المجموع : 11
علِقتُ بحبلٍ من حبال مُحمَّدٍ
علِقتُ بحبلٍ من حبال مُحمَّدٍ / أَمِنتُ به من طارق الحَدَثانِ
أَلا يا غزال الثَّغرِ هل أَنت منشدي
أَلا يا غزال الثَّغرِ هل أَنت منشدي / علقتُ بحبلٍ من حِبال مُحمّدِ
ويا هَلْ لِذاك اليوم في الدّهر ليلةٌ / تعودُ ولو عادت عقيماً بلا غدِ
فأَلقاك فيها هادي الكأْس حادياً / وحسبك من ساع بها ومُغَرِّدِ
أَلا حَبّذا عاري المحاسن عاطلٌ / مُحَلّى بأَثواب الملاحة مرتدِ
إِذا ما الأَماني ماطلتني بوَعْدها / ذكرتُ له وصلاً على غير موعدِ
وعهدي بماريّا سقى الله عهدها / بما عندها من حاجة الهائِم الصَّدي
وفي ذلك الزُنّار تمثالُ فضّةٍ / تُنَقِّطُ خدَّيْه العيونُ بعَسْجَدِ
وقد غلب المصباحُ فيه على الدُّجى / سنا قميرٍ في جُنح ليلٍ مجعّدِ
وكنت إِذا عِفْتُ الزجاجةَ مَوْرداً / سقتْني رُضاباً في إِناءٍ مورَّدِ
فيا ليَ من وجهٍ كقنديل هيكلٍ / عليه من الصُّدغين مِحْرابُ مَسجِد
لقد أَسرتني حيث لا أَبتغي الفدا / فقلْ في أَسيرٍ لا يُسَرّ بمفتدي
سقى اللهُ بالزَّوْراءِ من جانب الغَرْب
سقى اللهُ بالزَّوْراءِ من جانب الغَرْب / مَهاً وَرَدَتْ عين الحياةِ من القلبِ
عفائفُ إِلاّ عن مُعاقَرَةِ الهوى / ضعائف إِلاّ في مُغالبة الصَبّ
عقائلُ تخشاها عُقيلُ بنُ عامرٍ / كواعبُ لا تُعْطي الذِّمام على كَعْب
إِذا جاذَبَتْهنَّ البوادي مَزِيّةً / من الحسن شَبَّهْن البراقع بالنَّقْب
تظلَّمْتُ من أَجفانهن إِلى النَّوى / سفاهاً وهل يُعدي البِعاد على القُرب
ولما دنا التوْديعُ قلتُ لصاحبي / حنانَيْك سِرْ بي عن مُلاحظة السِّرب
إِذا كانت الأَحداقُ نوعاً من الظُّبى / فلا شكّ أَن اللحظ ضَرْبٌ من الضَّرْبِ
هَبُوني تعشَّقْتُ الفِراق ضَلالةً / فأَصبحت في شِعبٍ وقلبيَ في شِعبِ
فما لي إِذا ناديتُ يا صبرُ مُنْجِداً / خُذِلتُ وَلَبَّى إِن دعا حُرقةً لُبّي
تقضّى زماني بَيْنَ بَيْنٍ وهِجْرَةٍ / فحتّامَ لا يصحو فؤاديَ مِنْ حُبِّ
وأَهوى الذي يهوي له البدرُ ساجداً / أَلستَ ترى في وجهه أَثر الترب
وأَعجبُ ما في خَمْر عَينيْه أَنها / تُضاعف سُكْري كلما قلّلتْ شُرْبي
إِذا لم يكن في الحُبّ عندي زيادةٌ / تُرجّى فما فضل الزيارة عن غَبّ
وما زال عُوّادي يقولون من بهِ / وأَكتُمهم حتى سأَلتهمُ من بي
فصِرتُ إِذا ما هزّني الشوق نحوهم / أَحلت عَذولي في الغرام على صَحْبي
رنا وكأَنّ البابليّ المصفَقا
رنا وكأَنّ البابليّ المصفَقا / ترقرق في جفنيْه صِرْفاً مُعَتَّقا
وردّ يداً عن ذي حَباب مُرَنَّق / وحيّا به مِنْ وَجنتيْه مُرَوَّقا
وبات وشمسُ الكأْس في غسق الدجى / تقابل منه البدرَ في بانة النَّقا
