المجموع : 12
إذا مُتُّ فادفِنِّي إِلى جَنبِ كَرمَةٍ
إذا مُتُّ فادفِنِّي إِلى جَنبِ كَرمَةٍ / تُرَوّي عظامي بعد موتي عُروقُها
ولا تَدفِنَنّي بالفلاةِ فإنّني / أخافُ إذا ما مُتُّ أن لا أذوقُها
أنَّى تَسَدَّت نحوَنا أُمُّ يُوسفٍ
أنَّى تَسَدَّت نحوَنا أُمُّ يُوسفٍ / ومِن دُونِ مَسراها فَيافٍ مجاهلٌ
إِلى فِتيةٍ بالطَفِّ نيلَت سَرَاتُهُم / وغودِرَ أفراسٌ لهُم ورَواحلٌ
وأضحى أبو جَبرٍ خلاءً بُيُوتُهُ / بما كان يَعفوها الضِّعافُ الأراملُ
وأضحى بنو عَمروٍ لَدَى الجِسرِ منهُمُ / إِلى جامِدِ الأبيات جُودٌ ونائلُ
وما لُمتُ نفسي فيهمُ غيرَ أنَّها / إِلى أجَلٍ لم يأتِها وهو عاجلُ
وما رِمتُ حتى خرَّقوا برِماحِهم / ثيابي وجادت بالدّماءِ الأباجلُ
وحتى رأيتُ مُهرَتي مُزوَئِرّةً / لدى الفيلِ يَدمَى نَحرُها والشواكلُ
وما رُحتُ حتى كنتُ آخرَ رائحٍ / وَصُرِّعَ حولي الصالحون الأماثِلُ
مرَرتُ على الأنصار وَسطَ رِحالهم / فقلت لهم هل منكُم اليومَ قافِلُ
وقرّبتُ رَوّاحاً وكُوراً ونُمرِقاً / وغودِرَ في أُلَّيس بَكرٌ وَوَائلُ
ألا لَعنَ اللهُ الذين يَسُرُّهم / رَدايَ وما يَدرون ما اللهُ فاعلُ
يقول أُناسٌ إشرب الخمرَ إنها
يقول أُناسٌ إشرب الخمرَ إنها / إذا القومُ نالوها أصابوا الغنائما
فقُلتُ لهم جَهلاً كَذبتم أَلم ترَوا / أَخاها سفيهاً بعد ما كان حالماً
وأضحى وأمسى مُستَخَفّاً مُهَيَّماً / وحسبُك عاراً أن ترى المرءَ هائماً
أتوبُ إِلى الله الرحيم فإنه
أتوبُ إِلى الله الرحيم فإنه / غفورٌ لذنبِ المرءِ ما لم يُعاودِ
ولستُ إِلى الصَّهباءِ ما عِشتُ عائداً / ولا تابعاً قولَ السفيهِ المُعاندِ
وكيفَ وقد أعطَيتُ ربَّي مَواثِقاً / أعودُ لها واللهُ ذو العرشِ شاهدي
سأترُكُها مَذمومةً لا أذوقُها / وإِن رَغِمَت فيها أنوفُ حواسدي
ألا سَقِّني يا صاحِ خمراًفإنّني
ألا سَقِّني يا صاحِ خمراًفإنّني / بما أنزلَ الرحمنُ في الخمرِ عالمُ
وجُد لي بها صِرفاً لأَزدادَ مَأثماً / ففي شُربها صِرفاً تتِمُّ المآثمُ
هي النّارُ إِلاَّ أنّني نلتُ لذةً / وقضَّيتُ أوطاري وإن لام لائمُ
كفى حَزَناً أن تُطعَنَ الخيلُ بالقَنا
كفى حَزَناً أن تُطعَنَ الخيلُ بالقَنا / وأُصبِحَ مَشدوداً عليَّ وَثَاقيا
إذا قُمتَ عَنّاني الحديدُ وأُغلِقَت / مَصارعُ من دوني تُصِمُّ المُناديا
وقد كنتُ ذا مالٍ كثيرٍ وإخوةٍ / فأصبحتُ منهم واحداً لا أخا ليا
فإن مُتُّ كانت حاجةً قد قَضيتُها / وخَلّفتُ سَعداً وحدَه والأمانيا
وقد شَفّ جسمي أنني كلّ شارقٍ / أعالجُ كبلاً مُصمَتاً قد بَرَانيا
