المجموع : 25
وَخَرقٍ كَأَنضاءِ القَميصِ دَوِيَّةٍ
وَخَرقٍ كَأَنضاءِ القَميصِ دَوِيَّةٍ / مَخوفٍ رَداهُ ما يُقيمُ بِهِ رَكبُ
قَطَعتَ بِمِجذامِ الرَواحِ كَأَنَّها / إِذا حُطَّ عَنها كورُها جَمَلٌ صَعبُ
يُعاتِبُها في بَعضِ ما أَذنَبَت لَهُ / فَيَضرِبُها حيناً وَلَيسَ لَها ذَنبُ
وَقَد جَعَلَت في نَفسِها أَن تَخافَهُ / وَلَيسَ لَها مِنهُ سَلامٌ وَلا حَربُ
فَطِرتَ بِها حَتّى إِذا اِشتَدَّ ظِمؤُها / وَحُبَّ إِلى القَومِ الإِناخَةُ وَالشُربُ
أَنَختَ إِلى مَظلومَةٍ غَيرِ مَسكِنٍ / حَوامِلُها عوجٌ وَأَفنانُها رَطبُ
فَناطَ إِلَيها سَيفَهُ وَرِدائَهُ / وَجاءَ إِلى أَفياءِ ما عَلَّقَ الرَكبُ
فَأَغفى قَليلاً ثُمَّ طارَ بِرَحلِها / لِيَكسَبَ مَجداً أَو يَحورَ لَها نَهبُ
فَثارَت تُباري أَعوَجِيّاً مُصَدَّراً / طَويلَ عِذارِ الخَدِّ جُؤجُؤُهُ رَحبُ
تَقولُ نِساءٌ شِبتِ مِن غَيرِ كَبرَةٍ
تَقولُ نِساءٌ شِبتِ مِن غَيرِ كَبرَةٍ / وَأَيسَرُ مِمّا قَد لَقيتُ يُشيبُ
أَقولُ أَبا حَسّانَ لا العَيشُ طَيِّبٌ / وَكَيفَ وَقَد أُفرِدتُ مِنكَ يَطيبُ
فَتى السِنِّ كَهلُ الحِلمِ لا مُتَسَرِّعٌ / وَلا جامِدٌ جَعدُ اليَدَينِ جَديبُ
أَخو الفَضلِ لا باغٍ عَلَيهِ لِفَضلِهِ / وَلا هُوَ خَرقٌ في الوُجوهِ قَطوبُ
إِذا ذَكَرَ الناسُ السَماحَ مِنِ اِمرِئٍ / وَأَكرَمَ أَو قالَ الصَوابَ خَطيبُ
ذَكَرتُكَ فَاِستَعبَرتُ وَالصَدرُ كاظِمٌ / عَلى غُصَّةٍ مِنها الفُؤادُ يَذوبُ
لَعَمري لَقَد أَوهَيتَ قَلبي عَنِ العَزا / وَطَأطَأتَ رَأسي وَالفُؤادُ كَئيبُ
لَقَد قُصِمَت مِنّي قَناةٌ صَليبَةٌ / وَيُقصَمُ عودُ النَبعِ وَهُوَ صَليبُ
أَعَينِ أَلا فَاِبكي لِصَخرٍ بِدَرَّةٍ
أَعَينِ أَلا فَاِبكي لِصَخرٍ بِدَرَّةٍ / إِذا الخَيلُ مِن طولِ الوَجيفِ اِقشَعَرَّتِ
إِذا زَجَروها في الصَريخِ وَطابَقَت / طِباقَ كِلابٍ في الهِراشِ وَهَرَّتِ
شَدَدتَ عِصابَ الحَربِ إِذ هِيَ مانِعٌ / فَأَلقَت بِرِجلَيها مَرِيّاً فَدَرَّتِ
وَكانَت إِذا ما رامَها قَبلُ حالِبٌ / تَقَتهُ بِإيزاغٍ دَماً وَاِقمَطَرَّتِ
وَكانَ أَبو حَسّانَ صَخرٌ أَصابَها / فَأَرغَثَها بِالرُمحِ حَتّى أَقَرَّتِ
