المجموع : 19
سلوها لماذا غير السقم حالها
سلوها لماذا غير السقم حالها / ترى شغفت حبا والا فما لها
تبدل ذاك الورد بالورس وانطفا / سناها ورقت فهي تحكي خيالها
اظن هوى الغزلان قد هد حيلها / فاني رأيت الريم يوماً حيالها
تناجيه سراً وهي في زيّ واله / فخلت أخاها كان أو كان خالها
فيا حب غلغل في صميم فؤادها / ويا رب لا تعطف عليها غزالها
ويا حبها باللَه كن متدللاً / وزدها كما كانت تزيد دلالها
وبالغ رعاك اللَه في طول هجرها / فكم هجرت صبا يروم وصالها
وكم من عليل في هواها لقد قضى / غراماً وما القت لبلواه بالها
وكم من عزيز ذي اباء ونجدة / فلو مدّ باعاً للنجوم لطالها
دعاه هواها واهي العزم باليا / ذليلاً فولى وهو يشكو ملالها
ولكن ارحها بعض حين فانني / شمت بها والقلب يأبى زوالها
ومن حب لم يبغض ولو حب هاجرا / فقد رق قلبي مذ رأيت هزالها
عسى أنها من بعد ان ذاقت الهوى / تنوح على من كان يهوى جمالها
وتذكر اذ كانت وللحسن عزة / ترى مهج العشاق صرعى قبالها
فتبكي زماناً فيه ابكت بصدّها / عيوناً تولاها الاسى فأسالها
ولعت بها حيناً من الدهر لم أفز / بساعة لطف كنت أرج نوالها
ولو عطفت يوماً علي بزورة / لقبّلت حتى بالعيون نعالها
ولكنها جارت وللجور عودة / على اهله لن يستطيعوا نزالها
صبرت عليها صبر حر فلم يفد / ولو رامها ذو خدعة لاستمالها
ولمّا بلغت اليأس من نيل وصلها / فررت بنفسي لا عليها ولا لها
وقلت لقلبي وهو يذكر عهدها / رويدك هذى بغية لن تنالها
تركت هواها واشتغلت بغيرها / ومن قطعت حبلي قطعت حبالها
طلعن بدورا في دجى الفاحم السبط
طلعن بدورا في دجى الفاحم السبط / ومسن غصونا تزدري بقنا الخط
طوالع حسن أسعد الله طالعي / بهن ولكن صير السقم من قسطي
طغى عاذلي باللوم فيهن ضلة / فأصبح كالعشواء تجهد بالخبط
طرحت ورائي نصح كل مفند / بهن وقابلت العواذل بالسخط
طففت أناجي النجم فيهن إذ غدت / تذكرني جوزاؤه أنجم القطر
طر وبابسهدي والخليون نوم / ومثلي من رام الصواب فلم يخطى
طفحت بحب الغيد من خمرة الهوى / ونزهت أقداحي عن المزج والخلط
طربت بهتكي في هواهم وإنما / التهتك في صدق الهوى أول الشرط
طويت رداء النسك طوعا بحبهم / وألبست من نسج الضنا سابغ المرط
طمعت يعطف منهم لشكيتي / فأوجزت شكوى لا تحاول بالبسط
طلبت مزيدا إذ حبوني بنظرة / فجوزيت منهم بالتباعد والشحط
طمحن إلى قتلي بسود عيونهم / وإن سهام الليل يا سعد لا تخطى
طرحت لها أفلاذ قلبي وإنما / سويداؤه صينت بحب بني السبط
طراز الهدى آل الحسين وحسبكم / بمن هم لا جياد العلى درر السمط
طبعت على الإخلاص في حبهم ولي / بهم خير شيخ في البرية بالضبط
طبيب قلوب السالكين غياثنا الر / رفاعي فرد القوم في الحل والربط
طويل نجاد الغوث أحمدنا الذي / غدا لطريق الرشد أكرم مختط
طلاب الهدى من بابه قرب المدا / علينا وعاينا السداد فلن نخطي
طريقته الزهراء نور وحبه / شفاء لمعتل وقرب لمشتط
طحنت بهم عظم الوساوس عندما / ترشفت من أكوابها خيرا سفنط
طبائعه الغراء قد طبعت على الت / تواضع والإحسان والعدل والقسط
طباق علاه جاوزت ذروة العلى / سموا فجل الله من واهب معطي
طما جوده بين الخلائق واغتدى / ندى الغيث عن جدواه أحقر منحط
طفوح نداه كاشف كل غمة / إذا اغبرت الأقطار بالجدب والقحط
طرقت حمى علياه والهم شائل / بقلبي وقد أضناه بالشيل والحط
طردت عوادي الدهر عني بحبه / وصنت فؤادي من ثعابينها الرقط
طبعت هواه في مهارق مهجتي / وكان ثناه نقطة الحسن في الخط
طلول رجائي آهلات به وكم / عوائد جود منه نحوي لن تبطي
طنوب السخا مدت لديه وإنه / لأكرم من يرجى وأسمح من يُنطي
رمتني عوادي الدهر لا در دَرها
رمتني عوادي الدهر لا در دَرها / بقرقِ كليسا وهي في آخر الملك
نفاني إليها الظالمون تجنياً / علي بلا جرم جنيت ولا افك
