المجموع : 68
دَعَاهُ وَرقْمُ اللَّيلِ بالبَرْقِ مُذْهَبُ
دَعَاهُ وَرقْمُ اللَّيلِ بالبَرْقِ مُذْهَبُ / هَوىً بِكَ لَبَّاهُ الفُؤَادُ المُعَذَّبُ
لِطَيْفٍ لَطيفٍ من خيالِكَ طَارِقٍ / بِلَيْلٍ بَليلٍ فيهِ للسُّحْبِ مَسْحَبُ
بِرُوحي يا طَيْفَ الحَبيبِ مُحافِظاً / عَلَى العَهْدِ يَدْنُو كَيْفَ شِئْتُ ويقْرُبُ
وَمَنْ كُلَّما عاتَبْتُه رَقَّ قَلْبُهُ / وَأَقْسَم لا يَجْني وَلا يَتَجَنَّبُ
يُعَلِّمُهُ فَرْطَ القَسَاوَةِ أَهْلُهُ / فَيَعْطِفهُ الخُلُقُ الجميلُ فَيغْلِبُ
يَشُقُّ جَلابِيبَ الدُّجُنَّةِ زَائِري / عَلَى رُغْمِ مَنْ يَلْحَى وَمَنْ يَترقَّبُ
فَأُخْجِلهُ مِمَّا أَبثُّ عِتَابهُ / وَيُخْجِلني مِنْ فَرْطِ ما يَتأَدَّبُ
فَلَوْ رُمْتُ أَنِّي عَنْهُ أَثْني أَعِنَّتي / لَشَوْقِي يُنادي لُطْفَهُ أَيْنَ تَذهَبُ
أَرَى كُلَّ شَيْءٍ مِنْهُ يأتي مُحبَّباً / وَلا سِيَّما ذَاكَ الرُّضَابُ المُحَبَّبُ
عَلَى أَنَّنِي ما الوَجْدُ يَوْماً بِشاغِلي / عَنِ المَجْدِ لَكِنّي امْرؤٌ مُتَطرِّبُ
وَمَا أنا إِلّا شَمْسُ كُلِّ فَضِيلةٍ / لَهَا مَشْرِقٌ لكنَّ أَصْلِي مَغْرِبُ
وَكُلّ كَلامٍ فيه ذِكْرَايَ طَيّبٌ / وَكُلْ مكانٍ فيه شَخْصِي أَطْيَبُ
وَلمْ يُغْنِ عَنِّي أنّني السّيفُ مَاضِياً / إِذَا لَمْ يَكُنْ لِيَ مَنْ بِحَدّي يَضْرِبُ
أَما وَالمعَالِي وَالأمير وَإنَّني / لأُقْسِمُ فيه صَادِقاً لَسْتُ أَكْذِبُ
لَقَدْ قَلَّدُوني فَوْق ما لا أُطِيقُهُ / وَقَدْ قَلَّدُوني فَوْقَ ما أَتَطَلَّبُ
هُوَ الصَّبْرُ أَوْلَى ما اسْتَعانَ بِهِ الصَّبُّ
هُوَ الصَّبْرُ أَوْلَى ما اسْتَعانَ بِهِ الصَّبُّ / وَلَوْلا تَجَنِّي الحِبِّ ما عَذُبَ الحُبُّ
إِذَا كُنْتُ لا أَهْوَى لِغَيْرِ تَواصُلٍ / فَعِشْقِي لِرُوحي لا لِمَنْ قُلْتُ ذَا الحِبُّ
وَمَا أَنَا إِلّا مُغْرَمُ القَلْبِ لَوْ بَقَى / عَلى ما أُعانيهِ مِنَ الوَجْدِ لي قَلْبُ
يَدُومُ على بُعْدِ المزَارِ بِحَالِهِ / غَرامِي وَيقْوى إِنْ تَدانى بهِ القُرْبُ
كَذَا شِيمتِي فَلْيَقْتَدِ العَاشِقُونَ بِي / وإِلَّا فَدَعْوَاهُم وحَاشَاهُم كِذبُ
أُجِيبُ الجوابَ السَّهْلَ عَمَّا سُئِلْتُه / وَإِنَّ الَّذي يُشْكَى إِليْهِ الهَوَى صَعْبُ
هَجرْتَ فَتىً أَدْنَى الأَنامِ مَحَبَّةً
