المجموع : 192
خَليلَيَّ عوجا بِالكَثيبِ وَعَرِّجا
خَليلَيَّ عوجا بِالكَثيبِ وَعَرِّجا / عَلى لَعلَعٍ وَاِطلَبْ مِياهَ يَلَملَمِ
فَإِنَّ بها مَن قَد عَلِمتَ وَمَن لَهُم / صِيامي وَحَجّي وَاِعتِماري وَمَوسِمي
فَلا أَنسَ يَوماً بِالمَحَصَّبِ مِن مُنىً / وَبِالمَنحَرِ الأَعلى أُموراً وَزَمزَمِ
مُحَصَّبُهُم قَلبي لِرَميِ جِمارِهِم / وَمَنحَرُهُم نَفسي وَمَشرَبِهِم دَمي
فَيا حادِيَ الأَجمالِ إِن جِئتَ حاجِراً / فَقِف بِالمَطايا ساعَةً ثُمَّ سَلِّمِ
وَنادِ القِبابَ الحُمرَ مِن جانِبِ الحَمي / تَحِيَّةَ مُشتاقٍ إِلَيكُم مُتَيَّمِ
فَإِن سَلَّموا فَاِهدِ السَلامَ مَعَ الصَبا / وَإِن سَكَتوا فَاِرحَل بِها وَتَقَدَّم
إِلى نَهرِ عيسى حَيثُ حَلَّت رِكابُهُم / وَحَيثُ الخِيامِ البيضِ مِن جانِبِ الفَمِ
وَنادِ بِدَعدٍ وَالرَبابِ وَزَينَبٍ / وَهِندٍ وَسَلمى ثُمَّ لُبنى وَزَمزَمِ
وَسَلهُنَّ هَل بِالحَلبَةِ الغادَةُ الَّتي / تُريكَ سَنا البَيضاءِ عِندَ التَبَسُّمِ
سَلامٌ عَلى سَلمى وَمَن حَلَّ بِالحِمى
سَلامٌ عَلى سَلمى وَمَن حَلَّ بِالحِمى / وَحُقَّ لِمِثلي رِقَّةً أَن يُسَلِّما
وَماذا عَلَيها أَن تَرُدُّ تَحِيَّةً / عَلَينا وَلكِن لا اِحتِكامَ عَلى الدُمى
سَروا وَظَلامُ اللَيلِ أَرخى سُدولَهُ / فَقُلتُ لَها صَبّاً غَريباً مُتَيَّما
أَحاطَت بِهِ الأَشواقُ صَوتاً وَأُرصِدَت / لَهُ راشِقاتُ النَبلِ أَيّانُ يَمَّما
فَأَبدَت ثَناياها وَأَومَضَ بارِقٌ / فَلَم أَدرِ مَن شَقَّ الحَنادِسَ مِنهُما
وَقالَت أَما يَكفيهِ أَنّي بِقَلبِهِ / يُشاهِدُني في كُلِّ وَقتٍ أَما أَما
وَزاحَمَني عِندَ اِستِلامي أَوانِسٌ
وَزاحَمَني عِندَ اِستِلامي أَوانِسٌ / أَتَينَ إِلى التَطوافِ مُعتَجِزاتِ
حَسَرنَ عَنِ أَنوارِ الشُموسِ وَقُلنَ لي / تَوَرَّع فَمَوتُ النَفسِ في اللَحظاتِ
وَكَم قَد قَتَلنا بِالمُحَصِّبِ مِن مِنىً / نُفوساً أَبِيّاتٍ لَدى الجَمَراتِ
وَفي سَرحَةِ الوادي وَأَعلامِ رامَةٍ / وَجَمعٍ وَعِندَ النَفرِ مِن عَرَفاتِ
أَلَم تَدرِ الحُسنَ يَسلُبُ مَن لُهُ / عَفافٌ فَيُدعى سالِبَ الحَسَناتِ
فَمَوعِدُنا بَعدَ الطَوافِ بِزَمزَمٍ / لَدى القُبَّةِ الوُسطى لَدى الصَخَراتِ
