القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : إِسْماعِيل صَبْري باشا الكل
المجموع : 21
أغرَّتك الغراء أم طلعة البدر
أغرَّتك الغراء أم طلعة البدر / وقامتك الهيفاء أم عادل السمر
وشعرك أم ليل تراخت سدوله / وثغرك أم عقد تنظم من در
تبارك من سواك في الحسن كاملا / وعود هاروت الجفون على السحر
محياك لما كان يا بدر روضة / تسلسل فيه دمع عيني كالنهر
صدودك أشجاني وهيج لوعتي / وأوجد وجدي حين أعدمني صبري
تتيه وترنو ثم تجفو منافرا / وإنا عهدنا كل ذا في الظبا العفر
فطول من الهجران عل وقوفنا / يطول معاً يا قاتلي ساعة الحشر
فما لي عن حبيك واللَه شاغل / وإن غبت عن عيني فمثواك في فكري
وقدك إني لست للغر مائلاً / ولو ذبت من فرط التباعد والهجر
فيا مالكي نعمان خدك شافعي / لدى حنبلي العذل إذ قام بالغدر
أكنى إذا ما قيل لي من تحبه / بغيرك صوناً للغرام عن الجهر
أيا عاذلي عز السلو فخلني / أقلب قلبي في هواه على الجمر
عذابي به عذب كبرد رضابه / وعذري أضحى واضحاً في الهوى العذري
وعن حبه لم يثنني غير مدحة / لما لخديوي العصر فخراً مدى الدهر
عَزيزٌ له بين الأَنامِ سياسةٌ / بِها رُفعت في مصره رايةُ النَصر
حَميدُ مساعٍ ليسَ يحصُرُ بَعضَها / لَبيبٌ مُجيدُ القَولِ في النَظم وَالنَثر
سَرِيٌّ سما فوقَ السماك مقامُه / وَفاق على الشَمس المُنيرَةِ وَالبَدر
به تالدُ المجد اكتَسى بطريفهِ / فدام أَثيلَ المجد مرتَفِعَ القَدر
وَما الغَيثُ إِلّا من بحارِ نَواله / أَلم تَرَها تُروى الوفودَ بلا نَهر
أَلم تَر كَيفَ الغَيثُ يَبكى إِذا هَمى / وَهذا الذي يولي وَيَضحَك بِالبِشر
فَقل لِلَّذي قد رام حَصرَ صِفاتِه / رُوَيدَك يا هذا أَلِلقَطرِ من حَصر
مَآثِرُ عَلياه التي شاع ذِكرُها / تحلَّت بها مصرٌ وَمن حَلَّ في مصر
أثا من حَبا مصراً أَياديَ جمَّةً / وَأَضحَت بلا نُكرٍ تُقابَل بِالشُكر
أَيا من حبا مصراً أَياديَ جَمَّةً / وَأَضحَت بِلا نُكرٍ تُقابَل بِالشُكر
وَيا زينَةَ الدُنيا وَإِنسان عينِها / تَهَنَّأ بما تَهواهُ يا مُفرَدَ العَصر
وَعِش رافِلا في حلَّة الفَخر وَالعُلا / وَفزتَ بما تَرضى لأَنجالك الغُرِّ
وَلا زِلتَ تحظى كلَّ وقتٍ بِسَعدِه / وَتَبقى مدى الأَيّام منشرحَ الصَدر
وَلا زِلتَ في كلِّ الأُمورِ موفَّقا / إلى الخَير وَالأَعوامُ باسِمَة الثَغر
وَلا زالَ بِالتَوفيق بدرُك زاهيا / كَما يَزدَهي درُّ البحورِ على النَحر
إذا هبَّ مُبتَلُّ النَسيمِ على الوَردِ
إذا هبَّ مُبتَلُّ النَسيمِ على الوَردِ / تذكَّرتُ شِعري في مورَّدهِ الخدِّ
