القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : زُهَير بنُ أَبي سَلْمَى الكل
المجموع : 16
أَمِن أُمِّ أَوفى دِمنَةٌ لَم تَكَلَّمِ
أَمِن أُمِّ أَوفى دِمنَةٌ لَم تَكَلَّمِ / بِحَومانَةِ الدُرّاجِ فَالمُتَثَلَّمِ
وَدارٌ لَها بِالرَقمَتَينِ كَأَنَّها / مَراجِعُ وَشمٍ في نَواشِرِ مِعصَمِ
بِها العَينُ وَالأَرآمُ يَمشينَ خِلفَةً / وَأَطلاؤُها يَنهَضنَ مِن كُلِّ مَجثِمِ
وَقَفتُ بِها مِن بَعدِ عِشرينَ حِجَّةً / فَلَأياً عَرَفتُ الدارَ بَعدَ التَوَهُّمِ
أَثافِيَّ سُفعاً في مُعَرَّسِ مِرجَلٍ / وَنُؤياً كَجِذمِ الحَوضِ لَم يَتَثَلَّمِ
فَلَمّا عَرَفتُ الدارَ قُلتُ لِرَبعِها / أَلا عِم صَباحاً أَيُّها الرَبعُ وَاِسلَمِ
تَبَصَّر خَليلي هَل تَرى مِن ظَعائِنٍ / تَحَمَّلنَ بِالعَلياءِ مِن فَوقِ جُرثُمِ
عَلَونَ بِأَنماطٍ عِتاقٍ وَكِلَّةٍ / وِرادٍ حَواشيها مُشاكِهَةِ الدَمِ
وَفيهِنَّ مَلهىً لِلصَديقِ وَمَنظَرٌ / أَنيقٌ لِعَينِ الناظِرِ المُتَوَسِّمِ
بَكَرنَ بُكوراً وَاِستَحَرنَ بِسُحرَةٍ / فَهُنَّ لِوادي الرَسِّ كَاليَدِ لِلفَمِ
جَعَلنَ القَنانَ عَن يَمينٍ وَحَزنَهُ / وَمَن بِالقَنانِ مِن مُحِلٍّ وَمُحرِمِ
ظَهَرنَ مِنَ السوبانِ ثُمَّ جَزَعنَهُ / عَلى كُلِّ قَينِيٍّ قَشيبٍ مُفَأَّمِ
كَأَنَّ فُتاتَ العِهنِ في كُلِّ مَنزِلٍ / نَزَلنَ بِهِ حَبُّ الفَنا لَم يُحَطَّمِ
فَلَمّا وَرَدنَ الماءَ زُرقاً جِمامُهُ / وَضَعنَ عِصِيَّ الحاضِرِ المُتَخَيِّمِ
سَعى ساعِيا غَيظِ بنِ مُرَّةَ بَعدَما / تَبَزَّلَ ما بَينَ العَشيرَةِ بِالدَمِ
فَأَقسَمتُ بِالبَيتِ الَّذي طافَ حَولَهُ / رِجالٌ بَنَوهُ مِن قُرَيشٍ وَجُرهُمِ
يَميناً لَنِعمَ السَيِّدانِ وُجِدتُما / عَلى كُلِّ حالٍ مِن سَحيلٍ وَمُبرَمِ
تَدارَكتُما عَبساً وَذُبيانَ بَعدَما / تَفانوا وَدَقّوا بَينَهُم عِطرَ مَنشِمِ
وَقَد قُلتُما إِن نُدرِكِ السِلمَ واسِعاً / بِمالٍ وَمَعروفٍ مِنَ الأَمرِ نَسلَمِ
فَأَصبَحتُما مِنها عَلى خَيرِ مَوطِنٍ / بَعيدَينِ فيها مِن عُقوقٍ وَمَأثَمِ
عَظيمَينِ في عُليا مَعَدٍّ وَغَيرِها / وَمَن يَستَبِح كَنزاً مِنَ المَجدِ يَعظُمِ
فَأَصبَحَ يَجري فيهُمُ مِن تِلادِكُم / مَغانِمُ شَتّى مِن إِفالِ المُزَنَّمِ
تُعَفّى الكُلومُ بِالمِئينَ فَأَصبَحَت / يُنَجِّمُها مَن لَيسَ فيها بِمُجرِمِ
يُنَجِّمُها قَومٌ لِقَومٍ غَرامَةً / وَلَم يُهَريقوا بَينَهُم مِلءَ مِحجَمِ
فَمِن مُبلِغُ الأَحلافِ عَنّي رِسالَةً / وَذُبيانَ هَل أَقسَمتُمُ كُلَّ مُقسَمِ
فَلا تَكتُمُنَّ اللَهَ ما في نُفوسِكُم / لِيَخفى وَمَهما يُكتَمِ اللَهُ يَعلَمِ
يُؤَخَّر فَيوضَع في كِتابٍ فَيُدَّخَر / لِيَومِ الحِسابِ أَو يُعَجَّل فَيُنقَمِ
وَما الحَربُ إِلّا ما عَلِمتُم وَذُقتُمُ / وَما هُوَ عَنها بِالحَديثِ المُرَجَّمِ
مَتى تَبعَثوها تَبعَثوها ذَميمَةً / وَتَضرَ إِذا ضَرَّيتُموها فَتَضرَمِ
فَتَعرُكُّمُ عَركَ الرَحى بِثِفالِها / وَتَلقَح كِشافاً ثُمَّ تَحمِل فَتُتئِمِ
فَتُنتَج لَكُم غِلمانَ أَشأَمَ كُلُّهُم / كَأَحمَرِ عادٍ ثُمَّ تُرضِع فَتَفطِمِ
فَتُغلِل لَكُم ما لا تُغِلُّ لِأَهلِها / قُرىً بِالعِراقِ مِن قَفيزٍ وَدِرهَمِ
لَعَمري لَنِعمَ الحَيُّ جَرَّ عَلَيهِمُ / بِما لا يُواتيهِم حُصَينُ بنُ ضَمضَمِ
وَكانَ طَوى كَشحاً عَلى مُستَكِنَّةٍ / فَلا هُوَ أَبداها وَلَم يَتَجَمجَمِ
وَقالَ سَأَقضي حاجَتي ثُمَّ أَتَّقي / عَدُوّي بِأَلفٍ مِن وَرائِيَ مُلجَمِ
فَشَدَّ وَلَم تَفزَع بُيوتٌ كَثيرَةٌ / لَدى حَيثُ أَلقَت رَحلَها أُمُّ قَشعَمِ
لَدى أَسَدٍ شاكي السِلاحِ مُقَذَّفٍ / لَهُ لِبَدٌ أَظفارُهُ لَم تُقَلَّمِ
جَريءٍ مَتى يُظلَم يُعاقِب بِظُلمِهِ / سَريعاً وَإِلّا يُبدَ بِالظُلمِ يَظلِمِ
رَعَوا ما رَعَوا مِن ظِمئِهِم ثُمَّ أَورَدوا / غِماراً تَسيلُ بِالرِماحِ وَبِالدَمِ
فَقَضَّوا مَنايا بَينَهُم ثُمَّ أَصدَروا / إِلى كَلَأٍ مُستَوبِلٍ مُتَوَخَّمِ
لَعَمرُكَ ما جَرَّت عَلَيهِم رِماحُهُم / دَمَ اِبنِ نَهيكٍ أَو قَتيلِ المُثَلَّمِ
وَلا شارَكوا في القَومِ في دَمِ نَوفَلٍ / وَلا وَهَبٍ مِنهُم وَلا اِبنِ المُحَزَّمِ
فَكُلّاً أَراهُم أَصبَحوا يَعقِلونَهُم / عُلالَةَ أَلفٍ بَعدَ أَلفٍ مُصَتَّمِ
