القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : صالِح الكَوّاز الحِلّي الكل
المجموع : 30
أغاباتُ أُسْدٍ أمْ بُروجُ كَواكِبِ
أغاباتُ أُسْدٍ أمْ بُروجُ كَواكِبِ / أَمِ الطَّفُ فيهِ اسْتُشْهِدَتْ آلُ غالِبِ
وَنَشْرُ الخُزامى سارَ تَحملُهُ الصَّبا / أَمِ الطّيبُ مِنْ مَثْوى الكِرامِ الأَطايِبِ
وَقفْتُ بِهِ رَهْنَ الحَوادِثِ أَنْحَني / مِنَ الوَجْدِ حَتّى خِلْتُني قَوْسَ حاجِبِ
تَمَثَّلْتُ في أَكْنافِهِ رَكبَ هاشِمٍ / تَهاوَتْ إِليْهِ فيهِ خُوصُ الرَّكائِبِ
أَتَوْها وَكُلُّ الأَرْضِ ثَغْرٌ فَلمْ يَكُنْ / لَهُمْ مَلْجَأٌ إِلّا حُدودَ القَواضِبِ
وَسُمْراً إِذا ما زَعْزَعوها حَسِبْتَها / مِنَ اللِّينِ أَعْطافَ الحِسانِ الكَواعِبِ
وَإِنْ أَرْسَلوها في الدُّروعِ رَأَيْتَها / أَشَدَّ نُفوذًا مِنْ أَخِ الرَّمْلِ واثِبِ
هُمُ القَوْمُ تُؤْمٌ للعَلاءِ وَليدُهُمْ / وَناشِؤُهُمْ لِلْمَجْدِ أَصْدَقُ صاحِبِ
إِذا هُوَ غنَّتْهُ المراضِعُ بِالثَّنا / صَغى آنِساً بِالمدحِ لا بِالمحالِبِ
وَمِن قَبلِ تَلقينِ الأَذانِ يَهُزُّهُ / نِداءُ صَريخٍ أَو صَهيلُ سَلاهِبِ
بِنَفْسي هُمُ مِنْ مُسْتَميتينَ كَسَّروا / جُفونَ المَواضي في وُجوهِ الكَتائِبِ
وَصالوا عَلى الأعداءِ أُسْداً ضَوارياً / بِعُوجِ المَواضي لا بِعُوجِ المَخالِبِ
تَراهُمْ وإنْ لَم يُجْهَلوا يَوْمَ سِلْمِهِمْ / أَقَلَّ ظُهوراً مِنهُمُ في المِواكِبِ
إذا نَكِرَتهُمْ بِالغُبارِ عَجاجةٌ / فَقَد عَرَفتهُمْ قُضْبُهُمْ بِالمَضارِبِ
بَهالِيلُ لم يَبْعثْ لَها العَتْبَ باعِثٌ / إذا قَرَّطَ الكَسْلانَ قَولُ المُعاتِبِ
فما بالُهُمْ صَرْعى ومِنْ فَتَياتِهِمْ / بِهمْ قدْ أَحاطَ العَتْبُ مِن كلِّ جانِبِ
تُعاتِبُهُم وَهْيَ العَليمَةُ أَنَّهُمْ / بَريئونَ مِمّا يَقْتَضي قَوْلُ عاتِبِ
ومَذْهولةٍ في الخَطْبِ حتّى عَنِ البُكا / فَتَدْعو بِطَرْفٍ جامِدِ الدَّمعِ ناضِبِ
تُلَبّي بَنو عَبْسِ بنِ غَطْفانَ فِتْيةً / لَهُمْ قُتِلَتْ صَبْراً بِأَيْدي الأَجانِبِ
وصِبْيَتُكُمْ قَتْلى وَأَسْرى دَعَتْ بِكُمْ / فَما وَجَدَتْ مِنْكُمْ لَها مِن مُجاوِبِ
وَما ذاكَ مِمّا يَرتَضيهِ حِفاظُكُمْ / قَديماً وَلَمْ يُعْهَدْ لَكُمْ في التَّجارِبِ
عَذَرتُكُمُ لَم أَتَّهِمْكُمْ بِجَفوةٍ / ولا ساوَرَتْكُمْ غَفْلةٌ في النَّوائِبِ
شَكَتْ وارْعَوَتْ إِذْ لَم تَجِدْ مَن يُجيبُها / وما في الحَشا ما في الحَشا غَيرُ ذاهِبِ
وباكية حرى الفؤاد دموعها / تصعد عن قلب من الوجد ذائب
تصك يديها في الترائب لوعةً / فتلهب ناراً من وراء الترائب
ومدت إلى نحو الغريين طرفها / ونادت أباها خير ماشٍ وراكب
أَبا حَسَنٍ إِنَّ الذينَ نَماهُمُ / أبو طالِبٍ بِالطَّفِّ ثَأْرٌ لِطالِبِ
تَعاوَتْ عَلَيهِمْ مِنْ بَني صَخْرَ عُصْبَةٌ / لِثاراتِ يَومِ الفَتْحِ حَرّى الجَوانِبِ
وَسامُوهُمُ إِمّا الحَياةُ بِذِلَّةٍ / أَوِ المَوْتَ فَاخْتاروا أَعَزَّ المَراتِبِ
فَهاهُمْ عَلى الغَبْراءِ مالَتْ رِقابُهُمْ / وَلمّا تَمِلْ مِن ذِلَّةٍ في الشَّواخِبِ
سُجودٌ عَلى وَجْهِ الصَّعيدِ كَأَنّما / لَها في مَحاني الطَّفِّ بَعضُ المَحارِبِ
معارضها مخضوبةً فكأنها / ملاغم أسدٍ بالدماء خواضب
تفجر من أجسامها السمر أعيناً / وتشتق منها أنهر بالقواضب
ومما عليك اليوم هون ما جرى / ثووا لا كموثوى خائف الموت ناكب
أصيبو ولكن مقبلين دماؤهم / تسيل على الأقدام دون العراقب
ممزقة الأدراع تلقا صدورها / ومحفوظة ما كان بين المناكب
تأسى بهم آل الزبي فذللت / لمصعب في الهيجاء ظهور المصاعب
ولولاهم آل المهلب لم تمت / لدى واسط موت الأبي المحارب
وزيد وقد كان الأباء سجيةً / لأبائه الغر الكرام الأطائب
كأن عليه ألقي الشبح الذي / تشكل فيه شبه عيسى لصالب
فقل للذي أخفى عن العين قبره / متى خفيت شمس الضحى بالغياهب
وهل يختفي قبر امرئٍ مكرماته / بزغن نجوماً كالنجوم الثواقب
ولو لم تنم القوم فيه إلى العدى / لنمت عليه واضحات المناقب
كأن السما والأرض فيه تنافساً / فنال الفضا عفواً سني الرغائب
لئن ضاق بطن الأرض فيه فإنه / لمن ضاق في آلائه كل راحب
عجبت وما أحدى العجائب فاجأت / بمقتل زيد بل جميع العجائب
أتطرد قربي أحمد عن مكانه / بنو الوزغ المطرود طرد الغرائب
وتحكم في الدين الحنيف وإنها / لأنصب للإسلام من كل ناصب
أما في بَياضِ الشَّيبِ حِلْمٌ لأَحمَقِ
أما في بَياضِ الشَّيبِ حِلْمٌ لأَحمَقِ / بِهِ يَتَلافى مِن لَياليهِ ما بَقي
وما بِالأُلى بانوا نَذيرٌ لسامِعٍ / فَإِنَّ مُناديهم يُنادي الحَقِ الحَقِ
وإِنَّ امْرَأً سِرْنَ اللَّيالي بِظَعْنِهِ / لأَسْرَعُ ممَّنْ سارَ مِنْ فَوق أَينُقِ
وسِيّانَ عِندَ المَوتِ مَن كان مُصْحِراً / ومَنْ كانَ مِن خَلفِ الخِباءِ المُسَرْدَقِ
