المجموع : 38
بحسبكما عينايَ أن تشغلا قلبي
بحسبكما عينايَ أن تشغلا قلبي / وأن تدعوا نفسي تتوقُ إلى نحبي
أمنتكُما حتى إذا ما رأيتما / سرورَ كما أسلمتماني إلى الحب
أجيبُ الأسى بالدمعِ والدمعُ لم يفض / جفوني دعوا ما لم يفرج بهِ نحبي
أعيني لا صبر فأحبسَ عبرةً / عذرتكما لو كان يعذرني قلبي
قديرٌ على أن لا أكون كئيبا
قديرٌ على أن لا أكون كئيبا / دواءٌ وداءٌ أسقما وطبيبا
أجر قلبَ من يهواكَ من حر زفرةٍ / رماه بها طولُ النوى ليذوبا
وأرخى جفوناً متن من جفوة الكرى / يجدّدن دماً لا يزالُ غريبا
فكن كالذي أهوى وإن كنتَ باخلاً / لعل شفائي أن يكون قريبا
فلو أن خداً كان من فيضِ عبرةٍ
فلو أن خداً كان من فيضِ عبرةٍ / يرى معشباً لاخضر خدي فأعشبا
كأن ربيع الزهر بين مدامعي / بما اخضل فيه من ضنى وتصببا
على أنني لم أبكِ إلا مودعاً / بقيةَ نفسٍ ودعتني لتذهبا
وقد قلتُ لما لم أجد لي راحةً / سوى الدمع لما حل أهلاً ومرحبا
ولم أدرِ ما جهدُ الهوى وبلاؤهُ
ولم أدرِ ما جهدُ الهوى وبلاؤهُ / وشدتهُ حتى وجدتك في قلبي
أطاعك طرفي في فؤادي فحازهُ / لطرفِكَ حتى صار في قبضة الحب
أتوعدني بالهجرِ في كل ساعةٍ
أتوعدني بالهجرِ في كل ساعةٍ / ولا ذنب لي إن كان منك صدودُ
فأظهِر إذاً وعداً أعيش بفضله / كما كان قبل الوعدِ منكَ وعيدُ
أيا عبرتي عينيَّ قد طمس الحد
أيا عبرتي عينيَّ قد طمس الحد / فهل لكما من أن تلما به بدُّ
ويا مقلة ما زال يألفها الكرى / كأن لم يكن من قبل لي منكما ودُّ
لئِن كان طول الشوق أحدث فرقةً / لمن عذّبته العينُ والعبرة الوجدُ
قضى أننا لا كالذينَ تحرَّموا / على أن قلبي من قلوبهم فردُ
أما ونسيم السائمين منضداً
أما ونسيم السائمين منضداً / على وجنةٍ فيها الشقائق والوردُ
على غصنٍ غصٍّ من البان لم يطب / له الريح إلا زانه ذلك القدُّ
لما أيست عيني بشيءٍ من البكا / وما كان من فقد الرقادِ لها بدُّ
فلا قر قلبي ساكناً في مكانهِ / ولا كان منسوباً إلى غيرهِ الوجدُ
غزاني بنبلٍ والهوى يتجدد
غزاني بنبلٍ والهوى يتجدد / وجسمي بما فيه من السقمِ يشهدُ
وما زلتُ أطغي الدمع أحسب أنه / سيطفئُ ناراً في الحشا تتوقدُ
ولم أدرِ أن القلب والعين والحشا / سواءٌ وأنّ الدمع حزنٌ مصعدُ
فأصبحت لا أرجو السلو ولا أرى / دموعي حتى ينفدَ العمرَ منفدُ
تجرّى دمٌ من دمعِ عيني على دمٍ
تجرّى دمٌ من دمعِ عيني على دمٍ / من الشوقِ مما خد دمعي في خدِّي
رثيتُ لجفنِ العينِ مما أرى بهِ / من الوَجدِ بي مما رآني من وَجدي
بكيتُ دماً حتى بقيت بلا دمٍ / بكاءَ فتىً فردٍ على شجنٍ فردِ
أأبكي الذي فارقت بالدمعِ وحده / لقد جلَّ قدرُ الدمعِ فيه إذاً عندي
عليلُ صباباتٍ أصبنَ فؤادي
عليلُ صباباتٍ أصبنَ فؤادي / وَصيرنَ أجفاني بغيرِ رقادِ
أقامَ له بينَ الضلوعِ توهج / له أثرٌ باقٍ بجسمي وأنكادِ
أيا مقلةً تبكي عليها بدمعِها / بها ندبٌ من عبرةٍ وسُهادِ
كأنكِ عاديتِ الفؤادَ وإنما / أصابكِ هذا مذ أصبتِ فؤادي
بِندَّاتِ دَمعِ العينِ مزدحم الصَّبرِ
بِندَّاتِ دَمعِ العينِ مزدحم الصَّبرِ / فَخدُكَ ما ينفكُّ من عَبرةٍ تَجرِي
وألَّفَ بين الجسم والسقمِ كامِنٌ / من الشوقِ عاقَ الصبرَ عن ساحةِ الصدرِ
أإن بان من تهوى ركنتَ إلى الأسى / ونادى منادِي الشوقِ قبلك بالذكرِ
فما قرَّ مذ فارقته في مكانهِ / ولا كانَ إلا طارئاً ضل عن فكري