كَراهِيَّةٌ وَالصَبرُ مِنكَ سَجِيَّةٌ / إِذا ما رَحى الحَربِ العَوانِ اِستَدَرَّتِ
أَقاموا جَنابَي رَأسِها وَتَرافَدوا / عَلى صَعبِها يَومَ الوَغى فَاِسبَطَرَّتِ
عَوانٌ ضَروسٌ ما يُنادى وَليدُها / تَلَقَّحُ بِالمُرّانِ حَتّى اِستَمَرَّتِ
حَلَفتَ عَلى أَهلِ اللِواءِ لَيوضَعَن / فَما أَحنَثَتكَ الخَيلُ حَتّى أَبَرَّتِ
وَخَيلٌ تُنادى لا هَوادَةَ بَينَها / مَرَرتَ لَها دونَ السَوامِ وَمُرَّتِ
كَأَنَّ مُدِلّاً مِن أُسودٍ تَبالَةٍ / يَكونُ لَها حَيثُ اِستَدارَت وَكَرَّتِ
لَهفي عَلى صَخرٍ فَإِنّي أَرى لَهُ
لَهفي عَلى صَخرٍ فَإِنّي أَرى لَهُ / نَوافِلَ مِن مَعروفِهِ قَد تَوَلَّتِ
وَلَهفي عَلى صَخرٍ لَقَد كانَ عِصمَةً / لِمَولاهُ إِن نَعلٌ بِمَولاهُ زَلَّتِ
يَعودُ عَلى مَولاهُ مِنهُ بِرَأفَةٍ / إِذا ما المَوالي مِن أَخيها تَخَلَّتِ
وَكُنتَ إِذا كَفٌّ أَتَتكَ عَديمَةً / تُرَجّي نَوالاً مِن سَحابِكَ بُلَّتِ
وَمُختَنِقٍ راخى اِبنُ عَمروٍ خِناقَهُ / وَغُمَّتَهُ عَن وَجهِهِ فَتَجَلَّتِ
وَظاعِنَةٍ في الحَيِّ لَولا عَطاؤُهُ / غَداةَ غَدٍ مِن أَهلِها ما اِستَقَلَّتِ
وَكُنتَ لَنا عَيشاً وَظِلَّ رَبابَةٍ / إِذا نَحنُ شِئنا بِالنَوالِ اِستَهَلَّتِ
فَتىً كانَ ذا حِلمٍ أَصيلٍ وَتُؤدَةٍ / إِذا ما الحُبى مِن طائِفِ الجَهلِ حُلَّتِ
وَما كَرَّ إِلّا كانَ أَوَّلَ طاعِنٍ / وَلا أَبصَرَتهُ الخَيلُ إِلّا اِقشَعَرَّتِ
فَيُدرِكُ ثَأراً ثُمَّ لَم يُخطِهِ الغِنى / فَمِثلُ أَخي يَوماً بِهِ العَينُ قَرَّتِ
فَإِن طَلَبوا وِتراً بَدا بِتِراتِهِم / وَيَصبِرُ يَحميهِم إِذا الخَيلُ وَلَّتِ
فَلَستُ أَرَزّا بَعدَهُ بِرَزِيَّةٍ / فَأَذكُرَهُ إِلّا سَلَت وَتَجَلَّتِ
ذَري عَنكِ أَقوالَ الضَلالِ كَفى بِنا
ذَري عَنكِ أَقوالَ الضَلالِ كَفى بِنا / لِكَبشِ الوَغى في اليَومِ وَالأَمسِ ناطِحا
فَخالِدُ أَولى بِالتَعَذُّرِ مِنكُمُ / غَداةَ عَلا نَهجاً مِنَ الحَقِّ واضِحا
عَلَيكُم بِإِذنِ اللَهِ يُزجي مُصَمِّماً / سَوانِحَ لا تَكبو لَها وَبَوارِحا
نَعَوا مالِكاً بِالتاجِ لَمّا هَبَطنَهُ / عَوابِسَ في هابي الغُبارِ كَوالِحا
فَإِن تَكُ قَد أَبكَتكَ سَلمى بِمالِكٍ / تَرَكنا عَلَيهِ نائِحاتٍ وَنائِحا
جَرى لِيَ طَيرٌ في حِمامٍ حَذِرتُهُ
