المجموع : 15
هَلِ الدَهرُ إِلّا لَيلَةٌ وَنَهارُها
هَلِ الدَهرُ إِلّا لَيلَةٌ وَنَهارُها / وَإِلّا طُلوعُ الشَمسِ ثُمَّ غِيارُها
أَبى القَلبُ إِلّا أُمَّ عَمروٍ وَأَصبَحَت / تُحَرَّقُ ناري بِالشَكاةِ وَنارُها
وَعَيَّرَها الواشونَ أَنّي أُحِبُّها / وَتِلكَ شَكاةُ ظاهِرٌ عَنكَ عارُها
فَلا يَهنَأ الواشينَ أَنّي هَجَرتُها / وَأَظلَمَ دوني لَيلُها وَنَهارُها
فَإِن أَعتَذِر مِنها فَإِنّي مُكَذَّبٌ / وَإِن تَعتَذِر يُردَد عَلَيها اِعتِذارُها
فَما أُمُّ خِشفٍ بِالعَلايَةِ شادِنٍ / تَنوشُ البَريرَ حَيثُ نالَ اِهتِصارُها
مُوَلَّعَةٌ بِالطُرَّتَينِ دَنا لَها / جَنى أَيكَةٍ يَضفو عَلَيها قِصارُها
بِهِ أَبَلَت شَهرَي رَبيعٍ كِلَيهِما / فَقَد مارَ فيها نَسؤُها وَاِقتِرارُها
وَسَوَّدَ ماءُ المَردِ فاها فَلَونُهُ / كَلَونِ النَوورِ فَهيَ أَدماءُ سارُها
بِأَحسَنَ مِنها يَومَ قامَت فَأَعرَضَت / تُواري الدُموعَ حينَ جَدّا اِنحِدارُها
كَأَنَّ عَلى فيها عُقاراً مُدامَةً / سُلافَةَ راحٍ عَتَّقَتها تِجارُها
مُعَتَّقَةً مِن أَذرِعاتٍ هَوَت بِها الر / رِكابُ وَعَنَّتها الزِقاقُ وَقارُها
فَلا تُشتَرى إِلّا بِرِنجٍ سِباؤُها / بَناتُ المَخاضِ شومُها وَحِضارُها
تَرى شَربَها حُمرَ الحِداقِ كَأَنَّهُم / أَساوى إِذا ما سارَ فيهِم سُوارُها
فَإِنَّكَ مِنها وَالتَعَذُّرَ بَعدَما / لَجِجَت وَشَطَّت مِن فُطَيمَةَ دارُها
كَنَعتِ الَّتي ظَلَّت تُسَبِّعُ سُؤرَها / وَقالَت حَرامٌ أَن يُرَجَّلَ جارُها
تَبَرَّأُ مِن دَمِّ القَتيلِ وَبَزِّهِ / وَقَد عَلِقَت دَمَّ القَتيلِ إِزارُها
فَإِنَّكِ لَو ساءَلتِ عَنّا فَتُخبَري / إِذا البُزلُ راحَت لا تُدِرُّ عِشارُها
لَأُنبِئتِ أَنّا نَجتَدي الفَضلَ إِنَّما / نُكَلَّفُهُ مِنَ النُفوسِ خَيارُها
لَنا صِرَمٌ يُنحَرنَ في كُلِّ شَتوَةٍ / إِذا ما سَماءُ الناسِ قَلَّ قِطارُها
وَسودٌ مِنَ الصيدانِ فيها مَذانِبٌ / نُضارٌ إِذا لَم نَستَفِدها نُعارُها
لَهُنَّ نَشيجٌ بِالنَشيلِ كَأَنَّها / ضَرائِرُ حِرمِيٍّ تَفاحَشَ غارُها
إِذا اِستُعجِلَت بَعدَ الخُبُوِّ تَرازَمَت / كَهَزمِ الظُؤارِ جُرَّ عَنها حُوارُها
إِذا حُبَّ تَرويجُ القُدورِ فَإِنَّنا / نُرَوِّحُها سُفعاً حَميداً قُتارُها
فَإِن تَصرِمي حَبلي وَإِن تَتَبَدَّلي / خَليلاً وَإِحداكُنَّ سوءٌ قُصارُها
فَإِنّي إِذا ما خُلَّةٌ رَثَّ وَصلُها / وَجَدَّت بِصُرمٍ وَاِستَمَرَّ عِذارُها
وَحالَت كَحَولِ القَوسِ طُلَّت وَعُطِّلَت / ثَلاثاً فَزاغَ عَجسُها وَظُهارُها
فَإِنّي جَديرٌ أضن أُوَدِّعَ عَهدَها / بِحَمدٍ وَلَم يُرفَع لَدَينا شَنارُها
وَإِنّي صَبَرتُ النَفسَ بَعدَ اِبنِ عَنبَسٍ / نُشَيبَةٌ وَالهَلكى يَهيجُ اِدِّكارُها
وَذلِكَ مَشبوحُ الذِراعَينِ خَلجَمٌ / خَشوفٌ إِذا ما الحَربُ طالَ مِرارُها
ضَروبٌ لِهاماتِ الرِجالِ بِسَيفِهِ / إِذا عُجِمَت وَسطَ الشُؤونِ شِفارُها
بِضَربٍ يَقُضُّ البَيضَ شِدَّةُ وَقعِهِ / وَطَعنٍ كَرَكضِ الخَيلِ تُفلى مِهارُها
وَطَعنَةِ خَلسٍ قَد طَعَنتَ مُرِشَّةٍ / كَعَطِّ الرِداءِ لا يُشَكُّ طَوارُها
مُسَحسِحَةٍ تَنفي الحَصى عَن طَريقِها / يُطَيِّرُ أَحشاءَ الرَعيبِ اِنثِرارُها
