القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : جَواد الشَّبِيبي الكل
المجموع : 12
فخرت باَعمامي وطلت بأخوالي
فخرت باَعمامي وطلت بأخوالي / فزاحمت في الأفلاك كوكبها العالي
على أن لي نفساً عصامية لها / عقول كهول وهي في سن أطفال
وأدركت مجد السابقين بعزمتي / وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي
وسارت بمستن الكواكب همتي / وما وقفت إلا على النجم آمالي
وقلت لعين الشمس ما أنا بارح / ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي
سمت كلماتي الساحرات ذوي النهى / سمو حباب الخمر حالاً على ال
قفا أثري المريخ حين سبقته / وقد مسكت كف الثريا بأذيالي
ولو وزنوا بي يذبلا خف وزنه / وقنطاره ما قيس وزناً بمثقالي
وأقوالي الأمثال لم يك سيرها / لغايتها غلا إلى جنب أفعالي
تقدمت فيها تالياً فضل والدي / ومن عجب صرت المقدم والتالي
وفصلت فيه عقد مدحي مجملا / فأغربت في تفصيل عقدي واجمالي
سلام على آل المظفر إنهم / إذا جدَّ جد القوم في شرف آلي
عليهم تحياتي تروح وتغتدي / وفيهم وإلا لا يطيب مقالي
حننت حنين الفاقدات الثواكل
حننت حنين الفاقدات الثواكل / لذكراك والذكرى أثارت بلابلي
وطارحت في الدوخ العنادل باكياً / فأبكيت فيه ساجعات العنادل
أطالت معي إعوالها لا هديلها / فطال لدينا النوح من دون طائل
ذكرت لها فجر الفرات وطيبه / وعصراً تقضى بين تلك الخمائل
فكادت مع الألفاظ تلفظ نفسها / وتخرج من بين الكلى والحواصل
فكيف بها لو أنني ذاكر لها / مساقط ذاك الدر من سحر بابل
فطوراً ترينا منه نفحة عاطر / وطوراً يرينا منه حلية عاطل
يذيب ثمين الدر خمراً لشارب / ويسبك خير القول تبراً لآمل
فيا لك سحراً من تفنن مبدع / يحير أرباب النهى والفضائل
خليط الصبا من لا مرء متباعد / على دجلة ذات الرياحين نازل
تزاحفه أمواجه بسلاسل / وما عدّ يوماً عن غزاة السلاسل
يرى الشاطئ الأدنى فيذكر معهداً / تولى حميداً بين تلك المنازل
أراني لو استبدلت غيرك لي أخاً / لعمر العلى استبدلت حقاً بباطل
إذا أنا جاوزت الحدود من الوفا / فلا جاوزت جيدي حدود المناصل
أريجك أم نشر المسرة يعبق
أريجك أم نشر المسرة يعبق / وثغرك أم برق المنى يتألق
وريقك أم بنت العناقيد زفها / لثغري ممشوق القوام مقرطق
يشعشعها والشهب خيلت سفائنا / تكاد بلجي الغياهب تغرق
يطوف بها في روضة ظلها الندى / ودبجها من وابل السحب مغدق
بحيث غصون البان ظل هزارها / عليها يغني والغدير يصفق
وأعلام مطلول الشقيق تنكرت / غداة اليها النرجس الغض يرمق
كساها الحيا برد الربيع مسانحا / بحافاتها حرب الجآذر يحدق
منازل ريعان الشباب يحيلها / جنان هوى أكمامها تتفتق
مسارح اسراب الجآذر والدمى / بها العيش غض والصبا الطلق ريق
يغازلني فيه أغن أتيلع / بوجنته ماء الصبا يترقرق
كأن كباها بين يانع زهرها / مليك به قد حف للزهر فيلق
كأن نسيم الورد في جنباتها / حثام لطيم فضه البحر معبق
كأن غصون البان تعطفها الصبا / نشاوى طلا من منزع الكأس تغبق
كأن عيون النرجس الغض غلمة / على الغنج أهداب المحاجر تطبق
