المجموع : 86
وَما وَجدُ أَعرابِيّةٍ قَذَفَت بِها
وَما وَجدُ أَعرابِيّةٍ قَذَفَت بِها / صُرُوفُ النَّوى مِن حَيثُ لَم تَكُ ظَنَّت
تَمَنّت أَحالِيبَ الرِّعاءِ وخَيمةً / بِنَجدٍ فَلَم يُقدَر لَها ما تَمَنَّتِ
إِذا ذَكَرَت ماءَ العِضاهِ وطِيبَهُ / وَبَردَ الحَصَى مِن بَطنِ خَبتٍ أَرَنَّتِ
بِأَعظَمَ منِّى لَوعَةً غَيرَ أَنَّنِى / أجَمجِمُ أَحشائِى على ما أَجّنَّتِ
وَكانَت رِياحٌ تَحملُ الحاجَ بَينَنَا / فَقَد بَخشلَت تِلكَ الرِّياحُ وَضَنَّتِ
وَأَذكُرُ أَيّامَ الحِمَى ثُمَّ أَنثَنِى
وَأَذكُرُ أَيّامَ الحِمَى ثُمَّ أَنثَنِى / عَلَى كَبِدِى مِن خَشيَةٍ أَن تَصَدعَا
وَلَيسَت عَشِيّاتُ الحِمَى بِرَواجِعِ / عَلَيكَ وَلَكِن خَلِّ عَينَيكَ تَدمَعَا
بَكَت عَينِى اليُمنَى فَلَمّا زَجَرَتُها / عَنِ الجَهلِ بَعدَ الحِلمِ أَسبَلَتا مَعا
قِفِى يَا اُمَيمَ القَلبِ نَقضِ لُبَانَةً
قِفِى يَا اُمَيمَ القَلبِ نَقضِ لُبَانَةً / ونَشكُ الهَوى ثُمَّ افعَلى ما بَدَالكِ
سَلِى البانَةَ الغَنَّاءَ بِالأَبطَحِ الَّذِى / بِهِ الماءُ هَل حيَّيتُ أَطلالَ دَارِكِ
وَهَل قُمتُ بَعدَ الرائِحينَ عَشِيَّةً / مَقَامَ أخى البَغضاءِ واختَرتُ ذلكِ
وهَل كَفكَفَت عَيناىَ في الدّارِ عَبرةً / فُرَادَى كَنَظمِ البُّؤلُؤِ المُتَهَالِكِ
فَيابانَةَ الوادى أَلَيسَت مُصِيبَةً / مِنَ اللهِ أَن تُحمَى عَلَينَا ظِلالُكِ
ويابانَةَ الوادى أَثِيبى مُتَيَّماً / أَخا سَقَمٍ لَبَّستِهِ في حِبَالِكِ
وكلَّفتِنى مَن لا أُطِيقُ كَلاَمَهُ / نَهَاراً وَلاَ لَيلاً وَلاَ بينَ ذَلِكِ
هَوِيتُ ولم تَهوَى وكُنتِ ضَعيفَةً / فهذا بَلاَءٌ قَد بُلِيتُ بِذَلِكِ
وأَذهَبُ غَضبَاناً وأرجِعُ راضياً / وأُقسِمُ ما أَرضَيتِنى بَينَ ذلكِ
يَقُولونَ ذَرها وَاعتَزِلها وَإِنّما / يُسَاوِى ذَهابَ النَّفسِ عِندى اعتزِالُك
عَدِمتُكِ مِن نَفسِ فَأَنتِ سَقَيتنى / كُؤُوسَ الرَّى في حُبِّ مَن لَم يُبَالِكِ
وَمَنَّيتِنى لُقيَانَ مَن لَستُ لاقياً / نضهَار ولا لَيلى بَينَ ذَلِكِ
فما بِكِ من صَبرٍ ولا مِن جَلادَةٍ / ولا مِن عَزاءٍ فَاهلِكى في الهَوَالِكِ
لِيَهنِك إِمساكى بِكَفِّى عَلَى الحَشا / وإِذرَاء عَينى دَمعَها فِى زِيالِكِ
وَلَو قُلتِ طَأ في النَّارِ أَعلَمُ أَنَّهُ / هُدًى مِنكِ أَو مُدنٍ لَنَا مِن وِصَالِكِ
لَقَدَّمتُ رِجلى نَحوَهَا فَوَطئتُهَا / هُدًى مِنكِ لى أَوغَيَّةً مِن ضَلاَلِكِ
وَيُسقَى مُحِبٌّ مِن شَرَابِكِ شَربَةً / يَعيشُ بِها إِذ حِيلَ دُونَ حَلالِكِ
أَرَى النّاسَ يَرجُونَ الرَّبِيعَ وإِنّما / رَجائى الّذى أَرجو جَداً مِن نَوَالِكِ
أَينِى افِى يُمنى يَدَيكِ جَعلتِنى / فَأَفرَحَ أَم صَيَّرتِنى في شِمَالِكِ
لَئِن ساءَنى أَن نِلتِنى بِمَسَاءِةٍ / لَقَد سَرَّنى أَنّى خَطَرتُ ببالِكِ
دَعتَك دَواعِي حُبِّ سَلمَى كما دَعَا
دَعتَك دَواعِي حُبِّ سَلمَى كما دَعَا / عَلَى النَّشزِ أُخرَى التّاليات مُهِيبُ
فَلَبَّيكَ مِن دَاعٍ دَعا وَلَوَ أَنَّنِى / صَدىً بَينَ أَحجارٍ لَظَلَّ يُجِيبُ
وَدَاعِي الهَوَى يَغشَى المَنِيَّةَ بِالفَتَى / وَيَعثُرُ عَقلُ المَرءِ وَهوَ لَبِيبُ
فلِلّهِ دَرِّي يَومَ صحراءِ عالجٍ / وَدَرُّ الهَوَى إِنِّى لَهُ لَحَبِيبُ
وَدَرُّ بَلائِى مِن هَواكِ فإنَّهُ / لِعَلّي وَإِن غالَبتُهُ لَغَلُوبُ
أَمِنكِ أُمَيمُ الدّارُ غَيَّرَها البِلى
أَمِنكِ أُمَيمُ الدّارُ غَيَّرَها البِلى / وَهَيفٌ بِجَولاَنِ التُّرَابِ لَعُوبُ
بَسَابِسُ لَم يُصبِح وَلَم يُمسِ ثاوِياً / بِها بَعدَ جِدِّ البَينِ مِنكِ عَرِيبُ
سِوَى عَازفاتٍ يَنتَحِبنَ معَ الصَّدَى / كَما رَجَّعَت جُوفٌ لهُنَّ ثُقُوبُ