وهَلْ تُؤْمَنُ الدُّنيا التي هِيَ أَنزلَتْ / سُليمانَ مِن فَوقِ البِناءِ المُحَلَّقِ
وَلا سَدَّ فيها السَّدُّ عَمَّنْ أَقامَهُ / طَريقَ الرَّدى يَوماً ولا ردَّ ما لَقي
وَأَعْظَمُ ما يُلْقى مِنَ الدَّهرِ فادِحٌ / رَمى شَملَ آلِ المُصْطَفى بالتَّفَرُّقِ
فَمِن بَينِ مَسمومٍ وَبينِ مُشَرَّدٍ / وبينِ قَتيلٍ بالدِّماءِ مُخَلَّقِ
غَداةَ بَني عَبدِ المنافِ أُنوفُهُمْ / أَبَتْ أَنْ يُسافَ الضَّيمُ مِنها بمَنْشَقِ
سَرَتْ لم تُنكِّبْ عَنْ طَريقٍ لِغَيرِهِ / حِذارَ العِدى بَلْ بِالطَّريقِ المُطَرَّقِ
ولا دَخَلَتْ تَحتَ الذِّمامِ ولا اتَّقَتْ / بِغَيرِ القَنا أَعْداءَها يَومَ تَتَّقي
إِلى أَنْ أَتَتْ أَرضَ الطُّفوفِ فَخَيَّمتْ / بِأَعْلى سَنامٍ للعَلاءِ وَمَفْرِقِ
وَأَخْلَفَها مَن قَدْ دَعاها فَلَمْ تَجِدْ / سِوى السَّيفِ مهما يُعْطِها الوَعْدَ يَصْدُقِ
فمالَتْ إِلى أَرْماحِها وَسُيوفِها / وَأَكْرِمْ بِها أَنصارَ صِدْقٍ وأَخلِقِ
تَعاطتْ عَلى الجُرْدِ العِتاقِ دَمَ الطِّلا / ولا كَمُعاطاةِ المُدامِ المُعَتَّقِ
فما بَرِحَتْ تَلْقى الحَديدِ بِمِثْلِهِ / قُلوباً فَتَثْني فَيْلَقاً فَوقَ فَيْلَقِ
إِلى أَنْ تَكَسَّرْنَ العَواسِلُ والظُّبا / وَمُزِّقَتِ الأَدْراعِ كُلَّ مُمَزَّقِ
وَتاقَتْ إِلى لُقْيا الإِلهِ نُفوسُها / فَفارَقْنَ مِنْها كُلَّ جِسْمٍ مُفَرَّقِ
وَما فارَقَتْ أَيمانَها بِيضُ قُضْبِها / وَما سَقَطَتْ إِلّا بِكَفٍّ وَمِرْفَقِ
وَما رَبِحَتْ مِنْها العِدى بَعدَ قَتْلِها / مِن السَّلبِ إِلا بِالدِّلاصِ المُخَرَّقِ
أَلا مُتْهِمٌ يَنْحُو المَدينةَ مُسرِعاً / لِيوصِلَها عَنّي رِسالَةَ مُعْرِقِ
إِذا حَلَّ مِنْها مَهْبِطَ الوَحْيِ فَلْيُنِخْ / وَيُعْوِلْ كَإِعْوالِ الوَلودِ المُطَرِّقِ
أَهاشِمُ هُبّي لِلْكِفاحِ فَلَمْ أَخَلْ / على الضَّيْمِ يَوْماً أَنْ تَقَرّي وَتُخْفِقي
فَإِنَّ دَمَ الأَنْجابِ مِنْ آلِ غالِبٍ / أُريقَ عَلى كَفِّ ابنِ ضَبْعٍ مُلَفَّقِ
فَلَيْسَ بِمُجْدٍ بَعدَ غَبنِكِ فيهِمُ / بِأَنْ تَقْرَعي سِنًّا عَليهِمْ وَتَصْفِقي
مَضى مَنْ قُصَيٍّ مَن غَدَتْ لِمُضِيِّهِ / كَوَجهِ قَصِيرٍ شانَهُ جَدْعُ مَنْشَقِ
وَكَمْ مِن صَبِيٍّ لمْ يَشِبَّ تَرَفُّعًا / عَنِ الطَّوقِ ذي جِيدٍ بِسَيفٍ مُطَوَّقِ
وَطِفْلٍ عَلى الغَبْراءِ تَنظُرُ وَجْهَهُ / كَشِقَّةِ بَدْرٍ بالثُّرَيّا مُقَرْطَقِ
أَذاقُوهُمُ حَرَّ الحَديدِ عَواطِشاً / وَمِنْ عَذْبِ ماءٍ قَطْرَةً لم تَذَوَّقِ
لَوَ انَّ رَسولَ اللهِ يُرْسِلُ نَظْرَةً / لَرُدَّتْ إِلى إِنْسانِ عَينٍ مَؤَرَّقِ
وَهانَ عَليهِ يَومُ حَمْزَةَ عَمِّهِ / بِيومِ حُسَينٍ وَهْوَ أَعْظَمُ ما لَقي
وَنالَ شَجًا مِنْ زَيْنَبٍ لمْ يَنَلْهُ مِنْ / صَفِيَّةَ إِذْ جاءَتْ بِدَمْعٍ مُدَفَّقِ
فَكَمْ بَينَ مَنْ لِلْخِدْرِ عادَتْ كَريمَةً / وَمَنْ سَيَّروها في السَّبايا لِجِلَّقِ
وَلَيْتَ الذي أَحْنى عَلى وُلْدِ جَعْفَرٍ / بِرِقَّةِ أَحْشاءٍ وَدَمْعٍ مَرَقْرَقِ
رَأى بَيْنِ أَيْدي القَوْمِ أَيْتامَ سِبْطِهِ / سَبايا تَهادى مِنْ شَقِيٍّ إِلى شَقي
وَرَيّانَةِ الأَجْفانِ حَرّانَةِ الحَشا / فَفي مُحْرِقٍ قامَتْ تَنوحُ وَمُغْرِقِ
فَلا حَرُّ أَحشاها مُجَفِّفُ دَمْعِها / وَلا الدَّمعُ ماضٍ عَن حشاها بمحرق
فَقُلْ لِلنُّجومِ المُشرِقاتِ أَلا اغرُبي / وَلا تَرْغَبي بَعدَ الحُسَينِ بِمَشْرِقِ
فَقَدْ غابَ مِنها في ثَرى القَبْرِ نَيِّرٌ / مَتى هِيَ تَستَقْبِلْ مُحَيّاه تُشْرِقِ
وَقُلْ لِلبِحارِ الزّاخِراتِ أَلا انضُبي / مَضى مَن نَداه مَدَّها بِالتَّدَفُّقِ
إذا أنا لا أبكي لمثلك حق لي
إذا أنا لا أبكي لمثلك حق لي / بكائي على أني لمثلك لا أبكي
وكيف يصان الدمع من بعدما اجتروا / على حرمات اللَه أعداك بالهتك
أأنسى دموعاً أو دماءاً تجاريا / من الآل يوم الطف بالسفح والسفك
بنفسي ملوك العز كافحت العدى / على العدل ما بين الورى لا على الملك
إلى أن مضوا صرعى فميز قتلهم / إلى الناس ما بين الهداية والشرك
فإن جحدوا حق الوصي وفاطم / وتمزيق ذاك للصك
وسم سليل المصطفى الحسن الذي / بنكهته اعتاض النبي عن المسك
فلم يجحدوا ذبح الحسين وما جرى / عليه غداة الطف من أعظم الفتك
فتلك رزايا في السماء إلى الثرى / فمن ملك يبكي عليه ومن ملك
كفى حزناً أن المحاريب أظلمت / غداه توارى في الثرى كوكب النسك
لقد حرمت سلمى عليك خيالها
لقد حرمت سلمى عليك خيالها / فلم تتوقع بعد ذاك وصالها
فمن كل عن أمر وحاول فوقه / فقد رام من بين الأمور محالها
ومن لم ينل داني السحاب فضلة / إذا رام من شهب السماء هلالها
وهاجرة والشيب علةٌ هجرها / وتلك لديها عثره لن تقالها
لقد كان يدنيها إليك مودةٌ / فتأمن فيه هجرها وملالها