من الريم خمري الرضاب وشاحه / وقلب معناه خفوق ومقلق
هو الغصن إلا أنه غير ذابل / هو البدر إلا أنه ليس يمحق
تلفع ديجور العقاص كأنه / هلال له داجي الغدائر مشرق
ولف على غصن اللجين قوامه / مآزر حسن بالجمال تنمق
أرى جنتي أضرم فيهما / نعيمها ناراً بها القلب يحرق
واخرس حجليه أصم فلم يكن / ليسمع إلا ما به الحلي تنطق
رمت بي اليه كل أرماء جانح / من اليعملات القب تحدي وتعبق
اجاذبها فضل الزمام كأنها / ظليم به وخد المسير محلق
فواصلته والنسر للغرب جانح / وطفل الدجى من فوده شاب مفرق
وأنشدته قولي المنضد درّه / أريجك أم نشر المسرة يعبق
هو البارق العلوي ينبض عرقه
هو البارق العلوي ينبض عرقه / وتجلو لك الآثار في الأرض مزنه
وميض من الآراء لا ما تخاله / وقطر من الأقلام لا ما تظنه
وما السيف مصقول الفرند بمائج / كما ماج من عضب البصيرة متنه
إذا ملك الانسان رأياً ومزبراً / تمنع عن فتح الملمات حصنه
وكيف وعضب الرأي يبهر ضربه / وزج اليراع الصلب يبهر طعنه
ألا قطعت من زندها يد كاسل / مقيم على لهو وقد جد ظعنه
يشيد مثل الصرح جسماً على الهوى / ويهدمه من حيث يثبت ركنه
فيا راكب الخمسين والعيش مشرع / تصادم في روع من الذعر سفنه
أمالك من أمارة السوء زاجر / يسوس لك الجاش الذي لا تعنه
فهل بعد عوز الماء عن مغدر الصبا / يرنح في غض الشبيبة غصنه
أتى الشيب بالشهباء وهي كتيبة / بها حزب خطب مرهب مرجحنه
يبكيه إرجاف الظنون ومن بكى / لها حق أن لا تضحك الدهر سنه
وتسهره الآمال والفوز ضائع / عليها كما قد ضيع النوم جفنه
شرى الحسن من باع الحياة بموته / ولا ثمن إلا الملام وغبنه
هوى بجناح الطيش ينفض ريشه / وأصبح رهن الذاريات مكنه
يفاخر في تلك الرفاة دفائناً / يعز عليها أن يؤخر دفنه
إذا ما اقتفى المرء الذليل ابن نفسه / بأخلاقه فالعز أن تقبل ابنه
أرى المجد في الإنسان ثغراً يسده / ونهجاً على الذكر الجميل يسنه
جمال الفتى إحسانه وجميله / وليس جميلاً بالفتى الضرب حسنه
وليس سواء مزئر حول غيلة / وباغم سرب يشرئب أغنه
يدك ابو الأشبال هضبة قرنه / وخشف الظبا بالقهر يكسر قرنه
أحب المخلى يطلق الجد رأيه / وأبغضه والقيد باللهو سجنه
وأعشق من تصبو الفنون فؤاده / فلا فن إلا وهو بالجد فنه
وأهوى نزيفاً جامه ما يصوغه / والفاظه الصهباء والفكر دنه
جلاها سراجاً في العبوق ومثلها / توقد في قلب الدجنة ذهنه
أمنت بها خطف المخاوف انما / تخوفها من طال بالنوم أمنه
فشمر لها ذيل المجد وردعها / به خاطب العلياء يعبق ردنه
فدىً لمنير الليل في جمرة الذكا / خمود دخان الموقدين يجنه
إذا ما جرى ذكر المصافات للعلى / تراكض من خلف الترائب ظعنه
يسل كهاما من لسان وكم نبا / وفي لمس أعراض الكرام يسنه
فلم يمتلي إلا بنقص صواعه / ولم يستقم إلا على النحس وزنه
أحلته أحلام الكرى منبت المنى / فاهزله المرعى الذي فيه سمنه
هو الشعب كن مستمسكاً باخائه
هو الشعب كن مستمسكاً باخائه / وصل ببنيه وادرع بإبائه
تفيأه ظلا فالمباني وان علت / هياكلها تندك دون بنائه