تُساقُ إِلى قَومٍ لِقَومٍ غَرامَةً / صَحيحاتِ مالٍ طالِعاتٍ بِمَخرِمِ
لِحَيٍّ حِلالٍ يَعصِمُ الناسَ أَمرُهُم / إِذا طَلَعَت إِحدى اللَيالي بِمُعظَمِ
كِرامٍ فَلا ذو الوِترِ يُدرِكُ وِترَهُ / لَدَيهِم وَلا الجاني عَلَيهِم بِمُسلَمِ
سَئِمتُ تَكاليفَ الحَياةِ وَمَن يَعِش / ثَمانينَ حَولاً لا أَبا لَكَ يَسأَمِ
رَأَيتُ المَنايا خَبطَ عَشواءَ مَن تُصِب / تُمِتهُ وَمَن تُخطِئ يُعَمَّر فَيَهرَمِ
وَأَعلَمُ عِلمَ اليَومِ وَالأَمسِ قَبلَهُ / وَلَكِنَّني عَن عِلمِ ما في غَدٍ عَمي
وَمَن لا يُصانِع في أُمورٍ كَثيرَةٍ / يُضَرَّس بِأَنيابٍ وَيوطَأ بِمَنسِمِ
وَمَن يَكُ ذا فَضلٍ فَيَبخَل بِفَضلِهِ / عَلى قَومِهِ يُستَغنَ عَنهُ وَيُذمَمِ
وَمَن يَجعَلِ المَعروفَ مِن دونِ عِرضِهِ / يَفِرهُ وَمَن لا يَتَّقِ الشَتمَ يُشتَمِ
وَمَن لا يَذُد عَن حَوضِهِ بِسِلاحِهِ / يُهَدَّم وَمَن لا يَظلِمِ الناسَ يُظلَمِ
وَمَن هابَ أَسبابَ المَنِيَّةِ يَلقَها / وَلَو رامَ أَسبابَ السَماءِ بِسُلَّمِ
وَمَن يَعصِ أَطرافَ الزُجاجِ فَإِنَّهُ / يُطيعُ العَوالي رُكِّبَت كُلَّ لَهذَمِ
وَمَن يوفِ لا يُذمَم وَمَن يُفضِ قَلبُهُ / إِلى مُطمَئِنِّ البِرِّ لا يَتَجَمجَمِ
وَمَن يَغتَرِب يَحسِب عَدُوّاً صَديقَهُ / وَمَن لا يُكَرِّم نَفسَهُ لا يُكَرَّمِ
وَمَهما تَكُن عِندَ اِمرِئٍ مِن خَليقَةٍ / وَإِن خالَها تَخفى عَلى الناسِ تُعلَمِ
وَمَن لا يَزَل يَستَحمِلُ الناسَ نَفسَهُ / وَلا يُغنِها يَوماً مِنَ الدَهرِ يُسأَمِ
صَحا القَلبُ عَن سَلمى وَقَد كادَ لا يَسلو
صَحا القَلبُ عَن سَلمى وَقَد كادَ لا يَسلو / وَأَقفَرَ مِن سَلمى التَعانيقُ فَالثِقلُ
وَقَد كُنتُ مِن سَلمى سِنينَ ثَمانِياً / عَلى صيرِ أَمرٍ ما يَمُرُّ وَما يَحلو
وَكُنتُ إِذا ما جِئتُ يَوماً لِحاجَةٍ / مَضَت وَأَجَمَّت حاجَةُ الغَدِ ما تَخلو
وَكُلُّ مُحِبٍّ أَحدَثَ النَأيُ عِندَهُ / سَلُوَّ فُؤادٍ غَيرَ حُبِّكِ ما يَسلو
تَأَوَّبَني ذِكرُ الأَحِبَّةِ بَعدَما / هَجَعتُ وَدوني قُلَّةُ الحَزنِ فَالرَملُ
فَأَقسَمتُ جَهداً بِالمَنازِلِ مِن مِنىً / وَما سُحِقَت فيهِ المَقادِمُ وَالقَملُ
لَأَرتَحِلَن بِالفَجرِ ثُمَّ لَأَدأَبَن / إِلى اللَيلِ إِلّا أَن يُعَرِّجَني طِفلُ
إِلى مَعشَرٍ لَم يورِثِ اللُؤمَ جَدُّهُم / أَصاغِرَهُم وَكُلُّ فَحلٍ لَهُ نَجلُ
تَرَبَّص فَإِن تُقوِ المَرَوراةُ مِنهُمُ / وَداراتُها لا تُقوِ مِنهُم إِذاً نَخلُ
فَإِن تُقوِيا مِنهُم فَإِنَّ مُحَجِّراً / وَجِزعَ الحِسا مِنهُم إِذاً قَلَّما يَخلو
بِلادٌ بِها نادَمتُهُم وَأَلِفتُهُم / فَإِن تُقوِيا مِنهُم فَإِنَّهُما بَسلُ
إِذا فَزِعوا طاروا إِلى مُستَغيثِهِم / طِوالَ الرِماحِ لا ضِعافٌ وَلا عُزلُ
بِخَيلٍ عَلَيها جِنَّةٌ عَبقَرِيَّةٌ / جَديرونَ يَوماً أَن يَنالوا فَيَستَعلوا
وَإِن يُقتَلوا فَيُشتَفى بِدِمائِهِم / وَكانوا قَديماً مِن مَناياهُمُ القَتلُ
عَلَيها أُسودٌ ضارِياتٌ لَبوسُهُم / سَوابِغُ بيضٌ لا تُخَرِّقُها النَبلُ
إِذا لَقِحَت حَربٌ عَوانٌ مُضِرَّةٌ / ضَروسٌ تُهِرُّ الناسَ أَنيابُها عُصلُ
قُضاعِيَّةٌ أَو أُختُها مُضَرِيَّةٌ / يُحَرَّقُ في حافاتِها الحَطَبُ الجَزلُ
تَجِدهُم عَلى ما خَيَّلَت هُم إِزائَها / وَإِن أَفسَدَ المالَ الجَماعاتُ وَالأَزلُ
يَحُشّونَها بِالمَشرَفِيَّةِ وَالقَنا / وَفِتيانِ صِدقٍ لا ضِعافٌ وَلا نُكلُ
تَهامونَ نَجدِيّونَ كَيداً وَنُجعَةً / لِكُلِّ أُناسٍ مِن وَقائِعِهِم سَجلُ
هُمُ ضَرَبوا عَن فَرجِها بِكَتيبَةٍ / كَبَيضاءِ حَرسٍ في طَوائِفِها الرَجلُ
مَتى يَشتَجِر قَومٌ تَقُل سَرَواتُهُم / هُمُ بَينَنا فَهُم رِضاً وَهُمُ عَدلُ
هُمُ جَدَّدوا أَحكامَ كُلِّ مُضِلَّةٍ / مِنَ العُقمِ لا يُلفى لِأَمثالِها فَصلُ
بِعَزمَةِ مَأمورٍ مُطيعٍ وَآمِرٍ / مُطاعٍ فَلا يُلفى لِحَزمِهِمُ مِثلُ
وَلَستُ بِلاقٍ بِالحِجازِ مُجاوِراً / وَلا سَفَراً إِلّا لَهُ مِنهُمُ حَبلُ
بِلادٌ بِها عَزّوا مَعَدّاً وَغَيرَها / مَشارِبُها عَذبٌ وَأَعلامُها ثَملُ
هُمُ خَيرُ حَيٍّ مِن مَعَدٍّ عَلِمتُهُم / لَهُم نائِلٌ في قَومِهِم وَلَهُم فَضلُ
فَرِحتُ بِما خُبِّرتُ عَن سَيِّدَيكُمُ / وَكانا اِمرَأَينِ كُلُّ أَمرِهِما يَعلو