وَمُدَّعَسٍ فيهِ الأَنيضُ اِختَفَيتَهُ / بِجَرداءَ يَنتابُ الثَميلَ حِمارُها
وَعادِيَةٍ تُلقي الثِيابَ كَأَنَّها / تُيوسُ ظِباءٍ مَحصُها وَاِنبِتارُها
سَبَقتَ إِذا ما الشَمسُ كانَت كَأَنَّها / صَلاءَةُ طيبٍ لِيطُها وَاِصفِرارُها
إِذا ما سِراعُ القَومِ كانوا كَأَنَّهُم / قَوافِلُ خَيلٍ جَريُها وَاِقوِرارُها
إِذا ما الخَلاجيمُ العَلاجيمُ نَكَّلوا / وَطالَ عَلَيهِم حَميُها وَسُعارُها
يَقولونَ لي لَو كانَ بِالرَملِ لَم يَمُت
يَقولونَ لي لَو كانَ بِالرَملِ لَم يَمُت / نُشَيبَةُ وَالطُرّاقُ يَكذِبُ قيلُها
وَلَو أَنَّني اِستَودَعتُهُ الشَمسَ لَاِرتَقَت / إِلَيهِ المَنايا عَينُها وَرَسولُها
وَكُنتُ كَعَظمِ العاجِماتِ اِكتَنَفنَهُ / بِأَطرافِهِ حَتّى اِستَدَقَّ نُحولُها
عَلى حينَ ساواهُ الشَبابُ وَقارَبَت / خُطايَ وَخِلتُ الأَرضَ وَعثاً سُهولُها
حَدَرناهُ بِالأَثوابِ في قَعرِ هُوَّةٍ / شَديدٍ عَلى ما ضَمَّ في اللَحدِ جولُها
أَلا زَعَمَت أَسماءُ أَن لا أُحِبُّها
أَلا زَعَمَت أَسماءُ أَن لا أُحِبُّها / فَقُلتُ بَلى لَولا يُنازِعُني شُغلي
جَزَيتُكِ ضِعفَ الوُدِّ لِما شَكَيتِهِ / وَما إِن جَزاكِ الضِعفَ مِن أَحَدٍ قَبلي
لَعَمرُكَ ما عَيساءُ تَتبَعُ شادِناً / يَعِنُّ لَها بِالجِزعِ مِن نَخِبِ النَجلِ
إِذا هِيَ قامَت تَقشَعِرُّ شَواتُها / وَيُشرِقُ بَينَ الليتِ مِنها إِلى الصُقلِ
تَرى حَمَشاً في صَدرِها ثُمَّ إِنَّها / إِذا أَدبَرَت وَلَّت بِمُكتَنِزٍ عَبلِ
وَما أُمُّ خِشفٍ بِالعَلايَةِ تَرتَعي / وَتَرمُقُ أَحياناً مُخاتَلَةَ الحَبلِ
بِأَحسَنَ مِنها يَومَ قالَت كُلَيمَةً / أَتَصرِمُ حَبلي أَم تَدومُ عَلى الوَصلِ
فَإِن تَزعُميني كُنتُ أَجهَلُ فيكُم / فَإِنّي شَرَيتُ الحِلمَ بَعدَكِ بِالجَهلِ
وَقالَ صِحابي قَد غُبِنتَ وَخِلتُني / غَبَنتُ فَلا أَدري أَشَكلُهُمُ شَكلي
فَإِن تَكُ أُنثى في مَعَدٍّ كَريمَةً / عَلَينا فَقَد أُعطيتِ نافِلَةَ الفَضلِ
عَلى أَنَّها قالَت رَأَيتُ خُوَيلِداً / تَنَكَّرَ حَتّى عادَ أَسوَدَ كَالجِذلِ
فَتِلكَ خُطوبٌ قَد تَمَلَّت شَبابَنا / زَماناً فَتُبلينا الخُطوبُ وَما نُبلي
وَتُبلى الأُولى يَستَلئِمونَ عَلى الأولى / تَراهُنَّ يَومَ الرَوعِ كَالحِدَإِ القُبلِ
فَهُنَّ كَعِقبانِ الشُرَيفِ جَوانِحٌ / وَهُم فَوقَها مُستَلئِمو حَلَقِ الجَدلِ
مَنايا يُقَرِّبنَ الحُتوفَ لِأَهلِها / جِهاراً وَيَستَمتِعنَ بِالأَنَسِ الجَبلِ
وَمُفرِهَةٍ عَنسٍ قَدَرتُ لِرِجلِها / فَخَرَّت كَما تَتّابَعُ الريحُ بِالقَفلِ
لِحَيٍّ جِياعٍ أَو لِضَيفٍ مُحَوَّلٍ / أُبادِرُ ذِكرا أَن يُلَجَّ بِهِ قَبلي
رَوَيتُ وَلَم يَغرَم نَديمي وَحاوَلَت / بَني عَمِّها أَسماءُ أَن يَفعَلوا فِعلي
فَما فَضلَةٌ مِن أَذرِعاتٍ هَوَت بِها / مُذَكَّرَةٌ عَنسٌ كَهادِيَةِ الضَحلِ
سُلافَةُ راحٍ ضُمِّنَتها إِداوَةٌ / مُقيَرَّةٌ رِدفٌ لِآخِرَةِ الرَحلِ
تَزَوَّدَها مِن أَهلِ مِصرٍ وَغَزَّةٍ / عَلى جَسرَةٍ مَرفوعَةِ الذَيلِ وَالكِفلِ
فَوافى بِها عُسفانَ ثُمَّ أَتى بِها / مَجَنَّةَ تَصفو في القِلالِ وَلا تَغلي
فَرَّوحَها مِن ذي المَجازِ عَشِيَّةً / يُبادِرُ أَولى السابِقاتِ إِلى الحَبلِ