هَجرْتَ فَتىً أَدْنَى الأَنامِ مَحَبَّةً / إِلَيكَ وَأَوْفَى مَنْ إِلى العَهْدِ يُنْسَبُ
وَأَبْقَيْتَ منْ لا يَرْتَضِي حِين تَرْتَضِي / وَلا هُوَ غَضْبانٌ إِذَا أَنْتَ تَغْضَبُ
أَيَجْمُلُ سُلْوانِي إِذَا هَجرَ الحِبُّ
أَيَجْمُلُ سُلْوانِي إِذَا هَجرَ الحِبُّ / أَمِ الصَّبْرُ أَوْلَى بِي إِذَا وَلَّه الحُبُّ
أُحِبُّ عَليّاً وهو سُؤْلي وَبُغْيتي
أُحِبُّ عَليّاً وهو سُؤْلي وَبُغْيتي / وَمَا زَار إلّا قُلْتُ أَهْلاً ومَرْحَبَا
فَيا لَيْتَ شِعْرِي عِنْدمَا رَاحَ مُغْرَماً / بِقَتْلِيَ مَغْرىً ظَنَّنَي فيهِ مُرْحِباً
غَراميَ فِيكمْ مَا أَلَذّ وأَطْيَبا
غَراميَ فِيكمْ مَا أَلَذّ وأَطْيَبا / وَأَهْلاً بِسُقْمِي مِنْ هَواكُم وَمَرْحَبا
غَزالُكُم ذاكَ المَصونُ جَمالُهُ / إِلَى غَيْرِه في الحُبّ قلبي ما صَبا
تَجلَّى على كلِّ القُلوبِ فَعِنْدَمَا / سَبى حُسْنُه كُلَّ القلوبِ تَحجَّبا
أَأَحْبابنا هَلْ عائِدٌ في حِماكُمُ / أُوَيْقاتُ أُنْسٍ كُلّها زَمَنُ الصِّبا
على حُبِّكم أفنيتُ حاصِلَ مَدْمَعي / وَغَيْر وَلاكُمْ عَبْدكُمْ ما تكسّبا
وَحَاشَاكُمُ أَنْ تُبْعِدوا عن جَمالِكم / حَليفَ هوىً بِالرّوحِ مِنْكُمْ مُعذَّبا
وإِن تَهْجُروا مَنْ وَاصلَ السّهْدَ جَفْنُهُ / وَهَذَّب فِيكم عِشْقَهُ فَتَهَذَّبا
وَأَحْسَنْتُم تَأديبَهُ بِصُدودكُمْ / فلا تَهْجرُوه بَعدَما قَدْ تَأَدَّبا
ولي مُهْجَةٌ دِينُ الصَّبابةِ دِينُها / فَكيْف تَرى عَنْكُمْ مَدى الدَّهْرِ مَذْهَبا
لِحاظُ الظُّبَا تَحْكى الظُبي في المَضارِبِ
لِحاظُ الظُّبَا تَحْكى الظُبي في المَضارِبِ / عَلى أَنَّها أَمْضَى بِقَطْعِ الضَّرائِبِ
فَناهِيكَ مِنْ رَوْضٍ ثُغورُ أقاحِه / لَهُنَّ ابْتِسامٌ في وُجُوهِ الغَيَاهِبِ
ظُبي مُقَلٍ سَالمتهنَّ لَدى الهَوى / وأَفْعالُها في القَلْبِ فِعْلَ المُحاربِ
وَقَدْ جرّدتْ لِلفتْكِ فِينا فَلا تَرى / سِوَى دَمٍ مَضْروبٍ على خَدّ ضَاربِ
فَلا تَحذرَوُا بِيضَ القَواضِبِ واحْذَرُوا / قَواضِبَ سُودٍ في جُفونِ الكَواعِبِ
وَليلٍ شَرِبْنا فيه كأساً من اللَّمى / عَلى جُلّنار مِنْ خُدودِ الحَبائِبِ
تُرِيكَ بِهِ ضَحِكاً بُروقُ ثُغُورِهِ / إِذَا ما بَكَتْ فيهِ عُيونُ السَّحائِبِ
ودوحٍ كَسا عاريه منبجسُ الحيا / مَحاسنَ نَوْرٍ لم ترعْ بمعائبِ