رَأى اللَهُ بِالإِحسانِ ما فَعَلا بِكُم / فَأَبلاهُما خَيرَ البَلاءِ الَّذي يَبلو
تَدارَكتُما الأَحلافَ قَد ثُلَّ عَرشُها / وَذُبيانَ قَد زَلَّت بِأَقدامِها النَعلُ
فَأَصبَحتُما مِنها عَلى خَيرِ مَوطِنٍ / سَبيلُكُما فيهِ وَإِن أَحزَنوا سَهلُ
إِذا السَنَةُ الشَهباءُ بِالناسِ أَجحَفَت / وَنالَ كِرامَ المالِ في الجَحرَةِ الأَكلُ
رَأَيتُ ذَوي الحاجاتِ حَولَ بُيوتِهِم / قَطيناً بِها حَتّى إِذا نَبَتَ البَقلُ
هُنالِكَ إِن يُستَخبَلوا المالَ يُخبِلوا / وَإِن يُسأَلوا يُعطوا وَإِن يَيسِروا يُغلوا
وَفيهِم مَقاماتٌ حِسانٌ وُجوهُهُم / وَأَندِيَةٌ يَنتابُها القَولُ وَالفِعلُ
عَلى مُكثِريهِم رِزقُ مَن يَعتَريهِمُ / وَعِندَ المُقِلّينَ السَماحَةُ وَالبَذلُ
وَإِن جِئتَهُم أَلفَيتَ حَولَ بُيوتِهِم / مَجالِسَ قَد يُشفى بِأَحلامِها الجَهلُ
وَإِن قامَ فيهِم حامِلٌ قالَ قاعِدٌ / رَشَدتَ فَلا غُرمٌ عَلَيكَ وَلا خَذلُ
سَعى بَعدَهُم قَومٌ لِكَي يُدرِكوهُمُ / فَلَم يَفعَلوا وَلَم يُليموا وَلَم يَألوا
فَما يَكُ مِن خَيرٍ أَتَوهُ فَإِنَّما / تَوارَثَهُ آباءُ آبائِهِم قَبلُ
وَهَل يُنبِتُ الخَطِّيَّ إِلّا وَشيجُهُ / وَتُغرَسُ إِلّا في مَنابِتِها النَخلُ
صَحا القَلبُ عَن سَلمى وَأَقصَرَ باطِلُه
صَحا القَلبُ عَن سَلمى وَأَقصَرَ باطِلُه / وَعُرِّيَ أَفراسُ الصِبا وَرَواحِلُه
وَأَقصَرتُ عَمّا تَعلَمينَ وَسُدِّدَت / عَلَيَّ سِوى قَصدِ السَبيلِ مَعادِلُه
وَقالَ العَذارى إِنَّما أَنتَ عَمُّنا / وَكانَ الشَبابُ كَالخَليطِ نُزايِلُه
فَأَصبَحتُ ما يَعرِفنَ إِلّا خَليقَتي / وَإِلّا سَوادَ الرَأسِ وَالشَيبُ شامِلُه
لِمَن طَلَلٌ كَالوَحيِ عافٍ مَنازِلُه / عَفا الرَسُّ مِنهُ فَالرُسَيسُ فَعاقِلُه
فَرَقدٌ فَصاراتٌ فَأَكنافُ مَنعِجٍ / فَشَرقِيُّ سَلمى حَوضُهُ فَأَجاوِلُه
فَوادي البَدِيِّ فَالطَوِيُّ فَثادِقٌ / فَوادي القَنانِ جِزعُهُ فَأَفاكِلُه
وَغَيثٍ مِنَ الوَسمِيِّ حُوٍّ تِلاعُهُ / أَجابَت رَوابيهِ النِجا وَهَواطِلُه
هَبَطتُ بِمَمسودِ النَواشِرِ سابِحٍ / مُمَرٍّ أَسيلِ الخَدِّ نَهدٍ مَراكِلُه
تَميمٍ فَلَوناهُ فَأُكمِلَ صُنعُهُ / فَتَمَّ وَعَزَّتهُ يَداهُ وَكاهِلُه
أَمينٍ شَظاهُ لَم يُخَرَّق صِفاقُهُ / بِمِنقَبَةٍ وَلَم تُقَطَّع أَباجِلُه
إِذا ما غَدَونا نَبتَغي الصَيدَ مَرَّةً / مَتى نَرَهُ فَإِنَّنا لا نُخاتِلُه
فَبَينا نُبَغّي الصَيدَ جاءَ غُلامُنا / يَدِبُّ وَيُخفي شَخصَهُ وَيُضائِلُه
فَقالَ شِياهٌ راتِعاتٌ بِقَفرَةٍ / بِمُستَأسِدِ القُريانِ حُوٍّ مَسائِلُه
ثَلاثٌ كَأَقواسِ السَراءِ وَمِسحَلٌ / قَدِ اِخضَرَّ مِن لَسِّ الغَميرِ جَحافِلُه
وَقَد خَرَّمَ الطُرّادُ عَنهُ جِحاشَهُ / فَلَم يَبقَ إِلّا نَفسُهُ وَحَلائِلُه
فَقالَ أَميري ما تَرى رَأيَ ما نَرى / أَنَختِلُهُ عَن نَفسِهِ أَم نُصاوِلُه
فَبِتنا عُراةً عِندَ رَأسِ جَوادِنا / يُزاوِلُنا عَن نَفسِهِ وَنُزاوِلُه
وَنَضرِبُهُ حَتّى اِطمَئَنَّ قَذالُهُ / وَلَم يَطمَئِنَّ قَلبُهُ وَخَصائِلُه
وَمُلجِمُنا ما إِن يَنالُ قَذالَهُ / وَلا قَدَماهُ الأَرضَ إِلّا أَنامِلُه
فَلَأياً بِلَأيٍ ما حَمَلنا وَليدَنا / عَلى ظَهرِ مَحبوكٍ ظِماءٍ مَفاصِلُه
وَقُلتُ لَهُ سَدِّد وَأَبصِر طَريقَهُ / وَما هُوَ فيهِ عَن وَصاتِيَ شاغِلُه
وَقُلتُ تَعَلَّم أَنَّ لِلصَيدِ غِرَّةً / وَإِلّا تُضَيِّعها فَإِنَّكَ قاتِلُه
فَتَبَّعَ آثارَ الشِياهِ وَليدُنا / كَشُؤبوبِ غَيثٍ يَحفِشُ الأُكمَ وابِلُه
نَظَرتُ إِلَيهِ نَظرَةً فَرَأَيتُهُ / عَلى كُلِّ حالٍ مَرَّةً هُوَ حامِلُه
يُثِرنَ الحَصى في وَجهِهِ وَهوَ لاحِقٌ / سِراعٌ تَواليهِ صِيابٌ أَوائِلُه
فَرَدَّ عَلَينا العَيرَ مِن دونِ إِلفِهِ / عَلى رُغمِهِ يَدمى نَساهُ وَفائِلُه
فَرُحنا بِهِ يَنضو الجِيادَ عَشِيَّةً / مُخَضَّبَةً أَرساغُهُ وَعَوامِلُه
بِذي مَيعَةٍ لا مَوضِعُ الرُمحِ مُسلِمٌ / لِبُطءٍ وَلا ما خَلفَ ذالِكَ خاذِلُه
وَأَبيَضَ فَيّاضٍ يَداهُ غَمامَةٌ / عَلى مُعتَفيهِ ما تُغِبُّ فَواضِلُه
بَكَرتُ عَلَيهِ غُدوَةً فَرَأَيتُهُ / قُعوداً لَدَيهِ بِالصَريمِ عَواذِلُه
يُفَدّينَهُ طَوراً وَطَوراً يَلُمنَهُ / وَأَعيا فَما يَدرينَ أَينَ مَخاتِلُه
