المجموع : 52
دَعِ اللومَ أو لَمني فلست بسامعٍ
دَعِ اللومَ أو لَمني فلست بسامعٍ / لقد ضلَّ من أمسى بنصحك يَهتدي
فما العيشُ إلا أن أموت صبابة / بلَبلى ولم أمدُد إلى غيرها يدي
حضمَت ثغرها والخدَّ عن حائم شَجٍ / له أملٌ في مَوردٍ ومُوَرَّدِ
وكم هام قلبي لارتشاف رُضابها / فأعرَب عن تفضيل نَحوِ المُبَرِّدِ
وتُقعدها الأردافُ عند قِيامها / فها أنا منها في مُقيمٍ ومُقعدِ
لقد شاد مُلكاً أسَّسته جُدودُهُ
لقد شاد مُلكاً أسَّسته جُدودُهُ / فأصبح ذا ملك أثيلٍ مُشَيَّد
وصحَّ به الإسلامُ حتى لقد غَدَت / بسلطانهِ أهلُ الحقائق تَقتدي
فقل للذي قد شكَّ في الحقَّ إنما / أطعنا أبا بكرٍ بأمرِ محمد
لئن قطع الغيث الطريق فبغلتي
لئن قطع الغيث الطريق فبغلتي / وحاشاك قبقابي وجوختي الدارُ
وإن قيل لا تخش فهي عبورَةُ / خشيت على علمي بأني جزَّارُ
أيا شرفَ الدينِ الذي فَيضُ جودِهِ
أيا شرفَ الدينِ الذي فَيضُ جودِهِ / براحتهِ قد أخجَلَ الغَيثَ والبَحرا
لئن أمحلت أرضُ الكنافة إنني / لأرجو لها من سُحبِ راحَتك القَطرا
فَعجِّل به جُوداً فمالي حاجةٌ / سواه نباتاً يُثمِرُ الحمدَ والشكرا
ولم ألق في بيتي دثاراً أُعدُّهُ
ولم ألق في بيتي دثاراً أُعدُّهُ / لبردٍ ولا شيء يردُّ هجيرا
فأنفخ شِدقي إن أردتَ وسادةً / وأفرش ظلِّي إن أردت حصيرا
سَرَى في دُجى من شَعرِهِ فحكا البَدرَا
سَرَى في دُجى من شَعرِهِ فحكا البَدرَا / وأَبدَى لنا من ثَغرِه الأَنجُمَ الزُّهرا
وحَيا بكأسٍ فعلُها فعل جَفنهِ / غَلِطتُ ومَن للخمر أَن تُشبِهَ السِّحرا
بِعَينكَ عَطَّلَّ هذه الكأس واسقنا / بعينيك ما يغتالُ ألبابَنا سُكرا
أدر حمرةَ الأَلحاظِ فيها لأنَها / بتأثيرها في العقل من أختها أَدرى
لَحَى اللَهُ عُذالي عليك فإنما / تَزَيَّدتَ لما زاد عَذلُهُمُ إِغرا
أَيطمَعُ في صَبري العذولُ وإنَّ مَن / يصاحب قلباً في الهوى يَعرف الصَبرا
أبنُّك ما ألقاه من لاعجِ الجَوَى / وإن كان واشي السُّقمِ لم يُبقِ لي سِرَّا
عَذَرتُ فُؤَادي حين ضاقَت جوانحي / عليهِ وقد أوسَعتُهُ بالجَفَا ذُعرَا
وبتُّ وطَرفي فيك باكٍ مُسَهَّدٌ / فلا دَمعتي تَرفَا ولا مُقلَتي تَكرَا
وعندي بهذا الدهر شُغلٌ عن الهوى / وإن كنت لا أختارُ أن أَعتبَ الدهَرا
متى لُمتُهُ أغراهُ لَومي بِعفلِهِ / وتُتشدُ آمالي لعل له عُذرا
ولن يُعدمَ الإِعدامُ من كَنزُهُ المُنَى / ولن يَختشى الأيامَ من يَرتجى الصَّدرا
أرانا بحُسنِ العَفو منه عواطفاً / تُؤَمِّنُنَا من بأسِهِ البَطشَةَ الكُبرَى
مكارمُ أخلاقٍ لو أنَّ زماننا / تعلَّمها ما ساءنا قَطُّ بل سَرَّا
ولم يَرضَ يوماً للمسئ إذا أسا / مقابلةً لكنه يرتضى الجبرَا
ولن تَستطيعَ السُّحبُ تَحكى بنانَه / وكيف تُبارى ديمةٌ أَبحُراً عَشرَا