جَرى لِيَ طَيرٌ في حِمامٍ حَذِرتُهُ / عَلَيكَ اِبنَ عَمروٍ مِن سَنيحٍ وَبارِحِ
فَلَم يُنجِ صَخراً ما حَذِرتُ وَغالَهُ / مَواقِعُ غادٍ لِلمَنونِ وَرائِحِ
رَهينَةُ رَمسٍ قَد تَجُرُّ ذُيولُها / عَلَيهِ سَوافي الرامِساتِ البَوارِحِ
فَيا عَينِ بَكّي لِاِمرِئٍ طارَ ذِكرُهُ / لَهُ تَبكِ عَينُ الراكِضاتِ السَوابِحِ
وَكُلُّ طَويلِ المَتنِ أَسمَرَ ذابِلٍ / وَكُلُّ عَتيقٍ في جِيادِ الصَفائِحِ
وَكُلُّ دِلاصٍ كَالأَضاةِ مُذالَةً / وَكُلُّ جَوادٍ بَيِّنِ العِتقِ قارِحِ
وَكُلُّ ذَمولٍ كَالفَنيقِ شِمِلَّةٍ / وَكُلُّ سَريعٍ آخِرِ اللَيلِ آزِحِ
وَلِلجارِ يَوماً إِن دَعا لِمَضيفَةٍ / دَعا مُستَغيثاً أَوَّلاً بِالجَوايِحِ
أَخو الحَزمِ في الهَيجاءِ وَالعَزمِ في الَّتي / لِوَقعَتِها يَسوَدُّ بيضُ المَسايِحِ
حَسيبٌ لَبيبٌ مُتلِفٌ ما أَفادَهُ / مُبيحُ تِلادِ المُستَغِشِّ المُكاشِحِ
لا شَيءَ يَبقى غَيرُ وَجهِ مَليكِنا
لا شَيءَ يَبقى غَيرُ وَجهِ مَليكِنا / وَلَستُ أَرى شَيئاً عَلى الدَهرِ خالِدا
أَلا إِنَّ يَومَ اِبنِ الشَريدِ وَرَهطِهِ / أَبادَ جِفاناً وَالقُدورَ الرَواكِدا
هُمُ يَملَأونَ لِليَتيمِ إِناءَهُ / وَهُم يُنجِزونَ لِلخَليلِ المُواعِدا
أَلا أَبلِغا عَنّي سُلَيماً وَعامِراً / وَمَن كانَ مِن عُليا هَوازِنَ شاهِدا
بِأَنَّ بَني ذُبيانَ قَد أَرصَدوا لَكُم / إِذا ما تَلاقَيتُم بِأَن لا تَعاوُدا
فَلا يَقرَبَنَّ الأَرضَ إِلّا مُسارِقٌ / يَخافُ خَميساً مَطلَعَ الشَمسِ حارِدا
عَلى كُلِّ جَرداءِ النُسالَةِ ضامِرٍ / بِآخِرِ لَيلٍ ما ضُفِزنَ الحَدائِدا
فَقَد زاحَ عَنّا اللَومُ إِذ تَرَكوا لَنا / أَروماً فَآراماً فَماءً بِوارِدا
وَنَحنُ قَتَلنا هاشِماً وَاِبنَ أُختِهِ / وَلا صُلحَ حَتّى نَستَقيدَ الخَرائِدا
فَقَد جَرَتِ العاداتُ أَنّا لَدى الوَغى / سَنَظفَرُ وَالإِنسانُ يَبغي الفَوائِدا
أُبَكِّ أَبي عَمراً بِعَينٍ غَزيرَةٍ
أُبَكِّ أَبي عَمراً بِعَينٍ غَزيرَةٍ / قَليلٍ إِذا نامَ الخَلِيُّ هُجودُها
وَصِنوَيَّ لا أَنسى مُعاوِيَةَ الَّذي / لَهُ مِن سَراةِ الحَرَّتَينِ وُفودُها
وَصَخراً وَمَن ذا مِثلُ صَخرٍ إِذا غَدا / بِساحَتِهِ الأَبطالُ قَزمٌ يَقودُها