ولي عبرات تستهلُّ صَبابةً / عليه إِذا برق الغمام تأَلّقا
أَلفت الهوى حتى حلت لي صروفهُ / وربّ نعيم كان جالبَه شقا
أَلذّ بما أَشكوه من أَلم الجَوى / وأَفْرَق إِنْ قلبي من الوجد أَفرقا
وأَذهل حتى أَحسب الصَدَّ والنوى / بمُعْتَرَك الذكرى وِصالاً ومُلْتقى
فها أَنا ذو حالين أَمّا تلدّدي / فحيٌّ وأَمّا سَلوتي فلكَ البقا
دعوا للحُمَيّا ما استباحتْه من عَقْلي
دعوا للحُمَيّا ما استباحتْه من عَقْلي / فإِني رأَيت الحظّ في حيّز الجهل
وما زالت الأَيام يجري نظامُها / على العكس حتى أُدْرِكَ الجِدُّ بالهزل
وهل في فؤادي فَضلةٌ تَسَعُ الهوى / وما العِشق إِلاّ شُغْل قلبٍ بلا شغل
إِذا أَنت لم يصحبك إِلاّ مُهذَّبٌ / فخِلُّكَ من أَمسى وحيداً بلا خِلِّ
فَدَعْ لذوي الأَموال ما اغتبطوا به / وَصُنْ ثمراتِ الفضل بُخْلاً على الفضل
فإِنّ الفتى من غادرتْه خلالُه / فريداً وإِنْ أَضحى من الناس في حَفْل
مع الركب أَنباءُ الحِمى لو يُعيدُها
مع الركب أَنباءُ الحِمى لو يُعيدُها / لهيّج مفتوناً بها يستعيدها
خليليّ هل لي في الرفاق رسالة / يذكرني العهدَ القديم جديدُها
تَهُبّ صَباكم ليس بين هُبوبها / وبين رُكودِ النفس إِلاّ رُكودُها
ويسري هواكم في البُروق وإِنما / وَقود الحشا إِمّا استطار وقودها
لِيَهْنِكَ مأثور الوغى عن خلافةٍ / بك اخضرّ واديها وأَوْرقَ عودُها
وأَنّى تخافُ الضيم دولةُ هاشم / وآراؤك الأَنجاد فيها جنودها
وكيف يغيب النصر عنكم بوقعةٍ / ملائكةُ الله الكرامُ شُهودها
إِذا فتنةٌ للحرب أُسعِر نارها / فإِنّ ضِرام المُرْهَفات خمودُها
بدأتَ بإِحسانٍ فَجُدْ بتمامه / فمثلك مُبدي مِنّةٍ ومُعيدها
يَشيمُ هواكم مُقلتي فتَصُوب
يَشيمُ هواكم مُقلتي فتَصُوب / ويرمي نَواكم مُهجتي فتُصيبُ
تلقَّوْا تحياتي إِليكم عن الصَّبا / إِذا حان من ذاك النسيم هبوب
وليلةَ بِتْنا والمهاري حواسِرٌ / يُزَرُّ عليها للظلام جُيوبُ
فبِتْنَ يُبارين الكواكبَ في الدُّجى / لهنّ طُلوعٌ بالفلا وغروب
نَواصِل من صِبْغ الظلام كما بدا / لِعينكَ من تحت الخِضاب مَشيب
خوافق في صدر الفضاء كأنها / وقد وَجَبَتْ منها القلوب قلوب
سوانح في بحريْ سَرابٍ وسُدْفةٍ / لهنّ اعتلاءٌ بالضحى ورسوب
فليت ابن أُمّي والكواكبُ جُنَّحٌ / يرى أَنني فوق النجيب نجيب
وأَني صرفتُ الهمّ عني بهمّةٍ / تفرّى دُجىً عن صُبحها وكروب
وأَن سديد الدولة ابنَ سديدها / جلا ناظري منه أَغرُّ مَهيب
نسيب المعالي يطرب القومَ مدحه / كأَنّ الثناء المَحْض فيه نسيب
له خُلُقٌ تُبدي الصَّبا منه غيرةً / يكاد إِذا هبت عليه يذوب
وثغرٌ إِلى جَهْم المطالب ضاحكٌ / وصدرٌ على ضيق الزمان رحيب