وَإن أَمطَرَت سحبٌ وفيها بَوارِقٌ / بكيتُ وَفي قَلبي لهيبٌ من الوَجدِ
يحجِّبها عَنّي الرَقيبُ وَدونَها / حجابان من هجرٍ شَديدٍ وَمن بُعدِ
وَما فِعلُ سَهمٍ سَدَّدَتهُ من النَوى / كَفِعلِ حُسامٍ جَرَّدَته من الصَدِّ
فَرُبَّ نَوىً تَأتيكَ من غيرِ عامدٍ / وَليسَ يَجيء الصَدُّ إِلّا على عَمد
دَع الشِعرَ في وَصف النِساءِ وَخلَّه / وَبادِر بِتَنظيم الجواهِر في مجدي
فَلَيسَ يَقيس العاقِل البخلَ بِالنَدى / وَليسَ يَقيس العاقِلُ الهَزلَ بِالجِدِّ
أَميرٌ لهُ فِكرٌ إِذا رُمتَ وَصفَه / فَدَع قَولَهُم كَالرُمحِ وَالسَهمِ وَالحَدِّ
علا وَدَعاني لِلمَدائِح فَضلهُ / فَنَظَّمتُ حَبّاتِ الكَواكِب في عِقدِ
أَخا المَجد خُذها وَهيَ في السَير كَالصَبا / وَفي نَشرِها كَالوَردِ وَالآسِ وَالنَدِّ
فَلا زِلتَ خِدنَ العِزِّ وَالفَخر وَالنَدى / وَلا زِلتَ تِربَ المجدِ وَالفَضلِ وَالسَعد
كَلامُكما إن كان مِثلَ سهامِ
كَلامُكما إن كان مِثلَ سهامِ / فَقَلبيَ حِصنٌ لا يَلين لِرامي
إِذا رُمتُما قَتلى بِغيرِ لواحظٍ / دَعاني فدون القصد طولُ صِدام
وَإن رُمتما لي بِالمَلامِ سَلامةً / أَرِفقُكُما يُرضى صِيالَ حُسامي
بِروحي الذي لَولا أَغارُ من الصَبا / عليه لما أَخرتُ عنه سلامي
وَسَقياً لدهرٍ بِالأَماني محجَّلٍ / أَدرنا به لِلأُنسِ غُرَّةَ جام
فَيا زمناً ما خِلتُه غيرَ سَكرةٍ / مُضيُّكَ أَبقى لي خُمارَ غرامِ
إِلامَ أُقاسي ما أُقاسي من الجَوى / وَمن معشرٍ هاموا بِتَركِ هيامي
أَعَبّاس يا فرعَ المَكارمِ وَالعُلا
أَعَبّاس يا فرعَ المَكارمِ وَالعُلا / وَأَفضَلُ من في ظِلّ والِدِه سَما
تَغَيَّبتَ عَن هذي البِلاد وَجِئتَها / فَكنتَ سِواراً حينَما كُنَّ مِعصَما
وَعُدت إلى الإِسكِندِريَّةِ غانِماً / وَأَلفَيتَها ثَغراً فَكنتَ تَبَسُّما
وَأَنت عَلِيَّ القَدرِ أُبتَ معزَّرا / إِيابَ نَميرِ الماءِ وافى على ظَما
فَلا زِلتُما بَدرَين نوراً وَرِفعةً / تَزينان طولَ الدَهر مُلكَ أَبيكُما
أَبى الجهلُ إلّا أَن يهُزَّ أَريكةً
أَبى الجهلُ إلّا أَن يهُزَّ أَريكةً / تَقيها يدُ الرحمنِ أن تَتَزَعزَعا
فما هزَّ إِلّا كلَّ قلبٍ مُروَّعِ / يجاوِر قلباً في الرُبوعِ مُروَّعا
يكاد إذا الأَنباءُ رابتهُ مرَّةً / يسيل بوادي النيلِ كَالنيلِ أَدمُعا
ومن كاد للعِبّاس كيداً فإنَّما / يكيدُ إلى مصرٍ وَأحبابها معا
وَمن يَسعَ في إطفاءِ مصباحِ أُمَّةٍ / يرى اللَهَ حولَ النورِ وَالناسَ أجمَعا
هنيئاً بِرغمِ العلمِ وَالفضلِ والتُقى
هنيئاً بِرغمِ العلمِ وَالفضلِ والتُقى / عُلاً نِلتَها قسراً وحاوَلتَها ختلا