سواد قذالٍ كان في العين أثمدا / فسرعان ما ولى وأبقى القذا لها
وهب أنها من فعلها الهجر والجفا / هل النوم من عينيك جاري فعالها
ليالي طالت بالصدود قصارها / وقد قصرت الوصل القديم طوالها
في الغيد إن دام الشباب يداً وإن / أزيل فلا تأمن هناك زوالها
يعذبن قلبي والشباب شفيعه / فكيف وساعي الشيب فيه سعى لها
لقد كن في ليل الشباب كواكباً / فلما بدا صبح المشيب أزالها
وما الشيب إلا مثل نار ضياؤها / بفودك والأحشاء تصلي اشتعالها
وإن سراج العيش حان انطفاؤها / فقد أشعلت نار المشيب ذبالها
وكل بعيدٍ للحياة مقرب / إذا ما حدت فيه الليالي جمالها
ألا هبةً للنفس من سنة الهوى / إلى رتبة من حارب النوم نالها
فلو لم تنم أجفان عمرو بن كاهل / لما نالت النمران منه منالها
فلمها على سوء الفعال ابتداؤها / لتختم في حسن المقال فعالها
إذا النفس لم تختم عواقب فعلها / بمدح بني الهادي أطالت ضلالها
ولم يبتكر فيه المعاني وإنما / تكرر في القرآن ما اللَه قالها
أعزاء إلا أنها لضيوفها / تذل فتنسى النازلين ارتحالها
أنالت بني الآمال فوق مرامها / وما كدرت بالمن يوماً نوالها
فلم تكن الدنيا لها غير دارها / وما كان خلق اللَه إلا عيالها
إذا جاءت الوفاد تسأل رفدها / كفتها تبعجيل الهبات سؤالها
وقد علمت أقارنها ولظى الوغى / تشب إلى أم السماء اشتعالها
إذا ما دعت يوماً نزال تبادرت / إليها كماة لا تطيق نزالها
محطمةً أرماحها في صدورها / ومغمدة بالهام منها نصالها
سرت بعميد لا تغص جفونه / على الضيم أو تلعو الصعيد جبالها
أخي هبوات حجب الشمس ليلها / وأبدى من البيض الصفاح مثالها
وذي غزواتٍ تملأ السمع صيحةً / وتخرس ذعراً من أراد مقالها
بوادره مرهوبةٌ وحروبه / وتقاسي ملوك الأرض منها عضالها
سما فاستغاثت فيه ملة جسده / وهل تستغيث الناس إلا ثمالها
غداة أحل الظالمون حرامها / كما حرموا منها عناداً حلالها
فسار بظل السمهرية فوقها / من الطير ما أضحى العجاج ظلالها
إلى أن أتى أرض العراقين هادياً / أناسٌ أبت في الدين إلا ضلالها
فسدت عليه السبل من كف حيدرٍ / أطاحت برغم الأنف منها سبالها
وأهل قلوب قد شجتها معاشرٌ / عليها لدى بدر القليب أهالها
كفاها افتضاحاً حيث قامت تسومه / دماءاً بسيف اللَه قدماً أسالها
كأني به والصحب صرعى كأنها / ضراغمة غول المنية غالها
يكافح والهيجاء تغلي بخطبها / مراجلها فرسانها ورجالها
يريك إذا ما أومض السيف في الوغى / وقد أخذت منه الدماء انهمالها
وميض حسامٍ في سحاب عجاجةٍ / وقطر دماءٍ لا تجف انهطالها
وما أشغلت منه الحفاظ نقيبة / أطالت بحفظ الكائنات اشتعالها
إلى أن جرى حكم المشيئة بالذي / جرى وعروش الدين قسراً أمالها
وقوض بالصبر الجميل فتى به / فقدن حسان المكرمات جمالها
لك اللَه مقتولاً بقتلى لك الهدى / أباح قديماً قتلها وقتالها
فليت رماحاً شجرتك صدورها / تلقيت في أحشاء صدري طوالها
وليت قسياً قد رمتك سهامها / يقاسي فؤادي في فداك نبالها
وبيض صفاح صافحتك فليتني / وقيتكها في صفحتي صقالها
وأعظم ما يرمي القلوب بمحرق / وتهمي له سحب الجفون سحالها
عقائلكم تسري بهن إلى العدى / نجائب إنساها المسير عقالها
وزينب تدعو والشجى ملؤ صدرها / بمن ملأت صدر الفضاء نوالها
أيا إخوتي لا أبعد اللَه منكم / وجوهاً تود الشهب تمسي مثالها
نشدتكم هل ترجعون لحيكم / فتحي عفاة أتلف الدهر حالها
نشدتكم هل تركزون رماحكم / بدار لها الوفاد شدت رحالها
وهل اسمعن تصهال خيلكم التي / يود بأن يمسي الهلال نعالها
وهل أنظر البض المحلاة بالدما / تقلدتموها وانتضيتم نصالها
فيا ليت شعري هل ابيتن ليلةً / ببحبوحةٍ تحمي وأنتم حمى لها
وتمسي دياري مثل ما قد عهدتها / ملاذ دخيل ظل يأوي حجالها
فنيتم ولم تبلغ كهول قبيلكم / مشيباً ولا الشبان تلقى اكتهالها
هبو أنكم قاتلتم فقلتم / فما ذنب أطفالٍ تقاسي نبالها
رجالهم صرعى وأسرى نساؤهم / وأطفالهم في الأسر تشكو حبالها
فما لقصى أحجمت عن عداتها / مذ استقصت الأوتار منها فما لها
وألوية الأشراف آل لويها / لوتها الأعادي بعد ما اللَه شالها
ووإن قناة الفخر من فهرر قصدت / ولم تلق من بعد الحسين اعتدالها
ومدركةً تدري عشية أدركت / مناها العدى منها ونالت منالها
بنفسي قوماً زايلتني فلم أزل / أرى كل آنٍ نصب عيني خيالها
وكيف انثنت مقطوعةً وصلاتها / ولم تر إلا بالنبي اتصالها
تعل القنا منهم وتنتهل الضبا / وتغدو دماها علها وانتهالها
مصائب لا نسطيع يوماً سماعها / فواعجباً كيف استطعنا مقالها
فيا من عليهم تجعل الناس في غدٍ / وفي اليوم من بعد الإله اتكالها
زففت إليكم من حجال بديهتي / عروس نظامٍ دان أهل الحجى لها
فإن قبلت هانت عظائم عثرتي / وأيقنت أن اللَه فيها أقالها
فما ضر ديواني سواد طروسه / إذا لقيت في الحشر منكم صقالها
وما ضر ميزاني ثقال جرائمي / إذا كنت فيها مستخفاً ثقالها
