المجموع : 3
لَقَد زارَ مَن أَهوى عَلى غَيرِ مَوعِدٍ
لَقَد زارَ مَن أَهوى عَلى غَيرِ مَوعِدٍ / فَعايَنتُ بَدرَ التَمِّ ذاكَ التَلاقِيا
وَعاتَبتُهُ وَالعَتبُ يَحلو حَديثُهُ / وَقَد بَلَغَت روحي لَدَيهِ التَراقِيا
فَلَمّا اِجتَمَعنا قُلتُ مِن فَرَحي بِهِ / مِنَ الشِعرِ بَيتاً وَالدُموعُ سَواقِيا
وَقَد يَجمَعُ اللَهُ الشَتيتَينِ بَعدَما / يَظُنّانِ كُلَّ الظَنِّ أَن لاتَلاقِيا
أَهُزُّكَ لا إِنّي إِخالُكَ نابِيا
أَهُزُّكَ لا إِنّي إِخالُكَ نابِيا / وَإِن كُنتَ مَطرورَ الغِرارِ يَمانِيا
وَلَكِنَّ هَزَّ السَيفِ وَالسَوطِ شيمَتي / وَإِن رُعتُ سَبّاقاً وَنبَّهتُ ماضِيا
وَما هَزَّ أَعطافَ الكَريمِ إِلى العُلى / كَأَروَعَ شَيحانٍ يَهُزُّ العَوالِيا
إِذا السَيفُ لَم يَشرَب بِهِ الدَمَ قانِئاً / عَبيطاً أَبى أَن يَشرَبَ الماءَ صادِيا
وَقَد نُطتُ آمالي بِأَبلَجَ واضِحٍ / يُجَشِّمُها أَمضى مِنَ السَيفِ عارِيا
وَأَكرَمَ آثاراً مِنَ المُزنِ غادِياً / وَأَشهَرَ أَوضاحاً مِنَ البَدرِ سارِيا
فَما الغُصُنُ المَطلولُ أَشرَفَ باسِماً / وَمادَ أُصَيلاناً عَلى الماءِ صافِيا
بِأَليَنَ أَعطافاً وَأَحسَنَ هَشَّةً / وَأعَطَرَ أَخلاقاً وَأَندى حَواشِيا
كَفاني شَكوى أَن أَرى المَجدَ شاكِيا
كَفاني شَكوى أَن أَرى المَجدَ شاكِيا / وَحَسبُ الرَزايا أَن تَراني باكِيا
أُداري فُؤاداً يَصدَعُ الصَدرَ زَفرَةً / وَرَجعَ أَنينٍ يَحلُبُ الدَمعَ ساجِيا
وَكَيفَ أُوارى مِن أُوارٍ وَجَدتُني / لَهُ صادِراً عَن مَنهَلِ الماءِ صادِيا
وَها أَنا تَلقاني اللَيالي بِمِلئِها / خُطوباً وَأَلقى بِالعَويلِ اللَيالِيا
وَتَطوي عَلى وَخزِ الأَشافي جَوانِحي / تَوالي رَزايا لا تَرى الدَمعَ شافِيا
ضَمانٌ عَلَيها أَن تَرى القَلبَ خافِقاً / طِوالَ اللَيالي أَو تَرى الطَرفَ دامِيا
وَإِنَّ صَفاءَ الوُدِّ وَالعَهدُ بَينَنا / لِيَكرَهُ لي أَن أَشرَبَ الماءَ صافِيا
وَكَم قَد لَحَتني العاذِلاتُ جَهالَةً / وَيَأبى المُعَنّى أَن يُطيعَ اللَواحِيا
فَقُلتُ لَها إِنَّ البُكاءَ لَراحَةٌ / بِهِ يَشتَفي مَن ظَنَّ أَن لا تَلاقِيا
أَلا إِنَّ دَهراً قَد تَقاضى شَبيبَتي / وَصَحبي لَدَهرٌ قَد تَقاضى المَرازِيا
وَقَد كُنتُ أُهدي المَدحَ وَالدارُ غُربَةٌ / فَكَيفَ بِإِهدائي إِلَيهِ المَراثِيا
أَأَحبابَنا بِالعَدوَتَينِ صَمَمتُمُ / بِحُكمِ اللَيالي أَن تُجيبوا المُنادِيا