غدوت بها كالطير في القفص انزوى / مهيض جناح واجاً الم الضنك
بعيداً عن الأوطان والأهل لا أرى / شفيقاً إليه تضحك النفس أو تبكي
إذا صاح فيها الديك أنكرت صوته / فأحسب هندياً يؤذن بالتركي
فما تسمع الآذان إلا رطانة / من الروم أولى عند سمعي بالتركِ
اطوف نهاري خائضاً تيه سوحها / وقلبي عن نار الأسى غير منفك
وان جن ليلي قلت للنجم ان تكن / انيساً لمثلي فادنُ واستملِ ما احكي
فلم القه إلا كزرق نواظر / يلاحظني شزراً كمن يرتجي هلكي
فأصرف عنه الطرف حتى كأنني / توخيت معنى لا يلائمه سبكي
واطوى على جمر واغضي على قذى / ولا اشتكي ضيماً فما ثم من يشكي
لكل امرئ في العيش شأن ومشرب
لكل امرئ في العيش شأن ومشرب / وحلم به تصفو الحياة وتعذب
ومن لم يُعود حالة عاش دونها / ومؤتلف العادات في الناس يُطلب
فلا القول في فضل الحضارة يزدري / ولا هو في فضل البداوة يغلب
ففي الحضر العيش الهنئ ميسر / وما عز فيه قط للرزق مطلب
وأنواع خيرات الوجود لأهله / تُساق ولذات النعيم تُسبسب
ولكن إذا ما أدرك الضيم بلدة / وجار عليها جائر متغلب
وأفسدت الأخلاق في غيبة التقى / ولم يُحترم دين هناك ومذهب
واضحى الفتى عبداً لشهوة نفسه / وأولع بالدنيا شباب وشيب
وعم الورى طرا كما في زماننا / بلاء وضنك فالحضارة عقرب
فما يستفيد الحر لو أن داره / جنان نعيم وهو فيها معذب
وما تنفع الأوطان من كان قلبه / بهنَّ على جمر الغضا يتقلب
هنالك ترنو للبداوة أنها / أعز وأهنا والموارد أعذب
يعيش بها الإنسان حراً منعما / بفيفاء فيها العز ضيف مطنب
إذا أمحلت شد الرحال لغيرها / وان أقبلت فالعيش طرز مذهب
وان أوبأت أو أن تعكر ماؤها / تنحى لأخرى ليس يُعييه مذهب
ومن تُتحّمل داره فوق عيسه / متى شاء لم يعجزه في الأرض مهرب
فلا يشتهي ما ليس يُهديه حاضر / لباد ولا يعدوه ان عن ربرب
ولا يُبتلى يوماً بظلم حكومة / وذل به أهل الحضارة تُنكب
وان رامه أعدى عدو بغارة / فحاكمه العدل الحسام المشطب
إذا قيل هم لم يحرزوا كل نعمة / إلى الحضر المرزوق تُجنى وتجلب
فقد عوضوا عنها القناعة والرضى / فليس لهم فيها هموم ومأرب
ويكفيهم واللَه كاف عباده / إذا امطروا في كل عام فأخصبوا
تدر مواشيهم وتزهو ربوعهم / ويكنفهم عزّ الحياة المحبب
أذكر اخواني عسى تنفع الذكرى
أذكر اخواني عسى تنفع الذكرى / وأرجو بهم في العسر للوطن اليُسرا
وما هي إلا همة من كرامهم / يشقون في ليل الأماني بها فجرا
فهيا بني الفيحاء للعم وانهضوا / بناصره تستوجبوا الحمد والشكرا
وغذوا بها أبناءكم لحياتهم / فما عاش ميت الجهل مهما يطل عمرا
اقيموا صدور العزم واحتملوا الونى / فكم راحة في طيه تشرح الصدرا
وجودوا ببذل المال في كل صالح / لأوطانكم تجنوا بها الراحة الكبرى
وجدوا لأحياء العلوم فإنها / لبالروح لا بالمال يجدر أن تشرى
بها تدفع البلوى بها تبلغ المنى / بها تدرك الدنيا بها تحرز الأخرى
بها سبق الغرب البلاد بشوطه / ومن عجب ان لم يسر شرقنا فترا
فان لم يقم أبناؤه بحقوقه / فمن ذا الذي يرثي لمقلته العبرى
وهل قام مجد الغرب إلا بأهله / وقد قتلوا الأيام في كدهم صبرا
هم القوم قد جدوا فنالوا وأوجدوا / فطالوا وردوا عين حاسدهم حسرى
أقاموا بأفعال البخار عجائباً / بها ذللوا البحر المطمطم والبرا
وكم أحدثوا بالكهرباء غرائباً / فتحسب ان الكهرباء حوت سحرا
مناطيدهم كالطير تسبح في الفضا / تحاول في أوج السماء لها وكرا
وأبراجهم في البر تشمخ رفعة / كأسطولهم في البحر إذ يمخر البحرا
وقد أحرزوا كل الصنائع فاجتنوا / متاجرنا واستنزفوا مالنا طرا
وشادوا كما شاؤا لها من مصانع / بها استنزلوا شم الصعاب لهم قسرا
وبالشركات استسهلوا كل معجز / تنوء به الأفراد فاغتنموا الفخرا
وفي كل شيء نحن في حاجة لهم / ولو ابرة فيها نخيط لنا سترا
غدونا نباهي بالحدود وليتنا / قفونا لهم في بعض ما بلغوا أثرا