ولا أختشي هولاً وإن كنت طالحاً / إذا قيل يوم الحشر صالح قالها
أتكثر في الأبصار هذي الثواقب
أتكثر في الأبصار هذي الثواقب / وتعظم للوراد هذي المشارب
ببيت ابن من قام الوجود بسرهم / فمن جودهم أنهاره والكواكب
ولو هبطت وهو الصعود لبيتهم / ذكاء وما منها الأشعة كاسب
وسالت من الأنهار ما قد أعده / آله الورى للمتقين الأطائب
لما كان ذا إلا القليل بحقهم / وما كان إلا بعض ما هو واجب
بكاظمهم غيظاً سما حسن العلا / وأحمدهم فعلاً تنال الرغائب
كأن الذي يعطيه باقٍ بكفه / وأن الذي يبقى وإن قل ذاهب
فتى لا يبالي إن تفرق ماله / وقد جمعت فيه لديه المناقب
ومن عجب أنى يلام على الندى / فتى قد نمته الأكرمون الأطائب
إذا كانت الأبناء فيها شمائل / لآبائها فالأمهات نجائب
ولما رأى الأعراب تعلي بيوتها / وتطلب فخراً وهو نعم المطالب
بنى بيت شعرٍ فيه يجتمع النهى / وتفخر أملاك السما لا الأعارب
إذا قلته جون السحاب يقول لي / صه أين مني في المنال السحائب
إذا انعقدت أبدت على الناس غيهباً / وأني الذي تنجاب عن الغياهب
كأن عمادي سوق دوحٍ ثماره / وأوراقه شهب السماء الثواقب
فهن رجوم للعدا وهدايةٌ / لطلاب نهج الحق والحق لاحب
وإن أنس لا أنس الهمام أخا النهى / فتى كنهه عن طائر الفكر عازب
له أسوةٌ في كل داعٍ إلى الهدى / وإن قيل في الدعوى وحاشاه كاذب
عليه سلام اللَه ما ذكر اسمه / ووافاه في أسماء آباه خاطب
وما أشرقت شمس النهار بمشرقٍ / وما حازها عند المساء المغارب
أضاءت ولا مثل النجوم الثواقب
أضاءت ولا مثل النجوم الثواقب / مصابيح بيت من بيوتات غالب
مصابيح كانت للمحب هدايةً / ولكن رجوماً للعدو المجانب
ترى ضوءها أهل السماء كما ترى / لدى الأفق أهل الأرض نور الكواكب
ولو أنها في الأفق كانت لما غشى / جوانبه في الدهر لون الغياهب
ولم يفتقر أفق السماء لكوكب / سواها وقد أغنته عن كل ثاقب
ولاحت ولا كالشمس تحت غمامةٍ / بدا حاجبٌ منها وضنت بحاجب
ولكنها لاحت كنار قراهم / تحيي البرايا من جميع الجوانب
يؤججها وهاجةً في سما العلا / فتى قد نمته الصيد من آلا غالب
أخو الهمة العلياء أحمود من غدا / لأحمد ينمى أصله في المناسب
ويترع عذباً خاله الناس كوثراً / به فاز من قبل الظما كل شارب
لدى ليلةٍ لو مثلها كل ليلةٍ / أمن الليالي موبقات النوائب
سمت وتعالت رفقة بمسرةٍ / لمولى سما بالملك أعلى المراتب
يؤدي لها ما كان فرضاً ومثله / فتى ليس يلهو قط عن كل واجب
يعظم في الدنيا شعائر دولةٍ / معظمةٍ في شرقها والمغارب
يواسي مليكاً بالمسرة طلما / يواسي رعاياه بجم الرغائب
تقاسمه الناس المسرات مثلما / تقاسمه أمواله في المواهب
مليك له دان الملوك فأصبحت / وهم بين راجي النيل منه وراغب
أقول وقد أهديتها بدويةٌ / تتيه على من في بيوت الأعارب
أبت كفؤها إلا ذوابة هاشم / وفاقت علواً من جميع الذوائب
أحلماً ودين اللَه أوشك يتلف
أحلماً ودين اللَه أوشك يتلف / وصبراً وداعي الشرك يدعو ويهتف
وحتى متى سيف الإله معللٌ / بضرب طلا أعدائه ومسوف
هو السيف ما لم يألف الغمد نصله / وما السيف سيف وهو للغمد يألف
أما آن أن تحيي الهدى بعد موته / بيوم يميت الشمس نقعاً ويكسف
وشعواء فيها الدهر يرجف خيفةً / وينسد منها الأفق والأرض ترجف
ويعقد فيها النقع غيماً مظللاً / وترعد فيها الأسد والبيض تنطف
كتائب ينطحن الخميس كباشها / ولا روق إلا ذابل ومثقف
إذا نزلت أرض العدو طمت بها / بحار دمٍ فعم على النجم تشرف
تزاحم برج الحوت حتى يعومها / وتدنو من الكف الخضيب فتغرف
وإن فغرت للحرب فاغرة الردى / رموها بما فيه تغص وتقذف
فلا عيب فيهم غير مطلٍ عدوهم / إذا استقرضوا منه الدما وتسلفوا
وأوفى عباد اللَه إلا بحالةٍ / إذا وعدوا البيض الغمود فلم يفوا
يميلون شوقاً للوغى فكأنما / كؤوس الردى صرف المدامة قرقف
إذا ما احتفت يوم الهياج جيادهم / نعلن من الهامات ما البيض تنقف
أبا القاسم المهدي لا عز أو ترى / لك الكتب تتلى والكتائب تزحف
فقم طالباً حق الخلافة معلماً / فهاهي في أيدي العدو تلقف
أتصدر وراداً لكم عن كيها / محلأة والقوم منهن تنزف
وتوحش هاتيك المنابر منكم / وتنزو عليهن القرود وتشرف
أما هاشم قدماً أذلوا صعابها / فما بالها تيمٌ رقوها وأردفوا
وهذا لواء المسلمين برغمهم / على رأس أشقى العالمين يرفرف
إذا أومض البرق الحجازي في الدجى / كعرنين قن من بني الزنج يرعف
شخصنا إليه مثلما شخصت إلى / الحمائم أفراخ لها تتشوف
رجاءاً إلى السيف الذي في وميضه / عن الخلق طراً ظلمة الجور تكشف
حسام إذا ما واكل الموت في الوغى / مضى بفم أضحى على الموت يجحف
وإن ورد الأعناق يوماً حكينه / من الهيم بعد الخمس عطشى تلهف
على سابق لو رامت الريح سبقه / لعادت إليه ضالعاً تتقحف
دعوتك والأبصار شاخصةٌ إلى / وميض حسام للنواظر يخطف