هُناكَ مَن قَد شَفَّهُ الوَجدُ يَشتَفي / بِما شاءَهُ مِن نِسوَةٍ عَطِراتِ
إِذا خِفنَ أَسدَلنَ الشُعورَ فَهُنَّ مِن / غَدائِرِها في أَلحُفِ الظُلُماتِ
أَلا يا حَماماتِ الأَراكَةِ وَالبانِ
أَلا يا حَماماتِ الأَراكَةِ وَالبانِ / تَرَفَّقنَ لا تُضعِفنَ بِالشَجوِ أَشجاني
تَرَفَّقنَ لا تُظهِرنَ بِالنوحِ وَالبُكا / خَفِيَّ صَباباتي وَمَكنونَ أَحزاني
أُطارِحُها عِندَ الأَصيلِ وَبِالضُحى / بِحَنَّةِ مُشتاقٍ وَأَنَّةِ هَيمانِ
تَناوَحَتِ الأَرواحُ في غَيضَةِ الغَضا / فَمالَت بِأَفنانٍ عَلَيَّ فَأَفناني
وَجاءَت مِنَ الشَوقِ المُبَرِّحِ وَالجَوى / وَمِن طُرَفِ البَلوى إِلَيَّ بِأَفنانِ
فَمَن لي بِجَمعٍ وَالمُحَصَّبِ مِن مِنىً / وَمَن لي بِذاتِ الأُثلِ مَن لي بِنَعمانِ
تَطوفُ بِقَلبي ساعَةً بَعدَ ساعَةٍ / لِوَجدٍ وَتَبريحٍ وَتَلثُمُ أَركاني
كَما طافَ خَيرُ الرُسلِ بِالكَعبَةِ الَّتي / يَقولُ دَليلُ العَقلِ فها بِنُقصانِ
وَقَبَّلَ أَحجاراً بِها وَهُوَ ناطِقٌ / وَأَينَ مَقامُ البَيتِ مِن قَدرِ إِنسانِ
فَكَم عَهِدَت أَن لا تَحولَ وَأَقسَمَت / وَلَيسَ لِمَخضوبٍ وَفاءٌ بِأَيمانِ
وَمَن عَجَبِ الأَشياءِ ظَبيٌ مُبَرقَعٌ / يُشيرُ بِعُنّابٍ وَيَومي بِأَجفانِ
وَمَرعاهُ ما بَينَ التَرائِبِ وَالحَشا / وَيا عَجَباً مِن رَوضَةٍ وَسطَ نيرانِ
لَقَد صارَ قَلبي قابِلاً كُلَّ صورَةٍ / فَمَرعىً لِغِزلانٍ وَدَيرٌ لِرُهبانِ
وَبَيتٌ لِأَوثانٍ وَكَعبَةُ طائِفٍ / وَأَلواحُ تَوراةٍ وَمُصحَفُ قُرآنِ
أَدينُ بِدَينِ الحُبِّ أَنّي تَوَجَّهَت / رَكائِبُهُ فَالحُبُّ دَيني وَإيماني
لَنا أُسوَةٌ في بِشرِ هِندٍ وَأُختِها / وَقَيسٍ وَلَيلى ثُمَّ مَيٍّ وَغَيلانِ
بِذي سَلَمٍ وَالدَيرِ مِن حاضِرِ الحِمى
بِذي سَلَمٍ وَالدَيرِ مِن حاضِرِ الحِمى / ظِباءَ تُريكَ الشَمسَ في صورَةَ الدُمى
فَأَرقُبُ أَفلاكاً وَأَخدُمُ بيعَةً / وَأَحرُسُ رَوضاً بِالرَبيعِ مُنَمنَما
فَوَقتاً أُسَمّى راعِيَ الظَبيِ بِالفَلا / وَوَقتاً أُسَمّى راهِباً وَمُنَجِّما
تَثَلَّثَ مَحبوبي وَقَد كانَ واحِداً / كَما صَيَّروا الأَقنامَ بِالذاتِ أُقنُما
فَلا تُنكِرَن يا صاحِ قَولي غَزالَةٍ / تُضيءُ لِغِزلانٍ يَطُفنَ عَلى الدُمى
