المجموع : 407
أَقَرَّت بِتَوحيد القَديم الحَوادثُ
أَقَرَّت بِتَوحيد القَديم الحَوادثُ / فَدلّت عَلى أَن المهيمن وَارثُ
وَأَفهمنا سرَّ الوُجود وَجودُنا / وَأَعلمنا أن الدَواعي بَواعث
توحَّدَ في الأَشياء وَالكُل واحدٌ / وَلا ثمَّ مِن ثانٍ وَلا ثمَّ ثالث
وَأَهون شيء دَركُ مَعناه لَو هدى / وَإِن تَك طالَت في الكَلام المَباحث
فَفكّر لتبصر غير ما أَنتَ مُبصرٌ / وَبادر لِتنجو قَد أَحاطَت كَوارث
وَعوّذ برب الناس وَالفَلق النهى / عَسى يُمْحَى وسواسٌ وَيرتدُّ نافث
وَلا تك في كَهفٍ مِن الجَهل نائِماً / فَتفنى وَما بُلِّغتَ كَم أَنتَ لابث
شُجونُ فُؤادٍ لا تَزال تَزيدُ
شُجونُ فُؤادٍ لا تَزال تَزيدُ / وَدَمعٌ كَما شاء الزَمان مَديدُ
وَسهدي بأكناف الجُفون مخلد / قَريب قَريب وَالمَنام بَعيد
وَجسمي كَما رام القَضا عادم القِوَى / وَإِن كان حزمي ثابتاً وَأجيد
وَقَلبي مِن الأَحزان يَشكو إِلى الصبا / شكاية يَعقوب وَلَيسَ يُفيد
وَصَبري لِما أَمضى الزَمان وَما جَرى / تَبدَّل رَوعاً أَو أَراه يَبيد
فَيا رَب رَحماك الَّتي أَنتَ أَهلُها / فَإِنك رَب تُرتَجَى فتجود
لعمرُك إِن متّعتَني أَو منعتَني
لعمرُك إِن متّعتَني أَو منعتَني / ففضلُك في الحالين أَجلى وَأَظهرُ
وَما ضرّني يَومٌ شقيتُ بخطبه / وَكَم مِن يَد عندي لنعماك تُشكَرُ
دَليلُ وُجود اللَه كَونُك حادثاً
دَليلُ وُجود اللَه كَونُك حادثاً / وَتَفنى وَبُرهانُ الحدوث التَغيرُ
لِأَن التَلازم بَين ذات وَعارض / مِن الكَون لا يَخفى لِمن يتبصَّرُ
عنايات مَولانا الحَكيم خَفيةٌ
عنايات مَولانا الحَكيم خَفيةٌ / تَدق عَن الإِدراك بَل تعجز الفِكَرْ
يبدّلُ بَعد الخَوف أَمناً وَرحمةً / وَيَنفع بِالشَيء الَّذي خِلتَه ضررْ
لَقد عَز مَن كان اليَقين دَليلَه / إِلَيهِ مع التَقوى وَقد ذل مَن كَفَر
فَفي هلكة النمرود وَالبأسُ بَأسُه / وَفي نصر إِبراهيم وَالنار تستعر
وَفي حمل نُوح قَبل هذا مَواعظٌ / وَفي سيرة الصدّيق يُوسف معتَبر
تبوّأَ عَرشَ العزِّ في الأَرض بَعد ما / قَضى ذلَّه في أَول الجن وَالبَشر
فَدَع زيدَها يَلهو بعمروٍ وَخالداً / يَلوذ ببكرٍ إِنما يَرقُبُ القدر
فَلا تَتَقي أَو تَرتجَي غَيرَ قادر / متى شاء نَصراً كانَ ما شاء وَانتصر
الهي لك الفَضل العَميم فَلا يُحصى
الهي لك الفَضل العَميم فَلا يُحصى / وَلم نَدرِ أَدناه فَلَن نُدركَ الأَقصى
هَنيئاً لِمَن أَدنته مِنكَ عِنايةٌ / وَوَيلٌ لِمَن عَن بابك الذَنبُ قَد أَقصى
لَقَد ذَل عَبد لَم تَعزِّز جَنابَه / وَقَد عَمّه الخذلان إن لَم يَكُن خَصّا
