القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عَبد الحَمِيد الرّافِعي الكل
المجموع : 19
سلوها لماذا غير السقم حالها
سلوها لماذا غير السقم حالها / ترى شغفت حبا والا فما لها
تبدل ذاك الورد بالورس وانطفا / سناها ورقت فهي تحكي خيالها
اظن هوى الغزلان قد هد حيلها / فاني رأيت الريم يوماً حيالها
تناجيه سراً وهي في زيّ واله / فخلت أخاها كان أو كان خالها
فيا حب غلغل في صميم فؤادها / ويا رب لا تعطف عليها غزالها
ويا حبها باللَه كن متدللاً / وزدها كما كانت تزيد دلالها
وبالغ رعاك اللَه في طول هجرها / فكم هجرت صبا يروم وصالها
وكم من عليل في هواها لقد قضى / غراماً وما القت لبلواه بالها
وكم من عزيز ذي اباء ونجدة / فلو مدّ باعاً للنجوم لطالها
دعاه هواها واهي العزم باليا / ذليلاً فولى وهو يشكو ملالها
ولكن ارحها بعض حين فانني / شمت بها والقلب يأبى زوالها
ومن حب لم يبغض ولو حب هاجرا / فقد رق قلبي مذ رأيت هزالها
عسى أنها من بعد ان ذاقت الهوى / تنوح على من كان يهوى جمالها
وتذكر اذ كانت وللحسن عزة / ترى مهج العشاق صرعى قبالها
فتبكي زماناً فيه ابكت بصدّها / عيوناً تولاها الاسى فأسالها
ولعت بها حيناً من الدهر لم أفز / بساعة لطف كنت أرج نوالها
ولو عطفت يوماً علي بزورة / لقبّلت حتى بالعيون نعالها
ولكنها جارت وللجور عودة / على اهله لن يستطيعوا نزالها
صبرت عليها صبر حر فلم يفد / ولو رامها ذو خدعة لاستمالها
ولمّا بلغت اليأس من نيل وصلها / فررت بنفسي لا عليها ولا لها
وقلت لقلبي وهو يذكر عهدها / رويدك هذى بغية لن تنالها
تركت هواها واشتغلت بغيرها / ومن قطعت حبلي قطعت حبالها
طلعن بدورا في دجى الفاحم السبط
طلعن بدورا في دجى الفاحم السبط / ومسن غصونا تزدري بقنا الخط
طوالع حسن أسعد الله طالعي / بهن ولكن صير السقم من قسطي
طغى عاذلي باللوم فيهن ضلة / فأصبح كالعشواء تجهد بالخبط
طرحت ورائي نصح كل مفند / بهن وقابلت العواذل بالسخط
طففت أناجي النجم فيهن إذ غدت / تذكرني جوزاؤه أنجم القطر
طر وبابسهدي والخليون نوم / ومثلي من رام الصواب فلم يخطى
طفحت بحب الغيد من خمرة الهوى / ونزهت أقداحي عن المزج والخلط
طربت بهتكي في هواهم وإنما / التهتك في صدق الهوى أول الشرط
طويت رداء النسك طوعا بحبهم / وألبست من نسج الضنا سابغ المرط
طمعت يعطف منهم لشكيتي / فأوجزت شكوى لا تحاول بالبسط
طلبت مزيدا إذ حبوني بنظرة / فجوزيت منهم بالتباعد والشحط
طمحن إلى قتلي بسود عيونهم / وإن سهام الليل يا سعد لا تخطى
طرحت لها أفلاذ قلبي وإنما / سويداؤه صينت بحب بني السبط
طراز الهدى آل الحسين وحسبكم / بمن هم لا جياد العلى درر السمط
طبعت على الإخلاص في حبهم ولي / بهم خير شيخ في البرية بالضبط
طبيب قلوب السالكين غياثنا الر / رفاعي فرد القوم في الحل والربط
طويل نجاد الغوث أحمدنا الذي / غدا لطريق الرشد أكرم مختط
طلاب الهدى من بابه قرب المدا / علينا وعاينا السداد فلن نخطي
طريقته الزهراء نور وحبه / شفاء لمعتل وقرب لمشتط
طحنت بهم عظم الوساوس عندما / ترشفت من أكوابها خيرا سفنط
طبائعه الغراء قد طبعت على الت / تواضع والإحسان والعدل والقسط
طباق علاه جاوزت ذروة العلى / سموا فجل الله من واهب معطي
طما جوده بين الخلائق واغتدى / ندى الغيث عن جدواه أحقر منحط
طفوح نداه كاشف كل غمة / إذا اغبرت الأقطار بالجدب والقحط
طرقت حمى علياه والهم شائل / بقلبي وقد أضناه بالشيل والحط
طردت عوادي الدهر عني بحبه / وصنت فؤادي من ثعابينها الرقط
طبعت هواه في مهارق مهجتي / وكان ثناه نقطة الحسن في الخط
طلول رجائي آهلات به وكم / عوائد جود منه نحوي لن تبطي
طنوب السخا مدت لديه وإنه / لأكرم من يرجى وأسمح من يُنطي
رمتني عوادي الدهر لا در دَرها
رمتني عوادي الدهر لا در دَرها / بقرقِ كليسا وهي في آخر الملك
