المجموع : 13
هل الهَمُّ إلا كُربةٌ ثُمَّ تُفْرَجُ
هل الهَمُّ إلا كُربةٌ ثُمَّ تُفْرَجُ / لها مُعقِبٌ تحدى إليه وتُزعَجَ
هل الدهرُ إلا غمرةٌ ثم تَنْجَلي / وَشِيكاً وإلا ضِيقةٌ تتفَرَّجُ
وما الدَّهرُ إِلا عائدٌ مثلُ سالفٍ / وما العَيْشُ إلا جِدَّةٌ ثم تُنهِجُ
وكيف أَشيمُ البرقَ والبرقُ خُلَّبٌ / ويُطْمِعُني رَيْعانُه المتبلِّجُ
وكيف أُديمُ الصبرَ لا بي ضَراعَةٌ / ولا الرِّزْقُ مَحْظورٌ ولا أَنا مُحْرَجُ
ألا رُبَّما كانَ التَّصَبُّرُ ذِلَّةً / وأَدنى إِلى الحالِ التي هي أسْمَجُ
وهل يحملُ الهمَّ الفتى وهو ضامِنٌ / سُرى الليل رَحّالُ العَشِيّاتِ مُدلجُ
ولا صبرَ ما أعدى على الدهرِ مطلبٌ / وأمكنَ إدلاجٌ وأَصحر مَنهَجُ
أبى ليَ إغضاءَ الجفونِ على القَذى / يَقِينِيَ أَنْ لا عُسْرَ إلّا سيُفرَجُ
أخططُ في ظهرِ الحصير كأنني / أسيرٌ يخاف القتلَ والهمّ يُفرَجُ
لئن كنتُ محتاجاً إِلى الحِلم إنني / إِلى الجَهلِ في بعضِ الأَحايينِ أحوَجُ
ولي فَرَسٌ للحِلْمِ بالحِلمِ مُلجَمٌ / ولي فَرَسٌ للجهلِ بالجَهلِ مُسرَجُ
فَمَن شاءَ تَقْويمي فإِنّي مُقوَّمٌ / ومَن رامَ تعويجي فإِنّي مُعَوَّجُ
وما كنت أرضى الجهلَ خِدناً وصاحِباً / ولكنَّني أرضى بهِ حينَ أُحرَجُ
ألا رُبَّما ضاقَ الفَضاءُ بأهلهِ / وأَمْكَنَ مِنْ بَينِ الأَسِنَّةِ مَخرَجُ
وقد يُركَبُ الخَطْبُ الذي هو قاتِلٌ / إِذا لم يَكُنْ إِلّا عَلَيهِ مُعَرَّجُ
وإنْ قالَ بَعضُ النّاسِ فيهِ سَماجةٌ / فقد صَدَقُوا والذُّلُ بالحُرِّ أَسمَجُ
وإني لأرجُو اللّهَ حتى كأنَّني
وإني لأرجُو اللّهَ حتى كأنَّني / أرى بجميلِ الظنّ ما اللَهُ صانِعُ
رأت وضحاً في مفرقِ الرأس راعها
رأت وضحاً في مفرقِ الرأس راعها / شريحانِ مبيضٌّ به وبهيمُ
تفاريقُ شيبٍ في السوادِ لوامعٌ / وما خير ليل ليس فيه نجومُ
نفوس المنايا بالمنايا تشعب
نفوس المنايا بالمنايا تشعب / وكل له من مذهب الموت مذهب
نُراعُ لذكرِ الموتِ ساعةَ ذِكرِهِ / وتعترضُ الدنيا فلنهُو ونلعبُ
وآجالُنا في كلِ يومٍ وليلةٍ / الينا على غِرّاتِنا تتقَرَّبُ
أأيقنَ أنَّ الشيبَ ينعى حياتَه / مُدِرٌّ لأخلافِ الحطيئةِ مُذنِبُ
يقينٌ كأنَّ الشكَّ أغلبُ أمرِهِ / عليه وعرفانٌ الى الجهلِ يُنسَبُ
وقد ذَمّتِ الدنيا اليّ نعيمَها / وخاطبني أعجامُها وهو مُعرِبُ
ولكنَّني منها خُلِقت لغَيرها / وما كنتُ منه فهو عندي مُحَبّبُ
تكلَّمَ بالوحيِ البَنَانُ المُخَضَّبُ
تكلَّمَ بالوحيِ البَنَانُ المُخَضَّبُ / وللّهِ شكوى مُعجِمٍ كيفَ يُعرِبُ
أإيماءُ أطرافِ البَنانِ وَوَجههَا / أبانا له كيفَ الضَمير المُغيَّبُ
وقد كان حُسنُ الظنِ أنجبَ مرّةً / فأحَمدَ عُقبَى أمرِه المُتَعَقِّبُ
