المجموع : 21
أغرَّتك الغراء أم طلعة البدر
أغرَّتك الغراء أم طلعة البدر / وقامتك الهيفاء أم عادل السمر
وشعرك أم ليل تراخت سدوله / وثغرك أم عقد تنظم من در
تبارك من سواك في الحسن كاملا / وعود هاروت الجفون على السحر
محياك لما كان يا بدر روضة / تسلسل فيه دمع عيني كالنهر
صدودك أشجاني وهيج لوعتي / وأوجد وجدي حين أعدمني صبري
تتيه وترنو ثم تجفو منافرا / وإنا عهدنا كل ذا في الظبا العفر
فطول من الهجران عل وقوفنا / يطول معاً يا قاتلي ساعة الحشر
فما لي عن حبيك واللَه شاغل / وإن غبت عن عيني فمثواك في فكري
وقدك إني لست للغر مائلاً / ولو ذبت من فرط التباعد والهجر
فيا مالكي نعمان خدك شافعي / لدى حنبلي العذل إذ قام بالغدر
أكنى إذا ما قيل لي من تحبه / بغيرك صوناً للغرام عن الجهر
أيا عاذلي عز السلو فخلني / أقلب قلبي في هواه على الجمر
عذابي به عذب كبرد رضابه / وعذري أضحى واضحاً في الهوى العذري
وعن حبه لم يثنني غير مدحة / لما لخديوي العصر فخراً مدى الدهر
عَزيزٌ له بين الأَنامِ سياسةٌ / بِها رُفعت في مصره رايةُ النَصر
حَميدُ مساعٍ ليسَ يحصُرُ بَعضَها / لَبيبٌ مُجيدُ القَولِ في النَظم وَالنَثر
سَرِيٌّ سما فوقَ السماك مقامُه / وَفاق على الشَمس المُنيرَةِ وَالبَدر
به تالدُ المجد اكتَسى بطريفهِ / فدام أَثيلَ المجد مرتَفِعَ القَدر
وَما الغَيثُ إِلّا من بحارِ نَواله / أَلم تَرَها تُروى الوفودَ بلا نَهر
أَلم تَر كَيفَ الغَيثُ يَبكى إِذا هَمى / وَهذا الذي يولي وَيَضحَك بِالبِشر
فَقل لِلَّذي قد رام حَصرَ صِفاتِه / رُوَيدَك يا هذا أَلِلقَطرِ من حَصر
مَآثِرُ عَلياه التي شاع ذِكرُها / تحلَّت بها مصرٌ وَمن حَلَّ في مصر
أثا من حَبا مصراً أَياديَ جمَّةً / وَأَضحَت بلا نُكرٍ تُقابَل بِالشُكر
أَيا من حبا مصراً أَياديَ جَمَّةً / وَأَضحَت بِلا نُكرٍ تُقابَل بِالشُكر
وَيا زينَةَ الدُنيا وَإِنسان عينِها / تَهَنَّأ بما تَهواهُ يا مُفرَدَ العَصر
وَعِش رافِلا في حلَّة الفَخر وَالعُلا / وَفزتَ بما تَرضى لأَنجالك الغُرِّ
وَلا زِلتَ تحظى كلَّ وقتٍ بِسَعدِه / وَتَبقى مدى الأَيّام منشرحَ الصَدر
وَلا زِلتَ في كلِّ الأُمورِ موفَّقا / إلى الخَير وَالأَعوامُ باسِمَة الثَغر
وَلا زالَ بِالتَوفيق بدرُك زاهيا / كَما يَزدَهي درُّ البحورِ على النَحر
إذا هبَّ مُبتَلُّ النَسيمِ على الوَردِ
إذا هبَّ مُبتَلُّ النَسيمِ على الوَردِ / تذكَّرتُ شِعري في مورَّدهِ الخدِّ
وَإن أَمطَرَت سحبٌ وفيها بَوارِقٌ / بكيتُ وَفي قَلبي لهيبٌ من الوَجدِ