فَأَقصَرنَ مِنهُ عَن كَريمٍ مُرَزَّءٍ / عَزومٍ عَلى الأَمرِ الَّذي هُوَ فاعِلُه
أَخي ثِقَةٍ لا تُتلِفُ الخَمرُ مالَهُ / وَلَكِنَّهُ قَد يُهلِكُ المالَ نائِلُه
تَراهُ إِذا ما جِئتَهُ مُتَهَلِّلاً / كَأَنَّكَ تُعطيهِ الَّذي أَنتَ سائِلُه
وَذي نَسَبٍ ناءٍ بَعيدٍ وَصَلتَهُ / بِمالٍ وَما يَدري بِأَنَّكَ واصِلُه
وَذي نِعمَةٍ تَمَّمتَها وَشَكَرتَها / وَخَصمٍ يَكادُ يَغلِبُ الحَقَّ باطِلُه
دَفَعتَ بِمَعروفٍ مِنَ القَولِ صائِبٍ / إِذا ما أَضَلَّ الناطِقينَ مَفاصِلُه
وَذي خَطَلٍ في القَولِ يَحسِبُ أَنَّهُ / مُصيبٌ فَما يُلمِم بِهِ فَهوَ قائِلُه
عَبَأتَ لَهُ حِلماً وَأَكرَمتَ غَيرَهُ / وَأَعرَضتَ عَنهُ وَهوَ بادٍ مَقاتِلُه
حُذَيفَةُ يُنميهِ وَبَدرٌ كِلاهُما / إِلى باذِخٍ يَعلو عَلى مَن يُطاوِلُه
وَمَن مِثلُ حِصنٍ في الحُروبِ وَمِثلُهُ / لِإِنكارِ ضَيمٍ أَو لِأَمرٍ يُحاوِلُه
أَبى الضَيمَ وَالنُعمانُ يَحرِقُ نابُهُ / عَلَيهِ فَأَفضى وَالسُيوفُ مَعاقِلُه
عَزيزٌ إِذا حَلَّ الحَليفانِ حَولَهُ / بِذي لَجَبٍ لَجّاتُهُ وَصَواهِلُه
يُهَدُّ لَهُ ما دونَ رَملَةِ عالِجٍ / وَمَن أَهلُهُ بِالغَورِ زالَت زَلازِلُه
وَأَهلِ خِباءٍ صالِحٍ ذاتُ بَينِهِم / قَدِ اِحتَرَبوا في عاجِلٍ أَنا آجِلُه
فَأَقبَلتُ في الساعينَ أَسأَلُ عَنهُمُ / سُؤالَكَ بِالشَيءِ الَّذي أَنتَ جاهِلُه
رَأَيتُ بَني آلِ اِمرِئِ القَيسِ أَصفَقوا
رَأَيتُ بَني آلِ اِمرِئِ القَيسِ أَصفَقوا / عَلَينا وَقالوا إِنَّنا نَحنُ أَكثَرُ
سُليمُ بنُ مَنصورٍ وَأَفناءُ عامِرٍ / وَسَعدُ بنُ بَكرٍ وَالنُصورُ وَأَعصُرُ
خُذوا حَظَّكُم يا آلَ عِكرِمَ وَاِذكُروا / أَواصِرَنا وَالرِحمُ بِالغَيبِ تُذكَرُ
خُذوا حَظَّكُم مِن وُدِّنا إِنَّ قُربَنا / إِذا ضَرَّسَتنا الحَربُ نارٌ تَسَعَّرُ
وَإِنّا وَإِيّاكُم إِلى ما نَسومُكُم / لَمِثلانِ أَو أَنتُم إِلى الصُلحِ أَفقَرُ
إِذا ما سَمِعنا صارِخاً مَعَجَت بِنا / إِلى صَوتِهِ وُرقُ المَراكِلِ ضُمَّرُ
وَإِن شُلَّ رَيعانُ الجَميعِ مَخافَةً / نَقولُ جِهاراً وَيلَكُم لا تُنَفِّروا
عَلى رِسلِكُم إِنّا سَنُعدي وَراءَكُم / فَتَمنَعُكُم أَرماحُنا أَو سَنُعذِرُ
وَإِلّا فَإِنّا بِالشَرَبَّةِ فَاللِوى / نُعَقِّرُ أُمّاتِ الرِباعِ وَنَيسِرُ
أَلا لَيتَ شِعري هَل يَرى الناسُ ما أَرى
أَلا لَيتَ شِعري هَل يَرى الناسُ ما أَرى / مِنَ الأَمرِ أَو يَبدو لَهُم ما بَدا لِيا
بَدا لِيَ أَنَّ اللَهَ حَقٌّ فَزادَني / إِلى الحَقِّ تَقوى اللَهِ ما كانَ بادِيا
بَدا لِيَ أَنَّ الناسَ تَفنى نُفوسُهُم / وَأَموالُهُم وَلا أَرى الدَهرَ فانِيا
وَأَنّي مَتى أَهبِط مِنَ الأَرضِ تَلعَةً / أَجِد أَثَراً قَبلي جَديداً وَعافِيا
أَراني إِذا ما بِتُّ بِتُّ عَلى هَوىً / وَأَنّي إِذا أَصبَحتُ أَصبَحتُ غادِيا
إِلى حُفرَةٍ أُهدى إِلَيها مُقيمَةٍ / يَحُثُّ إِلَيها سائِقٌ مِن وَرائِيا
كَأَنّي وَقَد خَلَّفتُ تِسعينَ حِجَّةً / خَلَعتُ بِها عَن مَنكِبَيَّ رِدائِيا
بَدا لِيَ أَنّي لَستُ مُدرِكَ ما مَضى / وَلا سابِقاً شَيئاً إِذا كانَ جائِيا
أَراني إِذا ما شِئتُ لاقَيتُ آيَةً / تُذَكِّرُني بَعضَ الَّذي كُنتُ ناسِيا
وَما إِن أَرى نَفسي تَقيها كَريهَتي / وَما إِن تَقي نَفسي كَرائِمُ مالِيا
أَلا لا أَرى عَلى الحَوادِثِ باقِيا / وَلا خالِداً إِلّا الجِبالَ الرَواسِيا
وَإِلّا السَماءَ وَالبِلادَ وَرَبَّنا / وَأَيّامَنا مَعدودَةً وَاللَيالِيا
أَلَم تَرَ أَنَّ اللَهَ أَهلَكَ تُبَّعاً / وَأَهلَكَ لُقمانَ بنَ عادٍ وَعادِيا
وَأَهلَكَ ذا القَرنَينِ مِن قَبلِ ما تَرى / وَفِرعَونَ جَبّاراً طَغى وَالنَجاشِيا
أَلا لا أَرى ذا إِمَّةٍ أَصبَحَت بِهِ / فَتَترُكُهُ الأَيّامُ وَهيَ كَما هِيا
أَلَم تَرَ لِلنُعمانِ كانَ بِنَجوَةٍ / مِنَ الشَرِّ لَو أَنَّ اِمرَأً كانَ ناجِيا
فَغَيَّرَ عَنهُ مُلكَ عِشرينَ حِجَّةً / مِنَ الدَهرِ يَومٌ واحِدٌ كانَ غاوِيا
فَلَم أَرَ مَسلوباً لَهُ مِثلُ مُلكِهِ / أَقَلَّ صَديقاً باذِلاً أَو مُواسِيا
فَأَينَ الَّذينَ كانَ يُعطي جِيادَهُ / بِأَرسانِهِنَّ وَالحِسانَ الغَوالِيا
وَأَينَ الَّذينَ كانَ يُعطيهِمُ القُرى / بِغَلّاتِهِنَّ وَالمِئينَ الغَوادِيا
