المجموع : 22
أَأَحبابَنا ما خُنتُ عَهدَكُم قَطّ
أَأَحبابَنا ما خُنتُ عَهدَكُم قَطّ / فَهَل بَعدَ هَذا القَبضِ يَحصلُ لي بَسطُ
وَلي مِن أَماني الدَهرِ أَعظَم منيَةٍ / إِذا قُلتُ قَد حانَت أَرى الدَهرَ يَشتَطُّ
أَزورُ أَبا الزَهراءِ في تَختِ مُلكِهِ / وَيُغرِقُني مِن بَحرِ إِحسانِهِ شَطُّ
وَمَن ذا يُطيقُ الفَيضَ مِن بَحرِ جودِهِ / وَحَسبُ جَميعِ الخَلقِ مِن غَيثِهِ نَقطُ
بِهِ زَيَّنَ اللَّهُ الوُجودَ بِخاتمٍ / لِأَعظَمِ أَفلاكِ السَما نَعلُهُ قُرطُ
أَجَلُّ مُلوكِ الأَرضِ مسكينُ بابِهِ / وَلَيثُهُم في يَومِ سَطوَتِهِ قطُّ
وَأَفرادُ آسادِ الوَغى في حُروبِهِ / نِعاجٌ وَأَهلُ الجودِ في بَحرِهِ بَطُّ
لَقَد عَمَّ كُلَّ العالَمينَ بِعِلمِهِ / وَما مِن سَجاياهُ القِراءَةُ وَالخَطُّ
بِهِ العُربُ نالوا كُلَّ عِزٍّ وَسُؤدَدٍ / وَدانَ إِلَيهِ الفُرسُ وَالرومُ وَالقِبطُ
وَسادَ جَميعَ الناسِ بِالمَجدِ رَهطُهُ / بَنو هاشِمٍ ما مِثلُهُم في الوَرى رَهطُ
أَلا حَبَّذا بَينَ النَخيلِ نُزولُ
أَلا حَبَّذا بَينَ النَخيلِ نُزولُ / وَظِلٌّ بِأَكنافِ العَقيقِ ظَليلُ
أَمان لَنا يا طَيبُ عِندَكِ يا تُرى / إِلَيها لَنا يَوماً يَكونُ وُصولُ
نُقَبِّلُ أَرضاً مَسَّها قَدَمُ الَّذي / لَهُ سُحِبَت فَوقَ السَماءِ ذُيولُ
سَرى راحِلاً لِلعَرشِ في بَعضِ لَيلَةٍ / وَعادَ لَهُ بَعدَ القَبولِ قُفولُ
نَبِيُّ جَميعِ الأَنبِياءِ مُحَمَّدٌ / نَعَم وَلِكُلِّ المُرسَلينَ رَسولُ
وَكُلُّ رَسولٍ خَصَّ قَوماً وَإِنَّهُ / بِبعثَتِهِ لِلعالَمينَ شمولُ
فَما كانَ بَينَ الخَلقِ مِثلٌ لِأَحَمَدٍ / وَلَيسَ لَهُ فيمَن يَكونُ مَثيلُ
وَكُلُّ صُنُوفِ الفَضلِ في كُلِّ فاضِلٍ / بِنِسبَةِ فَضلٍ قَد حَواهُ قَليلُ
يُحيلُ عَلَيهِ المُرسَلُونَ بِحَشرِهِم / وَلَيسَ عَلى غَيرِ الإِلَهِ يُحيلُ
فَيَحمِلُ أَثقالَ الخَلائِقِ وَحدَهُ / لَدى رَبِّهِ إِنَّ الكَريمَ حَمولُ
لِطَيبَةَ ميثاقٌ عَلَيَّ قَديمُ
لِطَيبَةَ ميثاقٌ عَلَيَّ قَديمُ / إِذا ذُكِرَت يَوماً لَدَيَّ أَهيمُ
وَما ذاكَ إِلّا أَنَّ فيها مُحَمَّداً / رَسولَ الهُدى روحَ الوُجودِ مُقيمُ
هُوَ الشَمسُ إِلّا أَنَّ في الكَونِ نُورهُ / يَدومُ وَنورُ الشَمسِ لَيسَ يَدومُ
هُوَ البَحر عَمَّ الكائِناتِ بِفَضلِهِ / بِساحِلِهِ كُلُّ الكِرامِ تَعومُ
هُوَ الدَهرُ عَمَّ الخَلقَ شامِلُ حُكمِهِ / وَما عَهدُهُ في النائِباتِ ذَميمُ
هُوَ العَبدُ عَبدُ اللَهِ سَيِّدُ خَلقِهِ / لَهُ الكَونُ عَبدٌ وَالزَمانُ خَدومُ
نَبِيّ الهُدى يا أَعظَمَ الناسِ نائِلاً / وَمَن جودُهُ في العالَمينَ عَميمُ
وَمَن هُوَ في الدارَينِ خَيرُ وَسيلَةٍ / شَفيعٌ لَدى الرَبِّ الكَريمِ كَريمُ
تَدارك أَغثني في أُموري فَإِنَّني / عَرَتني هُمومٌ مَسُّهُنَّ أَليمُ
وَما ذِكرُ تَفصيلاتها لَكَ لازِمٌ / فَأَنتَ بِأَسرار الغُيوبِ عَليمُ
لِعُربِ النَقا أَكرِم بِهِم عَرباً أَهوى
لِعُربِ النَقا أَكرِم بِهِم عَرباً أَهوى / وَما مُنيَتي مَيٌّ وَلا أَرَبي أَروى
فَكَم مِن يَدٍ عِندي لَهُم أَنعَموا بِها / وَما عِندَهُم مَنٌّ وَلا عِندَنا سَلوى
فَأَحبِب بِهِم قَوماً وَأَحبِبِ بِطَيبَة / حمىً فيهِ لِلمُختارِ خَير الوَرى مَثوى
أَعَزّ جَميعِ العالَمينَ مُحَمَّدٍ / وَأَكرَمِهِم شَمس الهُدى لَيثِهِ الأَقوى
غَدَت أَفضَل الأَفلاكِ حينَ ثَوى بِها / وَأَرفَعها قَدراً وَأَكثَرها جَدوى
بِهِ فاقَتِ الدُنيا وَصارَت أَعَزَّها / وَأَشرَفَها أَرضاً وَأَشرَقَها جَوّا
هَنيئاً لِقَومٍ جاوَروا خَيرَ مُرسَلٍ / وَكانَ لَهُم فيها بِأَكنافِهِ مَأوى
أَلا لَيتَ شِعري وَهيَ أَعظَمُ مُنيَةٍ / مَتى شُقَّةُ البَيداءِ ما بَينَنا تُطوى
أَشُدُّ رِحالي كَي أَرى البَدرَ مُشرِقاً / بِمَطلَعِهِ فيها وَما ضَرَّهُ العَوّا
وَأَعجَبُ شَيءٍ أَنَّهُ قَد هَدى الوَرى / وَقَد ضَلَّ في أَنوارِهِ ذَلِكَ الغَوّا
