المجموع : 135
بِنفسي قريبُ الدارِ والهجرُ دُونَه
بِنفسي قريبُ الدارِ والهجرُ دُونَه / وبُعدُ التَّقَالي غيرُ بُعدِ السَباسِبِ
أَراهُ مكانَ الشّمسِ بُعداً وبينَنا / كما بينَ عينٍ في التّداني وحاجِبِ
وهل نَافِعي قربٌ ومِن دُون قلبِه / نَوىً قُذُفٌ أَعيَت ظُهورَ الرَكائِبِ
تجنَّى لِيَ الذي ما جَنَيتُه / ولا هُو مغفورٌ بِعذرَةٍ تائِبِ
وَمَلَّ فلو أهدى إليّ خيَالَه / بَدا لِيَ مَنهُ في الكَرى وجهُ عاتِبِ
وضَنَّ فلو أنّ النسيمَ يُطيعُه / لجنَّبَني بَرْدَ الصَّبا والجنائبِ
إذَا رجَعَتْ باليأسِ مِنهُ مَطامِعي / علِقتُ بأذيال الظُّنونِ الكَواذِبِ
وأعجبُ ما خُبِّرتُه من صَبابتي / بِه والَهوى ما زالَ جَمَّ العَجائِبِ
حَنيني إلى مَن خِلبُ قَلبيَ دارُهُ / وشَوقي إلى مَن لَيس عنّي بغائبِ
نشدتُكُما يا مُدَّعِيَّيْنِ سَلوةً
نشدتُكُما يا مُدَّعِيَّيْنِ سَلوةً / عن الحُبِّ لِمْ يُستحسنُ الظُّلمُ في الحُبِّ
وما بالُه يَلَقى البَريءُ من الضَّنى / جَريرَةَ ما يأتي المسيءُ من الذَّنْبِ
وكيفَ استمرَّ الجَورُ فيه وأُوجِبَتْ / عقوبةُ ما تَجني العيونُ على القلبِ
أيرجعُ لي شرخُ الشبابِ وعصرُه
أيرجعُ لي شرخُ الشبابِ وعصرُه / وكيفَ رجوعُ اللّيلِ قَد لاحَ فَجرُهُ
رداءٌ قشيبٌ حالَ حالِكُ لونِهِ / وأنْهَجَهُ طيُّ الزّمان ونَشْرُهُ
وكنتُ به كلَّ الضّنِينِ فبزَّهُ ال / مشيبُ فَويحَ الشّيبِ لاَ دَرّ دَرُّهُ
فيا سعدُ كَم أحسنتَ بي قبلَ هذه / فدونَك بِرّا خالِصاً لكَ شُكرُه
تَراءَ معي داراً بأكثِبة الحِمَى / فقد رانَ من دمعي على العين سِتْرُهُ
فإن تَكُ أطلالِي فَقِف بي بِرَبْعها / لأُبرِدَ قلبا قد توهَّج جَمرُهُ
وأُفرغَ فيها قَطرَ دَمعٍ يُغيرُه / إذا جَادَها من صيِّبِ الغِيثِ قَطرُهُ
وعاهدتُ قلبيَ أنّه لِيَ مُنجِدٌ / متى خُنْتُمُ والآنَ قَد بان غَدرُهُ
وأبدى الهوى منهُ تَجَهّمَ خَاذِلٍ / فمَن خَانَني مِن بَعدِه قَام عُذْرُهُ
وقد كان سُكرُ الحُبّ يهفو بلبِّه / وما خِلتُه يبقى مع الغَدرِ سُكْرُهُ
ولم أَتَّبعْ ضَنّاً بكم سَقَطَاتِكُم / لأسبُرَكُم والكَلْمُ يُدميه سَبْرُهُ
ولكن أرَانِيها اشتهارُكُمُ بها / وهل يَخْتفي في حِندس اللّيل بَدْرُهُ
دعانِي إلى هَجري بثينةَ حِقبةً
دعانِي إلى هَجري بثينةَ حِقبةً / من الدّهر خَوفي هَجَرها آخرَ الدّهرِ
ولا بأسَ بالهِجرانِ ما لم يكن قِلىً / ولا الصّدِّ ما لم يُبدِهِ المرءُ عن غَدْرِ
أُطيعُ هَوَى عَصْمَاءَ وهو يُضِلُّنِي