فلمّا تَدَبرتُ الظنونَ مُراقباً / تقلّبَ حاليها إذا هيَ تكذِبُ
بدأتَ بأحسانٍ فلمّا شكرتُه / تنكّرتَ لي حَتّى كأنِّيَ مُذنِبُ
وكُلُّ فتىً يَلقى الخطوبَ بعزِمِه / لَهُ مَذهَبٌ عمّن له عَنهُ مذهَبُ
وهل يصرعُ الحبُّ الكريمَ وقلبهُ / عليمٌ بما يأتي وما يتجَنّبُ
تأنيتُ حتّى أوضحَ العلمُ أنني / مع الدهر يَوماً مُصعِدٌ ومُصَوّبُ
وألحقتُ أعجازَ الأمور صدورها / وقَوَّمها غَمزُ القِداحِ المقَلِّبُ
وأيقنتُ أنَّ اليأسَ للعِرضِ صائنٌ / وأن سوفَ أغضَي للقَذَى حينَ أرغبُ
أغادرتني بينَ الظنونِ مُمَيّزاً / شَواكل أمرٍ بينهُنّ مُجَرِّبُ
يُقرّبني مَن كنتُ أصفيكَ دونَه / بوُدّي وتَنأى بِي فلا أَتَقَرّبُ
فللّه حَظّي منكَ كيفَ أضاعَه / سُلُوُّكَ عنيّ والأمورُ تَقَلّبُ
أبعدكَ أستَسقِي بَوارقَ مُزنَةٍ / وان جادَ هطّالٌ من المُزنِ هَيدَبُ
إذا ما رأيتُ البرقَ أغضيتُ دونَه / وقلتُ إذا ما لاحَ ذا البرقُ خُلّبُ
وإن سَنَحَت لي فُرصةٌ لم أسامِها / وأعرضتُ عنها خوفَ ما أترقَّبُ
تَأدّبتُ عن حُسنِ الرجاءِ فلن أرى / أعودُ له إِنّ الزمانَ مُؤدِّبُ
عليمٌ بأعقابِ الأمورِ كأنما
عليمٌ بأعقابِ الأمورِ كأنما / تخاطِبُه من كلِ أمرٍ عواقِبُه
إذا اختلجَت عيني رأت مَن تُحِبّه
إذا اختلجَت عيني رأت مَن تُحِبّه / فدامَ لعيني ما حييتُ اختلاجُها
وما ذُقتُ كأساً مُذ تعلّقني الهَوى / فأشرَبها إلا ودَمعي مِزاجُها
تَشَبَّهتَ بالأعرابِ أهلِ التعَّجرُفِ
تَشَبَّهتَ بالأعرابِ أهلِ التعَّجرُفِ / فدلَّ على دَعواكَ قُبحُ التكّلُّفِ
لسانٌ عِراقي إذا ما صَرَفتَه / الى لغةِ الأعرابِ لم يَتَصَرَّفِ
لئن كنتَ للأعرابِ والنحو حافِظاً / لقد كنتَ من قُرّاءِ سُورَةِ يُوسُفِ
ودائعُ أسرارٍ طوَتها السرائرُ
ودائعُ أسرارٍ طوَتها السرائرُ / وباحَت بمكتُوماتِهنَ النواظِرُ
ملكتَ بها طي الضميرِ وتحتَه / شَبَا لوعةٍ غضَبُ الغِرارينِ باتِرُ
فأعجَم عنها ناطقٌ وهو معرِبٌ / وأعربت العجم الجفونُ العَواطرُ
ألم تغذني السَراءُ في ريقِ الهوى / غريراً بما تجني عليَ الدوائرَ
تُسالمني الأيامُ في عُنفوانهِ / ويكلؤني طرفٌ من الدهرِ ناظرُ
إلى الحَسَنِ الباني العُلا يَمَّمت بنا / عَوالي المُنى حيثُ الحَيَا المتظاهرُ
إلى الأملِ المبسُوطِ والأجَلِ الذي / بأعدائه تكبُو الجدُودُ العواثِرُ
ومَن أنبعت عينَ المكارمِ كفُّه / يقومُ مَقامَ القَطرِ والروضُ داثِرُ
تَعَصَّبَ تاجَ الملكِ في عُنفُوانهِ / وأطت به عَصرَ الشبابِ المنابرُ
تُعَظِمُه الأوهامُ قبلَ عِيانهِ / ويَصدُر عنه الطَرفُ والطرفُ حاسِرُ
به تُجتَدَى النُعمى وتُستَدرَكُ المُنى / وتُستكمَلُ الحُسنى وتُرعى الأَواصِرُ
أَصاتَ بنا داعي نَوالكَ مُؤذناً / بجودكَ إلا أنه لا يُحَاوِرُ