إذا هزَّ فوق الطَّرسِ منه أناملا / تأمَّل بحارَ الجود تُبدى لك الدُّرَّا
وإن نَظَم الشِّعرَ البديعَ سَمعتَ من / بَديهَته ما يَبهَرُ العَقلَ والفكرَا
ولو تعقلُ الوُرقُ السَّواجِعُ سَجعَهُ / لَراحَت وقد أزرى بها منه ما أزرى
وإن ذكر التاريخَ يوما بُمقتَضَى / بلاغته حَلَّى الزمانَ الذي مَرَّا
أيا ابنَ عليٍ أنت فاضلُ عصرنا / وإنك أن تُدعَى بفاضله أحرى
وأنتَ الذي ما زال للقَصدِ قبلَةً / ونائلُه شَفعاً وسُؤدَدُهُ وترَا
ومَغناه للراجي مجَنّاً وجُنَّةً / فها نحن فيها لا نجوع ولا نَعرَا
تَهُنَّ بعيد أنت أكبرُ عيدِهِ / تُضاعِفُ في الأولى الثَّوابَ وفي الأُخرى
فَصَلَّ به وانحَر عِدَاك فإنهم / على نَقصِهِم لا يأمنون بك النَّحرا
ولا زلتَ أعلى العالمين مكانة / وأنفَذَهم حُكماً وأرفعَهم قَدرَا
عَفَا اللَه عما قد جَنَتهُ يَدُ الدَّهرِ
عَفَا اللَه عما قد جَنَتهُ يَدُ الدَّهرِ / فقد بَذَلَ المجهُودَ في طلب العُذرِ
أيحسنُ أن أشكو الزمانَ الذي غَدَت / صنائعهُ عندي تَجِلُّ عن الشُّكرِ
لقد كنتُ في أسر الخمول فلم يزَل / بِتَدريجِهِ حتى خَلَصتُ من الأَسرِ
فشكراً لأيَّامِ وفَتُ لي بوعدها / وأبدت لعيني فوق ما جالَ في فكري
وكم ليلةٍ قد بتُّها مُعسِراً ولى / بزخرف آمالي كنورٌ من الفَقرِ
أقول لقلبي كلما اشتقت للغنى / إذا جاء نصر اللضه بُتَّت يَدُ الفَقرِ
وإن جئتَهُ بالمدح يلقاك باللَّهَى / فكم مرةٍ قد قابل النظم بالنثرِ
ويهتزُّ للجدوى إذا ما مدحته / كما اهتزَّ حاشى وصفه شاربُ الخَمرِ
نَقَلتَ لقَلبي ما بجَفنكَ من كَسرِ
نَقَلتَ لقَلبي ما بجَفنكَ من كَسرِ / وعَلَّمتَ جِسمي بالضَّنَا رقَّةَ الخَصرِ
وغادرتَ دمعي فوقَ خدِّي كأنَّه / ثناياك لما لُحتَ مُبتَسمَ الثَّغرِ
وأبصرتُ صُبحَ الوصل من وجهك الذي / بَدَا تحتَ شعر خلتُهُ ليلةَ الهَجر
يُحَبَّب لي فيك الغرامُ فلم أكد / أشبِّهه إلا بحسنك في شعري
وهيفاء تحكي الظَّبى جيداً ومُقلَةً / رَنَت وانثَنَت فارتَعتُ للبيضِ والسُّمرِ
حُسدتُ على لَثم الشَّقيقِ بخدِّها / ورَشفِ رُضَابٍ لم أَزَل منه في سُكرِ
ولستُ أخاف السِّحرَ من لحظاتها / لأني بموسى قد أَمنتُ من السِّحرِ
فتىً إن سطا فرعونُ فَقرِى وجَدتُهُ / يُغَرِّقُهُ من جود كَفَّيهِ في بَحر
له باليد البيضاء أعظمُ آيةٍ / إذا اسودَّتِ الأيام من نُوَبِ الدَّهرِ
قدومك أحلى من غنى عند ذي فقرِ
قدومك أحلى من غنى عند ذي فقرِ / وأَحسَنُ من يُسرٍ تَأَتي على عُسرِ
وأشهى إلى الظمآن من نَقعٍ غُلَّةٍ / وأَبهى لدى الضُّلالِ من طَلعةِ البَدرِ
قَدِمتَ فبُشرى بالغنائمِ والغِنى / وأهلا وسهلاً بالبشاشة والبِشرِ
بكت قوصُ لما رُمتَ عنها تَرَحُّلا / فمن دمعها قد غُلَّقَ النيل في مِصرِ