يحجِّبها عَنّي الرَقيبُ وَدونَها / حجابان من هجرٍ شَديدٍ وَمن بُعدِ
وَما فِعلُ سَهمٍ سَدَّدَتهُ من النَوى / كَفِعلِ حُسامٍ جَرَّدَته من الصَدِّ
فَرُبَّ نَوىً تَأتيكَ من غيرِ عامدٍ / وَليسَ يَجيء الصَدُّ إِلّا على عَمد
دَع الشِعرَ في وَصف النِساءِ وَخلَّه / وَبادِر بِتَنظيم الجواهِر في مجدي
فَلَيسَ يَقيس العاقِل البخلَ بِالنَدى / وَليسَ يَقيس العاقِلُ الهَزلَ بِالجِدِّ
أَميرٌ لهُ فِكرٌ إِذا رُمتَ وَصفَه / فَدَع قَولَهُم كَالرُمحِ وَالسَهمِ وَالحَدِّ
علا وَدَعاني لِلمَدائِح فَضلهُ / فَنَظَّمتُ حَبّاتِ الكَواكِب في عِقدِ
أَخا المَجد خُذها وَهيَ في السَير كَالصَبا / وَفي نَشرِها كَالوَردِ وَالآسِ وَالنَدِّ
فَلا زِلتَ خِدنَ العِزِّ وَالفَخر وَالنَدى / وَلا زِلتَ تِربَ المجدِ وَالفَضلِ وَالسَعد
كَلامُكما إن كان مِثلَ سهامِ
كَلامُكما إن كان مِثلَ سهامِ / فَقَلبيَ حِصنٌ لا يَلين لِرامي
إِذا رُمتُما قَتلى بِغيرِ لواحظٍ / دَعاني فدون القصد طولُ صِدام
وَإن رُمتما لي بِالمَلامِ سَلامةً / أَرِفقُكُما يُرضى صِيالَ حُسامي
بِروحي الذي لَولا أَغارُ من الصَبا / عليه لما أَخرتُ عنه سلامي
وَسَقياً لدهرٍ بِالأَماني محجَّلٍ / أَدرنا به لِلأُنسِ غُرَّةَ جام
فَيا زمناً ما خِلتُه غيرَ سَكرةٍ / مُضيُّكَ أَبقى لي خُمارَ غرامِ
إِلامَ أُقاسي ما أُقاسي من الجَوى / وَمن معشرٍ هاموا بِتَركِ هيامي
أَعَبّاس يا فرعَ المَكارمِ وَالعُلا
أَعَبّاس يا فرعَ المَكارمِ وَالعُلا / وَأَفضَلُ من في ظِلّ والِدِه سَما
تَغَيَّبتَ عَن هذي البِلاد وَجِئتَها / فَكنتَ سِواراً حينَما كُنَّ مِعصَما
وَعُدت إلى الإِسكِندِريَّةِ غانِماً / وَأَلفَيتَها ثَغراً فَكنتَ تَبَسُّما
وَأَنت عَلِيَّ القَدرِ أُبتَ معزَّرا / إِيابَ نَميرِ الماءِ وافى على ظَما
فَلا زِلتُما بَدرَين نوراً وَرِفعةً / تَزينان طولَ الدَهر مُلكَ أَبيكُما
أَبى الجهلُ إلّا أَن يهُزَّ أَريكةً
أَبى الجهلُ إلّا أَن يهُزَّ أَريكةً / تَقيها يدُ الرحمنِ أن تَتَزَعزَعا
فما هزَّ إِلّا كلَّ قلبٍ مُروَّعِ / يجاوِر قلباً في الرُبوعِ مُروَّعا
يكاد إذا الأَنباءُ رابتهُ مرَّةً / يسيل بوادي النيلِ كَالنيلِ أَدمُعا
ومن كاد للعِبّاس كيداً فإنَّما / يكيدُ إلى مصرٍ وَأحبابها معا
وَمن يَسعَ في إطفاءِ مصباحِ أُمَّةٍ / يرى اللَهَ حولَ النورِ وَالناسَ أجمَعا
هنيئاً بِرغمِ العلمِ وَالفضلِ والتُقى
هنيئاً بِرغمِ العلمِ وَالفضلِ والتُقى / عُلاً نِلتَها قسراً وحاوَلتَها ختلا