أُطيعُ هَوَى عَصْمَاءَ وهو يُضِلُّنِي / ومَا أنَا فيها للنُّهى بمُطيعِ
وَيَسمِعُني داعي الهَوى من بلادِها
وَيَسمِعُني داعي الهَوى من بلادِها / وَإِني لَداعِي النُصحِ غيُر سَمِيعِ
وأحفَظُها وهيَ المُضِيعُ لَعَهْدهِ
وأحفَظُها وهيَ المُضِيعُ لَعَهْدهِ / فيا عجَبَاً من حافظٍ لِمُضيعِ
بُثَيْنَةُ ما أعرَضتُ عنكِ ملاَلةً
بُثَيْنَةُ ما أعرَضتُ عنكِ ملاَلةً / ولا أنَا عمّا تعلمينَ مُفِيقُ
ولكن خشِيتُ الكاشِحين فإنَّني / على سِرِّنا مِن أَن يَذيعَ شفيقُ
فأصبحتُ كالهَيمانِ عَايَنَ مَورِداً / بَروداً ولكن ما إليهِ طَريقُ
يَلُومُونَنِي في حبِّ لَيلى وإنَّنِي
يَلُومُونَنِي في حبِّ لَيلى وإنَّنِي / لأُكْرِمُها عن عُرضَةِ اللّوْمِ والعَذْلِ
وقالُوا هَواها خابِلٌ لَكَ فاسلُها / ومن لومِهم لا مِنْ هَوايَ لها خَبَلي
هي الشمسُ تَبدُوا في رداءٍ من الدُّجَى / على خُوطِ بانٍ في كَثيبٍ من الرّملِ
تَهادَى تهادي الظّلِّ هَوناً كأَنَّما / تَخَافُ عِثارَ الحَزْنِ في الدّهَسِ السّهلِ
وتنظُر من عَيْنَيْ مَهاةٍ كفَاهُما / وأغناهُما كُحُلُ المَلاحَةِ عن كُحلِ
إِذا أَوحَشَتْنِي جَفوةُ الخِلِّ رَدّني
إِذا أَوحَشَتْنِي جَفوةُ الخِلِّ رَدّني / إِليهِ وَفاءٌ بالإخاءِ ضَنِينُ
كأَنّيَ أَمّ البَوّ تُنْكرُ شَخْصَهُ / وَيعطِفُها وَجدٌ بِهِ وَحَنينُ
يَغالِطُني فيكم هَوايَ فأَنْثَنِي
يَغالِطُني فيكم هَوايَ فأَنْثَنِي / إِليكُم عَلى إِنكار ما قَدْ بَدَا لِيَا
كَعَطْفَةِ أُمِّ البَوِّ تَرأَمُ شِلْوَهُ / وقَد رَابَها منْه الّذي لَيس خَافيا
أَأَحبَابَنَا مَن غَابَ عَمَّن يَودُّهُ
أَأَحبَابَنَا مَن غَابَ عَمَّن يَودُّهُ / فَسِيّانِ عِندي بُعدُهُ واِقترابُهُ
إِذا المَيْتُ وَارَى شَخْصَهَ عَفَرُ الثّرَى / فَهل يُدنِيَنْهُ أن يَقِلَّ تُرابُهُ
وكلُّ غريبِ الدّارِ فالأَرضُ دونَهُ / وإِن كان حيّاً فالحِمامُ اغتِرابُهُ
ألَمياءُ إِن شَطَّت بِنَا الدّارُ عَنوةً
ألَمياءُ إِن شَطَّت بِنَا الدّارُ عَنوةً / فَدارَاكِ أَجفاني القريحَةُ والخِلبُ
تَدانت بِنَا الأَهواءُ والبعدُ بَينَنا / وما فُرقَةُ الأَحبابِ حَزْنٌ ولا سَهبُ
ولكنَّما البينُ المُشِتُّ هُوَ القِلى / وإنْ قَربُوا والبُعْدُ أن يَبعُدَ القلبُ
وكم مَهْمَهٍ تَستهوِلُ الشمسُ قطعَه / طَوتْهُ لنا الأَشواقُ نَحوَكِ والحبُّ
عقَلتُ بِهِ العيسَ المراسيلَ بالوَجى / إليك فأَدنَتنا المطهَّمَةُ القُبُّ
فلَمّا وصلْنَا بَرقَعيدَ تَحاشدت / عليَّ صَبَاباتِي وعنّفَني الرّكبُ
