المجموع : 9
بأَيِّ حمى قلب الخَليط مولع
بأَيِّ حمى قلب الخَليط مولع / وفي أيّ دارٍ كاد صبرك ينزع
إِذا أَنكرت منك الديار صبابة / فقد عرَفتها أَدمعٌ منك همَّع
وقفنا بها لكنها أَي وقفَةٍ / وجدنا قُلوباً قد جرت وهي أَدمع
ترجع ورقاء الصدى في عراصها / فَتُنسيك من في الأَيك باتَت ترجع
مضَت وَمَضى قَلب المشوق يؤمُّها / فَلا نأيها يَدنو ولا القَلب يرجع
فأَرسلت دَمعي فيهم حيث أَسرعوا / وودعت قَلبي فيهم حيث ودعوا
كأَنَّ حَنيني وانصباب مدامعي / زلازل إِرعادٍ به الغيث يهمع
جزعت ولكن لا لمن بان ركبهم / وَلَولاك يوم الطف ما كنت أَجزع
قَضَت فيك عطشى من بَني الوحي فتية / سقتها العدى كأس الردى وهو مترع
بيوم أَهاجوا بالهياج عجاجة / تقنع وجه الشمس من حيث تطلع
يَفيض نَجيع الطعن والسمر شرَّع / وَيسود ليل النقع والبيض لمَّع
بَخيلٍ سوى فرسانها ليس تَبتَغي / وقوم سوى الهيجاء لا تتوقع
تجرد فوق الجرد في كل غارَةٍ / حداد سيوف بينها الموت مودع
عليها من الأَقران كل ابن نجدَةٍ / يردُّ مريع الموت وهو مروَّع
أَحب اليها في الوَغى ما يضرها / إِذا كانَ مِمّا للمفاخر ينفع
وَما خسرت تلك النفوس بموقفٍ / يحافظ فيها المجد وهي تضيَّع
تدفِّع من تحت السوابق للقنا / نفوساً بغير الطعن لا تتدفع
وَلما أَبَت إِلّا المَعالي بمعرك / به البيض لا تحمي ولا الدرع تمنع
هوت في ثرى الغبرا ولكن سَما لها / على ذروة العلياء عز مرفع
فبين جَريح وهو للبيض أَكلةٌ / وبين طريح وهو للسمر مرتع
ثَوَت حيث لا يَدري بيوم ثوائها / أصيبت اسود أَم بنو الوحي صرعوا
فمنعفر خد وصدرُ مرضضٌ / وَمختضب نحرٌ وجسم مبضع
كأَني بها في كربلا وهي كعبةٌ / سجود عليها البيض والسمر ركَّع
فَيا لوجوه في ثرى الطف غيَّبت / ومن نورها ما في الأَهلة يسطع
وَلما تعرَّت بالعراء جسومها / كَساها ثياباً مجدها ليس تنزع
وظمآنة كادَت تروي غليلها / بأدمعها لو كان يروي وينقع
فذا جفنها قد سال دمعا وَقلبها / بكف الرَزايا بات وهو موزع
تبيت رَزايا الطف تأسر قلبها / وَتطلقه أَجفانها وهو أَدمع
هوت فوق أَجسادٍ رأَت في هوِّيها / حشاشاتها من قبلها وهي وقَّع
فَيا منجد الاسلام إِذ عَزَّ منجدٌ / وَيا مفزع الداعي إِذا عزَّ مفزع
حسامك من ضرب الرقاب مثلَّم / وَرمحك من طعن الصدور مصدَّع
فَما خضت بحر الحتف إِلّا وقد طَغى / بهام الأَعادي موجه المتدفع
إِذا حسرت سود المَنايا لثامها / فَللشمس وجه بالغبار مقنع
وَلَم أَدرِ يوم الطعن في كل فارس / قناتك أَم طير الردى فيك أَطمع
فجمعت شمل الدين وهو مفرَّق / وَفرَّقت شمل الشرك وهو مجمَّع
إِذا لم تفدهم خطبة سيفك اغتدى / خَطيباً على هاماتهم وهو مصقع
له شملة لو يطلب الافق ضوءها / لأَبصرت شمساً لم تغب حين تطلع
وَلَو كانَ سمع للصوارم لاغتدى / مجيباً إِلى داعي الوغى وهو مسرع
بِنَفسي جسماً قد حمى جانب الهدى / عشية لا تحمى سيوف وأَدرع
وقفت وقد حمَّلت ما لو حملنه / الجبال الرواسي أَصبحت تتصدع
ترِّحب صدراً في امورٍ لو أَنَّها / سرَّت بين رحب ضاق وهو موسع
بحيث الرماح السمهريات تَلتَوي / عليك وبيض المشرفيات تلمع
فَلا عَجَبٌ من هاشم حيث لَم تكن / تذب بيوم الطف عنك وتدفع
إِذا ضيَّعت حق الوصي ولم تقم / بنصرته فاليوم حقك أَضيع