نفاني إليها الظالمون تجنياً / علي بلا جرم جنيت ولا افك
غدوت بها كالطير في القفص انزوى / مهيض جناح واجاً الم الضنك
بعيداً عن الأوطان والأهل لا أرى / شفيقاً إليه تضحك النفس أو تبكي
إذا صاح فيها الديك أنكرت صوته / فأحسب هندياً يؤذن بالتركي
فما تسمع الآذان إلا رطانة / من الروم أولى عند سمعي بالتركِ
اطوف نهاري خائضاً تيه سوحها / وقلبي عن نار الأسى غير منفك
وان جن ليلي قلت للنجم ان تكن / انيساً لمثلي فادنُ واستملِ ما احكي
فلم القه إلا كزرق نواظر / يلاحظني شزراً كمن يرتجي هلكي
فأصرف عنه الطرف حتى كأنني / توخيت معنى لا يلائمه سبكي
واطوى على جمر واغضي على قذى / ولا اشتكي ضيماً فما ثم من يشكي
لكل امرئ في العيش شأن ومشرب
لكل امرئ في العيش شأن ومشرب / وحلم به تصفو الحياة وتعذب
ومن لم يُعود حالة عاش دونها / ومؤتلف العادات في الناس يُطلب
فلا القول في فضل الحضارة يزدري / ولا هو في فضل البداوة يغلب
ففي الحضر العيش الهنئ ميسر / وما عز فيه قط للرزق مطلب
وأنواع خيرات الوجود لأهله / تُساق ولذات النعيم تُسبسب
ولكن إذا ما أدرك الضيم بلدة / وجار عليها جائر متغلب
وأفسدت الأخلاق في غيبة التقى / ولم يُحترم دين هناك ومذهب
واضحى الفتى عبداً لشهوة نفسه / وأولع بالدنيا شباب وشيب
وعم الورى طرا كما في زماننا / بلاء وضنك فالحضارة عقرب
فما يستفيد الحر لو أن داره / جنان نعيم وهو فيها معذب
وما تنفع الأوطان من كان قلبه / بهنَّ على جمر الغضا يتقلب
هنالك ترنو للبداوة أنها / أعز وأهنا والموارد أعذب
يعيش بها الإنسان حراً منعما / بفيفاء فيها العز ضيف مطنب
إذا أمحلت شد الرحال لغيرها / وان أقبلت فالعيش طرز مذهب
وان أوبأت أو أن تعكر ماؤها / تنحى لأخرى ليس يُعييه مذهب
ومن تُتحّمل داره فوق عيسه / متى شاء لم يعجزه في الأرض مهرب
فلا يشتهي ما ليس يُهديه حاضر / لباد ولا يعدوه ان عن ربرب
ولا يُبتلى يوماً بظلم حكومة / وذل به أهل الحضارة تُنكب
وان رامه أعدى عدو بغارة / فحاكمه العدل الحسام المشطب
إذا قيل هم لم يحرزوا كل نعمة / إلى الحضر المرزوق تُجنى وتجلب
فقد عوضوا عنها القناعة والرضى / فليس لهم فيها هموم ومأرب
ويكفيهم واللَه كاف عباده / إذا امطروا في كل عام فأخصبوا
تدر مواشيهم وتزهو ربوعهم / ويكنفهم عزّ الحياة المحبب
أذكر اخواني عسى تنفع الذكرى
أذكر اخواني عسى تنفع الذكرى / وأرجو بهم في العسر للوطن اليُسرا
وما هي إلا همة من كرامهم / يشقون في ليل الأماني بها فجرا
فهيا بني الفيحاء للعم وانهضوا / بناصره تستوجبوا الحمد والشكرا
وغذوا بها أبناءكم لحياتهم / فما عاش ميت الجهل مهما يطل عمرا
اقيموا صدور العزم واحتملوا الونى / فكم راحة في طيه تشرح الصدرا
وجودوا ببذل المال في كل صالح / لأوطانكم تجنوا بها الراحة الكبرى
وجدوا لأحياء العلوم فإنها / لبالروح لا بالمال يجدر أن تشرى
بها تدفع البلوى بها تبلغ المنى / بها تدرك الدنيا بها تحرز الأخرى
بها سبق الغرب البلاد بشوطه / ومن عجب ان لم يسر شرقنا فترا
فان لم يقم أبناؤه بحقوقه / فمن ذا الذي يرثي لمقلته العبرى
وهل قام مجد الغرب إلا بأهله / وقد قتلوا الأيام في كدهم صبرا
هم القوم قد جدوا فنالوا وأوجدوا / فطالوا وردوا عين حاسدهم حسرى
أقاموا بأفعال البخار عجائباً / بها ذللوا البحر المطمطم والبرا
وكم أحدثوا بالكهرباء غرائباً / فتحسب ان الكهرباء حوت سحرا
مناطيدهم كالطير تسبح في الفضا / تحاول في أوج السماء لها وكرا
وأبراجهم في البر تشمخ رفعة / كأسطولهم في البحر إذ يمخر البحرا
وقد أحرزوا كل الصنائع فاجتنوا / متاجرنا واستنزفوا مالنا طرا
وشادوا كما شاؤا لها من مصانع / بها استنزلوا شم الصعاب لهم قسرا
وبالشركات استسهلوا كل معجز / تنوء به الأفراد فاغتنموا الفخرا
وفي كل شيء نحن في حاجة لهم / ولو ابرة فيها نخيط لنا سترا