وَأَينَ الَّذينَ يَحضُرونَ جِفانَهُ / إِذا قُدِّمَت أَلقَوا عَلَيها المَراسِيا
رَأَيتُهُمُ لَم يُشرِكوا بِنُفوسِهِم / مَنِيَّتَهُ لَمّا رَأَوا أَنَّها هِيا
خَلا أَنَّ حَيّاً مِن رَواحَةَ حافَظوا / وَكانوا أُناساً يَتَّقونَ المَخازِيا
فَساروا لَهُ حَتّى أَناخوا بِبابِهِ / كِرامَ المَطايا وَالهِجانَ المَتالِيا
فَقالَ لَهُم خَيراً وَأَثنى عَلَيهِمُ / وَوَدَّعَهُم وَداعَ أَن لا تَلاقِيا
وَأَجمَعَ أَمراً كانَ ما بَعدَهُ لَهُ / وَكانَ إِذا ما اِخلَولَجَ الأَمرُ ماضِيا
غَشيتُ دِياراً بِالنَقيعِ فَثَهمَدِ
غَشيتُ دِياراً بِالنَقيعِ فَثَهمَدِ / دَوارِسَ قَد أَقوَينَ مِن أُمِّ مَعبَدِ
أَرَبَّت بِها الأَرواحُ كُلَّ عَشِيَّةٍ / فَلَم يَبقَ إِلّا آلُ خَيمٍ مُنَضَّدِ
وَغَيرُ ثَلاثٍ كَالحَمامِ خَوالِدٍ / وَهابٍ مُحيلٍ هامِدٍ مُتَلَبِّدِ
فَلَمّا رَأَيتُ أَنَّها لا تُجيبُني / نَهَضتُ إِلى وَجناءَ كَالفَحلِ جَلعَدِ
جُمالِيَّةٌ لَم يُبقِ سَيري وَرِحلَتي / عَلى ظَهرِها مِن نَيِّها غَيرَ مَحفِدِ
مَتى ما تُكَلِّفها مَآبَةَ مَنهَلٍ / فَتُستَعفَ أَو تُنهَك إِلَيهِ فَتَجهَدِ
تَرِدهُ وَلَمّا يُخرِجِ السَوطُ شَأوَها / مَروحاً جَنوحَ اللَيلِ ناجِيَةَ الغَدِ
كَهَمِّكَ إِن تَجهَد تَجِدها نَجيحَةً / صَبوراً وَإِن تَستَرخِ عَنها تَزَيَّدِ
وَتَنضِحُ ذِفراها بِجَونٍ كَأَنَّهُ / عَصيمُ كُحَيلٍ في المَراجِلِ مُعقَدِ
وَتُلوي بِرَيّانِ العَسيبِ تُمِرُّهُ / عَلى فَرجِ مَحرومِ الشَرابِ مُجَدَّدِ
تُبادِرُ أَغوالَ العَشِيِّ وَتَتَّقي / عُلالَةَ مَلوِيٍّ مِنَ القِدِّ مُحصَدِ
كَخَنساءَ سَفعاءِ المَلاطِمِ حُرَّةٍ / مُسافِرَةٍ مَزؤودَةٍ أُمِّ فَرقَدِ
غَدَت بِسِلاحٍ مِثلُهُ يُتَّقى بِهِ / وَيُؤمِنُ جَأشَ الخائِفِ المُتَوَحِّدِ
وَسامِعَتَينِ تَعرِفُ العِتقَ فيهِما / إِلى جَذرِ مَدلوكِ الكُعوبِ مُحَدَّدِ
وَناظِرَتَينِ تَطحَرانِ قَذاهُما / كَأَنَّهُما مَكحولَتانِ بِإِثمِدِ
طَباها ضَحاءٌ أَو خَلاءٌ فَخالَفَت / إِلَيهِ السِباعُ في كِناسٍ وَمَرقَدِ
أَضاعَت فَلَم تُغفَر لَها خَلَواتُها / فَلاقَت بَياناً عِندَ آخِرِ مَعهَدِ
دَماً عِندَ شِلوٍ تَحجُلُ الطَيرُ حَولَهُ / وَبَضعَ لِحامٍ في إِهابٍ مُقَدَّدِ
وَتَنفُضُ عَنها غَيبَ كُلَّ خَميلَةٍ / وَتَخشى رُماةَ الغَوثِ مِن كُلِّ مَرصَدِ
فَجالَت عَلى وَحشِيِّها وَكَأَنَّها / مُسَربَلَةٌ في رازِقِيٍّ مُعَضَّدِ
وَلَم تَدرِ وَشكَ البَينِ حَتّى رَأَتهُمُ / وَقَد قَعَدوا أَنفاقَها كُلَّ مَقعَدِ
وَثاروا بِها مِن جانِبَيها كِلَيهِما / وَجالَت وَإِن يُجشِمنَها الشَدَّ تَجهَدِ
تَبُذُّ الأُلى يَأتِينَها مِن وَرائِها / وَإِن تَتَقَدَّمها السَوابِقُ تَصطَدِ
فَأَنقَذَها مِن غَمرَةِ المَوتِ أَنَّها / رَأَت أَنَّها إِن تَنظُرِ النَبلَ تُقصَدِ
نَجاءٌ مُجِدٌّ لَيسَ فيهِ وَتيرَةٌ / وَتَذبيبُها عَنها بِأَسحَمَ مِذوَدِ
وَجَدَّت فَأَلقَت بَينَهُنَّ وَبَينَها / غُباراً كَما فارَت دَواجِنُ غَرقَدِ
بِمُلتَئِماتٍ كَالخَذاريفِ قوبِلَت / إِلى جَوشَنٍ خاظي الطَريقَةِ مُسنَدِ
إِلى هَرِمٍ تَهجيرُها وَوَسيجُها / تَروحُ مِنَ اللَيلِ التَمامِ وَتَغتَدي
إِلى هَرِمٍ سارَت ثَلاثاً مِنَ اللِوى / فَنِعمَ مَسيرُ الواثِقِ المُتَعَمِّدِ
سَواءٌ عَلَيهِ أَيَّ حينٍ أَتَيتَهُ / أَساعَةَ نَحسٍ تُتَّقى أَم بِأَسعُدِ
أَلَيسَ بِضَرّابِ الكُماةِ بِسَيفِهِ / وَفَكّاكِ أَغلالِ الأَسيرِ المُقَيَّدِ
كَلَيثٍ أَبي شِبلَينِ يَحمي عَرينَهُ / إِذا هُوَ لاقى نَجدَةً لَم يُعَرِّدِ
وَمِدرَهُ حَربٍ حَميُها يُتَّقى بِهِ / شَديدُ الرِجامِ بِاللِسانِ وَبِاليَدِ
وَثِقلٌ عَلى الأَعداءِ لا يَضَعونَهُ / وَحَمّالُ أَثقالٍ وَمَأوى المُطَرَّدِ
أَلَيسَ بِفَيّاضٍ يَداهُ غَمامَةٌ / ثِمالِ اليَتامى في السِنينَ مُحَمَّدِ
إِذا اِبتَدَرَت قَيسُ بنُ عَيلانَ غايَةً / مِنَ المَجدِ مَن يَسبِق إِلَيها يُسَوَّدِ
سَبَقتَ إِلَيها كُلَّ طَلقٍ مُبَرِّزٍ / سَبوقٍ إِلى الغاياتِ غَيرَ مُجَلَّدِ
كَفَضلِ جَوادِ الخَيلِ يَسبِقُ عَفوُهُ ال / سِراعَ وَإِن يَجهَدنَ يَجهَد وَيَبعُدِ
تَقِيٌّ نَقِيٌّ لَم يُكَثِّر غَنيمَةً / بِنَهكَةِ ذي قُربى وَلا بِحَقَلَّدِ
سِوى رُبُعٍ لَم يَأتِ فيهِ مَخانَةً / وَلا رَهَقا مِن عائِذٍ مُتَهَوِّدِ
