المجموع : 48
إذا استشرفت عيانك جانب تَلعةٍ
إذا استشرفت عيانك جانب تَلعةٍ / جَلَت لك أُخرى من رُبَاها جوانبا
يُضَاحِكُنا نَوَّارها فكأنَّما / نُغَازل بين الرَّوض منها حَبَائبا
تبَسَّم فيها الأُقحوَان فخِلتُهُ / تلَقَّاكَ مرتاحاً إِليكَ مُدَاعِبا
وَحَلَّ نقاب الوَردِ فاهتزَّ يَدَّعى / بواديه في وَردِ الخدود مَنَاسبا
أقولُ وما في الأرضِ غيرُ قرارةٍ / تُصافحُ رَوضاً حَولها متقارباً
أباتت يَدُ الأستاذِ بين رياضها / تَدفَّقُ أم أهدَت إليها سَحَائبا
أألبسَها أَخلاقَه الغُرَّ فاغتدَت / كواكبها تَجلُو علينا كَوكَبا
أَوشَّت حواشيها خَوَاطرُ فكرِهِ / فأبدَت من الزهر الأَنيق غَرائبا
أَهَزَّ الصَّبا قُضبَانَهَا كاهتزازه / إذا لَمَست كفَّيه كَفَّك طالبا
أَخالته يصبُو نحوها فتزيَّنَت / تؤمِّل أن يختارَ منها مَلاعبا
وما الشِّعرُ إلا ما استَفَزَّ ممدَّحاً
وما الشِّعرُ إلا ما استَفَزَّ ممدَّحاً / وأَطربَ مُشتَاقاً وأَرضى مُغاضبا
أطاع فلم تُوجّد قوافيه نُفَّراً / ولم تأتهِ الألفاظُ حَسرَى لَواغَبَا
وفي الناس أَتبَاعُ القَوَافِي تراهُمُ / يبثُّونَ في آثارهن الَمقَانبَا
إذا لَحَظُوا حرفَ الرَّوي تَبَادَرُوا / وقد تركوا الَمعنى مع اللفظ جَانِبا
وإن مُنِعُوا حُرَّ الكَلامِ تَطَرَّقوا / حَوَاشيها فاجتَاحوا الضَّيعفَ الُمقَاربَا
ولكنني أرمي بكلِّ بديعةٍ / تَبتنَ بأَلباب الرجالِ لَوَاعِبَا
تسير ولم تَرحل وتدنو وقد نَأَت / وتكسب حُفَّاظَ الرِّجال المراتبا
ترى النَّاس إمَّا مُستَهَاماً بِذِكرِهَا / وَلُوعاً وإمَّا مُستَعيراً وغاصِباً
أَذودُ لَئام الناسِ عنها وأتقي / على حَسَبي إن لم أَصُنهَا الَمعَايبا
وأعضُلُها حتى إذا جاء كُفؤُها / سمحتُ بها مستشرفات كواعبا
وَأَيُّ غيورٍ لا يجيبُ وقد رأى / مكارمَك اللاتي أَتَينَ خواطِبا
ألم تَرَ أنواءَ الربيع كأنما
ألم تَرَ أنواءَ الربيع كأنما / نَشَرنَ على الآفا وَشيَاً مُذهّبا
فمن شجرٍ أظهرنَ فيه طَلاقَةً / وكان عَبُوسا قبلَهُن مُقَطَّبا
ومن روضَى قَضَّى الشتاء حِدَادهَا / فَوشَّحنَ عطفَيهَا مُلاءً مُطَيَّبا
سقاها سُلافُ الغيثِ رَيَّاً فأصبَحت / تَمايَلُ سُكراً كلما هَبَّت الصبَّا
كأنَّ سجَايا شيرزاد تَمدُّها / فقد أمنت من أن تُحولَ وتَشحُبا
ولما تداعَت للغروب شُمُوسُهُم
ولما تداعَت للغروب شُمُوسُهُم / وَقُمنَا لتَوديعِ الفريقِ الُمغَربِ
تلقَّينَ أطرافَ السُّجُوفِ بمشرقٍ / لُهنَّ وأَعطافَ الخدور بمغربِ
فما سرنَ إلا بين دَمعٍ مُصَبَّغٍ / ولا قُمنَ إلا فوق قَلب معذَّب
كأن فؤادي قرنُ قابوسَ رَاعَهُ / تَلاعُبُهُ بالفَيلَقِ الُمتأَشِب
لَقيتُ أبا يحيى عشيَّةَ جِئتُه
لَقيتُ أبا يحيى عشيَّةَ جِئتُه / كَرِيمَ الُمحيَّا ظَاهرَ البشرِ واقلب