غدونا نباهي بالحدود وليتنا / قفونا لهم في بعض ما بلغوا أثرا
بني وطني ما ذا التكاسل كله / وما عذر من قد أحرز المال والوفرا
اتخشون فقرا بعدكم لبنيكم / أعيذكم ان تسلكوا الخطة البترا
فما الفقر كل الفقر إلا لمفلسٍ / من العلم مهما كان في ماله أثرى
وماذا الذي يلهيكم عن صنائع / تشاد لها في الثغر مدرسةٌ كبرى
تنالون من خيراتها ريع مالكم / ويحيى فقير بينكم جاع واستعرى
أخا العرب نبّه قومنا العرب النجبا
أخا العرب نبّه قومنا العرب النجبا / فقد طال ما ادعو ولم أر من لبّى
يجيبون داعي اللهو ايان ما دعا / وان عوتبوا القوا على الزمن الذنبا
ويعزون للأقدار فقد نجاحهم / واني أرى الأقدار من جهلهم غضبى
أثرهم فإن الشرق من طول نومهم / أضاع الرحى والغرب يكتشف القُطبا
تولّى زمان الخيل والسيف والقنا / وجاء زمان العلم يستشرف الشهبا
الم يبصروا ما أوجد العلم في الورى / لأهليه من خير أدام لها الخصبا
تحرّوا كنوز الأرض واقتحموا السما / وابدوا من الأعمال ما يدهش اللبا
ولم يكفهم سيارة تنهب الفلا / فجاؤوا بطيارتهم تخرق السحبا
ومن كل فن احرزوا كل غاية / وما زال فضل الاختراع لهم دأبا
ونحن على ما نحن ما هزّ غيرةً / تقدّمهم منا ولا حرك القلبا
نفاخر بالعظم الرميم وما لنا / سلاح إذا جار الزمان سوى العُتبى
لعمرك لو عاش الكرام الألى بهم / نفاخر من أسلافنا العَرَب العَربا
لما سرهم أنا بنوهم ولم يروا / لنا عملاً يرضي الفضيلة والربا
اليس من الإيمان ان ينهض الفتى / باوطانه دوماً ويوسعها حبا
أضعنا جميع الواجبات ولم يدع / لنا جهلنا إلا الشكاية والندبا
على أنني لم أخل لليأس موضعا / بقلبي ولا يوماً ألنت له الجنبا
فكم تحت أستار الخطوب فوائد / وما ساء خطب وخزه أيقظ الشعبا
وإني أرى لا خيّب اللَه ما أرى / بصيصاً من الآمال قد زحزح الكربا
أرى في شباب اليوم للعلم نهضة / تقول بأن العزم عن طوقه شبا
ويطربني النشء الصغير مُغادياً / مدارسه يمشي على طرقها وثبا
واحسبه عند الرواح حمائما / تناغي وتهوى نحو أوكانها سِربا
حمدت تباشير الحياة التي بدت / وشمت بها بُعد الأماني غدا قربا
تبشّرنا ان سوف ترسل نورها / على شرقنا الشمس التي أحيت الغربا
على القدم الجيلي مرغت وجنتي
على القدم الجيلي مرغت وجنتي / فزاحمت أفواه النجوم ولا غروا
هو الغوث عبد القادر الفرد من به / قد استمسك الأقوام بالسند الأقوى
هو العلم الخفاق بالفضل والسخا / هو الفلك الأندى هو المنهل الأروى
أجل رجال اللَه في منتدى العُلى / مقاماً وخذ مني على ذلك الفتوى
تزاحم وفد العارفين بنهجه / سراعاً ولم يبلغ له أحد شأوا
مآثره في جبهة الدهر غُرة / فلا ذكرها يبلى ولا صحفها تطوى
فصغ من معاني مجده جوهر الثنا / ودع عنك ذكرى مبسم الرشأ الأحوى
سليل بني الزهرا وللّه نسخة / لقد قوبلت بالاصل في اللفظ والفحوى
بنى للهدى بيتاً علت شرفاته / وصين بعز ما اخال له صنوا
ومد على عرش الرسوخ سرادقا / كأن على اعماد اطرافه رضوى
واوضح في وعر السلوك طريقة / غدا كل سعي زل عن نهجها لغوا
وخُصَّ بسر لا يحيط بكنهه / وحقك إلا عالم السر والنجوى
وكم رد للنهج القويم عصابة / ولولاه مازالوا من الجهل في مهوى
إذا استهوت الدنيا فؤاد مريده / ببهرجها أو أوهمت مرها حلوا
وكاد بأن يهفو لزخرف حسنها / على أنه ما من فتى يأمن الهفوا
تكنفه من سره بحماية / فاصبح لا يخشى عثاراً ولا كبوا
وان حاول الدهر اهتضام نزيله / دحاه بعزم لا يمل ولا يضوى
ويختطف العادي إذا همّ نحوه / كما يخطف البازي بمخلبه الصعوا
امام به تُزهى المعالي وتزدهي / على أنه لا يعرف العجب والزهوا
تخطى بشوط العزم أعلى مكانةٍ / من المجد أضحى كل مجد لها تلوا
وجاد بحب اللَه جل جلاله / بنفس عن الاغيار ما برحت خلوا
ففاز بكأس الانس في حانة الرضا / وجاز مقام السكر فارتشف الصحوا