فَذَلِكَ يا هِندُ الرَزِيَّةُ فَاِعلَمي / وَنيرانُ حَربٍ حينَ شُبَّ وَقودُها
أَعَينَيَّ هَلّا تَبكِيانِ عَلى صَخرِ
أَعَينَيَّ هَلّا تَبكِيانِ عَلى صَخرِ / بِدَمعٍ حَثيثٍ لا بَكيءٍ وَلا نَزرِ
وَتَستَفرِغانِ الدَمعَ أَو تَذرِيانِهِ / عَلى ذي النَدى وَالجودِ وَالسَيِّدِ الغَمرِ
فَما لَكُما عَن ذي يَمينَينِ فَاِبكِيا / عَلَيهِ مَعَ الباكي المُسَلَّبِ مِن صَبرِ
كَأَن لَم يَقُل أَهلاً لِطالِبِ حاجَةٍ / وَكانَ بَليجَ الوَجهِ مُنشَرِحَ الصَدرِ
وَلَم يَغدُ في خَيلٍ مُجَنَّبَةِ القَنا / لِيُروِيَ أَطرافَ الرُدَينيَّةِ السُمرِ
فَشَأنُ المَنايا إِذ أَصابَكَ رَيبُها / لِتَغدو عَلى الفِتيانِ بَعدَكَ أَو تَسري
فَمَن يَضمَنُ المَعروفَ في صُلبِ مالِهِ / ضَمانَكَ أَو يَقري الضُيوفَ كَما تَقري
وَمَبثوثَةٍ مِثلَ الجَرادِ وَزَعتَها / لَها زَجَلٌ يَملا القُلوبَ مِنَ الذُعرِ
صَبَحتَهُمُ بِالخَيلِ تَردي كَأَنَّها / جَرادٌ زَفَتهُ ريحُ نَجدٍ إِلى البَحرِ
وَكائِن قَرَنتَ الحَقَّ مِن ثَوبِ صَفوَةٍ / وَمِن سابِحٍ طِرفٍ وَمِن كاعِبٍ بِكرِ
وَقائِلَةٍ وَالنَعشُ قَد فاتَ خَطوَها / لِتُدرِكَهُ يا لَهفَ نَفسي عَلى صَخرِ
أَلا ثَكَلَت أُمُّ الَّذينَ مَشَوا بِهِ / إِلى القَبرِ ماذا يَحمِلونَ إِلى القَبرِ
وَماذا يُواري القَبرُ تَحتَ تُرابِهِ / مِنَ الخَيرِ يا بُؤسَ الحَوادِثِ وَالدَهرِ
وَمِ الحَزمِ في العَزّاءِ وَالجودِ وَالنَدى / غَداةَ يُرى حِلفَ اليَسارَةِ وَالعُسرِ
لَقَد كانَ في كُلِّ الأُمورِ مُهَذَّباً / جَليلَ الأَيادي لا يُنَهنَهُ بِالزَجرِ
وَإِن تَلقَهُ في الشَربِ لا تَلقَ فاحِشاً / وَلا ناكِثاً عَقدَ السَرائِرِ وَالصَبرِ
فَلا يُبعِدَن قَبرٌ تَضَمَّنَ شَخصَهُ / وَجادَ عَلَيهِ كُلُّ واكِفَةِ القَطرِ
كَأَنَّ اِبنَ عَمروٍ لَم يُصَبَّح لِغارَةٍ
كَأَنَّ اِبنَ عَمروٍ لَم يُصَبَّح لِغارَةٍ / بِخَيلٍ وَلَم يُعمِل نَجائِبَ ضُمَّرا
وَلَم يُجزِ إِخوانَ الصَفاءِ وَيَكتَسي / عَجاجاً أَثارَتهُ السَنابِكُ أَكدَرا
وَلَم يَبنِ في حَرِّ الهَواجِرِ مَرَّةً / لِفِتيَتِهِ ظِلّاً رِداءً مُحَبَّرا
فَبَكّوا عَلى صَخرِ بنِ عَمروٍ فَإِنَّهُ / يَسيرٌ إِذا ما الدَهرُ بِالناسِ أَعسَرا