فَجِئنَ وَجاءَت بَينَهُنَّ وَإِنَّهُ / لَيَسمَحُ ذِفراها تَزَغَّمُ كَالفَحلِ
فَجاءَ بِها كَيما يُوافِيَ حِجَّةً / نَديمُ كِرامٍ غَيرُ نِكسٍ وَلا وَغلِ
فَباتَ بِجَمعٍ ثُمَّ تَمَّ إِلى مِنىً / فَأَصبَحَ رَأداً يَبتَغي المَزجَ بِالسحلِ
فَجاءَ بِمَزجٍ لَم يَرَ الناسُ مِثلَهُ / هُوَ الضَحكُ إِلّا أَنَّهُ عَمَلُ النَحلِ
يَمانِيَةٍ أَحيا لَها مَظَّ مَأبِدٍ / وَآلِ قَراسٍ صَوبُ أَسقِيَةٍ كُحلِ
فَما إِن هَما في صَحفَةٍ بارِقِيَّةٍ / جَديدٍ أُرِقَّت بِالقَدومِ وَبِالصَقلِ
بِأَطيَبَ مِن فيها إِذا جِئتُ طارِقاً / وَلَم يَتَبَيَّن ساطِعُ الأُفُقِ المُجلى
إِذا الهَدَفُ المِعزابُ صَوَّبَ رَأسَهُ / وَأَمكَنَهُ ضَفوٌ مِنَ الثَلَّةِ الخُطلِ
صَبا صَبوَةً بَل لَجَّ وَهُوَ لَجوجُ
صَبا صَبوَةً بَل لَجَّ وَهُوَ لَجوجُ / وَزالَت لَها بِالأَنعَمَينِ حُدوجُ
كَما زالَ نَخلٌ بِالعِراقِ مُكَمَّمٌ / أُمِرَّ لَهُ مِن ذي الفُراتِ خَليجُ
فَإِنَّكَ عَمري أَيَّ نَظرَةِ عاشِقٍ / نَظَرتَ وَقُدسٌ دونَنا وَدَجوجُ
إِلى ظُعُنٍ كَالدَومِ فيها تَزايُلٌ / وَهِزَّةُ أَجمالٍ لَهُنَّ وَسيجُ
غَدَونَ عَجالى وَاِنتَحَتهُنَّ خَزرَجٌ / مُعَفِّيَةٌ آثارَهُنَّ هَدوجُ
سَقى أُمَّ عَمروٍ كُلَّ آخِرِ لَيلَةٍ / حَناتِمُ سودٌ ماؤُهُنَّ ثَجيجُ
تَرَوَّت بِماءِ البَحرِ ثُمَّ تَنَصَّبَت / عَلى حَبَشِيّاتٍ لَهُنَّ نَئيجُ
إِذا هَمَّ بِالإِقلاعِ هَبَّت لَهُ الصَبا / فَأَعقَبَ نَشءٌ بَعدَها وَخُروجُ
يُضىءُ سَناهُ راتِقاً مُتَكَشِّفاً / أَغَرَّ كَمِصباحِ اليَهودِ دَلوجُ
كَما نَوَّرَ المِصباحُ لِلعُجمِ أَمرَهُم / بُعَيدَ رُقادِ النائِمينَ عَريجُ
أَرِقتُ لَهُ ذاتَ العِشاءِ كَأَنَّهُ / مَخاريقُ يُدعى وَسطَهُنَّ خَريجُ
تُكَركِرُهُ نَجدِيَّةٌ وَتَمُدُّهُ / يَمانِيَةٌ فَوقَ البِحارِ مَعوجُ
لَهُ هَيدَبٌ يَعلو الشِراجَ وَهَيدَبٌ / مُسِفٌّ بِأَذنابِ التِلاعِ خَلوجُ
ضَفادِعُهُ غَرقى رِواءٌ كَأَنَّها / قِيانُ شُروبٍ رَجعُهُنَّ نَشيجُ
لِكُلِّ مَسيلٍ مِن تِهامَةَ بَعدَما / تَقَطَّعَ أَقرانُ السَحابِ عَجيجُ
كَأَنَّ ثِقالَ المُزنِ بَينَ تُضارِعٍ / وَشامَةَ بَركٌ مِن جُذامَ لَبيجُ
فَذلِكَ سُقيا أُمُّ عَمرٍ وَإِنَّني / لِما بَذَلَت مِن سَيبِها لَبَهيجُ
كَأَنَّ اِبنَةَ السَهمِيِّ دُرَّةُ قامِسٍ / لَها بَعدَ تَقطيعُ النُبوحِ وَهيجُ
بِكَفَّي رَقاحِيٍّ يُحِبُّ نَماءَها / فَيُبرِزُها لِلبَيعِ فَهِيَ فَريجُ
أَجازَ إِلَيها لُجَّةً بَعدَ لُجَّةٍ / أَزَلُّ كَغُرنوقِ الضُحولِ عَموجُ
فَجاءَ بِها ما شِئتَ مِن لَطَمِيَّةٍ / يَدومُ الفُراتُ فَوقَها وَيَموجُ
فَجاءَ بِها بَعدَ الكَلالِ كَأَنَّهُ / مِنَ الأَينِ مِحراسُ أَقَذُّ سَحيجُ
عَشِيِّةَ قامَت بِالفَناءِ كَأَنَّها / عَقيلَةُ نَهبٍ تُصطَفى وَتَغوجُ
وَصُبَّ عَلَيها الطيبُ حَتّى كَأَنَّها / أَسِيٌّ عَلى أُمِّ الدِماغِ حَجيجُ
كَأَنَّ عَلَيها بالَةً لَطَمِيَّةً / لَها مِن خِلالِ الدَأيَتَينِ أَريجُ
كَأَنَّ اِبنَةَ السَهمِيِّ يَومَ لَقيتُها / مُوَشَّحَةٌ بِالطُرَّتَينِ هَميجُ
بِأَسفَلِ ذاتِ الدَبرِ أُفرِدَ خَشفُها / فَقَد وَلِهَت يَومَينِ فَهيَ خَلوجُ