كريمٌ كَنَصلِ السَّيفِ يهتزُّ للنَّدى / كما اهتزَّ ماضٍ للضريبةِ واقلب
حِمارٍ دَاخِلٌ في / ولا تقلبَنَّ هذا فليسَ بواقلب
أحبُّ اسمه من أجله وسَميَّهُ
أحبُّ اسمه من أجله وسَميَّهُ / وَيَتبعُهُ في كلِّ أَخلاقه قَلبي
ويَجتازُ بالقوم العِدا فَأُحبُّهُم / وكلهم طاوِي الضَّميرِ على حربي
إلى الله أشكو ما اُلاقي لعلهَّ / يَمُنُّ بحال يجمعُ الشَّمل عن قُربِ
إذا قلت لم تبلُغ بيَ السِّنُّ مَبلَغاً / وُعِظتُ بطفلٍ صار قبلي إلى التُّربِ
إذا انحازَ عنك الغوثُ واحتفلَ العدا
إذا انحازَ عنك الغوثُ واحتفلَ العدا / عليك فَصَرِّح باسمِهِ الفرد واغلبِ
فلو طُبعت بيضُ السيوفِ على اسمه / مَضت وهي في الأغماد في كلِّ مَضربِ
وما خَلَعت للمرءِ مَسعاهُ والدٍ / إذا لم تقابله بحالٍ مُهذَّبِ
وما بَالُ هذا الدهرِ يَطوي جَوَانحي
وما بَالُ هذا الدهرِ يَطوي جَوَانحي / على نَفسٍ محزونٍ وقلب كئيبِ
تُقسمُني الأيامُ قسمةَ جائر / على نَضرةٍ من حولها وشُحُوبِ
كأَنِّي في كفِّ الوزير رَغِيبَةٌ / تُقَسَّمُ في جَدوى أَغَرَّ وهُوبِ
بك الدهر يَندَى ظلُّه وَيَطيبُ
بك الدهر يَندَى ظلُّه وَيَطيبُ / ويُقلعُ عما ساءنا وَيَتُوبُ
ونَحمَدُ آثارَ الزمان وَرُبَّما / ظللنا وَأَوقاتُ الزَّمان ذُنُوبُ
أفي كلِّ يومٍ للمكارمِ روعةٌ / لها في قلوبِ الَمكرُماتِ وَجيبُ
تَقَسَّمتِ العلياءُ جسمَك كُلَّه / فمن أين فيه للسَّقام نصيبُ
إذا أَلمَت نَفسُ الوزيرِ تألَّمت / لها أَنفسٌ تحيا بها وقلوب
والله لاحظتُ وجهاً أُحبُّهُ / حياتي وفي وجه الوزير شُحُوبُ
وليس شُحُوباً ما أراه بوجههِ / ولكنَّهُ في الَمكرُماتِ نُدُوبُ
فلا تَجز عَن تلك السماءُ تَغَيَّمَت / فَعَمَّا قليل تَبتَدِي فَتَصُوبُ
وقد تَنجلي الشمس بعد استتارها / وَينقُصُ ضَوءُ البدرِ ثم يَثوبُ
تهلل وجهُ المجدِ وابتسم النَّدى / وأصبح غُصنُ الفضلِ وهو رَطيبُ
فلا زَالت الدُّنيا بملكك طلقَةً / ولا زال فيها من ظلاِلك طيبُ
ويا شمس لا تجري على غير مخلص / بطاعته يدعو بها ويُجيبُ
ويا دهر لا تهجم بمن لا تودَّه / على ساعةٍ يصفو له ويطيبُ
فإنَّ دعائي مُستجابٌ لأنَّهُ / سُلالةُ قلبي والقلوب ضُرُوبُ
فتىً يَستَمدُّ البدرُ من فضلِ نورِه
فتىً يَستَمدُّ البدرُ من فضلِ نورِه / ويُقسمُ أن يَرنُو إليه كواكبُهُ
فَحامت على هامِ العِداةِ سيوفُه / سوحَّت على أيدي العُفاةِ سحائبُه
وفارقت حتى ما أُسَرُّ بمن دنا
وفارقت حتى ما أُسَرُّ بمن دنا / مخافةَ نأيٍ أو حذارَ صدوُدِ
وقد جَعَلت نفسي تقولُ لمقلَتي / وقد قَرَّبُوا خوفَ التباعُدِ جُودي
فليس قريباً مَن يخافُ بِعَادُهُ / ولا مَن يرجَّى قُربُهُ ببعيدِ
بِعَينيَ ما يُخفِي الوزيرُ وما يُبدي
بِعَينيَ ما يُخفِي الوزيرُ وما يُبدي / فنورُهما من فضلِ نعمائه عندي
سأجتهدُ أن أُفدي مواطئ نعلِه / فإن أنا لم أقبل فما لي سوى جهدي