ظَلِلتُ بها أُذرِى الدُّمُوعَ كَما صَرَى / بِغَر بَينِ مِن خَرزِ العَراقِ شَعِيبُ
دِيارُ الّتى هاجَرتُ عَصراً ولِلهَوَى / بلُبِّى إِلَيها قائدٌ ومُهِيبُ
أَذُودُ ارتداعُ الوُدِّ لا خَشيةَ الرّدَى / صَدَى هامَتِى عَمّا إِلَيهِ تَلُوبُ
لِيَغلِبَ حُبِّها عَزائى وَإِنَّنِي / لِصَبرِى إِذا غالَبتُهُ لَغَلُوبُ
وَتَسلَمَ مِن قَولِ الوُشاةِ وإِنَّنِى / لَهُم حِينَ يَغتَابُونَها لَذَبُوبُ
أُمَيمَ لِقَلبِي مِن هَوَاكِ ضَمانَةٌ / وَأَنتِ لَها لَو تَعلَمِينَ طَبيبُ
أُمَيمَ لَقَد عَنَّيتِنى وَأَرَيتِنِى / بَدَائعَ أَخلاَقٍ لهُنَّ ضُرُوبُ
فَارتَاحُ أَحياناً وَحِيناً كأَنَّمَا / عَلَى كَبِدِى ماضِى الشَّباةِ ذَرِيبُ
فَقُلتُ خَيَالٌ مِن أُمَيمَةَ هَاجَنى / وَذُو الشَّوقِ للطَّيفِ المُلِمِّ طَرُوبُ
فَقالُوا تَجَلَّد إِنَّ ذَاكَ عَرَامَةٌ / وَمَا فِى البُكا لِلوَاجِدينَ نَصِيبُ
وَمَا مَاءُ مُزنٍ فى حُجَيلاَءَ دُونَها / مَنَاكِبُ مِن ثُمِّ الذُّرَا وَلُهُوبُ
صَفَا فِى ظِلاَلٍ بَارِد وَتَطَلَّعَت / بِهِ فُرُطٌ يَقتَادُهُنَّ جَنُوبُ
مُعَسكَرُ دَلاّحٍ مَرَت وَدَقَاتِهِ / صَباً بَعدَ مَا هَبَّت لَهُنَّ جَنُوبُ
بِأَطيبَ مِن فِيها مَذَاقاً وإِنَّى / بِشَيمِى إذا أَبصَرتُهُ لَطَبِيبُ
هَنِيئاً لِعُودِ الضَّروِ شَهدٌ يَنالُهُ / عَلَى خَصِراتٍ رِيقُهنَّ عَذُوبُ
وَمَنصِبُها حَمشٌ أَحَمُّ يَزِينُهُ / عَوارضُ فِيها شُنبَةٌ وغُرُوبُ
بما قَد تَسَقَّى مِن سُلافٍ وَضَمَّهُ / بَنانٌ كَهُدّابِ الدِّقسِ خَضِيبُ
أُحِبُّ هُبوطَ الوادِيَينِ وإِنَّنى / لَمُستَهتَرٌ بِالوادِيَينِ غَرِيبُ
وقالت أما واللهِ لَولاَ اشتِهارُكُم / وَجَنيِ عليكَ الذَّنبَ حِينَ تَغِيبُ
لَمَا شَمِلَ الأَحشاءُ مِنكَ عَلاقَةً / ولا زُرتَنا إِلاّ وأَنتَ تَطِيبُ
أَحقّاً عِبادَ اللهِ أَن لَستُ صادِراً / وَلا وارداً إِلاَّ عَلَىَّ رَقِيبُ
ولا ناظراً إِلاّ وَطَرفِىَ دُونَهُ / بَعيدُ المَراقِى فِى السَّماءِ مَهِيبُ
وَلاَ مَاشِياً وَحدِى وَلاَ فِى جَمَاعةٍ / مِنَ النَّاسِ إِلاّ قِيلَ أنتَ مُرِيبُ
وهَل رِيبةٌ فِى أَن تَحِنَّ نَجِيبةٌ / إِلَى إِلفِهَا أَو أَن يَحِنَّ نَجِيبُ
لَكِ اللهُ إِنّى وَاصِلٌ ما وَصَلتِنِى / وَمُثنٍ بمَا أَولَيتنِى وَمثِيبُ
وآخُذُ ما اَعطَيتِ عَفواً وَإِنَّنِى / لأَزوَرُ عَمَا تَكرَهِينَ هَيُوبُ
فَلاَ تَترُكِي نَفسِي شَعَاعاً فإِنَّها / مِنَ الوَجدِ قَد كادَت عَلَيكِ تَذُوبُ
أُحِبُّكِ أَطرَافَ النَّهَارِ بَشَاشَةً / وَفِى اللَّيلِ يَدعُونِى الهَوَى فَأجِيبُ
وَلَمَّا رأَيتُ الهَجرَ أَبقَى مَوَدَّةً / وَطَارَت لأَضغَانٍ عَلَىَّ قُلُوبُ
هَجَرتُ اجِتنَاباً غَيرَ بِغضِ وَلاَقِلىً / اُمَيمَةُ مَهجُورٌ إِليَّ حَبِيبُ
وَنُبِّئتُهَا قَالَت وَبَينِي وَبَينَهَا / مَهَامِهُ غُبرٌ ما بِهِنَّ غَرِيبُ
عَذرتُكَ مِن هَذَا الَّذِى مَرّ لَم يَعُج / عَلَينا فَيجزِينَا وَنَحنُ قَرِيبُ
فَقُلتُ لهُ لاَ تَألُ هَلاَّ عَذَرتَنِى / إِلَيهَا فَقَد حَلَّت عَلَىَّ ذُنُوبُ
أُمَيمُ أَهُونٌ بى عَلَيكِ وَقَد بَدَا / بِجِسمىَ مَمَّا تَزدَرينَ شُحُوبُ
فَقالَ لَهَا يَا أَملَحَ النّاسِ رَاكِبٌ / بِهِ شَعَثٌ بَادٍ بِهِ وَشُحُوبُ
صُدُوداً وإعرَاضاً كأنّىً مُذنِبٌ / وَمَا كانَ لِي إِلاّ هَوَاكِ ذُنُوبُ
لَعَمرِى لَئِن أَولَيتِنى مِنكِ جَفوَةً / وَشَبَّ هَوَى قَلبِى إِلَيكِ شَبُوبُ
وَطَاوَعتِ بى قوماً عِدَىً أن تَظاهَرُوا / عَلَىَّ بقَولِ السُّوءِ حِينَ أَغِيبُ
لَبِئسَ إِذَن عَونُ الخَلِيلِ أَعَنتِني / عَلَى نَائِبَاتِ الدَّهرِ حِينَ تَنُوبُ