تَسَلَّقتَها لمّا رَأيتَ حماتَها / يَذودونَ عن أبوابِها الوَغدَ وَالنَذلا
تَزَوَّد منَ الأَقمارِ قبلَ أُفولِها
تَزَوَّد منَ الأَقمارِ قبلَ أُفولِها / لِظُلمَةِ أَيّامِ الفِراقِ وَطولِها
فَرُبَّ وداعٍ يَنفَعُ المَرءِ بَعضُهُ / إِذا رَضِيَت نَفسُ امرىءٍ بِقَليلِها
غداً تَفعَلُ الأَشجانُ بِالرَكبِ فِعلَها / وَتُجتَثُّ هاتيكَ المُنى مِن أُصولِها
وَيَدري أَخوا الأَشواقِ سرَّ هُلوعهِ / لِذكر النَوى وَالخوفِ قبلَ نُزولِها
لَقد بوغِتَت تلك المُنى فَتَصرَّمَت / وَلم تَقضِ منها النَفسُ أَيسَرَ سولِها
أَأَنتَ رَزينٌ أَيُّها القَلبُ في غدٍ / كعهدِكَ أم سارٍ وَراءَ حُمولِها
ولمّا التَقَينا قَرَّبَ الشَوقُ جُهدهُ
ولمّا التَقَينا قَرَّبَ الشَوقُ جُهدهُ / شَجِيَّينِ فاضا لَوعَة وَعِتابا
كَأنَّ حَبيباً في خِلالِ حَبيبهِ / تَسَرَّبَ أثناءَ العِناقِ وَغابا
ألا مَن لمَقروحِ الجوانحِ ساهرِ
ألا مَن لمَقروحِ الجوانحِ ساهرِ / تُساوِرهُ الآلامُ جهدَ المُساوِر
يحِنُّ إلى عَصرٍ تَقَضّى وَأُسرَةٍ / أَفاضَت علَيهِ مثلَ عرفِ الأزاهرِ
وَتَمنحُهُ الذِكرى إذا شَفَّه الحمى / وَأهلُ الحمى شوقاً قوادمَ طائرِ
ألا أَيُّها السِلكُ الذي منهُ أَصبَحت / تمشّى على جسرٍ بناتُ الخواطرِ
رعى اللَهُ عصراً قد نماكَ فإنَّهُ / أفاد ذوي الحاجاتِ أعظمَ ناصرِ
لأَنت غِياثُ المُستَغيثِ من النَوى / وعونُ سخِيِّ الدَمعِ سمحِ المحاجرِ
إذا ما دَعا داعٍ إلى الشرِّ مرَّةً
إذا ما دَعا داعٍ إلى الشرِّ مرَّةً / وَهزَّت رياحُ الحادِثاتِ قناتي
ركِبتُ إليهِ الحلمَ خيرَ مطيَّةٍ / وَسرتُ إليه من طريقِ أَناتي
إِذا خانَني خلٌّ قديمٌ وَعَقَّني
إِذا خانَني خلٌّ قديمٌ وَعَقَّني / وَفَوَّقتُ يوماً في مَقاتِلِهِ سَهمي
تَعرَّضَ طيفُ الوُدِّ بيني وَبَينَهُ / فَكسَّرَ سَهمي فاِنثَنَيتُ وَلم أَرمي
عجِبتُ لهم قالوا سَقَطتَ ومن يكُن
عجِبتُ لهم قالوا سَقَطتَ ومن يكُن / مكانكَ يَأمَن من سُقوطٍ وَيَسلَمِ
فَأَنتَ امرُؤٌ أَلصَقت نفسكَ بالثَرى / وحرَّمتَ خَوفَ الذُلِّ ما لَم يُحرَّمِ
فَلَو أَسقَطوا من حيثُ أنتَ زُجاجَةً / على الصَخرِ لم تُصدَع وَلم تَتَحطَّمِ
أَرُشدي سلامٌ مرحباً بكَ مرحباً
أَرُشدي سلامٌ مرحباً بكَ مرحباً / وَأَهلا بِصافي الروحِ وَالقَلبِ وَالقَصدِ
سَيَفرحُ قانوني وَتَرضى شَرائِعي / إِذا زِدتَ من شَأني وَأَبلَغتَني رُشدي
أَلا فاِعذِروني إِن قَنِعتُ من الوَرى
أَلا فاِعذِروني إِن قَنِعتُ من الوَرى / بِما حُزتُ من فخرٍ وما نِلتُ من رُتَب