ولَجَّ اشتياقٌ كنتُ أَتّهِم النّوَى / علَيهِ إِلى أَن زَادَ سَورَتَه القُربُ
فأَيقنْتُ أَن لا قُربَ يَشفي من الجوَى / ولا يَنْقَضي ذا الحبُّ أو ينقضِي النّحْبُ
رَمتْنا اللَّيالي بافتراقٍ مُشَتِّتٍ
رَمتْنا اللَّيالي بافتراقٍ مُشَتِّتٍ / أَشَتَّ وأَنْأَى من فِراقِ المُحَصَّبِ
تَخَالَفَتِ الأَهواءُ وانْشقَتِ العَصَا / وشَعَّبَهُمْ وشَكُ النَّوَى كلَّ مَشْعَبِ
وقد نَثَر التوديعُ من كلّ مُقلةٍ / على كلِّ خدٍّ لؤْلُؤاً لم يُثَقَّبِ
إِلى اللهِ أَشكوُ عيشَةً قَد تنكَّدتْ
إِلى اللهِ أَشكوُ عيشَةً قَد تنكَّدتْ / عَلَيَّ ودهراً قد ألَحَّت نوائِبُهْ
تكَدّرَ من بَعْدِ الصّفاءِ نميرُهُ / وأَحزَنَ من بَعْد السُّهولةِ جانِبُهْ
وقَصَّرَ كَفّي عن نَوالٍ تُنيلهُ / وزَاولَها عن نيلِ ما أَنا طالِبُهْ
إلى كَم أُعَنَّى بالسُّرى والسّباسِبِ
إلى كَم أُعَنَّى بالسُّرى والسّباسِبِ / ويُصدَعُ شَملي بالنَّوَى والنّوائِبِ
فمَن لاقَهُ يوماً من الدّهرِ منزِلٌ / فما مَنزلي إلا ظهورُ النَجائِبِ
ومن رَاقَه خِلٌّ يُسَرُّ بِقُربِهِ / فيا ويحَ قلبي من فِراق الأقَارِبِ
فلي كلَّ يومٍ من جَوى الهمِّ صاحبٌ / يُجدِّدُ أحزاني على فَقدِ صاحبِ
ولي منزلٌ مَا مَسَّ جلدِي تُرَابهُ / ولا فيه أتْرابي ومَلْهَى مَلاعبي
دَعُونِي أَبُحْ مَا مِثلُ وَجْدِيَ يُجحَدُ
دَعُونِي أَبُحْ مَا مِثلُ وَجْدِيَ يُجحَدُ / عَسى جَمراتٌ في الجوانِحِ تخمدُ
أُجَشِّمُ نَفسي كَتْمَ ما أَنا كاظِمٌ / عَليهِ وما لي بالّذِي رُمتُهُ يَدُ
ووجدي بمَن فارقتُ لولا تجلُّدي / وما قَدْرُ ما يُجدِي عليَّ التَّجَلُّدُ
كوجدِ لبيدٍ أَو كَوجدِ مُتَمِّمٍ / ومَن مالِكٌ مَع من فقدتُ وأَربَدُ
ولمّا تَصافَينا وأَخلَصَ وُدُّنَا
ولمّا تَصافَينا وأَخلَصَ وُدُّنَا / ورُدَّ بيأسٍ كاشحٌ وحَسودُ
طرَتْ هَجرةٌ لم تُحْتَسَبْ وتَقطَّعَت / عَلائِقُ وصْلٍ واستَمرَّ صُدودُ
فليتَ زمانَ الهجرِ ينقصُ من مَدَى / حياتي وساعاتِ الوصالِ تَعودُ
وكانتْ لَيالي الوصلِ مُشرِقَةً بِهِ / كما أَنَّ أَيَّام القَطيعَةَِ سُودُ
أَسيرُ إِلى أَرضِ الأَعادي وفي الحشَا
أَسيرُ إِلى أَرضِ الأَعادي وفي الحشَا / لِبُغضِهمُ نارٌ تَلظّى وَقُودُهَا
إذا زُرتُها طالَتْ طريقي وإِن أَعُدْ / أَرَى الأَرضَ تُطوَى لي ويدنُو بعيدُهَا
إِذا مرَّ ذِكراكُم بقلبي تَضَايَقتْ
إِذا مرَّ ذِكراكُم بقلبي تَضَايَقتْ / ضُلوعِيَ عَمَّا تَحتَهُنَّ من الوَجْدِ
وأَعْجبُ من تَشْتِيتِنَا بعدَ أُلْفَةٍ / ومن نَقلِنَا بعد الدُّنُوِّ إِلى البُعدِ