وحلق في أوج الدنو إلى مدى / لقد تركت ما دونه في العلى محوا
واصبح في بحبوحة الوصل راعاً / ونال من الاحسان والفضل ما يهوى
أبا صالح عطفاً علي فانني / اسير ذنوب بلبلت قلبي الاهوا
وما نلت من صفو اللذائذ في الصبا / سوى حسرات شبن بالكدر الصفوا
وبرد شبابي قد وهى اذ رفوته / بغير التقى حتى غدا كله رفوا
فيّممت يا غوثاه بابك راجياً / بجاهك عند اللَه ان امنح العفوا
فلو تلو عني جيد عطفك سيدي / فجيد افتقاري نحو غيرك لا يلوى
وراقصة هاجت بنا حركاتها
وراقصة هاجت بنا حركاتها / لواعج نفس ما لهن سكون
لقد صاغها من عنصر اللطف من إذا / أراد مراداً قال كن فيكون
لها مقلتا ريم وقد أراكة / وطلعة شمس والهلال جبين
تناءى وتدنو نحونا عند رقصها / فتقسو علينا تارة وتلين
تمد ذراعيها وتخطر تارة / وفي معصميها للحلي رنين
كما نشر الطير الجناحين صادحاً / على الروضة الغناء وهو ركين
وتقفز حيناً مثل ظبي مروع / على غرة منه دهاه كمين
وتحكي قضيب البرق ساعة تلتوي / فليس تباريها قنا وغصون
ولو مال غصن البان ميلة عطفها / تردى فهل يا عطف أنت عجين
فنون من الرقص البديع تهزنا / وكم كان في تلك الفنون فتون
وكم أدهشت منا العقول رشاقة / لها البرق خدن والنسيم قرين
أشاهد معناها بكل جوارحي / كأن حواسي كلهن عيون
يقولون لا تبك المنازل واصبر
يقولون لا تبك المنازل واصبر / فرب اغتراب كان جرعة سكر
ورب حسامٌ فارق الغمد قد غدا / بجوهره يزهو على كل جوهر
وما الأرض إلا منزل واحد لمن / يراها بأنظار الحقيقة فانظر
فقلت لهم ما الاغتراب هو الذي / شجاني فلم أملك جميل التصبر
ولكنه نأي الحبيب وفرقة ال / أليف وفقد الصاحب المتخير
ولوثة تغريب على غير ريبة / ولست بذي ذنب ولا سوء مخبر
واني أرى ان الغريب وان يكن / بأوطانه أهل احترام ومظهر
يعود ذليلاً بين من يجهلونه / ويغدو زرياً لا يروق بمنظر
ولا سيما من كان مثلي مبُعَدا / يُقال به لم يُنف لو لم ينفر
اقول لمن قد أوسعونا شماته / ولم يفهموا معنى القضا والمقدر
لو أنكم لاقيتم بعض ما به / دهينا لهنتم بعد كل تجبر
وان تك لاقينا الشدائد كلّها / وصالت بقِرضاب علينا وسمهري
فلم يُبل منا حادث الدهر قيمة / ولم تنأ عنا شيمة المتصبر
ولا حط من أقدارنا النفي إنما / هو الدر منظوماً كدر منثر
وما نحن في تلك النوائب كلما / ذكت نارها إلا كعود بمجمر
فانا اناس لا نذل لمعتد / ولو سد عنا كل ورد ومصدر
صمدت لأسياف الخطوب وما سوى / تقى اللَه والتسليم درعي ومغفري
فلو كشفت حجب الهياكل شمتها / على درع صبري كالقنا المتكسر
ألا يا زمان السوء حسبك ما جرى / علينا من العدوان منك فأقصر
أهجت علينا كل باغ مكشر / وأطمعت فينا كل طاغ مشمر
وحكمت قوما لا خلاق لهم بنا / توخوا من الاعمال كل منفر
تمادوا بأهواء النفوس وما اعتنوا / بحكم النهى أو حكمة المتفكر
وفاروا على نار من الحقد أُضرمت / فجاروا ولكن فوق حد التصور
حُثالة ناس لا حياء ولا تقى / وليس لهم أصل ولا عرق مفخر
كأنهم قد أنشئوا من ثرى الخنا / ولم يخلقوا إلا لخمر وميسر
فحتى متى يا دهر نصبر أننا / غدونا على جمر الهوان المسعر
فقد طال ما بالغت بالضر فاتئد / وان زدت تنشق العصا ويك فاحذر
فإن هناك النار يذكو ضرامها / ويخشى بأن تردي مع الآثم البري
يقولون لي ما بالُ شعرك لم يزل
يقولون لي ما بالُ شعرك لم يزل / حزيناً كصب دمعه يترقرق
يبلبل قلب السامعين كأنما / بأشطره ناح الحمام المطوق
فما هذه الألحان إلا لعاشق / ومثلك بعد الشيب هيهات يعشق
فقلت سأجفو الشعر ان كان فاضحاً / لسري فخلوني بحالي وارفقوا
إذا ما أدعى السلوان من شاب في الهوى / ليكتمه ايّاكُمُ ان تصدّقوا
سلوا من اقامت بالقوام المهفهف
سلوا من اقامت بالقوام المهفهف / غرامي اما للغصن طبع التعطف
فما بالها لا حيَّر اللَه بالها / تحيرني بالوعد مطلا ولا تفي
