراقِهِ خُلِقَ البَدرِ
وَمَن يَستَهِلُّ القَطرُ مِن بَرَكاتِهِ / عَلى الناسِ ظُلمٌ أَن يُقاسَ بِهِ القَطرُ
وَكَيفَ يُهَنّى بِالزَمانِ وَإِنَّما / تُهَنّى بِهِ الأَيّامُ وَالعامُ وَالعَصرُ
تَغارُ مِنَ الأَرضِ السَماءُ لِوَطئِهِ / ثَراهَ وَمِن حَصبائِها الأَنجُمُ الزُهرُ
مِنَ القَومِ لِلأَملاكِ بِالوَحيِ مَهبِطٌ / عَلَيهِم وَفي أَبياتِهِم نَزَلَ الذِكرُ
بِمَجدِهِمُ سادَت قُرَيشٌ وَهاشِمٌ / وَمِن قَبلُ ما سادَت كُنانَةُ وَالنِضرُ
وَلاؤُهُمُ لِلمُذنِبينَ وَسيلَةٌ / فَلولاهُمُ ما حُطَّ عَن مُذنِبٍ وِزرُ
بِهِم شَرُفَت بَطحاءُ مَكَّةَ وَالصَفا / وَزَمزَمُ وَالبَيتُ المُحَجَّبُ وَالحُجرُ
وَكَيفَ تُجارى في الفِخارِ عِصابَةٌ / لِآدَمَ في يَومِ المَعادِ بِهِم فَخرُ
وَأَنتَ أَميرُ المُؤمِنينَ ذَخيرَةٌ / لِأَعقابِهِم طابَت وَطابَ بِها الذِكرُ
وَلَمّا أَبى الأَعداءُ إِلّا تَمَرُّداً / أَبى اللَهُ إِلّا أَن يَكونَ لَكَ النَصرُ
وَكَم زَجَرَتهُم مِن سُطاكَ مَواعِظٌ / فَما نَفَعَ الوَعظُ المُنَهنِهُ وَالزَجرُ
وَغَرَّهُمُ سِلمُ اللَيالي وَما دَرَوا / بِأَنَّ اللَيالي مِن سَجِيَّتِها الغَدرُ
أَريتَهُمُ مِن سُخطِكَ المَوتَ جَهرَةً / غَداةَ اِستَوى في عَزمِكَ السِرُّ وَالجَهرُ
تَشِفُّ لَهُم وَالحرَبُ مُلقىً جِرانُها / مِنَ الهَبَواتِ السودِ أَثوابُهُ الحُمرُ
أَبى اللَهُ إِلّا أَن يَموتوا أَذِلَّةً / وَفَرّوا وَسَيّانِ المَنِيَّةُ وَالفَرُّ
وَلَو صَبَروا ماتوا كِراماً أَعِزَّةً / وَلَكِنَّ عِندَ السوءِ خانَهُمُ الصَبرُ
وَقَد كانَ خَيراً مِن حَياتِهِمُ الرَدى / وَأَجدى عَلَيهِم مِن فِرارِهِمُ الأَسرُ
يَعِزُّ عَلى زُرقِ الأَسِنَّةِ عَودُها / وَما نَهَلَت مِنهُم ذُوابِلُها السُمرُ
تَحومُ ظِماءً وَالنُحورُ كَأَنَّها / مَناهِلِ وِردٍ وَالرِماحُ قَطاً كُدرُ
وَلَو شِئتَ حَكَّمتَ الأَسِنَّةَ فيهُمُ / وَبَلَّت صَداها الهِندُوانِيَّةُ البُترُ
وَلَم تُبقِ إِشفاقاً عَليهِم وَإِنَّما / تَبَقَّيتَهُم حَتّى يُميتَهُمُ الذُعرُ