فإِن لَم تَرَى مِنّى عَليكِ فَتَحمَدِى / وَفِى اللهِ قَاضٍ بَينَنَا وَحَسِيبُ
ذِمَاماً إِذا طَاوعتِ بى قَولَ كاشِحٍ / مِنَ الغَيظِ يَفرِى كِذبَهُ وَيَعِيبُ
وإِنّى لأَستَحِييكِ حَتّى كأَنَّمَا / عَلَىَّ بِظَهرِ الغَيبِ مِنكِ رَقِيبُ
حِذَارَ القِلَى وَالصَّرمِ مِنكِ فَإنَّنى / عَلَى العَهدِ مَادَاومَتِنى لَصَلِيبُ
فَيَا حَسَرَاتِ النَّفسِ مِن غُربَةِ الهَوَى / إِذَا اقتَسَمَتنَا نِيّةٌ وَشَعُوبُ
وَمِن خَطَرَاتٍ تَعتَرِينِى وَزَفرَةٍ / لَها بَينَ لَحمِى وَالعِظَامِ دَبِيبُ
أَصُدُّ وَبِى مِثلُ الجُنُونِ مِنَ الهَوَى / وَأَهجُرُ لَيلَى العَصرَ ثُمَّ أُنِيبُ
إِذا أَكثَرَ الكُرهَ المُحَبُّ وَلَم يَكُن / لَهُ عِلَلٌ كادَ المُحَبُّ يَريبُ
وَقَد جَعَلَت رَيّا الجَنُوبِ إِذَا جَرَت / عَلَى طِيبِهَا تَندَى لَنَا وَتَطِيبُ
جَنُوبٌ بِرَيّا مِن أُمَيمَةَ تَغتَدِى / حِجَازِيَّةً عُلوِيَّةً وَتَؤُوبُ
تَهِيجُ عَلَىَّ الشَوقَ بَعدَ اندِمالِهِ / يَمَانِيَةٌ عُلوِيَّةٌ وَجَنُوبُ
أَحِنُّ إِلَى الرَّملِ اليَمانِى صَبَابَةً / وَهَذَا لَعَمرِى لَو رَضِيتُ كَثِيبُ
فأَينَ الأَرَاكُ الدَّوحُ وَالسِّدرُ وَالغَضَى / ومُستَخبَرٌ مِمَّن تُحِبُّ قَرِيبُ
وإِنَّ النَّسِيمَ العَذبَ مِن نَحوِ أَرضِهَا / يَجِىءُ مَرِيضاً صَوبُهُ فَيَطِيبُ
وإِنّى لأَرعَى النَّجمَ حَتّى كأَنَّنِى / عَلَى كُلِّ نَجمٍ فِى السَّماءِ رَقِيبُ
وأشتَاقُ لِلبَرقِ اليَمانِى إِذَا غَدَا / وَأَزدَادُ شَوقاً أَن تَهُبَّ جَنُوبُ
وَبالحَقلِ مِن صَنعَاءَ كانَ مَطافُهَأ / كَذُوباً وَأَهوَالُ المَنَامِ كَذُوبُ
أَلَمَّت وَايدِى النَّجمِ خُوصٌ عَلَى الشَّفَا / وَقَد كانَ مِن سُلاّفِهنَّ غُرُوبُ
وَرَيدَةُ ذَاتِ الحَقلِ بَينِى وَبَينَهَأ / سَرَى لَيلةً سَارٍ إِلىَّ حَبِيبُ
فَنَبَّهتُ مِطوَىَّ اللَّذينِ كِلاهُما / يُلَبِّينِ عِندَ المُفظِعاتِ مُجِيبُ
جَفَتهُ الفَوَالِى بَعدَ حِينٍ وَلاَحَهُ / شُموسٌ لأَلوَانِ الرِّجَالِ صَهُوبُ
وَطُولُ احتِضانِ السَّيفِ حَتَّى بِمَنكِبى / أَخادِيدُ مِن آثَارِهِ وَنُدُوبُ
وإرجَافُ جَمعٍ بَعدَ جَمع وَغَابَةٍ / صَبَاحَ مَسَاءَ لِلجَنَانِ رَعُوب
وَقَد جَعَلَ الوَاشُونَ عَمداً لَيَعلَمُوا / أَلِي مِنكِ أَم لاَ ياأُمَيمَ نَصِيبُ
أُمَيمَ انصِبى عَينَيكِ نَحوِى تَبَيَّنِى / بِجِسمِىَ مِمَّا تَفعَلِينَ شُحُوبُ
أَذَاهِبةٌ نَبلِى شَعاعاً وَلَم يَكن / لَها مِن ظِباءِ الوَادِيَينِ نَصِيبُ
فإِنَّ الكثِيبَ الفَردَ مِن جَانِبِ الحِمَى / إِلىَّ وَإِن لَم آتِهِ لَحَبِيبُ
وَإِنّى عَلَى رَغمِ العُدَاةِ بِأَنقُعٍ / شِفَاءً لِحَومَاتِ الصَّدَى لَشَرُوبُ
عَلُولٌ بها مِنهَا نَهُولٌ وَإنَّنِى / بِنَفسِىَ عَن مَطرُوقِهَا لَرغُوبُ
مَجِيبٌ لِدَاعٍ مِن أُمَيمَةَ إِن دَعَا / سِوَاهَا بِقَولِ السَّائِلينَ ذَهُوبُ
تَلِجّينَ حَتّى يُزرِىَ الهَجرُ بالهَوَى / وحَتّى تَكادَ النَّفسُ عَنكِ تَطِيبُ
يَحُمنَ حِيامَ الهِيمِ لَم تَلقَ شَافِياً / أَثَابَ النُّفُوسَ الحائماتِ مُثِيبُ
وَلَو أَنَّ ما بى بالحَصَى قَلِقَ الحَصَى / وَبالرّيحِ لم يُسمَع لَهُنَّ هُبُوبُ
وَلَو أَنّنِى أَستَغفِرُ اللهَ كُلَّمَا / ذَكَرتُكِ لَم تُكتَب عَلَىَّ ذُنُوبُ
أَمُستَكبَرٌ مَمشَاىَ إِن جِئتُ زَائراً / إِلَيكُم وَمَعقُودٌ عَلَىَّ ذُنوبُ
دَعُونِى أَرِد حِسىَ ابنِ زَيدٍ فإِنَّهُ / هُوَ العَذبُ يَحلَو لِى لَنَا وَيَطِيبُ
أُمَيمَ احذَرِى نَقضَ القُوَى لاَ يَزَل لَنَا / عَلى النَّاىِ والهِجرَانِ مِنكِ نَصِيبُ
وَكُونِى عَلَى الوَاشِينَ لَدّاءَ شَغبةً / كما أَنَا لِلوَاشِى أَلَدُّ شَغُوبُ