يَجودُ وَيَحلو حينَ يُطلَبُ خَيرُهُ / وَمُرّاً إِذا يَبغي المَرارَةَ مُمقِرا
فَخَنساءُ تَبكي في الظَلامِ حَزينَةً / وَتَدعو أَخاها لا يُجيبُ مُعَفَّرا
أَعَينَيَّ جودا بِالدُموعِ عَلى صَخرِ
أَعَينَيَّ جودا بِالدُموعِ عَلى صَخرِ / عَلى البَطَلِ المِقدامِ وَالسَيِّدِ الغَمرِ
لِيَبكِ عَلَيهِ مِن سُلَيمٍ جَماعَةٌ / فَقَد كانَ بَسّاماً وَمُحتَضَرَ القِدرِ
أَلا اِبكي عَلى صَخرٍ وَصَخرٌ ثِمالُنا
أَلا اِبكي عَلى صَخرٍ وَصَخرٌ ثِمالُنا / إِذا الحَربُ هَرَّت وَاِستَمَرَّ مَريرُها
أَقامَ جَناحَي رَبعِها وَتَرافَدوا / عَلى صَعبِها حَتّى اِستَقامَ عَسيرُها
بِبارِقَةٍ لِلمَوتِ فيها عَجاجَةٌ / مَناكِبُها مَسمومَةٌ وَنُحورُها
أَهَلَّ بِها وَكفُ الدِماءِ وَرَعدُها / هَماهِمُ أَبطالٍ قَليلٌ فُتورُها
فَصَخرٌ لَدَيها مِدرَهُ الحَربِ كُلَّها / وَصَخرٌ إِذا خانَ الرِجالُ يُطيرُها
مِنَ الهَضبَةِ العُليا الَّتي لَيسَ كَالصَفا / صَفاها وَما إِن كَالصُخورِ صُخورُها
لَها شَرَفاتٌ لا تُنالُ وَمَنكِبٌ / مَنيعُ الذَرى عالٍ عَلى مَن يُثيرُها
لَهُ بَسطَتا مَجدٍ فَكَفٌّ مُفيدَةٌ / وَأُخرى بِأَطرافِ القَناةِ شُقورُها
مَنِ الحَربُ رَبَّتهُ فَلَيسَ بِسائِمٍ / إِذا مَلَّ عَنها ذاتَ يَومٍ ضَجورُها
إِذا ما اِقمَطَرَّت لِلمَغارِ وَأَيقَنَت / بِهِ عَن حِيالٍ مُلقِحٍ مَن يَبورُها
لَقَد صَوَّتَ الناعي بِفَقدِ أَخي النَدى
لَقَد صَوَّتَ الناعي بِفَقدِ أَخي النَدى / نِداءً لَعَمري لا أَبا لَكَ يُسمَعُ
فَقُمتُ وَقَد كادَت لِرَوعَةِ هُلكِهِ / وَفَزعَتِهِ نَفسي مِنَ الحُزنِ تَتبَعُ
إِلَيهِ كَأَنّي حَوبَةً وَتَخَشُّعاً / أَخو الخَمرِ يَسمو تارَةً ثُمَّ يُصرَعُ
فَمَن لِقِرى الأَضيافِ بَعدَكَ إِن هُمُ / قُبالَكَ حَلّوا ثُمَّ نادوا فَأَسمَعوا
كَعَهدِهِمِ إِذ أَنتَ حَيٌّ وَإِذ لَهُم / لَدَيكَ مَنالاتٌ وَرِيٌّ وَمَشبَعُ
وَمَن لِمُهِمٍّ حَلَّ بِالجارِ فادِحٍ / وَأَمرٍ وَهى مِن صاحِبٍ لَيسَ يُرقَعُ
وَمَن لِجَليسٍ مُفحِشٍ لِجَليسِهِ / عَلَيهِ بِجَهلٍ جاهِداً يَتَسَرَّعُ
وَلَو كُنتَ حَيّاً كانَ إِطفاءُ جَهلِهِ / بِحِلمِكَ في رِفقٍ وَحِلمُكَ أَوسَعُ
وَكُنتُ إِذا ما خِفتُ إِردافَ عُسرَةٍ / أَظَلُّ لَها مِن خيفَةٍ أَتَقَنَّعُ