يَطيبُ لَهُ أَوِ اِفتِراصٍ بِسَيفِهِ / عَلى دَهَشٍ في عارِضٍ مُتَوَقِّدِ
فَلَو كانَ حَمدٌ يُخلِدُ الناسَ لَم تَمُت / وَلَكِنَّ حَمدَ الناسِ لَيسَ بِمُخلِدِ
وَلَكِنَّ مِنهُ باقِياتٍ وِراثَةً / فَأَورِث بَنيكَ بَعضَها وَتَزَوَّدِ
تَزَوَّد إِلى يَومِ المَماتِ فَإِنَّهُ / وَلَو كَرِهَتهُ النَفسُ آخِرُ مَوعِدِ
أَعَن كُلِّ أَخدانٍ وَإِلفٍ وَلَذَّةٍ
أَعَن كُلِّ أَخدانٍ وَإِلفٍ وَلَذَّةٍ / سَلَوتَ وَما تَسلو عَنِ اِبنَةِ مُدلِجِ
وَليدَينِ حَتّى قالَ مَن يَزَعُ الصِبا / أَجِدَّكَ لَمّا تَستَحي أَو تَحَرَّجِ
أَراني مَتى ما هِجتَني بَعدَ سَلوَةٍ / عَلى ذِكرِ لَيلى مَرَّةً أَتَهَيَّجِ
وَأَذكُرُ سَلمى في الزَمانِ الَّذي مَضى / كَعَيناءَ تَرتادُ الأَسِرَّةَ عَوهَجِ
عَلى حَدِّ مَتنَيها مِنَ الخَلقِ جُدَّةٌ / تَصيرُ إِذا صامَ النَهارُ لِدَولَجِ
بِبَطنِ العَقيقِ أَو بِخَرجِ تَبالَةٍ / مَتى ما تَجِد حَرّاً مِنَ الشَمسِ تَدمُجِ
تَحُلُّ الرِياضَ في هِلالِ بنِ عامِرٍ / وَإِن أَنجَدَت حَلَّت بِأَكنافِ مَنعِجِ
وَتُصبي الحَليمَ بِالحَديثِ يَلَذُّهُ / وَأَصواتِ حَليٍ أَو تَحَرُّكِ دُملُجِ
وَأَبيَضَ عادِيٍّ تَلوحُ مُتونُهُ / عَلى البيدِ كَالسَحلِ اليَماني المُبَلَّجِ
لَهُ خُلُجٌ تَهوي بِهِ مُتلَئِبَّةٌ / إِلى مَنهَلٍ قاوٍ جَديبِ المُعَرَّجِ
مَخوفٍ كَأَنَّ الطَيرَ في مَنزِلاتِهِ / عَلى جِيَفِ الحَسرى مَجالِسُ تَنتَجي
زَجَرتُ عَلَيهِ حُرَّةً أَرحَبِيَّةً / وَقَد كانَ لَونُ اللَيلِ مِثلَ اليَرَندَجِ
وَمُستَنبِهٍ مِن نَومِهِ قَد أَجابَني / بِرَجعَينِ مِن ثِنيَي لِسانٍ مُلَجلِجِ
فَقُلتُ لَهُ أَنقِض بِصَحبِكَ ساعَةً / فَهَبَّ فَتىً كَالسَيفِ غَيرُ مُزَلَّجِ
فَلا تَحسَبَنّي يا بنَ أَزنَمَ شَحمَةً / تَعَجَّلَها طاهٍ بِشَيٍّ مُلَهوَجِ
لِذي الفَضلِ مِن ذُبيانَ عِندي مَوَدَّةٌ / وَحِفظٌ وَمَن يُلحِم إِلى الشَرِّ أَنسُجِ
وَما الفَضلُ إِلّا لِاِمرِئٍ ذي حَفيظَةٍ / مَتى تَعفُ عَن ذَنبِ اِمرِءِ السَوءِ يَلجَجِ
وَإِنّي لَطَلّابُ الرِجالِ مُطَلَّبٌ / وَلَستُ بِمَثلوجٍ وَلا بِمُعَلهَجِ
أَنا اِبنُ رِياحٍ وَاِبنُ خالِيَ جَوشَنٌ / وَلَم أُحتَمَل في حِجرِ سَوداءَ ضَمعَجِ
مَن يَتَجَرَّم لي المَناطِقَ ظالِماً
مَن يَتَجَرَّم لي المَناطِقَ ظالِماً / فَيَجرِ إِلى شَأوٍ بَعيدٍ وَيَسبَحِ
يَكُن كَالحُبارى إِن أُصيبَت فَمِثلُها / أُصيبَ وَإِن تُفلِت مِنَ الصَقرِ تَسلَحِ
كَعَوفِ اِبنِ شَمّاسٍ يُرَشِّحُ شِعرَهُ / إِلَيَّ أَسِدّي يا مَنِيَّ وَأَسجِحي
لَقَد أَورَثَ العَبسِيُّ مَجداً مُؤَثَّلاً
لَقَد أَورَثَ العَبسِيُّ مَجداً مُؤَثَّلاً / وَمَحمَدَةً مِن باقِياتِ المَحامِدِ
حِباءُ شَقيقٍ عِندَ أَحجارِ قَبرِهِ / وَما كانَ يُحبى قَبلَهُ قَبرُ وافِدِ
أَتى قَومَهُ مِنهُ حِباءٌ وَكُسوَةٌ / وَرُبَّ اِمرِئٍ يَسعى لِئاخَرَ قاعِدِ
حِياضُ المَنايا لَيسَ عَنها مُزَحزَحٌ / فَمُنتَظِرٌ ظِمأً كَآخَرَ وارِدِ
خَبالٌ وَسُقمٌ مُضنِئٌ وَمَنِيَّةٌ / وَما غائِبٌ إِلّا كَآخَرَ شاهِدِ
فَلَو كانَ حَيٌّ ناجِياً لَوَجَدتَهُ / مِنَ المَوتِ في أَحراسِهِ رَبَّ مارِدِ
أَوِ الحَضرُ لَم يَمنَع مِنَ المَوتِ رَبَّهُ / وَقَد كانَ ذا مالٍ طَريفٍ وَتالِدِ
أَلَم تَرَ أَنَّ الناسَ تَخلُدُ بَعدَهُم / أَحاديثُهُم وَالمَرءُ لَيسَ بِخالِدِ
أَبَت ذِكَرٌ مِن حُبِّ لَيلى تَعودُني
أَبَت ذِكَرٌ مِن حُبِّ لَيلى تَعودُني / عِيادَ أَخي الحُمّى إِذا قُلتُ أَقصَرا
كَأَنَّ بِغُلّانِ الرَسيسِ وَعاقِلٍ / ذُرى النَخلِ تَسمو وَالسَفينَ المُقَيَّرا
أَلَم تَعلَمي أَنّي إِذا وَصلُ خُلَّةٍ / كَذاكِ تَوَلّى كُنتُ بِالصَبرِ أَجدَرا
وَمُستَأسِدٍ يَندى كَأَنَّ ذُبابَهُ / أَخو الخَمرِ هاجَت حُزنَهُ فَتَذَكَّرا
هَبَطتُ بِمَلبونٍ كَأَنَّ جِلالَهُ / نَضَت عَن أَديمٍ لَيلَةَ الطَلِّ أَحمَرا
أَمينِ الشَوى شَحطٍ إِذا القَومُ آنَسوا / مَدى العَينِ شَخصاً كانَ بِالشَخصِ أَبصَرا
كَشاةِ الإِرانِ الأَعفَرِ اِنضَرَجَت لَهُ / كِلابٌ رَآها مِن بَعيدٍ فَأَحضَرا
وَخالي الجَبا أَورَدتُهُ القَومَ فَاِستَقَوا / بِسُفرَتِهِم مِن آجِنِ الماءِ أَصفَرا