أَلاَ يا أُمِيمَ القَلبِ دَامَ لَكِ الغِنَى / فَما ساعَةٌ إِلاّ عَلَىَّ رقِيبُ
أَسِيرٌ صَغِيرٌ أَو كَبِيرٌ مُجَرِّبٌ / اَم آخَر يَرمِى بالظَّنُونِ مُرِيبُ
فَلاَ تَمنَحِينى البُخلِ مِنكِ وتَعجَلِى / عَلَىَّ بِأمرٍ لَم يَكُن بِذُنُوبِ
أَمَا والّذِى يَبلُو السَّرَائرَ كُلَّهَا / فَيَعلَم ما يَبدُو لَه وَيَغِيبُ
لَقَد كُنتِ مِمَّن تَصطَفِى النَّفسُ خُلَّةً / لَهَا دُونَ خُلاّتِ الصَّفاءِ نَصِيبُ
وَلَكن تَجَنَّيتِ الذُّنُوبَ وَمَن يُرِد / يَجُذُّ القُوَى تُقدَر عَلَيهِ ذُنُوبُ
بِنَفسِى وَأَهلِى مَن إِذا عَرَضُوا لَهُ / بِبَعضِ الأَذَى لَم يَدرِ كَيفَ يُجِيبُ
ولم يَعتَذِر عُذرَ البَرىءِ وَلَم يَزَل / بِهِ صَعقَةٌ حتّى يُقالَ مُريبُ
لَقَد ظَلَمُوا ذاتَ الوِشاحِ وَلَم يَكُن / لَنا فى هَوَى ذاتِ الوِشاحِ نَصِيبُ
يَقُولون لا يُمسي الغَرِيبُ بأَرضِنا / وَأيدِى الهَدَايا إِنَّنِى لَغَرِيبُ
غَرِيبٌ دَعَاهُ الشَّوقُ فاقتَادَهُ الهَوَى / كَما قِيدَ عَودٌ بِالزِّمامِ أَدِيبُ
فأَنتِ التى ذَلَّلتِ لِلنَّاسِ صَعبَتِى / وقَرَّبتِ لِى ما لَم يَكُن بِقَرِيبِ
وإن أَسمَعَتنِى دَعوَةً لأَجبُتها / أُلبِّى سُلَيمَى قَبلَ كُلِّ مُجِيبِ
أَلاَ لا أُبالِى ما أجَنَّت صُدُورُهُم / إِذا نَصَحت مِمَّن أَوَدُّ جُيُوبُ
فإن تَحمِلوا حِقدا عَلَىَّ فإِنَّنِى / لَعَذبِ المِياهِ نَحوَكُم لَشَرُوبُ
يُثَابُ ذَوو الأَهواءِ غَيرِى وَلاَ أَرَى / اُمَيمَةٌ مِمَّا قَد لَقِيتُ تُثيِبُ
يَقُولونَ أَقصِر عَن هَوَاها فَقَد وَعَت / ضَغائنَ شُبّانٌ عَلَيكَ وَشِيبُ
أَلَهفِى لِما ضَيَّعتُ وُدِّى وَما هَفا / فُؤادِى لِمَن لَم يَدرِ كَيفَ يُثِيبُ
وإِنَّ طَبِيباً يَشعَبُ القَلبَ بَعدَما / تَصَدَّعَ مِن وَجدٍ بِهَا لَكَذوبُ
رَأيتُ لها ناراً وَبَينِى وَبَينَها / مِنَ العِرضِ أَو وادِى المِياهِ سُهُوبُ
إِذا جِئتُهَا وَهناً مِنَ اللَّيلِ شَبَّهَا / مِنَ المَندَلِىِّ المُستَجَادِ ثَقُوبُ
وَقَد وَعَدَت لَيلَى وَمَنّت وَلَم يَكُن / لِرَاجِى المُنَى مِن وُدِّهِنَّ نَصِيبُ
مُحِبًّا أَكَنَّ الوَجدَ حَتّى كأَنَّهُ / مِنَ الأَهلِ وَالمَالِ التِّلاَدِ تَطِيبُ
أَلاَ لاَ أَرَى وَادِى المِياهِ يُثِيبُ / وَلاَ النَّفسُ عَمَّا لاَ تَنَالُ تَطِيبُ
يَقَرُّ بِعَينِى أَن أَرَى ضَوءَ مُزنَةٍ / يَمانِيةٍ أَو أَن تَهُبَّ جَنُوبُ
فإِن خِفتِ أَلاّ تُحكِمِى مِرَّةَ الهَوَى / فَرُدِّى فُؤَادِى وَالمَزَارُ قَرِيبُ
أَكُن أَحوَذِىَّ الصَّرمِ إِمّا لِخُلَّةٍ / سِوَاكِ وَإِمّا أَرعَوِى فَأتُوبُ
تَبِعتُكِ عَاماً ثُمَّ عَامَينِ بَعدَهُ / كما تَبِعَ المُستَضعَفِينَ جَنِيبُ
فَأبلَستِ إِبلاَسَ الدَّنىءِ وَمَا عَدَت / لكِ النَّفسُ حاجاتٍ وَهُنَّ قَرِيبُ
رَجاةَ نَوالٍ مِن أُمَيمَةَ إِنَّها / إذا وَعَدَتنا نائلاً لَكَذُوبُ
وَقَد قُلتُ يَوماً لاِبنِ عَمروٍ وَقَد عَلَت / فُوَيقَ التَّراقِى أَنفُسٌ وقُلُوبُ
وَأَيدِ الأَعادِى مُشرَعاتٌ فَطَرفُنا / إِلَى طَرفِهِم نَرمِى بِهِ فَنُصِيبُ
تَمَتَّعتُ مِن أَهلِ الكثِيبِ بنَظَرَةٍ / وقَد قِيلَ ما بَعدض الكثِيبِ كَثِيبُ
أَلاَ لَيتَ شِعرِى عَنكِ هَل تَذكُرِينَنِى / فذِكرُكِ فى الدُّنيا إِلىَّ حبيب
وَهَل لِي نَصِيبٌ فى فُؤادِكِ ثابتٌ / كَمالكِ عِندِى فى الفُؤادِ نَصِيبُ
فَلَستُ بِمَتروكٍ فَأَشرَبَ شَربَةٌ / ولا النَّفسُ عَمَّا لا تَنالُ تَطِيبُ
رَأيتُ نُفُوساً تُبتَلَى طالَ حَبسُهَا / عَلَى غَيرِ جُرمٍ ما لَهُنَّ ذُنُوبُ
فلا خَيرَ فِى الدُّنيا إِذا أَنتَ لم تَزُر / حَبِيباً وَلَم يَطرَب إِلَيك حَبيبُ
سُقِيتُ دَمَ الحَيّاتِ إِن لُمتُ بَعدَها / مُحِبّاً ولا عَنَّفتُ حِينَ يَحُوبُ