أَجَل لَيسَ لِلهادي الشَفيعِ مُماثِلُ
أَجَل لَيسَ لِلهادي الشَفيعِ مُماثِلُ / هُوَ البَحرُ لَم يُعرَف لَهُ قَطُّ ساحِلُ
فَعولُن مَفاعيلُن فَعولُن مَفاعِلُ / طَويلُ نِجادِ السَيفِ أَروَعُ باسِلُ
أَأَحبابَنا ما خنتُ عهدكم قطُّ
أَأَحبابَنا ما خنتُ عهدكم قطُّ / فهَل بعدَ هذا القبضِ يحصل لي بسطُ
وَلي مِن أماني الدهرِ أعظم منيةٍ / إِذا قلتُ قَد حانت أرى الدهرَ يشتطُّ
أَزورُ أَبا الزهراءِ في تختِ مُلكهِ / وَيُغرقُني من بحرِ إِحسانه شطُّ
وَمَن ذا يُطيقُ الفيضَ مِن بحرِ جودهِ / وَحسبُ جميعِ الخلقِ من غيثه نقطُ
بهِ زيّن اللَّه الوجودَ بخاتمٍ / لأعظمِ أفلاكِ السما نعلهُ قرطُ
أَجلُّ ملوكِ الأرضِ مسكينُ بابه / وَليثهمُ في يوم سطوته قطُّ
وَأَفرادُ آسادِ الوغا في حروبهِ / نعاجٌ وأهلُ الجود في بحرهِ بطُّ
لَقَد عمَّ كلّ العالمين بعلمهِ / وَما مِن سَجاياه القراءة والخطُّ
بهِ العربُ نالوا كلّ عزٍّ وسؤددٍ / وَدان إليهِ الفرسُ والروم والقبطُ
وَسادَ جميعَ الناسِ بالمجدِ رهطهُ / بنو هاشمٍ ما مثلهم في الورى رهطُ
أَلا حبّذا بينَ النخيلِ نزولُ
أَلا حبّذا بينَ النخيلِ نزولُ / وظلٌّ بأكنافِ العقيق ظليلُ
أَمان لنا يا طيبُ عندك يا ترى / إِليها لنا يوماً يكون وصولُ
نقبّلُ أرضاً مسّها قدمُ الّذي / لَه سُحِبت فوقَ السماء ذيولُ
سَرى راحِلاً للعرشِ في بعض ليلةٍ / وَعادَ لهُ بعدَ القَبول قفولُ
نبيُّ جميعِ الأنبياءِ محمّدٌ / نَعَم ولكلّ المرسلين رسولُ
وَكلُّ رسولٍ خصّ قوماً وإنّه / ببعثتِه للعالمين شمولُ
فَما كان بينَ الخلقِ مثلٌ لأحمدٍ / وَليسَ له فيمن يكون مثيلُ
وَكلّ صنوفِ الفضلِ في كلِّ فاضلٍ / بِنسبةِ فضلٍ قد حواه قليلُ
يحيلُ عليهِ المرسلونَ بحشرهم / وليسَ على غير الإله يحيلُ
فَيحملُ أثقالَ الخلائقِ وحدهُ / لَدى ربّه إنّ الكريم حمولُ
لِطيبةَ مِيثاقٌ عليَّ قديمُ
لِطيبةَ مِيثاقٌ عليَّ قديمُ / إِذا ذُكرت يوماً لديّ أهيمُ
وَما ذاكَ إلّا أنّ فيها محمّداً / رسولَ الهُدى روحَ الوجود مقيمُ
هوَ الشمسُ إلّا أنّ في الكونِ نورهُ / يدومُ وَنورُ الشمس ليس يدومُ
هوَ البحرُ عمّ الكائناتِ بفضلهِ / بِساحلهِ كلّ الكرامِ تعومُ
هوَ الدهرُ عمّ الخلقَ شاملُ حكمهِ / وما عهدهُ في النائبات ذميمُ
هوَ العبدُ عبدُ اللَّه سيّد خلقهِ / لهُ الكونُ عبدٌ والزمان خدومُ
نبيّ الهدى يا أعظمَ الناس نائلاً / وَمَن جودهُ في العالمين عميمُ
وَمَن هو في الدارَين خيرُ وسيلةٍ / شَفيعٌ لدى الربِّ الكريم كريمُ
تَدارَك أَغثني في أموري فإنّني / عَرَتني همومٌ مسُّهنَّ أليمُ
وَما ذكرَ تَفصيلاتها لكَ لازمٌ / فأنتَ بأسرارِ الغيوبِ عليمُ
لِعربِ النقا أكرِم بهم عَرباً أهوى
لِعربِ النقا أكرِم بهم عَرباً أهوى / وَما مُنيتي ميٌّ ولا أرَبي أروى
فَكَم مِن يدٍ عِندي لهم أنعَموا بها / وَما عندهم منٌّ ولا عندنا سلوى
فَأحبِب بهم قوماً وأحبب بطيبةٍ / حِمىً فيه للمختارِ خير الورى مثوى
أعزُّ جميعِ العالمين محمّدٌ / وَأكرمُهم شمسُ الهدى ليثهُ الأقوى
غَدت أفضلَ الأفلاكِ حين ثوى بها / وَأرفعها قَدراً وأكثرها جدوى
بهِ فاقتِ الدنيا وصارَت أعزّها / وَأشرفها أرضاً وأشرقها جوّا
هَنيئاً لقومٍ جاوَروا خير مرسلٍ / وَكانَ لهم فيها بأكنافهِ مأوى
أَلا ليتَ شعري وهيَ أعظم منيةٍ / مَتى شُقّة البيداءِ ما بيننا تُطوى
أَشدُّ رحالي كَي أَرى البدر مشرقاً / بِمطلعهِ فيها وما ضرّه العوّا
وَأعجبُ شَيءٍ أنّه قد هدى الورى / وَقد ضلّ في أنواره ذلك الغوّا
كتابٌ تسمّى حجّة اللَّه من وعى
كتابٌ تسمّى حجّة اللَّه من وعى / مُسمّاه فَهماً يُلفهِ طابَقَ الإسما
أَتى جامِعاً مِن معجزاتِ محمّدٍ / نبيّ الهُدى خيرِ الورى عدداً جمّا
نُجومٌ بأفقِ الدين كم ذا اِهتدى بها / بَصيرٌ وكَم أودى ولم يرَها أعمى
وَمُعجزةُ القُرآن كالشمسِ أَشرقت / وَدامَت وَسارت عمّتِ العربَ والعجما
هوَ الحجّةُ الكبرى على كلّ جاحدٍ / نبوّة خيرِ الخلقِ والآية العظمى
