المجموع : 13
عزاء وإن أضحى العزاء حراما
عزاء وإن أضحى العزاء حراما / مضى من حمى سرب الأنام وحامي
قضى ومضى أورى الورى زندَ سؤدد / ومجدٍ وأوفى ذمة وذماما
قضى غامر الدنيا وغامر أهلها / عطاء كجّمات السيول جماما
قضى قائد الخيل العتاق سواها / تخال نعاما بل تظن نعاما
قضى نحبه من كان باعدل ملهما / وبالجيش يردى المارقين لهاصا
قضى ملك زم الزمان برأيه / ورم أمورا كن قبل رماما
سلام على ذاك الضريح لقد حوى / صلاة ونسكا زاكيا وصياما
ولا فاته جَود من المزن لا يني / كجود ابنِهِ المحي العفاة سجاما
لئن جبَّت الأيام غارب ملكه / لقد عوضتنا غاربا وسناما
فقدنا غماما عوض الله بعده / وزاد سماء ثرة وغماما
خليفة حق وهو خير مخلّفٍ / تقاعد بالناس الزمان فقاما
وأوسعهم عدلا وبذلا ورحمةً / وعلما وحلما يستخفّ شماما
تلاقى تلافَ المسلمين ببيعة / شفت من صدور المخلصين أواما
به رأب الله الثأى ورعى الورى / وسدَّ حمى ثَغرٍ وشد لظاما
رأينا ملاجهما إذا سئل الندى / ولا برقَه للسائلين جهاما
كفاه غداة الفخر أن عُدَّ هاشما / إذا عد قوم للفخار هشاما
غني بلطف الرأي أن يشرع القنا / لجسم عدو أو يهز حساما
ويستنجد بالله جلّ من العلا / محلا علتِ أركانه وتسامى
فعادته في السلم والحرب أنه / يفرّق همًّا أو يغلِّق هلما
كأَنّي لما إن فضضت مديحَهُ / فضضتُ عن المسك الذكي ختاما
من القوم راشوا سهم كل فضيلةٍ / وعاشوا كما شاء العلاء كراما
تملّ أمير المؤمنين خلافةً / تريد على مرِّ الزمَان دواما
رضعتَ أفاويق المراد مهنَّئا / ولا ذقتَ منها ما حييت فطاما
ولا قربت منك المقادير حادثا / ولا بعدت يوما عليك مراما
أيا ريع ذاتِ الخالِ لا بت خاليا
أيا ريع ذاتِ الخالِ لا بت خاليا / وأصبحت من نور الخمائل حاليا
ولا برحت تحنو عليك غمائم / تغص شعابا باللوى ومجانيا
ولا ونت الأنواء فيك وحبذا / نسيما في ظل الأصائل وأنيا
على أنني رضت الهوى فيك جامحا / فلان ونلت العيش عندك راضيا
عشية لم أنزف من العين حمّة / رواء ولم أعرف لعلوة واشيا
ولم تقدح الأشواق بين جوانحي / زنادا إذا واريته عاد واريا
وبدر تمام فيه يحلو لي الهوى / خلوت به حتى بدا النجم هاويا
رمى مقتلي شاكي السلاح وقال لي / رميت بهجري إن رأيتك شاكيا
عند تعليه خنصر اللهو والمنى / وعدّ الثريا مثل صبري واهيا
رنا فاتر الألحانا نحو فخلتني / أعاطي الطلاظبيا بوجرة عاطيا
فلله كم يمنى الفؤاد بزفرة / إذا شمت برقا بالعقيق يمانيا
يذكرني في تلك الثغور ولم أكن / لها ناسيا كلا ولا متناسيا
سل الليل عني هل رآني راقدا / وسل بي عذولي هل رآني ساليا
وهيهات أن ترقا دموع لمن غدا / لنبغ غرام لم يجد منه رافيا
فلست أرى في الوجد مثل ثانيا / ولا لعلاء الدين في المجد ثانيا
علقت به مستمسكا فوجدته / أبيًّا إذا ماسمته الضيم أبيا
صقيل حواشي الحزم والعزم والعلي / ثقيل حصاة الحلم أغلب ساميا
به حلت الأيام وهي مريرة / وأصبح جيد الدهر أجيد خاليا
تحرك منه الأريحيه ماجدا / يوازن بالحلم الجبال الرواسيا
حسام ردى ظام إذا شهد الوغى / وبحر ندى طام إذا حل ناديا