فَكَم مَن جحيم أَصبَحت مِنكَ جَنّةً / وَكَم مَرتوٍ بالماء بالماء قَد غَصّا
مضى العمر في لهو ولغو وعصيانِ
مضى العمر في لهو ولغو وعصيانِ / ومر عصر الصبا في الغي والفاني
أراني الغي والاهواء أَحفظُها / لكنني في التقى ألهو بنسيان
أطعت نفسي وأدري أنها تلفي / سالمت دهري وعين الحرب ترعاني
فكم سلكت طريقاً في الهوى خطراً / وقد علمت بلوغ الأمن في الثاني
فيا ذنوبي وخير القول وا أسفا / يا ليت شعري لدى الديان ما شاني
إِذا اتخذَت نفسُ هَوى النَفسَ مبدأَ
إِذا اتخذَت نفسُ هَوى النَفسَ مبدأَ / فَقد جهلت عُقبى أُمور ومنشأَ
وَمَن لَم يقدّم حزمَه قبل عزمه / يجد ندماً جماً عَواقب ما اِرتَأى
وَمَن لَم يَصانع دَهره في سَلامة / يَرى خطبه أَجرى إِلَيهِ وَأَجرأَ
وَمَن لَم يَصن بَأساً شَديداً وَنَخوةً / بَرأيٍ سَديدٍ ينك مجداً وَضئضئا
وَمَن يَتخذ يوماً هَواه إلهَه / يجده خذولاً حَيثما الأَمر أَلجأ
وَمَن يَحتلل دارَ الزخارف يرتحل / وَقَد ظَنَ مَأوى الراحلين مبوّأ
وَمَن يَأتلف أَبناء آدم تختلف / عَلَيهِ وَمَن لَم يَنهه الرشدُ أَخطأ
وَمَن عَرف الأَيام لَم يلهُ قَلبُه / وَفا مَن دنا مِنهُ وَلم يَبك مَن نَأى
وَمَن خال إحساناً إِساءةَ نَفسه / يَرى كُل إِحسان من الغَير سيئا
وَمن قرّ عيناً بِالظَواهر لَم يَجد / سَبيلاً إِلى درك الحَقائق موطئا
وَمَن تَغتدي آمالُه وهوَ رايحٌ / فَقَد أَسرَعت فيهِ اللَيالي وَأبطأ
وَمَن لَم يصن من عزة العرض جَوهراً / تجرّد عَن ثَوب البها فتجزّأ
وَمَن يَعتمد إِلّا عَلى اللَه يُمتَهَنْ / وَمَن يَعتصم إلّا بِهِ خاب ملجأ
وَمَن يَجهل الزُهر الدراري وَشَأنها / يَظن سراج البَيت مِنهن أَضوأ
وَمِن عَز عَنهُ الكُنه تاه بِأَوجه / فَحقّر ما يَخفى وَعظّم ما رَأى
أَرى جاهِلاً مَن أَحزَنَ البُؤسُ قَلبَه / وَأَجهل مِنهُ مَن بصفوٍ تَهنّأ
وَما العَيش إِلا غَفوة ثم يَقظة / وَبَينَهُما المَجهود يطلب أَدنأ
يُحاول في دار الرَحيل إِقامةً / وَقَد صَحب الرَكب الَّذي قَد تهيأ
وَما المَهد إِلّا رحل راكبه إِلى / حمى اللَحد مَهما قيل في السَير أَبطأ
فَلا شَيء إِلّا اللَه يُرجَى وَيُتقى / وَما غَيره إِلّا عَديماً تَشيّأ
وَلا شافع إِلا النبي محمد / فَلذ بحماه تلق منجا وَمَلجأ
فَذَلِكَ خَير الناس حَياً وَمَيِتاً / وَأَشرفهم مَجداً كَريماً وَضِئضِئا
بِهِ اِتضح الحَقُّ المُبين لعارف / وِمِنهُ اِنجَلَت عَين اليَقين لِمَن رَأى
هَدَى فَعَلَت وَجهَ الضلال كَآبةٌ / جَبين الهُدى منها اِنجَلا وَتَلألأَ