فَلِلظَّبيِ أَجياداً وَلِلشَمسِ أَوجُهاً / وَلِلدُّميَةِ البَيضاءِ صَدراً وَمِعصَما
كَما قَد أَعَرنا لِلغُصونِ مَلابِساً / وَلِلرَّوضِ أَخلاقاً وَلِلبَرقِ مَبسِما
رَأى البَرقَ شَرقِيّاً فَحَنَّ إِلى الشَرقِ
رَأى البَرقَ شَرقِيّاً فَحَنَّ إِلى الشَرقِ / وَلَو لاحَ غَربِيّاً لَحَنَّ إِلى الغَربِ
فَإِنَّ غَرامي بِالبُرَيقِ وَلَمحِهِ / وَلَيسَ غَرامي بِالأَماكِنِ وَالتُربِ
رَوَتهُ الصَبا عَنهُم حَديثاً مُعَنعناً / عَنِ البَثِّ عَن وَجدي عَنِ الحُزنِ عِن كَربي
عَنِ السُكرِ عَن عَقلي عَنِ الشَوقِ عَن جَوىً / عَنِ الدَمعِ عَن جَفني عَنِ النارِ عَن قَلبي
بِأَنَّ الَّذي تَهواهُ بَينَ ضُلوعِكُم / تُقَلِّبُهُ الأَنفاسُ جَنباً إِلى جَنبِ
فَقُلتُ لَها بَلِّغ إِليهِ بِأَنَّهُ / هُوَ الموقِدُ النارِ الَّتي داخِلَ القَلبِ
فَإِن كانَ إِطفاءٌ فَوَصلٌ مُخَلَّدٌ / وَإِن كانَ إِحراقٌ فَلا ذَنبَ لِلصَبِّ
أَيا رَوضَةَ الوادي أَجِب رَبَّةَ الحِمى
أَيا رَوضَةَ الوادي أَجِب رَبَّةَ الحِمى / وَذاتَ الثَنايا الغُرَّ يا رَوضَةَ الوادي
وَظَلَّل عَلَيها مِن ظِلالِكَ ساعَةً / قَليلاً إِلى أَن يَستَقِرَّ بِها النادي
وَتُنصَبُ بِالأَجوازِ مِنكَ خِيامُها / فَما شِئتَ مِن طَلٍّ غَذاءً لِمُنآدِ
وَما شِئتَ مِن وَبلٍ وَما شِئتَ مِن نَدىً / سَحابٌ عَلى باناتِها رائِحٌ غادِ
وَما شِئتَ مِن ظِلٍّ ظَليلٍ وَمِن جَنىً / شَهِيٍّ لَدى الجاني يَميسُ بِمَيّادِ
وَمِن ناشِدٍ فيها زَرودَ وَرَملَها / وَمِن مُنشِدٍ حادٍ وَمِن مُنشِدٍ هادِ
يُذَكِّرُني حالُ الشَبيبَةِ وَالشَرخِ
يُذَكِّرُني حالُ الشَبيبَةِ وَالشَرخِ / حَديثاً لَنا بَينَ الحَديثَةِ وَالكَرخِ
فَقَلَّت لِنَفسي بعدَ خَمسينَ حِجَّةً / وَقَد صِرتُ مِن طولِ التَفَكُّرِ كَالفَرخِ
تُذَكِّرُني أَكنافَ سَلعٍ وَحاجِرٍ / وَتَذكُرُ لي حالَ الشَبيبَةِ وَالشَرخِ
وَسَوقَ المَطايا مُنجِداً ثُمَّ مُتهِماً / وَقَدحي لَها نارَ القِفارِ مَعَ المَرخِ
ثَلاثُ بُدورٍ ما يُزَنَّ بِزِنيَةٍ
ثَلاثُ بُدورٍ ما يُزَنَّ بِزِنيَةٍ / خَرَجنَ إِلى التَنعيمِ مُعتَجِراتِ
حَسَرنَ عَن أَمثالِ الشُموسِ إِضاءَةً / وَلَبَّينَ بِالإِهلالِ مُعتَمِراتِ
