المجموع : 99
تَحَرَّز مِن الدُنيا فَإِنَّ فِناءَها
تَحَرَّز مِن الدُنيا فَإِنَّ فِناءَها / مَحَلُّ فَناءٍ لا مَحَلُّ بَقاءِ
فَصَفوَتُها مَمزوجَةٌ بِكُدورَةٍ / وَراحَتُها مَقرونَةٌ بِعَناءِ
أَمِن بَعدِ تَكفينِ النَبِيِّ وَدَفنِهِ
أَمِن بَعدِ تَكفينِ النَبِيِّ وَدَفنِهِ / بأثْوابِهِ آسى على ميِّتٍ ثَوى
رُزِئنا رَسولَ اللَهِ حَقّاً فَلَن نَرى / بِذاكَ عَديلاً ما حَيينا مِنَ الرَدى
وُكُنتَ لَنا كَالحِصنِ مِن دونِ أَهلِهِ / لَهُ مَعقَلٌ حِرزٌ حَريزٌ مِن العِدى
وَكُنا بِهِ شُمُّ الأُنوفِ بِنَجْوَةٍ / عَلى مَوضِعٍ لا يُستطاعُ وَلا يُرى
وَكُنّا بِمَرآكُم نَرى النورَ وَالهُدى / صَباحَ مَساءَ راحَ فينا أَو اِغتَدى
لَقَد غَشِيَتنا ظُلمَةٌ بِعدَ فَقدِكُم / نَهاراً وَقَد زادَت عَلى ظُلمَةِ الدُجى
فَيا خَيرَ مَن ضَمَّ الجَوانِحَ وَالحَشا / وَيا خَيرَ مَيتٍ ضَمّهُ التُربُ وَالثَرى
كَأَنَّ أُمورَ الناسِ بَعدَكَ ضُمِّنَت / سَفينَةُ مَوجٍ البَحْرِ والبَحرِ قَد طَما
وَضاقَ فَضاءُ الأَرضِ عَنّا بِرَحبِهِ / لَفَقدِ رَسولِ اللَهِ إِذ قيلَ قَد مَضى
فَقَد نَزَلَت بِالمُسلِمينَ مُصيبَةٌ / كَصَدعِ الصَفا لا صَدعٍ لِلشَعبِ في الصَفا
فَلَن يَستَقِلَّ الناسُ ما حَلَّ فيهُمُ / وَلَن يُجبَرَ العَظمُ الَّذي مِنهُمُ وَهَى
وَفي كُلِّ وَقتٍ لِلصَلاةِ يَهيجُها / بِلالٌ وَيَدعو بِاِسمِهِ كُلَّما دَعا
وَيَطلُبُ أَقوامٌ مَواريثَ هالِكٍ / وَفينا مَواريثُ النُبُوَّةِ وَالهُدى
فَيا حَزَناً أَنّا رُزينا نَبِيَّنا / عَلى حينِ تَمَّ الدينُ وَاِشتَدَّتِ القُوى
كَأنّا لأُولى شُبهَةٍ سَفرُ لَيلَةٍ / أَضَلّوا الهُدى لا نَجمَ فيها وَلا ضَوى
نَصَرنا رَسولَ اللَهِ لَمَّا تَدابَروا
نَصَرنا رَسولَ اللَهِ لَمَّا تَدابَروا / وَثابَ إِلَيهِ المُسلِمونَ ذَوو الحِجى
ضَرَبنا غُواةَ الناسِ عَنهُ تَكَرُّماً / وَلَمّا يَرَوا قَصدَ السَبيلِ وَلا الهُدى
وَلَما أَتانا بِالهُدى كانَ كُلُّنا / عَلى طاعَةِ الرَحمَنِ وَالحَقِّ وَالتُقى
حَياتُكَ أَنفاسٌ تُعَدُّ فَكُلَّما
حَياتُكَ أَنفاسٌ تُعَدُّ فَكُلَّما / مَضى نَفَسٌ منها انتَقَصْتَ بِهِ جُزءاً
وَيُحييكَ ما يُفنيكَ في كُلِّ حالَةٍ / وَيَحدوكَ حادٍ ما يُريدُ بِكَ الهُزءا
فَتُصبِحَ في نَفسٍ وَتَمشي بِغَيرِها / وَمالَكَ مِن عَقلٍ تُحِسُّ بِهِ رُزءا
فَإِن كُنتَ بِالشورى مَلَكتَ أُمورَهُم
فَإِن كُنتَ بِالشورى مَلَكتَ أُمورَهُم / فَكَيفَ بِهَذا وَالمُشيرونَ غُيَّبُ
وَإِن كُنتَ بِالقُربى حَجَجتَ خَصيمَهُم / فَغَيرُكَ أَولى بِالنَبِيِّ وَأَقرَبُ
أَلَم تَرَ قَومي إِذ دَعاهُم أَخوهُمُ