بني وطني ما ذا التكاسل كله / وما عذر من قد أحرز المال والوفرا
اتخشون فقرا بعدكم لبنيكم / أعيذكم ان تسلكوا الخطة البترا
فما الفقر كل الفقر إلا لمفلسٍ / من العلم مهما كان في ماله أثرى
وماذا الذي يلهيكم عن صنائع / تشاد لها في الثغر مدرسةٌ كبرى
تنالون من خيراتها ريع مالكم / ويحيى فقير بينكم جاع واستعرى
أخا العرب نبّه قومنا العرب النجبا
أخا العرب نبّه قومنا العرب النجبا / فقد طال ما ادعو ولم أر من لبّى
يجيبون داعي اللهو ايان ما دعا / وان عوتبوا القوا على الزمن الذنبا
ويعزون للأقدار فقد نجاحهم / واني أرى الأقدار من جهلهم غضبى
أثرهم فإن الشرق من طول نومهم / أضاع الرحى والغرب يكتشف القُطبا
تولّى زمان الخيل والسيف والقنا / وجاء زمان العلم يستشرف الشهبا
الم يبصروا ما أوجد العلم في الورى / لأهليه من خير أدام لها الخصبا
تحرّوا كنوز الأرض واقتحموا السما / وابدوا من الأعمال ما يدهش اللبا
ولم يكفهم سيارة تنهب الفلا / فجاؤوا بطيارتهم تخرق السحبا
ومن كل فن احرزوا كل غاية / وما زال فضل الاختراع لهم دأبا
ونحن على ما نحن ما هزّ غيرةً / تقدّمهم منا ولا حرك القلبا
نفاخر بالعظم الرميم وما لنا / سلاح إذا جار الزمان سوى العُتبى
لعمرك لو عاش الكرام الألى بهم / نفاخر من أسلافنا العَرَب العَربا
لما سرهم أنا بنوهم ولم يروا / لنا عملاً يرضي الفضيلة والربا
اليس من الإيمان ان ينهض الفتى / باوطانه دوماً ويوسعها حبا
أضعنا جميع الواجبات ولم يدع / لنا جهلنا إلا الشكاية والندبا
على أنني لم أخل لليأس موضعا / بقلبي ولا يوماً ألنت له الجنبا
فكم تحت أستار الخطوب فوائد / وما ساء خطب وخزه أيقظ الشعبا
وإني أرى لا خيّب اللَه ما أرى / بصيصاً من الآمال قد زحزح الكربا
أرى في شباب اليوم للعلم نهضة / تقول بأن العزم عن طوقه شبا
ويطربني النشء الصغير مُغادياً / مدارسه يمشي على طرقها وثبا
واحسبه عند الرواح حمائما / تناغي وتهوى نحو أوكانها سِربا
حمدت تباشير الحياة التي بدت / وشمت بها بُعد الأماني غدا قربا
تبشّرنا ان سوف ترسل نورها / على شرقنا الشمس التي أحيت الغربا
على القدم الجيلي مرغت وجنتي
على القدم الجيلي مرغت وجنتي / فزاحمت أفواه النجوم ولا غروا
هو الغوث عبد القادر الفرد من به / قد استمسك الأقوام بالسند الأقوى
هو العلم الخفاق بالفضل والسخا / هو الفلك الأندى هو المنهل الأروى
أجل رجال اللَه في منتدى العُلى / مقاماً وخذ مني على ذلك الفتوى
تزاحم وفد العارفين بنهجه / سراعاً ولم يبلغ له أحد شأوا
مآثره في جبهة الدهر غُرة / فلا ذكرها يبلى ولا صحفها تطوى
فصغ من معاني مجده جوهر الثنا / ودع عنك ذكرى مبسم الرشأ الأحوى
سليل بني الزهرا وللّه نسخة / لقد قوبلت بالاصل في اللفظ والفحوى
بنى للهدى بيتاً علت شرفاته / وصين بعز ما اخال له صنوا
ومد على عرش الرسوخ سرادقا / كأن على اعماد اطرافه رضوى
واوضح في وعر السلوك طريقة / غدا كل سعي زل عن نهجها لغوا
وخُصَّ بسر لا يحيط بكنهه / وحقك إلا عالم السر والنجوى
وكم رد للنهج القويم عصابة / ولولاه مازالوا من الجهل في مهوى
إذا استهوت الدنيا فؤاد مريده / ببهرجها أو أوهمت مرها حلوا
وكاد بأن يهفو لزخرف حسنها / على أنه ما من فتى يأمن الهفوا
تكنفه من سره بحماية / فاصبح لا يخشى عثاراً ولا كبوا
وان حاول الدهر اهتضام نزيله / دحاه بعزم لا يمل ولا يضوى
ويختطف العادي إذا همّ نحوه / كما يخطف البازي بمخلبه الصعوا
امام به تُزهى المعالي وتزدهي / على أنه لا يعرف العجب والزهوا
تخطى بشوط العزم أعلى مكانةٍ / من المجد أضحى كل مجد لها تلوا
وجاد بحب اللَه جل جلاله / بنفس عن الاغيار ما برحت خلوا
ففاز بكأس الانس في حانة الرضا / وجاز مقام السكر فارتشف الصحوا
وحلق في أوج الدنو إلى مدى / لقد تركت ما دونه في العلى محوا