تشيّع ذكر الطف وقفتك الَّتي / بقيت لديها عافراً لا تشيّع
لَقَد طحنت أَضلاعك الخيل والقنا / بجنبيك يوم الطف منهن أَضلع
فنحرك منحور وصدرك موطأ / وَرأَسك مشهور وجسمك مودع
إِذا لم تضيِّع عهد دَمعي جفوننا / عليك فعهد الصبر منّا مضيّع
وَإِن جفَّ صوب الدمع باتَت قلوبنا / لهن عيون في مصابك تدمع
وإِن أَدركت بالطف وترك هاشم / فَلا المجد منحط ولا الأَنف اجدع
تروي القنا الخطار وهي عواطش / وَتشبع ذؤبان الفلا وهي جوَّع
تدافع عن خدر الَّتي قد تقنعت / بسوط العدى إِذ لا خمار يقنع
أَموقع يوم الطف أَبقيت حرقة / لها كل آن بين جنبي موضع
سأبكيك دَهري ما حييت وإِن أَمت / فَلي مقلة عبرى وقلب مفجع
بِنَفسي أَوصال المكارم واصلت / سيوف العدى ثم اِنثَنَت تتقطع
مصارعها في كربلا غير أَنَّها / لها كلَّ آنٍ نصب عيني مصرع
فَلَو كانَ ينمى جيد الشعر لانتمى
فَلَو كانَ ينمى جيد الشعر لانتمى / الى شاعر من آل نوح مهذب
وَلَو كانَ ينمى جيد الشعر لانتمى / إِلى مبدع في كل فنِّ ومغرب
إِذا دامَ لا تهوى من الناس صاحباً / فَفي الشمس ما يغنيك عن ضوء كوكب
أُعاتب دهري مذ أَتى بالعجائب
أُعاتب دهري مذ أَتى بالعجائب / وأنى يفيد الدهر قول المعاتب
فَيا بؤس أَيام دهت أَطيب الوَرى / وَذا شأنها بالأَكرمين الأَطايب
ذهبن بمأوى الوافدين اذا بدت / ركائبهم تأَتيه من كل جانب
لَقَد كانَ سوراً آمناً كل خائف / وَبحر سخاء فيضه غير ناضب
وَسَيفاً صَقيلاً لا يفل بمعرك / اذا فلّ عند الروع حدَّ القواضب
سرى نعشه وَالروح قد كان حامِلا / مع الغرّ منه النعش فوق الكواكب
وَلَم تلو مني الصبر كل مصيبة / فها قد لوته اليوم ام المصائب
بِنَفسي من قد أَودع الوجد والأَسى / قلوب الوَرى في شرقها وَالمنارب
وَمَهما كتمت الوجد تبديه اعيني / أَسىً كل عين بالدموع السواكب
وَكادَت تَروي عاطش الأَرض مقلتي / بادمعها لَولا لَهيب ترائبي
فَيا غائباً قد أَودع القلب لوعة / وَجرعني كأس النوى والنوائب
ومن بعده ربع التقى راح مقفرا / غداة خَلَت منه عراص المحارب
أَلا من يعزي الغر من آل هاشم / برزء جليل من أَجل المصائب
دَهى صرفه قلب الهدى فاباده / ومن بعد ذا أَوهى احتكام الشناخب
غداة نعى الاسلام يندب جعفراً / فطبق كل الأَرض صوت النوادب
أَبا صالح صبراً لوقع رزية / وان أَصبحت في الدين ام المصائب
تخطى الردى في فيلق منه جرّار
تخطى الردى في فيلق منه جرّار / اليه فأَخلى أَجمة الأَسد الضاري
وفل شبا عضب يصمّم في العدا / بأَقطع من ماضي الغرارين بتار
أَبا أَحمد جاورت في ذلك الحمى / أَخا المُصطَفى غوث الندا حامي الجار
فحسبك نيل الامن في كل رائع / وَفوز نجاة في ولاه من النار
لَقَد حملوا بالامس نعشك والتقى / فَيالَك نعشاً وَالتقى معه ساري
ووسدّت فيها حفرة جاء نشرها / بمسكية من نافح الطيب معطار
أَبا حسن صبراً وإِن مض داؤُها / رَزايا سقاكم صرفها رنق اكدار
فَكَم حازم في الخطب يبدي تجلداً / وَزند الجوى عن نار مهجته واري
تسىء اللَيالي للكرام كأَنَّما / تطالبهم في النائبات بأَوتار
بقيت برغم الحاسدين بنعمةٍ / يوفرها عمر الزَمان لك الباري
فَكَم أَفوه أَخرسن منك لسانه / شقاشق فحل بالفصاحة هدار
دعوه وَغايات الفخار فانه / جرى سابقاً لم يكب قط بمضمار
يكل لسان المدح عنها مكارم / لك اِنتشرت ما بين نجد واغوار