قَذَفتَهُمُ بِالرُعبِ في كُلِّ مَسلَكٍ / فَكُلُّ سَبيلٍ أَمَّ رائِدُهُم وَعرُ
وَضاقَت بِهِم أَكنافُ رَحبَةِ مالِكٍ / وَأَقطارُها فيحٌ وَأَمواهُها غُدرُ
تَروعُهُمُ الأَحلامُ في سِنَةِ الكَرى / وَيُذهِلُهُم خَوفاً إِذا اِستَيقَظوا الفَجرُ
كَأَنَّ بَياضَ الصُبحِ بيضُكَ جُرِّدَت / لَهُم وَسَوادُ اللَيلِ عَسكَرُكَ المَجرُ
لَهُم زَفَراتٌ مُحرِقاتٌ كَأَنَّها / إِذا اِستَبرَدوا بِالماءِ مِن حَرِّها جَمرُ
طَوَوا مَكرَهُم تَحتَ الظُلوعِ خِيانَةً / فَحاقَ بِهِم خُبثُ الطَوِيَةِ وَالمُكرُ
نَبَت بِهِمُ أَوطانُهُم وَتَنَكَّرَت / وَحَقَّ لِأَوطانٍ بَغى أَهلُها النُكرُ
وَكانَت بِهِم غَنّاءَ حالِيَةَ الثَرى / مَواقِدُها سودٌ وَأَكنافُها خُضرُ
فَأَضحَوا حَديثاً في البِلادِ وَعِبرَةً / ذَخائِرُهُم نَهبٌ وَأَطلالُهُم قَفرُ
وَرُبَّ صَباحٍ لا يَعودُ مَساؤُهُ / نَعَم وَمَساءٍ لا يَكونُ لَهُ فَجرُ
لَقَد رَكَضَت خَيلُ المَنايا فَأَوجَفَت / بِهِم وَلَها فيمَن بَقي مِنهُمُ كَرُّ
فَلَم ينُجِهِم قَصرٌ مَشَيدٌ وَلا حِمىً / وَلَم يُغنِهِم مالٌ عَتيدٌ وَلا وَفرُ
عَزائِمُ مَنصورِ السَرايا مُؤَيَّدٍ / أَبى أَن يَرى هَضماً إِباءٌ لَهُ مُرُّ
وَهَل يَتَعَدّى النَصرُ مَلكاً شِعارُهُ / وَوَسمُ مَذاكيهِ غَداةَ الوَغى نَصرُ
وَأَقسِمُ لَو عادوا فَعاذوا بِعَفوِهِ / تَلَقَّتهُمُ مِنهُ الطَلاقَةُ وَالبِشرُ
فَلا يَطمَعِ الباغونَ في رَدِّ حُكمِهِ / فَلِلَّهِ في إِعزازِ دَولَتِهِ سِرُّ
وَلا يَطلُبوا عُذراً فَليسَ لِمُجرِمٍ / مِنَ اللَهِ في إِتيانِ مَعصِيَةٍ عُذرُ
وَلَولا الإِمامُ المُستَضيءُ وَرَأيُهُ / تَداعَت قُوى الإِسلامِ وَاِنثَغَرَ الثَغرُ
بِهِ أَيَّدَ اللَهُ الخِلافَةَ بَعدَ ما / تَفاقَمَ داءُ البَغيِ وَاِستَفحَلَ الشَرُّ
فَمَن مُبلِغٌ تَحتَ التُرابِ اِبنَ هانِئٍ / وَقَبرَ المُعِزِّ إِن أَصاخَ لَهُ القَبرُ
بِأَنَّ الحُقوقَ اُستُرجِعَت في زَمانِهِ / عَلى رَغمِ مِن ناواهُ وَاِفتَتَحَت مِصرُ
وَأَنَّ اللَيالي الدُهمَ بِالجَورِ أَشرَقَت / عَلى إِثرِها بِالعَدلِ أَيّامُهُ الغُرُّ