محاربه يلقي المنايا سريعة / وسائله يلقى لديه الأمانيا
من الزينبين الذين تقبلوا / ظلل المعالي واستقلوا العواليا
إذا سوجلوا كانوا أعز مطنّها / وأكرم أعراقا وأعلى بانيا
لهم كعبة الله الحرام ومن بها / أنام ومن لبى ومن جاء ساعيا
فما كان فيهم عن سوى الخير أمرا / ولا كان فيهم عن سوى الشر ناهيا
ولولا أبو نصر وجدواه لم أطع / رجاء ولم أطلع من الأرض واديا
كريم يحب الصفح عن كل مذنب / مسيء ويعطي الصفو من جاء صافيا
كأن على يمناه في بذلها الندى / يمينا على أن لا تخيب راجيا
فيا شرف الإسلام لا زلت سالما / يسير فيك المادحون القوافيا
يرون غدير الجود عندك مفعما / ندى ورخيص المجد عندك غاليا
فخذها كما رق النسيم وغازلت / دموع الغمام المستهل الأقاحيا
إذا قصها في القوم راو حسبته / يقص على الأسماع سبعا مثانيا
بقيت على مر الليالي محسّدا / عزير الأيادي قاهر الجد عاليا
بأي لسان للوشاة ألام
بأي لسان للوشاة ألام / وقد علموا أني سهرت وناموا
أهيم وما أظهرت في الحب بدعة / ولو انهم ذاقوا الغرام لهاموا
هل العشق إلا لوعة مستكنة / ينم عليها زفرة وغرامُ
الأم على حبّي وهو مبرح / وأكبر برح في هواك ملامُ
أيستكثرون الوصل لي منك ليلةً / وقد مر عام بالصدود وعامُ
يكلفين أن لا أرى الغدر شيمة / غاسلو وداد صادف وذمامَ
كأن علي العشق ضربة لا زم / وما هو إلا للكريم لزامُ
ومائله العطفين من نشرة الصبا / لها صحة في طرفها وسقامُ
يخجل منها الأقحوان مقبل / ويروي بخوط الخيزران قوامُ
أعانقها سرا فيظهر سرنا / وشاح له بين الوشاة كام
على أن بردينا وقد برد الثرى / عناق وضم واللثام لثامُ
أحن إذا فاحت من الغور نفحة / وناحت بأعلى الدوحتين حمامُ
وبيد أيدناها بعنس كأنها / إذا نفحت ريح السموم سمام
طلائح أمثال القسي يحثها / رجال كأمثال السهام سهامُ
لها عند عون الذين ذي الطول / مربع جميم وأمواه تسيل جمامُ
ولو لم نقدها نحوه لاستقادها / له سائق من جوده وزمامُ
هو المرء أما ماله فيحلل / مباح وأما عرضه فحرامُ
أتى فعلى دار السلام سلامة / بمقدمه مستبشرا وسلامُ
وعاد إليها صبحها ولقد غدا / بها الصبح لما سار وهو ظلامُ
يذوذ به الجاني فيدنو مناله / ويحمي حماه والصفوف قيامُ
أشم رزين الحلم تحسب أنه / إذا ما احتبى وسط النّديّ شمامُ
منيع الحمى لو رام أدرك جده / من النجم لم يبعد عليه مرامُ
عصام اليتامى والأرامل حجرة / وناهيك منه حجرة وعصامُ
خفي مرامي الكيد باتت تدلنا / عليه عطايا لا تعب جسامُ
ينام وراء الثار ولم يزل / بعين وراء الثأر ليس تنامُ
وما ذاك إلا أنه متيقظ / تضام الرواسي وهو ليس يضامُ
الست من القوم الذين وجوههم / بدور وأيديهم حمى وحمام
أعدوا لأسباب الردى كل سابح / عليه غلام للمتون غلامُ
يناط بأعراف النجوم لجامه / ويجري فيلقى الأرض منه حزامُ
وموضونة كالماء أرعد متنه / وفض عليه للنسيم ختامُ
واسمر سكران المهزة يلتقي / شطاط بأعلى عوده وعرامُ
حسامك يا يحيى الوزير منية / ورأيك يا تاج الماوك حسامُ
أفي كل يوم أنت قائد جحفل / تروم به الأعداء وهو لهامُ