وَربَّ اِمرئٍ من نوره متضرّرٍ / يَرى الشركَ والخفّاشُ تعجبه الظلما
وَواللَّه لولا اللَّهُ قاضٍ على الورى / قَضاءً بعدلٍ وافقَ القدر الحتما
لما اِختارَ ذو عقلٍ سوى دين أحمدٍ / وَلكن قضاءُ اللَّه في خلقه تمّا
تَبدّى سَنا الأنوارِ من دون أستارِ
تَبدّى سَنا الأنوارِ من دون أستارِ / فأسفرَ عَن شمسِ الهدى أيّ إسفارِ
كتابٌ حَوى أوصافَ أفضل مرسلٍ / محمّدٍ المختار من كلّ مختارِ
فليسَ سِوى القرآن سفرٌ يفوقهُ / كما لم يفُق طه سوى الخالق الباري
مَواهبُ مَولاه له قد تجمّعَت / بهِ فهوَ سفرٌ جاء جامع أسفارُ
على أنّه لَم يحوِ معشار فضلهِ / وَلا عشرَ عشر العشر من عشرِ معشارِ
عليكَ بهِ فاِقرأه ما اِسطعتَ تلقَ ما / يسرُّكَ في الدارين يا أيّها القاري
وَباللَّه سَل لي مِن إلهيَ رَحمةً / تُبدِّلُ بالحُسنى مساويَ أوزاري
عليكَ بِهذا السفرِ إن كنت شيّقاً
عليكَ بِهذا السفرِ إن كنت شيّقاً / لِخيرِ الوَرى لازمه أيّ لزامِ
فإنّك إِن لازمتهُ بمحبّةٍ / تَرى المُصطفى في يقظةٍ ومنامِ
بِنورِ سراجِ العالمينَ محمّدٍ
بِنورِ سراجِ العالمينَ محمّدٍ / عَلى كلِّ جُزءٍ مِن جميعِ الورى نقشُ
هوَ الحرزُ مَحفوظٌ به كلُّ كائنٍ / هوَ الأصلُ منه العرش قد كان والفرشُ
أجَل ليسَ للهادي الشفيعِ مُماثل
أجَل ليسَ للهادي الشفيعِ مُماثل / هوَ البحرُ لَم يُعرف له قطّ ساحلُ
فَعولن مَفاعيلن فَعولن مفاعلُ / طويلُ نجادِ السيف أروع باسلُ
مثالٌ حَكى نعلاً لأفضل مرسلٍ
مثالٌ حَكى نعلاً لأفضل مرسلٍ / تمنّت مقامَ التربِ منه الفراقدُ
ضَرائرُها السبعُ السموات كلّها / غيارَى وتيحانُ الملوك حواسدُ
عَلى رأسِ هذا الكون نعلٌ محمّدٍ
عَلى رأسِ هذا الكون نعلٌ محمّدٍ / عَلَت فجميعُ الخلق تحت ظلالهِ
لَدى الطورِ موسى نوديَ اِخلع وأحمدٌ / عَلى العرشِ لم يؤذن بخلع نعالهِ
مِثالٌ لنعلِ المُصطفى ما له مثلُ
مِثالٌ لنعلِ المُصطفى ما له مثلُ / لِروحي به راحٌ لعيني به كحلُ
فَأكرِم بهِ تمثالَ نعلٍ كريمةٍ / لَها كلُّ رأسٍ ودَّ لو أنّه رجلُ
ولمّا رأيتُ الدهرَ قَد حاربَ الورى
ولمّا رأيتُ الدهرَ قَد حاربَ الورى / جعلتُ لنفسي نعل سيّده حِصنا
تحصّنتُ منهُ في بديع مثالها / بسورٍ منيعٍ نلت في ظلّه الأمنا
مقامُ أجلِّ الرسلِ أعلى وأعظمُ
مقامُ أجلِّ الرسلِ أعلى وأعظمُ / فَماذا يقولُ المادحون ومن همُ
نَعم جئتُ أَحكي بعض ما نحن نفهمُ / لِكَيما يصلّي سامعٌ ويسلّمُ
عَليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَإِلّا فَما للذرّ أَن يصفَ العرشا / وَهل يصفُ الأكوانَ ذو مقلةٍ عَمشا
هنالكَ أسرارٌ لأحمد لا تُفشى / خُلاصتها محبوبُ مولاه فاِفهموا
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
أتى شاهِداً قولُ المؤذّن أشهدُ / بأنَّ أجلَّ الخلقِ قدراً محمّدُ
قران تَعالى اللَّهُ باللَّهِ أسعد / على أنّه للَّه عبدٌ مكرّمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
عَلى العرشِ مَكتوبٌ وكلِّ المعالمِ / وَجُدرانِ جنّاتٍ بدت قبل آدمِ
شهادةُ حقٍّ بالنبيّ ابن هاشمِ / أَلا فاِعجبوا من أصلهِ الفرعُ أقدمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
بهِ آدمٌ والرسل كلٌّ توسّلا / فأَعطى لهُ مولاه ما كانَ أمّلا
وَلولاهُ دامَ الكونُ بالكفر مثقلا / وَلكن بهِ الرحمن ما زال يرحمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
بهِ بشّرَ الإنجيلُ قوماً فحرّفوا / وَبشّرتِ التوارةُ قوماً فأجحَفوا
وَلَو كانَ موسى والمسيحُ تخلّفوا / لَما اِستَنكفوا أن يتبعوهُ ويَخدموا
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَموسى كليمُ اللَّه في أفق السفرِ / رَأى أمّةَ المُختار كالأنجم الزهرِ
فَقالَ له الرحمنُ هم أمّةُ البدرِ / محمّدنا قال اِجعلنّي منهمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَعيسى سَيأتي تابِعاً شرع أحمد / يُصلّي بهِ مَهديّنا وهو يقتدي