وَأَقبَلنَ يَمشينَ الرُوَيدا كَمِثلِ ما / تَمشي القَطا في أَلحُفِ الحَبَراتِ
أَلا يا ثَرى نَجدٍ تَبارَكتَ مِن نَجدِ
أَلا يا ثَرى نَجدٍ تَبارَكتَ مِن نَجدِ / سَقَتكَ سَحابُ المُزنِ جَوداً عَلى جَودِ
وَحَيّاكَ مِن أَحياكَ خَمسينَ حِجَّةً / بِعَودٍ عَلى بَدءٍ وَبَدءٍ عَلى عَودِ
قَطَعتُ إِلَيها كُلَّ قَفرٍ وَمَهمَهٍ / عَلى الناقَةِ الكَوماءِ وَالجَمَلِ العَودِ
إِلى أَن تَراءى البَرقُ مِن جانِبِ الحِمى / وَقَد زادَني مَسراهُ وَجداً عَلى وَجدي
أَحَبُّ بِلادِ اللَهِ لي بَعدَ طَيبَةٍ
أَحَبُّ بِلادِ اللَهِ لي بَعدَ طَيبَةٍ / وَمَكَّةَ وَالأَقصى مَدينَةُ بَغدانِ
وَما لِيَ لا أَهوى السَلامَ وَلي بِها / إِمامُ هُدىً ديني وَعَقدي وَإيماني
وَقَد سَكَنَتها مِن بُنَيّاتِ فارِسٍ / لَطيفَةُ إيماءٍ مَريضَةُ أَجفانِ
تُحَيّي فَتُحيي مَن أَماتَت بِلَحظِها / فَجاءَت بِحُسنى بعدَ حُسنٍ وَإِحسانِ
وَلا أَنسَ يَوماً عِندَ وانَةَ مَنزِلي
وَلا أَنسَ يَوماً عِندَ وانَةَ مَنزِلي / وَقَولي لِرَكبٍ رائِحينَ وَنُزَّلِ
أَقيموا عَلَينا ساعَةً نَشتَفي بِها / فَإِنّي وَمَن أَهواهُمُ في تَعَلُّلِ
فَإِن رَحَلوا ساروا بِأَيمَنِ طائِرٍ / وَإِن نَزَلوا حَلّوا بِأَخصَبِ مَنزِلِ
وَبِالشَعبِ مِن وادي قَناةٍ لَقيتُهُم / وَعَهدي بِهِم بَينَ النَقا وَالمُشَلَّلِ
يُراعونَ مَرعى العيسِ حَيثُ وَجَدنَهُ / وَلَيسَ يُراعوا قَلبَ صَبٍّ مُضَلَّلِ
فَيا حادِيَ الأَجمالِ رِفقاً عَلى فَتىً / تَراهُ لَدى التَوديعِ كاسِرَ حَنظلِ
يُخالِفُ بَينَ الراحَتَينِ عَلى الحَشا / يُسَكِّنُ قَلباً طارَ مِن صَرِّ مَحمَلِ
يَقولونَ صَبراً وَالأَسى غَيرُ صابِرٍ / فَما حيلَتي وَالصَبرُ عَنّي بِمَعزَلِ
فَلَو كانَ لي صَبرٌ وَكُنتُ بِحِكمَةٍ / لَما صَبَرَت نَفسي فَكَيفَ وَلَيسَ لي
وَغادِرَةٍ قَد غادَرَت بِغَدائِرٍ
وَغادِرَةٍ قَد غادَرَت بِغَدائِرٍ / شَبيهِ الأَفاعي مَن أَرادَ سَبيلا
سَليماً وَتَلوي لينَها فُتُذيبُهُ / وَتَترُكُهُ فَوقَ الفِراشِ عَليلا
رَمَت بِسِهامِ اللَحظِ قَوسَ حاجِبٍ / فَمِن أَيِّ شَقٍّ جِئتَ كُنتَ قَتيلا
بِذاتِ الأَضا وَالمَأزَمَينِ وَبارِقٍ
بِذاتِ الأَضا وَالمَأزَمَينِ وَبارِقٍ / وَذي سَلَمٍ وَالأَبرَقَينِ لِطارِقِ