أكّلفُ نفسي كلَّ يوم وليلة
أكّلفُ نفسي كلَّ يوم وليلة / شروراً على من لا أفوزُ بخيره
كما سوَّدَ القَصَّارُ بالشمس وجهه / ليجهَد في تَبييضِ أثوابِ غيرِهِ
كتبتُ بها في يوم لهوٍ وهَامتي
كتبتُ بها في يوم لهوٍ وهَامتي / تمارسُ من أهوالهِ ما تُمارسُ
وعندي رجالٌ للمجون ترجَّلَت / عَمَائِمُهُم عن هامِهم والطَّيالسُ
فللراح ما زُرَّت عليه جيوبَها / وللماء ما دارت عليه القلانسُ
مساحبُ من جرّ الزقاق على القَفَا / واضغَاثُ أنطاعٍ جنِّى ويابسُ
تَلذُّ لي الآمالُ عجزاً وإنما
تَلذُّ لي الآمالُ عجزاً وإنما / أَلذُّ من الآمال عندي بلوغُها
أقول لسفرٍ يَمَّمُوا قِبلَةَ النَّدَا
أقول لسفرٍ يَمَّمُوا قِبلَةَ النَّدَا / عليكم إِذاً بالقَصرِ فالقَصرُ أفضَلُ
قضى حُبُّه ألا تُطَاعَ عواذله
قضى حُبُّه ألا تُطَاعَ عواذله / وهل يَرعوى للعَذل والحبُّ شاغلُه
محبٌّ يَحُلُّ الوَجد عقدَ اصطبَارِه / إذا البَينُ شُدَّت للفراقِ رواحلُه
أأحبابَنا إن ألَّف الدهرُ شَملَنا / تحلى بلُقياكم من العيش عاطلُه
نأيتُم فلولا ما تُقَرِّرُهُ المُنى / بقلبي عليكم ما استقَرَّت بلابلُه
وأهيفُ يحكي الغصنُ لينَ قوامهِ / وتفعَلُ أفعالَ الشَّمُولِ شَمائَلُه
يَلينُ إلى أن يَجرَحَ الوهمُ جسمَه / وتَغرَقَ في ماء النعيم غَلائِلُه
إذا ما بدا من شعرِهِ في ذوائبٍ / رأيتَ غزالاً لم ترُعهُ حبائِلُه
رَمَى فانتضى من لحظ عينيهِ صارماً / عذارَهُ عند الناظرين حمائَلُه
وسدَّدَ من عطفَيهِ لَدناً مُثَقَّفاً / وناظُرهُ الفَّتانُ بالسِّحر عاملُه
أرى خصره أهدى لجسمي تحولَه / فها أنا فيه مدنف الجسم ناحِلُه
رماني فأصمى نُبلُ عينيه مُقلتي / فواهاً لصبٍّ قد أُصيبَت مَقائَلُه
أأرجو حياةً عِندِ من ماسَ أو رنا / ورامِحُهُ يَسطو على ونابله
وإني لمعتادٌ بحملِ خُطُوبهِ / إذا كلَّ أو أعيى من الهمِّ حاملُه
أقول لفقري مرحبا لتيقني / بأن عليّاً بالمكارم قائِلُه
به ذلك الثغرُ المباركُ لم يزل
به ذلك الثغرُ المباركُ لم يزل / مصوناً من الأعداء عَذبَ المقبَّلِ
هو الطود عنه السيلُ زل بنطقه / ولا غَروَ في سيلٍ إذا جاء من عَلِ
قصيدٌ يَغَارُ منها وكيف لا / وَوَصفُكَ فيها حين تُنشدُ قد تُلى
أقامت منارى فامرؤُ القَيسِ حاسدي / عليها وحسبي أنها فيكَ وهي لي
تصكُّ بكفِّ النظم من حُسنها قفا / قِفا نبك من ذكرى حبيبٍ ومنزل
قِفا تبكِ من ذكرى قميصي وسِروَال
قِفا تبكِ من ذكرى قميصي وسِروَال / ودَرَّاعة لي قد جفا غُصنُها البَالي
ولا سيما والبردُ وافى بَريدُهُ / وحالي على ما اعتدت في حالة حَالي
تُرى هل يَراني النَّاسُ في فَرَّجية / أجرُّبها تيهاً على الناسِ أذيالي
ويُمسي عذولي غيرَ خالٍ من الأسى / إذا باتَ من أمثالها بيته خالي
