عِهادُ سَقى ربعَ الأحبةِ هادِياً
عِهادُ سَقى ربعَ الأحبةِ هادِياً / مُلِثٌّ ألا يشفي القلوبَ الصَّواديا
سقيت وخليت القلوب شجيةً / فما لَكَ يَا غيثَ العِباد وَمَا ليا
أَيُتركُ وَلْهاناً يئنّ من الجوى / أخا شَغَفٍ عاري الأَشاجع باليا
فرُحماك يَا مُحْيي الرُّفات بشَرْبَةٍ / يعودُ بِهَا ماءُ المحبة جاريا
فأنت مُعيني يَا عِهاد عَلَى الهوى / فصِف حالتي أنت الخبير بحاليا
وإن أنت قاربتَ المَعاهد قل لَهَا / مَشوقٌ عَلَى عهد المحبة ثاوِيا
وقف عندها واسقِ العِطاش هنيئةً / وبَلِّغ شِفاها يَا عهاد سلاميا
عُريباً لهم فِي مُهْجتي وحُشاشَتي / ربوعٌ وقلبي لو كشفتَ فؤاديا
همُ غرسوا بَيْنَ الأَضالع والحَشَا / هواهم وفيهم لو علمت هوائيا
دعاني هواهم فاستجبتُ مُلبِّياً / وأصبحتُ فيهم قَدْ خلعت عِذاريا
حَنانيك يَا عهدَ الأحبة بالنوى / قتيلٌ فهبْ لي من لدنك التَّدانيا
أتنسى عهوداً فِي المحبة بَيْنَنا / وشرعُ الهوى لا يستبيح التناسيا
تنام وعيني بالسُّهاد قَريحةٌ / وليلي بعيد الجانبين تَنائيا
أنادي بيا وَيْلاه ظلماً هجرتني / لكيما يقولَ الناس صبٌّ مُناديا
بكاءٌ كنَوْح المُشكلاتِ وأَنَّةٌ / بكى منهما ليلي وأجرى المآقيا
أُسامر ليلِي بالأنين وبالبُكا / فيبكي سَميري رحمةً لبكائيا
ألا يَا سميري كن ليَ الدهرُ مُسعِداً / لعلك تُدني لي حبيباً جَفانيا
أأغراه واشٍ أم حظوظٌ تقاصَرتْ / فما كَانَ قِدْماً يستطيع المُواشيا
أَأَجني ذنوباً فِي هواه وأبتغي / رِضاه فما عذري إِذَا كنت جانيا
أظلُّ نهارِي ثُمَّ ليلِي مفكِّراً / ونُوّامُ ليلي لَيْسَ يدرون مَا بيا
أُناجي نجومَ الأَفْق والليل مُسبَل / وَقَدْ عشت دهراً للحبيب مُناجيا
أَخِلاّيَ إن كنتم تُداجون خُلّتي / فما كنتُ فيكم بالخليل المُداجيا
فبالله قولوا ثُمَّ قولوا لعله / برقّ لشكواكم حبيبٌ سَلانيا
فإن صَدَّ عني أَوْ تمادى فإنني / إِلَيْهِ محبٌّ لا أحب التَّماديا
فإما سَراحاً كي أَزُمَّ ركائبي / وإما وفاءٌ فالكريمُ الموافيا
شكوتُ ولو أني شكوت إِلَى الصَّفا / لَرَقَّ وأبدى للحبيب التشاكيا
فيا ليتهم لما تداعَوا إِلَى الجَفا / لكانوا قديماً يُظهرون التَّجافيا
ألا أَيُّها الأَخْدان تدرون حالتي / تضعالَوا فما شأنُ الحبيب وشانيا
أناديكمُ والنفسُ مني كليلة / أما منكمُ حيٌّ يُجيب ندائيا
تحيّرت فِي أمري فلم أر ملجأ / وَقَدْ عَزَّ صبري ثُمَّ ضاق خِناقيا
ففتشتُ من فِي الأرض طُراً فلم أجد / لأهوالِ دهري من يزيل عَنائيا
فأسرعت بالبيداءِ تهوِي قلائصي / إِلَى ملك فاق الملوك مَعاليا
إِلَى ملك أضحى الزمانُ بكفه / فيا لَكَ دهراً للمليك مُواليا
إِلَى من لَهُ تُحدى الركائب زُمَّلاً / سَواماً بجَدْواه تَؤُمُّ المَراعيا
إِلَى مَن يلوذ المُرْمِلون ببابه / إِذَا مَا دَهَتْهم بالزمان الدواهيا
إِلَى مَن بَنى فَوْقَ السِّماكَيْن منزلاً / وزاد بأعلى الفَرْقَدين مَبانيا
إِلَى سيدٍ ساد الورى بجلاله / فأضحى بنو الدنيا إِلَيْهِ مَواليا
إِلَى بهجةِ الدنيا وظِل أمانِها / ومن هو من جَور الزمان أمانيا
إِلَى فيصلٍ كهفِ الأنام كَفيلِهم / أشدِّهمُ بأساً وأعظم ناديا
أمنتُ بِهِ من كل بأسٍ وشدة / وأصبحتُ لا أخشى عدواً مُعاديا
كفيلٌ لأهل الأرضِ من كل حادثٍ / كفى اللهُ من أمسى كفيلاً وكافيا
نشأتُ بنُعماه حَميداً منعَّماً / فأُوقن بالنَّعماء مَا دمتُ نائيا
تجردتُ عن زيد وعمرو وخالد / وأصبحتُ فِي يُمناه أَلوِي عِنانيا
أمولايَ مَا لي غيرَ بابك ملجأٌ / فإنك بعدَ الله ذخراً مَلاذِيا
بلوتَ اصطبارِي واختبرتُ عزيمتي / فلم تلقَ إِلاَّ فِي رضاك ابتلائيا
أراني زماني من صدودِك حالةً / فما كنت أرجو منك مَا قَدْ أَرانيا
فقَيِّد ولائي مَا حييت وإن تُرِد / سراحِي فأطلِقْ بالجميل سَراحيا
بدائعُ دهرٍ قَدْ يروق لناظر / وأنت بذي الدنيا بديعُ زمانيا