فأبدى مِن النُوّارِ بِيضَ مَباسمٍ / وَأَرْخَى من الأَغْصانِ خُضْرَ ذوائِبِ
لَدى وَجَناتٍ مِنْ شَقيقٍ يَزينها / من المِسْكِ أَمْثالَ اللّحى والشَّواربِ
حَموا بِكُعوبِ السّمْرِ بِيضَ الكَواعِبِ
حَموا بِكُعوبِ السّمْرِ بِيضَ الكَواعِبِ / وَصانُوا من الأَتْرابِ دُرَّ الترائبِ
وَهَزُّوا العَوالي مِنْ أَكفٍّ قَوابِضٍ / رِقابَ المعالي بالسُّيوفِ القَواضِبِ
فكم حَاجبٍ يَلْقَاكَ مِنْ دونِ أَعْيُنٍ / وكَمْ أَعْيُنٍ تَلْقاكَ من دُون حَاجبِ
وكَمْ بِتُّ أرعى مِنْ بُدُورٍ طَوالِعٍ / وَأَرْعَى عُهوداً مِنْ شُموسٍ غواربِ
وسَاروا فيا للَّه كَمْ مِنْ حَبائلٍ / تَصيدُ قُلُوباً مِنْ عُيونِ الحَبائبِ
جَلوْنَ على الأَحْدَاقِ خَيْرَ سَوالفٍ / وكُنَّ على العُشَّاقِ شَرَّ سَوالِبِ
بحمرة خدّ لا تُصابُ بِعارضٍ / وَخَمْرةِ ثَغْر لا تُعافُ لشاربِ
ألا في سبيلِ الحُبّ يا عَلْوَ مُهْجَةٌ / عليها لكِ الأَشْواقُ ضَرْبَةُ لازبِ
قِفي ودّعينا قَدْ بَدَتْ غُرْبَةُ النَّوى / وآذننا بِالبَيْنِ سَيْرُ الركائبِ
بِعَيْنَيْكَ هَذِي الفَاتِراتِ الَّتي تَسْبِي
بِعَيْنَيْكَ هَذِي الفَاتِراتِ الَّتي تَسْبِي / يَهُونُ عَليَّ اليَوْمَ قَتْلِيَ يا حُبِّي
إِذَا ما رَأَتْ عَيْنِي جَمالَكَ مُقْبِلاً / وَحَقِّكَ يا رُوحي سَكِرْتُ بِلاَ شُرْبِ
وَإِنْ هَزَّ عِطْفَيْكَ الصِّبَا مُتمايِلاً / أَضَاعَ الهَوى نُسْكِي وغُيِّبْتُ عَنْ لُبِّي
فَدعْنِي وَهَذا الخَدَّ أَعْصِرُ في فَمِي / عَنَاقِيدَ صُدْغَيْهِ وَحَسْبِي بِهِ حَسْبِي
لَوَ أَنَّ تُجَارَ اللُّؤْلُؤِ الرَّطْبِ شَاهَدُوا / ثَنايَاكَ ما عَنّوُا على اللُّؤْلُؤِ الرَّطْبِ
أَيَا سَاقِيَ الكَأْسِ الَّذي زَادَ خَدُّهُ / عَليهَا احْمِراراً عدِّ بالكَأْسِ عَنْ صَحْبِي
وَمَا ذَاكَ بُخْلاً بِالمُدامِ وَإِنَّما / إِذا لُحْتَ لم آمنْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّلْبِ
وَباللَّه قُلْ لِي أَيُّها الظبي كَيفَ قد / تَعَلّمت صيد الأُسْد في شَرَكِ الهُدْبِ
وماذا الَّذِي قَدْ بِعْتَ فاسْتَرهَنَت بِه / لَدَيْكَ الرُّبى رَهْناً كَثِيباً مِنَ الكُثبِ
فَخُذْ قِصَّةَ الشَّكْوَى مِنَ الأَعْيُنِ الَّتي / نَفَيْتَ لَذِيذَ النَّوْمِ عَنْهَا بِلا ذنبِ
وَلاَ تَعْتَبنْ صَبّاً تَهتَّكَ سِتْرُهُ / عَلَيْكَ فَهَتْكُ السّتْرِ أليق بالصبِّ