شَكَرناهُ ما أَولاهُ لا أَنَّ وُسعَنا / بِنا بالِغٌ ما يَقتَضيهِ لَهُ الشُكرُ
وَلَكِنَّنا نُثني عَليهِ تَعَبُّدا / وَإِن كانَ عَنّا ذا غِنى فَبِنا فَقرُ
فَما نَبتَغي في لَيلِنا وَنَهارِنا / مِنَ اللَهِ إِلّا أَن يُمَدَّ لَهُ العُمرُ
وَلَمّا أَحَلَّتنا الأَماني بِبابِهِ / تَيَقَّنتُ أَنَّ العُسرَ يَتبَعُهُ العُسرُ
فَلِلشِعرِ في أَبوابِهِ اليَومَ مَوقِفٌ / تَدينُ لَهُ الشِعرى وَيَعنو لَهُ النَسرُ
وَإِن يُمسِ مَدحي مُستَقَلِّاً لِمَجدِهِ / فَيا رُبَّ جيدٍ مُستَقَلٍّ لَهُ الدُرُّ
عَلَيكَ أَميرَ المُؤمِنينَ جَلَوتُها / عَرائِسَ لَم يَسمَح بِمِثلٍ لَها فِكرُ
غَرائِبُ تَسري في البِلادِ شَوارِداً / يُغَنّي بِها الحادي وَيَشدو بِها السَفرُ
سَبَقتُ إِلَيها القائِلينَ فَوِردُهُم / نَقائِعُ مِن أَوشالِها وَلِيَ الغَمرُ
وَإِنّي مِنَ الإِحسانِ في القَولِ مُكثِرٌ / وَلَكِنَّ حَظّي مِن فَوائِدِهِ نَزرُ
فَدونَكَ أَلفاظاً عِذاباً هِيَ الرُقى / إِذا طَرَقَت سَمعاً وَمَعنىً هُوَ السِحرُ
لَها رِقَّةٌ في قُوَّةٍ وَجَزالَةٌ / هِيَ الماءُ مَقطوبٌ بِسَلسالِهِ الخَمرُ
فَما كُلُّ مَن أَهدى لَكَ المَدحَ شاعِرٌ / وَلا كُلُّ نَظمٍ حينَ تَسمَعُهُ شِعرُ
فَدَتكَ عِمادَ الدينِ نَفسي وَما حَوَت
فَدَتكَ عِمادَ الدينِ نَفسي وَما حَوَت / يَميني وَأَهلي الأَقرَبونَ وَمَعشَري
نَهَضتَ بِما كَلَّفتُ جودَكَ حامِلاً / لِأَعباءِ حاجاتي نُهوضَ مُشَمِّرِ
فَأَغنَيتَني عَن كُلِّ مُثرٍ مُبَخَّلٍ / وَكَم مِن غَنِيٍّ نَفسُهُ نَفسُ مُقتِرِ
نَزَعتَ إِلى مَجدٍ قَديمٍ وَسودَدٍ / مُنيفٍ وَأَصلٍ كِسرَوِيٍّ مُطَهَّرِ
إِلى خَيرِ بَيتٍ مِن ذَوابَةِ فارِسٍ / وَأَكرَمِ عيصٍ في الأَنامِ وَمَعشَرِ
فَقُلتُ وَقَد أَولَيتَنيها بَرِيَّةً / مِنَ المَطلِ ما شيبَت بِمَنٍّ مُكَدِّرٍ
أَبى اللَهُ أَن يُسدي إِلَينا صَنيعَةً / سِوى الكُرَماءِ الغُرِّ آلُ المُظَفَّرِ
وَمَن يُخجِلُ السُحبَ المَواطِرَ كَفُّهُ / فَغَيرُ بَديعٍ أَن يَجودَ بِمِطَرِ
وَمَن عُرِفَت بِالعُرفِ وَالبَذلِ كَفُّهُ / فَإِسداؤُهُ المَعروفَ لَيسَ بِمُنكَرِ