تداف بماء الرفق طينة أرضه / وتزدان بالاصلاح شهب سمائه
على المبدء العالي استقام إطراده / فغايته في السعي مثل ابتدائه
امامك بيت الشعب يمم مقيله / ودع كل بيت غيره من ورائه
فلا تسرج الأفكار في غير بهوه / ولا يجذب الأبصار غير بهائه
تداركه رهن السقام على شفاً / فما قام إلا واثقاً بشفائه
ألا انظر أماني الشعب وهي خوافق / تحوم على أرجائه وفضائه
وما علة الجور العياء يزيلها / عن الأمة الزمناء مثل دوائه
وخير علاج للفتى وصف حاذق / تلقى أصول الفن عن حكمائه
رأى ان هذا السعي فرض مؤكد / عليه وهذا الوقت وقت أدائه
ويا رب محدود البصيرة فاته / أداء وأمسى عاجزاً عن قضائه
أشعب العلى صافاك شعب مجاهد / فعاطاك قبل المزج كأس صفائه
توحدتما حتى إذا ما انتمى امرؤ / لبعضكما فالكل أصل انتمائه
غدا موطن العلياء يلتف حولكم / بساسته والصيد من زعمائه
عذولك موصول فكيف انفصاله
عذولك موصول فكيف انفصاله / وصبك مفصول فكيف اتصاله
تذللت للواشي كأنك عاشق / فأصبح مقصوراً عليك دلاله
وحكمته بالروح فالأمر أمره / وهل لك يا مملوك إلا امتثاله
فلم أدر ما المحبوب من حركاته / لعاشقه أقواله أم فعاله
إذا كان ذا من فاين جميله / وإن كان ذا حسن فاين جماله
أحلته ربع المجد منك انخداعة / فثقف معوج الضلوع احتلاله
ألا أيها المخدوع ضيفك صائد / ويوشك أن تلقى عليك حباله
أحذرك السحر الذي بلسانه / وما هو إلا مكره واحتياله
أفي اليوم محبوب إليك نزوله / وبالأمس محتوم عليك نزاله
له الليث أخلى خيفة المكر غابه / ومن فرق خلى الكناس غزاله
نعيمك أضحى عنده متموجاً / وعندك أضحى بؤسه ونكاله
هلال السما ظهر الأبي مقوس / ولا عيب في قوس وأنت مثاله
لقد نبذت أوتاره خلف ظهره / وعادت اليه بعد نزع نباله
غدا الوطن المحبوب جسماً موزعاً / نوادبه أطلاله وظلاله
بمن يدفع الجلى وهذي يمينه / من الزند جذت يوم بانت شماله
بكيت على الماضي وان كان مسلمي / لحاضر وقت ليس يدري آماله
هجير من البأساء شق امتداده / وظل من النعماء عز انتقاله
ومعتقل شد الوثاق على الأبا / وسد طريق المصلحين اعتقاله
يعدل ميل المشتكين فيشتكي / ويشكر صنعا ميلها واعتداله
فلا مطلق حول المفر عنانه / ولا ضيق عند المكر مجاله
فأكبر ممنوع من الظيم نفسه / وأكبر مبذول من الشعب ماله
فيا بارق الآمال ذاب من الصدى / فؤاد على نبض البروق اتكاله
لوى وعده بالغيث خلب برقها / فحتى مَ يبقى ليه ومطاله
واضغاث أحلام بها خطر الرجا / ومرَّ بوادي النوم يسري خياله
أروح على جمر الغرام كما أغدوا
أروح على جمر الغرام كما أغدوا / فلا الدمع يطفيه ولا يسكن الوقد
وحيرني النائي وموطنه الحشا / فلا قربه قرب ولا بعدعه بعد
أحباي بالوادي المقدس أخذكم / علي طريق الصبر ليس له رد
تذكر كم قلبي فطار شراره / كأن حصاة القلب يقرعها زند
وطلق عيني غمضها فهي بعدكم / تعد الليالي والشهور وتعتد
تحبب لي نجداً عروبة أصلكم / واين من المغموس في دجلة نجد
تنسمت فيها نسمة من رياضكم / يعطرها شيح الجزيرة والرند
على ضوء هاتيك الثنايا زاهياً / اطالع صحفاً من عناوينها المجد