واصبح في بحبوحة الوصل راعاً / ونال من الاحسان والفضل ما يهوى
أبا صالح عطفاً علي فانني / اسير ذنوب بلبلت قلبي الاهوا
وما نلت من صفو اللذائذ في الصبا / سوى حسرات شبن بالكدر الصفوا
وبرد شبابي قد وهى اذ رفوته / بغير التقى حتى غدا كله رفوا
فيّممت يا غوثاه بابك راجياً / بجاهك عند اللَه ان امنح العفوا
فلو تلو عني جيد عطفك سيدي / فجيد افتقاري نحو غيرك لا يلوى
وراقصة هاجت بنا حركاتها
وراقصة هاجت بنا حركاتها / لواعج نفس ما لهن سكون
لقد صاغها من عنصر اللطف من إذا / أراد مراداً قال كن فيكون
لها مقلتا ريم وقد أراكة / وطلعة شمس والهلال جبين
تناءى وتدنو نحونا عند رقصها / فتقسو علينا تارة وتلين
تمد ذراعيها وتخطر تارة / وفي معصميها للحلي رنين
كما نشر الطير الجناحين صادحاً / على الروضة الغناء وهو ركين
وتقفز حيناً مثل ظبي مروع / على غرة منه دهاه كمين
وتحكي قضيب البرق ساعة تلتوي / فليس تباريها قنا وغصون
ولو مال غصن البان ميلة عطفها / تردى فهل يا عطف أنت عجين
فنون من الرقص البديع تهزنا / وكم كان في تلك الفنون فتون
وكم أدهشت منا العقول رشاقة / لها البرق خدن والنسيم قرين
أشاهد معناها بكل جوارحي / كأن حواسي كلهن عيون
يقولون لا تبك المنازل واصبر
يقولون لا تبك المنازل واصبر / فرب اغتراب كان جرعة سكر
ورب حسامٌ فارق الغمد قد غدا / بجوهره يزهو على كل جوهر
وما الأرض إلا منزل واحد لمن / يراها بأنظار الحقيقة فانظر
فقلت لهم ما الاغتراب هو الذي / شجاني فلم أملك جميل التصبر
ولكنه نأي الحبيب وفرقة ال / أليف وفقد الصاحب المتخير
ولوثة تغريب على غير ريبة / ولست بذي ذنب ولا سوء مخبر
واني أرى ان الغريب وان يكن / بأوطانه أهل احترام ومظهر
يعود ذليلاً بين من يجهلونه / ويغدو زرياً لا يروق بمنظر
ولا سيما من كان مثلي مبُعَدا / يُقال به لم يُنف لو لم ينفر
اقول لمن قد أوسعونا شماته / ولم يفهموا معنى القضا والمقدر
لو أنكم لاقيتم بعض ما به / دهينا لهنتم بعد كل تجبر
وان تك لاقينا الشدائد كلّها / وصالت بقِرضاب علينا وسمهري
فلم يُبل منا حادث الدهر قيمة / ولم تنأ عنا شيمة المتصبر
ولا حط من أقدارنا النفي إنما / هو الدر منظوماً كدر منثر
وما نحن في تلك النوائب كلما / ذكت نارها إلا كعود بمجمر
فانا اناس لا نذل لمعتد / ولو سد عنا كل ورد ومصدر
صمدت لأسياف الخطوب وما سوى / تقى اللَه والتسليم درعي ومغفري
فلو كشفت حجب الهياكل شمتها / على درع صبري كالقنا المتكسر
ألا يا زمان السوء حسبك ما جرى / علينا من العدوان منك فأقصر
أهجت علينا كل باغ مكشر / وأطمعت فينا كل طاغ مشمر
وحكمت قوما لا خلاق لهم بنا / توخوا من الاعمال كل منفر
تمادوا بأهواء النفوس وما اعتنوا / بحكم النهى أو حكمة المتفكر
وفاروا على نار من الحقد أُضرمت / فجاروا ولكن فوق حد التصور
حُثالة ناس لا حياء ولا تقى / وليس لهم أصل ولا عرق مفخر
كأنهم قد أنشئوا من ثرى الخنا / ولم يخلقوا إلا لخمر وميسر
فحتى متى يا دهر نصبر أننا / غدونا على جمر الهوان المسعر
فقد طال ما بالغت بالضر فاتئد / وان زدت تنشق العصا ويك فاحذر
فإن هناك النار يذكو ضرامها / ويخشى بأن تردي مع الآثم البري
يقولون لي ما بالُ شعرك لم يزل
يقولون لي ما بالُ شعرك لم يزل / حزيناً كصب دمعه يترقرق
يبلبل قلب السامعين كأنما / بأشطره ناح الحمام المطوق
فما هذه الألحان إلا لعاشق / ومثلك بعد الشيب هيهات يعشق
فقلت سأجفو الشعر ان كان فاضحاً / لسري فخلوني بحالي وارفقوا
إذا ما أدعى السلوان من شاب في الهوى / ليكتمه ايّاكُمُ ان تصدّقوا
سلوا من اقامت بالقوام المهفهف
سلوا من اقامت بالقوام المهفهف / غرامي اما للغصن طبع التعطف
فما بالها لا حيَّر اللَه بالها / تحيرني بالوعد مطلا ولا تفي