سَلامُ مَشُوقٍ مُغْرَمِ القَلْبِ صَبِّهِ
سَلامُ مَشُوقٍ مُغْرَمِ القَلْبِ صَبِّهِ / إلى حَرَمِ القُدْسِ الشَّرِيفِ فَقُرْبِهِ
سلامُ مُحِبٍّ كُلَّمَا هَبَّ طَارِقٌ / مِنَ الرِّيح يَلْقى نَشْرَكُمْ في مَهَبِّهِ
تَذَكَّركُمْ والشَّوْقُ يَجْرِي بِدَمْعِهِ / عَلى خَدِّه وَالوَجْدُ يَسْرِي بِقَلْبِهِ
لَقَدْ كانَ يَرْجُو أَنْ يَبُثَّ اشْتِياقَهُ / شِفَاهاً فَلمْ يَقْدِرْ فَبثَّ بِلبِّهِ
وَقَدْ كانَ يهْدِيه مِنَ النَّجْمِ نُورُهُ / فَمُذْ غَابَ عَنْهُ ضَلَّ ما بَيْنَ صَحْبِهِ
بَدَا وَجْهُهُ مِنْ فَوْقِ أَسْمَر قَدِّهِ
بَدَا وَجْهُهُ مِنْ فَوْقِ أَسْمَر قَدِّهِ / وَقَدْ لاحَ مِنْ ليْلِ الذَّوائِبِ في جُنْحِ
فَقُلْتُ عَجيبٌ كَيْفَ لَمْ يَذْهَب الدُّجَى / وَقَدْ طَلَعَتْ شَمْسُ النَّهارِ على رُمْحِ
أَلينُ فَيَقْسُو ثُمَّ أَرْضَى فَيحْقِدُ
أَلينُ فَيَقْسُو ثُمَّ أَرْضَى فَيحْقِدُ / وَأَشْكُو فَلا يُشْكَى وأَدْنُو فَيبْعِدُ
يَهزُّ قَواماً ناضِراً وَهْوَ ذَابِلٌ / إِذَا ما تَثنَّى فَهْوَ في الحُسْنِ مُفْرَدُ
يَقُولُ لي الوَاشِي تَعَدَّ عَنِ الَّذي / تَبيتُ بِهِ مُضْنَى الفُؤَادِ ويَرْقُدُ
وَدَعْ عَنْكَ ذِكْرَى مَنْ غَدَا لَكَ نَاسِياً / مَلُولاً فَكَمْ فِي العَالمينَ مُحمَّدُ
فقلتُ اتَّئِدْ يا عاذِلي لَيْسَ في الوَرَى / يُرَى مِثْلُ مَنْ قَدْ هِمْتُ فيه ويُوجَدُ
فَما كُلُّ زَهْرٍ يُنْبِتُ الرَّوْضُ طَيِّبٌ / وَلا كُلُّ كُحْل للنَّواظِر إثْمِدُ
وَزَوَّرُوا قَوْلَهُمْ وَمَا صَدَقُوا / في نَقْلِ شَيءٍ ضُرِّي به قَصَدُوا
حَاشَا لِمِثْلِ الأَميرِ يَسْمَعُ ما / قَالُوهُ عَنِّي وَمَا بِهِ شَهِدُوا
ما لِي إلَّا بَيْتي أُقيمُ بِهِ / فَلا يَرانِي مِنْ بَعْدِها أَحَدُ
أَو أَنَّني أَحْرِفُ الفَيافي مِنْ / خَلْفِي وَلا يَسْتَقرُّ بِي بَلَدُ
والأَرْضُ إِلّا دِمَشْقَ لِي وَطَنٌ / وَالنَّاسُ إِلّا الأَمير لِي سَنَدُ
وَمَا فَيهِ مِنْ حُسْنٍ سِوَى أَنَّ طَرْفَهُ
وَمَا فَيهِ مِنْ حُسْنٍ سِوَى أَنَّ طَرْفَهُ / لِكُلِّ فُؤَادٍ في البَرِيَّةِ صَائِدُ
وَأَنَّ مُحَيَّاهُ إِذَا قَابَلَ الدُّجَى / أَنَارَ بِهِ جنح من الليلِ راكِدُ
وَأَنَّ ثَناياهُ نُجُومٌ لِبَدْرِهِ / وهُنَّ لِعقْدِ الحُسْنِ فِيهِ فَرائِدُ