لهم منه في الأقدام ما بصروا به / نفار وفي الأحجام عنه زحامُ
يسوفهم مثل السوام جوامحا / إلى كل سوق للحمام
لقد عرقتني بالعراق نوائب / ولولاك لم تبعد علي شآم
ووالله لانكبت عنك معزبا / ولو جب مني غارب وسنامُ
وهيهات أن أنسى نداك وبلدة / بها نبتت لي جلدة وعظام
لقد حل منك المجد في مستقره / فلا حُلّ منه ما حييت نظامُ
بعودك عادت دولة الكرم الغمر
بعودك عادت دولة الكرم الغمر / وأصبح طيء الجود يؤذن بالنشرِ
طلعت على العافين من كل وجهة / وقد أظلمت أمالهم طلعة البدر
فكانت لهم يمناك أيمن سانح / وكانت لهم يسراك داعية اليسر ا
على كل قطر من نداك غمامة / مدومة تربي على ديمة القطر
وإنك ليت مخدر في لظى الوغى / وأحيي غداة السلم من ربة الخدر
إذا امتد ليل النقع واستبهم الفضا / برزن المنايا السود من بيضل الحمر
وأقسم لو باكرت حي خفاجة / لما صبحوا إلا براعية البكر
ولكن حمتهم عن رماحك والظبي / وإن يهلكوا أرجاء مهلكة قعر
مضوا فعقيق القوم منك كأنّه / يسير أسيرا للمخافة والذعر
لعمر أبي يحيى أخي البأس أنه / إذا التقت الفرسان أشجع من عمرو
تروح بنو الحاجات منه وتغتدي / إلى أنعم بير وانية خضر
هو لصدر أضحى واسع الصدر ذا لهى / تسيل على سؤال ضيق العذر
جواد غزير الحلم والعلم والحجى / صحيح أديم العرض مستهلك الوفرِ
وطود يمور الطود في الأرض هيبة / له ويمير السيف من هامة الذمرِ
رأيناه موصوفا بعون مكارم / يعين ومعروفا بعارفة بكرِ
فكم أضحكت نعماه ثغر مؤمل / وأبكت ظباعين ملك على ثغرِ
تواضع إجلالا وذيل افتخاره / يجر على هام المجرة والنسرِ
فما اصفر وجه المجتديه برده / ولا عاد عن أبوابه بيد صفرِ
يرى جحفلا من بأسه وهو واحد / إذ لقي الأعداء في جحفل مجرِ
فآراء من عاداه محلولة العرى / وراياته معقودة بعرى النصرِ
وأخلاقه من لطفهن كأنَّما / خلقن من الزفر المنيرة والزهرِ
لطف بمن والاه كالماء رقة / عنيف بمن ناواه أقسى من الصخرِ
يثقف منآد الأمور برأيه / فيغنيه عن هز المثقفة السمرِ
وما زال يغشى الروع وترا بنفسه / وتأبى سطاه أن ينام على وترِ
فلا زلت عون الدين يحيى ولم تزل / بجودك فينا حاسما داء ذي الفقر
لك الله كم من نعمةٍ له خيمت / بمنزل ذي عسر فأصبح ذايسر
فلا زلت مقصود الندى مقصد العدا / بعيد المدى وافي الجدا نافذ الأمرِ
ودمت على رغم الحسود مهنئا / بعودك والعيد المبارك والفطرِ
أبشرك أم ضوء من البرق لامع
أبشرك أم ضوء من البرق لامع / وعزمك أم ماضي الغرارين قاطعُ
وأنت سماء للموالين ثره / أجل أم سمام للمعادين ناقعُ
نسيمك للراجين جدواك سجسج / ولكنه للناكثين زعازعُ
عمرت بمشوفع من الجود والندى / فتى ماله الا جاؤك شافعُ
فأقسمت ما أن يعرف الناس دهره / من الناس خلق في أياديك طامعُ
وفيت ووفيت السماحة حقّها / فلا المال مفحوظ ولا الجار ضائعُ
سنانك قاص إن تمرد خائن / وسيفك ماض إن تحرد خالعُ
رعيت الرعايا ساهرا في صلاحها / فكلهم للأمن وسنان هاجعُ
إذا ما ورت نار الوغى وتسعرت / دلفت إليها والرماح شوارعُ
ببت صقيلات المتون كأنما / تدب عليها من شمال أكارع