أَلَم تَرَ قَومي إِذ دَعاهُم أَخوهُمُ / أَجابوا وَإِن يَغضَب عَلى القَومِ يَغضَبوا
هُمُ حَفَظوا غَيبي كَما كُنتُ حافِظاً / لِقَومِيَ أُخرى مِثلَها إِذ تَغَيَّبوا
بَنو الحَربِ لَم تَقعُد بِهِم أُمَهاتُهُم / وَآباؤُهُم آباءُ صِدقٍ فَأَنجَبوا
لَعَمرُكَ ما الإِنسانُ إِلّا بِدينِهِ
لَعَمرُكَ ما الإِنسانُ إِلّا بِدينِهِ / فَلا تَترُكِ التَقوى اِتِّكالاً عَلى النَسَب
فَقَد رَفَعَ الإِسلامُ سَلمانَ فارِسٍ / وَقَد وَضَعَ الشِركُ الشَريفَ أَبا لَهَب
أَبا لَهَبٍ تَبَّت يَداكَ أَبا لَهَب
أَبا لَهَبٍ تَبَّت يَداكَ أَبا لَهَب / وَتَبَّت يَداها تِلكَ حَمّالَةَ الحَطَب
خَذَلتَ نَبيّاً خَيرَ مَن وَطِئَ الحَصى / فَكُنتَ كَمَن باعَ السَلامَةَ بِالعَطَب
وَخِفتَ أَبا جَهلٍ فَأَصبَحتَ تابِعاً / لَهُ وَكَذاكَ الرَأسُ يتبَعُهُ الذَنَب
فَأَصبَحَ ذاكَ الأَمرُ عاراً يُهيلُهُ / عَلَيكَ حَجيجُ البَيتِ في مَوسِمِ العَرَب
وَلَو كانَ مِن بَعضِ الأَعادي مُحَمَّدٌ / لَحامَيتَ عَنهُ بِالرِماحِ وَبِالقَضَب
وَلَم يَسلِموهُ أَو يُصَرَّعَ حَولَهُ / رِجالُ بِلاءٍ بِالحُروبِ ذَوو حَسَب
تَرَدَّ رِداءَ الصَبرِ عِندَ النَوائِبِ
تَرَدَّ رِداءَ الصَبرِ عِندَ النَوائِبِ / تَنَلْ مِن جَميلِ الصَبرِ حُسنَ العَواقِبِ
وَكُن صاحِباً لِلحِلمِ في كُلِّ مَشهَدٍ / فَما الحِلمُ إِلّا خَيرُ خِدنٍ وَصاحِبِ
وَكُن حافِظاً عَهدَ الصَديقِ وَراعِياً / تَذُق مِن كَمالِ الحِفظِ صَفوَ المَشارِبِ
وَكُن شاكِراً لِلّهِ في كُلِّ نِعمَةٍ / يَثِبكَ عَلى النُعمى جَزيلَ المَواهِبِ
وَما المَرءُ إِلّا حَيثُ يَجعَلُ نَفسَهُ / فَكُن طالِباً في الناسِ أَعلى المَراتِبِ
وَكُن طالِباً لِلرِزقِ مِن بابِ حِلَّةٍ / يُضاعَف عَلَيكَ الرِزقُ مِن كُلِّ جانِبِ
وَصُن مِنكَ ماءَ الوَجهِ لا تَبذُلَنَّهُ / وَلا تَسألِ الأَرذالَ فَضلَ الرَغائِبِ
وَكُن مُوجِباً حَقَّ الصَديقِ إِذا أَتى / إِلَيكَ بِبرٍ صادِقٍ مِنكَ واجِبِ
وُكُن حافِظاً لِلوالِدَينِ وَناصِراً / لِجارِكَ ذي التَقوى وَأَهلِ التَقارُبِ
فإِن تَسأَلَنّي كَيفَ أَنتَ فَإِنَّني
فإِن تَسأَلَنّي كَيفَ أَنتَ فَإِنَّني / صَبورٌ عَلى رَيبِ الزَمانِ صَعيبُ
حَريصٌ عَلى أَن لا تُرى بي كَآبَةٌ / فَيشمَتَ عادٍ أَو يُساءَ حَبيبُ
يُغَطّي عُيوبَ المَرءِ كَثرَةُ مالِهِ
يُغَطّي عُيوبَ المَرءِ كَثرَةُ مالِهِ / يُصَدَّقُ فيما قالَ وَهوَ كَذوبُ
وَيُزْري بِعقلِ المَرءِ قِلَّةُ مالِهِ / يُحَمِّقُهُ الأَقوامُ وَهوَ لَبيبُ
فَلَو كانَتِ الدُنيا تُنالُ بِفِطنَةٍ
فَلَو كانَتِ الدُنيا تُنالُ بِفِطنَةٍ / وَفَضلٍ وَعَقَلٍ نِلتُ أَعلى المَراتِبِ