فَما عَن قَلىً فارَقتُ سعداً وَإِنَّما / تَفَرَّغتُ بينَ الناسِ لِلعِلمِ وَالأَدَب
مَقابرُ من ماتوا مواطنُ راحةٍ
مَقابرُ من ماتوا مواطنُ راحةٍ / فلا تكُ إثرَ الهالِكينَ جَزوعا
وَإن تَبكِ مَيتاً ضمَّهُ القَبرُ فادَّخِر / لِمَيتٍ عَلى قيدِ الحياةِ دُموعا
خَشيتُكَ حتى قيلَ إنيَ لم أَثِق
خَشيتُكَ حتى قيلَ إنيَ لم أَثِق / بِأنَّك تَعفو عن كَثيرٍ وَترحمُ
وَأَمَّلتُ حتى قيلَ ليسَ بخائِفٍ / من اللَهِ أن تَشوي الوجوهَ جهنَّمُ
فَشَأنِيَ في حالِيَّ يا رَبِّ حيرَةٌ / بها أَنتَ من دونِ البَرِيَّةِ أعلَمُ
أَقِلني من الشَكِّ الذي قد أحاطَ بي / فَشَأنِيَ في حالَيَّ يا رَبِّ مُبهَمُ
مُرِ الحُجب تُرفَع عَنكَ أَستَقبِل الهُدى / صَريحاً وَيَنهَج منهَجَ الحقِّ مُجرِمُ
إِذا كان وِردُ الموتِ ضَربَةَ لازِبِ
إِذا كان وِردُ الموتِ ضَربَةَ لازِبِ / فَطولُ سُرورِ المَرءِ موعِدُ كاذِبِ
فَلا تَغتَرِر بِالعَيشِ واحذَر فَإنما / صَفاءُ اللَيالي هُدنَةٌ من مُحارِبِ
يَبيتُ الفتى خِلوَ الفؤادِ كَأنَّه / رَأى بَينَهُ سدّاً وبين النوائِب
بِرَغمِيَ أن يُدعى تُرابا وَأَعظُماً / فتىً كان يُدعى قبلُ أَكتبَ كاتِب
فتىً كانت الأَقلامُ تَشهَدُ أنَّهُ / يُجلُّ مقامَ الكُتبِ فوق الكتائِب
هوَى كَوكَباً ما البَدرُ ليلَة تمَّهِ / بِأَفتَكَ من لألائهِ بِالغَياهِبِ
فتىً طَبعُه قد كانَ كالماءِ رِقَّةً / فَلو صُبَّ في كَأسٍ لَساغَ لِشارِبِ
فَيا راحلا قد غاب عنّا ومن تَكُن / كَذِكراكَ ذِكراهُ فَلَيسَ بِغائِب
سَلَبتَ النُهى حَيّاً بِباهرِ حكمةٍ / وَعاطرِ أخلاقٍ وَرِقَّةِ جانِبِ
عليكَ منَ الفَضل السَلامُ فإنَّه / بِفَقدِكَ أمسى فاقِداً خيرَ صاحب
وَلا زالَ مُنهَلُّ الدموعِ مُلازِماً / ثَراكَ يُجاري فيه فَيضَ السَحائِب
تَدَفَّق دُموعاً أَو دَماً أَو قَوافيا
تَدَفَّق دُموعاً أَو دَماً أَو قَوافيا / مَآتِمُ أولى الناسِ بِالحُزنِ هاهِيا
أَيَجمُلُ أن تُنعى الفَضائلُ لِلوَرى / وَلم تكُ في الباكينَ وَيحكَ باكِيا
اغَرَّكَ من بَعضِ اللَيالي سُكونُها / فَبِتَّ قَريراً ناعِمَ البالِ هانيا
لقد سَكَنَت لكن لِتُرهِفَ لِلوَغى / دقائِقَ من ساعاتها وَثوانيا
إلا إِنَّ بينَ الكاسِ والفَم فُرجةً / لِرَكضِ عظيماتٍ تُشيبُ النَواصِيا
فنَبِّه رَقيقاً من حِذاركَ كلَّما / رَأَيت بِأطرافِ الفُؤادِ أمانيا
محمدُ دورُ العِلمِ كانَت أَواهِلاً / بِفضلِكَ ما بينَ الأَنام زَواهِيا
فَصَبَّحَها إِلّا من الحُزنِ وَالأَسى / عَليكَ القَضاءُ المُستَبِدُّ خواليا