فَإِن تَصرِمي حَبلي وَإِن تَتَبَدَّلي / خَليلاً وَمِنهُم صالِحٌ وَسَميجُ
فَإِنّي صَبَرتُ النَفسَ بَعدَ اِبنِ عَنبَسٍ / وَقَد لَجَّ مِن ماءِ الشُؤونِ لَجوجُ
لِأُحسَبَ جَلداً أَو لِيُنبَأَ شامِتٌ / وَلِلشَّرِّ بَعدَ القارِعاتِ فُروجُ
فَذلِكَ أَعلى مِنكِ فَقداً لِأَنَّهُ / كَريمٌ وَبَطني بِالكِرامِ بَعيجُ
وَذلِكَ مَشبوحُ الذِراعَينِ خَلجَمٌ / خَشوفٌ بِأَعراضِ الدِيارِ دَلوجُ
ضَروبٌ لِهاماتِ الرِجالِ بِسَيفِهِ / إِذا حَنَّ نَبعٌ بَينَهُم وَشَريجُ
يُقَرِّبُهُ لِلمُستِضيفِ إِذا أَتى / جِراءٌ وَشَدٌّ كَالحَريقِ ضَريحُ
أَبِالصُرمِ مِن أَسماءَ حَدَّثَكَ الَّذي
أَبِالصُرمِ مِن أَسماءَ حَدَّثَكَ الَّذي / جَرى بَينَنا يَومَ اِستَقَلَّت رِكابُها
زَجَرتَ لَها طَيرَ السَنيحِ فَإِن تُصِب / هَواكَ الَّذي تَهوى يُصِبكَ اِجتِنابُها
وَقَد طُفتُ مِن أَحوالِها وَأَرَدتُها / سِنينَ فَأَخشى بَعلَها أَو أَهابُها
ثَلاثَةَ أَعوامٍ فَلَمّا تَجَرَّمَت / عَلَينا بِهونٍ وَاِستَحارَ شَبابُها
عَصاني إِلَيها القَلبُ إِنّي لِأَمرِهِ / سَميعٌ فَما أَدري أَرُشدٌ طِلابُها
فَقُلتُ لِقَلبي يا لَكَ الخَيرُ إِنَّما / يُدَلّيكَ لِلمَوتِ الجَديدِ حِبابُها
فَما الراحُ راحُ الشامِ جاءَت سَبِيَّةً / لَها غايَةٌ تَهدي الكِرامَ عُقابُها
عُقارُ كَماءِ النِىءِ لَيسَت بِخَمطَةٍ / وَلا خَلَّةٍ يَكوي الشُروبَ شِهابُها
تَوَصَّلُ بِالرُكبانِ حيناً وَتُؤلِفُ ال / جِوارَ وَيُغشيها الأَمانَ رِبابُها
فَما بَرِحَت في الناسِ حَتّى تَبَيَّنَت / ثَقيفاً بِزَيزاءِ الأَشاةِ قِبابُها
فَطافَ بِها أَبناءُ آلِ مُعَتِّبٍ / وَعَزَّ عَلَيهِم بَيعُها وَاِغتِصابُها
فَلَمّا رَأَوا أَن أَحكَمَتهُم وَلَم يَكُن / يَحِلُّ لَهُم إِكراهُها وَغِلابُها
أَتَوها بِرِبحٍ حاوَلَتهُ فَأًصبَحَت / تُكَفَّتُ قَد حَلَّت وَساغَ شَرابُها
بِأَريِ الَّتي تَهوي إِلى كُلِّ مُغرِبٍ / إِذا اِصفَرَّ ليطُ الشَمسِ حانَ اِنقِلابُها
بِأَريِ الِّتي تَأرِيِ اليَعاسيبُ أَصبَحَت / إِلى شاهِقٍ دونَ السَماءِ ذُؤابُها
جَوارِسُها تَأرِيِ الشُعوفَ دَوائِباً / وَتَنقَضُّ أَلهاباً مَصيفاً شِعابُها
إِذا نَهَضَت فيهِ تَصَعَّدَ نَفرَها / كَقِترِ الغِلاءِ مُستَدِرّاً صِيابُها
تَظَلُّ عَلى الثَمراءِ مِنها جَوارِسٌ / مَراضيعُ صُهبُ الريشِ زُغبٌ رِقابُها
فَلَمّا رَآها الخالِدِيُّ كَأَنَّها / حَصى الخَذفِ تَكبو مُستَقِلّاً إِيابُها
أَجَدَّ بِها أَمراً وَأَيقَنَ أَنَّهُ / لَها أَو لِأُخرى كَالطَحينِ تُرابُها
فَقيلَ تَجَنَّبها حَرامُ وَراقَهُ / ذُراها مُبيناً عَرضُها وَاِنتِصابُها
فَأَعلَقَ أَسبابَ المَنِيَّةِ وَاِرتَضى / ثُقوفَتَهُ إِن لَم يَخُنهُ اِنقِضابُها
تَدَلّى عَلَيها بَينَ سِبٍّ وَخَيطَةٍ / بِجَرداءَ مِثلِ الوَكفِ يَكبو غُرابُها
فَلَمّا اِجتَلاها بِالإِيامِ تَحَيَّزَت / ثُباتٍ عَلَيها ذُلُّها وَاِكتِئابُها
فَأَطيِب بِراحِ الشَأمِ صِرفاً وَهذِهِ / مُعَتَّقَةً صَهباءَ وَهِيَ شِيابُها
فَما إِن هُما في صَحيفَةٍ بارِقِيَّةٍ / جَديدٍ حَديثٍ نَحتُها وَاِقتِضابُها
بِأَطيَبَ مِن فيها إِذا جِئتَ طارِقاً / مِنَ اللَيلِ وَالتَفَّت عَلَيكَ ثِيابُها
