أَبَت نُوَبُ الأَيّامِ إِلّا تَمادِيا
أَبَت نُوَبُ الأَيّامِ إِلّا تَمادِيا / فَوَا شِقوَتا ما لِلّيالي وَما لِيا
إِذا قُلتُ يَوماً حانَ مِنها تَعَطُّفٌ / رَأَيتُ رزاياها تَسامى كَما هِيا
فَلَيتَ أَخِلّائِي الَّذينَ اِدَّخَرتُهُم / جَلاءً لِهَمّي لا عَليَّ وَلا لِيا
وَأَعجَبُ ما يَأتي بِهِ الدَهرُ أَنَّني / أَرى القَومَ تَرميني بِأَيدي رِجاليا
عَلى أَنَّني النَدبُ الَّذي يُكتَفى بِهِ / وَبَيتُ عُلاها بَيتُ عَمّي وَخاليا
أَلا لَيتَ شِعري مَن يَقُومُ لِمَجدِها / مَقامي وَيَرعى ما لَها كُنتُ راعيا
لَعَمري لَقَد أَرذَت جَواداً وَضَعضَعَت / عِماداً إِذا ما الهَولُ أَلقى المَراسيا
أَما جَرَّبَتني في الأُمُورِ فَصادَفَت / هُماماً لِأَحداثِ المُهِمّاتِ كافيا
حَمُولاً لِأَثقالِ العَشِيرَةِ رائِحاً / مَدى الدَهرِ في ما قَد عَناها وَغاديا
أَقُولُ وَقَد طالَ اِهتِمامي لِفِتيَةٍ / تَسامى إِلى غُرِّ المَعالي تَساميا
إِلى مَ بَني الأَعمامِ نُسقى نِطافَها / أُجاجاً وَيُسقى الغَيرُ عَذباً وَصافيا
فَوَاللَهِ ما أَدري وَإِنّي لَصادِقٌ / عَمىً ما أَرى مِن قَومِنا أَم تَعاميا
هَرَاقُوا ذَوِي السُمِّ الزُعافِ وَأَولَجوا / بِأَيدِيهِمُ تَحتَ الثِيابِ الأَفاعيا
لَقَد قَدَّمُوا هَيَّ بنَ بَيٍّ وَأَخَّرُوا / بَني المَجدِ مِن أَيّامِ عادٍ وَعاديا
لَقَد ضَلَّ مَن يَبغي مِنَ العُميِ هادِياً / وَقَد ذَلَّ مَن يَرجُو مِنَ المَعزِ راعيا
وَمَن يَتَّخِذ سَيفاً يَكُونُ غِرارُهُ / رَصاصاً يَجِد سَيفَ العَراجينِ ماضيا
وَمَن يَجعَلِ السِنَّورَ كَلباً لِصَيدِهِ / يَرى عاوياتِ اللَيلِ أُسداً عَواديا
خَلِيلَيَّ نالَ الضَيمُ مِنّي وَلا أَرى / لَهُ كاشِفاً إِلّا العِتاقَ النَواجيا
تَلَوَّمتُ قَومي كَي يُرِيعُوا فَلم أَجِد / عَلى الدَهرِ مِن قَومي هُماماً مُواتيا
وَطالَت مُداراتي اللِّئامَ وَإِنَّما / سِفاهٌ لِمثلي أَن يَكُونَ المدارِيا
وَكَيفَ وَعِندي عَزمةٌ عَبدَلِيَّةٌ / أَفُلُّ بِأَدناها الحُسامَ اليَمانيا
وَفِيَّ عَلى حَزِّ المدى خُنزُوَانَةٌ / وَلَو أَفنَتِ الأَحداثُ حالِي وَماليا
فَلا تَحسبِ اللُكعُ الضَغابيسُ أَنَّني / خَضَعتُ وَلا أَنّي أَطعتُ المُناويا
فَإِن تَكُ قَومي الغُرُّ تاهَت حُلُومُها / بِها وَأَطاعَت في الصَديقِ الأَعاديا
وَأَدنَت ذَوي الأَغراضِ فيها وَباعَدَت / لِأَمرٍ ذَوي أَرحامِها وَالمَواليا
وَأَعطَت زِمامَ الأَمرِ كُلَّ مُدفَّعٍ / مِنَ العُثرِ لا تَرضى بِهِ الزِنجُ وَاليا
وَمَلَّ قِلاها مَن لها كانَ آمِلاً / وَرَجّى أَذاها مَن لَها كانَ راجيا
فَلِي سَعَةٌ عَن دارِها حَيثُ لا أَرى / بَناتِ الكُدادي يَحتقرنَ المَذاكيا
فَلَستُ اِبنَ أُمِّ المَجدِ إِن لَم أَقُم بِها / مَقاومَ تُبدي لِلرَدايا مَكانيا
سَأَركَبها إِمّا لِعِزٍّ وَراحَةٍ / أُفِيدُهُما أَو يَختَلبني حِماميا