يلذ على قلبي الملام لذكرها / فباللَه زدني في الهوى يا معنفي
إذا ذكرت فارت دموعي ولوعتي / فلا هذه ترقى ولا تلك تنطفي
وما نلت منها عند منعرج اللوى / سوى نظرة في حسرة وتلهف
ولما تناجت مع فؤادي لحاظها / تحيّرت الأعضاء في سرنا الخفي
فخضنا بأسرار التناجي كأنما / أدرنا على الأحشاء أكواب قرقف
وقلت لها والركب حوَّلَ للسرى / رؤوس المطايا هاتي روحي اوقفي
قفي زوديني يا ظلوم بنظرة / لعلي بها قبل التفرق اشتفي
فما كان إلا لفتة بتكلف / وما عُد في الأعمار عيش التكلف
نأت وبنا من سحر مقلتها الوسنى
نأت وبنا من سحر مقلتها الوسنى / غرام يصد النوم ان يطرق الجفنا
نفورٌ نفت عنا الرقاد بينها / فيا ليت ذاك الحسن يشفع بالحسنى
نود سلوا كلما شفنا الهوى / وألحاظها تدعو القلوب هلمّنا
نبية حسن بالظبى من جفونها / دعتنا فأسلمنا النفوس وآمنا
نهيم بفرع نحو وردة خدها / دنا فتدلى قاب قوسين أو أدنى
نحنُّ لها وجداً ونشكو ملالها / وكم دِنف منا إذا ذكرت أنا
نلام عليها في الغرام وربما / شفى اللوم ان تذكر به كبدا مضنى
نطيب بذكراها وتحيى قلوبنا / فهلا نهيت الطير أن يعشق الغصنا
نهيت فؤادي أن يهيم بقدها / فهلا نهيت الطير أن يعشق الغصنا
أفاطم لم تدرين ما فعل الحبس
أفاطم لم تدرين ما فعل الحبس / بجسمي وقد غالى به الضعف والنكس
لأبصرت شيخاً أوهن الدهر عظمه / وقد أزهر الفودان واشتعل الرأس
إذا جنه الليل استفاق إلى البكا / فأدمعه راح وراحته كأس
وبات يناجي الليل في شرح حاله / وهل في نجوم الليل للجرح من يأسو
على سجنه الحراس يخشى سفاههم / فوا أسفا ان يحصر الأسد النمس
إذا رام شكوى أعوزته يراعه / وقد منعت عنه المهارق والطِرس
وطوراً يزيد الضغط حتى لو أنني / توخيت لمس الباب ما رخص اللمس
وليس يطاق الحبس لو كان جنة / سماواتها نور وساحاتها قُدس
لقيت تصاريف القضا بشكيمة / إذا لم أهن لانت وان اضطهد تقسو
وعودت حمل النائبات فلم يكد / يكل لدى البأساء عزمي والبأس
ولم لا وقومي بالنجابة في الورى / لقد عرفوا والفخر من كأسهم يحسو
أقاموا عماد العلم والفضل وانتهى / إليهم عفاف النفس والخلق السلس
وشاد أبو حفص لهم بيت سؤدد / له الدين سقف والصلاح له أس
وكان لهم منه مدى الدهر غيرة / يقصر عن أدراك سلطانها الحدس
وكل عدو مسهم باذية / يعود عليهم بالردى ذلك المس
فقل للألى جاروا علينا تمهلوا / قليلاً سيدري المعتري لمن التعس
أتيتم من الأسواء ما لو تسطرت / تلهبت الأقلام واشتعل الطرس
رقصتم كما شءتم وكم من رواقصي / دهتها الليالي قبل أن ينتهي العرس
هو الدهر لا يبقى على حالة فما / ترى أخضرا الا وينتابه اليبس
ومن عادة الدنيا تدور بأهلها / فدور الرخا لا بد يعقبه البؤس
ولا بد للأفلاك من دورة بها / تغل يد العادي وينكسر الفأس
وكل امرئ يجزى بأفعاله فما / جنى غارس إلا الذي يُثمر الغرس
بعثت رسالات الدموع السواكب
بعثت رسالات الدموع السواكب / لمرسلة العقدين فوق الترائب
بعيشك يا من صاغ مرجان عقدها / متى كانت الأفلاك حمر الكواكب
بصرت له من تحت آخر لؤلؤا / فجارت دموعي الحمر بيض السحائب
بدت لي مرخاة الذوائب تزدري / بياض العطايا في سواد المطالب
يا لحاظها هام الفؤاد صبابة / فيا لجريح مغرم بالقواضب
يرى حبها جسمي العليل وأوشكت / تفيض حياتي من جفوني النواضب
بلوت بنار البين يا ابنة يعرب / فؤادي فلأنت للمنون جوانبي
بربك عودي أو فجودي بنظرة / بها يشتفي دائي وتصفو مشاربي
بعادك والدهر الخؤون تجمعا / علي فضاقت يا أميم مذاهبي
بجدك يا حادي الركائب خلها / تمد خطاها في صدور السباسب
بها مثل ما بي من أليم تشوق / أطار فؤادي نحو أرض الحبائب
بسعدى إن أدركت أم عبيدة / قبيل مماتي قدر نهلة شارب
بها تكشف البلوى بها يثمر الرجا / بها تقطف الآمال زهر الرغائب
بحيث رواق العز مدت ظلاله / بحيث ذيول الغيث خضر المساحب