يلذ على قلبي الملام لذكرها / فباللَه زدني في الهوى يا معنفي
إذا ذكرت فارت دموعي ولوعتي / فلا هذه ترقى ولا تلك تنطفي
وما نلت منها عند منعرج اللوى / سوى نظرة في حسرة وتلهف
ولما تناجت مع فؤادي لحاظها / تحيّرت الأعضاء في سرنا الخفي
فخضنا بأسرار التناجي كأنما / أدرنا على الأحشاء أكواب قرقف
وقلت لها والركب حوَّلَ للسرى / رؤوس المطايا هاتي روحي اوقفي
قفي زوديني يا ظلوم بنظرة / لعلي بها قبل التفرق اشتفي
فما كان إلا لفتة بتكلف / وما عُد في الأعمار عيش التكلف
نأت وبنا من سحر مقلتها الوسنى
نأت وبنا من سحر مقلتها الوسنى / غرام يصد النوم ان يطرق الجفنا
نفورٌ نفت عنا الرقاد بينها / فيا ليت ذاك الحسن يشفع بالحسنى
نود سلوا كلما شفنا الهوى / وألحاظها تدعو القلوب هلمّنا
نبية حسن بالظبى من جفونها / دعتنا فأسلمنا النفوس وآمنا
نهيم بفرع نحو وردة خدها / دنا فتدلى قاب قوسين أو أدنى
نحنُّ لها وجداً ونشكو ملالها / وكم دِنف منا إذا ذكرت أنا
نلام عليها في الغرام وربما / شفى اللوم ان تذكر به كبدا مضنى
نطيب بذكراها وتحيى قلوبنا / فهلا نهيت الطير أن يعشق الغصنا
نهيت فؤادي أن يهيم بقدها / فهلا نهيت الطير أن يعشق الغصنا
أفاطم لم تدرين ما فعل الحبس
أفاطم لم تدرين ما فعل الحبس / بجسمي وقد غالى به الضعف والنكس
لأبصرت شيخاً أوهن الدهر عظمه / وقد أزهر الفودان واشتعل الرأس
إذا جنه الليل استفاق إلى البكا / فأدمعه راح وراحته كأس
وبات يناجي الليل في شرح حاله / وهل في نجوم الليل للجرح من يأسو
على سجنه الحراس يخشى سفاههم / فوا أسفا ان يحصر الأسد النمس
إذا رام شكوى أعوزته يراعه / وقد منعت عنه المهارق والطِرس
وطوراً يزيد الضغط حتى لو أنني / توخيت لمس الباب ما رخص اللمس
وليس يطاق الحبس لو كان جنة / سماواتها نور وساحاتها قُدس
لقيت تصاريف القضا بشكيمة / إذا لم أهن لانت وان اضطهد تقسو
وعودت حمل النائبات فلم يكد / يكل لدى البأساء عزمي والبأس
ولم لا وقومي بالنجابة في الورى / لقد عرفوا والفخر من كأسهم يحسو
أقاموا عماد العلم والفضل وانتهى / إليهم عفاف النفس والخلق السلس
وشاد أبو حفص لهم بيت سؤدد / له الدين سقف والصلاح له أس
وكان لهم منه مدى الدهر غيرة / يقصر عن أدراك سلطانها الحدس
وكل عدو مسهم باذية / يعود عليهم بالردى ذلك المس
فقل للألى جاروا علينا تمهلوا / قليلاً سيدري المعتري لمن التعس
أتيتم من الأسواء ما لو تسطرت / تلهبت الأقلام واشتعل الطرس
رقصتم كما شءتم وكم من رواقصي / دهتها الليالي قبل أن ينتهي العرس
هو الدهر لا يبقى على حالة فما / ترى أخضرا الا وينتابه اليبس
ومن عادة الدنيا تدور بأهلها / فدور الرخا لا بد يعقبه البؤس
ولا بد للأفلاك من دورة بها / تغل يد العادي وينكسر الفأس
وكل امرئ يجزى بأفعاله فما / جنى غارس إلا الذي يُثمر الغرس
بعثت رسالات الدموع السواكب
بعثت رسالات الدموع السواكب / لمرسلة العقدين فوق الترائب
بعيشك يا من صاغ مرجان عقدها / متى كانت الأفلاك حمر الكواكب
بصرت له من تحت آخر لؤلؤا / فجارت دموعي الحمر بيض السحائب
بدت لي مرخاة الذوائب تزدري / بياض العطايا في سواد المطالب
يا لحاظها هام الفؤاد صبابة / فيا لجريح مغرم بالقواضب
يرى حبها جسمي العليل وأوشكت / تفيض حياتي من جفوني النواضب
بلوت بنار البين يا ابنة يعرب / فؤادي فلأنت للمنون جوانبي
بربك عودي أو فجودي بنظرة / بها يشتفي دائي وتصفو مشاربي
بعادك والدهر الخؤون تجمعا / علي فضاقت يا أميم مذاهبي
بجدك يا حادي الركائب خلها / تمد خطاها في صدور السباسب
بها مثل ما بي من أليم تشوق / أطار فؤادي نحو أرض الحبائب
بسعدى إن أدركت أم عبيدة / قبيل مماتي قدر نهلة شارب
بها تكشف البلوى بها يثمر الرجا / بها تقطف الآمال زهر الرغائب
بحيث رواق العز مدت ظلاله / بحيث ذيول الغيث خضر المساحب