فَأكرِم بِنا مِن أمّةٍ ذات سؤددِ / لَنا البدءُ طه وابن مريم يختمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
فَيا ليتَ أهلَ الكفرِ قد تَبعوهما / وَيا لَيتَهم في ديننا قلَّدوهما
فَإنّهمُ في جحدهِ أغضبوهُما / فَيا وَيحهم ماذا عليهم لو اِسلموا
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
فَما الخاسرُ المغبونُ إلّا جحودهُ / وَما الرابحُ المغبوط إلّا شهيدهُ
وَلا فعلَ خيرٍ للجحود يفيدهُ / وَليس يبالي ميّتٌ وهو مسلمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
فَلو عبدَ اللَّه الفَتى ألف حجّةٍ / وَلَم يعصهِ في أمره قدر ذرّة
وَلَم يَعترف في دهره بنبوّةٍ / لهُ فَله دارُ الخلود جهنّمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَما العقلُ إلّا ما يري ربّه الهدى / فَينُقذه من هوّة الكفر والردى
وَمَهما سَما نوراً إذا هو ما اِهتدى / إِلى دينِ طه فهو بالكفر مظلمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
ولا فرقَ بين المدركينَ زمانَهُ / وَمَن سمِعوا في سائر الدهر شانهُ
فمَن جَحدوه لن يَنالوا أمانهُ / وَجاحدهُ مهما اِتّقى فهو مجرمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
أَتى شرعهُ كلَّ الشرائع ينسخُ / وَيثبتُ في كلّ البلاد ويرسخُ
وَربُّك يَهدي مَن يشاءُ ويمسخُ / وحسّادهُ الأحبار بالمسخِ أعلمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَما مسخَ الرحمنُ من بعد بعثته / بِأمّته شَخصاً وأمّة دعوته
لِتَعميمهِ للعالمينَ برَحمته / بهِ اللَّه يُردي مَن يشاء ويرحمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
نعَم مسَخَ اللَّه القلوبَ ولا بدعا / نعَم مُسخت صَخراً وما نَبَعت نبعا
وَقَد عميَت لا تُدركُ الضرّ والنفعا / فَلَم ترَ نورَ المُصطفى وهو أعظمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
تَرى المرءَ في دنياهُ أعلمُ عالم / وَفي الدينِ أَغبى من ضعاف البهائمِ
فلَو كانَ مطويّاً على قلب آدمي / لَما ضلّ عنه والبهائم تفهمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
فَكَم مِن بهيمٍ قال إنّيَ أشهدُ / بأنَّ رسولَ اللَّه حقّاً محمّدُ
وَكانَ يغيثُ المستجيرَ فيسعدُ / وَبَعضٌ يدلُّ الناس والبعض يخدمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَكَم مِن جمادٍ لانَ إذ نال قلبه / محبّة طهَ حينما شاء ربّهُ
وَأَمّا قلوبُ الكافرين فحربهُ / وَإنّ لها لو تعقلُ السلم أسلمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
بودّي لو خلّى الفتى دين أمّهِ / وَحكّمَ في الأديان صادق فهمهِ
إذاً لاِرتَضى الإسلام ديناً بعلمهِ / وَقال أبو الزهراءِ أصدق أعلمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَلكِن رَأى ديناً تهيّأ قبلهُ / رَأى أصلهُ فيه يتابع أصلهُ
فَعاشَ عليهِ فرعهُ جاء مثله / وَما حقّقوا دينَ الحبيبِ ليفهموا
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَقَد غرّ قَوماً دهرُهم فهو مسعد / لِبعضٍ وبعضٌ بين قومٍ مسوّدُ
وَلو كانتِ الدُنيا حكاه محمّد / وربّكَ يُعطي من يشاء ويحرمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
عَلى أنَّ هَذا الكون أضغاثُ حالم / وَلذّته تَحكي سموم الأراقمِ
مُخالفُ طهَ في لظى غير رائم / وتابعُهُ في جنّةٍ يتنعّمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
فَيا عَجباً للناسِ أينَ عقولهم / لَقَد غَفلوا عَن شأنِ يومٍ يهولهم
وَلَو صدّقوا المختارَ كانَ رَحيلهم / إِلى جنّةٍ أو لا فتلكَ جهنّمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
أَما قرأوا قرآنهُ وعجائِبه / أَما سَمِعوا أخباره وغرائبه
أَما عَلِموا أتباعهُ وأصاحبه / فَعنهم جميعُ الكائناتِ تترجمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
رووا دينهُ بالصدقِ عن كلِّ صادق / وَلَم يَأخذوهُ هكذا نطق ناطقِ