إِذا ما تأَملْت القَوام المُهَفْهَفا
إِذا ما تأَملْت القَوام المُهَفْهَفا / تأَمّلت سيْفاً بين جَفنيْه مُرْهَفا
بُليتُ بقاسي القلب لا عَطْفَ عنده / أَما شِيمةٌ للغصن أَن يتعطَّفا
وذِي صلفٍ يُغْريه بالتّيه صَمْتُهُ / إِذا سُمْته ردَّ السلامِ تَكَلَّفا
وَطَرْفٍ تجلّى عن سَقامي سَقامُه / فهلاّ شفا مَنْ بات منه على شَفا
أُحِبُّ اقتضاء الوَصْل من كلِّ هاجرٍ / وإِنْ مَطَلَ الدينَ الغريمُ وسَوّفا
وأَقْنعُ من وعد الحبيب بخُلْفِهِ / ومِنْ كَلَفي أَن أَسأَلَ الوعد مُخْلِفا
وما زلتُ موقوفَ الغرامِ على هوىً / يُجدّد لي من عهد ظَمْياء ما عَفا
أَخا كَلَفٍ لا يرهَب الليل زائراً / إِذا ضلّ نهجَ الحيّ عنه تعسّفا
أُودّعُ لُبّي ذاهلَ القلب مُغْرَماً / وأُودِع قلبي فاتر الطّرْف أَهْيفا
تَقَضّى الصِّبا إِلاّ تذكُّرَ ما مضى / وإِلاّ سؤالاً عن زمانٍ تَسَلَّفا
وإِلاّ شباباً فلَّلَ الشيبُ حَدَّهُ / إِذا ما هفا نحو التّصابي تَلَهَّفا
وعاد عليَّ الدهرُ فيما سخا به / فنغّص ما أَعطى وكدَّر ما صَفا
على أَنني خلّفتُ خَلْفي نوائباً / كفانيَ مجدُ الدين منهنّ ما كفى
يذود الظُّبى عنهنّ والحَدَقُ الصِّيدُ
يذود الظُّبى عنهنّ والحَدَقُ الصِّيدُ / أَمُرْهَفَةٌ بيضٌ ومُرْهَفةٌ سُودُ
وعلى أَنّ أَوْحاهُنّ فتكاً صوارمٌ / صياقلُها أَجفانها والمَراويد
فلا جسمَ إِلاّ بالبواتر مُقْصَدٌ / ولا قلبَ إِلاّ بالنواظر مقصود
وما البارقاتُ الراعدات عواصف / بهمّيَ لولا المُبْرِقاتُ الرَّعاديد
وليس الهوى ما صدّني عنه غَيْرَةٌ / ولا ما لواني عنه لَوْمٌ وتَفْنيد
ولكنه الشّكوى إِلى من أُحبّهُ / وإِن حال صدٌّ دونَها وصناديد
هلِ الرَّوْضُ من تلك المحاسن مُجْتَنىً / أَمِ الحَوْضُ من ذاك المُقَبَّل مَوْرود
وهلْ ظِلُّ ريعان الشبيبة عائدٌ / عليّ ولُقيان الأَحِبّة مَرْدود
وِدادٌ بأَكناف الوفاء مُمَنَّعٌ / وعهدٌ بأَنواءِ الصَّبابة معهود
وإِني لخوّوارُ الشكيمة في الهوى / وإِنْ بات في خدَّيَّ للدَّمع أُخدود
تَنَكَبُّ خوفاً من دمي البيضُ والقَنا / وتُلْوى به في لِيِّهِنّ المواعيدُ
ويَنْزِل لي عن ثارها النَّفَرُ العِدى / وتقتادني في دَلِّها البقرُ الغِيد
ويقطع فيَّ الطَّرْفُ والطرفُ فاترٌ / فقلْ في مَضاءِ السيفِ والسيفُ مَغْمود
هو السّيفُ لا يُغنيكَ إِلاّ جِلادُهُ
هو السّيفُ لا يُغنيكَ إِلاّ جِلادُهُ / وهل طوّق الأَملاكَ إِلاّ نِجادُهُ
فيا ظفراً عمَّ البلادَ صَلاحُه / بمن كان قد عمّ البلادَ فسادُه
غَداةَ كأَنّ الهامَ في كلِّ قَوْنَسٍ / كمائمُ نبتٍ بالسُّيوف حَصَادُهُ
فما مُطْلَقٌ إِلاّ وَشُدَّ وَثاقهُ / ولا مُوثَقٌ إِلا وحُلّ صِفاده