بحيث الإمام ابن الرفاعي ضارب / سرادقه فوق النجوم الثواقب
بسيم ثنايا الجود والدهر عابس / منيع الحمى والموت بين المضارب
به افتخرت في الناس آل رفاعة / كما افتخرت بالمصطفى آل غالب
بأعتابه نلت السعود وطاب لي / رحيق الأماني من ثغور المواهب
براهينه الغراء في كل خارق / غدت كاحورار في عيون الغرائب
بعليا اسمه أمشي على الجمر آمنا / ويحلو ارتشافي من سموم العقارب
بسرك يا شيخ العواجز نتقي / حراب المنايا في أكف النوائب
بلثم يد الهادي بلغت كرامة / غدت جوهرا فردا بسلك المناقب
بها خصك المولى وتلك إشارة / بأنك فرد الأولياء الأطايب
بباهر سر من طريقتك التي / أزالت غيومي بل أنارت غياهبي
بعدت عن الأغيار وانكف خاطري / وأصفيت كأسي من جميع الشوائب
بها اعتضت عن حب الغوادر وانطوت / سهام المآقي في قسي الحواجب
بمدحك أرقصت اليراع بأنملي / وفاضت حظوظي من خطوط الرواجب
بنيت بيوت الشعر آهلة الذرى / بمعناك فاستزرت خدور الكواعب
بحبك لم يبرح رضا الله شاملي / فحبك ديني والثناء مذاهبي
سريت بها والليل داجي الحنادس
سريت بها والليل داجي الحنادس / وللوجد في الأحشاء شعلة قابس
سبوح بقاموس الظلام كأنما / قوائمها هوج الرياح الدواهس
سلكت بها وعر الفدافد فانبرت / تكر على الغبراء كرة داحس
سلى جسمها طول الكلال فأصبحت / وأعضاؤها مثل الطلول الدوارس
سلوتي عنها ما الذي قد أهاجها / ونبه منها كامنات الهواجس
سرى بعض ما بي يا أميم لها فلا / وجدك لم تصبر لتلك النواخس
سعير غرام في سحاب مدامع / وسهد طويل في ليال دوامس
سئمت من البين المشت وإن لي / لصبر بسيما في الخطوب العوابس
سلوا عن دمي سهم العيون فما جنى / علي سوى سهم العيون النواعس
سكارى أراد الحسن إنفاذ حكمها / فساعدها سمر القدود الموائس
سلبت بها يا سعد مصطبري فما / أشد عنائي في الظباء الأوانس
سبين فؤادي بالدلال فمن رأى / ظباء لها الآساد بعض الفرائس
سواحر ألحاظ مراض وإنها / على ضعفها تردى ليوث الفوارس
سفرن بدو راقي ليال سوالف / أرتنا ملوك الحسن سود الملابس
سلام على تلك الجآزر كم كوت / قلوبا وشلت دونها كف لامس
سألن وقد أقلعت عنهن عندما / أبحن رضابا دونه ألف حارس
سلوت لحاك الله أم ملت للسوى / فقلت مقال المستعز المنافس
سلوت الهوى لما تعلق خاطري / بمدح الرفاعي ملتجى كل بائس
سليل أجل المرسلين وخير من / بأخلاقه افترت ثغور النفائس
سما بين أهل الله فضلا وسوددا / ودانت لعلياه قروم الأشاوس
سرى سره في كل فج وأشرقت / شموس هداه في جميع الأمالس
سواطع في أوج القلوب فكم جلت / مشارقها منها ظلام الوساوس
سعى من طريق الذل لله فانتهى / لعز تلاشى عنده ملك فارس
سطا بأسه في الكائنات وطأطأت / لهيبته غير الأسود القناعس
شددت طريق الخطب عني بحبه / وذللت أخطار الزمان المعاكس
سعيت إلى أعتابه بمدائح / زهت بحلى أوصافه كالعرائس
سوائر في أوج الثناء كأنها / نجوم ولكن نزهت عن مجانس
سبت بشذاها كل عطر وأوشكت / تنشقها الآذان قبل المعاطس
سعدت بها يا سعد إن هي أحرزت / رضاه وطابت بالقبول مغارس
ألا كل نفس للمنون مصيرها
ألا كل نفس للمنون مصيرها / ولو شيدت بين النجوم قصورها
ولو تفتدى نفس بأخرى لفديت / بأرواحنا نفس عزيز نظيرها
فرب رجال في الأنام بقاؤها / حياة لقوم بالفداء سرورها
ولكن أمر الموت حتم على الورى / تساوى به مأمورها وأميرها
واجسامنا تهوى المعاد لأصلها / ومهما تزكّت فالتراب طهورها
خليلي هلا تسعداني بعبرة / فقد نضبت عيني وجف مطيرها
تخيلت قطرات الدموع من الأسى / جماراً تلظى فوق خدي سعيرها
خليل هل بعد الإمام أبي الهدى / يبيت سخين العين وهو قريرها
مضت تلكم الآمال وانصرم الرجا / وصوح من روض الأماني نضيرها
مضى العلم المنشور للرشد وانطوت / سماوات فضل غاب عنها منيرها
مضى العيلم المقصود للري والندى / إذا اشتد بالهيم العطاش حرورها