رَأَتني صَريعَ الخَمرِ يَوماً فَسُؤتُها / بِقُرّانَ إِنَّ الخَمرَ شُعثٌ صِحابُها
وَلَو عَثَرَت عِندي إِذاً ما لَحَيتُها / بِعَثرَتِها وَلا اُسيءَ جَوابُها
وَلا هَرَّها كَلبي لِيُبعِدَ نَفرَها / وَلَو نَبَحَتني بِالشَكاةِ كِلابُها
وَقائِلَةٍ ما كانَ حِذوَةُ بَعلِها
وَقائِلَةٍ ما كانَ حِذوَةُ بَعلِها / غَداتَئِذٍ مِن شاءِ قِردٍ وَكاهِلِ
تَوَقّى بِأَطرافِ القِرانِ وَعَينُها / كَعَينِ الحُبارى أَخطَأَتها الأَجادِلُ
رَدَدنا إِلى مَولىً بَنيها فَأَصبَحَت / تُعَدُّ بِها وَسطَ النِساءِ الأَرامِلِ
وَأَشعَثَ بَوشِىٍّ شَفَينا أُحاحَهُ / غَداتَئِذٍ ذي جَردَةٍ مُتَماحِلِ
أَهَمَّ بِنَيهِ صَيفُهُم وَشِتاؤُهُم / فَقالوا تَعَدَّ وَاِغزُ وَسطَ الأَراجِلِ
تَأَبَّطَ نَعلَيهِ وَشِقَّ فَريرِهِ / وَقالَ أَلَيسَ الناسُ دونَ حَفائِلِ
دَلَفتُ لَهُ تَحتَ الوَغى بِمُرِشَّةٍ / مُسَحسِحَةٍ تَعلو ظُهورَ الأَنامِلِ
كَأَنَّ اِرتِجازَ الجُعثُمِيّاتِ وَسطَهُم / نَوائِحُ يَجمَعنَ البُكا بِالأَزامِلِ
غَداةَ المُلَيحِ نَحنُ كَأَنَّنا / غَواشي مُضِرٍّ تَحتَ ريحٍ وَوابِلِ
رَمَيناهُمُ حَتّى إِذا اِربَثَّ أَمرُهُم / وَعادَ الرَصيعُ نُهيَةً لِلحَمائِلِ
عَلَوناهُمُ بِالمَشرَفِيِّ وَعُرِّيَت / نِصالُ السُيوفِ تَعتَلي بِالأَماثِلِ
ما بالُ عَيني لا تَجِفُّ دُموعُها
ما بالُ عَيني لا تَجِفُّ دُموعُها / كَثيرٌ تَشَكّيها قَليلٌ هُجوعُها
أُصيبَت بِقَتلى آلِ عَمرٍ وَنَوفَلٍ / وَبَعجَةَ فَاِختَلَّت وَراثَ رُجوعُها
إِذا ذَكَرَت قَتلى بِكَوساءَ أَشعَلَت / كَواهِيَةِ الأَخراتِ رَثٍّ صُنوعُها
وَكانوا السَنامَ اِجتُثَّ أَمسِ فَقَومُهُم / كَعَرّاءَ بَعدَ النَيِّ راثَ رَبيعُها
أَبى اللَهُ إِلّا أَن يُقيدَكَ بَعدَما
أَبى اللَهُ إِلّا أَن يُقيدَكَ بَعدَما / تَراءَيتُموني مِن قَريبٍ وَمَودِقِ
وَمِن بَعدِ ما أُنذِرتُمُ وَأَضاءَني / لِقابِسِكُم ضَوءُ الشِهابِ المَحَرِّقِ
فَأَعشَيتُهُ مِن بَعدِ ما راثَ عِشيُهُ / بِسَهمٍ كَسَيرِ الثابِرِيَّةِ لَهوَقِ
وَقُلتُ لَهُ هَل كُنتَ آنَستَ خالِداً / فَإِن كُنتَ قَد آنَستَهُ فَتَأَرًّقِ
أَعاذِلُ إِنَّ الرُزءَ مِثلُ اِبنِ مالِكٍ
أَعاذِلُ إِنَّ الرُزءَ مِثلُ اِبنِ مالِكٍ / زُهَيرٍ وَأَمثالُ اِبنِ نَضلَةَ واقِدِ
وَمِثلُ السَدوسِيَّينِ سادا وَذَبذَبا / رِجالَ الحِجازِ مِن مَسودٍ وَسائِدِ
أَقَبّا الكُشوحِ أَبيَضانِ كِلاهُما / كَعالِيَةِ الخَطِّيِّ وارى الأَزانِدِ
أُعاذِلُ أَبقي لِلمَلامَةِ حَظَّها / إِذا راحَ عَنّي بِالجَلِيَّةِ عائِدي
فَقالوا تَرَكناهُ تَزَلزَلُ نَفسُهُ / إِذا أَسنَدوني أَو كَذا غَيرَ سانِدِ
وَقامَ بَناتي بِالنِعالِ حَواسِراً / وَأَلصَقنَ ضَربَ السِبتِ تَحتَ القَلائِدِ
يَوَدّونَ لَو يَفدونَني بِنُفوسِهِم / وَمَثنى الأَواقي وَالقِيانِ النَواهِدِ
وَقَد أَرسَلوا فُرّاطَهُم فَتَأَثَّلوا / قَليباً سَفاها كَالإِماءِ القَواعِدِ
مُطَأطَأَةً لَم يُنبِطوها وَإِنَّها / لَيَرضى بِها فُرّاطُها أُمَّ واحِدِ
قَضَوا ما قَضَوا مِن رَمِّها ثُمَّ أَقبَلوا / إِلَيَّ بِطاءَ المَشيِ غُبرَ السَواعِدِ
يَقولونَ لَمّا جُشَّتِ البِئرُ أَورِدوا / وَلَيسَ بِها أَدنى ذُفافٍ لِوارِدِ