لَقَد أَوضحوا منه دقيقَ الحقائقِ / فَبانَ لديهِ صدقه المتحتّمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَمَهما يزِد علماً به المرء يشرحُ / بهِ صدرهُ يزدَد يقيناً ويفرحُ
وَدينُ سِواه العلمُ فيه يوضّحُ / شكوكاً فدينُ المُصطفى هو أسلمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَدينُ سواهُ لا ترى برواتهِ / عليماً صدوقاً سالماً من هناتهِ
وَدامَ بجهلِ القومِ في ظلماتهِ / عُصوراً ودينُ المُصطفى ليس يُظلِمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَهَذا بيانٌ مجملٌ فمنِ اِهتدى / يَرى كلّ يومٍ منه نوراً مجدّدا
وَيشكرهُ واللَّه شُكراً مؤبّدا / عَلى نعمةِ الإسلامِ واللَّه منعمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
لَقَد بَعَث اللَّه النبيَّ محمّدا / إِلى كلِّ خلقِ اللَّهِ أحمرَ أسودا
فَمَن كانَ مِنهُم تابعاً دينهُ اِهتدى / وَساواهُ فيهِ المسلمُ المتقدّمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
نَعَم صحبهُ خيرُ القرونِ الأخايرِ / وَبعدهُمُ القرنان خير الأواخرِ
وَعُنصرهُ أَسنى وأَسمى العناصرِ / فَقَد ذهبَ الرحمنُ بالرجس عنهمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَبعدُ فكلُّ الناسِ أولادُ آدم / كَأسنانِ مشطِ العربُ مثلُ الأعاجمِ
وَقَد جعلَ التَقوى أجلّ المكارمِ / فَمَن كانَ أَتقى فهو أفضل أكرمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَإِنّا بحمدِ اللَّه أفضل أمّةٍ / بِنا كلُّ علمٍ نافعٍ كلّ حكمة
عَلَينا منَ الخلّاقِ أكبر نعمةٍ / بملّة خيرِ الرسل والفضل أعظمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَكَم جاءَ منّا واحدٌ مثل عالم / إمامٌ شهيرُ الفضلِ بين العوالمِ
بِمُفردهِ يَسمو على كلّ عالم / ومِن بحرِ طه طالبٌ يتعلّمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
فَمَن كأَبي بكرٍ رأى الناس في الورى / وَمَن كَأبي حفصٍ إماماً غضنفرا
وَمَن كاِبن عفّانٍ مضى أو تأخّرا / وَمَن كأخيهِ حيدرٍ يتقدّمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَمَن كنِساءِ المصطفى كلُّ فاضِله / وَمَن كاِبن مسعودٍ ومَن كالعباد له
وَمَن كمعاذٍ في الفضائل شاكله / وَأحبار أنصارِ النبيّ هم همُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَفي تابعيهم كلُّ أروعَ علّام / حَوى كلّ فضلٍ باِكتسابٍ وإلهامِ
فَأَحكَمَ أمرَ الدينِ أكملَ إحكام / وكانَ لربِّ الشرع والشرع يخدمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
فَمِنهم أُويسٌ والسعيدانِ والحسن / وَخيرُ بَني مروان مستأصلُ الفِتن
وَصاحبهُ الزهريُّ مَن حَفظَ السنن / وَدامَ لشرعِ الهاشميّ يعلّمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَأَتباعُهم مِنهم شموسُ المذاهبِ / طوالعُ في الآفاق غير غواربِ
بحورٌ لدَيها البحرُ جرعة شارب / وَمِن عذبِ بحرِ المصطفى قطرةٌ همُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
فَنُعمانُهم في الفقهِ صاحب تأسيسِ / وَمالكُهم والشافعيُّ بن إدريسِ
وَأَحمدُهم في الدين أصبرُ محبوس / وَفي شرعهِ كلٌّ إمامٌ مقدّمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
مَذاهِبهُم جاءَت أجلَّ وأوسعا / عَليها مدارُ الأمرِ في الناس أجمعا
لذلكَ قَد كانَت أعمّ وأنفعا / بِها شرعهُ في الكائنات معمّمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وأَتباعُهم مثلُ النجومِ وأنورُ / بِهم يهتدي في الظلمة المُتحيّرُ
وَأمّةُ طهَ بينَهم تَتخيّر / فَما شذَّ عن أقوالهم قطُّ مسلمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَأكرِم بحفّاظِ الحديث الأكارمِ / أئمّة أصلِ الدين بين العوالمِ
جَهابذ أخبارِ النبيِّ الأعاظمِ / وَبينهمُ اِمتازَ البخاري ومسلمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَكَم مِن وليٍّ بينَ مَن قد تَقدّما / هو النيّرُ الأعلى إِذا الكون أظلما