دعوتك للتوحيد قد غال أهله / أناسٌ على الأوثان تحنو وتعكف
دعوتك للدين الحنيف فقد غدا / ضئيلاً عليه الشرك يقوى فيضعف
دعوتك للقرآن راح ممثلاً / بأيدي أناسٍ غيروه وحرفوا
دعوتك للشرع الشريف مغيراً / بما قعدوا أهل الضلال ووظفوا
دعوتك للمظلوم ضاع حقوقه / وليس له من عصبة الجور منصف
إليك ولي اللَه بث شكايةً / تهدلها الأطواد والأرض تخسف
أترضى وأنت المستجار بأننا / بأيدي العدا من أرضنا نتخطف
وما ألفت أكبادنا حب غيركم / فكيف إلى أعدائكم نتألف
وأنى وأهل الدين تصحب عصبةٌ / سوى الجبت ديناً في الورى ليس تعرف
وكيف نغادي أو نراوح معشراً / يميل بنا عنهم ولا كم ويصرف
إذا أنت بالأغضاء عاملت كاشحاً / فمن ذا على أشياعكم يتعطف
ومن يكشف الغماء عن متلهفٍ / أضر بأحشاه إليك التلهف
ومن ذا إذا ما صرح الدهر خطبه / بمنعته يحمي الطريد المخوف
وأيسر ما يشجيك أن مجاوري / ضريح أبيك السبط عن قبره نفوا
يعدوان قيد الرمح عنه مسافةً / فكيف بهم والبعد وعروٌ ونفنف
ومن لم تطلق حمل الرداء متونه / فكيف بحمل الراسيات يكلف
فما آدم في يوم راحٍ مفارقٌ / لجنان بدمع يستهل ويذرف
بأغزر دمعاً منهم يوم فارقوا / ذرى حرم بابن النبي يشرف
فآهً لأرض الطف في كل برهةٍ / يجدد فيها حادثٌ لا يكيف
وأن نساء المؤمنين ذواعرٌ / تراع كل ريع الحمام المغدف
يلاحظها رجسٌ ويقرف عرضها / غبي بأصناف اللعائن يقرف
أيامي ولم يثكلن بعلا وحولها / يتامى وأبى لهم ليس تحتف
وأعظم مفقود من الناس آخذ / عن الأهل نأياً حاله ليس يعرف
لئن ضرب الأمثال في فقد يوسف / وما نال من يعقوب فيه التأسف
فها نحن في جيل به كل والد / من الناس يعقوب ينائيه يوسف
فهذا ولم تهتك حجاب تصبرٍ / عليك بإمها العدو يسجف
ولم تنتض السيف الذي حده على / رقاب العدا من شفرة الموت أرهف
أيملك أمر العرب من لا أباً له / ولم ينمه منهم نزار وخندف
لئيم فما للصفح عند اقتداره / محلٌّ وما للحلم أن هاج موقف
أحب الورى من ليس يحنو عليه / لديه وإعداهم له المتلطف
ومن لقطته العاهرات من الخنا / فكيف بأبناء العفائف يلطف
وما لبني الآمال إلا ابن حرة / يغار عليهم أن يضاموا ويأنف
وأنا لندري أن يومك كائن / وإن حال فيه عن سواه التخلف
ولكننا لا نستطيع تصبراً / لطول أناةٍ منك للقلب تحتف
وأين الجبال الراسيات رزانةً / من الذر فوق الأرض والريح تعصف
أقول لنفسي عندما ضاق رحبها / وكادت على سبل المهالك تشرف
وكادت ممضات الزمان تميل بي / إلى هلع يلقى له الحلم أحنف
رويداً كأني بالأماني صدقنني / بإنجاز وعد للهدى ليس يخلف
إليك ابن طه بنت فكر زففتها / تتيه على أترابها وتغطرف
تجر ذيولاً من برود شكايةٍ / تطرز في حسن الرجا وتفوف
عتبت عليه لو يرق لعاتبٍ
عتبت عليه لو يرق لعاتبٍ / وناشدته لو كان يوماً مجاوبي
وأطنب في الشكوى إليه لو أنه / سميع لشكوى وأجد القلب لأهب
أفي كل يومٍ للمنية غارةٌ / تعود بها الأرواح طعمة ناهب
هو الموت من حيث التفت وجدته / على كل حي كان ضربة لازب
فلا رد عن اسكندر ما افتدى به / ولا سد عنه السد ثغر النوائب
ولا مالت الأموال عنه بحتفه / ولم يمح مكتوب قضى بالكتائب
ولا مثل يوم المرتضى يوم نكبةٍ / أبانت بأن اللَه أغلب غالب
وراءك من ناع كأنك للورى / من النفخة الأولى أتيت بعاطب
أوانك إدراك الأنام سلبته / فلم يفرقوا ما بين أنف وحاجب
يخبر أن الدين قد أزمع النوى / وكان من الترحال من فوق غاربي
لك اللَه من ندب إلى اللَه ضاعن / وللدين والدنيا صراخ النوادب
إذا صرخت أقصى المشارق ثاكلٌ / تجاوبها ثكلى بأقصى المغارب
متى تلد الدنيا نظير مالكاً / لها تاركاً في وصلها غير راغب
ترى بيضها بيض السيوف وصفرها / إذا قاربت كفيك صفر العقارب
أتتك بأبهى ما بها من بشاشةٍ / فلاقيتها في وجه أعبس قاطب
فما تركت من حيلةٍ عملت بها / وجاءتك ترجو الصيد كل جانب
فأرجعتها عطلى تجر شراكها / رجوع امرئٍ عن مؤمل الصيد خائب
ألحت فلم تنعم عليك خطابها / وكم نفخت نشزاً على كل خاطب
كأنك والدنيا المسيح وغادةً / فكنت حصوراً مثله لم تقارب
ألا م يعزي آل بيت محمدٍ / بمؤتمنٍ ما خان نيلة شارب
وكافل أيتام لهم وأرامل / وهادي محبيهم سواء المذاهب
وكوكب محراب ومنطيق منير / وفيصل أحكام وغيث مواهب
ومستجمع الأضداد من بشر عالم / وهيبة سلطانٍ وحالة راهب
فلا تشمت الحساد في فقد ذاهب / فللَه فينا حجة غير ذاهب
أبو صالح المهدي واحد عصرنا / فأكرم به من واحد العصر صاحب
يهتك أتسار الغيوب بفكرةٍ / إذا هي زجت أحضرت كل غائب
ينبؤنا بالمشكلات صريحةً / فيشكل فينا أمره بالعجائب
يحدث أصحاباً ويقضي خصومةً / ويرقم مجهول العلوم الغرائب
فلم تلهه أقلامه عن مخاطب / ولا ينتهي عنها بقول المخاطب
ولو أنه قد كان في عصر جده / لأصبح منهم بين غالٍ وناصب
أخو همةٍ لم يحدث الدهر فتنةً / على الناس إلا غالها بالمعاطب