تطيب بك الافواه ذكراً كأَنَّما / بكل فم أَودعت جونة عطار
فَلا زالَ نوء اللطف يسقي ضريحه / بمنسكب من هاطل العفو مدرار
ذروني وتسكاب الدموع السواجم
ذروني وتسكاب الدموع السواجم / لفقد عظيم القدر من آل هاشم
سرى الموت في سبط اليدين سماحة / يسيل ندى كفيه سيل الغمائم
سرى بعميد الطالبين كلها / حليف المَعالي والندى وَالمكارم
سرى نعشه والمكرمات وراءه / تنوح عليه مثل نوح الحمائم
ترف وراء النعش افئدة الورى / رَفيف قطاً دون الموارد حائم
فَيا لَك من رزء وهى المجد والعلى / فأَنسى وقوع القارعات العظائم
به وسدّوا تحت الثرى حلم احنف / وَمنطق قس بل وحبوة هاشم
اخو المكرمات ليس يصغى لعاذل / عليها ولم يقرع لها سن نادم
له العزة القعساء في الدهر ارجفت / من الرعب احشاء الليوث الضراغم
همام باعباء النقابة ناهض / يدبرها منه بأَراء حازم
بني بعده المجد المؤثل صنوه / وما أَحد ما كان يبني بهادم
فَذاكَ ابو عيسى الَّذي بنواله / يعدّ اكتساب الحمد احدى الغنائم
أَخو كرم راحَت انامل كفه / تغبر يوم الجود في وجه حاتم
له الطلعة الغراء من افق الندى / كَطلعة بدر لاح بين الغمائم
وَذو مقول قد أَخرس الخصم حده / فَقام مقام الماضيات الصوارم
باشجع من ليث العرينة فاتك / واقطع من ماضي الغرارين صارم
لقيت بزين الدين أَجمل سلوة / همام يحيى الخطب عن ثغر باسم
اذا أَعيت الآراء في حل مشكل / تجده سديد الرأي واري العزائم
وَما ماتَ سلمان وداود شبله / وَهَل ينتَمي شبل لغير الضراغم
عزاء بني العلياء عن فقد ماجد / بكته المَعالي بالدموع السواجم
بني المجد لا زلتم بأَرفع منزل / رَفيع العلا والسمك سامي الدعائم
هَل اِبتسمت عن لؤلؤ لم يثقب
هَل اِبتسمت عن لؤلؤ لم يثقب / عشية جالَت بالوشاح المذهب
اذا أَرسلت من جانب الصدغ وفرة / فقل الفت ما بين أَفعى وعقرب
وَمذ فاقَت التشبيه قلت فما أَتَت / بجيد غزال لا ولا عين ربرب
أَتَت من محياها بشمس منيرة / ومن شعرها المسود جاءَت بغيهب
تحارب عَن قدّ وعن لمح ناظر / برمح ردّيني وسيف مجرّب
وَمذ ودعتني أَرسلت من جفونها
وَمذ ودعتني أَرسلت من جفونها / دموعاً كمثل اللؤلؤ المتساقط
على طبق من ورد جيرون نقطت / أَواسطه بالمسك من غير ناقط
وَقَد أَرسلت فرعاً على المتن فاحماً / تعطر رياه أَكف المواشط
أعن بانة الوادي ترنح هيفها
أعن بانة الوادي ترنح هيفها / معاطف منها ليس يصحو نزيفها
وترّتج عن كثبان رملة عالج / من السرب اكفال ثقيل خفيفها
فتبصر في اعطافهن غصونها / وتوجد في أَردافهن حقوفها
نظرنا فضرجنا الدمى ولطالما / أَدرن عيونا ضرجتنا سيوفها
ضعائف يصرعن القوي وانه / لاقطع حداً بالسيوف رهيفها
يريني هلال الافق شكل سوارها / فصيما وتبدي لي الثريا شنوفها
مهاً يَستَعير الريم لفتة جيدها
مهاً يَستَعير الريم لفتة جيدها / سقت من دم العشاق ورد خدودها
بغرتها ساري الكواكب يهتَدي / وَيخبط في المسرى بليل جعودها
فَهَل وقفة من جانب الحي أَنَّها / بمنعطف الجزعين ملعب غيدها
يضم كعاباً ليس ارماح قومها / باوجع طعناً من رماح قدودها
يَزرون سجفاً لو تطيق بنو الهوى / لزرت حواشيه بحبل وريدها
عذاب الثنايا من جمان ثغورها / تنظم في الاعناق سمط عقودها
فَفي جيدها ما راق نظما بثغرها / وفي ثغرها ما راق نظما بجيدها