تَسَلَّقتَها لمّا رَأيتَ حماتَها / يَذودونَ عن أبوابِها الوَغدَ وَالنَذلا
تَزَوَّد منَ الأَقمارِ قبلَ أُفولِها
تَزَوَّد منَ الأَقمارِ قبلَ أُفولِها / لِظُلمَةِ أَيّامِ الفِراقِ وَطولِها
فَرُبَّ وداعٍ يَنفَعُ المَرءِ بَعضُهُ / إِذا رَضِيَت نَفسُ امرىءٍ بِقَليلِها
غداً تَفعَلُ الأَشجانُ بِالرَكبِ فِعلَها / وَتُجتَثُّ هاتيكَ المُنى مِن أُصولِها
وَيَدري أَخوا الأَشواقِ سرَّ هُلوعهِ / لِذكر النَوى وَالخوفِ قبلَ نُزولِها
لَقد بوغِتَت تلك المُنى فَتَصرَّمَت / وَلم تَقضِ منها النَفسُ أَيسَرَ سولِها
أَأَنتَ رَزينٌ أَيُّها القَلبُ في غدٍ / كعهدِكَ أم سارٍ وَراءَ حُمولِها
ولمّا التَقَينا قَرَّبَ الشَوقُ جُهدهُ
ولمّا التَقَينا قَرَّبَ الشَوقُ جُهدهُ / شَجِيَّينِ فاضا لَوعَة وَعِتابا
كَأنَّ حَبيباً في خِلالِ حَبيبهِ / تَسَرَّبَ أثناءَ العِناقِ وَغابا
ألا مَن لمَقروحِ الجوانحِ ساهرِ
ألا مَن لمَقروحِ الجوانحِ ساهرِ / تُساوِرهُ الآلامُ جهدَ المُساوِر
يحِنُّ إلى عَصرٍ تَقَضّى وَأُسرَةٍ / أَفاضَت علَيهِ مثلَ عرفِ الأزاهرِ
وَتَمنحُهُ الذِكرى إذا شَفَّه الحمى / وَأهلُ الحمى شوقاً قوادمَ طائرِ
ألا أَيُّها السِلكُ الذي منهُ أَصبَحت / تمشّى على جسرٍ بناتُ الخواطرِ
رعى اللَهُ عصراً قد نماكَ فإنَّهُ / أفاد ذوي الحاجاتِ أعظمَ ناصرِ
لأَنت غِياثُ المُستَغيثِ من النَوى / وعونُ سخِيِّ الدَمعِ سمحِ المحاجرِ
إذا ما دَعا داعٍ إلى الشرِّ مرَّةً
إذا ما دَعا داعٍ إلى الشرِّ مرَّةً / وَهزَّت رياحُ الحادِثاتِ قناتي
ركِبتُ إليهِ الحلمَ خيرَ مطيَّةٍ / وَسرتُ إليه من طريقِ أَناتي
إِذا خانَني خلٌّ قديمٌ وَعَقَّني
إِذا خانَني خلٌّ قديمٌ وَعَقَّني / وَفَوَّقتُ يوماً في مَقاتِلِهِ سَهمي
تَعرَّضَ طيفُ الوُدِّ بيني وَبَينَهُ / فَكسَّرَ سَهمي فاِنثَنَيتُ وَلم أَرمي
عجِبتُ لهم قالوا سَقَطتَ ومن يكُن
عجِبتُ لهم قالوا سَقَطتَ ومن يكُن / مكانكَ يَأمَن من سُقوطٍ وَيَسلَمِ
فَأَنتَ امرُؤٌ أَلصَقت نفسكَ بالثَرى / وحرَّمتَ خَوفَ الذُلِّ ما لَم يُحرَّمِ
فَلَو أَسقَطوا من حيثُ أنتَ زُجاجَةً / على الصَخرِ لم تُصدَع وَلم تَتَحطَّمِ
أَرُشدي سلامٌ مرحباً بكَ مرحباً
أَرُشدي سلامٌ مرحباً بكَ مرحباً / وَأَهلا بِصافي الروحِ وَالقَلبِ وَالقَصدِ
سَيَفرحُ قانوني وَتَرضى شَرائِعي / إِذا زِدتَ من شَأني وَأَبلَغتَني رُشدي
أَلا فاِعذِروني إِن قَنِعتُ من الوَرى
أَلا فاِعذِروني إِن قَنِعتُ من الوَرى / بِما حُزتُ من فخرٍ وما نِلتُ من رُتَب