لقد صيرتنا للوزير صنائعا / أياد له مشكورة وصنائعُ
خلي من الكبر الذي يضع الفتى / مليء بإسداء الندى متواضعُ
له من كريم الطبع حاد على الندى / وما الجود إلا ما حدته الطبائع
بها إذا خاص الأسنه حاسرا / على أنه من لبسة الحبزم دموعُ
فتى سمره في الروع حمر وشقره / إذا امتد ذيل النقع دهم سوافعُ
إذا حارب الأعداء يوما تسالمت / نسور على أشلائها وخوامعُ
فقد ملت الجرد المذاكي طراده / وضجت إلى الغارات منه الوقائعُ
حلفت بأن القرم يحيى وقومه / شموس لها أفتى المعالي مطالعُ
هم إن طرا خطب ليوث خوادر / وأما عوى جدب غيوث هوامعُ
فما روضه ضحاكه النور غضه / يغازلها جفن من القطر دامعُ
تميل غصون البان فيها تأودا / إذا غردت ورى الحمام السواجعُ
بأحسن من أخذي يحيى وقد غدت / تهز القوافي عطفه وهو سامع
أمولاي عون الدين عذرك ضيّق / إذا أمل العافي وجودك واسع
تجود وأنواء الغمام ضنينة / وتبذل والأقوام لؤما موانعُ
لأحييت أخبار النبي وشرعه / ومن مثل ما صنفت تحيى الشرائعُ
تحريت في جمع الصحيحين صحة / فما قلت إلا صدى القول سامعُ
تهن بعيد النحر إن سعوده / عليك دهورا عائدات رواجعُ
وإن تنحر الأعداء فيه ترحهم / فدعهم ترعهم من سطاك الروائعُ
فما ترفع الأيام من أنت خافض / ولا تخفض الأقدار من أنت رافعُ
على دار سلمى بالعقيقِ سلامي
على دار سلمى بالعقيقِ سلامي / سقاها ملث مثل دمعي هامي
ولا برحتها روضةٌ في نسيمِها / إذا هب معتلاُّ شفاء سقامي
مواقف لذاتي وسوق خلاعتي / وربع صبا باتي ودار غرامي
مرابع لا زال الربيع يجودها / بكل دموع للغيوث سجام
ديار رضعت اللهو في جنباتها / زمانا ولم أفجع له بفطام
غداة أرى سهمي بها كل غادة / تناضل من ألحاظِها بسهام
تريك قضيبا في كثيب إذا انثنت / وصبحا منيراً تحتَ جنح ظلامِ
وتبسم مع بيس كأن وميضَها / تألق برق في متونِ غَمامِ
إذا هي لاثت خوف واش خمارَها / ترشفت خَمرا من وراء فدام
وليل تمامٍ قد قصرت باهيف / بديع تثنيه كبدر تمامِ
إذا لام فيه عاذل عاد عاذرا / لحسنِ عذارٍ مثل خطَّة لامِ
سقاني وجام الشمس لم يبد قهوة / تلوح كشمس في قراة جامِ
فباكرت بكرا قلَّدَت من حَبابها / سموط لآلٍ فذَةٍ وتؤامِ
عقار إذا ما الماء عاقر كأسها / رأيت ضرا ما ملهبا لضرامِ
وبت ولي سكران سكر مدامة / من الريق راقتني وسكر مدامِ
لدى روضة ريضت بمزن كأنه / ندى ابن الدوامي فهو غير جهامِ
فتى ثل عني جيش كل ملمّةٍ / وبلَّ بجدوى راحتَيهِ أوامي
وسيم كصدر السيف أروع ينتمي / إلى أسرة غرِّ الوجوه وسامِ
وأشجع من تحمي عليه مفاضة / غداة يرامي معلما وحامي
قليل اعتذار للمرجين رفده / فمورده عذب كبير زحامِ
له العزم مضّاء الغرار كأنَّهُ / إذا جدَّ في اللأواء حد حسامِ
كأن الندى عفراء وهو لحبِّهِ / إذا ليم فيه عروة بن حَزامِ
مسام الأعادي والثراءِ وجارهُ / لغمدان جَار فهو غير مضامِ
أخفّ إلى يوم الوغى من حسامه / وارزن حلما من هضاب شمام
تراه بأثواب المحامد كاسيا / وعريان من عاريشين وذام
كريم المساعي ما له الدهر في الندى / مضاه ولا في الماثرات مسامي