بهِ الدينُ والدنيا بهِ الأرضُ والسما / تُصانُ ومنه يستمدّ فيغنمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
بَدا منهمُ الجيلي وأحمدُ أحمد / عليٌّ وإبراهيم والكلّ سيّدُ
أُلوفُ ألوفٍ عدّهم ليس ينفدُ / خلائفه في الكون كلٌّ محكّمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَفي كلِّ عصرٍ من وليٍّ وعالم / ألوفٌ لحفظِ الدين حفظ العوالمِ
رَقَوا فوقَ فوق الخلق دون سلالم / بَلى باِتّباعِ المصطفى فهو سلّمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَعَن نورِ خيرِ الخلقِ كلٌّ تفرّعا / ولولاهُ ما نالوا منَ الفضلِ أصبعا
أَرادَ بِهم خيراً فنادى فأسمعا / أَجابوهُ يا لبّيك قال ألا اِسلموا
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
فَدونكَ فاِعلم فضل خير أئمّةٍ / همُ السادةُ القادات من خير أمّة
عَلى أمّة المختارِ هم خير رحمةٍ / بِها أنفُ أهل الكفر ما زال يرغمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
بهِ وبِهم أرجو السماحَ من الباري / وَإِن عظُمت في سالف العمر أوزاري
ذُنوبيَ أوساخٌ وهو مثل أمطارِ / وطهَ هو البحر المحيط وأعظمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
عليهِ صلاةُ اللَّه تَترى تردّدُ / عَلى قدرهِ ليست تعدُّ فتنفدُ
عليهِ سلامُ اللَّه فهو المجدِّدُ / مَكارمَ أخلاقِ الورى والمتمّمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
رَأى مدحَ خيرِ الخلقِ صَعباً فَأَحجما
رَأى مدحَ خيرِ الخلقِ صَعباً فَأَحجما / وَقادتهُ أنوارُ المَعاني فأَقدما
بَدا بدرهُ والكونُ يعبسُ مُظلما / فبثَّ بهِ نورَ الهدى فتبسّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
بَرا نورَهُ الخلّاق قبل العوالمِ / ونبّأهُ مِن قبلِ طينة آدمِ
وَشفّعهُ فيهِ وَفي كلِّ آثم / وَحكّمهُ في ملكهِ فتحكّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَمِن نورهِ كانَ الوجودُ بأسرهِ / وَلولاهُ ما بانَت حقيقة سرّهِ
وَما زالَ مطويّاً بعالمِ أمرهِ / وَلكِن عليهِ الحقُّ بالخلقِ أنعما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
أَبو الناسِ طرّاً أعرفُ الناسِ أرفعُ / أبو كلِّ هَذا الخلقِ والفضل أوسعُ
وَلا عَملٌ واللَّه للَّه يرفعُ / إِذا لَم يكُن من بابه قد تقدّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
مُقدّم كلِّ الأنبياءِ خِتامهم / معوَّلُهم في المعضلات إمامهُم
فَلا فضلَ جلّت فيه حظّاً سهامُهم / على الخلقِ إلّا سهمهُ كان أعظما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
محمّدٌ المختارُ من آل هاشم / وَمِن كلّ أهلِ الأرض أولاد آدمِ
وَأهلِ السما طرّاً وكلّ العوالمِ / فَما مثلهُ خلقٌ بأرضٍ ولا سما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
تَشرّفتِ الكتبُ القديمةُ باِسمهِ / وَوصفِ مَزاياه وإظهار حكمهِ
نَعَم هيَ كانت من أبيه وأمّهِ / بِأوصافهِ العلياء أدرى وأعلما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
تَناقلهُ الأخيارُ من عهد آدم / كرامُ الورى في الطاهرات الكرائمِ
بكلِّ نكاحٍ من صحيحٍ ولازم / وَما اِقترفوا فيه سفاحاً محرّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
لَقَد شرّف اللَّه الجدودَ بسرّهِ / بُطوناً ظهوراً والوجودَ بأسرهِ
تَولَّد مِن شمسِ الكمال وبدرهِ / فحلَّ بِهذا الكون نوراً مجسّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَكَم مُعجزاتٍ أعجزَ الخلقَ دحضُها / أَطاعَت فأبدَتها سَماها وأرضُها
بِليلةِ ميلادٍ له كانَ بعضُها / ومِن بعدها بعضٌ وبعضٌ تقدّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
سَلِ الفيلَ ما هذا الحرانُ الّذي جرى / أَرادوا لهُ التقديمَ وهو تأخّرا
أَكانَ لنورِ المصطفى شاهداً يرى / وَتضليلُ كيدِ الجندِ كان لهم عَمى