فَما عَن قَلىً فارَقتُ سعداً وَإِنَّما / تَفَرَّغتُ بينَ الناسِ لِلعِلمِ وَالأَدَب
مَقابرُ من ماتوا مواطنُ راحةٍ
مَقابرُ من ماتوا مواطنُ راحةٍ / فلا تكُ إثرَ الهالِكينَ جَزوعا
وَإن تَبكِ مَيتاً ضمَّهُ القَبرُ فادَّخِر / لِمَيتٍ عَلى قيدِ الحياةِ دُموعا
خَشيتُكَ حتى قيلَ إنيَ لم أَثِق
خَشيتُكَ حتى قيلَ إنيَ لم أَثِق / بِأنَّك تَعفو عن كَثيرٍ وَترحمُ
وَأَمَّلتُ حتى قيلَ ليسَ بخائِفٍ / من اللَهِ أن تَشوي الوجوهَ جهنَّمُ
فَشَأنِيَ في حالِيَّ يا رَبِّ حيرَةٌ / بها أَنتَ من دونِ البَرِيَّةِ أعلَمُ
أَقِلني من الشَكِّ الذي قد أحاطَ بي / فَشَأنِيَ في حالَيَّ يا رَبِّ مُبهَمُ
مُرِ الحُجب تُرفَع عَنكَ أَستَقبِل الهُدى / صَريحاً وَيَنهَج منهَجَ الحقِّ مُجرِمُ
إِذا كان وِردُ الموتِ ضَربَةَ لازِبِ
إِذا كان وِردُ الموتِ ضَربَةَ لازِبِ / فَطولُ سُرورِ المَرءِ موعِدُ كاذِبِ
فَلا تَغتَرِر بِالعَيشِ واحذَر فَإنما / صَفاءُ اللَيالي هُدنَةٌ من مُحارِبِ
يَبيتُ الفتى خِلوَ الفؤادِ كَأنَّه / رَأى بَينَهُ سدّاً وبين النوائِب
بِرَغمِيَ أن يُدعى تُرابا وَأَعظُماً / فتىً كان يُدعى قبلُ أَكتبَ كاتِب
فتىً كانت الأَقلامُ تَشهَدُ أنَّهُ / يُجلُّ مقامَ الكُتبِ فوق الكتائِب
هوَى كَوكَباً ما البَدرُ ليلَة تمَّهِ / بِأَفتَكَ من لألائهِ بِالغَياهِبِ
فتىً طَبعُه قد كانَ كالماءِ رِقَّةً / فَلو صُبَّ في كَأسٍ لَساغَ لِشارِبِ
فَيا راحلا قد غاب عنّا ومن تَكُن / كَذِكراكَ ذِكراهُ فَلَيسَ بِغائِب
سَلَبتَ النُهى حَيّاً بِباهرِ حكمةٍ / وَعاطرِ أخلاقٍ وَرِقَّةِ جانِبِ
عليكَ منَ الفَضل السَلامُ فإنَّه / بِفَقدِكَ أمسى فاقِداً خيرَ صاحب
وَلا زالَ مُنهَلُّ الدموعِ مُلازِماً / ثَراكَ يُجاري فيه فَيضَ السَحائِب
تَدَفَّق دُموعاً أَو دَماً أَو قَوافيا
تَدَفَّق دُموعاً أَو دَماً أَو قَوافيا / مَآتِمُ أولى الناسِ بِالحُزنِ هاهِيا
أَيَجمُلُ أن تُنعى الفَضائلُ لِلوَرى / وَلم تكُ في الباكينَ وَيحكَ باكِيا
اغَرَّكَ من بَعضِ اللَيالي سُكونُها / فَبِتَّ قَريراً ناعِمَ البالِ هانيا
لقد سَكَنَت لكن لِتُرهِفَ لِلوَغى / دقائِقَ من ساعاتها وَثوانيا
إلا إِنَّ بينَ الكاسِ والفَم فُرجةً / لِرَكضِ عظيماتٍ تُشيبُ النَواصِيا
فنَبِّه رَقيقاً من حِذاركَ كلَّما / رَأَيت بِأطرافِ الفُؤادِ أمانيا
محمدُ دورُ العِلمِ كانَت أَواهِلاً / بِفضلِكَ ما بينَ الأَنام زَواهِيا
فَصَبَّحَها إِلّا من الحُزنِ وَالأَسى / عَليكَ القَضاءُ المُستَبِدُّ خواليا