فَكَمْ يَتَجَافَى خَصْرُهُ وَهْوَ نَاحِلٌ / وَكَمْ يَتَحَالَى رِيقُهُ وَهْوَ بارِدُ
وَكَمْ يَدَّعِي صَوْناً وَهذِي جُفُونُه / بِفَتْرَتِهَا لِلعاشِقين تُواعِدُ
كَلِفْتُ بِمَحْبُوبٍ كَثيرٍ حَيَاؤُهُ
كَلِفْتُ بِمَحْبُوبٍ كَثيرٍ حَيَاؤُهُ / لَهُ وَجْنَةٌ مِنْ حُسْنِهَا خَجِلَ الوَرْدُ
فَأَوَّلُ مَا تَلْقاهُ يَحْمَرُّ وَجْهُهُ / كَذَاكَ تَكُونُ الشَّمْسُ أَوَّلَ ما تَبْدُو
تَدارَكْهُ قَبْلَ البَيْنِ فَاليَوْمَ عَهْدُهُ
تَدارَكْهُ قَبْلَ البَيْنِ فَاليَوْمَ عَهْدُهُ / وَجُدْ مَعَهُ بالدَّمْعِ فالدَّمْعُ جُهْدُهُ
لَهُ كُلَّ يَوْمٍ في الوَدَاعِ مَواقِفٌ / يَذُوبُ لَهَا رَخْوُ الجمادِ وصَلْدُهُ
خَليليَّ مِنْ بانِ المُصَلَّى وَرَنْدِهِ / سُقي بالحيا بانُ المُصَلَّى وَرَنْدُهُ
عَلامَ رَمَتْ قلبي هُناكَ ظِباؤُهُ / وَقَدْ كُنْتُ قِدْماً تَتَّقِينيَ أُسْدُهُ
بُلِيتُ بحظٍّ كُلَّما رُمْتُ مَقْصِداً / يُسَاقُ مِنْ جانِبِ الدَّهْرِ ضِدُّهُ
أَجِيرَانَنَا إِنَّا وَإِنْ بَرَّح الهَوَى / وَعزَّ عَلَيْنَا بُعْدُ مَنْ طَالَ بُعْدُهُ
لنَأْسُو جِرَاحَاتِ الهَوَى بِتَعلُّلٍ / يُشَارُ بأَطْرافِ الأَمَانِي شُهْدُهُ
يَلذّ بِكُمْ سَهْلُ الغَرَامِ وصعْبُهُ / ويَحْلو بِكُم هَزْلُ العِتَابِ وَجَدُّهُ
تَعالوْا نُعِيدُ الوَصْلَ نحْنُ وَأَنْتُمُ / فَلا رَأي مِنَّا عِنْدَ مَنْ دَامَ صَدُّهُ
وَلَا تَفْتَحُوا لِلعَتْبِ بَاباً فَرُبَّما / يَعِزُّ عَلَيْكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ سَدُّهُ
وَمُنْتَقِمٍ منِّي وذَنْبِيَ عِنْدَهُ / مَقالِي وهَذا الحُرُّ قلبيَ عَبْدُهُ
وَلَوْ كَانَ لِي عَقْلٌ كَتَمْتُ فإِنَّمَا / بِلُبِّ الفَتَى يُدْرَى ويُدرَكُ رُشْدُهُ
سَكِرْتُ بِأَقْدَاحٍ وعَيْناهُ خَمْرُهَا / وَهِمْتُ بِبُسْتَانٍ وَخدَّاهُ وَرْدُهُ
رَعَى اللَّه لَيْلاً زَارنِي فيهِ والدُّجَى / يُكَتِّمُه لَوْلاَ تَضوُّعُ ندُّهُ
وَقَدْ نَظَمْتُ صَدْرِي عِناقاً وصَدْرَهُ / عُقُودَ الرِّضَا حَتَّى تَناثَر عِقْدُهُ
فَقابَلْتُ وَجْهاً مُجْتَلى العَيْنِ بَدْرُهُ / وقَبَّلْتُ ثَغْراً مُشْتَهَى النَّفْسِ بَرْدُهُ
فَلمَّا بَدَا وَاشِي الصَّبَاحِ بِوَشْيِهِ / وَنِيطَ عَلَيْنَا مِنْ يَدِ الجَوِّ بُرْدُهُ