قَسَمَت صُروفَ الدهرِ بأسَاً ونائلاً / فمالُكَ مُوتُورٌ وسيفكَ واتِرُ
ولما رأى اللهُ الحلافة قد وَهَت / دعائمُها واللهُ بالأمر خابِرُ
بَنَى بكَ أركاناً عليكَ محيطةً / فأنتَ لها دونَ الحوادِثِ ساتِرُ
وأرعنَ فيهِ للسوابغ جُنَّةٌ / وسَقفَ سَماءٍ أنشأتهُ الحَوافرُ
لها فَلَكٌ فيه الاسِنَةُ أنجمٌ / ونقعُ المنايا مستيطرٌ وثائرُ
أجزتَ قَضاءَ الموتِ في مُهجِ العِدا / ضُحىً فاستباحَتها المَنايا الغَوادرُ
لك اللحظاتُ الكالِئاتُ قَواصِداً / بِنُعمى وبالبأسَاء وهو شَوازِرُ
ولو لم تَكُن إلا بنفسِكَ فاخِراً / لما انتَسَبَت إلا اليك المَفاخِرُ
ألا هل إلى ظِلّ العقيق وأهلِهِ
ألا هل إلى ظِلّ العقيق وأهلِهِ / إلى قصر أوسِ فالحزيزِ مَعَادُ
وهل لي بأكنافِ المُصَلّى فَسفَحِه / الى السّور مَغدَىً ناعمٌ ومُرادُ
فلم تُنسني نهر الأبلّةِ نيّضةٌ / ولا عرصاتِ المربدينِ بَعَادُ
هنالكَ لا تبني الكواعب خيمةً / ولا تتهادى كَلثمٌ وسُعادُ
أجدّي لا ألقى النّوى مطمئنةً / ولا يزدهيني مضجعٌ ومِهَادُ
أجارتَنا إن التَّعَفُّفَ بالياس
أجارتَنا إن التَّعَفُّفَ بالياس / وصَبراً على استِدرار دُنيا بإِبْساسِ
جَديرانِ أن لا يَبدَءَا بمذلّةِ / كريماً وأن لا يُحوِجَاهُ الى النّاسِ
ولي مُقلَةٌ تنفي القَذى عن جُفونها / وتأخذُ من إيحاش دهرٍ بإِيناسِ
أجارَتنا إن القِداحَ كَواذِبٌ / وأَكثرُ أَسبابِ النَّجاحِ مع اليَاسِ
وما زلتُ أَسْتَرعي لكَ اللهَ غائباً
وما زلتُ أَسْتَرعي لكَ اللهَ غائباً / وأُظهرُ إِشفاقاً عليكَ وأكتمُ
وأعلمُ أن الجودَ ما غبتَ غائبٌ / وأَن النَّدى في حيث كنت مخيِّمُ
الى أن زجرتُ الطيرَ سعداً سوانحاً / وحُمَّ لقاءٌ بالسعُودِ ومقدَمُ
وظلَّ يُناجِيني بمدحِكَ خاطِرٌ / وليلي ممدودُ الرواقَينِ أدهَمُ
وقالَ طواهُ الحجُّ فاخشع لِفَقدِهِ / ولا عيشَ حتى يستهل المحرَّمُ
سيفخَرُ ما ضمَّ الحطيم وزَمزَمٌ / بمطّلبٍ لو أنه يتكلَّمُ
وما خُلِقَت إلا من الجُودِ كفُّهُ / على أنها والبأس خشدنانِ تَوأمُ
أعدتَ الى أكنافِ بهجةً / خُزاعيّة كانَت تُجلُّ وتُعظَمُ
ليالي سُمّارِ الحُجُونِ الى الصفا / خُزاعَةُ اذ خَلّت لها البيتُ جُرهَمُ
ولو نَطَقَت بَطحاؤها وحَجُونُها / وخِيفُ منى والمأزِمانِ وزَمزَمُ
إذن لدَعَت أجزاء جسمِكَ كلّها / تِنافِسُ في اقسامِه لو تُحَكّمُ
ولو رُدَّ مَخلوقٌ الى بِدءِ خَلقِهِ / اذن كنت جسماً بينَهُنّ تُقَسَّمُ
سما بكَ منها كلّ خِيفٍ فأبطحِ / غابكَ منهُ الجوهرُ المُتقَدّمُ
وحَنَّ اليكَ الركنُ حتى كأنّه / وقد جئته خلُّ عليكَ مُسَلِّمُ
فَتىً يتقي أن يخدِشَ الذمَّ عِرضَه
فَتىً يتقي أن يخدِشَ الذمَّ عِرضَه / ولا يتقي حَدَّ السيوفِ البَواتِرِ