دَعَوتُ لَها صَخرَ النَدى فَوَجَدتُهُ / لَهُ موسَرٌ يُنفى بِهِ العُسرُ أَجمَعُ
تَذَكَّرتُ صَخراً إِذ تَغَنَّت حَمامَةٌ
تَذَكَّرتُ صَخراً إِذ تَغَنَّت حَمامَةٌ / هَتوفٌ عَلى غُصنٍ مِنَ الأَيكِ تَسجَعُ
فَظَلتُ لَها أَبكي بِدَمعِ حَزينَةٍ / وَقَلبِيَ مِمّا ذَكَّرَتني مُوَجَّعُ
تُذَكِّرُني صَخراً وَقَد حالَ دونَهُ / صَفيحٌ وَأَحجارٌ وَبَيداءُ بَلقَعُ
أَرى الدَهرَ يَرمي ما تَطيشُ سِهامُهُ / وَلَيسَ لِمَن قَد غالَهُ الدَهرُ مَرجِعُ
فَإِن كانَ صَخرُ الجودِ أَصبَحَ ثاوِياً / فَقَد كانَ في الدُنيا يَضُرُّ وَيَنفَعُ
أَقسَمتُ لا أَنفَكُّ أُهدي قَصيدَةً
أَقسَمتُ لا أَنفَكُّ أُهدي قَصيدَةً / لِصَخرٍ أَخي المِفضالِ في كُلِّ مَجمَعِ
فَدَتكَ سُلَيمٌ كَهلُها وَغُلامُها / وَجُدَّعَ مِنها كُلُّ أَنفٍ وَمِسمَعِ
أَمِن حَدَثِ الأَيّامِ عَينُكِ تَهمِلُ
أَمِن حَدَثِ الأَيّامِ عَينُكِ تَهمِلُ / تُبَكّي عَلى صَخرٍ وَفي الدَهرِ مُذهِلُ
أَلا مَن لِعَينٍ لا تَجِفُّ دُموعُها / إِذا قُلتُ أَفثَت تَستَهِلُّ فَتَحفِلُ
عَلى ماجِدٍ ضَخمِ الدَسيعَةِ بارِعٍ / لَهُ سورَةٌ في قَومِهِ ما تُحَوَّلُ
فَما بَلَغَت كَفُّ اِمرِئٍ مُتَناوِلٍ / مِنَ المَجدِ إِلّا حَيثُ ما نِلتَ أَطوَلُ
وَلا بَلَغَ المُهدونَ في القَولِ مِدحَةً / وَلا صَدَقوا إِلّا الَّذي فيكَ أَفضَلُ
وَما الغَيثُ في جَعدِ الثَرى دَمِثِ الرُبى / تَبَعَّقَ فيهِ الوابِلُ المُتَهَلِّلُ
بِأَوسَعَ سَيباً مِن يَدَيكَ وَنِعمَةً / تَعُمُّ بِها بَل سَيبُ كَفَّيكَ أَجزَلُ
وَجارُكَ مَحفوظٌ مَنيعٌ بِنَجوَةٍ / مِنَ الضَيمِ لا يُؤذى وَلا يَتَذَلَّلُ
مِنَ القَومِ مَغشِيُّ الرِواقِ كَأَنَّهُ / إِذا سيمَ ضَيماً خادِرٌ مُتَبَسِّلُ
شَرَنبَثُ أَطرافِ البَنانِ ضُبارِمٌ / لَهُ في عَرينِ الغيلِ عِرسٌ وَأَشبُلُ
هِزَبرٌ هَريتُ الشَدقِ رِئبالُ غابَةٍ / مَخوفُ اللِقاءِ جائِبُ العَينِ أَنجَلُ
أَخو الجودِ مَعروفٌ لَهُ الجودُ وَالنَدى / حَليفانِ ما دامَت تِعارُ وَيَذبُلُ
أَلا لَيتَ أُمّي لَم تَلِدني سَوِيَّةً
أَلا لَيتَ أُمّي لَم تَلِدني سَوِيَّةً / وَكُنتُ تُراباً بَينَ أَيدي القَوابِلِ
وَخَرَّت عَلى الأَرضِ السَماءُ فَطَبَّقَت / وَماتَ جَميعاً كُلُّ حافٍ وَناعِلِ