خطوط بأقلام الرماح مشجراً / بها النسب الوضاح والحسب العد
أعاريبنا الاقحاح ما لخيولكم / صوافن لا يخفي حوافرها طرد
مجردة منها المتون كأنما / تسام العرا تلك المسومة الجرد
إذا انبعثت من موطن العرب نزعا / فإن ميادين الطراد لها السند
أما حملت كعب رؤوس أراقم / أما نتأت في صدر مرتبء نهد
تنير مصابيح الأسنة حيهم / وتنبت في الأكناف منها القنا الملد
أشداء بأس لا تحل عقودهم / وإماهم حلوا بمعترك شدوا
أمنت اجتياز العيل يا عصب العدى / فما بقيت في الأجم من أسد أسد
وفي الرملة البيضا مضارب معشر / بها الرفد موفوى كما وفر الوفد
يلذ بعيني السهد في ذكرياتهم / كأن مذاق السهد في مقلتي شهد
ومن ظلمات الليل بحر يخيفني / فلا الجزر ينجيني ولا يعير المد
أرى ساحل الاصباح يبيض رمله / فيضربه موج الظلام ويسود
بماذا أخوض البحر والبحر هائج / ولا ساعد يقوى عليه ولا زند
أماني نفسي أجهدتني تعللا / وان التمني جهد من لا له جهد
إذا ركب الانسان صهوة حظه / تلألأ وهاجاً بغرته السعد
مهازل هذا الدهر ما شئت فالعبي / بقوم تفاني في حياتهم الجد
وكم من فراغ في الزمان وأهله / رأوه فما أسدوا جميلا ولا سدوا
من الحلق والتقصير أجلى صفاتهم / سواء شيوخ القوم والعلمه المرد
قعود عن العقبى فماذا انتظارهم / ودهم الليالي في سنيهم تعدو
فلو نزلوا من صلب قرد كما ادعوا / لأورثهم يوماً فكاهته القرد
إذا عجموا لانوا وان صعدوا هووا / أو ائتمنوا خانوا وان شيدوا هدوا
فهم يمطرون السيل ان مطر الحصى / وهم يسهرون الليل إن سهر الفهد
ومن قبل كانوا يسهرون على الطوى / فهاهم نسوا تلك المعاناة من بعد
أتوا يحملون الجهل طبق زمانهم / فصبحهم غر وعصرهم وغد
أرونا على ضوء الدجى حسناتكم / فنفعكم يخفى وضركم يبدوا
وارجح منكم في رزانته الهبا / وأسمح منكم في الندى الحجر الصلد
إذا الحر لم يستعبد الحر بالجدى / فما هو إلا في خلائقه عبد
حكمتم على عكس القضية والرجا / بعكسهما والحكم أهونه الطرد
جهود بأسلاك العصور تنظمت / فأين نراها بعد ما انفرط العقد
وعقبان رايات تخاف نسورها / إذا ركزت في الأرض آسادها اللبد
يعاهدها الطير الجديد صيانة / وليس لهذا الطير إل ولا عهد
فيا صنعة الفكر التي من رفيفها / تضارب هذا الأفق واضطرب الوهد
تبيضين آجالاً إذا مست الربى / تميد لها الشم الرعان وتنهد
تهز اصول الدوح وهي ثوابت / فتذوي الفروع الباسقات وتنقد
أتيت بعصر النور فاحترق الرجا / وعاد رماداً في خمائله الورد
يقولون هذي الحرب قد شبها الهوى / فقلت كذبتم إنما شبها الحقد
قضيتم على تلك المواريث ساقها / لهم والدبر وذو جدة جد
فلا صاهل إلا تشكى رباطه / ولا صارم إلا وغص به الغمد
يسائلني عن موطن العدل جائر / ويعلم أن العدل موطنه اللحد
على يده أدلاه بالحفرة التي / تبلج فيها الحق وابتسم الرشد
ويسألني عن كنز دري مخاتل / وفي يده مما احتفظت به عقد
لو انبسطت كفي على قدر حقها / أقمت عليه الحد لو أمكن الحد
قصيد حبيب يممته خواطر / فضاع عليها في مسالكها القصد
ونسج ابن برد في القوافي مهلهل / طوته الليالي مثلما طوي البرد