فَما لِلرَدى لا باركَ اللَهُ في الرَدى / أَحالَ بَشيرَ الأَمسِ في الكَونِ ناعِيا
بِرَغمِ الحجا وَالمجدِ أَن مسَّك البِلى / بِسوءٍ فَأَضحى عودكَ الصُلبُ ذاوِيا
وَأَن أُقفِلَ البابُ الذي كنتَ عندَه / تُقابِلُ مَلهوفا وَتَرصُدُ شاكيا
محمَّدُ من لِلدّين يحرُسُ حَوضَه / وَيَدرَأُ بَينَ الناس عنه العَواديا
تعرَّضَ قَومٌ لِلكتابِ وَأَثخَنوا / صراحَتَه شَرحاً عن القَصدِ نائِيا
فَأَرسَلتَ فيهِ نَظرَةً نَفَذَت إلى / صَميمِ مُرادِ اللَهِ إِذ قُمتَ هاديا
وَوَفَّقتَ بين الشَرعِ وَالعَقلِ بَعدَما / قد اعتَقَد الإِلفانِ أَلّا تَلاقيا
وَرُبَّ أُناسٍ حارَبوا دينَ أحمدٍ / فَثرتَ عليهم ثَورَةَ اللَيثِ عادِيا
وَقَفتَ وَأَقلامُ الغوايَةِ شُرَّعٌ / وَأقلامُ أهلِ الحقِّ تَرنو سواهيا
وَأَفحَمتَ بِالبُرهانِ كلَّ مُناضِلٍ / لو انَّك لم تَغضَب لَزادَ تَمادِيا
فَفاءُوا إلى الحُسنى ولو لَم تَحُجُّهُم / لَعادَت زَئيراً صَيحَةُ القَومِ داوِيا
هنيئاً لهُم فَليَحملوا حَمَلاتِهم / فقد أَصبحَ المَيدان بعدَكَ خالِيا
محمدُ وَفَّيتَ المُروآتِ حقَّها / وَقمتَ إِليها في حياتِكَ داعِيا
وَعلَّمتَ أهلَ العُرفِ في العُرفِ أوجُهاً / لها غُرَرٌ مَشهورَةٌ ومعانِيا
وَعالَجتَ أمراضَ القُلوب بحكمَةٍ / تَرى ظاهراً مِن خَلفِها البُرءَ صافِيا
وَأَودَعتَ في الطلّابِ أجزاءَ مُهجَةٍ / تَرى العِلمَ إِن لم يَعلُ بالمرءِ هاذِيا
مَناقِبُ إن عُدَّت تَضَوَّعُ بَينَنا / كَأنّا اتَّخَذنا ساحةَ الرَوضِ نادِيا
ألا نَم معَ الأَبرارِ في الخُلدِ ناعِماً / فكم بِتَّ فينا ساهِرَ العَزمِ عانِيا
جُزيتَ عن الإِسلام ما أنتَ أهلُه / فقد كُنتَ سَيفاً في يَدِ الحَقِّ ماضِيا
ألا يا تِجارَ العَصرِ هل فيكُمُ امرُؤٌ
ألا يا تِجارَ العَصرِ هل فيكُمُ امرُؤٌ / يَبيعُ عَلى صَرعى الهُمومِ عَزاءِ
إذا دَلَّني مِنكُم على مِثلهِ فَتىً / خَلَعتُ عليه ما يشاءُ جزاءَ
فَفي الحيِّ قَومٌ عاكِفونَ على لَظىً / تُذيبُهم البَلوى صباحَ مساءَ
يَخالُهُمُ الرائي سُكارى مِن الأَسى / فَيَبكي عَليه رحمةً وَوَفاء
لو انَّ قُلوبَ الناسِ طَوعَ إِرادَتي / أَحَلتُ الأَسى في بَعضِهِنَّ هناءَ
وَلَو طاوَعَتني كلُّ عَينٍ قَريحةٍ / لما ذابَ بعضُ الثاكِلين بُكاءَ
وَعالَجتُ إبراهيمَ مِمّا أَصابَهُ / وَداهَمَه حتّى ينالَ شِفاءَ
مَصابُكَ إسماعيلُ زَعزَعَ شامِخاً / وَضَعضَعَ طَوداً راسِيا وَأَساءَ
وَأَودى بِآمالٍ كِبارٍ تَصَرَّمَت / بِرَغمِ ذويكَ البائِسينَ هباءَ
ألا إِنَّما الدَنيا هَباءٌ وَأَهلُها / هباءٌ وهل يَبكي الهباءُ هباءَ