فيصلح من جهالها كل فاسد / ويخمد من نيرانها كل ثاقب
فتى ساس أهل الدهر في طب حكمه / فجربهم ثم اغتنى بالتجارب
يمرن أبناه على المجد صبيةً / كما مرن البازي كف الملاعب
وما ذاك من خوف الخمول وإنما / لتنتدب الفرسان فوق السلاهب
جرى وجروا في إثره نحو غايةٍ / فما اختلفوا إلا برور المناكب
وكل على كل تقدم في العلى / على قدر فضل السن غير مغالب
تقدم مقدار الجلالة جعفر / فحل من المهدي أعلى المراتب
ترقى براق العلم بل رفرف التقى / إلى قاب قوس مدرك العقل عازب
وكل إذا أبصرته شمت كوكباً / وضيئ المحيا في محل الكواكب
أخو فطنةٍ فيها استطال نباهةً / على كل كثلٍ للكرام وشائب
فلو أنه يملي على كل كاتب / قديم القضايا أعجزت كل كاتب
يكاد بأن يروي بعظهم أطلاعه / إلى ابن أبي الدنيا قديم العجائب
ولو رام كعب أن يجاري حديثه / كساه من الخجلان حلة كاعب
أضاءت بهم فيحاء بابلٍ مثلما / أضاءت قديماً في السنين الذواهب
فليست تبالي بعد أن ظفرت بهم / أغاب الذي قد غاب أم غير غائب
أعدتم لنا العصر القديم ومن به / من العلماء الفاضلين الأطائب
ألا طرق الأسماع ما قد أصمها
ألا طرق الأسماع ما قد أصمها / وكلم أحشاء تكابد كلمها
مصاب به خص الكرام من الورى / ولم يعد باقي العالمين فعمها
حمدت الليالي برهة قبل وقعه / وقد حق لي من بعده أن أذمها
ليالي لم تبرح تجد بحربنا / وإن لعبت يوماً فعاينت سلمها
ليالي لا ينفك في النسا جورها / فسل أن تسل عنها جديساً وطسمها
مضت بعظيم القدر وابن عظيمه / وما استعظمت بين البرية جرمها
مضت بالفتى المهدي من شاد للعلا / دعائم لا يسطيع ذا الدهر هدمها
مضت بالذي يمضي على الدهر حكمه / وقد أنفذت فيه المنية حكمها
دنت من مليك دونه حاجب النهى / يذود فأنى أقصدت فيه سهمها
مضى مطعم الغرثى بداجيةٍ الشتا / فكيف أذاقته المنية طعمها
مضى من ينسي الضيف أهليه بالقرى / وينسي اليتامى ساعة الشكل يتمها
مضى من أباد البخل في سيف جوده / وللجود أسياف أبي المجد ثلمها
مضى واصل الأرحام بعد انقطاعها / إذا قطعت أهل المروة رحمها
إلى تربةٍ عادت عبيراً فأصبحت / تحاول أملاك السماوات لثمها
إلى خير قبر ما رأى الناس مثله / ثرى جمعت فيه المعالي فضمها
له الحلما شقوا الجيوب وزايلت / عشيةً عنهم شخصه زال حلمها
إذا احتشمت لطم الخدود أكفها / فقد جعلت حزناً على الهام لطمها
فلم أدر حتى وارت الأرض شخصه / جبال النهى يخفي الصعيد أشمها
فلم أدر حتى وارت الأرض شخصه / بدور الهدى يخفى الصعيد أتمها
فلم أدر حتى وارت الأرض شخصه / بحور الندى يخفي الصعيد خضمها
لئن أسفت فيه النفوس فأنسها / بوالده أضحت تنفس غمها
فتى باذلاً في اللَه للناس ماله / فلا حمدها يرجو ولم يخش ذمها
فتى سورة الإخلاص ملء فؤاده / وفي سورة الأنعام للناس عمها
إذا جمحت خيل السنين بأهلها / لوى بالندى رغماً على الدهر لجمها
علا لو تراءت من خصيب وحاتم / ومعن لباتوا يحسدونك عظمها
علا مالها إلا محمد صالح / فمن رام أدناها فقد رام ظلمها
به وأخيه وابنه وشبولهم / سماهم المعالي أزهر اللَه نجمها
فكانوا نجوماً في سماء سماحةٍ / أنالت شياطين الأشحاء رجمها
خلائقها تدني إليها وفودها / وهيبتها عنها تباعد خصمها
كأن لأفراخ الأنام بيوتها / وكون ترى فيها أباها وأمها
فصبراً جبال الحلم صبراً وإن يكن / مصابكم دك الجبال وأكمها
فإن سقمت في رزئكم مهجة الهدى / ففيكم أزال اللَه في الدهر سقمها
ولا نقص عندي في السماء وبدرها / مضيء إذا ما الشهب زايل نجمها
سقى غيث عفو اللَه قبراً بلحده / عظام فلم يعلم سوى اللَه عظمها
كفى الدهر ذلاً حين غالت غوائله
كفى الدهر ذلاً حين غالت غوائله / خباً ما رأت شهب السماء عقائله
وقاح فما أدري أهل كان عالماً / بأعظم ما قد جاء أم هو جاهله
تخطى إلى خدر ولو كان عاقلاً / رأى من ندى أهليه ما هو عاقله
وأسلم منه للمنايا كريمةً / ببيت كرام ما رأى الضيم نازله
دفينة خدرٍ لم يزد في حجابها / ثرى القبر مذ هيلت عليها جنادله
محجبةً لم يطرق السمع صوتها / ولا شخصها يومها تراءت شمائله
ولا أنقص التأنيث في الدهر فضلها / وعنها يعزى واحد الدهر فاضله
يعزى أبو المهدي عنها ومن غدت / أواخره ممدوحةً وأوائله
فتى أوقف الحوبا على النسك والتقى / إلى أن غدت فرضاً عليه نوافله
فتى شاغل في مدحه كل مذود / ومذوده حمد المهيمن شاغله
إذا مر يوماً الأصم يخاله / يحييه أو عن بعض شيءٍ يسائله
إذا ضمه المحراب أبصرت كوكباً / أضاء الدجى والليل قد حال حائله
فتشفق أن عاينته متهجداً / لكثرة ما يرعدن خوفاً مفاصله
إذا ما احتبى وجه النهار بدسته / وغصت بأرباب الفخار محافله
سمعت بليغ القول من نطق فيصلٍ / إذا قال أمضى كل ما هو قائله
ألا لا تقس فيه سواه مخاطباً / ولا تعدلن فيه إذا فاض نائله
فما يستوي في النطق قس وباقل / ولا يستوي طل السحاب ووابله