فَكُنتُ ذَنوبَ البِئرِ لَمّا تَبَسَّلَت / وَسُربِلتُ أَكفاني وَوُسِّدتُ ساعِدي
أَعاذِلَ لا إِهلاكُ مالِيَ ضَرَّني / وَلا وَارِثي إِن ثُمَّرَ المالُ حامِدي
أَمِن آلِ لَيلى بِالضَجوعِ وَأَهلُنا
أَمِن آلِ لَيلى بِالضَجوعِ وَأَهلُنا / بِنَعفِ قُوَيٍّ وَالصُفَيَّةِ عيرُ
رَفَعتُ لَها طَرفي وَقَد حالَ دونَها / رِجالٌ وَخَيلٌ بِالبَثاءِ تُغيرُ
فَإِنَّكَ عَمري أَيَّ نَظرَةِ ناظِرٍ / نَظَرتَ وَقُدسٌ دونَنا وَوَقيرُ
دَيارُ الَّتي قالَت غَداةَ لَقيتُها / صَبَوتَ أَبا ذِئبٍ وَأَنتَ كَبيرُ
تَغَيَّرتَ بَعدي أَم أَصابَكَ حادِثٌ / مِنَ الأَمرِ أَم مَرَّت عَلَيكَ مُرورُ
فَقُلتُ لَها فَقدُ الأَحِبَّةِ إِنَّني / حَديثٌ بِأَرزاءِ الكِرامِ جَديرُ
فِراقٌ كَقَيصِ السِنِّ فَالصَبرَ إِنَّهُ / لِكُلِّ أُناسٍ عَثرَةٌ وَجُبورُ
وَأَصبَحتُ أَمشي في دِيارٍ كَأَنَّها / خِلافَ دِيارِ الكاهِلِيَّةِ عورُ
أُنادي إِذا أوفي مِنَ الأَرضِ مَرقَباً / وَإِنّي سَميعٌ لَو أُجابُ بَصيرُ
كَأَنّي خِلافَ الصارِخِ الأَلفِ واحِدٌ / بِأَجرَعَ لَم يَغضَب إِلَيَّ نَصيرُ
إِذا كانَ عامٌ مانِعُ القَطرِ ريحُهُ / صَباً وَشَمالٌ قَرَّةٌ وَدَبورُ
وَصُرّادُ غَيمٍ لا يَزالُ كَأَنَّهُ / مُلاءٌ بِأَشرافِ الجِبالِ مَكورُ
طَخاءٌ يُباري الريحَ لا ماءَ تَحتَهُ / لَهُ سَنَنٌ يَغشى البِلادَ طَحورُ
فَإِنَّ بَني لِحيانَ إِمّا ذَكَرتَهُم / ثَناهُم إِذا أَخنى اللِئامُ ظَهيرُ
أَساءَلتَ رَسمَ الدارِ أَم لَم تُسائِلِ
أَساءَلتَ رَسمَ الدارِ أَم لَم تُسائِلِ / عَنِ السَكنِ أَم عَن عَهدِهِ بِالأَوائِلِ
لِمَن طَلَلٌ بِالمُنتَضى غَيرُ حائِلِ / عَفا بَعدَ عَهدٍ مِن قِطارٍ وَوابِلِ
عَفا بَعدَ عَهدِ الحَيِّ مِنهُم وَقَد يُرى / بِهِ دَعسُ آثارٍ وَمَبرَكُ جامِلِ
عَفا غَيرَ نُؤيِ الدارِ ما إِن أُبينُهُ / وَأَقطاعِ طُفيٍ قَد عَفَت في المَعاقِلِ
وَإِنَّ حَديثاً مِنكِ لَو تَبذُلينَهُ / جَنى النَحلِ في أَلبانِ عوذٍ مَطافِلِ
مُطافيلَ أَبكارٍ حَديثٍ نِتاجُها / تُشابُ بِماءٍ مِثلَ ماءِ المَفاصِلِ
رَآها الفُؤادُ فَاِستُضِلَّ ضَلالُهُ / نِيافاً مِنَ البيضِ الحِسانِ العَطابِلِ
فَإِن وَصَلَت حَبلَ الصَفاءِ فَدُم لَها / وَإِن صَرَمَتهُ فَاِنصَرِم عَن تَجامُلِ
لَعَمري لِأَنتَ البيتُ أُكرِمُ أَهلَهُ / وَأَجلِسُ في أَفيائِهِ بِالأَصائِلِ
وَما ضَرَبٌ بَيضاءُ يَأوي مَليكُها / إَلى طُنُفٍ أَعيا بِراقٍ وَنازِلِ
تُهالُ العُقابُ أَن تَمُرَّ بَريدِهِ / وَتَرمي دُروءٌ دونَهُ بِالأَجادِلِ
تَنَمّى بِها اليَعسوبُ حَتّى أَقَرَّها / إِلى مَألَفٍ رَحبِ المَباءَةِ عاسِلِ
فَلَو كانَ حَبلٌ مِن ثَمانينَ قامَةً / وَسَبعينَ باعاً نالَها بِالأَنامِلِ
تَدَلّى عَلَيها بِالحِبالِ مُوَثِّقاً / شَديدَ الوَصاةِ نابِلٌ وَاِبنُ نابِلِ
إِذا لَسَعَتهُ الدَبرُ لَم يَرجُ لَسعَها / وَخالَفَها في بَيتِ نوبٍ عَواسِلِ
فَحَطَّ عَلَيها وَالضُلوعُ كَأَنَّها / مِنَ الخَوفِ أَمثالُ السِهامِ النَواصِلِ
فَشَّرجَها مِن نُطفَةٍ رَجَبِيَّةٍ / سُلاسِلَةٍ مِن ماءِ لِصبٍ سُلاسِلِ
بِماءٍ شُنانٍ زَعزَعَت مَتنَهُ الصَبا / وَجادَت عَلَيهِ ديمَةٌ بَعدَ وابِلِ