فَقَيَّدتُ مِن شَكوى وَأَطلَقتُ عَبرَتي / وَخَفَّضتُ مِن صَوتي هُنالِكَ شاكِيا
وَأَكبَرتُ خَطباً أَن أَرى الصَبرَ بالِياً / وَراءَ ظَلامِ اللَيلِ وَالنَجمَ ثاوِيا
وَإِن عُطِّلَ النادي بِهِ مِن حِلاكُمُ / وَكانَ عَلى عَهدِ التَفاوُضِ حالِيا
وَما كانَ أَحلى مُقتَضى ذَلِكَ الجَنى / وَأحسَنَ هاتيكَ المَرامي مَرامِيا
وَأَندى مُحَيّا ذَلِكَ العَصرِ مَطلَعاً / وَأَكرَمَ نادي ذَلِكَ الصَحبِ نادِيا
زَمانٌ تَوَلّى بِالمَحاسِنِ عاطِرٌ / تَكادُ لَياليهِ تَسيلُ غَوالِيا
تَقَضّى وَأَلقى بَينَ جَنبَيَّ لَوعَةً / أُباكي بِها أُخرى اللَيالي البَواكِيا
كَأَنّي لَم أَنسَ إِلى اللَهوِ لَيلَةً / وَلَم أَتَصَفَّح صَفحَةَ الدَهرِ راضِيا
وَلَم أَتَلَقَّ الريحَ تَندى عَلى الحَشى / شَذاءً وَلَم أَطرَب إِلى الطَيرِ شادِيا
وَكانَت تَحايانا عَلى القُربِ وَالنَوى / تَطيبُ عَلى مَرِّ اللَيالي تَعاطِيا
فَهَل مِن لِقاءٍ مُعرِضٍ أَو تَحِيَّةٍ / مَعَ الرَكبِ يَغشى أَو مَعَ الطَيفِ سارِيا
فَها أَنا وَالأَرزاءُ تَقرَعُ مَروَةً / بِصَدري وَقَلباً بَينَ جَنبَيَّ حانِيا
أَحِنُّ إِذا ماعَسعَسَ اللَيلُ حِنَّةً / تُذيبُ الحَوايا أَو تَفُضَّ التَراقِيا
وَأُرخِصُ أَعلاقَ الدُموعِ صَبابَةً / وَعَهدي بِأَعلاقِ الدُموعِ غَوالِيا
فَما بِنتُ أَيكٍ بِالعَراءِ مُرِنَّةٌ / تُنادي هَديلاً قَد أَضَلَّتهُ نائِيا
وَتَندُبُ عَهداً قَد تَقَضّى بِرامَةٍ / وَوَكراً بِأَكنافِ المُشَقَّرِ خالِيا
بِأَخفَقَ أَحشاءً وَأَنبا حَشِيَّةً / وَأَضرَمَ أَنفاساً وَأَندى مَآقِيا
فَهَل قائِلٌ عَنّي لِوادٍ بِذي الغَضا / تَأَرَّج مَعَ الأَمساءِ حُيّيتَ وادِيا
وَعَلِّل بِرَيّا الرَندِ نَفساً عَليلَةً / مَعَ الصُبحِ يَندى أَو مَعَ اللَيلِ هادِيا
فَكَم شاقَني مِن مَنظَرٍ فيكَ رائِقٍ / هَزَزتُ لَهُ مِن مِعطَفِ السُكرِ صاحِيا
وَضاحَكَني ثَغرُ الأَقاحِ وَمَبسِمٌ / فَلَم أَدرِ أَيُّ بانَ ثُمَّ أَقاحِيا
وَدونَ حِلى تِلكَ الشَبيبَةِ شَبيبَةٌ / جَلَبتُ بِها غَمّاً وَلَم أَكُ خالِيا
وَإِنَّ أَجَدَّ الوَجدِ وَجدٌ بِأَشمَطٍ / تَلَدَّدَ يَستَقري الرُسومَ الخَوالِيا
وَتَهفو صَبا نَجدٍ بِهِ طيبَ نَفحَةٍ / فَيَلقى صَبا نَجدٍ بِما كانَ لاقِيا
فَقُل لِلَّيالي الخيفِ هَل مِن مُعَرِّجٍ / عَلَينا وَلَو طَيفاً سُقيتَ لَيالِيا