بُروقُ سُيوفٍ مِن بُروقِ مَباسِمٍ / نَوافِجُ مِسكٍ ما أُبيحَت لِناشِقِ
فَإِن حورِبوا سَلَّوا سُيوفَ لِحاظِهِم / وَإِن سَلَّموا هَدّوا عُقودَ المَضايِقِ
فَنالوا وَنِلنا لَذَّتَينِ تَساوَيا / فَمُلكٌ لِمَعشوقٍ وَمُلكٌ لِعاشِقِ
رَضيتُ بِرَضوى رَوضَةً وَمُناخا
رَضيتُ بِرَضوى رَوضَةً وَمُناخا / فَإِنَّ بِهِ مَرعىً وَفيهِ نُفاخا
عَسى أَهلُ وُدّي يَسمَعونَ بِخِصبِهِ / فَيَتَّخِذوهُ مَربَعاً وَمُناخا
فَإِنَّ لَنا قَلباً بِهِنَّ مُعَلَّقاً / إِذا ما حَدا الحادي بِهِنَّ أَصاخا
وَإِن هُم تَنادَوا لِلَّرَحيلِ وَفَوَّزوا / سَمِعتَ لَهُ خَلفَ الرِكابِ صُراخا
فَإِن قَصَدوا الزَوراءَ كانَ أَمامَهُم / وَإِن يَمَّموا الجَرعاءَ ثُمَّ أَناخا
فَما الطَيرُ إِلّا حَيثُ كانوا وَخَيَّموا / فَإِنَّ لَهُ في حَيِّهِنَّ فِراخا
تَحارَبَ خَوفٌ لي وَخَوفٌ مِن أَجلِها / وَما واحِدٌ عَن قِرنِهِ يَتَراخا
إِذا خَطَفَت أَبصارَنا سُبُحاتُها / أَصَمَّ لَها صَوتُ الشَهيقِ صِماخا
إِذا ما اِلتَقَينا لِلوَداعِ حَسِبتَنا
إِذا ما اِلتَقَينا لِلوَداعِ حَسِبتَنا / لَدى الضَمِّ وَالتَعنيقِ حَرفاً مُشَدَّدا
فَنَحنُ وَإِن كُنّا مُثَنّى شَخوصُنا / فَما تَنظُرُ الأَبصارُ إِلّا مُوَحَّدا
وَما ذاكَ إِلّا مِن نُحولي وَنورُهُ / فَلَولا أَنيني ما رَأَت لِيَ مَشهَدا
أَغيبُ فَيُفني الشَوقُ نَفسي فَأَلتَقي
أَغيبُ فَيُفني الشَوقُ نَفسي فَأَلتَقي / فَلا أَشتَفي فَالشَوقُ غَيباً وَمَحضَرا
وَيُحدِثُ لي لُقياهُ ما لَم أَظُنُّهُ / فَكانَ الشِفا داءً مِنَ الوَجدِ آخَرا
لِأَنّي أَرى شَخصاً يَزيدُ جَمالُهُ / إِذا ما اِلتَقَينا نَفرَةً وَتَكَبُّرا
فَلا بُدَّ مِن وَجدٍ يَكونُ مُقارِناً / لِما زادَ مِن حُسنٍ نِظاماً مُحَرَّرا
أَلا يا نَسيمَ الريحِ بَلِّغ مَها نَجدِ
أَلا يا نَسيمَ الريحِ بَلِّغ مَها نَجدِ / بِأَنّي عَلى ما تَعلَمونَ مِنَ العَهدِ
وَقُل لِفَتاةِ الحَيِّ مَوعِدُنا الحِمى / غُدَيَّةَ يَومِ السَبتِ عِندَ رُبى نَجدِ
عَلى الرَبُوَّةِ الحَمراءِ مِن جانِبِ الضَوى / وَعَن أَيمَنِ الأَفلاجِ وَالعَلَمِ الفَردِ
فَإِن كانَ حَقّاً ما تَقولُ وَعِندَها / إِلَيَّ مِنَ الشَوقِ المُبَرِّحِ ما عِندي