أحادثُ نفساً ترتقي كل ساعةٍ / فأحبسُها بين الترائبِ والنحرِ
ويبلغنيها غصتي وكأنها / ملذعةٌ بين الجوانحِ بالجمرِ
أجِب قد دعاكَ الجِسمُ إن كنتَ لا تدري
أجِب قد دعاكَ الجِسمُ إن كنتَ لا تدري / ألا إن إخواني أباحت حمى وَكري
ولم أشك ما بالقلب مما أرى به / من الشوقِ حتى كاد يخرجُ من صدري
إذا زفرةٌ غصَّت فؤادي بحسرةٍ / بعثت بها من مقلتي عبرةً تجري
وهل يقدر المحزون إلا على الرضا / وحسبُ اشتياقي إذ هتكتُ له ستري
أبيت كأن الليلَ قال لنجمهِ / أقِم لا تجب داعي الصباحِ ولا تسرِ
وأضحى جديدُ الهم والشوق بالياً / ولا أحسبُ الآفاتِ إلا من الهجرِ
صَبرتُ وإنَّ الصبر عنك عسيرُ
صَبرتُ وإنَّ الصبر عنك عسيرُ / وموتُ محبٍّ في هواكَ يسيرُ
أما رحمت عيناك من في فؤاده / عليكَ غليلٌ دائمٌ وزفيرُ
وكسرةُ جفنٍ ما تكادُ تقلهُ / وفترة طرفٍ ما تكادُ تدورُ
لأنت الذي ما إن أرى لك مشبها / كما ما لمن يهواكَ فيه نظيرُ
بعينيكَ ما ألقى وتعلمُ أنَّ لي
بعينيكَ ما ألقى وتعلمُ أنَّ لي / فُؤادا سَيلقى بالهوَى آخر الدهرِ
وتزجُرني العذالُ عن طاعةِ الهَوى / وقد علِموا أن لا سبيلَ إلى الصبرِ
وقد كنتُ أخفي الشوقَ ما ستر الهوى / عليَّ فنمت عبرةٌ بدمٍ يجري
فيا حسنَ أيامي وطولَ سلامتي / ولذةَ عيشي لو علمتُ من الهجرِ
ولما رأيتُ الدمعَ غاصَ إلى الحشا
ولما رأيتُ الدمعَ غاصَ إلى الحشا / وأن فؤادي من دموعي في بحرِ
نظرت إلى عينيَّ لا ماءَ فيهما / فأيقنت أن الدمعَ تحتهما يجري
فلولا استبانَ الدمعُ في مضمرِ الحشا / تفجرَ أنهارُ الدموع من الصدرِ
على أن قلبي ينشفُ الدمعَ حرهُ / وأين بقايا الدمعِ في وَهَجِ الجَمرِ
ومستنجدٍ بالحُزنِ دمعاً كأنهُ
ومستنجدٍ بالحُزنِ دمعاً كأنهُ / على الخدِّ مما ليسَ يرقاهُ حائرُ
إذا ديمةٌ منهُ استقلت تهللت / أوائل أخرى ما لهنَّ أواخرُ
يرى مقلتيهِ الدمع حتى كأنَّهُ / لما انهلَّ من عينيهِ في الماءِ ناظرُ
وينظرُ من تحتِ الدموعِ بمقلةٍ / رنا الشوقُ في إنسانها فهو ساحِرُ
سترتكَ حتى طال حبكَ عن ستري
سترتكَ حتى طال حبكَ عن ستري / وأسررتُ حتى أثرَ السرُّ في صدري
وحتى وجدتُ الصبرَ مُراً ولم أجِد / لقلبي سبيلاً في هواكَ إلى الصبر
وحتى رأيتُ العينَ تمطُر وجنتي / دماً ودموعاً بين أجفانِها تجري
ولما رأيتُ السرَّ يختلِبُ الصبا / ويَشرعُ في الصبرِ استرحتُ إلى الهجرِ
ولم أشكُ حتى ذابَ قلبيَ في صدري
ولم أشكُ حتى ذابَ قلبيَ في صدري / ولم يبقَ لي من مقلتي عبرةٌ تجري
وحتى سقيتُ الخدَّ من بعدِ عبرتي / سحابَ دمٍ مما بكيتُ على صدري
بعيني ونفسي من حياتيَ قربهُ / على كلّ حالٍ من وصالٍ ومن هَجرِ
ولو لم أجِد ما حلَّ بي من فراقهِ / وشوقي إليهِ ما عتبتُ على دهري
أطعتَ وخَالَفت الهَوى والتذكرا
أطعتَ وخَالَفت الهَوى والتذكرا / فكدَّرت عَيشاً صافياً فتكدَّرا
على دنفٍ لو آثرَ العتبَ قلبُهُ / وأوحشَهُ طُولُ الضنا ليُبصرا
ولكنَّه أمسى كئيباً متيماً / ألحَّ عليهِ شوقُهُ فتحيرا
وطارَ من البينِ المشتِّ فؤادُهُ / وقد كان من ذكرِ الفِراقِ تطيَّرا
ولما تقضيتُ الدموعَ جرى دمٌ
ولما تقضيتُ الدموعَ جرى دمٌ / من العينِ لا تبقي عليه المحاجرُ
ولا عذرَ لي في صبوةٍ عند غادرٍ / من الناسِ إلا أنَّني لك ذاكرُ
إذا غبراني أربعينَ ملالةً / من الحينِ أو أن يعذرَ الشوق حاضرُ
ولي زفرةٌ أذكى من النارِ حالفَت / أوائلَ شوقٍ ما لهنَّ أواخِرُ