بحيث الإمام ابن الرفاعي ضارب / سرادقه فوق النجوم الثواقب
بسيم ثنايا الجود والدهر عابس / منيع الحمى والموت بين المضارب
به افتخرت في الناس آل رفاعة / كما افتخرت بالمصطفى آل غالب
بأعتابه نلت السعود وطاب لي / رحيق الأماني من ثغور المواهب
براهينه الغراء في كل خارق / غدت كاحورار في عيون الغرائب
بعليا اسمه أمشي على الجمر آمنا / ويحلو ارتشافي من سموم العقارب
بسرك يا شيخ العواجز نتقي / حراب المنايا في أكف النوائب
بلثم يد الهادي بلغت كرامة / غدت جوهرا فردا بسلك المناقب
بها خصك المولى وتلك إشارة / بأنك فرد الأولياء الأطايب
بباهر سر من طريقتك التي / أزالت غيومي بل أنارت غياهبي
بعدت عن الأغيار وانكف خاطري / وأصفيت كأسي من جميع الشوائب
بها اعتضت عن حب الغوادر وانطوت / سهام المآقي في قسي الحواجب
بمدحك أرقصت اليراع بأنملي / وفاضت حظوظي من خطوط الرواجب
بنيت بيوت الشعر آهلة الذرى / بمعناك فاستزرت خدور الكواعب
بحبك لم يبرح رضا الله شاملي / فحبك ديني والثناء مذاهبي
سريت بها والليل داجي الحنادس
سريت بها والليل داجي الحنادس / وللوجد في الأحشاء شعلة قابس
سبوح بقاموس الظلام كأنما / قوائمها هوج الرياح الدواهس
سلكت بها وعر الفدافد فانبرت / تكر على الغبراء كرة داحس
سلى جسمها طول الكلال فأصبحت / وأعضاؤها مثل الطلول الدوارس
سلوتي عنها ما الذي قد أهاجها / ونبه منها كامنات الهواجس
سرى بعض ما بي يا أميم لها فلا / وجدك لم تصبر لتلك النواخس
سعير غرام في سحاب مدامع / وسهد طويل في ليال دوامس
سئمت من البين المشت وإن لي / لصبر بسيما في الخطوب العوابس
سلوا عن دمي سهم العيون فما جنى / علي سوى سهم العيون النواعس
سكارى أراد الحسن إنفاذ حكمها / فساعدها سمر القدود الموائس
سلبت بها يا سعد مصطبري فما / أشد عنائي في الظباء الأوانس
سبين فؤادي بالدلال فمن رأى / ظباء لها الآساد بعض الفرائس
سواحر ألحاظ مراض وإنها / على ضعفها تردى ليوث الفوارس
سفرن بدو راقي ليال سوالف / أرتنا ملوك الحسن سود الملابس
سلام على تلك الجآزر كم كوت / قلوبا وشلت دونها كف لامس
سألن وقد أقلعت عنهن عندما / أبحن رضابا دونه ألف حارس
سلوت لحاك الله أم ملت للسوى / فقلت مقال المستعز المنافس
سلوت الهوى لما تعلق خاطري / بمدح الرفاعي ملتجى كل بائس
سليل أجل المرسلين وخير من / بأخلاقه افترت ثغور النفائس
سما بين أهل الله فضلا وسوددا / ودانت لعلياه قروم الأشاوس
سرى سره في كل فج وأشرقت / شموس هداه في جميع الأمالس
سواطع في أوج القلوب فكم جلت / مشارقها منها ظلام الوساوس
سعى من طريق الذل لله فانتهى / لعز تلاشى عنده ملك فارس
سطا بأسه في الكائنات وطأطأت / لهيبته غير الأسود القناعس
شددت طريق الخطب عني بحبه / وذللت أخطار الزمان المعاكس
سعيت إلى أعتابه بمدائح / زهت بحلى أوصافه كالعرائس
سوائر في أوج الثناء كأنها / نجوم ولكن نزهت عن مجانس
سبت بشذاها كل عطر وأوشكت / تنشقها الآذان قبل المعاطس
سعدت بها يا سعد إن هي أحرزت / رضاه وطابت بالقبول مغارس
ألا كل نفس للمنون مصيرها
ألا كل نفس للمنون مصيرها / ولو شيدت بين النجوم قصورها
ولو تفتدى نفس بأخرى لفديت / بأرواحنا نفس عزيز نظيرها
فرب رجال في الأنام بقاؤها / حياة لقوم بالفداء سرورها
ولكن أمر الموت حتم على الورى / تساوى به مأمورها وأميرها
واجسامنا تهوى المعاد لأصلها / ومهما تزكّت فالتراب طهورها
خليلي هلا تسعداني بعبرة / فقد نضبت عيني وجف مطيرها
تخيلت قطرات الدموع من الأسى / جماراً تلظى فوق خدي سعيرها
خليل هل بعد الإمام أبي الهدى / يبيت سخين العين وهو قريرها
مضت تلكم الآمال وانصرم الرجا / وصوح من روض الأماني نضيرها
مضى العلم المنشور للرشد وانطوت / سماوات فضل غاب عنها منيرها
مضى العيلم المقصود للري والندى / إذا اشتد بالهيم العطاش حرورها