ولو أنني أسعى لتفصيلٍ جُبَّة / كفاني ولم أطلُب قليلٌ من المالِ
ولكنني أسعى إلى نحو جبَّةً / وقد يبلُغُ المَجدَ المؤَثل أمثالي
وكم ليلةٍ استغفر اللَه بتُّها / بخدٍّ وريقٍ بين وردٍ وجريالِ
تبطنت فيها بدر تم مشنَّف / ولم أتبطن كاعباً ذاتَ خلخالِ
وما أنا ممن يبكي لأسماء إن نأت / ولكنَّني أبكي على فقد أسمالي
ولو أنَّ امرأ القيس بين حَجرٍ رأى ما / أكابده من فرطِ هَمٍّ وبَلبَالِ
لما مآل نحو الخِدرِ خِدرِ عُنيزةٍ / ولا باتَ عن حُسنِها سالي
إذا أنا لم أُغضب عليكَ رَسُولي
إذا أنا لم أُغضب عليكَ رَسُولي / فلا فُزتُ يوماً من نَدَاك بِسُولِ
يُكلِّفني الصَّبر الجميل بوجههِ / وما كلُّ صبرٍ في الهوى بجميلِ
وأكتُمه ما متُّ من ألم الجوى / فيظهُرُهُ دمعي له ونحولي
قَضى الحبُّ أن أشقى بحبِّ مُنعَّم / وأبذلُ روحي في طلابِ بخيلِ
وأبكي بدمعٍ بل وابله الثرى / على أنَّه ما بلَّ بعضَ غليلي
نسيم الصبا بلغه عني تحيةً / فأنت بهذا الأمير خيرُ كفيلِ
فأمَّا وقد أحببتُ غُصناً مهفهفاً / فأوفقَ ما كان النسيمُ رسُولي
وكم ليلةٍ من وجنتيه وريقة / ظَفِرتُ بزهرٍ يانعٍ وشممولِ
يطولُ عليَّ الليلُ مدَّة هجرهِ / فمن ليل بليلٍ في الوصال طويلِ
ومالي لا أبكي على أنسِ قُربهِ / وما دام ذاكُ الأنسُ غيرَ قليلِ
بيننا على كسرى سماءُ مدامةٍ
بيننا على كسرى سماءُ مدامةٍ / مكلَّلة حافَاتُها بنجوم
فلو رُدَّ في كسرى بن ساسان روحهُ / إذاً لاصطفاني دون كلِّ نديم
أتخذُلُني إذ كُنتُ أُخفي وأكتُمُ
أتخذُلُني إذ كُنتُ أُخفي وأكتُمُ / غراماً غَدَت عنهُ العُيونُ تترجمُ
وسرُّ الهوى لا يُمكنُ الحرَّ كتمهُ / وأيسر معنى فيه بالعين يُفهمُ
لَعُمركَ لو ذُقتَ الذي أنا ذائقٌ / تألَّمت لي لو كان يُجدى التألُّمُ
دَع الصبَّ يُبدي ما يلاقي منَ الهوى / على أنَّه يشكو لمن ليسَ يرحَمُ
أتامرُ بالسُّلوانِ قلباً متيَّماً / وهيهاتَ يسلو الحبَّ قلبٌ متيَّمُ
وبي رشأٌ فأرقت من طيب وصله / رَبيعاً فصبرى مذنايتُ مُحرَّمُ
أقام لتعذيبي بقلبي لأنَّه / غدا مالكاً والقلبُ منَّي جَهنَّمُ
رَمَيتُ فؤادي في يديه وطالما / تندَّمت لكن ما أفادَ التندُّمُ
فهلُ منصفٌ أشكُو إلى عدل حُكمه / حبيباً على ضعفٍ يجورُ ويَظلِمُ
ويسحرُ عيني والعيون قريرةٌ / ويسهرني في الليل والناسُ نومُ
وألبَسَني ثوباً من السُّقمِ سَاذجاً / فطرَّزه دمعي فوجدي مُعلَمُ
أجدُّ به وجداً وأُصَبحُ هَاذياً / وأشكو إليه وهو بالحال أعلمُ
وأبكي لتذكارِ العُذَيبِ وبَارق / وما القصدُ إلا رِيقُهُ والتَّبسُّمُ
وَليلةِ وَصلٍ منهُ باتَ يُعيدُها / بفكري ظنٌّ كاذبٌ وتوهُّم
فلو كان طرفي ذاق من بعدها الكرى / تَخيَّلتُ أني منه بالطَّيفِ أحلُمُ