إِلَيها فَفي حَرِّ الظَهيرَةِ نَلتَقي / بِخَيمَتِها سِرّاً عَلى أَصدَقِ الوَعدِ
فَتُلقي وَنُلقي ما نُلاقي مِنَ الهَوى / وَمِن شِدَّةِ البَلوى وَمِن أَلَمِ الوَجدِ
أَأَضغاثُ أَحلامٍ أَبُشرى مَنامَةٍ / أَنُطقُ زَمانٍ كانَ في نُطقِهِ سَعدي
لَعَلَّ الَّذي ساقَ الأَماني يَسوقُها / عَياناً فَيُهدي رَوضُها لي جَنى الوَردِ
أَلا هَل إِلى الزُهرِ الحِسانِ سَبيلُ
أَلا هَل إِلى الزُهرِ الحِسانِ سَبيلُ / وَهَل لي عَلى آثارِهِنَّ دَليلُ
وَهَل لي بِخَيماتِ اللِوى مِن مَعَرَّسٍ / وَهَل لِيَ في ظِلِّ الأَراكِ مَقيلُ
فَقالَ لِسانُ الحالِ يُخبِرُ أَنَّها / تَقولُ تَمَنَّ ما إِلَيهِ سَبيلُ
وَدادي صَحيحٌ فيكِ يا غايَةَ المُنى / وَقَلبِيَ مِن ذاكَ الوَدادِ عَليلُ
تَعالَيتَ مِن بَدرٍ عَلى القُطبِ طالِعٍ / وَلَيسَ لَهُ بَعدَ الطُلوعِ أُفولُ
فَديتُكَ يا مَن عَزَّ حُسناً وَنَخوَةً / فَلَيسَ لَهُ بَينَ الحِسانِ عَديلُ
فَرَوضُكَ مَطلولٌ وَوَردُكَ يانِعٌ / وَحُسنُكَ مَعشوقٌ عَلَيهِ قُبولُ
وَزَهرُكَ بَسّامٌ وَغُصنُكَ ناعِمٌ / تَميلُ لَهُ الأَرواحُ حَيثُ يَميلُ
وَظَرفُكَ فَتّانٌ وَطَرفُكَ صارِمٌ / بِهِ فارِسُ البَلوى عَلَيَّ يَصولُ
هنيئاً لأهل الشرق من حضرة القدسِ
هنيئاً لأهل الشرق من حضرة القدسِ / بشمسٍ جلت أنوارُها ظلمةَ الرَّمس
وجلّت عن التشبيه فهي فريدة / فليست بفصل في الحدودِ ولا جنس
ويدرك منها في الكمال وجودُنا / كما يدرك الخفّاشُ من باهر الشمس
فللَّه من نورٍ أتته رسالةٌ / تصانُ عن التخمين والظنِّ والحدس
أتانا بها والقلبُ ظمآن تائه / إلى المنظر الأعلى إلى حضرة القدس
فجاء ولم يحفل بيوت كثيرة / فخاطبها من حضرة النعل والكرسي
أنا البعلُ والعرس الكريم رسالتي / فبورك من بعلٍ وبورك من عِرس
غرستُ لكم غصن الأمانة يانعاً / وإني لجانٍ بعده ثمر الغرس
تولعت بالتبليغ لما تبينتُ / أمور ترقيني عن الانس والإنس
ورحتُ وقد أبدت بُروقي وميضَها / وجزتُ بحار الغيب في مركب الحس
ونمتُ وما نامت جفوني غدية / وتهتُ بلا تيهٍ عن الجن والإنسِ
فيا نفس بذا الحق لاح وجودُه / فإياكِ والإنكار يا نفس يا نفسي
فعني فتش في تلقان في أنا / أنا في أنا إني أنا في أنا نفسي