حلفت بها مثل القسي نواجلا / ترامي بشعث كالسهام سهامِ
أتوا مكة الغراء فاعتمروا بها / وطافوا بركن طاهر ومقامِ
لقد نلت من جدوى أبي الفرج الفتى / أخي الجود أقصى بغيتي ومرامي
له الهمة العلياء والشيمة التي / تعلم منها المجد كل همامِ
أَمؤتمن الدين الذي شاد فخره / وساد بنفصٍ فوق نفسِ عصامِ
لأنسيتنا ذكر الكرامِ بنائلٍ / أرانا بحار الجود وهي طوامي
وأغنيتنا عن كل جهم عفاته / إلى شرب ماء المكرمات ظوامي
فدمت عبيدالله في ظل نعمة / وصفو نعيم مؤذن بدوامِ
ولا زالت الأعياد نحوك عُوّدا / بنيل المنى ما اخضَرّ عودُ بشامِ
نداك سحاب في الجدوب مطير
نداك سحاب في الجدوب مطير / وعزمك ماض في الحروب طريرُ
وخلفك حلو للعفاة وأنه / لدى الروع مر للعداة مريرُ
لك العلم طام بحره يا أخا الندى / إلى الحلم راسي والجبال تمورُ
إذا البيض من كفيك للحرب جردت / فأغمادها للناكثين نحورُ
نظرت إلى المعروف نظرة وأمق / فمالك في بذل السماح نظيرُ
إذا نحن سٍِمنا المواهب فالندى / لديك جزيل والعطاء غزيرُ
عتادك للهيجاء سمر ذوابل / تكسر منها في الصدور صدورُ
وجرد كسيدان العضا تملأ الفضا / وبيض صقيلات المتون ذكورُ
وموضونة حصداء يرتج سردها / كما ارتج في يوم الشمال غديرُ
وأنت فغيث يحمد القوم سيبه / وليث إذا أسود العجاج هصورُ
طويل نجاد السيف زاك نجاره / يقصر في الآراء عنه قصيرُ
له صفحة في جانبيها طلاقة / وبشر بادراك النجاح بشيرًُ
فيا عضد الدين الذي لم يزل له / رواح إلى بذل الندى وبكورُ
حسامك من دون الرعية خندق / ورأيك من حول الخلافة سورُ
وأنت لها سهم رمى كل خالع / وأنت لها ظهر حمى وظهيرُ
لقد ظفرت منك الغداة بعادل / يميل على أعدائها ويجورُ
يرى نصحها فرضا عليه فدره / عليها بما فيه الصلاح يشيرُ
فكل أمين ما خلاك فخائن / وكل وزير ما عداك فزورُ
أيا مال عاف أتلف الدهر ماله / وناصر عان قل عنه نصيرُ
نمتلك إلى العلياء يا خير منتم / بدور وأطواد سمت وبحورُ
بقيت على مر الليالي ممدحا / نصيبك منها غبطة وسرورُ
فلولاك لم تفتح ثغور منيعة / ولا ابتسمت للمكرمات ثغورُ
تمل ثناء ما تنخل مثله / ولا سار بدر التمّ حيث يسيرُ
إذا كرروه في النديّ تضوعت / جوانبه مسكا وفاح عبيرُ
وإني لسباق إلى كل غاية / تخلف عنها في القريض جريرُ
حلفت لقد أوليتني الجود منعما / وإني لما أوليتنيه شكورُ
فدم في نعيم لا يدر صفوه / وعيش يحول العيش وهو نضيرُ
ألمت وواشيها مع الصبح راقد
ألمت وواشيها مع الصبح راقد / وقد عبقت بالمسك منها القلائد
يرنحها سكر الشباب فتنثني / كما اهتز ممطور من البان مائدُ
ولولا سكر الشباب فتنثني / عليك ولولا الطيب ما ارتاب حاسدُ
ذروني وماثور العتاب فدونه / أكابد من لذع الهوى ما أكابدُ
ول تنكروا مر النسيم فعنده / حديث على دين الصبابة شاهد
يذكرني مسراه ربعا الفته / وعيشا تقضي ليت باديه عائدُ
واهيف معسول الشمائل بينه / وبين وصالي برزخ متباعد
أقل بلائي أنني فيه راغب / وأكثر حزني أنه في زاهدُ
له من بديع الحسن خد مورد / ولي من دموعي فوق خدي مواردُ
يهون عليه أن أبيت مسهدا / يذود الكرى عن جفن عيني ذائدُ
تمر الليالي دونه وهو هاجر / واقني ولا يقضى الذي هو واعد
لعل الهوى يحلو فينعم عاشق / ويظفر مشتاق ويطرف ساهدُ
إذا هبت النكباء مال كأنه / نزيف سقته الراح هيفاء ناهدُ
إليك فما يشتد للمرء ساعد / إذا كان من يهواه ليس يساعدُ
فأقسم أني في الصبابة واحد / وإن كمال الدين في الجود واحدُ
هو الملك الزاكي النجار ومن به / تجمعت الآمال وهي بدائدُ
مهونة أمواله وعداته / مكرمة قصاده والقصائد
كريم المساعي والجدود مهذب / له مورد ما ذمه الدهر وارد
وجود كسوب الغيث يهمي فيستوي / لديه الأداني والأقاصي الأباعدُ
شهاب ر داه للمعادين محرق / وظل نداه للموالين باردُ
سريع القرى للضيف في كل أزمة / طويل نجاد السيف أروع ماجدُ
يلين لعاف يجتديه تكرّما / ويشتد ما ألقت عصاها الشدائدُ
تقلده العلياء أبهى عقودها / وتلقى إليه في الأمور المقالدُ
وتستقبل الآمال غرة وحههه / كما استقبل البيت المعظم ساجدُ
إذا رفد قوم جاء بالمطل ناقصا / أتانا ابتداء رفده وهو زائد
فأدنى عطاياه البدور صوامتا / لراج ضريك والحسان الخرائد
أبا الفضل يا أسنى الآنام مواهبا / كرمت فما خلق لفضلك جاحدُ
أبى الله أني واجد لك في الندى / ضريبا وأنت المرء بالجود واحدُ
سحابك سحاح وربعك مخصب / ووجهك وضاح وجدك صاعدُ
وغير طريف أن تجود بطارف / ويتبعه للمجتدي منك تالدُ
وأنت من القوم الذين وجوههم / مصابيح من ضل الدجى والفراقد
أكاسرة شم الأنوف إذا احتبوا / زهت بهم تيجانهم والمعاقدُ
أقام جداهم والغمام مقوض / وذاب نداهم والأكف جوامدُ
فيا من حكت أخلاقه الروض راضه / حيا وزكت أعراق المحاتدُ
إذا سار يوما ركب مدح فانده / بغيرك مجتاز ونحوك قاصدُ
عتادك للهيجاء بين صوارم / تؤى من دم الأجساد وهي جواسدُ
وجرد عتاق لم تزل بطرادها / لدى كل حرب تسترد الطرائد
فها أنت مريخ إذا احتدم الوغى / وفي السلم أنت المشترى وعطاردُ
بدولتك الغراء يأمن خائف / وينصر موثور ويصلح فاسدُ
لقد كنت من قبل اجتادائك في لظى / وها أنا من نعماكفي الخلد خالدُ
فهنيت عيد النحر يا ابن محمد / ولا برحت وقفا عليك المحامدُ
فإنك للنعي معيد ومبدىء / ولله عند المنعمين عوائدُ
فلا حطت الأقدار من أنت رافع / ولا حلت الأيام ما أنت عاقدُ
جنيت جنيَّ الورد من ذلك الخد
جنيت جنيَّ الورد من ذلك الخد / وعانقت غصن البان من ذلك القدِ
وقبلت منه غرة تحت طرة / تعنون عن حظي بفاحمها الجعدِ
غزال كاشراق الغزالة سنّة / وكالبدر بدر التمّ في السنّ والبعدِ
يساعف أحيانا فاقنع بالمنى / ويجفو فارضى بالقطيعة والصدِ
بكى خيفة الواشي فظلت دموعه / تناثر مثل الطل في ورق الوردِ
ورنحه سكر الصبا فأماله / كما ميلت ريح الصبا غصن الرندِ
أتى زائرا والليل لابس عقده / وفارقني والليل مستلب العقدِ
فبات فمي يجني محاسن وجهه / وبات شهي الدل يجني ويستعدي
سقى عهده صوب العهاد وإن ناي / بجانبه عني وحال عن العهدِ
وردّ ليالي الأجرع الفرد باللوى / فيا طيب عيش مر بالأجرع الفردِ
عشية ورد اللهو غير مكدر / وظبي الحمى يسطو على الأسد والوردِ
إلا ليت شعري هل وفي ريم رامة / وهل عنده من لاعج الشوق ما عندي
أحن إليه والتنائف بيننا / حنين عطاش حئمات إلى وردِ
لئن وقرت يوما بسمعي ملامة / لهند فلا عفت الملامة في هندِ
ولا وجدت عيني سبيلا إلى البكا / ولا بت في أسر الصبابة والوجدِ
وبحت بما ألقى ورحت مقابلا / سماح عبيد الله بالكفر والجحدِ
فتى يبدىء الإحسان ثم يعيده / إذا مستميح عاد أحسن ما يبدي
كريم المحيّا وافر العلم والحجى / غزير الندى والحلم مقتسم الرفدِ
وأروع يعطي المادحين مناهم / فقد آمنوا من بابه روعة الردِ
أخو النائل الفضفاض والسؤدد الذي / يسود به الأقوام والكرم العدِ
يرحب بالزوار ما نزلوا به / إذا أضقن أخلاقا ويفرح بالوفدِ
فللغيث بد من نداه وما أرى / لراحته في بذلها الجود من بدِ
على صفحتي خديه للبشر لمعة / كلمعة سيف سل من خلل الغمدِ
يجود بلا وعد على كل طالب / وهل جاد غيث قط إلا بلا وعدِ
تحول الليالي دائما عن عهودنا / وما حال عن عهد قديم ولا ودِّ
ترى البحر في جزر ومد ولم يزل / ندى راحتيه مدة الدهر في مدِّ
له شيمة كالماء لطفا فإن تهج / بسخط ففقيها غلظة الحجر الصلدِ
أحد مضاء واتزاما من القنا / واقطع باللآراء من قضب الهندِ
تجلّى به همّي واثرت به يدى / وأورى به في كل حالكة زندي
أمؤتمن الدين الكريم الذي سعى / فحاز بادني سعيه قصب المجدِ
متى كنت مسبوقا إلى نيل سؤدد / أبت ذاك أعراق المطهة الجردِ
نراك لمن عاداك مضغة علقم / وأحلى خلالا للخليل من الشهدِ
تهن بعيد الفطر وابق ممدحا / بعيد المدى هامي الندى صاعد الجدِ
ودم أبدا يا ابن الدوامي ساحبا / ذيول المساعي الغرّ في طرق الحمدِ
سقى دار سعدى باللوى وسعاد
سقى دار سعدى باللوى وسعاد / عِهاد من الوسمي بعد عِهادِ
وروض مغناها الأريض ولا ونت / تراوحه ريح الصبا وتغادي
وأخصب من جوِ جواي بأرضه / وطاب مرادا في حماه مرادي
وقاضية بالظلم لولا اعتدالها / وجور هواها ما أقضى وسادي
خلية قلب من غرامي ولوعتي / وراقدة عن عبرتي وسهادي
ممنعة تاهت بميض مبسم / ومسوّد فود شاب منه فؤادي
لها مقلة كحلاء أودت بمغرم / له مقلة لم تكتحل برقادِ
أصافي عليها عليا ذرى وأوده / واخصم فيها عاذلي وأعادي
فيا ظمء قلبي والمناهل جمة / إلى عذب ماء بالعذيب برادِ
أبيت عليه حائما متلدّدا / وأصبح حران الجوانح صادي
أصعد أنفاسا حرارا كأنما / لهن على الأحشاء وخز صعادِ
تحرمه دوني إذا رمت ورده / بوارق بيض بالدماء ورادِ
وما ذاك خوف من توعَّد قومها / وإني لجلد عن كل جلادِ
ولكن إذا استعبدت في الحب لم تهب / ولو كنت قرن الحارث بن عبادِ
سألفى مضيعا من أضاع مودتي / واحفظ حرا حافظا لودادي
منيع الحمى والجار يطرف مادحا / بما اعتدّه من طارق وتلادِ
علت يده ما اسود جنح من الدجى / فما خلقت إلا لبيض أيادي
ومن كسماح ابن الدوامي إن غدا / وراح لرفد مبدأ ومعادِ
أب يالفرج الفراج بالبذل للهى / كروبا عن الصافين جد شدادِ
لقد غمرتنا من أياديه أنعم / نيسنا بها معنا وكعب أيادِ
أجدت مديحي فيه لما رأيته / جواج عريق المجد نجل جوادِ
يروع ويغدو منعشي بعوارف / كصوب سوار حفل وغوادي
وما زال سباقا إلى كل غاية / مداها على طلابها متمادي
فحاضر جدوى راحتيه لحاضر / وبادى نداه المستماح لبادي
وفي بعهد الخل أضحت خلاله / كزُهر سماء أو كزَهرة وادي
عتاد لمن يأوي إليه وعدة / فشكرا له من عدة وعتادِ
يحب ادخار الحمد علما بأنه / أجل ادخار للكريم وزادِ
تحمل أعباء المكارم والعلى / وساد برأي محكم وسدادِ
وغر مساع كالنجوم منيرة / تضيء وليلات الخطوب دادي
إذا ذمت الأنواء قالت عفاته / حماد لنوء في يديه حمادِ
ساهدى إليه ما بقيت قصائدا / إذا انشدوها بأن نقص زيادِ
مهذبة الألفاظ من نسج خاطري / يغنّي بها حاد ويطرب شادي
علت عن بني الأشعار قدرا ولن ترى / ربى أرض واد تستوي بوهادِ
وما الليل كالصبح المنير ضياؤه / ولا ماء بحر غامر كثمادِ
فدام رهيف الحد ما لمع الضحى / وما لبس إلا ظلام ثوب حدادِ
نعم قد خلت ذات الأباطح من نعم
نعم قد خلت ذات الأباطح من نعم / فدع مقلتي من بعد بعدهم تهمي
وقفت على ربع لها متأبّد / فاحت ضنا كالرسم في ذلك الرسم
أسائل عن أَسماء والدمع سائل / وأكني عنها خوف واش ولا اسمي
وفي الكلّة الحمراء بيضاء طفلة / كبدر الدجى فيها سهرت مع النجم
تلوح مساء في صباح جبينها / وتخفى نهارا في غدائرها السّحم
عزوها إلى سهم فيا ليت أنها / غدت وهي من دون الورى وحدها سهمي
لها مقلة تصبي الحليم إذا رنت / وتصمي قلوب العاشقين ولا تدمي
وقد كغصن رنَّحت عطفة الصّبا / وخد جَنيّ الورد يجرح بالوهم
وتبسم عن عذب اللثات كأنه / حصى برد عذب اللّمى بارد الظلم
كأن عليه بعد وهي سلافة / مكرمة الأعراق من حلب الكرم
كرقة شعري أو سجايا أخي الحجى / أبي الفضل والأفضال والكرم الجم
فتى يملأ الأبصار بأسا ونجدة / ويهزم عنا بالغنى جحفل العدم
سريع إلى الحسنى بطيء عن الخنا / قريب الندى منا بعيد عن الدم
إذا أمه العافي رأى سيب كفه / أبر من الأنواء تقرن باليه
هو البحر علما والسحائب أنعما / هو الطود ثبتا بالرجاحة والحلم
ترى فيه ليثاً فاتكا يوم حربه / وغيثا مغيثا في البر بالة والسلم
عريق إذا ما عدَّ أنصاب نجره / طليق المحيّا باسم غير ما جهم
رزين النواحي والقنا يقرع القنا / وقور صبور عند قعقعة اللجم
كفيل إذا خان الوغى أن يثيره / عجاجا يريك البلق في صور الدهمِ
بنعماك مجد الدين يا أكرم الورى / علت همي عن باخل وأنجلى همّي
لقد شدت بنيان المكارم والعلى / وسدت بني الدنيا بحزمك والعزمِ
فلا زلت من كسب المحامد والثنا / وبذل الأيادي وافر الحظ والقسمِ
وعش سالما ما رنّحت بانة صبا
وعش سالما ما رنّحت بانة صبا / وما سبَّحت في السحب ألسِنَة الرعدِ
تصاحب أعمار الزمان محسدا / وتسحب أذيال السعادة والمجدِ
تعيد الذي تبدي من الخير دائما / وكم من كريم لا يعيد ولا يبدىِ
وتشربها حمراء كالورد قهوةً / يعبر رياها عن العنبر الوردِ
لها حبب كالعقد عند مزاجها / تطوف بها سمراء تبسم عن عقدِ
يلوم عليها فارغ من صبابتي / فلا قلبه قلبي ولا وجده وجدي
أيا رب يحيى الماجد بن هبيرة
أيا رب يحيى الماجد بن هبيرة / يموت ويحيا مثل يحيى بن جعفرِ
يموت بهذا كل خير وسنَّةٍ / ويحيا بهذا كل لؤم ومنكرِ