فَما لِلرَدى لا باركَ اللَهُ في الرَدى / أَحالَ بَشيرَ الأَمسِ في الكَونِ ناعِيا
بِرَغمِ الحجا وَالمجدِ أَن مسَّك البِلى / بِسوءٍ فَأَضحى عودكَ الصُلبُ ذاوِيا
وَأَن أُقفِلَ البابُ الذي كنتَ عندَه / تُقابِلُ مَلهوفا وَتَرصُدُ شاكيا
محمَّدُ من لِلدّين يحرُسُ حَوضَه / وَيَدرَأُ بَينَ الناس عنه العَواديا
تعرَّضَ قَومٌ لِلكتابِ وَأَثخَنوا / صراحَتَه شَرحاً عن القَصدِ نائِيا
فَأَرسَلتَ فيهِ نَظرَةً نَفَذَت إلى / صَميمِ مُرادِ اللَهِ إِذ قُمتَ هاديا
وَوَفَّقتَ بين الشَرعِ وَالعَقلِ بَعدَما / قد اعتَقَد الإِلفانِ أَلّا تَلاقيا
وَرُبَّ أُناسٍ حارَبوا دينَ أحمدٍ / فَثرتَ عليهم ثَورَةَ اللَيثِ عادِيا
وَقَفتَ وَأَقلامُ الغوايَةِ شُرَّعٌ / وَأقلامُ أهلِ الحقِّ تَرنو سواهيا
وَأَفحَمتَ بِالبُرهانِ كلَّ مُناضِلٍ / لو انَّك لم تَغضَب لَزادَ تَمادِيا
فَفاءُوا إلى الحُسنى ولو لَم تَحُجُّهُم / لَعادَت زَئيراً صَيحَةُ القَومِ داوِيا
هنيئاً لهُم فَليَحملوا حَمَلاتِهم / فقد أَصبحَ المَيدان بعدَكَ خالِيا
محمدُ وَفَّيتَ المُروآتِ حقَّها / وَقمتَ إِليها في حياتِكَ داعِيا
وَعلَّمتَ أهلَ العُرفِ في العُرفِ أوجُهاً / لها غُرَرٌ مَشهورَةٌ ومعانِيا
وَعالَجتَ أمراضَ القُلوب بحكمَةٍ / تَرى ظاهراً مِن خَلفِها البُرءَ صافِيا
وَأَودَعتَ في الطلّابِ أجزاءَ مُهجَةٍ / تَرى العِلمَ إِن لم يَعلُ بالمرءِ هاذِيا
مَناقِبُ إن عُدَّت تَضَوَّعُ بَينَنا / كَأنّا اتَّخَذنا ساحةَ الرَوضِ نادِيا
ألا نَم معَ الأَبرارِ في الخُلدِ ناعِماً / فكم بِتَّ فينا ساهِرَ العَزمِ عانِيا
جُزيتَ عن الإِسلام ما أنتَ أهلُه / فقد كُنتَ سَيفاً في يَدِ الحَقِّ ماضِيا
ألا يا تِجارَ العَصرِ هل فيكُمُ امرُؤٌ
ألا يا تِجارَ العَصرِ هل فيكُمُ امرُؤٌ / يَبيعُ عَلى صَرعى الهُمومِ عَزاءِ
إذا دَلَّني مِنكُم على مِثلهِ فَتىً / خَلَعتُ عليه ما يشاءُ جزاءَ
فَفي الحيِّ قَومٌ عاكِفونَ على لَظىً / تُذيبُهم البَلوى صباحَ مساءَ
يَخالُهُمُ الرائي سُكارى مِن الأَسى / فَيَبكي عَليه رحمةً وَوَفاء
لو انَّ قُلوبَ الناسِ طَوعَ إِرادَتي / أَحَلتُ الأَسى في بَعضِهِنَّ هناءَ
وَلَو طاوَعَتني كلُّ عَينٍ قَريحةٍ / لما ذابَ بعضُ الثاكِلين بُكاءَ
وَعالَجتُ إبراهيمَ مِمّا أَصابَهُ / وَداهَمَه حتّى ينالَ شِفاءَ
مَصابُكَ إسماعيلُ زَعزَعَ شامِخاً / وَضَعضَعَ طَوداً راسِيا وَأَساءَ
وَأَودى بِآمالٍ كِبارٍ تَصَرَّمَت / بِرَغمِ ذويكَ البائِسينَ هباءَ
ألا إِنَّما الدَنيا هَباءٌ وَأَهلُها / هباءٌ وهل يَبكي الهباءُ هباءَ