وَإِنَّى لَتَعرُونِي وَقَد نَامَ صُحبَتِى / رَوَائعُ حتَّى لِلفُؤادِ وَجِيبُ
عُقَيِليَّةٌ أَمّا مَلاثُ إِزارِها
عُقَيِليَّةٌ أَمّا مَلاثُ إِزارِها / فَدِعصٌ وَأَمّا خَصرُها فَبَتِيلُ
تَرَبَّعُ أَكنَافَ الحِمَى وَمَقِيلُها / بتَثلِيثَ مِن ظِلِّ الأَرَاكِ ظَليلُ
أَيَا زَينَةَ الدُّنيا وما مُنتَهَى المُنَى / وَيا أَمَلِى هَل لِى إِلَيكِ سَبِيلُ
فَدَيتُكِ أَعدائِى كَثِيرٌ وَشُقَّتِى / بَعِيدٌ وَأَنصَارِى لَدَيكِ قَليلُ
وَكُنتُ إِذا ما جِئتُ جِئتُ بِعِلَّةٍ / فَأَفنَيتُ عِلاّتِى فَكَيفَ أَقُولُ
أَلاَ هَل مِن البَينِ المُفَرِّقِ مِن بُدِّ
أَلاَ هَل مِن البَينِ المُفَرِّقِ مِن بُدِّ / وَهَل لِلَيَالٍ قَد تَسَلَّفنَ مِن رَدِّ
وَهل مِثلُ أَيّامٍ بِنَعَفِ سَوِيقَةٍ / رَوَاجِعُ أيّامٍ كما كُنَّ بالسَّعدِ
وَهل أَخَوَاكَ اليَومَ إِن قُلتَ عَرِّجا / عَلَى الأَثلِ مِن وَدّانَ وَالمَشرَبِ البَردِ
مُقِيمانِ حتّى يَقضيا مِن لُبَانَةٍ / فَيَستَوجِبَا أَجرى وَيَستَكمِلاَ حَمدِى
وإلاّ فَسِيرَا فالسَّلاَمُ عَلَيكُما / فمالَكما غَيِّ وَمالَكُما رُشدِى
وَلاَ بِيَدَىِّ اليَومَ مِن حَبلِىَ الَّذِى / أُنَازَعُ مِن إِرخَائِهِ لاَ وَلاَ شَدِّى
وَلكِن بِكَّقى أُمِّ عَمرٍو فَليتَهَا / إِذا وَلِيَت رَهناً تَلِى الرَّهنَ بِالقَصدِ
أَلاَ لَيتَ شِعرِى مالَّذِى تُحدِثَنَّ لي / نَوَى غَربَةِ الدّارِ المُشِتَّةِ وَالبُعدِ
نَوَى أُمِّ عَمرٍو حَيثُ تَغتَرِبُ النَّوَى / بها ثُمَّ يَخلو الكاشِحُونَ بها بَعدِى
أَتَصرِمُ لِلاّئى الّذينَ هُمُ العِدَى / وَتُشمِتُهُم بى اُمُّ عَمرِو عَلَى وُدِّى
وَظَنِّى بِها مِن كُلِّ ظَنٍّ بِغَائِبٍ / وَفِىٍّ بِنُصحٍ أَو يَدُومُ عَلَى العَهدِ
وَظَنِّى بها وَاللهِ أَن لَن تَضِيرَنِى / وُشَاةٌ لَدَيها لاَ يَضِيرُونَهَا عِندِى
وَقَد زَعَمُوا أَنَّ المُحِبَّ إِذَا دَنَا / يَمَلُّ وَاَنَّ النَّأى يَشفِى مِنَ الوَجدِ
بِكُلٍّ تَدَاوَينَا فَلَم يُشفَ مَا بِنَا / عَلَى أَنَّ قُربَ الدَّارِ خَيرٌ مِنَ البُعدِ
هَوَاىَ بِهذَا الغَورِ غَورِ تِهَامَةٍ / وَلَيسَ بِهَذا الحَيِّ مِن مُستوَى نَجدِ
فَوَاللهِ رَبِّ البَيتِ لاَ تَجِدِينَنِى / تَطَلَّبتُ قَطعَ الحَبلٍ مِنكُم عَلَى عَمدِ
وَلا أَشتَرِى أَمراً يَكُونُ قَطِيعَةً / لِمَا بَينَنَا حَتّى اُغَيِّبَ فِى اللَّحدِ
فَمِن حُبِّهَا اَحبَبتُ مَن لاَ يُحِبُّنِى / وَصَانَعتُ مِن قَد كنتُ أُبعِدُهُ جَهدِى
أَلاّ رُبَّمَا أَهدَى لِيَ الشَّوقَ وَالجَوَى / عَلى النَّأىِ مِنهَا ذُكرَةٌ قَلَّمَا تُجدِى
أَلا يا صَبا نَجدٍ مَتَى هِجتَ مِن نَجدِ / لَقَد زَادَنِى مَسرَاكَ وَجداً عَلَى وَجدِى
أَأَن هَتَفَت وَرقَاءُ فِى رَونَقِ الضُّحَى / عَلَى فَنَنِ غَضِّ النَّباتِ مِنَ الرَّندِ
بَكيتَ كَما يَبكِى الوَليدُ وَلَم تَكُن / جَلِيداً وَاَبدَيتَ الَّذِى لَم تَكُن تُبدِى
وَحَنَّت قَلُوصِى مِن عَدَانَ إِلى نَجدِ / وَلَم يُنسِهَا أَوطَانَهَا قِدَمُ العَهدِ
إِذا شِئتُ لاَقَيتُ القِلاَصَ وَلا أَرَى / لِقَومِىَ أَشبَاهاً فَيَألَفَهُم وُدِّى
وَأَرمِى الَّذِى يَرمُون عَن قَوسِ بِغضَةٍ / وَلَيسَ عَلى مَولاَىَ حَدِّى وَلاَ جِدِّى
قِفى يا أُمَيمَ القَلبِ نَقرَأ تَحِيَّةً
قِفى يا أُمَيمَ القَلبِ نَقرَأ تَحِيَّةً / وَنَقضِ الهَوَى ثُمَّ افعَلِى ما بَدالَكِ
فَلَو قُلتِ طَأْ فِى النّارِ أَعلَمُ أَنَّهُ / هَوًى مِنكِ أَو مُدنٍ لَنا مِن وِصالِكِ
لَقَدَّمتُ رِجلي نَحوَها فَوَطِئتُها / هُدَيَّاكِ لِي أَو هَفوَةً مِن ضَلالِكِ
سَلىِ البانةَ العَليا مِنَ الأَبطَحِ الّذِى / بِهِ البانُ هَل حَيَّيتُ أَطلالَ دارِكِ