فللّه درِّي يوم أُترَكُ مُوثَقاً / وتذهلُ عني أُسرتي ورجاليا
حبيساً عن الحرب العَوَان وقد بَدت / وإعمالُ غيري يوم ذاك العواليا
ولِلهِ عهدٌ لا أخيسُ بعهدِه / لئن فُرِجَت أن لا أزور الحوانيا
هَلُمَّ سلاحي لا أبا لكَ إنني / أرى الحربَ لا تزدادُ إِلا تماديا
ألَم تَرَني وَدَّعتُ ما كنتُ أشربُ
ألَم تَرَني وَدَّعتُ ما كنتُ أشربُ / من الخمر إذ رأسي لَكَ الخيرُ أشيبُ
وكنتُ أروِّي هامَتي من عُقارها / إذِ الحدُّ مأخوذٌ وإذ أنا أُضرَبُ
فلمّا دَرَوا عنِّي الحدودَ تركتُها / وأضمرتُ فيها الخيرَ والخيرُ يُطلَبُ
وقال ليَ النَدمانُ لما تركتُها / أألجِدُّ هذا مِنكَ أم أنتَ تَلعبُ
وقالوا عجيبٌ تركُكَ اليومَ قهوةً / كأنَي مجنون وجِلديَ أجربُ
سأتركُها للهِ ثم أذُّمها / وأهجرُها في بيتها حيثُ تُشرَبُ
عَمّي الذي أهدى لكسرى جِيادَهُ
عَمّي الذي أهدى لكسرى جِيادَهُ / لدى البابِ منها مُرسَلٌ ووُقُوفُ
عشيّةَ لاقى الترجمانَ وَرَبَّهُ / فأدّاه فَرداً والوفودُ عُكوفُ
إني وما صاحت يَهودُ وطرَّبت
إني وما صاحت يَهودُ وطرَّبت / ثلاثَ ليالٍ بالحجاز لحاذِرُ
ولولا ابنةُ الحَبرِ اليهوديّ قد حدا / بأجمالنا في نَقبِ جُسمانَ جائرُ
تقول ابنةُ الحَبرِ اليهوديّ ما أرى / أبا مِحجَنٍ إِلاّ وللقلبِ ذاكرُ
فإنّ ابنةَ الحَبرِ اليهوديّ تيّمَت / فؤادي فهل لي من سُميّةَ زاجرُ
تمنيتُ أن ألقاهُما وتمنّتا
تمنيتُ أن ألقاهُما وتمنّتا / فلما التقَينا استَحيَتا من مُناهُما
بكت هذه وانهلّ ادمعُ هذه / وفاضت دموعي في عِراض بُكاهُما
إذا مُت فادفِنّي إِلى أصلِ كَرمَةٍ
إذا مُت فادفِنّي إِلى أصلِ كَرمَةٍ / تروّي عظامي في التراب عروقُها
ولا تَدفِنَنّي بالفلاةِ فإنّني / أخافُ إذا ما مُتُّ أن لا أذوقُها
أُباكِرُها عند الشروقِ وتارةً / يُعاجلني بعد العشيّ غَبوقُها
وللكأسِ والصهباءِ حقُّ منعَّمٍ / فمن حقّها أن لا تُضاعَ حُقُوقُها
أقوِّمُها زِقاً بِحِقِّ بِذاكُمُ / يُساقُ الينا تَجرُها ونَسوقُها
وعندي على شُربِ العُقارِ حَفيظةٌ / إذا ما نِساءُ الحيّ ضاقت حُلُوقُها
وأُعجِلنَ عن شدِّ المآزر وُلَّها / مُفَجّعةَ الأصواتِ قد جَفَّ ريقُها
وأمنعُ جارَ البيتِ مما ينوبُهُ / وأكرِمُ أضيافاً قِراها طُروقُها
ألَم تَرَ أنّ الدهر يَعثُرُ بالفتى
ألَم تَرَ أنّ الدهر يَعثُرُ بالفتى / ولا يستطيعُ المرءُ صَرفَ المقادِرِ
صَبرتُ فلم أجزَع ولم أكُ طائعاً / لحادثِ دَهرٍ في الحكومةِ جائرِ
وإنّي لذو صَبرٍ وقد ماتَ إخوَتي / ولستُ عن الصهباءِ يوماً بصابرِ
رَماها أميرُ المؤمنين بِحَتفِها / فخُلاَّنُها يبكونَ حولَ المعاصرِ