ولولا جمال العصر ساحر بابل / لما ضاع في الأرجاء من حكم ند
تقاسمها في الدو والدوح ألسن / فمرتجز يحدو وصيداحة تشدو
له المقول المصقول ديباج لفظه / إذا المحفل المأهول أصغى به الحشد
إذا انبعثت منه المسائل لم يقف / أمام المجاري من أدلته سد
تمخضت الدنيا فكان نتيجة / بها المنبر المثلوم يهتز لا المهد
وفي الأرض أعلام من الناس والربى / وأشهرهم ذكراً بها العلم الفرد
وأصبحت أولاهم بفصل خطابهم / وأولهم بالفضل إن ذكر العد
وما عقدوا أمراً وأنت تحله / وما حاولوا حلا وفي يدك العقد
يد لك لم يكفر بها الروض ميتاً / فأني وقد أحياه نائلك الجعد
ومرهف فكر أتقن اللَه طبعه / فما سل إلا فل ما تطبع الهند
عليّ لأيام الصبا عهد واثق / بأن المواضي لا يذم لها عهد
مضت كأراجيز الربيع ندية / يشيع في لذاتها عيشها الرغد
تكتمت لولا أن دمعي فاضحي
تكتمت لولا أن دمعي فاضحي / واعرضت لولا ما تجن جوانحي
وقلت لداعي الحب سمعاً وطاعة / فعن موقفي في العشق لست ببارح
وما أنا ممن يضعف الشيب نفسه / وان أصبحت تبيض سود مسابحي
أحسن فما رعد السحاب بمرجف / وأبكي فما دمع الرباب بسافح
يطارحني في الدوح من ليس قلبه / كقلبي ولا أوكاره كمطارحي
علوت صياصي العز وهي فوارع / ودانيت أبراج النجوم اللوامح
إذا كان كل المجد بعض مطامعي / فنيل الثريا من أقل مطامحي
وظن سماك الشهب أني أعزل / وكم أعزل يقوى على طعن رامح
عبرت له نهر المجرة ضارباً / لأسنمة الأمواج في يد سابح
تلاحظني في ضفتيه نجومه / فهل كنت في الأفلاك أول سابح
كأني من تحت النيازل حاسر / تهاوت عليه بارقات الصفايح
من السعد لو نصل الهلال يريحني / فأصبح مذبوحاً لأشرف ذابح
فكن يا ضراح الشهب موضع حفرتي / فما في ثرانا موضع للضرائح
تجاور فينا الجائرون وأسسوا / بهذا الفضا احدوثة من فضايح
قرون حديد أطلعوا من سقوفها / وقالوا لها هذي السماء فناطح
أما كان في فرعون يا قوم عبرة / تذكركم في كارثات الجوائح
فيا مصلحيها بالفساد أقمتم / من الظلم سداً في طريق المصالح
وما كفتا ميزانكم لتعادل / إذا اغتصب المرجوح كفة راجح
ربحتم بسوق الدهر يا باعة العلى / ومن خسر العلياء ليس برابح
ويابنه أحلى الطير طوقا وبزةً / وآلفها للمغرس المتفاوح
تورّين أم تورين نار صبابتي / تراكم هذا الشك فيك فصارحي
متى تحمل الآمال وهي عقائم / وتمشي بها الأيام مشي اللواقح
ويعدل هذا الدهر ما بين أهله / ويفرق فيه بين غر وقارح
ويمسي سواءً في النعيم وفي الشقا / أبو جوسق وابن الصحاري الصحاصح
فهذا يحييه النسيم بنافح / وذلك يشويه السموم بلافح
يحركني من ليس يدرك غايتي / ولم يدر ما تصبو إليه جوارحي
إلى سكن مما يخال وظيفة / البها انتهت آمال غاد ورائح
فقلت له هيهات أثلم عزتي / وانسفها بالقارعات الفوادح
وتأبى طباع الأعزب الحر غادة / يراودها عن نفسها ألف ناكح
وما العيش إلا تحت عيني باغم / فقد سئمت اذ ناي تغريد صادخ
فلا دام يا أهل المقاصير ظلكم / إذا دام تحت الشمس أهل البطايح
ولا طوت الدنيا بكم عمر ساعة / طيوركم بعد النياق الطلايح