فيا لك خطباً يرزح الصبر تحته / تداعت له العلياء وانهدَّ سورها
وقامت به في الخافقين مآتم / اصمّ صماخ الفرقدين نفيرها
تسلسل عن بيت النبوة سيدا / به قضيت للمكرمات نذورها
إذا عد اشياخ الهدى فهو شمسهم / وان عدت الاشراف فهوغيورها
تسامت طريق ابن الرفاعي في الورى / به عزّة واختال فيه سريرها
فوا أسفا ان يفقد الدين مثله / إذ الناس تغلي بالخلاف قدورها
تمالأت الأيام حسب طباعها / عليه واحمى شفرة الغدر كيرها
فاوسعها صبراً وما ازداد خبرة / ولن يغلب الأيام إلا خبيرها
هو العمر ما تصفو لياليه كلها / إذا ما حلت يوماً تلاه مريرها
ومن خُلق الدنيا امتحان كرامها / ولكن بظل الصبر يندى هجيرها
على ان ابطال التوكل مثله / سواء لديهم سجعها وزئيرها
ولما تغالت واستطار شرارها / تولى وخلاها تفور شرورها
واعرض عن زور الأماني عندها / فلا كانت الدنيا ولا كان زورها
وما حزن ثكلى افقد الدهر فذها / فأوحش مغناها واقفر دورها
وراحت ومغداها الاسى ومراحها / عشياتها ويل وليل بكورها
بأعظم من حزني عليه وإنما / يظن خليا في الرجال صبورها
جدير بقلبي ان يذوب لفقده / وحق لعيني ان تفيض بحورها
وما يذكر المعروف إلا أخو وفا / ولا ينكر النعماء إلا كفورها
ولعت زماني في مدائحه التي / تناغت بها بين الأنام صدورها
وكنت أصوغ الدر فيه تهانيا / يطيب بعرنين الكرام عبيرها
فويح فؤادي ان يكون مراثياً / تخط وتمحى بالدموع سطورها
كأن بيوت الشعر شاطرنني الأسى / فقد أوشكت تعصى علي شطورها
سرى لجوار اللَه يرفل بالتقى / وفارق دنيا لم يمله غرورها
فيا رب روح بالمراحم روحه / وزده من الآلاء فهو جديرها
نأت وبنا من سحر مقلتها الوسنى
نأت وبنا من سحر مقلتها الوسنى / غرام يصد النوم أن يطرق الجفنا
نفور نفت عنا الرقاد ببينها / فيا ليت ذاك الحسن يشفع بالحسنى
نود سلوا كلما شفنا للهوى / وألحاظها تدعو القلوب هلمنا
نبية حسن بالظبا من جفونها / دعتنا فأسلمنا النفوس وآمنا
نهيم بفرع نحو وردة خدها / دنى فتدلى قاب قوسين أو أدنى
نعم سج الدرا ليتيم بثغرها / وحن العظام الباليات لها منا
نحن لها عشقا ونشكو ملالها / وكم دنف منا إذا ذكرت أنا
نلام عليها في الغرام وربما / شفى اللوم أن تذكر به كبدا مضنى
نطيب بذكراها وتحيا قلوبنا / فبالله يا لوام من ذكرها زدنا
نهيت فؤادي أن يهيم بقدها / فهلا نهيت الطير أن يعشق الغصنا
نشأت وفي جفني لها كف حاتم / على أنه يوم الوغى ربما ضنا
نمتني إلى عليا قريش أماجد / أصاروا الأيادي راحة والسخا دنا
نجوم بأنوار العلوم سواطع / وقد اتخذوا عرش الوقار لهم مغنى
نصال يجلى الدجن نور فرندهم / إذا ما الخطوب الداجيات ادلهمنا
نبت ماضيات الدهر عن درع صبرهم / ولم يشتكوا يوما لنا زلة وهنا
نفوس لمن أحببن ذات تواضع / ولكن عن الضيم اعتزاز ترفعنا
نهضت بعلياهم ولما سلكت في / طريق الرفاعي زدتهم في العلى شأنا
نهلت حميا العز منها وطاب لي / غرام بها في منحنى أضلعي كنا
نمير الهدى من وردها يمحق الصدا / فدونك يا صادي الحشا وردها الأهنى
نفت عن عقول السالكين بنورها / دياجر قد كانت لألبابهم سجنا
نما سرها في الكون حتى تفاخرت / بأبنائها العلياء بالحسن والمعنى
نهجت لنا يا ابن الرفاعي منهجا / زهى بسراج الرشد من نورك الأسنى
نسير وذاك السر منك محلق / بنا فلنا الغايات أيان ما سرنا
نداك لنا عذب وجودك سائغ / وفضلك موفور لنا حيثما كنا
نيمم من ناديك كعبة عزة / غدت من صروف النائبات لنا حصنا
نعم أنت من ساد الشيوخ جلالة / ومدت له من جده المصطفى اليمنى
نقر عيونا في معانيك كلما / ذكرنا فهمنا أو نظرنا فأبصرنا
نظمنا لك الدر الثمين مدائحا / بأقراطها العلياء شنفت الأذنا
نرجي قبولا فيه نظفر بالمنى / ونبلغ في الدنيا وضرتها الأمنا
عليك سلام الراحم البر يا سعد
عليك سلام الراحم البر يا سعد / وحياك من أفلاك رضوانه السعد