لأعتابه العلياء أَفياءُ نعمة / أَرى الدين وَالدُنيا لديها تَفيّأَ
فَما أَبصرت عَلياه إِلّا بَصائرٌ / تجرُّ عَلى الأَبصار ستراً مُخبّأ
وَكَيفَ تَرى شَمس الحَقيقة أَعيُنٌ / رَأَتهُ عَلى أَسنى العَوالم أَسنأ
فَكُن جَوهَراً عَما يَشين مجرَّداً / تَرى الحَق عَن مَعنى مَعاليه نَبّأ
فَلم تَدره إلا نفوسٌ جسومُها / غَدَت فكرةً تسري وَقلباً مُبَرّأ
فَناد بياقوت القُلوب فَإِن تَفُز / بِجَوهَر قرب فانثر الدَمعَ لُؤلؤا
عَلَيهِ صَلاة اللَه ما كَوكَبٌ سَرى / وَما زُيِّنَت أَرضٌ وَجوٌّ تَنوّأ
إِلى جاهك السامي سعت بي حَوائجي
إِلى جاهك السامي سعت بي حَوائجي / وَفي بابك العالي أُنيخت مطيتي
وَمثلك من لا يدرك اليأسُ جارَه / إِذا عَزَّ مَن يَرجوه في يَوم شدة
وَمن تك يا خير الخِليقة جاهَهُ / جديرٌ بِأَن لا يرجو كل الخليقة
بَدا فائحاً عَرفُ الصَبا وَهوَ فايخُ
بَدا فائحاً عَرفُ الصَبا وَهوَ فايخُ / فَأَوضَح وَجدي وَاللواحي تواضخُ
وَقَد برّحت دَمعاً كَما برّخت حَشى / غَدا بارحاً صَبري إِذ الجَزع بارخ
وَصحت رَسول اللَه أَشكو غوايةً / قَضتها عَلى ضعفي اللَيالي النَواسخ
دَعَوت وَما بَيني وَبَينك سَربَخٌ / مريع وَشمّاخُ العَرانين باذخ
وَوَجهت حاجاتي ليكفل نُجحَها / جَنابٌ رَفيع مِن مَعاليك شامخ
وَلم أَتخذ إلاك رُكناً وَمَلجأً / وَإَن زلخت بِالزائغين المزالخ
فَلم يَدهني جاهٌ خَطير وَختلاع / وَلم تُلهني دُعجٌ كِحالٌ فَواتخ
فَكُن لي إِذا ما حَشرجت يَومَ رَوعها / وَضمت عظامي للصدور البَرازخ
فَحَسبيَ مِن دَهري نَوائبُ محنةٍ / نَبالُ عَواديها لِقَلبي رَواضخ
فَكَم محنة لَم أَلقَ فيها مصاحباً / وَكَم مِن شدادٍ خانَني عِندَها أَخ
وَكَم صَدمة أَلقى وَأَثبت واثقاً / تَزلزَلُ عَنها الراسيات الرَواسخ
وَما جرّ وَيلي غير أَن حشاشَتي / تحبُّ وَجفني ناضح الشَأن ناضخ
وَهَل يُفلحنْ يَوماً إِن الدَهر عَضَّه / فَتى طايحٌ في البَغي بالغيّ طايخ
وَهَل طالح إِلا دَهاه مِن الرَدى / عَلى طُول ما يَرجو مِن الدَهر طالخ
وَهَل يَعلو ذو أنفٍ حميٍّ إِلى علا / فَيصبحَ إِلا وَهوَ في الترب تايخ
وَمَن يلتَزم قطب الغُرور فَإِنَّهُ / لَأوّل من تجني عليهِ الفَيالخ
وَإِن فَتى غَنَّت لَهُ قينةُ الهَوى / سَيردعُه مِن زهزج الرَوع صارخ
لَهُ يَوم بُؤس حَينما صخ وَقعه / تصم لَهُ عِندَ السَماع الصَمايخ
فَلا خَيرَ في الدُنيا إِذا ما تقاصرت / إِلَيكَ مطايا السَعي فيها دَخادخ
فَإِنك نُور في قُلوب حكيمة / يُقصّر عَنهُ في الكَلام المَشايخ
وَما أَنتَ إِلا كَنهُ طيبٍ محجبٍ / بِجَدواك عمَّ الوَجهَ في الكَون ضامخ