يُخَوِّفُني ذُو النُصحِ عَجزاً وَذِلَّةً / رُكُوبَ الفَيافي وَالبِحارَ الطَواميا
فَقُلتُ أَلَيسَ المَوتُ إِن لَم أُلاقِهِ / أَمامي أَتَتني خَيلُهُ مِن وَرائِيا
وَما عُذرُ أَهلِ العَجزِ وَالكُلُّ تابِعٌ / جَدِيساً وَطَسماً وَالقُرونَ الخَواليا
وَهَل مُنكِرٌ لِلضَيمِ ماتَ وَلَم يَمُت / رُوَيبِضَةٌ ما زالَ بِالدارِ ثاويا
وَمَن لَم يُفارِق مَنزِلَ الضَيمِ لَم يَزَل / يَرُوحُ وَيَغدُو مُوجَعَ القَلبِ باكيا
وَمَن يَثوِ في دارِ الهَوانِ يَعِش بِها / أَخا مَضَضٍ لا يَبرَحُ الدَهرَ شاكيا
وَمَن لَم يُوفِّ النِصفَ في دارِ قَومِهِ / وَيُولي الأَذى فَالرَأيُ أَن لا تَلاقيا
وَمَن يَبغِ عِزّاً بِالبَلايا وَدَولَةً / يَكُن مِثلَ مَن أَمسى عَلى الماءِ بانيا
عَدِمتُ يَمِيني إِن أَقَمتُ عَلى القِلى / نَعَم وَيليها عَن قَريبٍ شِماليا
وَفُضَّ فَمي إِن لَم أُسَيِّر غَرائِباً / تُمَزِّقُ أَحساباً وَتُبدي مَساويا
يَشُقُّ عَلى القَومِ اللِئامِ سَماعُها / وَيَظهَرُ مِنها بَعضُ ما كانَ خافيا
فَإِن عَقَلَت قَومي لِساني بِأَرضِها / فَلَيسَ بِمَعقُولٍ إِذا كُنتُ نائِيا
سَأرسِلُ مِنها بِالدَواهي شَوارِداً / تُنَبِّهُ ذا عَقلٍ وَتُفهِمُ واعيا
وَلَو أَنَّ قَومي أَنصَفُوني لَأَطلَقُوا / يَدي وَلِساني فيهِمُ وَالقَوافيا
فَلَولاهُمُ وَاللَهِ حِلفَةَ صادِقٍ / لَما كُنتُ مَقلِيّاً لَدَيهِم وَقاليا
وَلَكِنَّما الأَوباشُ تَعلَمُ أَنَّني / أَغارُ إِذا تَعلُو التُحُوتُ الأَعاليا
وَإِنّي عَلى أَهلِ العُلا ذُو حَمِيَّةٍ / أُجَرِّدُ سَيفي دُونَهُم وَلِسانِيا
وَآنَفُ مِن دَعوى الدَناني ضَلالَةً / بِناءَ المَعالي يا شَقاها مَعاليا
فَما كَرِهَت لَمّا اِستَقامَت أُمُورُها / لِشِقوَةِ أَهلِ المَجدِ إِبعادَ دارِيا
لَقَد وَهِمَت إِنّي عَلَيها لَغُصَّةٌ / أَكُنتُ عِراقِيَّ الهَوى أَم شَآمِيا
فَإِن ضَيَّعَت حَقّي لُكَيزٌ وَأَنكَرَت / بَنُو عامِرٍ سَعيي لَها وَاِجتِهادِيا
فَقَد ضَيَّعَت قَبلي رِبابٌ بَنِيَّها / وَما كُنتُ أَدري لِاِبنِ أَفصى مُساويا
وَما هِيَ إِلّا عادَةٌ جاهِلِيَّةٌ / يُوَرِّثُها كَهلٌ مِنَ القَومِ ناشِيا
فَهَلّا اِقتَدوا بِالحَيِّ بَكرِ بنِ وائِلٍ / فَكانَت تُفادي القَومَ مِنهُم تَفاديا
فَهُم ثَأَرُوا نابَ البَسُوسِ وَجَدَّلُوا / كُلَيباً وَلَمّا يَسلَمِ المَرءُ هانيا
أَلا يا لَقَومي مِن عَلِيِّ بنِ عَبدَلٍ / أَلَم يَأنِ أَن تعصُوا النَصيحَ المُداجيا
أَما حانَ مِنكُم يَقظَةٌ وَاِنتِباهَةٌ / فَتُرضِي أَخا سُخطٍ وَتُسخِطُ راضيا
يُقامُ بِها كُلُّ اِمرِئٍ في مَقامِهِ / وَفي السَهوِ شَرعاً قَد أَجازُوا التَلافيا
فَإِن أَنتُمُ لَم تَقبَلُوها نَصِيحَةً / فَلَستُ لَكُم فيما تُحِبُّونَ لاحيا
فَكَم ناصِحٍ قَد عُدَّ في الناسِ خائِناً / وَكَم غادِرٍ قَد عُدَّ في الناسِ وافيا