وَلَكِنَّما الأَرزاقُ حَظٌّ وَقِسمَةٌ / بَفَضلِ مَليكٍ لا بِحيلَةِ طالِبِ
وَأَفضَلُ قَسمِ اللَهِ لِلمَرءِ عَقلُهُ
وَأَفضَلُ قَسمِ اللَهِ لِلمَرءِ عَقلُهُ / فَلَيسَ مِن الخَيراتِ شِيءٌ يُقارِبُه
إِذا أَكمَلَ الرَحمَنُ لِلمَرءِ عَقلَهُ / فَقَد كُمُلَت أَخلاقُهُ وَمآرِبُه
يَعيشُ الفَتى في الناسِ بِالعَقلِ إِنَّهُ / عَلى العَقلِ يِجري عَلمُهُ وَتَجارِبُه
يَزينُ الفَتى في الناسِ صِحَّةُ عَقلِهِ / وَإِن كانَ مَحظوراً عَلَيهِ مَكاسِبُه
يَشينُ الفَتى في الناسِ قِلَّةُ عَقلِهِ / وَإِن كَرُمَت أَعراقُهُ وَمَناسِبُه
وَمَن كانَ غَلّاباً بِعَقلٍ وَنَجدَةٍ / فَذو الجَدِّ في أَمرِ المَعيشَةِ غالِبُه
إِذا رُمتَ أَن تُعلى فَزُر مُتَواتِراً
إِذا رُمتَ أَن تُعلى فَزُر مُتَواتِراً / وَإِن شِئتَ أَن تَزدادَ حُبّاً فَزُر غِبّا
مُنادَمَةُ الإِنسانِ تَحسُنُ مَرّةً / وَإِن أَكثَروا إِدمانَها أَفسَدوا الحُبّا
وَما الدَهرُ وَالأَيّامُ إِلّا كَما تَرى
وَما الدَهرُ وَالأَيّامُ إِلّا كَما تَرى / رَزِيَّةُ مالٍ أَو فِراقُ حَبيبِ
وَإِنَّ اِمرَءاً قَد جَرَّبَ الدَهرَ لَم يَخَف / تَقَلُّبَ حالَيهِ لِغَيرِ لَبيبِ
سَتَشهَدُ لِي بِالكَرِّ وَالطَعنِ رايَةٌ
سَتَشهَدُ لِي بِالكَرِّ وَالطَعنِ رايَةٌ / حَبانِيَ بِها الطُهرُ النَبِيُّ المُهَذِّبُ
وَتَعلَمُ أَنّي في الحُروبِ إِذا اِلتَظى / بنِيرانِها اللَيثُ الهَموسُ المُرَجَّبُ
وِمثلِيَ لاقى الهَولَ في مُفظِعاتِهِ / وَفُلَّ لَهُ الجَيشُ الخَميسُ العَطَبطَبُ
وَقَد عَلِمَ الأَحياءُ أَنّي زَعيمُها / وَأَنّي لَدى الحَربِ العُذَيْقُ المُرَجَّبُ
أَبى اللَهُ إِلّا أَنَّ صِفِّينَ دارُنا
أَبى اللَهُ إِلّا أَنَّ صِفِّينَ دارُنا / وَدارُكُمُ ما لاحَ في الأُفقِ كَوكَبُ
إِلى أَن تُموتوا أَو نَموتَ وَما لَنا / وَما لَكُمُ عَن حَومَةِ الحَربِ مَهرَبُ
إِذا جادَتِ الدُنيا عَلَيكَ فَجُد بِها
إِذا جادَتِ الدُنيا عَلَيكَ فَجُد بِها / عَلى الناسِ طُرّاً إِنَّها تَتَقَلَّبُ
فَلا الجُودُ يُفنيها إِذا هِيَ أَقبَلَت / وَلا البُخلُ يُبقيها إِذا هِيَ تَذهَبُ
فَلَم أَرَ كَالدُنيا بِها اِغتَرَّ أَهلُها
فَلَم أَرَ كَالدُنيا بِها اِغتَرَّ أَهلُها / وَلا كَاليَقينِ اِستَأنَسَ الدَهرَ صاحِبُه
أَمُرُّ عَلى رَمسِ القَريبِ كَأَنَّما / أَمُرُّ عَلى رَمسِ اِمرِئٍ ماتَ صاحِبُه
فَوَاللَهِ لَولا أَنَّني كُلَّ ساعَةٍ / إِذا شِئتَ لاقَيتَ امْرَأً ماتَ صاحِبُه
إِذا ما اِعتَزَيْتَ الدَهرَ عَنهُ بِحيلَةٍ / تُجَدِّدُ حُزناً كُلَّ يَومٍ نَوادِبُهُ
تَعَلَّم فَإِنَّ اللَهَ زادَكَ بَسطَةً
تَعَلَّم فَإِنَّ اللَهَ زادَكَ بَسطَةً / وَأَخلاقَ خَيرٍ كُلُّها لَكَ لازِبُ