فصل سَبب الآمال مِنكَ بِنَظرة / فَقَد هَزُلت دُون الرِحاب الدَوالخ
وَأَعجبُ مِن نَفسي رَجت وَتقاعدت / وَلو صدقت ما أَعجزتها الفَراسخ
عَليكَ سَلام اللَه ما قُلت مُنشئاً / بَدا فائِحاً عَرفُ الصَبا وَهوَ فايخ
أَيا سائق الوَجناء في طَيّ فَدفَدِ
أَيا سائق الوَجناء في طَيّ فَدفَدِ / إِلى طيبة العليا تَروح وَتَغتَدي
لعمرُك إِن جئتَ الحجاز وَأَرضَه / وَجاوَزت أَميالاً إِلى خَير معهد
وَلاحَت لَكَ الأَعلامُ مِن طيبة الرضا / وَلاحَت لَكَ الأَقمار مِن أَوج مشهد
وَقُمت عَلى الأعتاب تَدعو تَبتُّلاً / فَبلِّغ سَلامي لِلنَبي محمد
وَقُل يا رَسول اللَه جئتك عَن فَتى / يَقول رَسول اللَه هَل أَنتَ منجدي
بأَعِتاب خَير الخَلق إِنيَ عائذُ
بأَعِتاب خَير الخَلق إِنيَ عائذُ / وَإِني لَهُ لاجٍ وَراجٍ وَلائذُ
أَردّ بِهِ رَوعاً عَن الرُوح رائِعاً / إِذا أُركزت يَوم النكال النَواجذ
أَمدّ لَهُ كَفَّ افتقارٍ وَفاقةٍ / وَإِني غَنيّ عَن سِواه وَنابذ
وَأَشكو إِلَيهِ ما جَنى الدَهر وَالهَوى / إِذا جاذبٌ مِنهُ تَولاه جابذ
وَآمل مِنهُ كُل خَير وَنعمة / يَجود بِها المعطي وَيهنأ آخذ
قَنعت بِهِ جاهاً وَذخراً وَملجأً / إِذا راقَ غَيري ذُو العُلا وَالجَهابذ
وَحَسبي بِهِ في مُبهَمِ الأَمر هادياً / إِذا ضلّ عَني العالِمون الأَساتذ
نَبيّ نَداه لَيسَ في الكَون نافداً / وَما شاءه أَمر مِن اللَه نافذ
فَيا نَفسُ قَرّي في رَحيب رحابه / فَقَد يَقصد الباب المبرّرَ شاحذ
بِهِ جَمع الرَحمن شَملَ عباده / عَلى الدين وَالأَلبابُ شَتى فَلائذ
فَلا يا رَسول اللَه جُد ليَ أَقترب / فَقَد أَخَذت مني اللَيالي الأَواخذ
عَليكَ صَلاة اللَه ما قُلت مُنشئاً / بِأَعتاب خَير الخَلق إِنيَ عائذ
إِذا كلبُ أَهل الكَهف نَجّاه سَيرُه
إِذا كلبُ أَهل الكَهف نَجّاه سَيرُه / عَلى إِثرهم وَقتاً وَجيزاً مِن الدَهرِ
فَهلا ينجّيني اتّباع محمدٍ / وَفيهِ مَضى ما قَد قضيت مِن العُمر
فَيا نَفس قَرّي لا تُراعي فَإِنما / رَجونا الَّذي يُرجَى وَحكم القَضا يَجري
أَرِقْتُ فرَّقَتْ لي البُدورُ الطَوالعُ
أَرِقْتُ فرَّقَتْ لي البُدورُ الطَوالعُ / وَنَحت فَناحَت لي الطُيور السَواجعُ
وَأَسكرني مَسرى الصَبا عَن أَحبَتي / فَملت فَمالَت بي الغُصون اليَوانع
فَبت وَلَيلي لَيل يَأس وَوحدة / وَقَد شغلت عَني العُيون الهَواجع
أُردّدُ لِلأَعقاب رَأياً وَفكرةً / لَها بَين غارات الأَماني مَصارع
أُناجي ضَميري ذكر خل وَصاحب / وَقَد ذَهبت تَتَرى العُيون الهَوامع