وَهَل قُمتُ فِى أَظلالِهِنَّ عَشِيَّةً / مَقامَ أَخِى البأساءِ وَاختَرتُ ذلِكِ
وَهَل سَفَحَت عَيناىَ فِى الدّارِ غُدوَةً / بِداراً كًسَحِّ اللُّؤلؤِ المُتَهالِكِ
لِيَهنِكِ إِمسَاكِى بِكَفِّى عَلَى الحَشَا / وَرَقراقُ عَينِى خَشيَةً مِن زِيالِكِ
فَإِنِّى لأَستَحفِيكِ يا بِنتَ مالِكِ / عَنَ الشَّىءِ ما بِى غَيرُ طِيبِ كَلامِكِ
وإِنِّى لأَستَغشِى وَما بِيَ نَعسَةٌ / وَما ذاك إِلاّ أَن يُلِمَّ خَيالُكِ
وَإِنِّى لأَستَسقِى السَّحابَ لأَرضِكُم / وَيُعجِبُنِى مَا أَحسَنَ اللهُ حالَكِ
أُحِبُّ الصَّبا إِن كُنتِ مِن قِبَلِ الصَّبا / وَنَجماً مُضِيَّاً طالِعَا مِن حِيالِكِ
سَأَلتُكِ هَل يَأتِيكِ فِى كُلِّ مَضجَعِ / خَيالِى كَما يَسرِى إِلىَّ خَيالُكِ
وَهَل سَفحَت عَينَاكِ مِن نَأىِ دَارِنا / كَما سَفَحَت عَيناىَ مِن نَأيِ دارِكِ
وَهَل شَفَّكُم يَومَ ارتَحلنا زِيالُنا / كَما شَفَّني يَومَ ارتَحَلتُم زِيالُكِ
فَواكَبِدِى مِن عِلمِ أَن لَم تُنَوِّلِى / وَمِن حُمُقِى لا أَنتَهِى عَن سُؤَالِكِ
وَواكَبِدِى أَلا أَضُمَّكِ ضَمّةً / إِلىَّ وَقَد نامَت عُيُونُ رِجالِكِ
وَواكَبِدِى مِن لاعِجِ الحُبِّ وَالهَوَى / وَمِن نُشبَتِى لافَكَّ لِى مِن حِبالِكِد
وَكُنَّا خُلَيطَى فِى الجِمالِ فَرَاعَنِى / جِمالِى تَوَلَّى نُزَّعاً مِن جِمالِكِ
أَلَم تَعلَمِى أَنِّى أُسِرُّ عَلاقَةً / وَاَنِّىَ ذُو القُربَى وَأَنِّى ابنُ خالِكِ
سَلِى هَل شَكا شاكٍ مِنَ النَّاسِ واحدٌ / كَشَكوَىَّ لا أُعطَى وَلا أَنَا تارِكُ
أَيابانَةَ الوادِى لَقَد أَشرَفَ العَدِى / عَلَينا يَفاعاً فاعلَمِى عِلمَ ذَلِكِ
ويابانَة الوادِى هَل أنتِ مُثِيبَةٌ / فُؤَادَ فَتىً أَعلَقتِهِ فى حِبَالِكِ
فُؤَادَ فَتىً صَبٍّ تَضَرَّعَهُ الهَوَى / إِلَيكِ وَيُعطَى هَيئةً مِن جَلالِكِ
ويا بانَةَ الوادِى أَلَيسَ بَلِيَّةً / مِنَ الأَمرِ أَن يُحمَى عَلَىّ ظِلالُكِ
أَيا رَبِّ أَدعُوكَ العَشِيَّةَ مُخلِصاً
أَيا رَبِّ أَدعُوكَ العَشِيَّةَ مُخلِصاً / لِتَعفوَ عَن نَفسٍ كَثِيرٍ ذُنُوبُهَا
قَضَيتَ لَها بِالبُخلِ ثُمَّ ابتَلَيتَها / بِحُبِّ الغَوَانِى ثُمَّ أَنتَ حَسِيبُها
خَلِيلىَّ ما مِن حَوبَةٍ تَعلَمانِها / بِجِسمِيَ إِلاّ أُمُّ عَمرٍو طَبيبُهَا
أَهُمُّ بِجَذِّ الحَبلِ ثُمَّ يَرُدُّنِى / تَذَكُّرُ رَيّا أُمِّ عَمرٍو وَطِيبُها
وَبَردُ ثَناياها إِذا ماتَغَوَّرَت / نُجُومٌ يَشِفُّ الواجِدِينَ غُيُوبُهَا
وَقَد زَعَمَوا أَنَّ الرِّياحَ إِذا جَرَت / يَمانِيةً يَشفِي المُحِبَّ دَبِيبُهَا
وَقَد كَذَبُوا لا بَل تَزِيدُ صَبَابَةً / إِذا كانَ مِن نَحوِ الحَبِيبِ هُبُوبُهَا
فَيَا حَبَّذَا الأَعراضُ طابَ مَقِيلُها / إِذا مَسَّها قَطرٌ وهَبَّت جَنُوبُهَا
مِنَ البِيضِ حَوراءُ المَدامِعِ طَفلَةٌ
مِنَ البِيضِ حَوراءُ المَدامِعِ طَفلَةٌ / يَشُوبُ بَياضَ الكفِّ مِنها خِضابُها
تَبَدَّت لَنا مِن بَينِ أَستارِ قُبَّةٍ / كَشَمس تَبَدَّت حِينَ زَالَ سَحابُهَا
فَخِلتُ وَمِيضَ البَرقِ عِندَ ابتِسامِها / وَقَد حالَ دُونَ الثَّغرِ مِنها نِقابُهَا
خَلِيلىَّ لَيسَ الشَّوقُ أَن تَشحَطَ النَّوَى
خَلِيلىَّ لَيسَ الشَّوقُ أَن تَشحَطَ النَّوَى / بإِلفَينِ دَهراً ثُمَّ يَلتَقِيانِ
ولَكنَّما الهِجرانُ أَن تَجمَعَ النَّوَى / وتُمنَعَ مِنّى أَن أَرَى وتَرَانِى
وَكُنّا كَرِيمَى مَعشَرٍ حُمَّ بَينَنَا / هَوىً فَحَفِظناهُ بِحُسنِ صِيَانِ
وَقالَ زَمِيلِى يَومض سالِفَةِ النَّقا / وَعَيناىَ مِن فَرطِ الهَوَى تَكِكفَانِ
أَمِن أَجلِ دارٍ بَينَ لُوذانَ والنَّقَا / غَداةَ اللِّوَى عَيناكَ تَبتَدِرانِ