إذا عدت الأعلام في كل أمة / فانت بهذا المشرق العلم الفرد
لك الحزم والاقدام والجد شيمة / واحسن أخلاق الفتى الحزم والجد
وذكرك باق لا يزال على المدى / يفوح شذاه والحداة به تشدو
وما مات من أدى حقوق بلاده / وولى ومن أكفانه الشكر والحمد
وما حزنت مصر لفقدك وحدها / وفي كل قلب قد درى فضلك الوقد
بكى الشام حزناً والعراق تحسرا / وناحت نواحي الشرق والغور والنجد
دها نعيك الأسماع حتى كأنه / صواعق لا يقوى لها الحجر الصلد
وما كل مفقود يؤبنه الورى / ويغدو في كل القلوب له لحد
لقد علمت أعمالك الغر كل من / يسوق مطايا العزم كيف بها
ورن بآفاق البرية ذكرك ال / عظيم فكل العرب باسمك تعتد
فمثلك من يبكي وقد شدت للورى / مساعي ما للحر عن مثلها بد
حفظت بها الأوطان من نهم الألى / اتوها جياعاً ما لأطماعهم حد
يودون ان يستعبدوا كل حرة / وحر ويأبى الدين والعقل ما ودوا
وليس وراء الظلم خير ولا هدى / ومهما تعالى صرحه سوف ينهد
ولا يرفع الأقوام إلا خلائق / عن العدل تبني لا تجور ولا تعدو
وما خلق اللَه الورى ليعبدوا / ويرهقهم حكم الطواغيت والقيد
ومن رغبوا عن حكمة اللَه واعتدوا / فأولى بهم في شرعه الرفض والصد
لقد وهب سعد داعياً ومناضلاً / بهندي عزم لم تنل مثله الهند
يطالب باستقلال مصر مجاهداً / ومن حوله الأحرار تمضي وتشتد
فدى كل غال في سبيل بلاده / وانفق فيها فوق ما يبلغ الجهد
ولم يثن منه العزم نفي ولا لوى / عنان تفانيه بتحريرها البعد
وقارع أهوالاً تنوء بحملها / ليوث الوغى لكنه الرجل الجلد
وها هي ذي في مصر آثار سعيه / تباشير فجر قبل مسعاه لم تبد
يحق لمصر ان تئن لفقده / وان تبلغ الأحزان ما بلغ الفقد
على أنها لم تخل من كل ناهض / على أثره يمضي وفي هديه يغدو
إذا الجزر يوماً مس همة بعضهم / تداركه من روح استاذه المد
تغلغلت فيها بالفلا فارجحنت
تغلغلت فيها بالفلا فارجحنت / وعرفتها عقبى السرى فاطمأنت
ترامت على الغبراء والليل عاكف / وأنجمه غرقى ببحر الدجنة
تجاري النعامى في خطاها كأنما / تعدت إليها نار شوقي وحرقتي
تراءت لها أعلام نجد فأنجدت / وحنت لهاتيك الروابي فأنت
تذكرت الورد الهني على الظما / فطاب لها تذكاره وتروت
تقلقل من قطع المفاوز عزمها / وغالى بها ضرب البرافتلوت
تخب وتعلو في السراب كأنها / سفينة نوح أرسلت فاسبطرت
ترفق بها يا حادي العيس إنها / بها مثل ما بي من غرام ولوعة
تئن من البين المشت وتشتكي / كشكواي لكني كتمت شكيتي
تجاوز حد الصبر يا مي صبرنا / فلولا أمانينا مللت وملت
تفيض دموع العين منا صبابة / إذا الريح من أرض البطائح هبت
ترى تسعد الأيام يا أم مالك / وتلثم عيني ترب أم عبيدة
توسدها الغوث الرفاعي فأفرغت / عليها جلابيب الضيا وتدلت
تؤم إذا يممت ثمة حضرة / لسلطانها الأسد الكواسر ذلت
تسامت به أرض العراقين رفعة / فأربت على أوج العلى واشمخرت
تسلسل من بيت النبوة فارتقى / به الغاية الشماء مجد الأبوة
تقاصر أهل السبق عن درك شأوه / ولثم يد المختار أعظم حجة
تضاءلت العليا لعز خضوعه / فلله نفس منه ذلت فعزت
توشح برد الانكسار فطأطأت / لرفعة علياه رجال الفتوة
تخرقت الحجب احتفالا وحرمة / لخشعة قلب من علاه ترقت
تجلت لها بين الملائك هيبة / لها تسجد الأبصار أني تجلت
تسنم من أوج الدنو مكانة / هوت دونها الألباب والعين كلت
تدرع لدى الهيجا بسر بال سره / وسر آمنا بين الظبا والأسنة
تجد مدد الومد خطب يمينه / إليك بمكروه يمينا لشلت
تدراك أيا شيخ الوجود بنظرة / عبيدا له حق بصدق المحبة
ترامى على الأعتاب والقلب واجف / وللحزن فيه كرة بعد كرة
تطاولت الآمال نحوك سيدي / فأين شؤون الغيرة الأحمدية
تعودت نظم الدر فيك ففاخرت / بمعناك أشعاري نجوم المجرة
تقبل بفضل من علاك مدائحي / فحبك فرضي وامتداحك سنتي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025