أَلا قُل لِشَمسِ الدَولَةِ اِبنِ مُحَمّدٍ
أَلا قُل لِشَمسِ الدَولَةِ اِبنِ مُحَمّدٍ / وَلا تَحتَشِم وَاَبلِغهُ ما أَنا ذاكِرُ
أَفي كُلِّ يَومٍ تَلتَقيني بِعِلَّةٍ / وَعُذرٍ أَما ضاقَت عَليكَ المَعاذِرُ
أَما تَستَحي مِن فُرطِ ما أَنتَ ماطِلٌ / فَتَقضي وَلا مِن طولِ ما أَنا صابِرُ
أَما لِلمَواعيدِ المَشومَةِ مُنتَهىً / لَدَيكَ وَلا لِلمَطلِ عِندَكَ آخِرُ
وَهَبنِيَ أَخَّرتُ التَقاضي لِعِلَّةٍ / أَما لَكَ مِن تِلقاءِ نَفسِكَ زاجِرُ
فَلا تَعتَذِر عِندي بِأَنَّكَ عاجِزٌ / فإِنَّكَ لَو رُمتَ القَضاءَ لِقادِرُ
وَلَيسَ بِعارٍ لِلكَريمِ مَبيتُهُ / عَلى سَغَبٍ وَالعِرضُ أَبيَضُ طاهِرُ
وَلَكِنَّ عاراً أَن يُقالَ مُخَيِّبٌ / لِسُؤالِهِ أَو ناكِثُ العَهدِ غادِرُ
وَما ذاكَ إِن أَدّيَتَهُ بِكَ مُجحِفٌ / وَلا هُوَ إِن أَخَّرتَهُ بي ضائِرُ
أَما الدَينُ رِقٌّ لِلفَتى وَمَذَلَّةٌ / فَتأنَفَ مِن أَن يَستَرِقَّكَ شاعِرُ
لَحا اللَهُ مَن لا يَبذُلُ العَرضَ دونَهُ / وَلا يَقتَني مِنهُ صَديقٌ وَشاكِرُ
أَما تَشتَري شُكري بِمالي فَتَنثَني / وَسَعيُكَ مَشكورٌ وَمالُكَ وافِرُ
سَتَعلَمُ إِن فَكَّرتَ فِكرَةَ عالِمٍ / بِأَيّامِهِ أَيُّ الفَريقَينِ خاسِرُ
وَهاأَنا قَد قَدَّمتُ عَتَبي فَإِن يَحُل / وَإِلّا فَحُسنُ الصَبرِ نِعمَ الذَخائِرُ
وَأَعلَمُ أَنَّ العَتبَ عِندَكَ ضائِعٌ / وَلَكِنَّهُ لِلنَفسِ مُسلٍ وَعاذِرُ
قِفوا تَعَجَبوا مِن سوءِ حالي وَمِن ضُرّي
قِفوا تَعَجَبوا مِن سوءِ حالي وَمِن ضُرّي / فَمِن زَفرَةٍ تَرقى وَمِن دَمعَةٍ تَجري
وَقَد كُنتُ قَبلَ اليَومِ جَلداً وَإِنَّما / أَحالَ الهَوى ما كُنتَ تَعهَدُ مِن صَبري
رَمَتني يَدُ الأَيّامِ فيمَن أُحِبُّهُ / بِسَهمِ فِراقٍ جاءَ مِن حَيثُ لا أَدري
لَقَد مَلَكَتني فيكُمُ اليَومَ حَيرَةٌ / وَمازلِتُ مِن قَبلِ النَوى مالِكاً أَمري
سَأَبكي مَدى عُمري أَسىً وَصَبابَةً / بِكُم وَقَليلٌ إِن بَكَيتُ لَكُم عُمري
وَأَذري دِماءً وَحشَةً لِفِراقِكُم / وَإِن أَنا لَم أَبكِ الدِماءَ فَما عُذري
شَكَوتُ هَواكُم أَن رَآنِيَ كاشِحٌ / لَكُم أَو عَذولٌ بَعدَكُم باسِمَ الثَغرِ
وَكَيفَ أُداوي القَلبَ عَنكُم بِسَلوَةٍ / وَفي مَذهَبي أَنَّ السُلُوَّ أَخو الغَدرِ
جَعَلتُكُمُ ذُخري لِأَيّامِ شِدَّتي / وَلَم أَدرِ أَنَّ الدَهرَ يَسلُبُني ذُخري
وَقالوا اِنقَضاءُ الدَهرِ لِلحُزنِ غايَةٌ / وَحُزنِيَ مُمتَدٌّ لَدَيكُم مَعَ الدَهرِ
لَقَد غادَرَ الغادونَ بَينَ جَوانِحي / لَواعِجَ أَشجانٍ تَرَدَّدُ في صَدري
هُمُ أَسلَموا القَلبَ الخَؤونَ إِلى الأَسى / وَهُم وَكَلوا عَيني بِأَدمُعِها الغُزرِ
تَرى تَسمَحُ الأَيّامُ مِنهُم بِعَودَةٍ / فَأُدرِكَ أَوطاري وَأوفي بِكُم نُذري
وَإِنّي لَراضٍ أَن تَدُلّوا عَلى الكَرى / جُفوني عَسى أَنَّ الخَيالَ بِها يُسري
بِنَفسي غَريبُ الأَهلِ وَالدارِ لا يَرى / لَهُ فادِياً يَفديهِ مِن رائِعِ الأَمرِ
إِذا ذَكَرَ الأَوطانَ فاضَت دُموعُهُ / فَأَرسَلَها فَوقَ التَرائِبِ وَالنَحرِ
أَتَتها المَنايا وَهيَ في ثَوبِ غِبطَةٍ / فَتَبّاً لِمَسرورٍ بِدُنياهُ مُغتَرِّ
فَلَم يُغنِها ما طافَ حَولَ خِبائِها / مِنَ السَمهَرِيِّ اللَدنِ وَالجَحفَلِ المَجرِ
وَلَو قورِعَت حُمرُ المَنايا وَسودُها / بِمُرهَفَةٍ بيضٍ وَخَطِّيَةٍ سُمرِ
لَقارَعَ عَنها بِالصَوارِمِ وَالقَنا / أَبٌ نافِذُ السُلطانِ مُمتَثَلُ الأَمرِ
لَئِن غادَرَت قَصرَ الخِلافَةِ موحِشاً / فَكائِن لَها في جَنَّةِ الخُلدِ مِن قَصرِ
فَيا قَبرُ ما بَينَ الصَراةِ وَدَجلَةٍ / إِلى نَهرِ عيسى جادَكَ الغَيثُ مِن قَبرِ
وَصابَت ثَراكَ غُدوَةً وَعَشِيَّةً / غَوادٍ مِنَ الرِضوانِ هامِيَةُ القَطرِ
فَلِلَّهِ ما اِستودِعتَ يا قَبرُ مِن تُقىً / وَمِن كَرَمٍ عِدٍّ وَمِن نائِلٍ غَمرِ
ثَوى بِكَ مِن لَو جاوَزَ النَجمَ قَدرُهُ / لَزادَت بِهِ الأَفلاكُ فَخراً إِلى فَخرِ
وَلو عَلِمَت حَصباءُ أَرضِكَ مَن ثَوى / ضَجيعاً لَها باهَت عَلى الأَنجُمِ الزُهرِ
فَيا لَكَ مِن قَبرٍ بَرُدتَ مَضاجِعاً / وَقَلَّبتَ أَبناءَ القُلوبِ عَلى الجَمرِ
نَمُرُّ عَليهِ خاشِعينَ كَأَنَّنا / مَرَرنا عَلى الرُكنِ المُقَبَّلِ وَالحِجرِ
لَنا دَعوَةٌ مِن حَولِهِ مُستَجابَةٌ / فَكُلُّ اللَيالي عِندَهُ لَيلَةُ القَدرِ
عَلَيكَ سَلامُ اللَهِ كُلَّ عَشِيَّةٍ / يَكُرُّ عَلى أَعقابِها مَطلَعُ الفَجرِ
وَعاداكَ جودٌ مُكفَهِرٌّ سَحابُهُ / وَإِن كُنتَ مَلآنا مِنَ الجودِ وَالبِشرِ
رَثَيناكِ يا خَيرَ النِساءِ تَعَبُّداً / وَمِثلُكِ لا يُرثى بِنَظمٍ وَلا نَثرِ
وَمَن كانَتِ الشِعرى العَبورُ مَحَلَّهُ / تَعَظَّمَ قَدراً أَن يُؤَمَّنَ بِالشِعرِ
تَحَجَّبتِ عَن مَرأى العُيونِ جَلالَةً / وَعِزّاً فَمِن خِدرٍ نُقِلتِ إِلى خِدرِ
حَلَلتِ بِمَأنوسٍ مِنَ الأَرضِ آهِلٍ / إِذا حَلَّتِ الأَجداثُ في موحِشٍ قَفرِ
أَنيسُكَ فيهِ عِزَّةٌ وَشَهادَةٌ / فَنورٌ عَلى نورٍ وَأَجرٌ عَلى أَجرِ
فَلا زِلتِ في مُقَبَّلِ مَوضِعٍ / عَلَيكِ بِما قَدَّمتِ فيهِ مِن البِرِّ
وَصَبراً أَميرَ المُؤمِنينَ لِرُزئِها / وَإِن جَلَّ ذا الرُزءُ العَظيمُ عَنِ الصَبرِ
فَكَم لِمُلوكِ الأَرضِ لا زِلتَ وارِثاً / لِأَعمارِهِم عِندَ النَوائِبِ مِن وِترِ
وَأَنتَ مِنَ القَومِ الَّذينَ عَليهِمِ / تَنَزَّلَتِ الآياتُ في مُحكَمِ الذُكرِ
هُمُ أُمَناءُ اللَهِ فينا أَئِمَّهُ ال / هُدى وَهُمُ أَهلُ الشَفاعَةِ في الحَشرِ
إِذا وَرِثوا في غَيرِ دينٍ تَعَرَّضوا / عَنِ الذاهِبِ الماضي بِمُستَقبِلِ الأَجرِ
فَيا مَلِكَ الأَملاكِ شَرقاً وَمَغرِباً / وَسَهلاً إِلى حَزَنٍ وَبَرّاً إِلى بَحرِ
أُعيذُكَ مِن هَمٍّ تَبيتُ لِأَجلِهِ / عَلى سِعَةِ السُلطانِ مُقتَسَمَ الفِكرِ
فَجَرِّد لِأَهلِ البَغيِ عَزماً مُؤَيَّداً / وَسَلِّط عَلى أَرضِ العَدُوِّ يَدَ القَهرِ
فَإِنَّكَ مَوعودٌ مِنَ اللَهِ أَن تُرى / عَلى بابِكَ الأَعداءُ في حَلَقِ الأَمرِ
وَلا زِلتَ مَنشورَ اللِواءِ مُظَفَّرَ ال / كَتائِبِ مَحفوفَ المَواكِبِ بِالنَصرِ
لَئِن سَئِمَ العُوّادُ طولَ شِكايَتي
لَئِن سَئِمَ العُوّادُ طولَ شِكايَتي / وَمَلَّ حَديثي زائِري وَمُجالِسي
وَعادَ طَبيبي مِن شِفائي آيسا / فَما أَنا مِن روحِ الإِلَهِ بِآيِسِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025