عداك اذا كفوا الأذى عنك كافهم / وأما أبو إلا الكفاح فكافح
وإن لم تصافعهم لضعفك عنهم / وأعوزك الباع الطويل فصافح
واخمد شرار الحقد إن كنت مصلحاً / فكم أحرقت شعباً شرارة قادح
فان سراباً حين ذيدت عن الروا / مشت فوق بحر من دم الشوس طافح
رجاؤك يعلو للسحاب وتارة / يرود الروا عند العيون النواضح
ومن كان من ضر السحابة ريه / يشق عليه الحوم حول الضحاضح
أمر كريما بالمآسد رابطاً / بها الجأش شأني باجتياز المنابح
وامنع نفسي عن مقاذعة العدى / وارتق اذني دون كذب المدائح
قرأنا على الأيام أهوالها درساً
قرأنا على الأيام أهوالها درساً / ومن قبل هذا الدرس نعرفها حدسا
إذا نحن قلنا أصبح الكون هادئاً / تضارب مهتزاً واضحى كما أمسى
شعوب أحست بالدخان وخلفه / مقاييس لا تبقي شعوراً ولا حسا
فلم تدر من أي النواحي ينالها / فهل هو من نار المطار أو المرسى
دخان أثارته القذائف من عل / فلم يرمن في الأرض بدراً ولا شمسا
إذا أرعدت فوق الفيالق بادروا / يلفون تحت الرعد ألوية نكسا
فسل خوذ الفولاذ أين أضاعها / ذووها واين استودعوا القوس والترسا
وسل وائلاً أين استقل كليبها / وعنترة سل عنه اخوته عبسا
وعن منطق الطير الجديد هديرها / علا فأخاف الجن في الأرض والانسا
يحدثهم في الغرب والشرق مطرق / ولم يحو كالإنسان روحاً ولا نفسا
فيجهر بالأنباء حيناً وتارة / يسر إلى الآذان انباءه همسا
يراقبها الجمهور حتى كأنما / يراعي لنجواها فرائضه الخمسا
إذا زاولت فصحى اللغات فقل أنت / بما يعجز المنطيق ناطقة خرسا
وما اضطربت في نطقها أو تلكنت / فصاحتها إلا إذا اضطربت طقسا
فقل للألى داسوا مفارق غيرهم / غروراً بأوهام الحظوظ ألا تعسا
أرى أمم الدنيا تخالف أمرها / فمكسوة تعرى وعارية تكسى
وغالبة طابت حياة ونعمة / ومغلوبة عاشت بشقوتها بؤسا
فما أطلع الاقبال سعداً موقتا / على جبهة إلا وأبدله نحسا
ولم أر كالقوم الذين غرستهم / بعيني فما طابوا لإنسانها غرسا
تخيرتهم شيحا فكانوا صريمة / إذا وسنت عيني تؤلمها نخسا
تفاقمت الحرب الضروس فلم تدع / نوائبها نابا لشعب ولا ضرسا
تباعدت عن ريحان ريحك والعصف
تباعدت عن ريحان ريحك والعصف / وأعرضت يا لمياء عن نفحة العرف
توسطت أزهار الربيع جديبة / وكيف يكون الجدب في الكلأ الوحف
خيال الكرى ما مر منك بمقلة / فرحت من الأشجان مطروفة الطرف
سهرت وغلمان الحدائق نوم / أهم حرس الأزهار أم فتية الكهف
وجاورت هاتيك القصور شواهقاً / بدار بلا بهو وبيت بلا سقف
طوى السائح المقتص صفحة ذكرها / وأصبح مكسوراً لها قلم الصحفي
ومر عليها الشاعر الفحل مطرقا / كأن لم يكن في شعره بارع الوصف
أجارة هذا القصر نوحك مزعج / لآنسة فيه أكبت على العزف
أدرت الرحى في الليل يقلق صوتها / وجارتك الحسناء تنقر بالدف
تطوف عليها بالكؤوس نواصعاً / كواعب أتراب طبعن على اللطف
يرشفنها ما ساغ بالكأس شربة / وشربك من ضخ وكأسك من كف
لو اسطاع هذا الصرح شح بظله / على بيتك العاري عن الستر والسجف
إلى أين يعلو في القرون حديده / أهل بات في أمن من الهد والنسف
يحاول نطح الكبش وهو ببرجه / ويذهل عما راع قارون بالخسف