فلو شاهد الطائي بعض هباته / لأبهره ثم انثنى وهو عاذله
هو النير الموفي الذي كل نير / له هالة والبحر والبحر ساحله
ألم تره لما اقتفاه شقيقه / حباه من العلياء ما لا تحاوله
كريم له طبع النسيم إذا سرى / شمالاً وطيب العنبر الغض شامله
متى تلقه تلق امرءاً متبسماً / طليق المحيا مؤمنات غوائله
تواضع حتى كاد يخفى تواضعاً / على أنه فوق السماك منازله
ونال الرضا من فخره غاية الرضا / فأسخط من أعداه من لا يشاكله
فتى زانه رأي الكهول وربما / تثفن من قوت المساكين كاهله
خلائقه لو للكواكب أزهرت / نهاراً ولم يأفل من الأفق آفله
سجايا تلافاها الجواد فأصبحت / لكل جوادٍ حسرةً لا تزايله
إذا ما تمناها الكرام ترفعت / وما كل من قد حاول الشيء واصله
ومنه اكتسى ثوب الفخار محمدٌ / فقصر من قد كان جهلاً يطاوله
إذا قسته في أهله فهو جعفرٌ / وإلا فبحر والكرام جداوله
أولئك آحاد الزمان كرامه / أماجده أنجابه وأفاضله
علمت سجاياهم فصغت مديحهم / وما كل من قد يعلم الشيء فاعله
وماذا انتفاع المرء يوماً بعلمه / إذا لم يكن دون الورى هو عامله
إذا السيف لم تضرب به يوم معركٍ / فسيان ملقى كان أو أنت حامله
إليك أبا المهدي تهدي عقيلةً / تدين لها من كل فكرٍ عقائله
معزية الندب الغني بحلمه / وعلام أضعاف الذي أنا قائله
وماذا يزيد البحر ماء سحائبٍ / وإن هطلت عمر الزمان هواطله
وهل في ضياء الشمس فقر لمن غدت / توقد آناء النهار مشاعله
ولكن هذا الفرض أوجبه الوفا / فإني مؤديه وأنك قابله
تعاليت قدراً أن تكون لك الفدى
تعاليت قدراً أن تكون لك الفدى / نفوس الورى طراً مسوداً وسيدا
وكيف تفدي في الزمان ولم يكن / لديك به الذبح العظيم فتفتدى
بذاك استحلت حرمة المجد جهرةً / وإن الردى يجري عليك لتفقدوا
وكيف تخطى في حماك ألم يكن / لهيبتك العظمى أسيراً مقيدا
مصاب تعدى حد كل عظيمةٍ / وأغرق نزعاً في النضال بل اعتدى
بان أبا داوود عاجله الردى / وكان الذي ينتاشنا من يد الردى
لأن أضحت الهلاك منه بأجرد / فيا طالما كان الرواق الممدا
وكان أمان العالمين فحق أن / يحل بها الأرجاف في الدهر سرمدا
أغر إذا لاقيته أجلت العلا / لعينيك بشراً من محياه فرقدا
حذا حذو آباه الألى أسسوا العلا / فوطد من فوق الأساس وشيدا
إلى أن غدا فينا لأحمد معجزاً / ألا كل قولٍ منه معجز أحمدا
إذا لبس الدنيا الرجال فإنه / لعمري منها د ما قد تجردا
فواللَه ما ضلت عليه طريقها / ولو شاء من أي النواحي لها اهتدى
فما مالت الأيام فيه بشهوةٍ / وما ملكت منه الدنية مقودا
وإن حاولته راغ عنها محقاً / كما راغ وحشي تشوف أريدا
إذا ما توسمت الرجال رأيته / أقلهم مالاً وأكثرهم ندى
فقل لقريشٍ تخلق الصبر دهشةً / وتلبس ثوباً للمصيبة أسودا
وتصفق جذ الراحتين بمثلها / وتغضى على الأقذاء طرفا تسهدا
فقد عمها الرزء الذي جدد الأسى / عليها بما خص النبي محمدا
بطود علاء قد تفيأ ظله / من الناس من قد كان أدنى وأبعدا
وشمس نار يستضيء بنورها / جميع الورى من غار منهم وأنجدا
فللَه ذاك الطود من ذا أزاله / وللَه ذاك النور من كان أخمدا
فيا مغمضاً عينيه عند وفاته / ويا ناشراً من فوقه فاضل الردا
لغطيت وجهاً فيه يستنزل الحيا / وغمضت جفناً لا يزال مسهدا
وسكنت أمواج البحار عشيةً / عدوت على تلك اليدين ممدا
أقول لمشتق الضريح لجسمه / شققت قلوباً للهداة وأكبدا
أتدري على من تشرج اللبن جهرةً / على مقلة الإيمان بل مهجة الهدى
أحيدر يا ابن الشاكرين من الثنا / يسيراً ومعطين الكثير من الندى
لانت الذي في العز من آل هاشم / كهاشم فخراً من قريشٍ وسؤددا
رأيتك أعلى أن تعزى ومن ترى / يناشد بدر التم أن يتوقدا
حذاري أن تمسي وحاشاك جازعاً / حذاري على الأطواد أن تتميدا
لك الحكم اللاتي فضحن بلفظها / لبيداً ولكن بالمعاني مبلدا
فكم من مضلٍ في سبيل جهالةٍ / تلقيته فيهن فانصاع مرشدا
فحسبك بل حسبي وكل موحدٍ / أبو صالحٍ المهدي منتجع الهدى
عماد قباب الدين دام علاؤه / وأيده رب السماء وسددا
هو الحجة البيضاء لم يخف أمرها / على أحد إلا الذي كان ألحدا
يرى نفسه الأدنى من الناس رتبةً / على أنه الأعلى محلاً ومحتدا
عزيز إذا ما جاء للناس محفلا / ذليل إذا ما جاء للَه مسجدا
فكم شمل خطب لا نطيق دفاعه / فزعنا إلى عليائه فتبددا
هو الملتجي دنياً وديناً فمن يمل / إلى غيره ضل السبيل وما اهتدى
أبو الغر كل صالحٍ بعد جعفر / يكون حسيناً في العلاء محمدا
أجل الورى قدراً وأعذب منطقاً / وأوفرهم علماً وأسمحهم يدا
وأزكاهم نفساً وأكثرهم تقىً / وأصوبهم رأياً وأفصح مذودا
نعى فشجى قلب الشريعة إذا نعى
نعى فشجى قلب الشريعة إذا نعى / وعاد لديه أصبر الناس أجزعا
وضيع أهل الحزم قوة حزمهم / كما أن حسن الحلم أضحى مضيعا
ولم تر هذا الكون إلا بدهشةٍ / كأن الفنا في الناس نادى فاسمعا
لفقد سليل الأكرمين محمد / لقد كاد قلب الدين أن يتصدعا