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَمِن أَين جاءَتهم طيورٌ أبابيل / رَمَتهم بسجّيلٍ بهِ الكلُّ مقتولُ
أَكانَ دَعاها حين عصيانهِ الفيلُ / عَليهم فلبّتهُ فُرادى وتَوأَما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَفي ليلةِ الميلادِ شهبُ الكواكبِ / دَنَت وتدلّت كالسهام الثواقبِ
وَنُكّست الأصنامُ من كلِّ جانب / وَقَد أعظَمت في وقتهِ أن تعظّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
أَضاءَت قصورُ الشامِ مِن ضوء نورهِ / فأبصَرها المكّيُّ من وسط دورهِ
وَقَد فُتحَت في قربِ عهد وزيرهِ / فَكانَ إِليه الدينُ أسرعَ أدوَما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَأَطفأَ ذاكَ النورُ ناراً لفارس / فَكَم عابدٍ أبكته عبرة قابسِ
بُحيرتُهم صارَت دموع الأراجسِ / وَمِن بعدهِ أبكاهمُ صبحهُ الدما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَإِيوانُ كِسرى قَد هوت شرفاتهُ / وَصاحبهُ بالشقّ مرّت حياتهُ
وَسارَت برُؤيا الموبذانِ رواتهُ / سَطيحٌ بِبُشرى الهاشميِّ ترنّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَناغاهُ بدرُ التمِّ وهو بمهدهِ / لِيقبسَ نوراً ذاكراً حسن عهدهِ
وَمِن بعدُ قَد ناداهُ من أفق سعدهِ / وَقالَ اِنقَسم قِسمين خرَّ مُقسّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
حَليمةُ سَعدٍ ضاعفَ اللَّه برّها / عَلى حينِ تسقي درّة الكونِ درَّها
وَقَد شاهدَت منهُ نماءً فَسرّها / فيومٌ كشهرٍ وهو كالعام قد نَما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَعاشَ يتيماً مِن أبيه وأمّهِ / لَدى جدّهِ حتّى مضى فلعمّهِ
وَما زالَ لطفُ اللَّه أوفر سهمهِ / إِلى أَن نَشا فيهم عَزيزاً مُكرّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَما شاركَ الأقوامَ حيناً بأمرِهم / وَلا سارَ يَوماً في الملاهي بسيرهِم
وَلَم يَرضَ فيما هُم عليه بكفرهِم / وَكانَ بِهم يُدعى الأمينُ المُحكّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَلمّا أرادَ اللَّهُ إظهارَ دينهِ / وَكشفُ المخبّا من خبايا شؤونهِ
حَباهُ علومَ الرسلِ في أربعينهِ / وَجبريلهُ كانَ السفيرَ المعلّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
تخيّرُه الرحمنُ مِن كلّ ناطق / وَأرسلهُ طرّاً لكلّ الخلائقِ
وَأولاهُ علماً في جميع الحقائقِ / فكانَ عَلى الرسلِ الإمامَ المُقدّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَكَم طاوعَ الشيطانَ فيهِ حواسد / عليهِ لَهُم مِن كلّ شيءٍ شواهدُ
وَلكنّ أَشقى الناسِ غاوٍ معاند / رَأى نورَ طه ثمّ ما زال مُجرِما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
أَتى وَظلامُ الشركِ في الناسِ حالك / وَشيطانهُ في كلّ دين مشاركُ
وَفي كلِّ قلبٍ للظلامِ مبارك / فَجلّى بنورِ الحقِّ ما كانَ مُظلِما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
فَبعضٌ أصلّتهُ النجومُ الطوالعُ / وَبعضٌ لأصنامِ الغواية راكعُ
وَبعضٌ لأشجارِ الضلالة خاضعُ / هداهُم فَصاروا أعقلَ الناس أفهما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
فَلا عزَّ للعُزّى ولا لِمناتِهم / يغوث يعوق النسرَ إهلاكُ لاتهِم
عَلا دينُهم بالرغم عن سرواتهِم / وَهدّمهُ مِن أصلهِ فَتهدّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَعاداهُ مِنهم كلّ شيخٍ مضلّل / عليهِ لأهلِ الشرك كلّ معوّلِ
لَقَد أَقدَموا في حربِ أفضل مرسل / فَما زادهُ الإقدامُ إلّا تقدّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
عليهِ على حكمِ الضلالِ تعصّبوا / وَمِن كلِّ أوبٍ في أذاه تألّبوا
قَدِ اِجتَمعوا في كُفرِهم وتحزّبوا / فَأهلكَ بعضَ القوم والبعضُ أسلما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَكَم مِن رؤوسٍ حانَ وقتُ حَصادها / سَعَت ضدّهُ مِن جهلها بِمعادها