ولا مِنْبَرٌ إِلاّ ترنّح عودُه / ولا مُصْحَفٌ إِلاّ أنارَ مِدادُه
إِلى أَين يا أَسرى الضَّلالةِ بعدها / لقد ذَلّ علويكم وعزّ رشادُه
رويدَكُمُ لا مانعٌ من مُظَفَّرٍ / يعانِدُ أَسبابَ القضاءِ عِنادُه
فَقُلْ لملوك الكُفر تُسْلِم بعدها / ممالكَها إِنّ البلاد بلادُه
كذا عن طريق الصّبح أَيّتها الدُّجى / فيا طالما غالَ الظّلامَ امتدادُه
فلو دَرَجُ الأَفلاك عنه تحصّنت / لأَمْستْ صِعاداً فوقَهنّ صِعادُه
ومن كان أَملاك السموات جُنده / فأَيّةُ أَرضٍ لم تطأها جيادُه
سمعت قِبلةُ الإِسلام فخراً بطَوْله / ولم يك يسمو الدين لولا عمادُه
لِيَهْنِ دمشقاً أَن كُرسيّ مُلْكِها
لِيَهْنِ دمشقاً أَن كُرسيّ مُلْكِها / حُبي منك صَدْراً ضاق عن هَمِّه الصَّدْرُ
وأَنك نورَ الدين مُذْ زُرتَ أَرضها / سمتْ بك حتى انحطّ نَسرها النسر
هي الثَّغْر أَمسى بالكراديس عابساً / وأَصبح عن باب الفراديس يَفْتَرّ
فإِمّا وقفت الخيل ناقعة الصَّدى / على بردى من فوقها الوَرَق النَّصْر
فمن بعد ما أَوردتها حَوْمةَ الوغى / وأَصدرتها والبيض من عَلَقٍ حُمْر
وجلّلتها نقعاً أَضاع شِياتِها / فلا شُهْبُها شهب ولا شُقْرها شقر
علا النهرُ لما كاثَرَ القصب القنا / مكاثرةً في كل نَحْرٍ لها نَحْرُ
وقد شرِقتْ أَجْرافه بدم العِدى / إِلى أَن جرى العاصي وضحضاحه غَمر
صدعْتَهمُ صَدْعَ الزُّجاجة لا يدٌ / لجابرها ما كلُّ كسرٍ له جَبْر
فلا ينتحل من بعدها الفخرَ دائلٌ / فمن بارز الإِبرنز كان له الفخر
ومَنْ بزّ أَنطاكية مِنْ مليكها / أَطاعته أَلحاظُ المُؤلّلَةِ الخُزْر
أَتى رأسه ركضاً وغودر شِلْوُهُ / وليس سوى عافي النسور له قبر
كما أَهدتِ الأَقدارُ للقمص أَسْرَهُ / وأَسْعَدُ قِرنٍ من حواه لك الأَسْر
فأَلْقتْ بأَيديها إِليك حصونُه / ولو لم تُجِبْ طوعاً لجاء بها القَسْر
وأَمستْ عَزاز كاسمها بك عِزَّةً / تشُقّ على النَّسريْن لو أَنها الوَكْر
فسِرْ تملإِ الدُّنيا ضياءً وبَهْجةً / فبالأُفُق الداجي إِلى ذا السَّنا فَقْر
كأَني بهذا العزم لا فُلّ حَدُّه / وأَقصاه بالأَقصى وقد قُضِيَ الأَمر
وقد أَصبح البيت المقدَّسُ طاهراً / وليس سوى جاري الدماء له طُهْر
وإِن تتيمَّمْ ساحِل البحر مالكاً / فلا عجبٌ أَن يملِك الساحلَ البحر
سللتَ سيوفاً أَثكلت كلَّ بلدة / بصاحبها حتى تخوفك البدر
إِذا سار نور الدين في عَزَماته / فقُولا لِلَيْلِ الإِفك قد طلَع الفجر
هُمامٌ متى هَزَّت مواضي سيوفه / لها ذكراً زُفّت له قَلْعةٌ بِكْر
خلعتَ على الأَيّام من حُلَلِ العُلى / ملابِس من أَعلامها الحمد والشكرُ
فلا تفتخر مصرٌ علينا بنيلها / فيمناكَ نيلٌ كلُّ مِصْرٍ به مِصْرُ