فيا لك خطباً يرزح الصبر تحته / تداعت له العلياء وانهدَّ سورها
وقامت به في الخافقين مآتم / اصمّ صماخ الفرقدين نفيرها
تسلسل عن بيت النبوة سيدا / به قضيت للمكرمات نذورها
إذا عد اشياخ الهدى فهو شمسهم / وان عدت الاشراف فهوغيورها
تسامت طريق ابن الرفاعي في الورى / به عزّة واختال فيه سريرها
فوا أسفا ان يفقد الدين مثله / إذ الناس تغلي بالخلاف قدورها
تمالأت الأيام حسب طباعها / عليه واحمى شفرة الغدر كيرها
فاوسعها صبراً وما ازداد خبرة / ولن يغلب الأيام إلا خبيرها
هو العمر ما تصفو لياليه كلها / إذا ما حلت يوماً تلاه مريرها
ومن خُلق الدنيا امتحان كرامها / ولكن بظل الصبر يندى هجيرها
على ان ابطال التوكل مثله / سواء لديهم سجعها وزئيرها
ولما تغالت واستطار شرارها / تولى وخلاها تفور شرورها
واعرض عن زور الأماني عندها / فلا كانت الدنيا ولا كان زورها
وما حزن ثكلى افقد الدهر فذها / فأوحش مغناها واقفر دورها
وراحت ومغداها الاسى ومراحها / عشياتها ويل وليل بكورها
بأعظم من حزني عليه وإنما / يظن خليا في الرجال صبورها
جدير بقلبي ان يذوب لفقده / وحق لعيني ان تفيض بحورها
وما يذكر المعروف إلا أخو وفا / ولا ينكر النعماء إلا كفورها
ولعت زماني في مدائحه التي / تناغت بها بين الأنام صدورها
وكنت أصوغ الدر فيه تهانيا / يطيب بعرنين الكرام عبيرها
فويح فؤادي ان يكون مراثياً / تخط وتمحى بالدموع سطورها
كأن بيوت الشعر شاطرنني الأسى / فقد أوشكت تعصى علي شطورها
سرى لجوار اللَه يرفل بالتقى / وفارق دنيا لم يمله غرورها
فيا رب روح بالمراحم روحه / وزده من الآلاء فهو جديرها
نأت وبنا من سحر مقلتها الوسنى
نأت وبنا من سحر مقلتها الوسنى / غرام يصد النوم أن يطرق الجفنا
نفور نفت عنا الرقاد ببينها / فيا ليت ذاك الحسن يشفع بالحسنى
نود سلوا كلما شفنا للهوى / وألحاظها تدعو القلوب هلمنا
نبية حسن بالظبا من جفونها / دعتنا فأسلمنا النفوس وآمنا
نهيم بفرع نحو وردة خدها / دنى فتدلى قاب قوسين أو أدنى
نعم سج الدرا ليتيم بثغرها / وحن العظام الباليات لها منا
نحن لها عشقا ونشكو ملالها / وكم دنف منا إذا ذكرت أنا
نلام عليها في الغرام وربما / شفى اللوم أن تذكر به كبدا مضنى
نطيب بذكراها وتحيا قلوبنا / فبالله يا لوام من ذكرها زدنا
نهيت فؤادي أن يهيم بقدها / فهلا نهيت الطير أن يعشق الغصنا
نشأت وفي جفني لها كف حاتم / على أنه يوم الوغى ربما ضنا
نمتني إلى عليا قريش أماجد / أصاروا الأيادي راحة والسخا دنا
نجوم بأنوار العلوم سواطع / وقد اتخذوا عرش الوقار لهم مغنى
نصال يجلى الدجن نور فرندهم / إذا ما الخطوب الداجيات ادلهمنا
نبت ماضيات الدهر عن درع صبرهم / ولم يشتكوا يوما لنا زلة وهنا
نفوس لمن أحببن ذات تواضع / ولكن عن الضيم اعتزاز ترفعنا
نهضت بعلياهم ولما سلكت في / طريق الرفاعي زدتهم في العلى شأنا
نهلت حميا العز منها وطاب لي / غرام بها في منحنى أضلعي كنا
نمير الهدى من وردها يمحق الصدا / فدونك يا صادي الحشا وردها الأهنى
نفت عن عقول السالكين بنورها / دياجر قد كانت لألبابهم سجنا
نما سرها في الكون حتى تفاخرت / بأبنائها العلياء بالحسن والمعنى
نهجت لنا يا ابن الرفاعي منهجا / زهى بسراج الرشد من نورك الأسنى
نسير وذاك السر منك محلق / بنا فلنا الغايات أيان ما سرنا
نداك لنا عذب وجودك سائغ / وفضلك موفور لنا حيثما كنا
نيمم من ناديك كعبة عزة / غدت من صروف النائبات لنا حصنا
نعم أنت من ساد الشيوخ جلالة / ومدت له من جده المصطفى اليمنى
نقر عيونا في معانيك كلما / ذكرنا فهمنا أو نظرنا فأبصرنا
نظمنا لك الدر الثمين مدائحا / بأقراطها العلياء شنفت الأذنا
نرجي قبولا فيه نظفر بالمنى / ونبلغ في الدنيا وضرتها الأمنا
عليك سلام الراحم البر يا سعد