فَقُلتُ أَلاَ لا بَل قُذِيتُ وَإِنَّما / قَذَى العَينِ مِمّا هَيَّجَ الطَّلَلانِ
فَيا طَلحَتَى لُوذانَ لا زالَ فِيكُما / لِمَن يَبتَغِى ظِلَّيكُما فَنَنَانِ
وَإِن كُنتُما قَد هِجتُما بارِحَ الهَوَى / وَدَنَّيتُما ما لَيسَ بالمُتَدَانِى
خَلِيلَىَّ إِنِّى قَد أَرِقتُ ونِمتُما / فَهَل أَنتُما بالمُتَدَانِى
فَقالا أَنِمتَ اللَّيلَ ثُمَّ دَعَوتَنا / ونَحنُ غُلاما شُقَّةٍ رَجِفَانِ
فَقُم حَيثُ تَهوَى إِنَّنا حَيثُ نَشتَهِى / وَإِن رُمتَ تَعرِيساً بنا غَرِضَانِ
خَلِيلَىَّ لَيسَ الرَّأىُ فِى صَدرِ واحدٍ / أَشِيرا عَلَىَّ اليَومَ ما تَرَيَانِ
أَأَركَبُ صَعبَ الأَمرِ إِنَّ ذَلُولَهُ / بِنَجرَانَ قَد أَعيا بِكلِّ مَكانِ
خَلِيلَىَّ مِن أَهلِ اليَفاعِ شُفِيتُما / وَعُوفِيتُما مِن سَيِّىءِ الحَدَثَانِ
أَلا يا احمِلانِى بارَك اللهُ فِيكُمَا / إِلَى حاضِرِ القَرعاءِ ثُمَّ ذَرَانِى
أَحَقّاً عِبادَ اللهِ أَن لَستُ ماشِياً / بِذِى الأَثلِ حَتَّى يُحشَرَ الثَّقَلانِ
ولا لاهِياً يَوماً إِلَى اللّيلِ كُلِّهِ / بِبِيضٍ لَطِيفَاتِ الخُصُورِ غَوانِى
يُمَنِّينَنا حَتَّى تَزِيغَ عُقُولُنا / وَيَخلِطنَ نمَطلاً ظاهِراً بِلَيانِ
مِنَ النَّاسِ حَتَّى تَزِيغَ عقُولُنا / وَيَخلِطنَ مَطلاً ظاهراً بِلَيانِ
خَلَيلَىَّ أَمَّا أُمُّ عَمرٍو فَمِنهُما / وَأَمَّما عَنِ الأُخرى فَلا تَسَلانِى
مَنُوعانِ ظَلاّمانِ لا يُنصِفانِنِى / بِدَلَّيهما والطَّرفُ قَد خَلَبانِى
أَفِى كُلِّ يَومٍ أَنتَ رامٍ بِلادها / بِعَينَينِ إِنساناهُما غَرِقا
بَرَى الحُبِّ جِسمِى غَيرَ جُثمانِ أَعظُمِى / بَلِينَ وَإِنِّى ناطِقٌ بِلِسانِي
بأهلي ومالي مَن جَلَبتُ لَهُ أذى
بأهلي ومالي مَن جَلَبتُ لَهُ أذى / وَمَن حَمَلت ضِغناً عَلَىَّ أقَاربُه
وَمَن هُوَ أهوَى كُلِّ مَن وَطِىءَ الحَصى / إِلىَّ وَيَجفونى ويَغلُظُ جانبُه
وَمَن لَو جَرى الشَّحناءُ بَينِي وَبَينَهُ / وَحارَبَني لَم أَدرِ كَيفَ أُحارِبُه
وَإِنّى لَيَثنينى الحَياء وَانثَنى / عَلَى مِثلِ حَدِّ السَّيفِ وَجداً أُغالبُه
مَخافَةَ أن تَلقى أذى مِن مَليكها / بأمرٍ يَرَى الواشونَ أنّىَ جَالبُه
أكرّ تقاضيهِ لأيَّةِ عِلَّةٍ / إِذا خَانَنى وَالِيكِ وَازورَّ جانبُه
خَلِيلىَّ إنّى اليَومَ شاكٍ إِليكما
خَلِيلىَّ إنّى اليَومَ شاكٍ إِليكما / وَهَل تَنفَعُ الشَّكوَى إِلى مَن يَزِيدُهَا
تَفَرُّقَ أُلافٍ وَجَولاَنَ عَبرَةٍ / أَظَلُّ بأَطرَافِ البَنانِ أَذُودُهَا
وَكائِن تَرى مِن ذِى هوىً حِيلَ دُونَهُ / وَمُتبِعِ إِلفٍ نَظرَةً لاَ يُعيدُهَا
نَظَرتُ بمُفضَى سَيلِ تُربانَ نَظرَةً / هَلِ اللهُ لي قَبلَ المَماتِ مُعيدُهَا
إِلَى رُجَّحِ الاَكفالِ غِيدٍ كَأنَّهَا / ظِباءُ الفَلا أَعناقُهَا وَخُدُودُهَا
ومُعتَصبٍ بالبَينِ حتّى تَدُلَّهُ / اَزِمَّةُ أَشطانِ الهوَى وقُيودُها
خَلِيلَىَّ شُدّا بالعَصائبِ وَانظُرَا / إِلى كَبِدى هَل بُتَّ صَدعاً عُهودُها
هَلِ اللهُ عافٍ عَن ذُنوبٍ تَسَلَّفت / اأَمِ اللهُ إن لم يَعُف عَنهَا يُعِيدُها
وهل يُؤثِمَنّى اللهُ إِن قُلتُ لَيتَنى / لِعَصماءَ بالِى حُلَّةٍ أَو جَديدُهَا
وكُنّا إِذا تَدنو بِعصَماءَ نِيَّةٌ / رَضِينا بدُنيَانا فلا نَستزِيدُها
وَما مُغزِلٌ أَدماءُ خَفّاقَةُ الحَشا / طويلٌ أَعالِى ذِى سُدَيرٍ مَرُودُها
رَماها رُماةُ النّاسِ حتّى تَمَنَّعت / عَلَى كلِّ رامٍ مِنهُمُ لا يَصِيدُهَا
بِأحسنً مِنهَا يَومَ جالَ وِشاحُها / واَحسنَ منها يَومَ جالت عُقودُها
مِن البِيضِ لاَ تَخزَى غِذا الرِّيحُ أَلزَقَت / بها مِرطَها أَو زايلَ الحَلىَ جِيدُها
أَيَا كَبِدَينَا أَجمِلا قَد وَجَدتُما