بِأَطيَبَ مِن فيها إِذا جِئتَ طارِقاً / وَأَشهى إِذا نامَت كِلابُ الأَسافِلِ
وَيَأشِبُني فيها الأولاءِ يَلونَها / وَلَو عَلِموا لَم يَأشِبوني بِطائِلِ
وَلَو كانَ ما عِندَ اِبنِ بُجرَةَ عِندَها / مِنَ الخَمرِ لَم تَبلُل لَهاتي بَناطِلِ
فَتِلكَ الِّتي لا يَبرَحُ القَلبَ حُبُّها / وَلا ذِكرُها ما أَرزَمَت أُمُّ حائِلِ
وَحَتّى يَؤوبَ القارِظانِ كِلاهُما / وَيُنشَرَ في القَتلى كُلَيبٌ لِوائِلِ
أَلا هَل أَتى أُمَّ الحُوَيرِثِ مُرسَلٌ
أَلا هَل أَتى أُمَّ الحُوَيرِثِ مُرسَلٌ / نَعَم خالِدٌ إِن لَم تَعُقهُ العَوائِقُ
يُرى ناصِحاً فيما بَدا وَإِذا خَلا / فَذلِكَ سِكّينُ عَلى الحَلقِ حاذِقُ
وَقَد كانَ لي دَهراً قَديماً مُلاطِفاً / وَلَم تَكُ تُخشى مِن لَدَيهِ البَوائِقُ
وَكُنتُ إِذا ما الحَربُ ضُرَّسَ نابُها / لِجائِحَةٍ وَالحَينُ بِالناسِ لاحِقُ
وَزافَت كَمَوجِ البَحرِ تَسمو أَمامَها / وَقامَت عَلى ساقٍ وَآنَ التَلاحُقُ
أَنوءُ بِهِ فيها فَيَأمَنُ جانِبي / وَلَو كَثُرَت فيها لَدَيَّ البَوارِقُ
وَلكِن فَتىً لَم تُخشَ مِنهُ فَجيعَةٌ / حَديثاً وَلا فيما مَضى أَنتَ وامِقُ
أَخٌ لَكَ مَأمونُ السَجِيّاتِ خِضرِمٌ / إِذا صَفَقَتهُ في الحُروبِ الصَوافِقُ
نُشَيبَةُ لَم توجَد لَهُ الدَهرَ عَثرَةٌ / يَبوحُ بِها في ساحَةِ الدارِ ناطِقُ
نَماهُ مِن الحَيَّينِ قِردٍ وَمازِنٍ / لُيوثٌ غَداةَ البَأسِ بيضُ مَصادِقُ
هُم رَجَعوا بِالعَرجِ وَالقَومُ شُهَّدُ / هَوازِنَ تَحدوها حُماةٌ بَطارِقُ
وما حُمِّلَ البُختِيُّ عامَ غِيارِهِ
وما حُمِّلَ البُختِيُّ عامَ غِيارِهِ / عَلَيهِ الوُسوقُ بُرُّها وَشَعيرُها
أَتى قَريَةً كانَت كثيراً طَعامُها / كَرَفغِ التُرابِ كُلُّ شَيءٍ يَميرُها
فَقيلَ تَحَمَّل فَوقَ طَوقِكَ إِنَّها / مُطَبَّعَةٌ مَن يَأتِها لا يَضيرُها
بِأَعظَمَ مِمّا كُنتُ حَمَّلتُ خالِداً / وَبَعضُ أَماناتِ الرِجالِ غُرورُها
وَلَو أَنَّني حَمَّلتُهُ البُزلَ لَم تَقُم / بِهِ البُزلُ حَتّى تَتلَئِبُّ صُدورُها
خَليلي الَّذي دَلَّى لِغَيٍّ خَليلَتي / فَكُلّاً أَراهُ قَد أَصابَ عُرورُها
فَشَأنَكَها إِنّي أَمينٌ وَإِنَّني / إِذا ما تَحالى مِثلُها لا أَطورُها
أُحاذِرُ يَوماً أَن تَبينَ قَرينَتي / وَيُسلِمَها جيرانُها وَنَصيرُها
رَعى خالِدٌ سِرّي لَياليَ نَفسُهُ / تَوالى عَلى قَصدِ السَبيلِ أُمورُها
فَلمّا تَراماهُ الشَبابُ وَغَيُّهُ / وَفي النَفسِ مِنهُ فِتنَةٌ وَفُجورُها
لَوى رَأسَهُ عَنّي وَمالَ بِوُدِّهِ / أَغانيجُ خَودٍ كانَ قِدماً يَزورُها
تَعَلَّقَهُ مِنها دَلالٌ وَمُقلَةٌ / تَظَلُّ لِأَصحابِ الشَقاءِ تُديرُها
وَما يَحفَظُ المَكتومَ مِن سِرِّ أَهلِهِ / إِذا عُقَدُ الأَسرارِ ضاعَ كَبيرُها
مِنَ القَومِ إِلّا ذو عَفافٍ يُعينُهُ / عَلى ذاكَ مِنهُ صِدقُ نَفسٍ وَخَيرُها
فَإِنَّ حَراما أَن أَخونَ أَمانَةً / وَآمَنَ نَفساً لَيسَ عِندي ضَميرُها
فَنَفسَكَ فَاِحفَظها وَلا تُفشِ لِلعِدى / مِنَ السِرِّ ما يُطوى عَلَيهِ ضَميرُها
مَتى ما تَشَأ أَحمِلكَ وَالرأسُ مائِلٌ / عَلى صَعبَةٍ حَرفٍ وَشيكٍ طُمورُها
وَما أَنفُسُ الفِتيانِ إِلّا قَرائِنٌ / تَبينُ وَيَبقى هامُها وَقُبورُها