رَأَوا لَبَثاً مِنّا عَلَيهِ اِستَقاؤُنا / وَرِيُّ مَطايانا بِهِ أَن تُغَمَّرا
وَخَرقٍ يَعِجُّ العَودُ أَن يَستَبينَهُ / إِذا أَورَدَ المَجهولَةِ القَومُ أَصدَرا
تَرى بِحِفافَيهِ الرَذايا وَمَتنِهِ / قِياماً يُقَطِّعنَ الصَريفَ المُفَتَّرا
تَرَكتُ بِهِ مِن آخِرِ اللَيلِ مَوضِعي / فِراشي وَمُلقايَ النَقيشَ المُشَمَّرا
وَمَثنى نَواجٍ ضُمَّرٍ جَدَلِيَّةٍ / كَجَفنِ اليَمانِي نَيُّها قَد تَحَسَّرا
وَمَرقَبَةٍ عَرفاءَ أَوفَيتُ مَقصِراً / لَأَستَأنِسَ الأَشباحَ فيها وَأَنظُرا
عَلى عَجَلٍ مِنّي غِشاشاً وَقَد دَنا / ذُرى اللَيلِ وَاِحمَرَّ النَهارُ وَأَدبَرا
إِنّي لَتُعديني عَلى الهَمِّ جَسرَةٌ
إِنّي لَتُعديني عَلى الهَمِّ جَسرَةٌ / تَخُبُّ بِوَصّالٍ صَرومٍ وَتُعنِقُ
عَلى لاحِبٍ مِثلِ المَجَرَّةِ خِلتَهُ / إِذا ما عَلا نَشزاً مِنَ الأَرضِ مُهرَقُ
وَظَلَّ بِوَعساءِ الكَثيبِ كَأَنَّهُ / خِباءٌ عَلى صَقبَي بِوانٍ مُرَوَّقُ
تَحِنُّ إِلى مِثلِ الحَبابيرِ جُثَّمٍ / لَدى مَنتِجٍ مِن قَيضِها المُتَفَلِّقِ
وَيَومَ تَلافَيتُ الصِبا أَن يَفوتَني / بِرَحبِ الفُروجِ ذي مَحالٍ مُوَثَّقِ
وَيَومَ تَلافَيتُ الصِبا أَن يَفوتَني
وَيَومَ تَلافَيتُ الصِبا أَن يَفوتَني / بِرَحبِ الفُروجِ ذي مَحالٍ مُوَثَّقِ
سَديسٍ كُبارِيٍّ تَئِطُّ نُسوعُهُ / أَطيطَ رِتاجٍ ذي مَساميرَ مُغلَقِ
غَليظٍ عَلى مَجذى القُرادِ كَأَنَّما / بِجانِبِ صَفوانٍ يَزِلُّ وَيَرتَقي
وَبَيداءَ تيهٍ تَحرَجُ العَينُ وَسطَها / مُخَفِّقَةٍ غَبراءَ صَرماءَ سَملَقِ
بِها مِن فِراخِ الكُدرِ زُغبٌ كَأَنَّها / جَنى حَنظَلٍ في مِحصَنٍ مُتَفَلِّقِ
قَطَعتُ إِذا ما الآلُ آضَ كَأَنَّهُ / سُيوفٌ تَنَحّى نَسفَةً ثُمَّ تَلتَقي
كَأَنّي وَرِدفي وَالفِتانَ وَنُمرُقي / عَلى خاضِبِ الساقَينِ أَزعَرَ نِقنِقِ
تَراخى بِهِ حُبُّ الضَحاءِ وَقَد رَأى / سَماوَةَ قَشراءِ الوَظيفَينِ عَوهَقِ
تَحِنُّ إِلى مِثلِ الحَبابيرِ جُثَّمٍ / لَدى سَكَنٍ مِن قَيضِها المُتَفَلِّقِ
تَحَطَّمَ عَنها قَيضُها عَن خَراطِمٍ / وَعَن حَدَقٍ كَالنَبخِ لَم يَتَفَتَّقِ
أَبيتُ فَلا أَهجو الصَديقَ وَمَن يَبِع / بِعِرضِ أَبيهِ في المَعاشِرِ يُنفِقِ
وَمَن لا يُقَدِّم رِجلَهُ مُطمَئِنَّةً / فَيُثبِتَها في مُستَوى الأَرضِ تَزلِقِ
أَكُفُّ لِساني عَن صَديقي وَإِن أَجَأ / إِلَيهِ فَإِنّي عارِقٌ كُلَّ مَعرَقِ
بِرَجمٍ كَوَقعِ الهُندُوانِيِّ أَخلَصَ ال / صَياقِلُ مِنهُ عَن حَصيرٍ وَرَونَقِ
إِذا ما دَنا مِنَ الضَريبَةِ لَم يَخِم / يُقَطِّعُ أَوصالَ الرِجالِ وَيَنتَقي
تَطيحُ أَكُفُّ القَومِ فيها كَأَنَّما / تَطيحُ بِها في الرَوعِ عيدانُ بَروَقِ
وَفي الحِلمِ إِدهانٌ وَفي العَفوِ دُربَةٌ / وَفي الصِدقِ مَنجاةٌ مِنَ الشَرِّ فَاِصدُقِ
وَمَن يَلتَمِس حُسنَ الثَناءِ بِمالِهِ / يَصُن عِرضَهُ مِن كُلِّ شَنعاءَ موبِقِ
وَمَن لا يَصُن قَبلَ النَوافِذِ عِرضَهُ / فَيُحرِزَهُ يُعرَر بِهِ وَيُخَرَّقِ
لِسَلمى بِشَرقِيِّ القَنانِ مَنازِلُ
لِسَلمى بِشَرقِيِّ القَنانِ مَنازِلُ / وَرَسمٌ بِصَحراءِ اللُبَيَّينِ حائِلُ
عَفا عامَ حَلَّت صَيفُهُ وَرَبيعُهُ / وَعامٌ وَعامٌ يَتبَعُ العامَ قابِلُ
تَحَمَّلَ مِنها أَهلُها وَخَلَت لَها / سِنونَ فَمِنها مُستَبينٌ وَماثِلُ
كَأَنَّ عَلَيها نُقبَةً حِميَرِيَّةً / يُقَطِّعُها بَينَ الجُفونِ الصَياقِلُ
تَبَصَّر خَليلي هَل تَرى مِن ظَعائِنٍ / كَما زالَ في الصُبحِ الأَشاءُ الحَوامِلُ
نَشَزنَ مِنَ الدَهناءِ يَقطَعنَ وَسطَها / شَقائِقَ رَملٍ بَينَهُنَّ خَمائِلُ
فَلَمّا بَدَت ساقُ الجِواءِ وَصارَةٌ / وَفَرشٌ وَحَمّاواتُهُنَّ القَوابِلُ
طَرِبتَ وَقالَ القَلبُ هَل دونَ أَهلِها / لِمَن جاوَرَت إِلّا لَيالٍ قَلائِلُ
تُهَوِّنُ بُعدَ الأَرضِ عَنّي فَريدَةٌ / كِنازُ البَضيعِ سَهوَةُ المَشيِ بازِلُ
كَأَنَّ بِضاحي جِلدِها وَمَقَذِّها / نَضيحَ كُحَيلٍ أَعقَدَتهُ المَراجِلُ
وَإِنّي لَمُهدٍ مِن ثَناءٍ وَمِدحَةٍ / إِلى ماجِدٍ تُبغى لَدَيهِ الفَواضِلُ
مِنَ الأَكرَمينَ مَنصِباً وَضَريبَةً / إِذا ما شَتا تَأوي إِلَيهِ الأَرامِلُ
فَما مُخدِرٌ وَردٌ عَلَيهِ مَهابَةٌ / يَصيدُ الرِجالَ كُلَّ يَومٍ يُنازِلُ
بِأَوشَكَ مِنهُ أَن يُساوِرَ قِرنَهُ / إِذا شالَ عَن خَفضِ العَوالي الأَسافِلُ