عليك سلام الراحم البر يا سعد / وحياك من أفلاك رضوانه السعد
إذا عدت الأعلام في كل أمة / فانت بهذا المشرق العلم الفرد
لك الحزم والاقدام والجد شيمة / واحسن أخلاق الفتى الحزم والجد
وذكرك باق لا يزال على المدى / يفوح شذاه والحداة به تشدو
وما مات من أدى حقوق بلاده / وولى ومن أكفانه الشكر والحمد
وما حزنت مصر لفقدك وحدها / وفي كل قلب قد درى فضلك الوقد
بكى الشام حزناً والعراق تحسرا / وناحت نواحي الشرق والغور والنجد
دها نعيك الأسماع حتى كأنه / صواعق لا يقوى لها الحجر الصلد
وما كل مفقود يؤبنه الورى / ويغدو في كل القلوب له لحد
لقد علمت أعمالك الغر كل من / يسوق مطايا العزم كيف بها
ورن بآفاق البرية ذكرك ال / عظيم فكل العرب باسمك تعتد
فمثلك من يبكي وقد شدت للورى / مساعي ما للحر عن مثلها بد
حفظت بها الأوطان من نهم الألى / اتوها جياعاً ما لأطماعهم حد
يودون ان يستعبدوا كل حرة / وحر ويأبى الدين والعقل ما ودوا
وليس وراء الظلم خير ولا هدى / ومهما تعالى صرحه سوف ينهد
ولا يرفع الأقوام إلا خلائق / عن العدل تبني لا تجور ولا تعدو
وما خلق اللَه الورى ليعبدوا / ويرهقهم حكم الطواغيت والقيد
ومن رغبوا عن حكمة اللَه واعتدوا / فأولى بهم في شرعه الرفض والصد
لقد وهب سعد داعياً ومناضلاً / بهندي عزم لم تنل مثله الهند
يطالب باستقلال مصر مجاهداً / ومن حوله الأحرار تمضي وتشتد
فدى كل غال في سبيل بلاده / وانفق فيها فوق ما يبلغ الجهد
ولم يثن منه العزم نفي ولا لوى / عنان تفانيه بتحريرها البعد
وقارع أهوالاً تنوء بحملها / ليوث الوغى لكنه الرجل الجلد
وها هي ذي في مصر آثار سعيه / تباشير فجر قبل مسعاه لم تبد
يحق لمصر ان تئن لفقده / وان تبلغ الأحزان ما بلغ الفقد
على أنها لم تخل من كل ناهض / على أثره يمضي وفي هديه يغدو
إذا الجزر يوماً مس همة بعضهم / تداركه من روح استاذه المد
تغلغلت فيها بالفلا فارجحنت
تغلغلت فيها بالفلا فارجحنت / وعرفتها عقبى السرى فاطمأنت
ترامت على الغبراء والليل عاكف / وأنجمه غرقى ببحر الدجنة
تجاري النعامى في خطاها كأنما / تعدت إليها نار شوقي وحرقتي
تراءت لها أعلام نجد فأنجدت / وحنت لهاتيك الروابي فأنت
تذكرت الورد الهني على الظما / فطاب لها تذكاره وتروت
تقلقل من قطع المفاوز عزمها / وغالى بها ضرب البرافتلوت
تخب وتعلو في السراب كأنها / سفينة نوح أرسلت فاسبطرت
ترفق بها يا حادي العيس إنها / بها مثل ما بي من غرام ولوعة
تئن من البين المشت وتشتكي / كشكواي لكني كتمت شكيتي
تجاوز حد الصبر يا مي صبرنا / فلولا أمانينا مللت وملت
تفيض دموع العين منا صبابة / إذا الريح من أرض البطائح هبت
ترى تسعد الأيام يا أم مالك / وتلثم عيني ترب أم عبيدة
توسدها الغوث الرفاعي فأفرغت / عليها جلابيب الضيا وتدلت
تؤم إذا يممت ثمة حضرة / لسلطانها الأسد الكواسر ذلت
تسامت به أرض العراقين رفعة / فأربت على أوج العلى واشمخرت
تسلسل من بيت النبوة فارتقى / به الغاية الشماء مجد الأبوة
تقاصر أهل السبق عن درك شأوه / ولثم يد المختار أعظم حجة
تضاءلت العليا لعز خضوعه / فلله نفس منه ذلت فعزت
توشح برد الانكسار فطأطأت / لرفعة علياه رجال الفتوة
تخرقت الحجب احتفالا وحرمة / لخشعة قلب من علاه ترقت
تجلت لها بين الملائك هيبة / لها تسجد الأبصار أني تجلت
تسنم من أوج الدنو مكانة / هوت دونها الألباب والعين كلت
تدرع لدى الهيجا بسر بال سره / وسر آمنا بين الظبا والأسنة
تجد مدد الومد خطب يمينه / إليك بمكروه يمينا لشلت
تدراك أيا شيخ الوجود بنظرة / عبيدا له حق بصدق المحبة
ترامى على الأعتاب والقلب واجف / وللحزن فيه كرة بعد كرة
تطاولت الآمال نحوك سيدي / فأين شؤون الغيرة الأحمدية
تعودت نظم الدر فيك ففاخرت / بمعناك أشعاري نجوم المجرة
تقبل بفضل من علاك مدائحي / فحبك فرضي وامتداحك سنتي