تَرَقْرَقَ دُرُّ الدَّمْعِ مِنْ مَتْنِ لَحْظِه / فَحَقَّقتُ أَنّ السَّيْفَ فِيهِ فَرْندُهُ
فَما بَالُهُ مِنْ بَعْدِ عُرْفٍ تنكَّرتْ / خَلائِقُهُ حَتَّى تَغَيَّرَ عَهْدُهُ
كَذاكَ رَأَيْتُ الدَّهْرَ إِنْ يَصْفُ مَنْهلاً / تَكدَّرَ مِنْ حَوْضِ الحَوادِثِ وِرْدهُ
أَقولُ لِقَلبي والغَرامُ يَقودُهُ / وسَيفُ التَجَنّي والتَمَنّي يقدُّهُ
لَكَ اللَّه دَعْ قَوْلَ الأماني وَخلّهِ / فَمَا كُلُّ مَقْدُوحٍ يُرَى لَكَ زِنْدُهُ
إِذَا لَمْ تَدُمْ للرُّوحِ والجِسْمِ صُحْبة / فأَيُّ حَبِيبٍ دَائِمٌ لَكَ وُدُّهُ
سَأَسْرِي وَجُنْحُ اللَّيْلِ يَسْطُو ظَلَامُهُ / وَأَسْعَى وَقَلْبُ الشَّمْسِ يَلْفَحُ وَقْدُهُ
أَعنِّي على نَيْلِ العُلَى إِنَّني بِهَا / أَخو كَلَفٍ لاَ شَيْء عَنْهَا يَصُدُّهُ
أَرومُ بِعَزْمِي فَوْقَ ما دُونَ نَيْلِهِ / لِوَاءُ المَنايَا خَافِقُ الظِّلِّ بَنْدُهُ
وَمَا شَرَفِي إِلَّا بِنَفسِي وَإِنْ يَكُنْ / لِقَوْمِي فَخَارٌ طَاوَلَ النَّجْمَ مَجْدُهُ
وَلوْ كَانَ تَحْصِيلُ الفَخَارِ بِنِسْبَةٍ / تَساوَى إِذاً حَدُّ الحُسَامِ وَغِمْدُهُ
وَلاَ ذَنْبَ لِي إِلَّا الكَمَالَ عَلَى الصِّبا / فَمَنْ لِي بِعَيْبٍ أَوْ بِشَيْبٍ يردُّهُ
مَتَى يَعْطِفُ الجانِي وَتُقْضَى وعُودُهُ
مَتَى يَعْطِفُ الجانِي وَتُقْضَى وعُودُهُ / فَقَدْ طَالَ مِنْهُ هَجْرُهُ وصُدودُهُ
أَشدُّ نِفَاراً مِنْ مَنامِي عَطْفُهُ / وَأَكْذَبُ مِنْ طَيْفِ الخَيالِ وُعُودُهُ
هِلالٌ بَعيدُ النَّيْلِ مَنْ ذَا يَرومُهُ / ومَرْعىً خَصِيبُ الرَّوضِ مَنْ ذَا يَرُودُهُ
يَسُلُّ سُيُوفَ اللَّحْظِ مِنْهُ فَبِيضُهُ / إِذَا رامَ فَتْكَاً في المُحبِّين سُودُهُ
إِذَا أَسَرَتْ صَبّاً سَلاسِلُ شَعْرِهِ / فَذَاكَ الَّذي ما إِنْ تُفَكَّ قُيُودُهُ
يَسُوقُ إِلى قَلْبِي الضَّنَا ويقُودُهُ / ويَطْرُدُ عَنْ جَفْنِي الكَرَى ويذُودُهُ
يُريني قَضِيبَ البانِ مِنْهُ نُهُوضُهُ / ويَحْكي كَثِيبَ الرَّمْلِ مِنْهُ قُعُودُهُ
وَإِنْ جِئْتُ أَبْغي وَصْلَهُ زَادَ صَدَّهُ / كَأَنِّي منُ هِجْرانِهِ اسْتَزِيدُهُ
كأنّا قَسَمْنا نِصْفَ شَعْبَان بَيْنَنَا / عَلى حُكْم ما يُرْضِي الهَوَى ويُريدُهُ
حَلَاوَتُهُ في ثَغْرِهِ وَكَلامِهِ / ونِيرَانُهُ في مُهْجَتِي وَوَقِيْدُهُ
فَكَمْ جَمَعَ الحُسْنُ النَّفِيسُ مِنَ العُلَى