لأَعدَي تشكيكَ البلاد وأهلها / وما خلتُ أن الشكوَ يُعدِي على البعد
ولم أدرِ بالشكوى التي عَرَضت له / ونُعمَاهُ حتى أقبَلَ المجدُ يَستَعدي
وما أحسَبُ الحُمَّى وإن جلَّ قدرُها / لتَجسُر أن تدَنو إلى مَنبَعِ المجدِ
وما هي إلا من تَلَهُّبِ ذهنِهِ / تَوَقَّد حتى فاض من شدَّةِ الوَقدِ
لِيَفدِكَ من أصبحتَ مالكَّ رقه / فَكُلُّ الوَرى بل كلُّ ذي مُهجةٍ يُفدي
وما زالتِ الأحرارُ تفدي عبيدَها / لتَكفِها ما تبقى مهجة العَبدِ
نَفورٌ عن الإخوانِ من غير رِيبةٍ / تُعَدُّ جفاءُ والوفاءُ لُهم وَكدي
غُذِيتُ به طفلاً بإن رُمتسُ هَجره / تأَبِّى وأغرَتني به أُلفَةٌ المهدِ
كما ألفت كفاكُما البَذلَ والندى / فأعياكما أن تمنعا كف مُستَجدي
على أنني أقضي الحقوق بنيَّتي / وأبلغ أقصى غايةِ القربِ في بُعدي
ويَخَدُمُهُم قلبي وَوَدِّي ومنطقي / وأبلغُ في رَعي الذِّمام لهم جَهدي
فإن أنتُما لم تقبلا لي عِذرَة / وأَلزمتُماني فيه أَكثرَ من وجدي
فقلاو لِطَبِعي يزولَ فإنَّه / يرى لكما حَقَّ الموالي على العبد
بعزم يراه السَّيف أولى بغِمدِهِ
بعزم يراه السَّيف أولى بغِمدِهِ / إذا سلَّ لم يظفر به كفّ غامد
وطالع سعد لو تحرَّى عطارد / مطالعه احتراق عطارد
فما زلتَ تَعلو والسعادةُ والعُلا / دليلاك حتى فُتَّ قدر التحاسُدِ
وحتى أتاك الحمدُ من كلِّ حاسدٍ / وحتى أتاك العُذرُ من كلِّ حامد
بعدت ولم يبعد فؤاد خَتَمتَه / برقٌ أياديك البوادي العوائد
أروح وأغدو في ذراك وإن ثوى / بحيث التقى السدَّان رحلي وقائدي
ولما دعاني الشَّوقُ لَبَّيتُ واغتدى / أمامي عزمٌ عالمٌ بالمراشدِ
يُكلِّفني الإسراعَ حتى كأنَّني / نوالُك أو حَتفُ العدوِّ المعاند
أفدَّى طريقاً أهتدي بمناره / وأرشُفُ مهجورً الثرى والجلامد
وألثم أخفافَ الَمطِيِّ لأنَّني / أرى كُلَّ ما أدنى إليك مساعدي
ولو لم يكن حَظرُ الشريعةِ لم نَسِر / نَؤُمُّك إلا بالجباه السواجد
أتيتُ بها جهد الُمقِلِّ ولا أرى / أحقَّ بحسن البَسط من عذر جاهد
ولي فيك ما لو أنصفَ الشِّعرُ لاغتدت / معانيه كُحلاً في عيونِ القصائدِ
وما أدَّعي الإحسانَ لكن أظُنُّها / ستعذُبِ في الأفواهِ عند التناشُد
وما أعجبتني قَطّ دعوى عريضةٌ / ولو قام في تصديقِها الفُ شاهدِ
ولستُ أحبُّ المدحَ تُحشَى فصولُه / بقولٍ على قدرِ العقيدةِ زائدِ
وما المدح إلا بالقلوبِ وإنَّما / يُتّمِّمُ حُسنَ القولِ حُسنُ العقائدِ
أقول لسارٍ في شمال وراقدٍ
أقول لسارٍ في شمال وراقدٍ / يُفتِّح فيه البرقُ أجفانَ سِاهِدِ
تجَمَّع من شتى ولكن تأَلَّفت / نواحيه حتى صار في شخص واحدِ
أَمَامَك أرضُ الشامِ فاسق مَعَاهداً / لأحبابنا بل عَهدُهُم بالمعَاهِدِ
بلادٌ بها قلبي فإن آتَ غَيرهَا / فإلمامُ مُرتادٍ وزورةُ وافدِ