فَشُكراً لِأَفكار الكِرام وَوَحدتي / لَقَد وَاصلاني وَالأَحبا قَواطع
فَللهمِّ عِندي أَيُّ أَيدٍ كَريمةٍ / أَقلّ وَفاها أنَّها لا توادع
وَيَعجب قَوم أنَّني لا أَذمها / وَتِلكَ الَّتي عَني الفَراغ تُمانع
نعم إِنَّها وَفّت وَقَد خانَ غَيرُها / فَأَمسَت لَها دُون السُرور الصَنائع
وَحَمداً لِدَمعٍ ردّ نارَ حشاشتي / وَإِن فَضحت أَهلَ الهُموم المَدامع
أَلا مَرحباً بِالهمِّ وَالوَقتُ وَقتُه / وَأَهلاً بِهِ قَد زارَ وَالغَير خاشع
وَبئساً لِأَوقات المَسرات إِنَّها / سَحابة صَيفٍ أَو بُروقٌ لَوامع
تُسيء إِذا وَلت بِتذكار أُنسها / وَإِن أَقبلت كانَت غُروراً تخادع
يَقولون لي إِن الشَدائد محنةٌ / فَقُلت وَلَكن الرَخاء مَصانع
بَلى إِنَّها تَهدي التَجارب لِلفَتى / فَتُعرَفُ أَخلاقٌ وَتصفو طَبائع
وَإِني أُوفّيها الصَحابةَ حَقَّها / وَآمل في الأَعقاب ما اللَه صانع
وَحَسبيَ ركناً في المَصاعب أَنَّني / لِأَعتاب سُلطان النبوّة راجع
فَهَل أَتّقي الدُنيا وَمَولاي قادرٌ / وَخَير البَرايا سَيد الخَلق شافع
ليقدم صَرفُ الدَهر ما شاء وَلْيُرِعْ / فَلي منهما رُكن شَديد مَدافع
أَثمت إِذاً إن لَم أُجابِهْ خَطوبَه / بِعَزمٍ يَردّ البَأس وَالبَأس خاضع
فَذاكَ حمى اللاجي العَزيز جواره / وَمَن يَرتجي مَغناه عاصٍ وَطائع
فَكَيفَ يَروع الخَطبُ مَن في أَمانِه / وَهَل تَخفض الدُنيا مِن اللَه رافع
أَما وَجلال اللَه لَيسَت تَروعني / خُطوب اللَيالي وَالصُروف الفَواجع
يَثبّتني أنَّ المهيمن مالك / وَأن الَّذي قَد شاءَ لا رَيب واقع
وَيقنعني أَني رَجَوت محمداً / نَبيَّ الهُدى وَالجار لا شَكَ مانع
أَنخت بِمَغناه رحالَ مَقاصدي / فَوطنت نَفسي وَاطمأنت مَضاجع
وَوَجهت آمالي لِمَولى يُنيلها / وَإِني بِما تَرضاه عَلياه قانع
فَلا يا رَسول اللَه إِنيَ مُقبلٌ / عَلَيكَ وَمستجدٍ نداك وَضارع
مَددتُ إِلى عَلياك كَفاً وَطالما / مَنحتَ الَّذي يَرجوك ما هوَ طامع
وَلَست أَراني آيباً أَوبَ خَيبةٍ / وَجاهك مَرجوّ وَفضلك واسع
عَلَيكَ صَلاة اللَه ما قُلت مُنشداً / أَرِقْتُ فَرَقَّتْ لي البُدورُ الطَوالع
بلقيا رَسول اللَه عيدي مباركٌ
بلقيا رَسول اللَه عيدي مباركٌ / وَإِني بَحَمد اللَه لِلّه مُسلمُ
فَيا نَفس قرّي سيد الخَلق زارَني / وَشرّفني وَالليل كَالحال مُظلمُ
فَآنسَ مني وَحشةً أَيّ وَحشة / وَأَكرمني وَهوَ الحَبيب المُكرّم
وَواصلني إِذ قاطع الناس كلهم / فَشيد ركني وَهوَ هين مُثلَّم
عَليهِ صَلاة اللَه ثُم سَلامه / كَما يَنبغي وَالحَق أَجلا وَأَعظَم
نعم لي بسكان اللوى في الهَوى شَجوُ