فتى كان في ألفاظه ولحاظه / حسامان كانا من شبا الموت أقطعا
أبا حسن قد كنت للدهر بهجةً / فأوحش منها البين للدهر أربعا
وقد كنت عرنين الزمان الذي غدا / يزان به وجهاً فأصبح أجدعا
وكنت بعينيه الضياء فما الذي / أزال الضيا عنها وأبدل أدمعا
فما أظلم المحراب بعدك وحده / نعم مشرق الدنيا ومغربها معا
كأن ضياء الصبح قد حال لونه / أو الليل قد أرخى على الصبح برقعا
وما أنت من خص الأقارب رزؤه / ولكنه عم البرية أجمعا
ألم تر هذا الكون كالفلك إذ غدا / يعوم بموج كالجبال تدفعا
بنفسي طوداً ضعضع الكون ركنه / وما خلت ذاك الطود أن يتضعضعا
أبا جعفرٍ أنت المرجى لمحنةٍ / إذا أكشلت أضحى إلى الحق مشرعا
وأعلم خلق اللَه في كل موطن / وأرساهم في الخطب ركناً وأمنعا
كأنك أعطيت الجبال ثباتها / وأوصيتها في الخطب إلا تزعزعا
وما أنت إلا عيبة لمحمد / بها كل آيات النبوة أودعا
ليهن محاني مشهد الشمس أنه
ليهن محاني مشهد الشمس أنه / ثوى بدر أنسي عندها بثري القبر
وكان قديماً مشهد الشمس وحدها / فعاد حديثاً مشهد الشمس والبدر
بكى جزعاً مما به من زمانه
بكى جزعاً مما به من زمانه / فما لكما فوق الأسى تعذلانه
توهمتما أنه هاجه ذكر أهيف / يميل بأكناف الحمى ميل بانه
أو أن الصبا من أرض كاظمة سرى / عليلاً له فاعتل من سريانه
نعم كان في عهد الصبا وأوانه / يرقه ذكر الحمى وحسانه
وقد كان يصبي قلبه البرق لامعاً / فيحي الدجى شوقاً إلى لمعانه
ويبهجه الروض الأنيق بذي الغضا / فتصلي الغضا أحشاه من أقحوانه
فأصبح يليه عن اللهو همه / ويشغل شانيه الدموع لشانه
دعاه وما يلقى من الضر والجوى / إذا لم تكونا ويكما تنفعانه
لعل ابن خير المرسلين يغيثه / فيقذه من كربه وامتحانه
أقول لنفسي هوني الخطب واصبري / يهن أو يزل بالصبر صرف هوانه
ولا تجزعي من جور دهر وإن غدا / يروعك ما يأتي به ملوانه
فعندي مولى ضامن ما أخافه / وعندي يقين كافل لضمانه
وكيف تخافين الزمان ومفزعي / إلى القائم المهدي من حدثانه
لئن خوفتني النائبات فإنني / لجأت لسامي عزه وأمانه
وإن ضقت ذرعاً بالحياة لفاقة / فلي سعة من فضله وامتنانه
وقوفي تحت الغيث ما بلني القطر
وقوفي تحت الغيث ما بلني القطر / وعمت بلج البحر ما علني البحر
ورحت بما في معدن التبر طامعاً / فعدت وكفي وهي من صفرها صفر
وكنت قد استنصحت في الأمر رائداً / فقال هو الوادي به العشب والزهر
فلما حططت الرحل فيه وجدته / وامواهه نار وأزهاره الجمر
فواللَه ما أدري أأخطأ رائدي / أم أكذبني عمداً أم أنكس الأمر
وكم أطمعتك الغانيات بوصلها / فلما تدانى الوصل آيسك الهجر
وذلك من فعل النساء محبب / ولكنه من غيرها خلق وعر
على أنه ينمى إلى العيلم الذي / تمد البحار السبع أنمله الشر
فتى كاظم للغيظ ما ضاق صدره / إذا ضاق من وسع الفضا بالأذى صدر
إذا حسن البشر الوجوه فإنه / لمولى محياه به يحسن البشر
وما هو في حسن المناقب مكتس / فخاراً ولكن فيه يفتخر الفخر
أخو العلم إمازج في الغيب فكره / إلى ما وراء الستر يلقى له الستر
وذو معجزات به الدنيا زماناً ومذ مضى / أضاء بنوري نيريه لنا الدهر
هما الحسن الزاكي النجار وصنوه / الفتى أحمد الأفعال يعزى له الشكر
لقد جريا يوم الرهان لغاية / فجاءا معاً ما حال بينهما فتر
هما رقيا في المجد ما ليس يرتقي / بأجنحة نسر وما حله النسر
رعى اللَه فكري كم يقرب لي فكري
رعى اللَه فكري كم يقرب لي فكري / بعيداً كأن عنقاء مغرب في وكر
وكم لي من آمال نوكى بمعشر / أراني غنياً بت منهم على فقر
فهل نظرت عيناك مثلي في الورى / فتى هو في أيامه معدم مثري
وكم من محال ظلت أزعم ممكناً / كمن راح نحو البحر ملتقط الجمر
أرى الناس عاشوا بادعاء فضيلتي / فما لي محرومٌ وما لحقوا أثري
بلينا بقوم كالسباع ضورياً / تصول فما تبقي من الصيد في البر
إذا فترسوا لا يتركون للاعقٍ / دماً لا ولا فرثاً إلى جعل يسري
فأنيابهم مشغولةٌ بفريسةٍ / وأعينهم ترنو إلى الصيد في القفر
كان كل فردٍ منهم الحوتة التي / رأى شبعها عياً سليمان في البحر
تقول لي النفس التي سد دهرها
تقول لي النفس التي سد دهرها / عليها كما تبغي جميع المناهج
أيعييك بعد اليوم إدراك حاجةٍ / وقد جاءت فيك الحظ باب الحوائج
أبا القاسم المدعو في كل شدةٍ
أبا القاسم المدعو في كل شدةٍ / يزج بها المقدار أدعى نوائبه
إليك من الدهر العنيد شكايتي / ولا غرو أن يشكي الزمان لصاحبه
أترضى بما قد قال زيد معاكساً
أترضى بما قد قال زيد معاكساً / لقولي لما أن خلوت به يوما
طلبت فطوراً منه أذانا صائم / فأدبر عني قائلاً تبتغي صوما
فلو أن لبسي قدر نفسي لأصبحت
فلو أن لبسي قدر نفسي لأصبحت / تحاك ثيابي من جناح الملائك
ولو كان فيما استحق مجالسي / نصبن على هام السماك أرائكي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025