ألا قتل الانسان ماذا يريده / وقد جاز حد المسرفين أما يكفي
أبى أن يساوي نوعه في شؤونه / فجار على صنف ورّق على صنف
وعالج لا عن حكمة ضعف نفسه / متى عولج الضعف المبرح بالضعف
فيا بنت من حي الركائب والدجى / على صهوات الحي منسدل السدف
ومن نبه الجزار من سنة الكرى / لينحرها غير المسنات والعجف
سمعت الأغاني فاسنمالك لحنها / وملت وحاشا للخلاعة والقصف
نشدتك ما أحلى من غير حلية / فجيد بلا طوق واذن بلا شنف
إذا طرق الجاني عريشك لابساً / فضاضة وجه قد من جلدة العسف
أيرجع في خفي حنين كما أتى / بغير جنان أم تراجع في خف
ترومين منه العطف أني ولم نكن / سمعنا لصماء الحجارة من عطف
تنسمت نشر الورد وهو لأهله / ومالك منه غير شمك بالأنف
ولو علموا أن النسيم يسوقه / لساقوكم يا أبرياء إلى العرفي
متى نبلغ الغايات سعياً بأرجل / تعامت خطاها عن مقاومة الرسف
إذا ما قطعنا للإمام فراسخاً / نرد مسافات من الخلف للخلف
وقفنا نرى ما لا يصح ارتكابه / وليس لنا أمر فنثبت أو ننفي
نرى يا مريض القلب منك ابن علة / يعالجها جهلاً بمشمولة صرف
وتختار موبوء المواطن للشفا / ومن ذا الذي في موطن الداء يستشفي
ومن فرّ في لذاته عن بلاده / كمن فر عن طيب الحياة إلى الحتف
سواء فرار المرء في شهواته / إلى حيث يردي أو فرار من الزحف
فمن لك يا هذي البلاد بمصلح / يقول لأيدي العابثين ألا كفي
ويجعلهم صفاً لرأي وراية / فإن خالفوه يضرب الصف بالصف
أداجية العينين ليلك مظلم
أداجية العينين ليلك مظلم / وطيفك نمام وقومك نوم
تبيتين لا حول الطراف مذاود / ولا سامر في ندوة الحي منهم
أما ارتعت من موج الدجى وكأنه / وقد زاحف الاقطار جيش عرمرم
أتت زنجه والصبح عبء رومه / فقل أشهب لاقاه في الروع أدهم
إذا اصطدما حول المخيم أفزعا / أوانس مزدانا بهن المخيم
ألا لا تراعي يا بنة القوم واعزمي / على الجلد الموروث فالحزم أحزم
مضارب لا ينفك في عرصاتها / يكاتف فيها مسرج المهر ملجم
عقيلة هذا الحي لو زار ما قضى / أمانيه منك الخيال المسلم
يحوطك خدر بالحفاظ مسردق / كأن الخبا كنز عليك مطلسم
ذكرت ليالي المواضي نواعماً / فأيقنت ان الدهر بؤس وانعم
هل الشفق المكتوم تحت ردائها / إذا طالعته العين ورد مكمم
وكم ليلة منها جلا الدهر غادة / على جيدها عقد الثريا منظم
جرى البدر في بحر الدجى وهو راكد / وشهب الدراري طافيات وعوم
وقد حارت الشعرى فبحر أمامها / يموج ونهر للمجرة مفعم
وحامت على الليل النجوم كأنها / من الطير أسراب على اللج حوم
يعانق منها ذابح نحو رامح / كما اعتنقا يوم سنان ومخذم
كتائب شهب لا تزال جيادها / تكر بميدان السماء وتهزم
محجلها ساوى الأغر فلا يرى / بموكبها إلا الأغر المسوم
فداً لك يا خيل النجوم جواريا / كريم الذاكي والأقب المطهم
تغيرين لا الأرواح تسلب قسوة / ولا المال مغصوب ولا الحق مهظم
ولا حنّ من رعب يتيم ولم تبت / مروعة تبكي فتاة وأيم
مغاران هذا عابس متجهم / عجاجا وهذا ضاحك متبسم
ففي الموكب الأعلى صلاح ومغنم / وفي الموكب الأدنى صياح ومغرم