نعم لي بسكان اللوى في الهَوى شَجوُ / وَمالي عَنهُم لَو سَلوا صحبتي سَلوُ
فَإِن وَاصلوا وَاصلت نَضرةَ عيشَتي / وَإِن هاجَروا فليهجر العَيش وَالصَفو
فَكُل مناءٍ رُبَّ يَومٍ مواصلٌ / وَكُل مَرير كانَ يَشفى الضَنا حُلو
وَأَي فُؤاد لا يروّعه الوَفا / فَذاكَ فُؤاد عَن هُموم العَنا خلو
وَكُل عُيون لا تَبيتُ سَهيدةً / وَكُل لِسان لا يُحركه الشَدو
فربهما لم يَدر ما حال شيق / بِهِ مِن فُنون العشق أَعجَب ما يَرْووا
وَهَيهات أَن يَدري الهَوى غَير ذي الهَوى / وَلَيسَ لَهُ قَلب أَليم وَلا عُضو
أَخلَّايَ لا قاسيتمُ حرقة النَوى / وَلا غالَكُم مِن دهركم لِلنَوى سَطو
وَلا راعَكُم تَوديع خل مفاصل / وَلَيسَ لَهُ حذو يؤم وَلا نَحو
وَلا بتِّمُ مثلي بقلبٍ مصدَّعٍ / وَجسم سَقيم لا يراح لَهُ شلو
فَكَم أَملٍ فَوق التَناول نَيله / أُحاول لكن لا يرام له شأو
وَاذكر يَوماً في الدِيار وَلَيلةً / قَضيت بها حَق الشَباب وَلا غرو
أَدير الحميّا صافياتٍ كُؤوسها / أَموت بِها سكراً وَيبعثني الحسو
مشعشعة حَمراء في جوّ جامِها / تَدور عَلَينا قَد تقدّمها اللَهو
عَلى رَوضةٍ غَناءَ عيناءَ ظلُّها / يَمدُّ القبابَ الخُضرَ أعمدها السرو
نَسيمٌ يُحييه وَمتن غَديره / يشعشعه صفو وينقشه ضفو
بُيوتٌ مِن اللذات لَم يَعفُ رَسمُها / عَلَينا عُروش اللَهو إِذ ذاكَ لَم يَخووا
تَميل وَلَكن لا نَميل عَن الهَوى / فَلما اِعتَدَلنا مال عَنا فلا صَفو
فَيا بنت خَير القَوم كَيف تبدّلت / بِنا الحال وَانحلت من العُهدة العرو
وَلليوم يشجيني الحجاز وذكره / وَتزجي سَماء العَين ما غالها صَحو
وَعِندي سِواكُم لَيسَ مما يشوقني / وَغَير حَديث الحي بَين الملا لغو
وَما كُنت أَنساه وَفيهِ محمد / نبيّ الهُدى مَن لا يَزال بِهِ الهَفو
نَبيّ أَتى وَاللَه يُعبَدُ غَيرُه / فَأَثبت دينَ اللَه مِن سَيفه المَحو
أَتى الخَلق من نسل لَه تنتمي العُلا / فَذل لَهُ حضْر وَدان لَهُ البَدو
وَكانَت بلاد اللَه في ظلمة فَمذ / تَبدّى أَنار الكَون وَاتضح النَحو
وَأَيده المَولى بِنَصر مُؤيّد / فَجلّ بِهِ جوٌّ وَصين بِهِ الدوّ
وَكَم مَن كَمالات يَكاد حصيرها / يعدّدها لو يَدنو من مقعد جوّ
بحلم وَعلم واحتكام وَحكمة / تَجلّى فَلا بَطش يَشين وَلا عَفو
وَلَو لَم يَكُن مِن فَضله غَير خَلقه / كَفى حزبَه فَخراً هوَ الفَضل وَالزَهو
سَرى فَوق عَرش اللَه جَل جَلاله / وَشاهد مَولاه فَما يبلغ الصنو
وَظلله غيم فَروّى بكفه / عَطاشاً وَشَقّ البَدر فَابتلج الخطو