مُصابُكَ إسماعيلُ أَودى بِأُسرَةٍ / تَكَلَّفَت الصَبرَ الجميلَ حياءَ
وَقلَّصَ آمالاً كباراً كَأنَّها / مدى الدَهرِ لم تَعقِد عَليكَ لِواءَ
على قَبرِكَ المَمطورِ منّي تحيَّةٌ / فقد ضمَّ غُصناً ناضِرا وَفتاءَ
أجَل أنا مَن أَرضاكَ خلّاً مُوافِياً
أجَل أنا مَن أَرضاكَ خلّاً مُوافِياً / وَيُرضيكَ في الباكين لو كنتَ واعِيا
وَقلبِيَ ذاك المَورِدُ العَذبُ لم يَزَل / كَما ذُقتَ منه الحبُّ وَالوُدَّ صافِيا
سِوى أَنَّه يَعتادُه الحُزنُ كلَّما / رَآكَ عن الحَوضِ المُهَدَّدِ نائِيا
وَيَعثُرُ في بعض الخُطوب إذا مشى / إلى بعض ما يَهوى فَيرجِعَ دامِيا
وَإِن رامَهُ سِربُ المَسَرّاتِ لم يَجِد / مَحَلّاً بهِ من لاعجِ الهَمِّ خاليا
أَلا عَلِّلاني بِالتَعازي وَأَقنِعا / فُؤاديَ أَن يَرضى بهِنَّ تَعازِيا
وَإِلّا أَعيناني على النَوحِ وَالبُكا / فَشَأنُكما شَأني وما بِكُما بِيا
وَما نافِعي أن تَبكيا غيرَ أنّي / أُحبُّ دموعَ البِرِّ والمرءَ وافِيا
أَيا مصطفى تَاللَهِ نَومُكَ رابَنا / أَمِثلُكَ يَرضى أن ينامَ اللَياليا
تكلَّم فَإنَّ القوم حولَكَ أطرَقوا / وَقُل يا خطيبَ الحيِّ رَأيَكَ عالِيا
لقد أوشَكَت من طولِ صَمتٍ وَهجرَةٍ / تخالُكَ أعوادُ المَنابِرِ فانيا
وَتَبكيكَ لولا أنَّ فيها بَقِيَّةً / تُعَلِّلها من ذلك الصَوتِ داوِيا
فهَل أَلَّفَت ما بَينَ جَفنِكَ والكَرى / مُحالَفَةٌ أم قد أَمِنتَ الأَعاديا
فَقَدناكَ فُقدانَ الكَمِىِّ سِلاحَه / وَسارى الدِياجي كَوكَبَ القُطبِ هادِيا
وَبِتنا وَدَمعُ العَينِ أندى خَمائِلاً / وَأكثرُ إسعافا منَ الغَيثِ هاميا
وَلَولا تُراثٌ مِن أمانيكَ عندنا / كريمٌ بَكَينا إذ بَكَينا الأَمانيا
طَواكَ الرَدى طَيَّ الكتابِ تَضَمَّنَت / صحائِفهُ من كلِّ فخرٍ معانِيا
مَضاءٌ إذا البيضُ انتَمَت لِأُصولِها / غَضِبنا إذا سَمّاكَ قومٌ يَمانِيا
وَرَأيٌ يُجَلّى اليَأسَ واليَأسُ ضارِبُ / عَلى الأُفقِ ليلا فاحمَ اللَونِ داجِيا
إِذا ما تَقاضَينا وَلم تَكُ بيننا / ذَكَرناهما حتّى نُجيدَ التَقاضِيا
فَلَيتكَ إذ أَعيَيتَ كلَّ مُساجِلٍ / قَنِعتَ فَلم تُعيِ الطَبيبَ المُداوِيا
وَلَيتَكَ إذ ناضَلتَ عن مصرَ لم تُفِض / مع الحِبرِ قلباً يعلمُ اللَهُ غالِيا
لَقد ضاع إخلاصُ الطبيبِ وَحِذقُه / سُدىً فَبَكى الفخرَ الذي كان راجِيا
ولم تَنتَهِز تلك العَقاقيرُ فُرصَةٌ / تُرى الناسَ فيها فضلَ بُقراطَ بادِيا
يَحيّيك سَيفاً باتَ في التُربِ مُغمَداً / تَقَلَّدَه فيما مَضى الحقُّ ماضِيا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025