وَرَدِّد بِهاتيكَ الأَباطِحِ وَالرُبى / تَحِيَّةَ صَبٍّ لَيسَ يَرجو التَلاقِيا
فَما أَستَسيغُ الماءَ يَعذُبُ ظامِئاً / وَلا أَستَطيبُ الظِلَّ يَبرُدُ ضاحِيا
وَلَولا أَمانٍ عَلَّلَتني عَلى النَوى / بِلُقيا اِبنِ زَهرٍ ماعَرَفتُ الأَمانِيا
أَخو المَجدِ لَم يَعدُل عَنِ النَجدِ نازِلاً / بِأَرضٍ وَلَم يَشمَخ مَعَ العِزِّ ثاوِيا
تَلوذُ بِرُكنَي حالِقٍ مِنهُ شاهِقٍ / فَتَغشى كَريماً حامِلاً عَنكَ حامِيا
يُساجِلُ طَوراً كَفُّهُ الغَيثَ غادِياً / وَيَحمِلُ طَوراً دِرعُهُ اللَيثَ عادِيا
وَتَبأى العُلى مِنهُ بِأَبيَضَ ماجِدٍ / يُجَرِّدُ دونَ المَجدِ أَبيَضَ ماضِيا
وَيَحطِمُهُ مابَينَ دِرعٍ وَمِغفَرٍ / وَإِن كانَ عَضبَ الشَفرَتَينِ يَمانِيا
شَريفٌ لِآباءٍ نَمَتهُ شَريفَةٍ / يَطولُ العَوالي بَسطَةً وَالمَعالِيا
يُسابِقُ أَنفاسَ الرِياحِ سَماحَةً / وَيَحمِلُ أَوضاحَ الصَباحِ مَساعِيا
إِذا نَحنُ أَثنَينا عَلَيها وَجَدتُنا / نُحَلّي صُدوراً لِلعُلى وَهَوادِيا
كَفى قَومَهُ عَلياءَ أَن كانَ غايَةً / لَهُم وَكَفاهُ أَن يَكونوا مَبادِيا
تَبَوَّأَ مِن رَسمِ الوِزارَةِ رُتبَةً / تَمَنّى مَراقيها النُجومُ مَراقِيا
وَأَحرَزَ في أُخرى اللَيالي فَضائِلاً / تُعَدُّ عَلى حُكمِ المَعالي أَوالِيا
مَكارِمُ نَستَضحي بِها مِن مُلِمَّةٍ / تَنوبُ وَنَستَسقي الغَمامَ غَوادِيا
لَقيتُ بِهِ وَاللَيلُ رائِشُ نَبلِهِ / أَخا فَهمٍ لايُخطِئُ الرَأيَ رامِيا
وَأَروَعَ يَندى لِلطَلاقَةِ صَفحَةً / وَيَقدَحُ زَنداً لِلنَباهَةِ وارِيا
فَيَجمَعُ بَينَ الماءِ أَبيَضَ سَلسَلاً / يَسُحُّ وَبَينَ الجَمرِ أَحمَرَ حامِيا
أَحِنُّ إِلَيهِ حَنَّةَ النيبِ هَجَّرَت / وَقَد ذَكَرَت ماءَ العُضاهِ صَوادِيا
فَيا أَيُّها النائي مَعَ النَجمِ هِمَّةً / وَمَرقى خِلالٍ في الوَزارَةِ سامِيا
تَرى فَرقَدَ اللَيلِ السُرى مِنهُ ثالِثاً / وَتَرعى بِهِ بَدَر الدُجُنَّةِ ثانِيا
حَنانَيكَ في ناءٍ شَكا مَسَّ لَوعَةٍ / فَسَفَّرَ مِن شَوقٍ إِلَيكَ القَوافِيا
وَحَيّا بِها أَذكى مِنَ الرَوضِ نَفحَةً / وَأَرهَفَ مِن لَدنِ النَسيمِ حَواشِيا
وَقَد نَدَبَت مِن حَيثُ لَم أَدرِ رُقعَةً / أُنَمِّقُ أَم دَمعاً أُرَقرِقُ جارِيا
وَإِنَّكَ لِلعَذبُ الفُراتُ عَلى الصَدى / وَإِن بِنتَ وَالبَرُّ الكَريمُ أَيادِيا
شَقيقُ النَدى وَاِبنُ النُهى وَأَبو العُلا / وَحَسبُكَ بَيتاً في المَكارِمِ عالِيا