غَداةَ غَدا ناعٍ لِصَخرٍ فَراعَني / وَأَورَثَني حُزناً طَويلَ البَلابِلِ
فَقُلتُ لَهُ ماذا تَقولُ فَقالَ لي / نَعى ما اِبنِ عَمروٍ أَثكَلَتهُ هَوابِلي
فَأَصبَحتُ لا أَلتَذُّ بَعدَكَ نِعمَةً / حَياتي وَلا أَبكي لِدَعوَةِ ثاكِلِ
فَشَأنَ المَنايا بِالأَقارِبِ بَعدَهُ / لِتُعلِل عَلَيهِم عَلَّةٌ بَعدَ ناهِلِ
لَمّا رَأَيتُ البَدرَ أَظلَمَ كاسِفاً
لَمّا رَأَيتُ البَدرَ أَظلَمَ كاسِفاً / أَرَنَّ شَواذٌ بَطنُهُ وَسَوائِلُه
رَنيناً وَما يُغني الرَنينُ وَقَد أَتى / بِمَوتِكَ مِن نَحوِ القُرَيَّةِ حامِلُه
لَقَد خارَ مِرداساً عَلى الناسِ قاتِلُه / وَلَو عادَهُ كَنّاتُهُ وَحَلائِلُه
وَقُلنَ أَلا هَل مِن شِفاءٍ يَنالُهُ / وَقَد مُنِعَ الشِفاءَ مَن هُوَ نائِلُه
وَفَضَّلَ مِرداساً عَلى الناسِ حِلمُهُ / وَأَن كُلُّ هَمٍّ هَمَّهُ فَهوَ فاعِلُه
وَأَن كُلُّ وادٍ يَكرَهُ الناسُ هَبطَهُ / هَبَطتَ وَماءٍ مَنهَلٍ أَنتَ ناهِلُه
تَرَكتَ بِهِ لَيلاً طَويلاً وَمَنزِلاً / تَعادى عَلى ظَهرِ الطَريقِ عَواسِلُه
وَسَبيٍ كَآرامِ الصَريمِ تَرَكتَهُ / خِلالَ دِيارٍ مُستَكيناً عَواطِلُه
وَعُدتَ عَلَيهِم بَعدَ بُؤسى بِأَنعُمٍ / فَكُلُّهُمُ تُعنى بِهِ وَتُواصِلُه
مَتى ما تُوازِن ماجِداً يُعتَدَل بِهِ / كَما عَدَّلَ الميزانَ بِالكَفِّ راطِلُه
سَقى جَدَثاً أَكنافُ غَمرَةَ دونَهُ
سَقى جَدَثاً أَكنافُ غَمرَةَ دونَهُ / مِنَ الغَيثِ ديماتُ الرَبيعِ وَوابِلُه
أُعيرُهُمُ سَمعي إِذا ذُكِرَ الأَسى / وَفي القَلبِ مِنهُ زَفرَةٌ ما تُزايِلُه
وَكُنتُ أُعيرُ الدَمعَ قَبلَكَ مَن بَكى / فَأَنتَ عَلى مَن ماتَ بَعدَكَ شاغِلُه
مَن لامَني في حُبِّ كوزٍ وَذِكرِهِ
مَن لامَني في حُبِّ كوزٍ وَذِكرِهِ / فَلاقى الَّذي لاقَيتُ إِذ حَفَزَ الرَحَم
فَيا حَبَّذا كوزٌ إِذا الخَيلُ أَدبَرَت / وَثارَ غُبارٌ في الدَهاسِ وَفي الأَكَم
فَنِعمَ الفَتى تَعشو إِلى ضَوءِ نارِهِ / كُوَيزُ بنُ صَخرٍ لَيلَةَ الريحِ وَالظُلَم
إِذا البازِلُ الكَوماءُ لاذَت بِرَفلِها / وَلاذَت لِواذاً بِالمُدَرّينَ بِالسِلَم
وَقَد حالَ خَيرٌ مِن أُناسٍ وَرِفدُهُم / بِكَفّي غُلامٍ لا ضَنينٍ وَلا بَرَم