أَيَا كَبِدَينَا أَجمِلا قَد وَجَدتُما / بِأهلِ الحِمَى مَا لَم تَجِد كَبِدَانِ
إِذا كَبِدانا خافَتا صَرفَ نِيَّةٍ / وعاجِلَ بَينٍ ظَلَّتا تَجِبانِ
يُخَبِّرُ طَرفانا بِما فِى قُلُوبِنا / إِذا استَعجَمَت بِالمَنطِقِ الشَّفَتانِ
عَفا اللهُ عَن لَيلَى وَإِن سَفَكَت دَمِى
عَفا اللهُ عَن لَيلَى وَإِن سَفَكَت دَمِى / فَإِنِّى وَإِن لَم تَجزِنِى غيرُ عاتِبِ
عَلَيها ولا مُبدٍ لِلَيلَى شَكِيَّةً / وَقَد يَشتكِى المُشكَى إِلَى كُلِّ صَاحِبِ
يَقُولُونَ تُب مِن حُبِّ لَيلَى وَوُدِّها / وَما أَنا مِن حُبى لِلَيلَى بِتائِبِ
أَلاَ يا حِمَى وادِى المِيَاهِ قَتلَتنى
أَلاَ يا حِمَى وادِى المِيَاهِ قَتلَتنى / أَتاحَكَ لي قَبلَ المَماتِ مُتيحُ
رَأَيتُكَ وَشميَّ الثَّرى ظاهرَ الرُّيا / يحوطُكَ إنسانٌ عَلَىَّ شَحيحُ
هَلِ الحائمُ الحرّانُ مُسقىً بَشربَةٍ / مِنَ العّذبِ تَشفى ما بِهِ فتُريحُ
فَقالت لَعلَى لَو سَقَيتُ بِشَربَةٍ / تُخَبِّرُ أَعدَائِي بِها فَتَبوحُ
إِذن فأناخَتنى المَنايَا وَقادَني / إِلى مَجزَرٍ عَضبُ السِّلاحِ مُشيحُ
لَبِئسَ إِذَن مَلقى الكَرَاهَةِ سِرُّها / وإِنّى إِذن مِن حُبِّكُم لَصَحيحُ
إِذَا ذُكِرَت عِندِى أَئِنُّ لذِكرِها / كما أَنَّ وَقعِ السِّلاحِ جَرِيحُ
وَلِي كَبِدٌ مَقرُوحَةٌ مَن يَبيعُني / بها كَبِداً لَيسَت بِذَاتِ قُروحِ
أباها علي الناس لا يشترونها / وَمَن يَشتَرِى ذَا عِلَّة بِصَحيحِ
بَدا البَرقُ عُلوِياً فَلمّا تَصَوَّبَت / غَوارِبُهُ باتَت ذُرَاهُ تَلُوحُ
أَلاَ يا غُرَابَ البَينِ مِمَّ تُليحُ لي / كلامُكَ مَشنِىٌ وأَنتَ صَريحُ
فإِلاّ تَشُقنَا ذَاتَ يَومٍ فإنّهُ / سَتُعقِبُ خَطبَاءُ السَّرَاةِ صَدُوحُ
يَمانِيَةٌ هَبَّت بِلَيلٍ فَأَرَّقَت
يَمانِيَةٌ هَبَّت بِلَيلٍ فَأَرَّقَت / حُشَاشَةَ نَفسٍ قَد تَمَنَّى طَبِيبُهَا
أَبِينِى إِذا استُخبِرتِ هَل تَحفظُ الهَوَى / أُمَيمَةُ أَم هَل عادَ بَعدِى رَقِيبُهَا
هَلِ القَلبُ عَن ذِكرَى أُمَيمَةَ ذَاهِلُ
هَلِ القَلبُ عَن ذِكرَى أُمَيمَةَ ذَاهِلُ / نَعَم حِينَ يَمشي بى إِلى القَبرِ حَامِلُ
بِنَفسِىَ مَن لا تَقنَعُ النَّفسُ دُونَهُ / وَمَن لاَ يَنالُ النُّجحَ فيه العَوَاذِلُ
وَمَن لَو رَآنى بَينَ صَفَّينِ مِنهُمَا / صَدِيقي وَمُستَولِى العَدَاوَةِ باسِلُ
لَخَذَّلَ إِخوَانى إِذا ما رَأَيتُهُ / عَلَىَّ مَعَ القَومِ الَّذِينَ أُقَاتِلُ
وَلَو جِئتُ أَستَسقى شَرَاباً وَعِندَهُ / عُيُونٌ رَوِيّاتٌ لَهُنَّ جَدَاوِلُ
صَدِياًّ لَمَا قالت ليَ اشرَب وما دَرَت / أَفى العامِ أَروى أَم إِذا عَاد قابِلُ
حَلَفتُ لَها أَن قَد وَجَدتُ مِنَ الهَوَى
حَلَفتُ لَها أَن قَد وَجَدتُ مِنَ الهَوَى / أَخا المَوتِ لا بِدعاً وَلا مُتَأشِّبَا
وَقَد زَعمَت لي ما فَعَلتُ فَكَيفَ لِي / إِذا كُنتُ مَردُودَ الكَلامِ مُكَذَّبَا
فَلَو كُنتُ أَدرِى أَنَّ ما كانَ كائنٌ
فَلَو كُنتُ أَدرِى أَنَّ ما كانَ كائنٌ / حَذِرتُكِ أَيّامَ الفُؤَادُ سَليمُ
ولكن حَسِبتُ الصُّرمَ شَيئاً أُطِيقُهُ / إِذَا رُمتُ أَو حاوَلتُ أَمَّ عَزِيمُ
أَخا الجِنِّ بلِّغهَا السَّلاَمَ فإِنّنى / مِنَ الإِنسٍ مُزوَرُّ الجناحِ كَتُومُ
أخا الجِنِّ لاَ نَدري إِذَا لم يُدِم لنا / خَليلٌ صفاءَ الوُدِّ كيفَ نُدِيمُ
وَلا كيفَ بالهِجرَانِ وَالقَلبُ آلفٌ / وَلاَ كيفَ يَرضَى بالهَوَانِ كَرِيمُ
وأَنتِ التى كلَّفتِنى دَلجَ السُّرَى / وَجُونُ القَطا بالجَلهَتَينِ جُثومُ
وَأنتِ الَّتى قَطَّعتِ قلبى حَزَازَةً / وَقَرَّفتِ قَرحَ القَلبِ فَهوَ سَقِيمُ
فَلَو أنَّ قَولاً يَكلَمُ الجِسمَ قَد بدَا / بِجِسميَ مِن قَولِ الوُشَاةِ كُلومُ