فَيَبدَءُهُ بِضَربَةٍ أَو يَشُكُّهُ / بِنافِذَةٍ تَصفَرُّ مِنهُ الأَنامِلُ
أَبى لِاِبنِ سَلمى خَلَّتانِ اِصطَفاهُما / قِتالٌ إِذا يَلقى العَدُوَّ وَنائِلُ
وَغَزوٌ فَما يَنفَكُّ في الأَرضِ طاوِياً / تَقَلقَلُ أَفراسٌ بِهِ وَرَواحِلُ
إِذا نَهَبوا نَهباً يَكونُ عَطائَهُ / صَفايا المَخاضِ وَالعِشارُ المَطافِلُ
تَراهُ إِذا ما جِئتَهُ مُتَهَلِّلاً / كَأَنَّكَ تُعطيهِ الَّذي أَنتَ سائِلُ
أُحابي بِهِ مَيتاً بِنَخلٍ وَأَبتَغي / إِخاءَكَ بِالقَولِ الَّذي أَنا قائِلُ
أُحابي بِهِ مَن لَو سُئِلتُ مَكانَهُ / يَميني وَلَو عَزَّت عَلَيَّ أَنامِلُ
لَعِشنا ذَوي أَيدٍ ثَلاثٍ وَإِنَّما ال / حَياةُ قَليلٌ وَالصَفاءُ التَباذُلُ
وَلَيسَ لِمَن لَم يَركَبِ الهَولَ بُغيَةٌ / وَلَيسَ لِرَحلٍ حَطَّهُ اللَهُ حامِلُ
إِذا أَنتَ لَم تُقصِر عَنِ الجَهلِ وَالخَنا / أَصَبتَ حَليماً أَو أَصابَكَ جاهِلُ
أَرادَت جَوازاً بِالرُسَيسِ فَصَدَّها
أَرادَت جَوازاً بِالرُسَيسِ فَصَدَّها / رِجالٌ قُعودٌ في الدُجى بِالمَعابِلِ
كَأَنَّ مُدَهدى حَنظَلٍ حَيثُ سَوَّفَت / بِأَعطانِها مِن جَزِّها بِالجَحافِلِ
رَأَت رَجُلاً لاقى مِنَ العَيشِ غِبطَةً
رَأَت رَجُلاً لاقى مِنَ العَيشِ غِبطَةً / وَأَخطَأَهُ فيها الأُمورُ العَظائِمُ
وَشَبَّ لَهُ فيها بَنونَ وَتوبِعَت / سَلامَةُ أَعوامٍ لَهُ وَغَنائِمُ
فَأَصبَحَ مَحبوراً يُنَظِّرُ حَولَهُ / بِمَغبَطَةٍ لَو أَنَّ ذالِكَ دائِمُ
وَعِندي مِنَ الأَيّامِ ما لَيسَ عِندَهُ / فَقُلتُ تَعَلَّم أَنَّما أَنتَ حالِمُ
لَعَلَّكِ يَوماً أَن تُراعي بِفاجِعٍ / كَما راعَني يَومَ النُتاءَةِ سالِمُ
يُديرونَني عَن سالِمٍ وَأُديرُهُم / وَجِلدَةُ بَينَ العَينِ وَالأَنفِ سالِمُ
تَبَيَّن خَليلي هَل تَرى مِن ظَعائِنٍ
تَبَيَّن خَليلي هَل تَرى مِن ظَعائِنٍ / بِمُنعَرَجِ الوادي فُوَيقَ أَبانِ
مَشَينَ وَأَرخَينَ الذُيولَ وَرُفِّعَت / أَزِمَّةُ عيسٍ فَوقَها وَمَثاني
عَلى كُلِّ صَهباءِ العَثانينِ شامِذٍ / جُمالِيَّةٍ في رَأسِها شَطَنانِ
وَأَعيَسَ مَخلوجٍ عَنِ الشَولِ مُلبِدٍ / فَنابانِ مِن أَنيابِهِ غَرِدانِ
وَكُلِّ غُرَيرِيٍّ كَأَنَّ فُروجَهُ / إِذا رَفَّعَت مِنهُ فُروجُ حِصانِ
لَهُ عُنُقٌ تُلوي بِما وُصِلَت بِهِ / وَدَفّانِ يَشتَفّانِ كُلَّ ظِعانِ
كَأَنَّ جَسيماتِ القَعائِدِ حَولَهُ / مِنَ الخَيلِ كُمتٌ قُرِّبَت لِرِهانِ
لَعَمرُكَ إِنّي وَاِبنَ أُختِيَ بَيهَساً / لَرادانِ في الظَلماءِ مُؤتَسِيانِ
إِذا ما نَزَلنا خَرَّ غَيرَ مُوَسَّدٍ / وِساداً وَما طِبّي لَهُ بِهَوانِ
لَدى الحَبلِ مَن يُسرى ذِراعَي شِمِلَّةٍ / أُنيخَت فَأَلقَت فَوقَهُ بِجِرانِ
ثَنَت أَربَعاً مِنها عَلى ثِنيِ أَربَعٍ / فَهُنَّ بِمَثنِيّاتِهِنَّ ثَماني
إِلَيكَ مِنَ الغَورِ اليَماني تَدافَعَت / يَداها وَنِسعا غَرضِها قَلِقانِ
كَأَنَّ كُحَيلاً خالَطَتهُ عَنِيَّةٌ / بِدَفَّينِ مِنها اِستَرخَيا وَلَبانِ
تَظَلُّ تَمَطّى في الزِمامِ كَأَنَّها / إِذا بَرَكَت قَوسٌ مِنَ الشِرِيانِ
نَهوزٌ بِلَحيَيها أَمامَ سِفارِها / وَمُعتَلَّةٌ إِن شِئتَ في الجَمَزانِ
وَكَم قَد طَوَت مِن مَنهَلٍ بَعدَ مَنهَلٍ / وَأَورَدتُها مِن آجِنٍ وَدِفانِ
وَأَشعَثَ قَد طارَت قَنازِعُ رَأسِهِ / دَعَوتُ عَلى طولِ الكَرى وَدَعاني
مَطَوتُ بِهِ في الأَرضِ حَتّى كَأَنَّهُ / أَخو سَبَبٍ يُرمى بِهِ الرَجَوانِ
إِذا جَرَّفَت مالي الجَوارِفُ مَرَّةً / تَضَمَّنَ رِسلاً حاجَتي اِبنُ سِنانِ
وَحاجَةَ غَيري إِنَّهُ ذو مَوارِدٍ / وَذو مَصدَرٍ مِن نائِلٍ وَبَيانِ
يَسُنُّ لِقَومي في عَطائِيَ سُنَّةً / فَإِن قَومِيَ اِعتَلّوا عَلَيَّ كَفاني
كَأَنَّ ذَوي الحاجاتِ حَولَ قِبابِهِ / جِمالٌ لَدى ماءٍ يَحُمنَ حَواني
إِذا ما غَشوا الحَدّادَ فَرَّقَ بَينَهُم / جِفانٌ مِنَ الشيزى وَراءَ جِفانِ
إِذا الخَيلُ جالَت في القَنا وَتَكَشَّفَت / عَوابِسَ لا يُسأَلنَ غَيرَ طِعانِ
وَكُرَّت جَميعاً ثُمَّ فُرِّقَ بَينَها / سَقى رُمحَهُ مِنها بِأَحمَرَ آني
فَتىً لا يُلاقي القِرنَ إِلّا بِصَدرِهِ / إِذا أُرعِشَت أَحشاءُ كُلِّ جَبانِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025