وفوق السحاب الجون سرب حمائم / قذائفها فوق الربى تترنم
قذائف أما صفحها فمنازع / عليا وأما بطشها فمسلم
فكم بيتت قصراً مشيداً بأهله / فأصبح منها وهو للقاع مسنم
كسرب من العقبان أضحى دليلها / يقحمها النهج الذي ليس يقحم
إلى عالم ما فيه وكر لطائر / ولا حافر يخطو اليه ومنسم
شياطينها حارت فلم تدر أنها / من الأرض ترمي أم من الشهب ترجم
لقد هاجمت من جهلها جبهة السما / كأن أعاديها بدور وأنجم
وفي البلد الأقصى نفوس صحيحة / تعز علينا أنها تتألم
يؤرقها فوق الأداهم معرق / ويقلقها تحت المظالم مشئم
بكتها بذوب القلب أعين مصرها / وناح عليها نيلها والمقطم
متى يصلح المحتج عنه مدافعاً / وفي قبضة الخصم الغلاصم والفم
فيا جائراً عن غيه ليس يرعوي / ويا ظالماً من غيره يتظلم
تروم مصافاتي وسهمك قاتلي / متى اصطفيا يوماً سليم وارقم
سل العربي المحض أين مناخه / ومثواه في الأرض الفضاء مسهم
سرى موبؤ الداء الدفين بسهلها / فأرغمها والأرض كالناس ترغم
وكيف شفاها والمجرب خائف / يلجلج وصفا والطبيب مسقم
يعلل معتل البلاد بشهده / وهل ينفع التعليل والشهد علقم
غدا الخبط في تلك الموارد سارياً / فلا منجد منها يصافيه متهم
غدت لا غدت في القوم نهبا ومغنما / فلله نهب ما أعز ومغنم
لأن سرنا منها مشارع مورث / فقد ساءنا منها تراث مقسم
إذا حاججت أرض بنيها فانكم / أعق بني أم عليها وأظلم
تخالفتم في أمرها وتوافقت / عليها قلوب لا ترّق وترحم
فيا ليت شعري من يؤاخذ غيركم / على الجرم والجانون للذنب أنتم
صَبا لسنا برق الحمى المتألق
صَبا لسنا برق الحمى المتألق / بقلب متى يلمح له البرق يخفق
مشوق اذا اعتلّ المهبّ صحاله / وقابل ريّاه العبيق بمنشق
يحنُّ الى برق العذيب فؤآده / ويصبو لعبَّاق الصبا المترقرق
احباي بين السرحتين سقاكمُ / حياكلّ عرَّاص الشآبيب مغدق
نأيتم فلا وردي بصاف مذاقه / ورّيق عيشي بعدكم غير ريّق
وحطتم ظباكم في ظبا المقل التي / مضت فنباعنها غرار المذلق
ومستم بخرصان الوشيج قدودكم / فمزقتم الاكباد كل ممزق
رحلتم ولي في الركب عابق ريطه / يميل بغصنٍ بالشبيبة مورق
تلاعبه كف الدلال فينثني / تثني نشوان السلاف المعتق
من العرب خفاق الوشاح كأنَّما / توشحه كفُّ الصبا قلب شيق
تدفق مآء الحسن في وجناته / ومن خاله ماج الجمال بزورق
خليلي مالي وابن حالية الصبا / يضن بسلسال الرضاب المروَّق
اعاطيه كأس الوصل صافية الطلى / ويمنحني كأس الصدود المرّنق
اميلا رقاب العيس عن سرحة الحمى / وسوفا شذا نشر النسيم المخفق
حيث الاقاح الغض تصقله الصبا / وتعبث زهواً بالغدير المصفق
وحيث الحيا اهدى الى الروض وبله / غلالة نورٍ كالردآء المنمق
كأن الشقيق الرطب بين ربيعه المندى / مليك حف منه بفيلق
به افترَّ ثغر الاقحوان تبسما / وقال لاكباد الشقيق تشققي
وقد سحب الريحان فضل ذؤابة / يفوح شذاها باللطيم المعبَّق
سقاه الحيا من مربع كاس نشوتي / به ثغر ساقٍ بالهلال مطوق
لموع ثنايا الثغر لولا ابتسامه / لما ابتسم الشيب اللموع بمفرقي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025