مَتى يَبرُدُ الحُزنُ الَّذي في فُؤاديا
مَتى يَبرُدُ الحُزنُ الَّذي في فُؤاديا / أَبا خالِدٍ مِن بَعدِ أَن لا تَلاقيا
أَبا خالِدٍ ما كانَ أَدهى مُصيبَةً / أَصابَت مَعدّاً يَومَ أَصبَحتَ ثاويا
أَبا خالِدٍ لا بَل عَمَمتَ بِنَكبَةٍ / فَتَبكي مَعدٌّ وَالقَبيلُ اليَمانيا
وَناعٍ غَدا يَنعى يَزيدَ بنَ مَزيَدٍ / فَقُلتُ لَهُ أَصبَحتَ لِلجودِ ناعيا
أَعَينَيَّ جودا بِالدُموعِ وَأَسعِدا / بِعَبرَةِ مَحزونٍ بَكى لِبُكائيا
سَمِعتُ بُكاءَ النائِحاتِ بِسُحرَةٍ / فَهَيَّجنَ أَحزاناً غَلَبنَ عَزائيا
أَلا عَذَرَ اللَهُ العُيونَ البَواكيا / وَقَد عايَنَت يَوماً مِنَ الدَهرِ شاجيا
لَعَمري لَئِن سُرَّ الأَعادي وَأَظهَروا / شَماتاً لَقَد مَرّوا بِرَبعِكَ خاليا
وَأَوتارِ أَقوامٍ لَدَيكَ لَوَيتَها / وَزُرتَ بِها الأَجداثَ وَهيَ كَما هيا
وَخَلَّفتَ لَيثي غابَتَينِ كِلاهُما / سَيَلقى الأَعادي مِن يَدَيهِ الدواهيا
فَشِبهُكَ أَخلاقاً وَعِزَّةَ أَنفُسٍ / إِذا النَفسُ جاشَت لَو بَلَغنَ التَراقيا
سَقَيتَ السواري وَالغَوادي وَقَد أَرى / خَيالَكَ يَسري ثُمَّ يُصبِحُ غاديا
نُعزّي بِكَ الإِسلامَ إِنَّكَ دونَهُ / إِذا نَكَلَ الحامونَ كُنتَ مُحاميا
مُشَمِّرُ أَذيالٍ تَحوطُ حَريمَهُ / وَتَحمي لَهُ أَطرافَهُ وَالقَواصيا
وَكُنتَ شِهاباً لِلخَليفَةِ ثاقِباً / وَكَوكَبَةً تَرمي العِدا وَالمُناويا
وَكُنتَ سِناناً باتِراً في يَمينِهِ / وَسَيفاً لَهُ عَضباً يَقُدُّ الهَواديا
وَكُنتَ إِذا نادى لأمرِ عَظيمَةٍ / وَلَم يَكُ مَن يَكفي أَصابَكَ كافيا
دوينا جانبا وَالسواسا / وَشَمَّرتَ أَذيالاً وَلَبَّيتَ داعيا
وَقُمتَ بِأَمرِ الثَغرِ بَعدَ فَسادِهِ / وَأَوشَكتَ مِنهُ رَقعُ ما كانَ واهيا
فَقَد ماتَ مَعروفٌ وَماتَت تِجارَةٌ / وَماتَ غَناءٌ يَومَ وَدَّعتَ ماضيا
نُعَزّي أَميرَ المُؤمِنينَ وَرَهطَهُ / بِسَيفٍ لَهُ ما كانَ في الحَربِ نابيا
لَقَد كانَ في أَعدائِهِم ذا شَكيمَةٍ / لَهُم ناهِكاً نِدّاً وَقَد كانَ ناشيا
وَمَلآنَ مِن وُدِّ الخَليفَةِ صَدرُهُ / يُؤَدّي إِلَيهِ النُصحَ مُذ كانَ ناشِيا
مَضى ماجِدَ الأَيّامِ رافِعَ هِمَّةٍ / إِلى الخُلُقِ الأَعلى مِنَ الذَمِّ ناجيا
فَإِن عُدَّ في الدُنيا فَذِكرُ مَكارِمٍ / وَإِن عُدَّ في دينٍ فَلَم يَكُ تاليا
عَلى مِثلِ ما لاقى يَزيدُ بنُ مَزيَدٍ / عَلَيهِ المَنايا فالقَ إِن كُنتَ لاقيا
فَتىً كانَت الأَبطالُ تَعرِفُ أَنَّهُ / إِذا قارَعَتهُ لَيسَ بالضَيمِ راضيا
فَإِن تَكُ أَفنَتهُ اللَيالي فَأَوشَكَت / فَإِنَّ لَهُ ذِكراً سَيُفني اللَياليا
حَلَفتُ لَقَد أَبقى يَزيدٌ لِرَهطِهِ / مَعالي لا تَنفَكُّ تَبني مَعالياً