لا يُبعِدَنَّ اللَهُ لُبَّكَ إِذ غَزا / فَسافَرَ وَالأَحلامُ جَمٌّ عُثورُها
وَكُنتَ إِماما لِلعَشيرَةِ تَنتَهي / إِلَيكَ إِذا ضاقَت بِأَمرٍ صُدورُها
لَعَلَّكَ إِمّا أُمُّ عَمرٍو تَبَدَّلَت / سِواكَ خَليلاً شاتِمي تَستَحيرُها
فَلا تَجزَعنَ مِن سُنَّةٍ أَنتَ سِرتَها / وَأَوَّلُ راضي سُنَّةٍ مِن يَسيرُها
فَإِنَّ الَّتي فينا زَعَمتَ وَمِثلَها / لَفيكَ وَلكِنّي أَراكَ تَجورُها
تَنَقَّذتَها مِن عَبدِ عَمرِو بنِ مالِكٍ / وَأَنتَ صَفِيُّ النَفسِ مِنهُ وَخَيرُها
يُطيلُ ثَواءً عِندَها لِيَرُدَّها / وَهَيهاتَ مِنهُ دورُها وَقُصورُها
وَقاسَمَها بِاللَهِ جَهداً لَأَنتُم / أَلَذُّ مِنَ السَلوى إِذا ما نَشورُها
فَلَم يُغنِ عَنهُ خَدعُهُ حينَ أَعرَضَت / صَريمَتَها وَالنَفسُ مُرٌّ ضَميرُها
وَلَم يُلفَ جَلداً حازِماً ذا عَزيمَةٍ / وَذا قُوَّةٍ يَنفي بِها مَن يَزورُها
فَإِن كُنتَ تَشكو مِن قَريبٍ مَخانَةً / فَتِلكَ الجَوازي عَقبُها وَنُصورُها
وَإِن كُنتَ تَبغي لِلظُّلامَةِ مَركَباً / ذَلولاً فَإِنّي لَيسَ عِندي بَعيرُها
نَشَأتُ عَسيراً لَم تُدَيَّث عَريكَتي / وَلَم يَعلُ يَوماً فَوقَ ظَهري كورُها
فَلا تَكُ كالثَورِ الَّذي دُفِنَت لَهُ / حَديدَةُ حَتفٍ ثَمَّ ظَلَّ يُثيرُها
وَلا تَسبِقَنَّ الناسَ مِنّي بِحَزرَةٍ / مِنَ السُمِّ مُذرورٍ عَلَيها ذَرورُها
وَإِيّاكَ لا تَأخُذكَ مِنّي سَحابَةٌ / يُنَفِّرُ شاءَ المُقلِعينَ خَريرُها
تُريدينَ كَيما تَجمَعيني وَخالِداً / وَهَل يُجمَعُ السَيفانُ وَيحَكِ في غِمدِ
أُخالِدُ ما راعَيتَ مِن ذي قَرابَةٍ / فَتَحفَظَني بِالغَيبِ أَو بَعضِ ما تُبدي
دَعاكَ إِلَيها مُقلَتاها وَجيدُها / فَمِلتَ كَما مالَ المُحِبُّ عَلى عَمدِ
وَكُنتَ كَرَقراقِ السَرابِ إِذا جَرى / لِقَومٍ وَقَد باتَ المَطِيُّ بِهِم تَخدي
فَأَقسَمتُ لا أَنفَكُّ أَحذو قَصيدَةً / أَدَعكَ وَإيّاها بِها مَثَلاً بَعدي
أَلا لَيتَ شِعري هَل تَنظَّرَ خالِدٌ
أَلا لَيتَ شِعري هَل تَنظَّرَ خالِدٌ / عيادي على الهِجرانِ أَم هُوَ يائِسُ
فَلَو أَنَّني كُنتُ السَليمَ لَعُدتَني / سَريعاً وَلَم تَحبِسكَ عَنّي الكَوادِسُ
وَقَد أَكثَرَ الواشونَ بَيني وَبَينَهُ / كَما لَم يَغِب عَن غَيِّ ذُبيانَ داحِسُ
فَإِنّي عَلى ما كُنتَ تَعهَدُ بَينَنا / وَليدَينِ حَتّى أَنتَ أَشمَطُ عانِسُ
لِشانِئِهِ طولُ الضَراعَةِ مِنهُمُ / وَداءٌ قَد أَعيا بِالأَطِبّاءِ ناجِسُ
وأَبلِغ لَدَيكَ مَعقِلَ بنَ خُوَيلِدٍ
وأَبلِغ لَدَيكَ مَعقِلَ بنَ خُوَيلِدٍ / مَلائِكَ يَهديها إِلَيكَ هُداتُها
عَلى إِثرِ أُخرى قَبلَ ذلِكَ قَد أَتَت / إِلَيكَ فَجاءَت مُقشَعِرّاً شَواتُها
وَقَد عَلِمَ الأَقوامُ أَنَّكَ سَيِّدٌ / وَأَنَّكَ مِن دارٍ شَديدٍ حَصاتُها
فَلا تُتبِعِ الأَفعى يَدَيكَ تَنوشُها / وَدَعها إِذا ما غَيَّبَتها سَفاتُها
وَأَطفِىء وَلا توقِد وَلا تَكُ مِحضَأً / لِنارِ العُداةِ أَن تَطيرَ شَكاتُها
فَإِنَّ مِنَ القَولِ الَّتي لا شَوى لَها / إِذا زَلَّ عَن ظَهرِ اللِسانِ اِنفِلاتُها
وَمَوقِعُها ضَخمٌ إِذا هِيَ أُرسِلَت / وَلَو كُفِتَت كانَت يَسيراً كِفاتُها
وَلَمّا تَطِب نَفسي بِإِرسالِها لَكُم / وَهَل يَنفَعَن نَفسي إِلَيكُم أَناتُها