فَبُشرى لِمَن قَد كانَ شيعةَ أَحمَد / عَلى سنة المُختار تَسعى بِهِ الخطو
لَنا الجاه يَوم الحَشر إن سعرت لَظى / شَفاعته العُظمى هِيَ الكنز وَالكفو
وَأَصحابه الغرّ الكِرام ذوو الهُدى / رِجال عَن الخلاق لَم يسههم سَهو
فَلم يَرتَضوا غَير الجِنان مَنازلاً / وَغَير رضا الرَحمَن أَجراً وَلم يَهووا
أَقاموا عِماد الدين بِالسَيف قائِماً / وَبِالرمح مياداً فشادوا فلم يَهووا
عَلَيهِ صَلاة اللَه ما قُلت منشئاً / نعم لي بسكان اللوى في الهَوى شَجو
إِلَيك رَسول اللَه وَجَهت وَجهتي
إِلَيك رَسول اللَه وَجَهت وَجهتي / وَأَنزلت حاجاتي بأعتابك العُليا
رَجَوتُك مِعواناً فَهَل أَنتَ خاذل / رَجا لائذٍ يا نصرة الدين وَالدُنيا
وَقَد كَفل المَولى جِوارك مَيِّتاً / كَما كُنت جاراً يُستجار بِهِ حَيّا
عَوائدك الغرّاء إِن لَم توفنا / فَمُرْنا لنبكي الجاه وَالدين وَالوَحيا
وَمُرْنا بِمَن نَرجو النَدى مِن يَمينه / إِذا كُنت يا بَحر العَطا تَمنع السقيا
كَرمت بآدابي وَسدت بضئضئي
كَرمت بآدابي وَسدت بضئضئي / وَوَطدت عقب الأَمر إِذ صنت مبدئي
فَلم أَخشَ ذا هَول وَلَم أَرج ذا عُلا / فَلم يَنخفض شَأوى وَلم ينك منشأي
وَلو جرت الأَقدار جاريت ما جَرَت / وَإِن تتجرأ بي عَلى الدَهر أَجرأِ
وَلم أَجزِ إِحسانَ الوَرى بِإِساءةٍ / وَلم أَجز بالإِحسان عِن سُوء سَيِّئِ
أَصون بيأسي جَوهَر العَرض عزة / فلم أَبتذل نفساً وَلم يَتجزَّئ
أإخواننا جمعاً صِلوا لا تفرّقوا
أإخواننا جمعاً صِلوا لا تفرّقوا / وَكونوا يَداً تَسطو وَقَلباً يُقلِّبُ
فَليست سُيوفُ الهند إِلا حَديدةً / ولَيست يَد الفتاك تعطي وَتسلب
فَكلٌّ مهانُ الحَقِّ عِندَ اِنفراده / وَلَكن بِمَن والَى يَعِزُّ وَيُرْهَبُ
إِذا لَم تَكُن شمُّ الأُنوف أَعزةً
إِذا لَم تَكُن شمُّ الأُنوف أَعزةً / أَوائلنا هانَت عَلَينا المذلةُ
وَلكننا قَوم كِرام نُفوسنا / ننجِّز ما قلناه وَالسَيف يَصلتُ
نَقوم بعبء الأَمر وَالخَطبُ حالكٌ / وَنَنطق جَهراً والأعزة سُكَّتُ
فَلَسنا بِمَن يبلى فيفزعه القَضا / وَلَسنا بِمَن إِن غاله الدَهر يبهت
نَقوم وَحدّ السَيف فَصال قائم / وَنثبت والخطي يَمحو وَيثبت
سِوانا يرجّي الدَهرَ لينَ جَنابِه / وَفي غَيرنا يُنكي القَضاءُ الموقت
وَما في ذباب السَيف إِلا جَريحة / وَلا في سنان الرُمح إلا طعينة
وَهَل مَن يَخاف الدَهر يحيي مخلداً / وَهَل كُل من لَم يَتق الدَهر ميت
وَلا بُد مِن يَوم تزجَّى لَهُ الظُبَى / تَغنّي المَنايا الحمرُ وَالجاش ينصت
أَبينا اِحتِمال الضَيم وَالجأش ثابت / وَتَأبى احتمال الضَيم نَفسٌ علية