أَذُمُّ لذكراها بلادي ومَولدي / وحيثُ تهاديني أَكُفُّ الولائدِ
وحيثُ إذا أرسلتُ لحظي رَاقَهُ / مَلاعبُ أَترابي ومَولدُ والدي
ولكنَّ لي بالشامِ عَذرَاءُ صَبوةٍ / جَعَلتُ لها عذرَ النُّهى غير راشِدِ
تعاليتَ عن قدرِ المدائح صاعداً
تعاليتَ عن قدرِ المدائح صاعداً / فَسِيَّانَ عَفوُ القولِ عندكَ والحمدُ
وإني لا أدري أنَّ وَصفَكَ زائدٌ / على منطقي لكن على الواصف الجهدُ
وأنَّ قليل القولِ يَكثُر زيغُهُ / إذا أغرقت فيه الموالاةُ والوُدُّ
لك الله إني ما بعدت مُسَهَّدُ
لك الله إني ما بعدت مُسَهَّدُ / وإني مسلوبُ العَزاءِ مُكَدَّدُ
وإنِّي إذا نَادَيتُ صَبرِي أجابني / سوابقُ من دَمعِي تجورُ وتُقصِدُ
تصعده الأنفاسُ من كِبدي دماً / وتحدِرُه الأجفان وهو مورَّدُ
فَديتكِ ما شوقي كشوق عرفتُه / ولا ذا الهوى من جنس ما كنت أعهدُ
كأنَّ اهتزازَ الرُّمح في كبدي إذا / تكشَّفَ بَرق أو بدا منك مَعهدُ
أُحِّملُ أنفاسَ الشمالِ رسائلي / ولي زَفَراتٌ بينها تتردد
فإن هَبَّ في حيِّ سَموم فإنها / بقيةُ أنفاسي بها تتوقَّدُ
ولو كنتُ أَدري ما أُقاسي من الهَوى / لما حَكَمَت للبينِ في وَصلِنا يَدُ
فلا يُنِكر التَّخلِيدَ في النار عاقلٌ / فها أنا في نارِ الغرامِ مُخَلِّدُ
وكنتُ تولَّى الله حِفظَك سيدي
وكنتُ تولَّى الله حِفظَك سيدي / ومَن هو لي مَولى ومَن أنا عَبدُه
وبي من تباريحِ الصَّبَابِة لَوعَةٌ / يُقَرِّبُها من قلبِ عبدكِ بُعدُه
سَقَت بلدي أيديكم وتعطَّفت
سَقَت بلدي أيديكم وتعطَّفت / عليه بكم بِيضُ الغَمَامِ وسُودُه
وَملّيتُم عيشاً يروق لميسُه / ويحسُن في عينِ الزَّمان جديدهُ
حلا في فمي ذكراكم فتألَّقت / محاسنُ شِعرِ فيه يحلو نَشيدهُ
وأُقسِمُ إنّي إن تأَخَّرتُ عنكم / لقد خانَني رأى وخانَ رشيدُه
فلو أَنَّي أرَّختُ عمري افتتحتُهُ / بيومٍ تجلّى عنكم فيه عِيدهُ
يقرِّبنَ طلاب العُلا من سمائها
يقرِّبنَ طلاب العُلا من سمائها / ويُهدينَ رُوَّاد النَّدى لجوادها
فلاقَينَ مولانا وقد صَنَعَ السُّرى / بهنَّ صنيع كفه بِتَلادهَا
ولا ذنبَ للأفكارِ أنتَ تَرَكتَها / إذا احتَشدَت لم تُنتَفعَ باحِتشَادِها
سَبَقتَ بأفرادِ المعاني وأَلَّفت / خواطرُكَ الألفاظَ بعد شِرادِهَا
فإن نحن حَاوَلنا اختراعَ بديعةٍ / حَصَلنا على مَسرُوِقها ومُعَادِها
ترحَّلت عن بغداد أطيبَ منزِلٍ
ترحَّلت عن بغداد أطيبَ منزِلٍ / وأبهى بلاد الله مرأىً ومنظرا
وفارقتُ أقواماً إذا ما ذكرتهم / ترقرقَ ماءُ العين ثم تَحَدَّرا
فكم من أديبٍ في معانيه بارع / وأبلجَ في عِلمِ الشَّريعة أَزهرَا
أروحُ على بَرح الهمومِ وأغتدي / أكابدُ أحزاناً يضيقُ بها الثَّرا
ولم أبك مربعَ العامِريَّةِ باللَّوى / ولا رَسمَ دارٍ بالثَّنيَّةِ مُقفِرا
ولكنَّني أبكي مُقَامي ببلدةٍ / أُأَمَّل أن ألقى صديقاً ولا أرى