فَكَمْ جَمَعَ الحُسْنُ النَّفِيسُ مِنَ العُلَى / وَكَمْ فَرَّقَ الجَيْشُ الخَمِيسُ مِنَ العِدَى
وَكَمْ قَدْ نَضَا سَيْفاً بِكَفٍّ كَرِيمَةٍ / فَأَحْسَنَ وَضْعَ السَّيْفِ في مَوْضِع النَّدَى
وِصَالُكَ أَنْهَى مَطْلَبِي وَمُرَادِي
وِصَالُكَ أَنْهَى مَطْلَبِي وَمُرَادِي / وَحُسْنُكَ أَبْهَى مَرْتَعِي وَمَزادِي
ودُونَكَ لَوْ وَافَيْتُ رَبْعَكَ زَائِراً / خِطابُ جِدَالٍ فِي خُطُوبِ جِلَادِ
حَبيبي لَقَدْ رَوَّيْتَ عَيْنِي بِدَمْعِهَا / وَغَادَرْتَ قَلْبِي لِلتَّصبّرِ صَادِي
وَنَقَّصْتَ في حَظِّي كَمَا زِدْتَ فِي الهَوَى / صُدُودِيَ يَا كُلَّ المُنَى وبُعَادِي
فَوَ اللَّهِ لَمْ أُطْلِقْ لِغَيْرِكَ مُهْجَتِي / غَرَاماً وَلَمْ أَمْنَحْ سِوَاكَ وِدَادِي
بِعَيْشِكَ نَبِّهْ نَاظِرَيْكَ لَعلَّها / تَرُدُّ عَلَى طَرْفِي لَذِيذَ رُقَادِي
إِلى اللَّهِ أَشْكُو فِي الغَرامِ مُحَجَّباً / بِقَلْبِي فَلا تَلْقَاهُ عَيْنِي بَادِي
أُحَاذِرُ طُولاً مِنْ ذُؤَابةِ شَعْرِهِ / فَقَدْ وَصَلتْ مِنْ قَدِّهِ لفُؤَادِي
سُيُوفٌ مَوَاضٍ مُرْهَفَاتٌ قَوَاطِعٌ
سُيُوفٌ مَوَاضٍ مُرْهَفَاتٌ قَوَاطِعٌ / قَوَاضٍ يَروحُ المَوْتُ فِيهَا ويَغْتَدِي
إِذَا جُرِّدَتْ في الحَرْبِ صَالتْ كأَنّها / عُيُونُ عَليٍّ في فُؤَادِ مُحَمَّدِ
أَما وَلَآلٍ مِنْ شَتِيتِ ابْتِسَامِهِ
أَما وَلَآلٍ مِنْ شَتِيتِ ابْتِسَامِهِ / وَمَا خُطَّ في يَاقُوتِهِ مِنْ زَبَرْجَدِ
لَقَدْ باتَ يُجْرِي لُؤْلُؤاً فَوْقَ عَنْدَمٍ / كما بِتُّ أُجْرِي عَنْدَماً فَوْقَ عَسْجَدِ
فَهَذَا عَقِيقٌ ذَائِبٌ في مُعَصْفَرٍ / وَهَذا جُمانٌ سَائِلٌ في مُورَّدِ
فَيا فَرْقَدَ الحيِّ الَّذي مُذْ هَويتُهُ / تَكَفَّلَ طَرْفي رَعْي نَسْرٍ وفَرْقَدِ
تَأَنّ فَلَوْ أَرْسَلْتَ سَهْمَكَ في الصَفا / غَدا مارِقاً مِنْ كُل صَمَّاء جلْمَدِ
وَلَوْ بِسِوَى سَهْمِ الفِرَاقِ رَمَيْتَنِي / حَنانَيْكَ لَمْ يَنْفُذْ بِدرْعِ تَجلُّدِي
صَدَدْتَ فَلَمْ تَبْعَثْ رُقَاداً لِسَاهِرٍ / وَصِدْتَ فَلَمْ تَتْرُكْ فُؤَاداً لِمكْمَدِ
نَصَبْتَ حِبالاتِ الكَرَى لاقْتِناصِهِ / فَعاقَبْتَ جَفْنِي بالسُّهَادِ المُؤبَّدِ
وَأَقْبَلَ تَحْتَ الشَّعرِ كالبَدْرِ في الدُّجَى / عَلى مِثْلِ غصْنِ البانةِ المُتأَوِّدِ