مُصابُكَ إسماعيلُ أَودى بِأُسرَةٍ / تَكَلَّفَت الصَبرَ الجميلَ حياءَ
وَقلَّصَ آمالاً كباراً كَأنَّها / مدى الدَهرِ لم تَعقِد عَليكَ لِواءَ
على قَبرِكَ المَمطورِ منّي تحيَّةٌ / فقد ضمَّ غُصناً ناضِرا وَفتاءَ
أجَل أنا مَن أَرضاكَ خلّاً مُوافِياً
أجَل أنا مَن أَرضاكَ خلّاً مُوافِياً / وَيُرضيكَ في الباكين لو كنتَ واعِيا
وَقلبِيَ ذاك المَورِدُ العَذبُ لم يَزَل / كَما ذُقتَ منه الحبُّ وَالوُدَّ صافِيا
سِوى أَنَّه يَعتادُه الحُزنُ كلَّما / رَآكَ عن الحَوضِ المُهَدَّدِ نائِيا
وَيَعثُرُ في بعض الخُطوب إذا مشى / إلى بعض ما يَهوى فَيرجِعَ دامِيا
وَإِن رامَهُ سِربُ المَسَرّاتِ لم يَجِد / مَحَلّاً بهِ من لاعجِ الهَمِّ خاليا
أَلا عَلِّلاني بِالتَعازي وَأَقنِعا / فُؤاديَ أَن يَرضى بهِنَّ تَعازِيا
وَإِلّا أَعيناني على النَوحِ وَالبُكا / فَشَأنُكما شَأني وما بِكُما بِيا
وَما نافِعي أن تَبكيا غيرَ أنّي / أُحبُّ دموعَ البِرِّ والمرءَ وافِيا
أَيا مصطفى تَاللَهِ نَومُكَ رابَنا / أَمِثلُكَ يَرضى أن ينامَ اللَياليا
تكلَّم فَإنَّ القوم حولَكَ أطرَقوا / وَقُل يا خطيبَ الحيِّ رَأيَكَ عالِيا
لقد أوشَكَت من طولِ صَمتٍ وَهجرَةٍ / تخالُكَ أعوادُ المَنابِرِ فانيا
وَتَبكيكَ لولا أنَّ فيها بَقِيَّةً / تُعَلِّلها من ذلك الصَوتِ داوِيا
فهَل أَلَّفَت ما بَينَ جَفنِكَ والكَرى / مُحالَفَةٌ أم قد أَمِنتَ الأَعاديا
فَقَدناكَ فُقدانَ الكَمِىِّ سِلاحَه / وَسارى الدِياجي كَوكَبَ القُطبِ هادِيا
وَبِتنا وَدَمعُ العَينِ أندى خَمائِلاً / وَأكثرُ إسعافا منَ الغَيثِ هاميا
وَلَولا تُراثٌ مِن أمانيكَ عندنا / كريمٌ بَكَينا إذ بَكَينا الأَمانيا
طَواكَ الرَدى طَيَّ الكتابِ تَضَمَّنَت / صحائِفهُ من كلِّ فخرٍ معانِيا
مَضاءٌ إذا البيضُ انتَمَت لِأُصولِها / غَضِبنا إذا سَمّاكَ قومٌ يَمانِيا
وَرَأيٌ يُجَلّى اليَأسَ واليَأسُ ضارِبُ / عَلى الأُفقِ ليلا فاحمَ اللَونِ داجِيا
إِذا ما تَقاضَينا وَلم تَكُ بيننا / ذَكَرناهما حتّى نُجيدَ التَقاضِيا
فَلَيتكَ إذ أَعيَيتَ كلَّ مُساجِلٍ / قَنِعتَ فَلم تُعيِ الطَبيبَ المُداوِيا
وَلَيتَكَ إذ ناضَلتَ عن مصرَ لم تُفِض / مع الحِبرِ قلباً يعلمُ اللَهُ غالِيا
لَقد ضاع إخلاصُ الطبيبِ وَحِذقُه / سُدىً فَبَكى الفخرَ الذي كان راجِيا
ولم تَنتَهِز تلك العَقاقيرُ فُرصَةٌ / تُرى الناسَ فيها فضلَ بُقراطَ بادِيا
يَحيّيك سَيفاً باتَ في التُربِ مُغمَداً / تَقَلَّدَه فيما مَضى الحقُّ ماضِيا