فَحارَبها مِن بعدِ يأسِ رَشادها / وَأَوصلَها بالسيفِ قطعاً جهنّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَأَولاهُ مَولاهُ كرامَ أصاحب / تخيّرهم مِن قومهِ والأجانبِ
أَطاعوهُ حتّى في حروبِ الأقاربِ / فَما سالَموا منهم أباً ضلّ واِبنَما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
دَعاهُم أَجابوا واحِداً بعد واحدِ / عَلى خيفةٍ مِن شرِّ كلِّ معاندِ
تنحّى بِهم مِن قلّةٍ في المعابدِ / وَزادوا فَصاروا بعدُ جَيشاً عَرَمرما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
بِهِم أيّدَ الجبّارُ في الأرض دينهُ / أعزَّ بِهم مختارهُ وأمينهُ
فَلَم يَبرَحوا في أمرهِ يتبعونهُ / إِذا شاءَ شيئاً كان أمراً مُحتّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
فَمِنهم بَنو أجدادهِ كلُّ باسل / خَبيرٍ بأحوالِ الوغا غير ناكلِ
يُرى معهُ في الحربِ في زيِّ راجلِ / وَأنتَ إِذا حقَّقت أبصرتَ ضَيغما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
لَقَد هجَروا مِن أجلهِ الدارَ والأهلا / وَقَد قَطعوا في حبّهِ الحَزنَ وَالسهلا
وَقَد لبِسوا العرفانَ إِذ خَلعوا الجَهلا / وَصاروا بهِ أَهدى البريّة أَعلما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَأَنصارهُ الأبطالُ أفضلُ أنصار / جَبانُهم في الحربِ كالأسدِ الضاري
أَطاعوهُ بالأرواحِ والمال والدارِ / فَروحي فِداهم ما أعزَّ وأكرما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَلا تَنسَ صَحباً مِن هُنا وهنالكا / أطاعوهُ خاضوا في رضاهُ المَعاركا
وَمِنهم مَوالٍ ثمّ عادوا موالكا / بأحمدَ نالوا العزّ فذّاً وتوأما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
صحابتهُ كلٌّ عدولٌ أفاضلُ / وَما منهمُ إلّا بهِ الفضل كاملُ
أئمّتَنا مَهما نَفى الحقّ جاهلُ / هَداهُم فكانوا في سما الدينِ أنجُما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
لَقَد جاهَدوا في اللَّه حقّ جهادهِ / وَقَد فتَحوا بالسيف جلَّ بلادهِ
ودينَ الحِجازي عمّموا في عبادهِ / وَلولاهمُ ما جاوزَ الدين زمزما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَلا سيّما الصدّيقُ وَالفاتح الثاني / عليٌّ أبو الأشراف من بعد عثمانِ
عَليهم وكلِّ الصحبِ أفضلُ رضوانِ / فَقَد خَدموا المُختارَ حيّاً وبعدما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَيا حبّذا الأطهارَ آل محمّد / وأكرِم بِزوجات النبيِّ ومجّدِ
حَوَت بنتهُ الزهراءُ أفضل سؤدد / بهِ فاقتِ الزوجات طرّاً ومريَما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَأَبناؤُها حتّى القيامة أفضلُ / منَ الناس طرّاً لا نبيٌّ ومرسلُ
فهُم بضعةٌ للمصطفى من يفضّلُ / سِواها غَدا بالجهلِ لا العلمِ معلما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَطهّرهم مِن كلّ رجسٍ مطهّرُ / هو اللَّه فاِفهم فالمُهيمن أخبرُ
وَعَن جدّهم جاءَ الحديث يبشّرُ / وَفاطمةٌ قَد أَحصنتهُ فحرّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَسائرُ زوجاتِ النبيّ كرائمُ / عليهنَّ رضوانُ المهيمن دائمُ
فَضلنَ النِسا والفضل فيهنَّ لازمُ / وَكُنّ لديهِ أقربَ الناس ألزما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
مَواليه كلٌّ منهمُ سادَ قومهُ / وَقَد جعلَ المختارُ كالأهل حكمهُ
فَلا غروَ أَن خلّى أباهُ وعمّه / وَجاءَ له مولاه زيدٌ قد اِنتمى
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
خَوادمهُ والخادمونُ عليهمُ / سَلامٌ منَ الرحمنِ يسري إليهمُ
فَخِدمتهُ كانت فخاراً لديهمُ / وَقَد كانَ حسّادهم أنجمُ السما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
صِفاتكَ يا خيرَ الخلائق تعظمُ / عنِ المدحِ مهما بالغ المتكلّمُ
وَلَكنّ شَرطي فيك عقدٌ منظّمٌ / وَدونكهُ قد تمّ عقداً منظّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /