المجموع : 7
تجَنّى علينا آلُ مكتومَةَ الذنبا
تجَنّى علينا آلُ مكتومَةَ الذنبا / وكانوا لنا سِلماً فأضحوا لنا حربا
يقولونَ عَزِّ القلبَ بعدَ ذهابهِ / فقُلتُ ألا طوبايَ لَو أنّ لي قلبا
وقالوا تجنّبنا فقُلتُ أبعدَما / غلَبتُم على قلبي بسُلطانكُم غَصبا
غِضابٌ وقد ملّوا وقوفي ببابِهم / ولكِنَّ دُنيا لا ملولاً ولا غَضبى
وقد أرسَلَت في السرّ إنّي بريئَةٌ / ولم ترَ لي فيما تَرى منهُمُ ذنبا
وقالَت لكَ العتبى وعندي لكَ الرضا / وما إن لهُم عندي رضاءٌ ولا عُتبى
ونُبئتُها تلهو إذا اشتَدَّ شوقُها / بشِعري كما تلهو المغَنِّيَةُ الشَربى
فأحبَبتُها حُبّاً يَقِرُّ بعَينها / وحُبّي إذا أحبَبتُ لا يشبِهُ الحُبّا
فَيا حسرَتا نُغِّصتُ قرب ديارِها / فلا زلفَةً منها أُرَجّي ولا قُربا
لقَد شَمِتَ الأعداءُ أن حيلَ بينَها / وبَيني ألا للشامتينَ بنا العُبى
على إخوتي منّي السلامُ تحيَّةً
على إخوتي منّي السلامُ تحيَّةً / تحِيَّةَ مُثنٍ بالأُخوَّةِ حامدِ
وقُل لهمُ بعدَ التحيَّةِ أنتُمُ / بنَفسي ومالي من طريفٍ وتالدِ
وعَزَّ عليهِم أن أقيمَ ببَلدَةٍ / أخا سَقَمٍ فيها قليلَ العوائدِ
لئِن ساءَهُم ما كان من فعلِ خالِدٍ / لَقَد سرَّهُم ما قد فعَلتُ بخالدِ
وقد علِموا أن ليسَ مِنّي بمُفلتٍ / ولا يومه المسكين مني بواحدِ
أخالِدٌ لا زالت من اللَه لعنَةٌ / عليكَ وإن كنتَ ابن عمّي وقائِدي
أخالدٌ كانت صحبتيكَ ضلالةً / عصَيتُ بها ربّي وخالَفتُ والدي
وأرسَلَ يبغي الصلحَ لمّا تنَكَّفَت / عوارِضَ جنبَيه سياطُ القصائدِ
فأرسَلتُ بعد الشرِّ أنّي مُسالِمٌ / إلى غيرِ ما لا تشتهي غيرُ عائدِ
أرى عهدَها كالوردِ ليسَ بدائمٍ
أرى عهدَها كالوردِ ليسَ بدائمٍ / ولا خيرَ فيمَن لا يدومُ لهُ عهدُ
وعهدي لها كالآسى حسناً وبهجةً / لهُ نضرَةٌ تبقى إذا ا انقضى الوردُ
فما وجد العُذرِيُّ إذ طال وجدهُ / بعفراء حتّى سلّ مهجَتَه الوجدُ
كوَجدي غداةَ البينِ عندَ التِفاتِها / وقد شَفَّ عنها دون أترابِها البردُ
غَزَتني جيوشُ الحبِّ من كلِّ جانِبٍ / إذا حان من جندٍ قفولٌ غَزا جندُ
فقُلتُ لأصحابي هي الشمس ضوءها / قريبٌ ولكن في تناولها بعدُ
وإنّي لمَن تهدى إليهِ لحاسِدٌ / جرى طائري نحساً وطائِرهُ سعدُ
ألا خبّروا إن كان عندَكمُ خبَر
ألا خبّروا إن كان عندَكمُ خبَر / أنقفل أم نثوي على الهمِّ والضجَر
نَفى النومَ عَن عيني تَعَرُّضُ رحلَةٍ / بها الهَمُّ واستولى بها بعدَهُ السهَر
فإن أشكُ من ليلي بجُرجانَ طولَهُ / فقد كنتُ أشكو منهُ بالبصرةِ القِصَر
فيا نفسُ قد بُدِّلتِ بؤساً بنِعمَةٍ / ويا عينُ قد بُدِّلتِ من قُرَّةٍ عبَر
ويا حبّذاكَ السائلي فيمَ فكرَتي / وهَمّي ألا في البصرة الهمُّ والفِكَر
فيا حبّذا بطنُ الحزيزِ وظهرُهُ / ويا حسنَ واديهِ إذا ماؤهُ زخَر
ويا حبَّذا نهرُ الأُبلَّةِ منظَراً / إذا مَدَّ في إبّاديهِ إذا ماؤهُ زخَر
ويا حسنَ تلك الجاريات إذا غدَت / مع الماءِ تجري مصعداتٍ وتنحَدِر
وفتيانِ صدقٍ همُّهُم طلبُ العُلى / وسيماهُم التحجيلُ في المجدِ والغُرَر
لعمري لقد فارقتهم غير طائعٍ / ولا طيِّبٍ نفساً بذاكَ ولا مُقِرّ
فيا ندمي إذ ليس تُغني ندامتي / ويا حَذَري إذ ليسَ ينفَعُني الحَذَر
وقائِلَةٍ ماذا نأى بكَ عنهُمُ / فقلت لها لا علمَ لي فسَلي القدَر
فَيا سَفَراً أودى بلهوي ولَذَّتي / ونَغَّصَني عيشي عدِمتُكَ من سَفَر
دعوني وإيّا خالدٍ بعدَ ساعةٍ / سيَحمِلهُ ششعري على الأبلَقِ الأغَرّ
كأني بصِدقِ القولِ لمّا لقيتهُ / وأعلَمتهُ ما فيه ألقَمتهُ الحجَر
دَنيءٌ به عَن كلّ خيرٍ بلادَةٌ / لكل قبيح عن ذراعيه قد حسَر
له منظَرٌ يُعمي العيونَ سماجةً / وإن يختَبَر يوماً فيا سوء مختبَر
تُسيءُ وتمضي في الإساءِةِ دائباً / فلا أنتَ تستحيي ولا أنت تعتَذر
أبوكَ لنا غيثٌ نعيشُ بسيبهِ / وأنتَ جرادٌ لس يبقي ولا يَذَر
لهُ أثَرٌ في المكرماتِ يسرُّنا / وأنتَ تُعَفّي دائماً ذلك الأثَر
لَقَد قَنَعَت قحطانُ خِزياً بخالِدٍ / فهَل لكِ فيه يخزِكِ اللَهُ يا مُضَر
ألا في سبيل اللَه ما حلَّ بي منكِ
ألا في سبيل اللَه ما حلَّ بي منكِ / وصبرُكِ عنّي حينَ لا صبرَ لي عنكِ
وتركُكِ جسمي بعد أخذِكِ مهجَتي / ضئيلاً فهلّا كان من قبلِ ذا تركي
فهَل حاكِمٌ يحكمُ في الحبّ بينَنا / فيأخُذ لي حقّي ويُنصِفَني منكِ
لقَد كنتُ يوم القصر ممّا ظَنَنت بي / بريئاً كما أنّي بريءٌ منَ الشركِ
يُذّكِّرُني الفردَوسَ طوراً فأرعوي / وطوراً يؤاتيني على القصفِ والفتكِ
بِغَرسٍ كأبكارِ الجواري وتربَةٍ / كأنّ ثراها ماءٌ وردٍ على مسكِ
وسِربٍ من الغزلانِ يرتَعنَ حولَهُ / كما انسَلَّ منظومٌ منَ الدرّ من سلكِ
وورقاءِ تحكي الموصِلِيَّ إذا شدَت / بتغريدِها أحبب بها وبمَن تحكي
فيا طيبَ ذاك القصر قصراً ونُزهَةً / بأفيَحِ سهلٍ غيرِ وعرٍ ولا ضنكِ
كأنَّ قصورَ القومِ ينظُرنَ حولهُ / إلى ملِكٍ على منبر المُلكِ
يُدِلُّ عليها مستَطيلاً بحُسنهِ / فيَضحكُ منها وهيَ مطرِقَةٌ تبكي
أنا الفارغُ المشغولُ والشوق آفتني
أنا الفارغُ المشغولُ والشوق آفتني / فلا تسألوني عن فراغي وعن شغلي
عجبتُ لتَرك الحبّ دنيا خليَّةً / وإعراضهِ عنها وإقبالهِ قُبلي
وما بالُها لمّا كتبتُ تهاونَت / بكُتبي وقد أرسلت فانتهزت رسلي
وقد حلَفَت ألّا تخُطُّ بكَفِّها / إلى قابلٍ خطّاً إليّ ولا تملي
أبُخلاً علينا كلُّ ذا وقطيعةً / قضَيتُ لدُنيا بالقطيعةِ والبُخلِ
سلوا قلبَ دُنيا كيفَ أطلقَهُ الهَوى / فقَد كانَ في غُلٍّ وثيقٍ وفي كبلِ
فإن جحَدَت فاذكُر لها قصرَ معبَدٍ / بمنصف ما بين الأبُلَّةِ والحبلِ
وملعبنا في النهر والماء زاخر / قرينين كالغصنين فرعين في أصل
ومن حولنا الريحان غضا وفوقنا / ظلال من الكرم المعرش والنخل
إذا شئتُ مالت بي إليها كأنّني / إلى غصنِ بانٍ بينَ دعصَينِ من رملِ
لياليَ ألقاني الهوى فاستضفتها / فكانت ثناياها بلا حشمة نُزلي
وكم لَذّّةٍ لي في هواها وشهوة / وركضي إليها راكباً وعلى رجلي
وفي مأتَمِ المهدِيِّ زاحَمتُ ركنَها / برُكني وقد وطّنتُ نفسي على القتلِ
وبتنا على خوفٍ أسَكِّنُ قلبَها / بِيُسرايَ واليُمنى على قائمِ النصلِ
فيا طيبَ طعم العيشِ إذ هيَ جارَةٌ / وغذ نفسُها نفسي وإذ أهلُها أهلي
وإذ هيَ لا تعتَلُّ عنّي برقبَةٍ / ولا خوفِ عينٍ من وشاةٍ ولا بعلِ
فقد عفَتِ الآثارُ بيني وبينَها / وقد أوحشَت منّي إلى دارِها سبلي
ولمّا بلوتُ الحبَ بعد فراقِها / قضَيتُ على أمِّ المحبّينَ بالثكلِ
وأصبَحتُ معزولاً وقد كنتُ والياً / وشتّانَ ما بينَ الولايةِ والعَزلِ
لعَمري لقَد أُعطيتُ بالكوفَةِ المُنى
لعَمري لقَد أُعطيتُ بالكوفَةِ المُنى / وفوقَ المنى بالغانياتِ النواعمِ
ونادَمتُ أختَ الشمسِ حسناً فوافقَت / هوايَ ومثلي مثلَها فليُنادمِ
وأنشَدتُها شعري بدُنيا فعَربَدَت / وقالَت ملولٌ عهدُهُ غيرُ دائمِ
فقلتُ لها يا ظبيةَ الكوفةِ اغفري / فقَد تُبتُ ممّا قلتُ توبَةَ نادمِ
فقالَت فقد استوجَبتَ منّا عقوبَةً / ولكِن سنَرعى فيك روحَ بنَ حاتمِ